إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

الدورة التأسيسية في تونس.. اتحاد إذاعات الدول العربية يحوّل مسابقة الأغنية العربية إلى مهرجان

❞الأغنية التراثية محور الدورة الأولى❝

❞المبادرة قد تؤسس لتقليد موسيقي عربي قادر على منافسة التجارب العالمية❝

في خطوة لافتة تحمل أبعادا فنية وثقافية تتجاوز البعد التنظيمي، صادقت اللجنة الدائمة للإذاعة التابعة لاتحاد إذاعات الدول العربية، يوم الأربعاء 24 سبتمبر 2025 بمقر الاتحاد في تونس، على مقترح الإدارة العامة القاضي بتطوير المسابقة العربية للموسيقى والغناء التي ينظمها الاتحاد مرة كل عامين، وتحويلها إلى مهرجان سنوي للأغنية العربية.

هذه المبادرة، كما أوضح المدير العام للاتحاد المهندس عبد الرحيم سليمان، تهدف إلى إحياء روح جديدة في الفعل الموسيقي العربي، ومنح المسابقة زخما أكبر عبر تحويلها إلى منصة احتفالية واسعة تُسهم في دعم الإبداع، وتوسيع دائرة الحضور الجماهيري، وتعزيز إشعاع اتحاد إذاعات الدول العربية كمظلّة جامعة للمشهد السمعي البصري في المنطقة.

وقد أسفر النقاش الذي دار بين أعضاء اللجنة عن جملة من التوصيات الجوهرية، أبرزها الانتقال من دورة تقام كل سنتين إلى مهرجان سنوي دائم يحمل اسم «مهرجان مسابقة الأغنية العربية»، إلى جانب إقرار تنظيم الدورة الأولى التأسيسية في تونس، والتي لم يُحدّد لها موعد بعد، على أن تتناوب الدول العربية لاحقا على استضافة الدورات.

وتقرّر بالاجتماع تخصيص ثلاثة أيام للاحتفالية، تتضمن حفلات فنية مباشرة، إضافة إلى ندوتين حواريتين: واحدة فنية تناقش قضايا الموسيقى والغناء العربي، وأخرى مهنية موجّهة لفاعلين في الإعلام والصناعة الموسيقية.

وعن المشاركات، قرّرت اللجنة أن تشارك كل هيئة إذاعية عربية بأغنية واحدة، على أن تكون حديثة الإصدار وألا تتجاوز ست دقائق، مع أولوية خاصة للأصوات الشابة. ويتم اختيار موضوع محدّد لكل دورة، فتقرّر أن تكون الأغنية التراثية محور الدورة الأولى.

أمّا عن كيفية التتويج، فإنّه تقرّر إجراء عملية التحكيم مباشرة أمام الجمهور، وهو خيار يضيف عنصر الشفافية والحماس، ويُعيد للمهرجان طابع المنافسة المباشرة. كما سيتم تخصيص جوائز مالية هامة للأعمال الفائزة، إلى جانب استضافة فنان ضيف شرف من الدولة المنظمة.

يأتي هذا التحول في لحظة فارقة يعرف فيها المشهد الغنائي العربي بحثا متواصلا عن فضاءات جديدة للتعبير والانتشار. فإذا كانت المهرجانات الكبرى مثل مهرجان قرطاج الدولي في تونس، أو مهرجان بعلبك في لبنان، أو مهرجان موازين في المغرب، قد رسّخت حضورها كمنصات للعروض العالمية والعربية معا، فإن مهرجان الأغنية العربية المنتظر قد يتمكن من سد فجوة واضحة، ويكون مهرجانا عربيا خالصا، مكرّسا حصرا للأغنية العربية بمختلف مدارسها وألوانها.

وقد لا تكمن أهمية هذا المهرجان فقط في الاحتفاء بالأغنية العربية أو توفير منبر سنوي للمنافسة، بل في قدرته المحتملة على إعادة طرح أسئلة جوهرية تتعلق بمستقبل الموسيقى العربية نفسها: ما معنى أن نغني عربيا في زمن الأغنية السريعة وفي زمن العولمة الرقمية؟ وكيف يمكن أن نتعامل مع التراث الغنائي الهائل الذي ورثناه عن أجيال من المبدعين دون أن نقع في فخ التكرار أو الحنين؟

وهذا ما قد يُفسر سبب اختيار موضوع الدورة التأسيسية، الأغنية التراثية، والذي على ما يبدو لم يكن اعتباطيا، بل ربّما هو إشارة رمزية إلى أنّ المهرجان يريد أن ينطلق من الجذور، من المادة الخام التي صنعت هوية الموسيقى العربية، ليطرحها في ثوب جديد قادر على مخاطبة الأجيال الشابة.

والمفارقة أنّ هذا التمشي يشبه في جانب منه تجربة مهرجان «أوروفيزيون» الأوروبي، الذي حوّل الأغنية الأوروبية الشعبية إلى منتوج حديث وواسع الانتشار، فصار أداة دبلوماسية وثقافية وواجهة كبرى لهوية القارة العجوز. وإذا ما نجح المهرجان العربي في استلهام روح «يوروفيجن» مع الحفاظ على خصوصيته، فإنه قد يفتح الباب أمام تأسيس تقليد موسيقي عربي قادر على منافسة التجارب العالمية.

وللتذكير، فإنّ مسابقة الأغنية الأوروبية أي مسابقة «أوروفيزيون» للأغاني، وفقا للعديد من التقارير الإعلامية، هي مسابقة غنائية ينظمها اتحاد البث الأوروبي منذ عام 1956. وتعد المسابقة أكبر حدث غير رياضي من حيث عدد المشاهدين، إذ يُقدّر عدد مشاهديها بين 100 مليون إلى 600 مليون شخص حول العالم في السنوات الأخيرة. ومنذ عام 2000 يتم بث المسابقة على الإنترنت أيضا. وقد كان لهذه المسابقة الفضل في انتشار عدد هام من نجوم الفن المعروفين اليوم عالميا، على غرار الفنان خوليو إغليسياس والفنانة الكبيرة سيلين ديون اللذين سبقا أن فازا في المسابقة.

إيمان عبد اللطيف

الدورة التأسيسية في تونس..   اتحاد إذاعات الدول العربية يحوّل مسابقة الأغنية العربية إلى مهرجان

❞الأغنية التراثية محور الدورة الأولى❝

❞المبادرة قد تؤسس لتقليد موسيقي عربي قادر على منافسة التجارب العالمية❝

في خطوة لافتة تحمل أبعادا فنية وثقافية تتجاوز البعد التنظيمي، صادقت اللجنة الدائمة للإذاعة التابعة لاتحاد إذاعات الدول العربية، يوم الأربعاء 24 سبتمبر 2025 بمقر الاتحاد في تونس، على مقترح الإدارة العامة القاضي بتطوير المسابقة العربية للموسيقى والغناء التي ينظمها الاتحاد مرة كل عامين، وتحويلها إلى مهرجان سنوي للأغنية العربية.

هذه المبادرة، كما أوضح المدير العام للاتحاد المهندس عبد الرحيم سليمان، تهدف إلى إحياء روح جديدة في الفعل الموسيقي العربي، ومنح المسابقة زخما أكبر عبر تحويلها إلى منصة احتفالية واسعة تُسهم في دعم الإبداع، وتوسيع دائرة الحضور الجماهيري، وتعزيز إشعاع اتحاد إذاعات الدول العربية كمظلّة جامعة للمشهد السمعي البصري في المنطقة.

وقد أسفر النقاش الذي دار بين أعضاء اللجنة عن جملة من التوصيات الجوهرية، أبرزها الانتقال من دورة تقام كل سنتين إلى مهرجان سنوي دائم يحمل اسم «مهرجان مسابقة الأغنية العربية»، إلى جانب إقرار تنظيم الدورة الأولى التأسيسية في تونس، والتي لم يُحدّد لها موعد بعد، على أن تتناوب الدول العربية لاحقا على استضافة الدورات.

وتقرّر بالاجتماع تخصيص ثلاثة أيام للاحتفالية، تتضمن حفلات فنية مباشرة، إضافة إلى ندوتين حواريتين: واحدة فنية تناقش قضايا الموسيقى والغناء العربي، وأخرى مهنية موجّهة لفاعلين في الإعلام والصناعة الموسيقية.

وعن المشاركات، قرّرت اللجنة أن تشارك كل هيئة إذاعية عربية بأغنية واحدة، على أن تكون حديثة الإصدار وألا تتجاوز ست دقائق، مع أولوية خاصة للأصوات الشابة. ويتم اختيار موضوع محدّد لكل دورة، فتقرّر أن تكون الأغنية التراثية محور الدورة الأولى.

أمّا عن كيفية التتويج، فإنّه تقرّر إجراء عملية التحكيم مباشرة أمام الجمهور، وهو خيار يضيف عنصر الشفافية والحماس، ويُعيد للمهرجان طابع المنافسة المباشرة. كما سيتم تخصيص جوائز مالية هامة للأعمال الفائزة، إلى جانب استضافة فنان ضيف شرف من الدولة المنظمة.

يأتي هذا التحول في لحظة فارقة يعرف فيها المشهد الغنائي العربي بحثا متواصلا عن فضاءات جديدة للتعبير والانتشار. فإذا كانت المهرجانات الكبرى مثل مهرجان قرطاج الدولي في تونس، أو مهرجان بعلبك في لبنان، أو مهرجان موازين في المغرب، قد رسّخت حضورها كمنصات للعروض العالمية والعربية معا، فإن مهرجان الأغنية العربية المنتظر قد يتمكن من سد فجوة واضحة، ويكون مهرجانا عربيا خالصا، مكرّسا حصرا للأغنية العربية بمختلف مدارسها وألوانها.

وقد لا تكمن أهمية هذا المهرجان فقط في الاحتفاء بالأغنية العربية أو توفير منبر سنوي للمنافسة، بل في قدرته المحتملة على إعادة طرح أسئلة جوهرية تتعلق بمستقبل الموسيقى العربية نفسها: ما معنى أن نغني عربيا في زمن الأغنية السريعة وفي زمن العولمة الرقمية؟ وكيف يمكن أن نتعامل مع التراث الغنائي الهائل الذي ورثناه عن أجيال من المبدعين دون أن نقع في فخ التكرار أو الحنين؟

وهذا ما قد يُفسر سبب اختيار موضوع الدورة التأسيسية، الأغنية التراثية، والذي على ما يبدو لم يكن اعتباطيا، بل ربّما هو إشارة رمزية إلى أنّ المهرجان يريد أن ينطلق من الجذور، من المادة الخام التي صنعت هوية الموسيقى العربية، ليطرحها في ثوب جديد قادر على مخاطبة الأجيال الشابة.

والمفارقة أنّ هذا التمشي يشبه في جانب منه تجربة مهرجان «أوروفيزيون» الأوروبي، الذي حوّل الأغنية الأوروبية الشعبية إلى منتوج حديث وواسع الانتشار، فصار أداة دبلوماسية وثقافية وواجهة كبرى لهوية القارة العجوز. وإذا ما نجح المهرجان العربي في استلهام روح «يوروفيجن» مع الحفاظ على خصوصيته، فإنه قد يفتح الباب أمام تأسيس تقليد موسيقي عربي قادر على منافسة التجارب العالمية.

وللتذكير، فإنّ مسابقة الأغنية الأوروبية أي مسابقة «أوروفيزيون» للأغاني، وفقا للعديد من التقارير الإعلامية، هي مسابقة غنائية ينظمها اتحاد البث الأوروبي منذ عام 1956. وتعد المسابقة أكبر حدث غير رياضي من حيث عدد المشاهدين، إذ يُقدّر عدد مشاهديها بين 100 مليون إلى 600 مليون شخص حول العالم في السنوات الأخيرة. ومنذ عام 2000 يتم بث المسابقة على الإنترنت أيضا. وقد كان لهذه المسابقة الفضل في انتشار عدد هام من نجوم الفن المعروفين اليوم عالميا، على غرار الفنان خوليو إغليسياس والفنانة الكبيرة سيلين ديون اللذين سبقا أن فازا في المسابقة.

إيمان عبد اللطيف