إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

خاص: بسبب إغلاق حوالي 900 صفحة وموقع.. نزاع قانوني غير مسبوق سيحسمه القضاء التونسي بين شركة «فايس بوك» العالمية وشركة تونسية

تنظر قريبا إحدى الدوائر القضائية بالمحكمة الابتدائية بتونس في ملف من الوزن الثقيل يتمثل في معركة قضائية هي الأولى من نوعها بين شركة تونسية وشركة «فايس بوك».

ووفق ما تحصلت عليه «الصباح» من معطيات فإن أصل النزاع يعود الى سنة 2020 عندما نشر «المركز الأطلسي» (وهو أحد أكثر مراكز الأبحاث الأمريكية نفوذا)  تقريرا يتكون من 40 صفحة يستهدف بشكل خاص شركة تونسية خاصة اتهمها بتنفيذ «عمليات تأثير» في إفريقيا عبر فيسبوك..

وأعد هذا التقرير «مختبر الأبحاث الجنائية الرقمية» التابع للمجلس الأطلسي (DFRLab) بمشاركة 15 شخصا وروج لاتهامات بـ «التلاعب بالرأي العام».. واتخذت الشركة مالكة فايس بوك نتائج هذا التقرير ذريعة لإغلاق ما يناهز 900 صفحة وحساب على موقع «فايس بوك» وتم الإغلاق دون إنذار مسبق ما تسبب في أضرار كبيرة لتلك الحسابات والصفحات قدرت بملايين الدولارات.

وللإشارة فإن ما حدث يعتبر سابقة لهذا المركز إذ لم يسبق أن تم تخصيص تقرير بهذا الحجم لأية دولة تقع خارج نطاق دوائر النفوذ الغربية.

الرد القانوني متعدد الجبهات.. 

بعد خمس سنوات شنّت الشركة التونسية هجوما قانونيا غير مسبوق حيث قامت برفع دعاوى في تونس وفرنسا والولايات المتحدة.

هذا الهجوم القانوني الذي شنته الشركة التونسية تم بتنسيق كامل من قبل مكتب بريطاني شهير، الذي حضر جلسات استماع في تونس وأشرف على الإستراتيجية الشاملة والإجراءات القانونية في ثلاث دول..ففي تونس تم رفع دعوى أمام المحكمة الابتدائية بتونس حيث حضر محامو فيسبوك معترفين باختصاص القضاء التونسي..وفي إطار هذه الدعوى تم إعداد تقريرين من قبل خبيرين مستقلين من الخبرات المعتمدة من المحكمة .. تقرير فني  يكشف الأخطاء الواقعية والمنهجية والإجرائية في قرار الإغلاق وتقرير مالي يقيم الضرر الاقتصادي الذي سببته شركة فيسبوك.

  وكلا التقريرين أكدا الطابع العشوائي والعقابي والمدمر اقتصاديا لإجراءات فيسبوك ضد أنشطة الشركة التونسية المذكورة.

وفي فرنسا  تم رفع شكوى إلى الهيئة الوطنية الفرنسية لحماية البيانات (CNIL)، بإشراف المحامي جانبابتيست سوفورون، أول مدير قانوني لويكيبيديا وخبير معترف به في القانون الرقمي الفرنسي.

وأما في الولايات المتحدة فقد جرى إطلاق إجراء «ديسكفري» أمام المحكمة الجزائية الأمريكية للمنطقة الغربية لشمال كارولينا، لإجبار شركة الفايسبوك على كشف الوثائق الداخلية المتعلقة بقرارات الإغلاق ويتولى هذا الملف المحامي الأمريكي دانيال ديل نير وتدخل هذه الدعوى مرحلتها الحاسمة في خريف 2025.

خلل..وتحديات

هذه المعركة القانونية والتي من المنتظر أن ينظر فيها القضاء التونسي خلال الأيام القليلة القادمة قد تشكل نقطة تحول في تنظيم الفضاء الرقمي لتذكّر الجميع بأن المنصات ليست فوق القانون.

كما أن هذه القضية تكشف الخلل الكبير في موازين القوى بين عمالقة التكنولوجيا والدول خاصة في الجنوب العالمي، وتطرح أسئلة حرجة حول شفافية المنصات وحقوق المستخدمين وتبرز صراعا غير مسبوق بين لاعب رقمي عالمي ودولة من الجنوب و للمرة الأولى يجبر فيسبوك على الحضور شخصيا أمام محكمة تونسية.

وبقبولها المحاكمة في تونس، تعترف شركة الفايسبوك ضمنيا بأنه لا يمكن لأية شركة تقنية مهما بلغت هيمنتها أن تتجاهل القانون المحلي.

وكشف هذا الملف الذي يعد سابقة في تاريخ القضاء التونسي أيضا عن نظام معايير مزدوج بين مستخدمي فايسبوك حيث يتم إخضاع مستخدمي دول الجنوب لآليات غير شفافة بلا أي سبيل للطعن، بينما يتمتع آخرون بضمانات مؤسساتية.

كما تطرح القضية أسئلة جوهرية حول طبيعة العقوبات الرقمية. وخصخصة آليات الرقابة وإمكانية اللجوء القضائي في الفضاء الرقمي العالمي.

كما أن القضية تظهر صراعا بين المنصات العالمية والقوانين المحلية  وبحضورها لدى المحكمة التونسية تعترف شركة فيسبوك ضمنيا بأن قراراتها يجب أن تخضع للقوانين الوطنية حتى خارج الدول الغربية.

مفيدة القيزاني

      خاص:             بسبب إغلاق حوالي 900 صفحة وموقع..   نزاع قانوني غير مسبوق سيحسمه القضاء التونسي بين شركة «فايس بوك» العالمية وشركة تونسية

تنظر قريبا إحدى الدوائر القضائية بالمحكمة الابتدائية بتونس في ملف من الوزن الثقيل يتمثل في معركة قضائية هي الأولى من نوعها بين شركة تونسية وشركة «فايس بوك».

ووفق ما تحصلت عليه «الصباح» من معطيات فإن أصل النزاع يعود الى سنة 2020 عندما نشر «المركز الأطلسي» (وهو أحد أكثر مراكز الأبحاث الأمريكية نفوذا)  تقريرا يتكون من 40 صفحة يستهدف بشكل خاص شركة تونسية خاصة اتهمها بتنفيذ «عمليات تأثير» في إفريقيا عبر فيسبوك..

وأعد هذا التقرير «مختبر الأبحاث الجنائية الرقمية» التابع للمجلس الأطلسي (DFRLab) بمشاركة 15 شخصا وروج لاتهامات بـ «التلاعب بالرأي العام».. واتخذت الشركة مالكة فايس بوك نتائج هذا التقرير ذريعة لإغلاق ما يناهز 900 صفحة وحساب على موقع «فايس بوك» وتم الإغلاق دون إنذار مسبق ما تسبب في أضرار كبيرة لتلك الحسابات والصفحات قدرت بملايين الدولارات.

وللإشارة فإن ما حدث يعتبر سابقة لهذا المركز إذ لم يسبق أن تم تخصيص تقرير بهذا الحجم لأية دولة تقع خارج نطاق دوائر النفوذ الغربية.

الرد القانوني متعدد الجبهات.. 

بعد خمس سنوات شنّت الشركة التونسية هجوما قانونيا غير مسبوق حيث قامت برفع دعاوى في تونس وفرنسا والولايات المتحدة.

هذا الهجوم القانوني الذي شنته الشركة التونسية تم بتنسيق كامل من قبل مكتب بريطاني شهير، الذي حضر جلسات استماع في تونس وأشرف على الإستراتيجية الشاملة والإجراءات القانونية في ثلاث دول..ففي تونس تم رفع دعوى أمام المحكمة الابتدائية بتونس حيث حضر محامو فيسبوك معترفين باختصاص القضاء التونسي..وفي إطار هذه الدعوى تم إعداد تقريرين من قبل خبيرين مستقلين من الخبرات المعتمدة من المحكمة .. تقرير فني  يكشف الأخطاء الواقعية والمنهجية والإجرائية في قرار الإغلاق وتقرير مالي يقيم الضرر الاقتصادي الذي سببته شركة فيسبوك.

  وكلا التقريرين أكدا الطابع العشوائي والعقابي والمدمر اقتصاديا لإجراءات فيسبوك ضد أنشطة الشركة التونسية المذكورة.

وفي فرنسا  تم رفع شكوى إلى الهيئة الوطنية الفرنسية لحماية البيانات (CNIL)، بإشراف المحامي جانبابتيست سوفورون، أول مدير قانوني لويكيبيديا وخبير معترف به في القانون الرقمي الفرنسي.

وأما في الولايات المتحدة فقد جرى إطلاق إجراء «ديسكفري» أمام المحكمة الجزائية الأمريكية للمنطقة الغربية لشمال كارولينا، لإجبار شركة الفايسبوك على كشف الوثائق الداخلية المتعلقة بقرارات الإغلاق ويتولى هذا الملف المحامي الأمريكي دانيال ديل نير وتدخل هذه الدعوى مرحلتها الحاسمة في خريف 2025.

خلل..وتحديات

هذه المعركة القانونية والتي من المنتظر أن ينظر فيها القضاء التونسي خلال الأيام القليلة القادمة قد تشكل نقطة تحول في تنظيم الفضاء الرقمي لتذكّر الجميع بأن المنصات ليست فوق القانون.

كما أن هذه القضية تكشف الخلل الكبير في موازين القوى بين عمالقة التكنولوجيا والدول خاصة في الجنوب العالمي، وتطرح أسئلة حرجة حول شفافية المنصات وحقوق المستخدمين وتبرز صراعا غير مسبوق بين لاعب رقمي عالمي ودولة من الجنوب و للمرة الأولى يجبر فيسبوك على الحضور شخصيا أمام محكمة تونسية.

وبقبولها المحاكمة في تونس، تعترف شركة الفايسبوك ضمنيا بأنه لا يمكن لأية شركة تقنية مهما بلغت هيمنتها أن تتجاهل القانون المحلي.

وكشف هذا الملف الذي يعد سابقة في تاريخ القضاء التونسي أيضا عن نظام معايير مزدوج بين مستخدمي فايسبوك حيث يتم إخضاع مستخدمي دول الجنوب لآليات غير شفافة بلا أي سبيل للطعن، بينما يتمتع آخرون بضمانات مؤسساتية.

كما تطرح القضية أسئلة جوهرية حول طبيعة العقوبات الرقمية. وخصخصة آليات الرقابة وإمكانية اللجوء القضائي في الفضاء الرقمي العالمي.

كما أن القضية تظهر صراعا بين المنصات العالمية والقوانين المحلية  وبحضورها لدى المحكمة التونسية تعترف شركة فيسبوك ضمنيا بأن قراراتها يجب أن تخضع للقوانين الوطنية حتى خارج الدول الغربية.

مفيدة القيزاني