من المنتظر أن تستضيف العاصمة البلجيكية بروكسل، في أكتوبر المقبل، أشغال مجلس الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وتونس. وفي هذا السياق، أشار الخبير الاقتصادي والمحلل المالي والأستاذ الجامعي سامي العرفاوي إلى أن انعقاد مجلس الشراكة التونسية الأوروبية يكتسي أهمية استراتيجية بالغة، نظرًا إلى أن الاتحاد الأوروبي يُعدّ الشريك التجاري والاقتصادي الأول لتونس.
ويُعد تنظيم اجتماعات المجلس ترجمة لعلاقات اقتصادية وتجارية متجذّرة بين الطرفين تعود إلى عقود طويلة. وأوضح العرفاوي في حديثه لـ«الصباح» أن تونس استفادت من عدة امتيازات وفّرها اتفاق الشراكة الموقّع في جويلية 1995، والذي يُعدّ الأول من نوعه في منطقة المغرب العربي.
وجدير بالذكر أن توقيع هذه الاتفاقية سبقه عدد من الاتفاقيات المهمة، أبرزها:
-اتفاقية الشراكة بين تونس والمجموعة الاقتصادية الأوروبية سنة 1969، والتي مكّنت تونس من معاملة تفضيلية وتخفيضات جمركية على بعض السلع المصدّرة إلى أوروبا.
-اتفاقية التعاون لسنة 1976، التي نصّت على تمتيع المنتجات التونسية المصدّرة إلى أوروبا بتخفيضات جمركية تصل إلى 100 % في بعض المنتجات، وشملت 80 % من المنتجات الفلاحية.
وفي عام 2012، ارتقت تونس إلى مرتبة الشريك المميّز للاتحاد الأوروبي، فيما مكّنها انضمامها سنة 2016 إلى برنامج «أفق 2020»، المعنيّ بالبحث والابتكار، من الحصول على تمويلات أوروبية في مجالات التميز العلمي، والريادة الصناعية، والتحديات المجتمعية. وبذلك، أصبحت تونس أول بلد عربي وإفريقي ومغاربي ينخرط في هذا البرنامج.
وفي سنة 2023، تمّ توقيع مذكرة تفاهم حول شراكة استراتيجية وشاملة بين الجانبين، من بين ركائزها التنمية الاقتصادية، حيث يُعمل على بناء اقتصاد تونسي متين، قادر على الصمود أمام الصدمات وخلق التنمية، إضافة إلى تحسين مناخ الأعمال وجلب الاستثمارات.
دفع نسق الاستثمار
وحسب العرفاوي، من المنتظر أن يبحث مجلس الشراكة التونسية الأوروبية في دورته القادمة جملة من الملفات ذات الاهتمام المشترك، من بينها دفع نسق الاستثمار، خصوصًا في القطاعات الواعدة مثل: التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، الاقتصاد الأخضر والانتقال الطاقي.
ويُصنّف الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا ضمن القطاعات ذات الأولوية في إطار استراتيجية تونس والاتحاد الأوروبي لمواكبة التحولات التكنولوجية السريعة التي يشهدها العالم.
كما يُعدّ التحول الطاقي ركيزة أساسية لتحقيق بيئة نظيفة ومستدامة، من خلال دعم إنتاج الطاقة الشمسية وطاقة الرياح ومصادر الطاقة المتجددة، وخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. ويعمل الاتحاد الأوروبي على تنفيذ مشاريع متنوعة في تونس في هذا السياق، تستهدف إنتاج الكهرباء من مصادر نظيفة لتحقيق الحياد المناخي.
وتطمح تونس إلى مزيد من استقطاب الشركات الأوروبية للاستثمار في البلاد، وهي من أبرز النقاط المتوقع طرحها خلال اجتماعات مجلس الشراكة.
الصادرات والميزان التجاري
استقبل الاتحاد الأوروبي 70.5 % من جملة الصادرات التونسية خلال الأشهر الثمانية الأولى من سنة 2025، بقيمة 29.165,9 مليون دينار، مقابل 28.914,8 مليون دينار في الفترة نفسها من سنة 2024. كما هيمنت دول الاتحاد الأوروبي على تركيبة الواردات التونسية، حيث استحوذت على43.6 % من إجمالي الواردات، ما يعادل 24.410,7 مليون دينار، مقارنة بـ 23.365,1 مليون دينار خلال نفس الفترة من سنة 2024، وذلك بحسب بيانات المعهد الوطني للإحصاء حول «التجارة الخارجية بالأسعار الجارية – أوت 2025».
وبرزت دول الاتحاد الأوروبي بقوة في قائمة الدول التي سجّل معها الميزان التجاري التونسي فائضًا خلال النصف الأول من سنة 2025، حيث تضمّنت القائمة 7 دول أوروبية من أصل 10.
وقد تصدرت فرنسا الترتيب بفائض قدره 2.653,5 مليون دينار، تليها ألمانيا بـ 1.512,4 مليون دينار.
الاستثمار الأوروبي في تونس
بلغ عدد الشركات الأوروبية المستثمرة في تونس 3.873 شركة (إما أوروبية بالكامل أو بمساهمة أوروبية) إلى موفّى سنة 2024، وهو رقم مرتفع مقارنة بإجمالي الشركات الأجنبية المستثمرة، الذي بلغ قرابة 4.109 شركات.
وتقود دول الاتحاد الأوروبي حركة الاستثمار الأجنبي في تونس، حيث ضخت:
-فرنسا: 421 مليون دينار في النصف الأول من 2025
-إيطاليا: 159,4 مليون دينار
-ألمانيا: 124,2 مليون دينار
-هولندا: أكثر من 91 مليون دينار
وتراهن تونس على المحافظة على هذه المكانة البارزة للاستثمارات الأوروبية، فضلًا عن القيمة العالية للصادرات نحو هذا التكتل، ليس فقط من خلال اتفاقيات الشراكة، بل أيضًا عبر الاجتماعات المنتظمة لمجلس الشراكة.
دعم تمويل ميزانية 2026
يتزامن اجتماع مجلس الشراكة هذه السنة مع اقتراب موعد مناقشة مشروع قانون ميزانية الدولة لسنة 2026 في مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم.
وفي هذا الإطار، يرى العرفاوي أن تونس تسعى إلى تعبئة مواردها الخارجية غير الذاتية لميزانية السنة القادمة، سواء عبر الهبات أو القروض. ويُعدّ هذا الاجتماع فرصة مواتية لدعم ميزانية الدولة عبر تمويلات أوروبية بشروط ميسّرة، إضافة إلى وضع خطوط تمويل للشركات الصغرى والمتوسطة والمؤسسات الناشئة.
تونس.. بوابة إفريقيا للسلع الأوروبية
من المنتظر أن يُسهم الاجتماع المرتقب في تنشيط العلاقات التجارية بين تونس والاتحاد الأوروبي، ليشكّل علامة فارقة في تعميق الروابط بين الطرفين.
وفي هذا السياق، أكد سامي العرفاوي أن الاجتماع يُعدّ امتدادًا لمسار تشاركي ناجح ومثمر، له تأثير إيجابي على الاقتصاد التونسي، خاصة وأن دول الاتحاد الأوروبي تدرك أن تونس تُعدّ بوابة للقارة الإفريقية بامتياز.
وأشار إلى أن حزمة الاتفاقيات التي تربط تونس بالاتحاد الأوروبي يمكن أن تشكّل نموذجًا تحتذي به العديد من الدول الإفريقية لتوقيع اتفاقيات مماثلة، من أجل رسم خارطة تنموية واقتصادية إفريقية – أوروبية.
كما يُمكن لتونس أن تستثمر هذا التعاون في دفع الصادرات الوطنية نحو أوروبا وإفريقيا على حد سواء، من خلال:
-توسيع القطاعات الاقتصادية المشمولة بالاستثمارات والشراكات.
-تطوير القدرات التصديرية للمؤسسات التونسية.
وتملك تونس مؤهلات تجعلها منصة إقليمية في حوض البحر الأبيض المتوسط للتصدير، بفضل موقعها الاستراتيجي شمال القارة الإفريقية، وبإطلالتها على أوروبا. وهو ما يجعلها حلقة وصل مثالية بين القارتين في المجال التجاري، مما يسمح بتدفّق السلع بسلاسة في الاتجاهين.
كما تتيح اتفاقية «زليكاف» (المنطقة القارية الإفريقية للتبادل الحر) واتفاقية «الكوميسا» (السوق المشتركة لشرق وجنوب إفريقيا)، اللتان انخرطت فيهما تونس، فرصًا كبيرة لتوسيع النفاذ إلى الأسواق الإفريقية.
وتسعى تونس بخطى حثيثة إلى أن تكون الدول الإفريقية شريكها التجاري الثاني بعد الاتحاد الأوروبي، نظرًا لما أصبحت تمثله إفريقيا من سوق اقتصادية واعدة ومفتوحة.
درصاف اللموشي
من المنتظر أن تستضيف العاصمة البلجيكية بروكسل، في أكتوبر المقبل، أشغال مجلس الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وتونس. وفي هذا السياق، أشار الخبير الاقتصادي والمحلل المالي والأستاذ الجامعي سامي العرفاوي إلى أن انعقاد مجلس الشراكة التونسية الأوروبية يكتسي أهمية استراتيجية بالغة، نظرًا إلى أن الاتحاد الأوروبي يُعدّ الشريك التجاري والاقتصادي الأول لتونس.
ويُعد تنظيم اجتماعات المجلس ترجمة لعلاقات اقتصادية وتجارية متجذّرة بين الطرفين تعود إلى عقود طويلة. وأوضح العرفاوي في حديثه لـ«الصباح» أن تونس استفادت من عدة امتيازات وفّرها اتفاق الشراكة الموقّع في جويلية 1995، والذي يُعدّ الأول من نوعه في منطقة المغرب العربي.
وجدير بالذكر أن توقيع هذه الاتفاقية سبقه عدد من الاتفاقيات المهمة، أبرزها:
-اتفاقية الشراكة بين تونس والمجموعة الاقتصادية الأوروبية سنة 1969، والتي مكّنت تونس من معاملة تفضيلية وتخفيضات جمركية على بعض السلع المصدّرة إلى أوروبا.
-اتفاقية التعاون لسنة 1976، التي نصّت على تمتيع المنتجات التونسية المصدّرة إلى أوروبا بتخفيضات جمركية تصل إلى 100 % في بعض المنتجات، وشملت 80 % من المنتجات الفلاحية.
وفي عام 2012، ارتقت تونس إلى مرتبة الشريك المميّز للاتحاد الأوروبي، فيما مكّنها انضمامها سنة 2016 إلى برنامج «أفق 2020»، المعنيّ بالبحث والابتكار، من الحصول على تمويلات أوروبية في مجالات التميز العلمي، والريادة الصناعية، والتحديات المجتمعية. وبذلك، أصبحت تونس أول بلد عربي وإفريقي ومغاربي ينخرط في هذا البرنامج.
وفي سنة 2023، تمّ توقيع مذكرة تفاهم حول شراكة استراتيجية وشاملة بين الجانبين، من بين ركائزها التنمية الاقتصادية، حيث يُعمل على بناء اقتصاد تونسي متين، قادر على الصمود أمام الصدمات وخلق التنمية، إضافة إلى تحسين مناخ الأعمال وجلب الاستثمارات.
دفع نسق الاستثمار
وحسب العرفاوي، من المنتظر أن يبحث مجلس الشراكة التونسية الأوروبية في دورته القادمة جملة من الملفات ذات الاهتمام المشترك، من بينها دفع نسق الاستثمار، خصوصًا في القطاعات الواعدة مثل: التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، الاقتصاد الأخضر والانتقال الطاقي.
ويُصنّف الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا ضمن القطاعات ذات الأولوية في إطار استراتيجية تونس والاتحاد الأوروبي لمواكبة التحولات التكنولوجية السريعة التي يشهدها العالم.
كما يُعدّ التحول الطاقي ركيزة أساسية لتحقيق بيئة نظيفة ومستدامة، من خلال دعم إنتاج الطاقة الشمسية وطاقة الرياح ومصادر الطاقة المتجددة، وخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. ويعمل الاتحاد الأوروبي على تنفيذ مشاريع متنوعة في تونس في هذا السياق، تستهدف إنتاج الكهرباء من مصادر نظيفة لتحقيق الحياد المناخي.
وتطمح تونس إلى مزيد من استقطاب الشركات الأوروبية للاستثمار في البلاد، وهي من أبرز النقاط المتوقع طرحها خلال اجتماعات مجلس الشراكة.
الصادرات والميزان التجاري
استقبل الاتحاد الأوروبي 70.5 % من جملة الصادرات التونسية خلال الأشهر الثمانية الأولى من سنة 2025، بقيمة 29.165,9 مليون دينار، مقابل 28.914,8 مليون دينار في الفترة نفسها من سنة 2024. كما هيمنت دول الاتحاد الأوروبي على تركيبة الواردات التونسية، حيث استحوذت على43.6 % من إجمالي الواردات، ما يعادل 24.410,7 مليون دينار، مقارنة بـ 23.365,1 مليون دينار خلال نفس الفترة من سنة 2024، وذلك بحسب بيانات المعهد الوطني للإحصاء حول «التجارة الخارجية بالأسعار الجارية – أوت 2025».
وبرزت دول الاتحاد الأوروبي بقوة في قائمة الدول التي سجّل معها الميزان التجاري التونسي فائضًا خلال النصف الأول من سنة 2025، حيث تضمّنت القائمة 7 دول أوروبية من أصل 10.
وقد تصدرت فرنسا الترتيب بفائض قدره 2.653,5 مليون دينار، تليها ألمانيا بـ 1.512,4 مليون دينار.
الاستثمار الأوروبي في تونس
بلغ عدد الشركات الأوروبية المستثمرة في تونس 3.873 شركة (إما أوروبية بالكامل أو بمساهمة أوروبية) إلى موفّى سنة 2024، وهو رقم مرتفع مقارنة بإجمالي الشركات الأجنبية المستثمرة، الذي بلغ قرابة 4.109 شركات.
وتقود دول الاتحاد الأوروبي حركة الاستثمار الأجنبي في تونس، حيث ضخت:
-فرنسا: 421 مليون دينار في النصف الأول من 2025
-إيطاليا: 159,4 مليون دينار
-ألمانيا: 124,2 مليون دينار
-هولندا: أكثر من 91 مليون دينار
وتراهن تونس على المحافظة على هذه المكانة البارزة للاستثمارات الأوروبية، فضلًا عن القيمة العالية للصادرات نحو هذا التكتل، ليس فقط من خلال اتفاقيات الشراكة، بل أيضًا عبر الاجتماعات المنتظمة لمجلس الشراكة.
دعم تمويل ميزانية 2026
يتزامن اجتماع مجلس الشراكة هذه السنة مع اقتراب موعد مناقشة مشروع قانون ميزانية الدولة لسنة 2026 في مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم.
وفي هذا الإطار، يرى العرفاوي أن تونس تسعى إلى تعبئة مواردها الخارجية غير الذاتية لميزانية السنة القادمة، سواء عبر الهبات أو القروض. ويُعدّ هذا الاجتماع فرصة مواتية لدعم ميزانية الدولة عبر تمويلات أوروبية بشروط ميسّرة، إضافة إلى وضع خطوط تمويل للشركات الصغرى والمتوسطة والمؤسسات الناشئة.
تونس.. بوابة إفريقيا للسلع الأوروبية
من المنتظر أن يُسهم الاجتماع المرتقب في تنشيط العلاقات التجارية بين تونس والاتحاد الأوروبي، ليشكّل علامة فارقة في تعميق الروابط بين الطرفين.
وفي هذا السياق، أكد سامي العرفاوي أن الاجتماع يُعدّ امتدادًا لمسار تشاركي ناجح ومثمر، له تأثير إيجابي على الاقتصاد التونسي، خاصة وأن دول الاتحاد الأوروبي تدرك أن تونس تُعدّ بوابة للقارة الإفريقية بامتياز.
وأشار إلى أن حزمة الاتفاقيات التي تربط تونس بالاتحاد الأوروبي يمكن أن تشكّل نموذجًا تحتذي به العديد من الدول الإفريقية لتوقيع اتفاقيات مماثلة، من أجل رسم خارطة تنموية واقتصادية إفريقية – أوروبية.
كما يُمكن لتونس أن تستثمر هذا التعاون في دفع الصادرات الوطنية نحو أوروبا وإفريقيا على حد سواء، من خلال:
-توسيع القطاعات الاقتصادية المشمولة بالاستثمارات والشراكات.
-تطوير القدرات التصديرية للمؤسسات التونسية.
وتملك تونس مؤهلات تجعلها منصة إقليمية في حوض البحر الأبيض المتوسط للتصدير، بفضل موقعها الاستراتيجي شمال القارة الإفريقية، وبإطلالتها على أوروبا. وهو ما يجعلها حلقة وصل مثالية بين القارتين في المجال التجاري، مما يسمح بتدفّق السلع بسلاسة في الاتجاهين.
كما تتيح اتفاقية «زليكاف» (المنطقة القارية الإفريقية للتبادل الحر) واتفاقية «الكوميسا» (السوق المشتركة لشرق وجنوب إفريقيا)، اللتان انخرطت فيهما تونس، فرصًا كبيرة لتوسيع النفاذ إلى الأسواق الإفريقية.
وتسعى تونس بخطى حثيثة إلى أن تكون الدول الإفريقية شريكها التجاري الثاني بعد الاتحاد الأوروبي، نظرًا لما أصبحت تمثله إفريقيا من سوق اقتصادية واعدة ومفتوحة.