إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

المرصد الوطني للفلاحة: نجاح في مقاومة الجراد.. والخطر مازال قائما مع عودة أمطار الخريف

تمكنت عمليّات مقاومة الجراد التي انطلقت منذ شهر مارس 2025 بعد رصد أوّل مجموعات جنوب تونس، من احتواء انتشاره والتقليص بشكل كبير من مخاطر تسببه في خسائر فلاحية. وبين «المرصد الوطني للفلاحة» في نشريته الشهرية، أن تدخلات السلطات قد تواصلت لثلاثة أشهر على مساحة إجمالية زادت عن 20800 هكتار، وتركزت في ولايات قبلي وتطاوين ومدنين، والتي تعد المناطق الأكثر تضررا. واستهدفت عمليات المعالجة الجراد في جميع مراحل نموه، من الجراد البالغ إلى اليرقات.

كما بين المرصد في نفس النشرية أنه وابتداء من النصف الثاني من جوان 2025، ساهم جفاف التربة واختفاء الغطاء النباتي، في الجنوب، في رحيل المجموعات المتبقية من الجراد إلى مناطق التكاثر الصيفية الواقعة في منطقة الساحل الإفريقي (مالي والنيجر وتشاد).

ونبه في نفس السياق إلى أن احتمال عودة الجراد قائمة في الخريف، فالظرف المناخي ونزول الأمطار في الولايات المذكورة، ينذر بخطر التكاثر مجددا وتوقع عودة الجراد في خريف 2025.

 وفي مواجهة استمرار هذا التهديد، تواصل وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري استعداداتها في مجال المراقبة والرصد والتخطيط اللوجستي لضمان استجابة سريعة ومنسقة في حالة ظهور الجراد من جديد.

وللإشارة، شهدت تونس بين مارس وجوان 2025، أسراب من الجراد المهاجر القادم من ليبيا والجزائر، أمام توفر الظروف الملائمة لتكاثره وهي هطول الأمطار. وفعليا شهدت معتمديات كذهيبة والفوار ظهور مجموعات من الجراد قالت وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري، إنه بعد معاينة الفريق الفني الذي تحول على عين المكان، أنها ليست في شكل أسراب. وهو ما يقلل من مستوى خطورتها على الغطاء النباتي في تلك المناطق. وتندرج الظاهرة في سياق إقليمي يتسم بتكرار ظهور بؤر الجراد في البلدان المجاورة ومناطق الساحل، مما يجعل منها خطرا فلاحيا عابرا للحدود.

إن ظاهرة الجراد تعد مشكلا واجهته البلاد في أكثر من مناسبة على مر التاريخ، وكانت تداعياته متباينة فمثلا في 1987 /1988 و2004 /2005، تسبب ظهور الجراد في البلاد التونسية في خسائر فلاحية كبيرة تم السيطرة عليه عبر تنظيم حملات مكافحة واسعة النطاق.

ولتفادي سيناريوهات مشابهة تم هذا العام، إطلاق الحملة الوطنية لمكافحة هذه الآفة فور اكتشاف المجموعات الأولى، وفق المرصد الوطني للفلاحة. وشملت الحملة ستّ ولايات في الجنوب وهي تطاوين، ومدنين، وقبلي، وتوزر، وقابس وجنوب سيدي بوزيد. كما جرت متابعة مكثفة وعمليات رش للمناطق، حيث تمّ اكتشاف الجراد.

وتعد تونس عضوا ضمن لجنة مكافحة الجراد الصحراوي في المنطقة الغربية التابعة لمنظمة الأغذية والزراعة (الفاو). وعملت بتنسيق وثيق مع الجزائر وموريتانيا والهيئات المتخصصة التابعة لـ«الفاو».

ومن المهم التذكير أن الخبير في المجال البيئي مهدي عبدلي، شدد على أن الجراد الصحراوي في الجنوب التونسي، يستوجب الحيطة، وفسر أن سربا من الجراد قادر على ضم أعداد كبيرة منه تصل إلى الملايين، ويستهلك يوميا كميات كبيرة من المزروعات لذلك فإن الحيطة واجبة، ولا يجب الاستخفاف بهذه الظاهرة.

وتحدث الخبير في المجال البيئي عن حلول استباقية وإجراءات وقائية يمكن اتخاذها وهي تكثيف عمليات الرصد على الحدود التونسية- الليبية، في إطار المراقبة والتنبؤ.

 وتصنف المجلات العلمية، الجراد الصحراوي بـ «الآفة العابرة للحدود»، يهجم في أسراب ليستهلك ما يعادل استهلاك 35000 شخص في يوم واحد. كما أنه يشكل تهديدا لسبل عيش عُشر سكان العالم ومن أكثر الآفات المدمرة في العالم.

ولمكافحة الجراد الصحراوي، تدعو مراكز البحوث، إلى تنفيذ استراتيجيات مكافحة مختلفة منها الحيوية والكيميائية مع المراقبة والبحث المستمر لإيجاد أفضل الحلول للقضاء على هذا الخطر المدمر. ويمكن تلخيص طرق مكافحة الجراد الصحراوي في أربعة أشكال للتدخل أولها وأهمها هي الاكتشاف المبكر والرصد، فمن المهم مراقبة وتتبع حركة أسراب الجراد مع دراسة دورة حياتها والتغيرات الطارئة في سلوكها وذلك لاتخاذ التدابير الوقائية المبكرة ومهاجمتها في الوقت والمكان المناسبين.

وثانيا المكافحة الكيميائية، وذلك باستخدام الرش الجوي للمبيدات الكيماوية لاستهداف أسراب الجراد في حالات الإصابة واسعة النطاق. وهذه الطريقة تقلل بشكل فعال وسريع من أعداد الجراد وتمنع المزيد من الضرر للمحاصيل والنباتات. ولكن هناك أضرار محتملة لهذه المبيدات فيجب منع استهلاك المحاصيل المرشوشة حتى تنتهي فترة الأمان. كذلك يمنع الرعي في أماكن الرش.

وثالثا المكافحة البيولوجية، يساعد استخدام الأعداء الطبيعيين للجراد الصحراوي، مثل الحيوانات المفترسة والطفيليات ومسببات الأمراض ومانعات التغذية، في السيطرة على تجمعات الجراد. مثل تطبيق الفطريات (Metarhiziuim) التي ترش باستخدام الطائرات. وتسبب في موت الجرادة خلال 4-10 أيام وتنتقل من حشرة إلى أخرى وهي غير ضارة على الإنسان والنبات والحيوان على عكس المبيدات الكيميائية. إضافة إلى استخدام مسببات الأمراض البكتيرية من أنواع العصيات والسودوموناس والسيراتيا كعوامل للمكافحة الحيوية.

ورابعا اتخاذ تدابير المكافحة الثقافية، وتتمثل في حرث التربة لتعريض بيض الجراد للحيوانات المفترسة وتدمير مواقع تكاثر الجراد.

 ويمكن اعتماد أكثر من طريقة معالجة في نفس الوقت لمكافحة الجراد الصحراوي، ومن المهم أن يكون في إطار تعاون بين البلدان المتضررة والمنظمات الدولية، فذلك مهم في تبادل المعلومات وتنسيق جهود المكافحة وتقديم الدعم في مكافحة تفشي الجراد الصحراوي.

وللإشارة على المستوى الفردي، يمكن حماية المزروعات من هجمات الجراد سواء كانت هجمات فردية أو بأسراب عن طريق الزراعة في البيوت المحمية.

ريم سوودي

المرصد الوطني للفلاحة:     نجاح في مقاومة الجراد.. والخطر مازال قائما مع عودة أمطار الخريف

تمكنت عمليّات مقاومة الجراد التي انطلقت منذ شهر مارس 2025 بعد رصد أوّل مجموعات جنوب تونس، من احتواء انتشاره والتقليص بشكل كبير من مخاطر تسببه في خسائر فلاحية. وبين «المرصد الوطني للفلاحة» في نشريته الشهرية، أن تدخلات السلطات قد تواصلت لثلاثة أشهر على مساحة إجمالية زادت عن 20800 هكتار، وتركزت في ولايات قبلي وتطاوين ومدنين، والتي تعد المناطق الأكثر تضررا. واستهدفت عمليات المعالجة الجراد في جميع مراحل نموه، من الجراد البالغ إلى اليرقات.

كما بين المرصد في نفس النشرية أنه وابتداء من النصف الثاني من جوان 2025، ساهم جفاف التربة واختفاء الغطاء النباتي، في الجنوب، في رحيل المجموعات المتبقية من الجراد إلى مناطق التكاثر الصيفية الواقعة في منطقة الساحل الإفريقي (مالي والنيجر وتشاد).

ونبه في نفس السياق إلى أن احتمال عودة الجراد قائمة في الخريف، فالظرف المناخي ونزول الأمطار في الولايات المذكورة، ينذر بخطر التكاثر مجددا وتوقع عودة الجراد في خريف 2025.

 وفي مواجهة استمرار هذا التهديد، تواصل وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري استعداداتها في مجال المراقبة والرصد والتخطيط اللوجستي لضمان استجابة سريعة ومنسقة في حالة ظهور الجراد من جديد.

وللإشارة، شهدت تونس بين مارس وجوان 2025، أسراب من الجراد المهاجر القادم من ليبيا والجزائر، أمام توفر الظروف الملائمة لتكاثره وهي هطول الأمطار. وفعليا شهدت معتمديات كذهيبة والفوار ظهور مجموعات من الجراد قالت وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري، إنه بعد معاينة الفريق الفني الذي تحول على عين المكان، أنها ليست في شكل أسراب. وهو ما يقلل من مستوى خطورتها على الغطاء النباتي في تلك المناطق. وتندرج الظاهرة في سياق إقليمي يتسم بتكرار ظهور بؤر الجراد في البلدان المجاورة ومناطق الساحل، مما يجعل منها خطرا فلاحيا عابرا للحدود.

إن ظاهرة الجراد تعد مشكلا واجهته البلاد في أكثر من مناسبة على مر التاريخ، وكانت تداعياته متباينة فمثلا في 1987 /1988 و2004 /2005، تسبب ظهور الجراد في البلاد التونسية في خسائر فلاحية كبيرة تم السيطرة عليه عبر تنظيم حملات مكافحة واسعة النطاق.

ولتفادي سيناريوهات مشابهة تم هذا العام، إطلاق الحملة الوطنية لمكافحة هذه الآفة فور اكتشاف المجموعات الأولى، وفق المرصد الوطني للفلاحة. وشملت الحملة ستّ ولايات في الجنوب وهي تطاوين، ومدنين، وقبلي، وتوزر، وقابس وجنوب سيدي بوزيد. كما جرت متابعة مكثفة وعمليات رش للمناطق، حيث تمّ اكتشاف الجراد.

وتعد تونس عضوا ضمن لجنة مكافحة الجراد الصحراوي في المنطقة الغربية التابعة لمنظمة الأغذية والزراعة (الفاو). وعملت بتنسيق وثيق مع الجزائر وموريتانيا والهيئات المتخصصة التابعة لـ«الفاو».

ومن المهم التذكير أن الخبير في المجال البيئي مهدي عبدلي، شدد على أن الجراد الصحراوي في الجنوب التونسي، يستوجب الحيطة، وفسر أن سربا من الجراد قادر على ضم أعداد كبيرة منه تصل إلى الملايين، ويستهلك يوميا كميات كبيرة من المزروعات لذلك فإن الحيطة واجبة، ولا يجب الاستخفاف بهذه الظاهرة.

وتحدث الخبير في المجال البيئي عن حلول استباقية وإجراءات وقائية يمكن اتخاذها وهي تكثيف عمليات الرصد على الحدود التونسية- الليبية، في إطار المراقبة والتنبؤ.

 وتصنف المجلات العلمية، الجراد الصحراوي بـ «الآفة العابرة للحدود»، يهجم في أسراب ليستهلك ما يعادل استهلاك 35000 شخص في يوم واحد. كما أنه يشكل تهديدا لسبل عيش عُشر سكان العالم ومن أكثر الآفات المدمرة في العالم.

ولمكافحة الجراد الصحراوي، تدعو مراكز البحوث، إلى تنفيذ استراتيجيات مكافحة مختلفة منها الحيوية والكيميائية مع المراقبة والبحث المستمر لإيجاد أفضل الحلول للقضاء على هذا الخطر المدمر. ويمكن تلخيص طرق مكافحة الجراد الصحراوي في أربعة أشكال للتدخل أولها وأهمها هي الاكتشاف المبكر والرصد، فمن المهم مراقبة وتتبع حركة أسراب الجراد مع دراسة دورة حياتها والتغيرات الطارئة في سلوكها وذلك لاتخاذ التدابير الوقائية المبكرة ومهاجمتها في الوقت والمكان المناسبين.

وثانيا المكافحة الكيميائية، وذلك باستخدام الرش الجوي للمبيدات الكيماوية لاستهداف أسراب الجراد في حالات الإصابة واسعة النطاق. وهذه الطريقة تقلل بشكل فعال وسريع من أعداد الجراد وتمنع المزيد من الضرر للمحاصيل والنباتات. ولكن هناك أضرار محتملة لهذه المبيدات فيجب منع استهلاك المحاصيل المرشوشة حتى تنتهي فترة الأمان. كذلك يمنع الرعي في أماكن الرش.

وثالثا المكافحة البيولوجية، يساعد استخدام الأعداء الطبيعيين للجراد الصحراوي، مثل الحيوانات المفترسة والطفيليات ومسببات الأمراض ومانعات التغذية، في السيطرة على تجمعات الجراد. مثل تطبيق الفطريات (Metarhiziuim) التي ترش باستخدام الطائرات. وتسبب في موت الجرادة خلال 4-10 أيام وتنتقل من حشرة إلى أخرى وهي غير ضارة على الإنسان والنبات والحيوان على عكس المبيدات الكيميائية. إضافة إلى استخدام مسببات الأمراض البكتيرية من أنواع العصيات والسودوموناس والسيراتيا كعوامل للمكافحة الحيوية.

ورابعا اتخاذ تدابير المكافحة الثقافية، وتتمثل في حرث التربة لتعريض بيض الجراد للحيوانات المفترسة وتدمير مواقع تكاثر الجراد.

 ويمكن اعتماد أكثر من طريقة معالجة في نفس الوقت لمكافحة الجراد الصحراوي، ومن المهم أن يكون في إطار تعاون بين البلدان المتضررة والمنظمات الدولية، فذلك مهم في تبادل المعلومات وتنسيق جهود المكافحة وتقديم الدعم في مكافحة تفشي الجراد الصحراوي.

وللإشارة على المستوى الفردي، يمكن حماية المزروعات من هجمات الجراد سواء كانت هجمات فردية أو بأسراب عن طريق الزراعة في البيوت المحمية.

ريم سوودي