-ضرورة مراقبة الأمراض غير السارية والترفيع في مستوى اليقظة
- الدولة وفرت خطوط مراقبة ووضعت برامج وخططا في غاية الأهمية للتقصي والتشخيص
في تونس، لا يختلف الوضع مع بقية دول العالم في خطورة الأمراض غير السارية على الدولة والمجتمع على حد السواء، وتبقى هذه الأمراض كابوسا يطارد الآلاف من التونسيين خاصة أن التقارير الدولية والإحصائيات المحلية تؤكد أن أكثر من 82 بالمائة من الوفيات سنويا بسبب الأمراض غير السارية.
وارجع العديد من المختصين في قطاع الصحة أسباب ارتفاع المصابين بالأمراض غير السارية في تونس إلى إهمال التعاطي مع هذا النوع من الأمراض لاسيما أمام انتشار الأمراض الفيروسية في السنوات الأخيرة وأهمها فيروس كورونا والمتحورات التي تبعته والاهتمام المتزايد بكيفية مواجهتها، وتجنيد كل هياكل الدولة للتصدي لهذه الأمراض المستحدثة والخطيرة.
ويشار إلى أنها وردت في كلمة تونس في أشغال الجمعية العامة للأمم المتحدة حول الأمراض غير السارية في نيويورك منذ يومين، حيث أبرز وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج محمد على النفطي أن هذه الأمراض التي تعد السبب الأول للوفيات في كل بلدان العالم، وتتسبب في أعباء صحية واقتصادية واجتماعية جسيمة تؤكد الحاجة إلى تضافر الجهود الدولية لمكافحتها.
مخاوف من عودة انتشارها بعد نجاحات سابقة
في هذا الإطار، أفاد الدكتور والأستاذ الجامعي المختص في الفيروسات، محجوب العوني لـ«الصباح» بأن طبيعة التغيرات المناخية والملامح الجديدة للعولمة أثرت على صحة الإنسان مما أدى إلى بروز أمراض جديدة وخاصة من نوع الأمراض الفيروسية والأمراض المعدية التي تنتشر بسرعة ولها تداعيات وخيمة تؤدي إلى الوفاة، مشيرا إلى أن هذا التغير لا يجب أن يجعلنا نتغافل عن الاهتمام ومراقبة الأمراض غير السارية أو ما يعرف بالأمراض المزمنة على غرار السرطان والسكري وضغط الدم.
وأكد الدكتور محجوب في ذات التصريح أن الدولة وفرت خطوط مراقبة ووضعت برامج وخططا في غاية الأهمية للتقصي والتشخيص المبكر في العديد من الأمراض غير السارية منذ سنوات وهو ما جعلها تحقق نتائج ايجابية في مواجهة هذه الآفات، مبينا أنه من الضروري اليوم المحافظة على هذه المجهودات وذلك بعدم التغافل عن كيفية التعاطي معها في ظل الانتشار الكبير للأمراض الفيروسية وأنواع أخرى من الأمراض السارية.
وشدد الدكتور محجوب على أهمية تكثيف مجهودات هياكل الرقابة للعمل بالتوازي وبنفس اليقظة وحالة الطوارئ مع كل أنواع الأمراض دون تجاهل بعضها على حساب أمراض أخرى، معتبرا أن العالم دائما في تغيرات متسارعة وهو ما يفرض علينا اليوم الترفيع في مستوى هذه اليقظة.
وأضاف محدثنا أن المطلوب كذلك، وضع خطط وبرامج تستهدف مقاومة كل أنواع الأمراض التي تواجه التونسيين مع مزيد دعم وتعزيز هياكل الرقابة الصحية واستحداث هياكل أخرى للاستشعار بكل نوع مرض جديد لتكون مواجهته أسهل في المستقبل.
ويذكر أن تونس وضعت برنامجا ومخططا عمليا أعدته وزارة الصحة بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية وتمت المصادقة عليه من كل القطاعات المتدخلة، يندرج في إطار العمل على تنفيذ السياسة الوطنية للصحة 2030 الرامية للنهوض بصحة ورفاه كافة المواطنين وتحقيق الأهداف الاستراتيجية الوطنية متعددة القطاعات للوقاية والحد من الأمراض غير السارية.
ويهدف هذا المخطط العملي أساسا إلى تعزيز التعاون بين الإدارات الجهوية للصحة من أجل تحقيق أهداف مشتركة في مجال مكافحة الأمراض غير السارية ووضع خطة متكاملة للتوعية والوقاية والرعاية الصحية بهدف تقديم استجابة فعالة ومستدامة لهذه الأمراض لتعزيز صحة المجتمع بشكل شامل إذ تُقر في السياق خطة التنمية المستدامة لعام 2030 بأن الأمراض غير السارية تطرح تحدياً كبيراً أمام التنمية المستدامة.
وقد التزم رؤساء الدول والحكومات في إطار هذه الخطة، بوضع استجابات وطنية طموحة بحلول عام 2030، من أجل الحد بنسبة الثلث من الوفيات المبكرة الناجمة عن الأمراض غير السارية، عن طريق الوقاية والعلاج (الغاية 4-3 من أهداف التنمية المستدامة).
الأمراض غير السارية في المشهد العالمي
وأظهرت جميع التقارير الدولية أن الأمراض غير السارية خلال سنة 2025 لا تزال تمثل تهديدا خطيرا للصحة العالمية والتنمية المستدامة، وبالرغم من أن بعض الدول حققت تقدما ملحوظا في خفض معدلات الوفيات المبكرة، إلا أن الطريق لا يزال طويلا ويتطلب مواجهة هذا التحدي استثمارا أكبر في الوقاية، وتعزيز أنظمة الرعاية الصحية الأولية، وتطبيق سياسات فعالة لترشيد عوامل الخطر، لضمان صحة أفضل للأجيال القادمة.
وتشكل الأمراض غير السارية(NCDs)، مثل أمراض القلب والسرطان والسكري والأمراض التنفسية المزمنة، التحدي الأكبر للصحة العامة في العالم، وفي عام 2025، لم تعد هذه الأمراض حكرا على الدول الغنية، بل أصبحت عبئا متزايدا في الدول النامية، ومسؤولة عن غالبية الوفيات العالمية.
ورغم الجهود الدولية التي تبذلها منظمة الصحة العالمية والعديد من الحكومات، إلا أن التقدم نحو تحقيق الأهداف العالمية للحد من هذه الأمراض لا يزال بطيئا، مما يستدعي اتخاذ إجراءات أكثر حزما وشمولية.
وتشير الإحصائيات لعام 2025 إلى أن الأمراض غير السارية تقتل ما يقارب 43 مليون شخص سنويا على مستوى العالم، وهو ما يمثل حوالي 3 من كل 4 وفيات، وأكثر من 80% من هذه الوفيات تحدث في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، حيث يساهم الافتقار إلى الرعاية الصحية الجيدة، وصعوبة الوصول إلى الأدوية، في تفاقم الوضع.
وفاء بن محمد
-ضرورة مراقبة الأمراض غير السارية والترفيع في مستوى اليقظة
- الدولة وفرت خطوط مراقبة ووضعت برامج وخططا في غاية الأهمية للتقصي والتشخيص
في تونس، لا يختلف الوضع مع بقية دول العالم في خطورة الأمراض غير السارية على الدولة والمجتمع على حد السواء، وتبقى هذه الأمراض كابوسا يطارد الآلاف من التونسيين خاصة أن التقارير الدولية والإحصائيات المحلية تؤكد أن أكثر من 82 بالمائة من الوفيات سنويا بسبب الأمراض غير السارية.
وارجع العديد من المختصين في قطاع الصحة أسباب ارتفاع المصابين بالأمراض غير السارية في تونس إلى إهمال التعاطي مع هذا النوع من الأمراض لاسيما أمام انتشار الأمراض الفيروسية في السنوات الأخيرة وأهمها فيروس كورونا والمتحورات التي تبعته والاهتمام المتزايد بكيفية مواجهتها، وتجنيد كل هياكل الدولة للتصدي لهذه الأمراض المستحدثة والخطيرة.
ويشار إلى أنها وردت في كلمة تونس في أشغال الجمعية العامة للأمم المتحدة حول الأمراض غير السارية في نيويورك منذ يومين، حيث أبرز وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج محمد على النفطي أن هذه الأمراض التي تعد السبب الأول للوفيات في كل بلدان العالم، وتتسبب في أعباء صحية واقتصادية واجتماعية جسيمة تؤكد الحاجة إلى تضافر الجهود الدولية لمكافحتها.
مخاوف من عودة انتشارها بعد نجاحات سابقة
في هذا الإطار، أفاد الدكتور والأستاذ الجامعي المختص في الفيروسات، محجوب العوني لـ«الصباح» بأن طبيعة التغيرات المناخية والملامح الجديدة للعولمة أثرت على صحة الإنسان مما أدى إلى بروز أمراض جديدة وخاصة من نوع الأمراض الفيروسية والأمراض المعدية التي تنتشر بسرعة ولها تداعيات وخيمة تؤدي إلى الوفاة، مشيرا إلى أن هذا التغير لا يجب أن يجعلنا نتغافل عن الاهتمام ومراقبة الأمراض غير السارية أو ما يعرف بالأمراض المزمنة على غرار السرطان والسكري وضغط الدم.
وأكد الدكتور محجوب في ذات التصريح أن الدولة وفرت خطوط مراقبة ووضعت برامج وخططا في غاية الأهمية للتقصي والتشخيص المبكر في العديد من الأمراض غير السارية منذ سنوات وهو ما جعلها تحقق نتائج ايجابية في مواجهة هذه الآفات، مبينا أنه من الضروري اليوم المحافظة على هذه المجهودات وذلك بعدم التغافل عن كيفية التعاطي معها في ظل الانتشار الكبير للأمراض الفيروسية وأنواع أخرى من الأمراض السارية.
وشدد الدكتور محجوب على أهمية تكثيف مجهودات هياكل الرقابة للعمل بالتوازي وبنفس اليقظة وحالة الطوارئ مع كل أنواع الأمراض دون تجاهل بعضها على حساب أمراض أخرى، معتبرا أن العالم دائما في تغيرات متسارعة وهو ما يفرض علينا اليوم الترفيع في مستوى هذه اليقظة.
وأضاف محدثنا أن المطلوب كذلك، وضع خطط وبرامج تستهدف مقاومة كل أنواع الأمراض التي تواجه التونسيين مع مزيد دعم وتعزيز هياكل الرقابة الصحية واستحداث هياكل أخرى للاستشعار بكل نوع مرض جديد لتكون مواجهته أسهل في المستقبل.
ويذكر أن تونس وضعت برنامجا ومخططا عمليا أعدته وزارة الصحة بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية وتمت المصادقة عليه من كل القطاعات المتدخلة، يندرج في إطار العمل على تنفيذ السياسة الوطنية للصحة 2030 الرامية للنهوض بصحة ورفاه كافة المواطنين وتحقيق الأهداف الاستراتيجية الوطنية متعددة القطاعات للوقاية والحد من الأمراض غير السارية.
ويهدف هذا المخطط العملي أساسا إلى تعزيز التعاون بين الإدارات الجهوية للصحة من أجل تحقيق أهداف مشتركة في مجال مكافحة الأمراض غير السارية ووضع خطة متكاملة للتوعية والوقاية والرعاية الصحية بهدف تقديم استجابة فعالة ومستدامة لهذه الأمراض لتعزيز صحة المجتمع بشكل شامل إذ تُقر في السياق خطة التنمية المستدامة لعام 2030 بأن الأمراض غير السارية تطرح تحدياً كبيراً أمام التنمية المستدامة.
وقد التزم رؤساء الدول والحكومات في إطار هذه الخطة، بوضع استجابات وطنية طموحة بحلول عام 2030، من أجل الحد بنسبة الثلث من الوفيات المبكرة الناجمة عن الأمراض غير السارية، عن طريق الوقاية والعلاج (الغاية 4-3 من أهداف التنمية المستدامة).
الأمراض غير السارية في المشهد العالمي
وأظهرت جميع التقارير الدولية أن الأمراض غير السارية خلال سنة 2025 لا تزال تمثل تهديدا خطيرا للصحة العالمية والتنمية المستدامة، وبالرغم من أن بعض الدول حققت تقدما ملحوظا في خفض معدلات الوفيات المبكرة، إلا أن الطريق لا يزال طويلا ويتطلب مواجهة هذا التحدي استثمارا أكبر في الوقاية، وتعزيز أنظمة الرعاية الصحية الأولية، وتطبيق سياسات فعالة لترشيد عوامل الخطر، لضمان صحة أفضل للأجيال القادمة.
وتشكل الأمراض غير السارية(NCDs)، مثل أمراض القلب والسرطان والسكري والأمراض التنفسية المزمنة، التحدي الأكبر للصحة العامة في العالم، وفي عام 2025، لم تعد هذه الأمراض حكرا على الدول الغنية، بل أصبحت عبئا متزايدا في الدول النامية، ومسؤولة عن غالبية الوفيات العالمية.
ورغم الجهود الدولية التي تبذلها منظمة الصحة العالمية والعديد من الحكومات، إلا أن التقدم نحو تحقيق الأهداف العالمية للحد من هذه الأمراض لا يزال بطيئا، مما يستدعي اتخاذ إجراءات أكثر حزما وشمولية.
وتشير الإحصائيات لعام 2025 إلى أن الأمراض غير السارية تقتل ما يقارب 43 مليون شخص سنويا على مستوى العالم، وهو ما يمثل حوالي 3 من كل 4 وفيات، وأكثر من 80% من هذه الوفيات تحدث في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، حيث يساهم الافتقار إلى الرعاية الصحية الجيدة، وصعوبة الوصول إلى الأدوية، في تفاقم الوضع.