إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

حالة طعن بعد حوالي أسبوع فقط من العودة المدرسية.. إنذار مبكر حول شبح العنف الذي يهدد المنظومة التربوية

سجلت السنة الدراسية الحالية - مبكرا - حادث عنف في المؤسسات التربوية فلم يمض حوالي أسبوع فقط على العودة المدرسية لتسجل حالة طعن، بعد أن تعرض تلميذ بمعهد الامتياز بسيدي حسين للطعن بآلة حادة على مستوى اليد من قبل زميله مما أدى إلى قطع شرايينه ونقله إلى المستشفى أين خضع لعملية جراحية ووضعه في قسم الإنعاش الطبي.

وتمكن أعوان فرقة الشرطة العدلية بسيدي حسين من إلقاء القبض على المظنون فيه حيث تبيّن أنه عمد إلى طعن زميله بسبب خلافات بينهما.

وسجلت أيضا السنة الفارطة في القيروان محاولة طعن لكن الضحية أستاذ هذه المرة  بعد أن «استل تلميذ آلة حادة داخل القسم وتوجه للأستاذ الذي كان بصدد كتابة الدرس على السبورة وقبل أن يصيبه بأذى ساهم صياح إحدى التلميذات في إنقاذه من الاعتداء».

تختلف وتتنوع حالات العنف التي أصبحت تسجل في المدارس والمعاهد وتسجل بين التلاميذ أو بين التلاميذ والأستاذ أو كذلك بين الأولياء والإطار التربوي ويحدث العنف داخل الفصل وفي الساحة أو أمام المدرسة. مما أفقد المؤسسة التربوية هيبتها وأدوارها الرئيسية في التربية والتنشئة السليمة والتأطير إلى جانب التعليم.

تهديد المنظومة التربوية

وصرح سابقا مدير عام المرصد الوطني للتربية، رمزي بزة، أن «نسبة حالات العنف بالوسط المدرسي ارتفعت بنسبة 19 %‎، بين سنتي 2023 و2024، وهذه الظاهرة تهدّد المنظومة التربوية والمجتمع ككل».

مضيفا أنه «يتم يوميا رصد حالات العنف عبر تطبيقة رقمية «مرصد عنف» والتي يتم من خلالها لا فقط رصد حالات العنف بل كل السلوكيات المحفوفة بالمخاطر ومتابعة الإجراءات التي يتم اتخاذها في كل وضعية عنف».

وتفيد معطيات وزارة التربية أنه تمّ تسجيل حوالي 627 حالة عنف بالمؤسسات التربوية فقط خلال الثلاثية الأولى للسنة الدراسية الفارطة وتتوزع بين تنمر وعنف لفظي وعنف مادي وغيرها.

كما تشير إحصائيات وزارة التربية لسنة 2022، إلى أن الوسط المدرسي يسجِّل سنوياً بين 13 ألفا و21 ألف حالة عنف، خاصة في المدارس الإعدادية والمعاهد. وتشير إحصاءات أخرى إلى أنه وقع تسجيل 24 ألف حالة عنف في المؤسسات التربوية، مما وضع تونس في المرتبة الثالثة عالمياً من حيث انتشار هذه الظاهرة.

معالجة الظاهرة

يدق المتابعون للشأن التربوي منذ فترة ناقوس الخطر تحذيرا من شبح العنف الذي يجتاح الفضاء التربوي. وتناولت عديد التقارير والأيام الدراسية الظاهرة حيث يؤكد المختصون في علم النفس والاجتماع تداخل العوامل والأسباب وارتباطها بأساليب التنشئة الأسرية ومنها ممارسة العنف اللفظي والمادي داخل الأسرة وانتشار السلوكيات العنيفة في الشارع وعلى منصات مواقع التواصل الاجتماعي و الأفلام والمسلسلات..

ويعتبر المختصون أن معالجة الظاهرة يتطلب مجهودا مضاعفا من الأولياء بمراقبة سلوكيات أطفالهم وتنشئتهم على نبذ العنف ومن الأسرة التربوية عبر  إيجاد قواعد وإجراءات صارمة للتصدي لمثل هذه الممارسات وتوفير الإحاطة النفسية للتلاميذ والإصغاء إليهم.

هذا فضلا عن انخراط جميع المتدخلين في مجهود التوعية والتحسيس بمخاطر العنف وضرورة العدول عن السلوكيات العنيفة.

وتجدر الإشارة إلى أن وزارة التربية قامت منذ فترة بضبط إستراتيجية وطنية للتصدي لظاهرة العنف والسلوكيات المحفوفة بالمخاطر تحت إشراف رئاسة الجمهورية وبالشراكة مع فاعلين اجتماعيين من وزارات ومن منظمات المجتمع المدني.

وتم من خلال هذه الإستراتيجية ضبط «آليات وقائية على غرار الأنشطة الثقافية والرياضية والاجتماعية بالمؤسسات التربوية بالإضافة إلى التنسيق مع وزارة الصحة على مستوى الأخصائيين النفسانيين في المدارس وإدارة الطب المدرسي والجامعي من أجل مرافقة التلاميذ والعمل على وقايتهم وتحسين صحتهم العقلية والذهنية».

كما نظمت وزارة الداخلية، في مفتتح السنة الدراسية الفارطة، يوما دراسيا لفائدة القيادات الأمنية موضوعه «مكافحة العنف بالفضاءات المدرسية: مسؤولية مشتركة»، وذلك بالتعاون مع وزارة التربية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي.

وتمت الإشارة حينها أن اليوم الدراسي يندرج في إطار تكليف الإدارة العامة للأمن الوطني بمتابعة ظاهرة العنف في المؤسسات التربوية، وفق ما صرحت به  فاتن الماطوسي الرئيسة الإدارية الفرعية للوقاية الاجتماعية بإدارة الشرطة العدلية ورئيسة فريق العمل المكلف بإعداد ورشة مكافحة العنف في الفضاءات التربوية وفي محيطها.

وبينت أن الهدف من هذه الأنشطة والورشات هو «مأسسة العمل الشبكي القائم منذ سنوات للتوقي من ظاهرة العنف المدرسي والتصدي له والحد من ارتفاعه الملحوظ، بالتعاون والتنسيق مع وزارات التربية والمرأة والأسرة والطفولة والصحة، فضلا عن توجيه رسالة مفادها أن هذا العمل ليس حكرا على وزارة الداخلية ولا على أية وزارة أخرى بصفة مستقلة، بل يجب أن يكون ضمن مقاربة تشاركية من أجل فضاء مدرسي خال من العنف وفي إطار مسؤولية مشتركة يتحمل كل طرف جانبا منها في علاقة بالمهام الموكولة له».

◗ م.ي

حالة طعن بعد حوالي أسبوع فقط من العودة المدرسية..   إنذار مبكر حول شبح العنف   الذي يهدد المنظومة التربوية

سجلت السنة الدراسية الحالية - مبكرا - حادث عنف في المؤسسات التربوية فلم يمض حوالي أسبوع فقط على العودة المدرسية لتسجل حالة طعن، بعد أن تعرض تلميذ بمعهد الامتياز بسيدي حسين للطعن بآلة حادة على مستوى اليد من قبل زميله مما أدى إلى قطع شرايينه ونقله إلى المستشفى أين خضع لعملية جراحية ووضعه في قسم الإنعاش الطبي.

وتمكن أعوان فرقة الشرطة العدلية بسيدي حسين من إلقاء القبض على المظنون فيه حيث تبيّن أنه عمد إلى طعن زميله بسبب خلافات بينهما.

وسجلت أيضا السنة الفارطة في القيروان محاولة طعن لكن الضحية أستاذ هذه المرة  بعد أن «استل تلميذ آلة حادة داخل القسم وتوجه للأستاذ الذي كان بصدد كتابة الدرس على السبورة وقبل أن يصيبه بأذى ساهم صياح إحدى التلميذات في إنقاذه من الاعتداء».

تختلف وتتنوع حالات العنف التي أصبحت تسجل في المدارس والمعاهد وتسجل بين التلاميذ أو بين التلاميذ والأستاذ أو كذلك بين الأولياء والإطار التربوي ويحدث العنف داخل الفصل وفي الساحة أو أمام المدرسة. مما أفقد المؤسسة التربوية هيبتها وأدوارها الرئيسية في التربية والتنشئة السليمة والتأطير إلى جانب التعليم.

تهديد المنظومة التربوية

وصرح سابقا مدير عام المرصد الوطني للتربية، رمزي بزة، أن «نسبة حالات العنف بالوسط المدرسي ارتفعت بنسبة 19 %‎، بين سنتي 2023 و2024، وهذه الظاهرة تهدّد المنظومة التربوية والمجتمع ككل».

مضيفا أنه «يتم يوميا رصد حالات العنف عبر تطبيقة رقمية «مرصد عنف» والتي يتم من خلالها لا فقط رصد حالات العنف بل كل السلوكيات المحفوفة بالمخاطر ومتابعة الإجراءات التي يتم اتخاذها في كل وضعية عنف».

وتفيد معطيات وزارة التربية أنه تمّ تسجيل حوالي 627 حالة عنف بالمؤسسات التربوية فقط خلال الثلاثية الأولى للسنة الدراسية الفارطة وتتوزع بين تنمر وعنف لفظي وعنف مادي وغيرها.

كما تشير إحصائيات وزارة التربية لسنة 2022، إلى أن الوسط المدرسي يسجِّل سنوياً بين 13 ألفا و21 ألف حالة عنف، خاصة في المدارس الإعدادية والمعاهد. وتشير إحصاءات أخرى إلى أنه وقع تسجيل 24 ألف حالة عنف في المؤسسات التربوية، مما وضع تونس في المرتبة الثالثة عالمياً من حيث انتشار هذه الظاهرة.

معالجة الظاهرة

يدق المتابعون للشأن التربوي منذ فترة ناقوس الخطر تحذيرا من شبح العنف الذي يجتاح الفضاء التربوي. وتناولت عديد التقارير والأيام الدراسية الظاهرة حيث يؤكد المختصون في علم النفس والاجتماع تداخل العوامل والأسباب وارتباطها بأساليب التنشئة الأسرية ومنها ممارسة العنف اللفظي والمادي داخل الأسرة وانتشار السلوكيات العنيفة في الشارع وعلى منصات مواقع التواصل الاجتماعي و الأفلام والمسلسلات..

ويعتبر المختصون أن معالجة الظاهرة يتطلب مجهودا مضاعفا من الأولياء بمراقبة سلوكيات أطفالهم وتنشئتهم على نبذ العنف ومن الأسرة التربوية عبر  إيجاد قواعد وإجراءات صارمة للتصدي لمثل هذه الممارسات وتوفير الإحاطة النفسية للتلاميذ والإصغاء إليهم.

هذا فضلا عن انخراط جميع المتدخلين في مجهود التوعية والتحسيس بمخاطر العنف وضرورة العدول عن السلوكيات العنيفة.

وتجدر الإشارة إلى أن وزارة التربية قامت منذ فترة بضبط إستراتيجية وطنية للتصدي لظاهرة العنف والسلوكيات المحفوفة بالمخاطر تحت إشراف رئاسة الجمهورية وبالشراكة مع فاعلين اجتماعيين من وزارات ومن منظمات المجتمع المدني.

وتم من خلال هذه الإستراتيجية ضبط «آليات وقائية على غرار الأنشطة الثقافية والرياضية والاجتماعية بالمؤسسات التربوية بالإضافة إلى التنسيق مع وزارة الصحة على مستوى الأخصائيين النفسانيين في المدارس وإدارة الطب المدرسي والجامعي من أجل مرافقة التلاميذ والعمل على وقايتهم وتحسين صحتهم العقلية والذهنية».

كما نظمت وزارة الداخلية، في مفتتح السنة الدراسية الفارطة، يوما دراسيا لفائدة القيادات الأمنية موضوعه «مكافحة العنف بالفضاءات المدرسية: مسؤولية مشتركة»، وذلك بالتعاون مع وزارة التربية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي.

وتمت الإشارة حينها أن اليوم الدراسي يندرج في إطار تكليف الإدارة العامة للأمن الوطني بمتابعة ظاهرة العنف في المؤسسات التربوية، وفق ما صرحت به  فاتن الماطوسي الرئيسة الإدارية الفرعية للوقاية الاجتماعية بإدارة الشرطة العدلية ورئيسة فريق العمل المكلف بإعداد ورشة مكافحة العنف في الفضاءات التربوية وفي محيطها.

وبينت أن الهدف من هذه الأنشطة والورشات هو «مأسسة العمل الشبكي القائم منذ سنوات للتوقي من ظاهرة العنف المدرسي والتصدي له والحد من ارتفاعه الملحوظ، بالتعاون والتنسيق مع وزارات التربية والمرأة والأسرة والطفولة والصحة، فضلا عن توجيه رسالة مفادها أن هذا العمل ليس حكرا على وزارة الداخلية ولا على أية وزارة أخرى بصفة مستقلة، بل يجب أن يكون ضمن مقاربة تشاركية من أجل فضاء مدرسي خال من العنف وفي إطار مسؤولية مشتركة يتحمل كل طرف جانبا منها في علاقة بالمهام الموكولة له».

◗ م.ي