إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

تنفيذ استراتيجية وطنية لتطوير القطاع.. توجه لجعل تونس مركزًا إقليميًا لصناعة مكونات السيارات

-استثمارات القطاع ارتفعت بنسبة 18 % لتبلغ قيمتها 500 مليون دينار خلال سنة 2025

-رئيسة الجمعية التونسية لمصنعي مكونات السيارات لـ«الصباح»: القطاع يعيش حاليًا مرحلة تحوّل نوعي، وتونس تمتلك إمكانات تنافسية حقيقية بفضل موقعها الاستراتيجي وكفاءاتها البشرية

-نائب رئيس الجمعية التونسية لمصنعي مكونات السيارات: القطاع يشهد توسّعًا في الفترة الأخيرة، مدفوعًا بعودة ثقة المستثمرين ووضوح الرؤية الصناعية الوطنية.

يُعدّ قطاع مكونات السيارات في تونس من أبرز القطاعات الصناعية الواعدة والداعمة للاقتصاد الوطني، حيث شهد نموًا ملحوظًا خلال السنوات الأخيرة. ويضم هذا القطاع أكثر من 280 مؤسسة صناعية، تُشغّل ما يزيد عن 100 ألف عامل، ويتميّز بتركيزه الكبير على التصدير، إذ بلغت قيمة صادراته أكثر من 3 ملايين يورو.

تُساهم هذه الصناعة بشكل مباشر في توفير العملة الصعبة وتحسين الميزان التجاري، كما تُعزّز مكانة تونس كمزوّد استراتيجي للسوق الأوروبية في مجال الصناعات الميكانيكية والإلكترونية. وبفضل موقعها الجغرافي القريب من أوروبا، وكفاءة يدها العاملة، تسعى تونس إلى رفع نسبة التكامل المحلي، وتطوير الصناعات المرتبطة بالسيارات الكهربائية والذكية، بما يُمكّن من تحفيز الابتكار وجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية، في أفق التحوّل إلى قطب إقليمي متقدّم في هذا المجال. وقد ارتفعت الاستثمارات في هذا القطاع بنسبة 18 % لتبلغ قيمتها 500 مليون دينار خلال سنة 2025. ويشهد قطاع مكونات السيارات تناميًا في الاستثمارات، سواء المحلية أو الأجنبية، مدعومًا باتفاقيات استراتيجية وسياسات تشجيعية من الدولة. كما أعلنت الهيئة التونسية للاستثمار عن مشروع استثماري واعد في منطقة بنزرت بقيمة 300 مليون دينار، سيساهم في إنتاج مكونات سيارات متقدمة وخلق أكثر من 3000 وظيفة بحلول عام 2028.

إلى جانب ذلك، تتضمن الاستراتيجية الحكومية الطموحة لقطاع المكونات رفع الاستثمارات في الصناعة ليُشكّل هذا القطاع نحو 22 % من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2027، مع استقطاب استثمارات كبرى في مجال السيارات الكهربائية والمكونات ذات التكنولوجيا العالية.

من الناحية الاقتصادية، يُسهم هذا القطاع بنسبة مهمة في الناتج المحلي الإجمالي لتونس، كما يتميّز بمعدل نمو سنوي يُقدَّر بنحو 15 % في حجم الصادرات، وفقًا لأحدث الأرقام المسجّلة في عام 2025. وبفضل هذه المؤشرات، أصبح قطاع مكونات السيارات من أبرز القطاعات التصديرية في إفريقيا، إذ تحتل تونس المرتبة الثانية إفريقيًا من حيث قيمة صادرات هذا القطاع.

صناعة مكونات السيارات.. رهان استراتيجي

تعمل الجمعية التونسية لمصنّعي مكونات السيارات، وهي جمعية مهنية غير ربحية، منذ تأسيسها سنة 2016 بمبادرة من فاعلي القطاع، على تعزيز التبادل والتعاون بين المؤسسات الصناعية، ودعم السلطات التونسية في تطوير وتعزيز هذا القطاع. وفي خضم التحوّل العالمي نحو الاقتصاد الأخضر، لم تعد صناعة مكونات السيارات مجرّد نشاط صناعي موجه للتصدير، بل أصبحت رهانًا استراتيجيًا يتقاطع فيه الجانب التكنولوجي مع البيئي والطاقي. وقد قطعت تونس أشواطًا مهمة في هذا القطاع، لكنها تجد نفسها اليوم أمام تحديات كبرى، تتعلّق أساسًا بتقليص البصمة الكربونية وتحقيق الانتقال الطاقي، بهدف الحفاظ على تنافسيتها وتعزيز تموقعها كشريك صناعي موثوق في السوق الأوروبية والدولية.

توجّه نحو الصناعة الذكية

وعلى هامش الجلسة العامة التاسعة للجمعية التونسية لمصنّعي مكونات السيارات، حول مستقبل الصناعة التونسية، التي عقدت مؤخرًا، أكدت مريم اللومي، رئيسة الجمعية، في تصريح لـ«الصباح»، أن القطاع يعيش حاليًا مرحلة تحوّل نوعي، مدفوعًا بالطلب المتزايد على مكونات السيارات الكهربائية والتوجّه نحو الصناعة الذكية، مشددة على أن تونس تمتلك إمكانات تنافسية حقيقية بفضل موقعها الاستراتيجي وكفاءاتها البشرية.

وأضافت اللومي أن الجمعية تعمل بالتنسيق مع الحكومة وعدد من الشركاء الدوليين على تحديث البنية التحتية الصناعية، وتحفيز الاستثمار في التقنيات النظيفة، وتطوير منظومة التكوين المهني بما يتماشى مع متطلبات التحوّل التكنولوجي في القطاع.

وأوضحت أن قطاع مكونات السيارات في تونس يشهد حاليًا مرحلة جديدة من الانفتاح والتوسّع، من خلال دخول مستثمرين من جنسيات جديدة لم يسبق لهم النشاط في السوق التونسية، وهو ما يعكس تجدّد ثقة الشركاء الدوليين في مناخ الأعمال بالبلاد. وأكدت اللومي أن القطاع لم يعد حكرًا على الاستثمارات الأوروبية، إذ تم مؤخرًا تسجيل دخول شركات من كوريا الجنوبية والصين، وهو مؤشر قوي على جاذبية تونس في هذا المجال، خاصة في ظل سعي المصنعين العالميين إلى تنويع مواقع الإنتاج وتقريبها من أسواق التصدير.

وأشارت إلى وجود اهتمام متزايد من قبل هذه الجنسيات بأسواق شمال إفريقيا، حيث تمثل تونس مدخلًا مثاليًا بفضل اتفاقيات الشراكة التي تجمعها بالاتحاد الأوروبي، وموقعها الجغرافي، وتوفّر يد عاملة ذات كفاءة عالية.

وختمت بالقول إن الجمعية تعمل حاليًا بالتعاون مع وزارة الصناعة على تهيئة بيئة ملائمة لاحتضان هذه الاستثمارات، من خلال تبسيط الإجراءات الإدارية، وتحسين البنية التحتية، وتقديم حوافز مالية ولوجستية.

دعم التحول نحو صناعة مستدامة وصديقة للبيئة

كما أضافت أنه في إطار دعم التحول نحو صناعة مستدامة وصديقة للبيئة، عقدت الجمعية التونسية لمصنّعي مكونات السيارات شراكة مع مركز تونس الدولي لتكنولوجيا البيئة، تهدف إلى مرافقة المؤسسات الصناعية في اعتماد ممارسات إنتاج نظيفة، وتعزيز الاقتصاد الدائري داخل القطاع.

وتشمل هذه الشراكة مجموعة من البرامج المشتركة في مجالات التحكم في النفايات الصناعية، وترشيد استهلاك الطاقة والمياه، والتكوين في التكنولوجيات البيئية الحديثة، إلى جانب مرافقة فنية للمصانع الراغبة في الحصول على شهادات بيئية دولية، بما يعزز من تنافسية المنتجات التونسية في الأسواق الأوروبية والآسيوية. وتُعدّ هذه المبادرة خطوة مهمة في مسار تطوير قطاع مكونات السيارات في تونس، ليتماشى مع المعايير البيئية العالمية، ويساهم في جهود الانتقال الطاقي الوطني. ومع تنوّع الجنسيات وتوسّع قاعدة المستثمرين، يبدو أن تونس تدخل مرحلة جديدة من التكامل الصناعي، في وقت تتجه فيه صناعة السيارات عالميًا نحو التحول الأخضر والتكنولوجي. ويُنتظر أن تؤثر هذه الديناميكية إيجابيًا على التشغيل، والتصدير، ونقل التكنولوجيا في البلاد.

مرحلة جديدة من التوسع والنمو

كما أكدت لمياء الفوراتي، نائبة رئيس الجمعية التونسية لمصنّعي مكونات السيارات، أن القطاع يشهد ديناميكية متزايدة، ويستعد لدخول مرحلة جديدة من التوسع والنمو، في ظل التحولات العالمية الكبرى التي تعرفها صناعة السيارات، خاصة مع الانتقال نحو التنقل الكهربائي والرقمنة.

وقالت الفوراتي في تصريح لـ«الصباح» إن القطاع أصبح من أبرز القطاعات التصديرية في تونس، حيث يضم اليوم أكثر من 280 مؤسسة ناشطة، توفّر ما يزيد عن 100 ألف موطن شغل.

كما أشارت إلى أن نسبة كبيرة من الإنتاج موجهة نحو التصدير، خصوصًا إلى السوق الأوروبية، مما يجعل تونس فاعلًا مهمًا في سلاسل القيمة العالمية.

وأضافت أن الجمعية التونسية لمصنّعي مكونات السيارات تعمل حاليًا على إطلاق مبادرات استراتيجية بالشراكة مع القطاعين العام والخاص، تهدف إلى دعم انتقال الشركات التونسية نحو الصناعة الذكية وتبنّي التكنولوجيات الخضراء، خاصة في مجال صناعة مكونات السيارات الكهربائية، معتبرة أن هذه التوجهات تمثّل مستقبل القطاع على المدى المتوسط والبعيد.

وقد شرعت تونس في تنفيذ استراتيجية وطنية طموحة لتطوير قطاع السيارات، تهدف إلى جعل البلاد مركزًا إقليميًا لصناعة مكونات السيارات والتكنولوجيات المرتبطة بها.

وفي قلب هذه الاستراتيجية، يبرز مشروع المدينة الذكية لمكونات السيارات كمبادرة رائدة، من شأنها أن تعيد رسم خارطة الصناعة في تونس، وتضعها في موقع تنافسي جديد داخل سلاسل التوريد العالمية.

ويهدف مشروع المدينة الذكية إلى إنشاء منطقة صناعية متكاملة، مجهّزة ببنية تحتية ذكية ومستدامة، مخصّصة بالكامل لصناعة مكونات السيارات التقليدية والكهربائية. ومن المنتظر أن تحتضن المدينة عشرات الشركات المحلية والعالمية، إلى جانب مراكز بحث وتطوير، ومؤسسات تكوين مهني عالية التخصص.

وفي سياق متصل، كشفت الفوراتي أن الجمعية تتابع عن كثب مشروع «المدينة الذكية لمكونات السيارات» المزمع إحداثها، واعتبرته مشروعًا استراتيجيًا يمكن أن يتحوّل إلى منصة إقليمية لتجميع وتطوير مكونات السيارات في المنطقة المغاربية.

كما كشفت لمياء الفوراتي أن القطاع يشهد توسعًا ملحوظًا خلال الفترة الأخيرة، مدفوعًا بعودة ثقة المستثمرين ووضوح الرؤية الصناعية الوطنية.

وأوضحت أن عددا من الشركات العالمية المختصة في مكونات السيارات قد عبّرت عن رغبتها في الاستثمار في تونس، خاصة في المناطق الصناعية الجديدة التي تم تجهيزها ضمن برنامج دعم الصناعات الميكانيكية والإلكترونية.

وختمت الفوراتي بالتأكيد على أن تونس تملك الإمكانات والمهارات اللازمة لتكون مركزا إقليميا تنافسيا في مجال صناعة مكونات السيارات، لكن ذلك يتطلب رؤية واضحة، ودعمًا سياسيًا واقتصاديًا متواصلاً، بالإضافة إلى شراكة فاعلة بين القطاعين العام والخاص.

جهاد الكلبوسي

تنفيذ استراتيجية وطنية لتطوير القطاع..   توجه لجعل تونس مركزًا إقليميًا لصناعة مكونات السيارات

-استثمارات القطاع ارتفعت بنسبة 18 % لتبلغ قيمتها 500 مليون دينار خلال سنة 2025

-رئيسة الجمعية التونسية لمصنعي مكونات السيارات لـ«الصباح»: القطاع يعيش حاليًا مرحلة تحوّل نوعي، وتونس تمتلك إمكانات تنافسية حقيقية بفضل موقعها الاستراتيجي وكفاءاتها البشرية

-نائب رئيس الجمعية التونسية لمصنعي مكونات السيارات: القطاع يشهد توسّعًا في الفترة الأخيرة، مدفوعًا بعودة ثقة المستثمرين ووضوح الرؤية الصناعية الوطنية.

يُعدّ قطاع مكونات السيارات في تونس من أبرز القطاعات الصناعية الواعدة والداعمة للاقتصاد الوطني، حيث شهد نموًا ملحوظًا خلال السنوات الأخيرة. ويضم هذا القطاع أكثر من 280 مؤسسة صناعية، تُشغّل ما يزيد عن 100 ألف عامل، ويتميّز بتركيزه الكبير على التصدير، إذ بلغت قيمة صادراته أكثر من 3 ملايين يورو.

تُساهم هذه الصناعة بشكل مباشر في توفير العملة الصعبة وتحسين الميزان التجاري، كما تُعزّز مكانة تونس كمزوّد استراتيجي للسوق الأوروبية في مجال الصناعات الميكانيكية والإلكترونية. وبفضل موقعها الجغرافي القريب من أوروبا، وكفاءة يدها العاملة، تسعى تونس إلى رفع نسبة التكامل المحلي، وتطوير الصناعات المرتبطة بالسيارات الكهربائية والذكية، بما يُمكّن من تحفيز الابتكار وجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية، في أفق التحوّل إلى قطب إقليمي متقدّم في هذا المجال. وقد ارتفعت الاستثمارات في هذا القطاع بنسبة 18 % لتبلغ قيمتها 500 مليون دينار خلال سنة 2025. ويشهد قطاع مكونات السيارات تناميًا في الاستثمارات، سواء المحلية أو الأجنبية، مدعومًا باتفاقيات استراتيجية وسياسات تشجيعية من الدولة. كما أعلنت الهيئة التونسية للاستثمار عن مشروع استثماري واعد في منطقة بنزرت بقيمة 300 مليون دينار، سيساهم في إنتاج مكونات سيارات متقدمة وخلق أكثر من 3000 وظيفة بحلول عام 2028.

إلى جانب ذلك، تتضمن الاستراتيجية الحكومية الطموحة لقطاع المكونات رفع الاستثمارات في الصناعة ليُشكّل هذا القطاع نحو 22 % من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2027، مع استقطاب استثمارات كبرى في مجال السيارات الكهربائية والمكونات ذات التكنولوجيا العالية.

من الناحية الاقتصادية، يُسهم هذا القطاع بنسبة مهمة في الناتج المحلي الإجمالي لتونس، كما يتميّز بمعدل نمو سنوي يُقدَّر بنحو 15 % في حجم الصادرات، وفقًا لأحدث الأرقام المسجّلة في عام 2025. وبفضل هذه المؤشرات، أصبح قطاع مكونات السيارات من أبرز القطاعات التصديرية في إفريقيا، إذ تحتل تونس المرتبة الثانية إفريقيًا من حيث قيمة صادرات هذا القطاع.

صناعة مكونات السيارات.. رهان استراتيجي

تعمل الجمعية التونسية لمصنّعي مكونات السيارات، وهي جمعية مهنية غير ربحية، منذ تأسيسها سنة 2016 بمبادرة من فاعلي القطاع، على تعزيز التبادل والتعاون بين المؤسسات الصناعية، ودعم السلطات التونسية في تطوير وتعزيز هذا القطاع. وفي خضم التحوّل العالمي نحو الاقتصاد الأخضر، لم تعد صناعة مكونات السيارات مجرّد نشاط صناعي موجه للتصدير، بل أصبحت رهانًا استراتيجيًا يتقاطع فيه الجانب التكنولوجي مع البيئي والطاقي. وقد قطعت تونس أشواطًا مهمة في هذا القطاع، لكنها تجد نفسها اليوم أمام تحديات كبرى، تتعلّق أساسًا بتقليص البصمة الكربونية وتحقيق الانتقال الطاقي، بهدف الحفاظ على تنافسيتها وتعزيز تموقعها كشريك صناعي موثوق في السوق الأوروبية والدولية.

توجّه نحو الصناعة الذكية

وعلى هامش الجلسة العامة التاسعة للجمعية التونسية لمصنّعي مكونات السيارات، حول مستقبل الصناعة التونسية، التي عقدت مؤخرًا، أكدت مريم اللومي، رئيسة الجمعية، في تصريح لـ«الصباح»، أن القطاع يعيش حاليًا مرحلة تحوّل نوعي، مدفوعًا بالطلب المتزايد على مكونات السيارات الكهربائية والتوجّه نحو الصناعة الذكية، مشددة على أن تونس تمتلك إمكانات تنافسية حقيقية بفضل موقعها الاستراتيجي وكفاءاتها البشرية.

وأضافت اللومي أن الجمعية تعمل بالتنسيق مع الحكومة وعدد من الشركاء الدوليين على تحديث البنية التحتية الصناعية، وتحفيز الاستثمار في التقنيات النظيفة، وتطوير منظومة التكوين المهني بما يتماشى مع متطلبات التحوّل التكنولوجي في القطاع.

وأوضحت أن قطاع مكونات السيارات في تونس يشهد حاليًا مرحلة جديدة من الانفتاح والتوسّع، من خلال دخول مستثمرين من جنسيات جديدة لم يسبق لهم النشاط في السوق التونسية، وهو ما يعكس تجدّد ثقة الشركاء الدوليين في مناخ الأعمال بالبلاد. وأكدت اللومي أن القطاع لم يعد حكرًا على الاستثمارات الأوروبية، إذ تم مؤخرًا تسجيل دخول شركات من كوريا الجنوبية والصين، وهو مؤشر قوي على جاذبية تونس في هذا المجال، خاصة في ظل سعي المصنعين العالميين إلى تنويع مواقع الإنتاج وتقريبها من أسواق التصدير.

وأشارت إلى وجود اهتمام متزايد من قبل هذه الجنسيات بأسواق شمال إفريقيا، حيث تمثل تونس مدخلًا مثاليًا بفضل اتفاقيات الشراكة التي تجمعها بالاتحاد الأوروبي، وموقعها الجغرافي، وتوفّر يد عاملة ذات كفاءة عالية.

وختمت بالقول إن الجمعية تعمل حاليًا بالتعاون مع وزارة الصناعة على تهيئة بيئة ملائمة لاحتضان هذه الاستثمارات، من خلال تبسيط الإجراءات الإدارية، وتحسين البنية التحتية، وتقديم حوافز مالية ولوجستية.

دعم التحول نحو صناعة مستدامة وصديقة للبيئة

كما أضافت أنه في إطار دعم التحول نحو صناعة مستدامة وصديقة للبيئة، عقدت الجمعية التونسية لمصنّعي مكونات السيارات شراكة مع مركز تونس الدولي لتكنولوجيا البيئة، تهدف إلى مرافقة المؤسسات الصناعية في اعتماد ممارسات إنتاج نظيفة، وتعزيز الاقتصاد الدائري داخل القطاع.

وتشمل هذه الشراكة مجموعة من البرامج المشتركة في مجالات التحكم في النفايات الصناعية، وترشيد استهلاك الطاقة والمياه، والتكوين في التكنولوجيات البيئية الحديثة، إلى جانب مرافقة فنية للمصانع الراغبة في الحصول على شهادات بيئية دولية، بما يعزز من تنافسية المنتجات التونسية في الأسواق الأوروبية والآسيوية. وتُعدّ هذه المبادرة خطوة مهمة في مسار تطوير قطاع مكونات السيارات في تونس، ليتماشى مع المعايير البيئية العالمية، ويساهم في جهود الانتقال الطاقي الوطني. ومع تنوّع الجنسيات وتوسّع قاعدة المستثمرين، يبدو أن تونس تدخل مرحلة جديدة من التكامل الصناعي، في وقت تتجه فيه صناعة السيارات عالميًا نحو التحول الأخضر والتكنولوجي. ويُنتظر أن تؤثر هذه الديناميكية إيجابيًا على التشغيل، والتصدير، ونقل التكنولوجيا في البلاد.

مرحلة جديدة من التوسع والنمو

كما أكدت لمياء الفوراتي، نائبة رئيس الجمعية التونسية لمصنّعي مكونات السيارات، أن القطاع يشهد ديناميكية متزايدة، ويستعد لدخول مرحلة جديدة من التوسع والنمو، في ظل التحولات العالمية الكبرى التي تعرفها صناعة السيارات، خاصة مع الانتقال نحو التنقل الكهربائي والرقمنة.

وقالت الفوراتي في تصريح لـ«الصباح» إن القطاع أصبح من أبرز القطاعات التصديرية في تونس، حيث يضم اليوم أكثر من 280 مؤسسة ناشطة، توفّر ما يزيد عن 100 ألف موطن شغل.

كما أشارت إلى أن نسبة كبيرة من الإنتاج موجهة نحو التصدير، خصوصًا إلى السوق الأوروبية، مما يجعل تونس فاعلًا مهمًا في سلاسل القيمة العالمية.

وأضافت أن الجمعية التونسية لمصنّعي مكونات السيارات تعمل حاليًا على إطلاق مبادرات استراتيجية بالشراكة مع القطاعين العام والخاص، تهدف إلى دعم انتقال الشركات التونسية نحو الصناعة الذكية وتبنّي التكنولوجيات الخضراء، خاصة في مجال صناعة مكونات السيارات الكهربائية، معتبرة أن هذه التوجهات تمثّل مستقبل القطاع على المدى المتوسط والبعيد.

وقد شرعت تونس في تنفيذ استراتيجية وطنية طموحة لتطوير قطاع السيارات، تهدف إلى جعل البلاد مركزًا إقليميًا لصناعة مكونات السيارات والتكنولوجيات المرتبطة بها.

وفي قلب هذه الاستراتيجية، يبرز مشروع المدينة الذكية لمكونات السيارات كمبادرة رائدة، من شأنها أن تعيد رسم خارطة الصناعة في تونس، وتضعها في موقع تنافسي جديد داخل سلاسل التوريد العالمية.

ويهدف مشروع المدينة الذكية إلى إنشاء منطقة صناعية متكاملة، مجهّزة ببنية تحتية ذكية ومستدامة، مخصّصة بالكامل لصناعة مكونات السيارات التقليدية والكهربائية. ومن المنتظر أن تحتضن المدينة عشرات الشركات المحلية والعالمية، إلى جانب مراكز بحث وتطوير، ومؤسسات تكوين مهني عالية التخصص.

وفي سياق متصل، كشفت الفوراتي أن الجمعية تتابع عن كثب مشروع «المدينة الذكية لمكونات السيارات» المزمع إحداثها، واعتبرته مشروعًا استراتيجيًا يمكن أن يتحوّل إلى منصة إقليمية لتجميع وتطوير مكونات السيارات في المنطقة المغاربية.

كما كشفت لمياء الفوراتي أن القطاع يشهد توسعًا ملحوظًا خلال الفترة الأخيرة، مدفوعًا بعودة ثقة المستثمرين ووضوح الرؤية الصناعية الوطنية.

وأوضحت أن عددا من الشركات العالمية المختصة في مكونات السيارات قد عبّرت عن رغبتها في الاستثمار في تونس، خاصة في المناطق الصناعية الجديدة التي تم تجهيزها ضمن برنامج دعم الصناعات الميكانيكية والإلكترونية.

وختمت الفوراتي بالتأكيد على أن تونس تملك الإمكانات والمهارات اللازمة لتكون مركزا إقليميا تنافسيا في مجال صناعة مكونات السيارات، لكن ذلك يتطلب رؤية واضحة، ودعمًا سياسيًا واقتصاديًا متواصلاً، بالإضافة إلى شراكة فاعلة بين القطاعين العام والخاص.

جهاد الكلبوسي