إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

يهم الأطفال دون 4 سنوات.. «الصباح» تكشف تفاصيل مقترح القانون المتعلق بالحضانة العمومية

إضافة إلى المبادرة التشريعية المتعلقة بالنظام الأساسي العام لقطاع الصحة التي تم نقاشها أول أمس تحت قبة البرلمان بحضور ممثلين عن المنظمة التونسية للأطباء الشبان،  يوجد أمام أنظار لجنة الصحة وشؤون المرأة والأسرة والشؤون الاجتماعية وذوي الإعاقة بمجلس نواب الشعب مقترح قانون آخر من الحجم الثقيل نظرا لأنه يهم السواد الأعظم من الأسر التونسية ويضمن لجميع الأطفال الذين تقل أعمارهم عن أربع سنوات الحق في الحضانة العمومية، وذلك عبر إلزام الدولة بقوة القانون، بإحداث حضانات عمومية بصفة تدريجية بجميع المعتمديات، ومن المنتظر أن تقع دراسة هذا المقترح في غضون الدورة النيابية القادمة التي سيتم افتتاحها بصفة رسمية خلال الجلسة العامة المبرمج عقدها يوم 7 أكتوبر 2025.   

وجاء في وثيقة شرح الأسباب أن مقترح القانون المذكور يهدف إلى إقرار الحضانة في سن مبكر كحق أساسي من الحقوق الاجتماعية لجميع الأطفال دون أربع سنوات وإحداث حضانات عمومية بصفة تدريجية في كل معتمدية وفي الأحياء الشعبية والمناطق الريفية وإرساء منظومة دعم مالي تحتسب بمقتضاها قيمة الدعم وفق دخل الأسرة، كما يهدف إلى التقليص من الانقطاع المهني للنساء بسبب غياب الرعاية إلى جانب تحسين جودة الخدمات التربوية والصحية وضمان التغذية السليمة للأطفال في سن ما قبل التمدرس.

ويتضمن مقترح القانون المذكور الذي تم تقديمه قبل العطلة البرلمانية من قبل مجموعة من النواب 9 فصول تم توزيعها على أربعة أبواب وهي المبادئ العامة، والإحداث والتوزيع الجغرافي، والتمويل والتسعيرة، والشروط والجودة.

ففي ما يتعلق بالمبادئ العامة نص الفصل الأول على أن هذا القانون يرسي الحق في الحضانة العمومية المجانية أو المدعمة لكل طفل تونسي دون سن أربع سنوات، دون تمييز على أساس الجهة أو الدخل أو الوضعية الاجتماعية للأسرة. وتم في الفصل الثاني تعريف الحضانة العمومية بأنها كل مؤسسة تمول كليا أو جزئيا من الدولة أو الجماعات المحلية وتوفر رعاية تربوية وصحية وغذائية للأطفال دون أربع سنوات.

أما بالنسبة إلى الإحداث والتوزيع الجغرافي فقد نص الفصل الثالث من المبادرة التشريعية على أن تلتزم الدولة بوضع خطة خماسية لإحداث حضانة عمومية واحدة على الأقل في كل معتمدية، مع إعطاء الأولوية: للمناطق الريفية، والمعتمديات ذات مؤشر الفقر المرتفع، والمعتمديات ذات النسبة الأعلى من الأمهات العاملات، وحسب الفصل الرابع يمكن للبلدات والمجتمع المدني والقطاع الخاص المشاركة في تمويل أو تسيير الحضانات، في إطار اتفاقيات شراكة مع وزارة الأسرة.

وضبط الفصلان الرابع والخامس من مقترح القانون الأساسي المعروض على أنظار لجنة الصحة وشؤون المرأة والأسرة والشؤون الاجتماعية وذوي الإعاقة كيفية التمويل والتسعيرة، ونص الفصل الخامس على تمتيع أطفال الأسر ذات الدخل الشهري الذي يقل عن 800 د بمجانية تامة، أما أطفال الأسر التي يتراوح دخلها الشهري من 800 د إلى 1500 د فيتم تمتيعهم بدعم بنسبة 70 بالمائة، وتتقلص نسبة هذا الدعم إلى 40 بالمائة عندما يتعلق الأمر بأطفال الأسر التي يتراوح دخلها الشهري من 1500 د إلى 2000 د، وبالنسبة لأطفال الأسر التي يتجاوز دخلها الشهري 2000 دينار فيتم اعتماد تسعيرة تضامنية مع الحفاظ على الحق في الحضانة العمومية. وحسب الفصل الموالي تخصص الدولة سنويا جزءا من الميزانية العامة ومن موارد الصناديق الاجتماعية لتمويل الحضانات وذلك إلى جانب مساهمة البلديات والمستثمرين المنتصبين في الجهة والمنح الدولية.

وتحت عنوان الشروط والجودة، نص الفصل السابع الوارد  بالباب الرابع من  مقترح القانون الأساسي المتعلّق بالحق في الحضانة العمومية للأطفال دون 4 سنوات على أن تلتزم الحضانة العمومية باحترام : عدد أقصى من الأطفال لكل مربية، وبرنامج تربوي يراعي سن الطفل، وتوفير واجبات غذائية صحية، وتأمين مراقبة طبية دورية. في حين نص الفصل الثامن من نفس المبادرة التشريعية على أن الحاضنة العمومية تخضع لرقابة دورية من قبل الوزارة المكلفة بالأسرة والطفولة والوزارة المكلفة بالصحة والسلطات المحلية والجهوية.

وتم تخصيص الفصل الأخير من مقترح القانون المعروض على أنظار لجنة الصحة وشؤون المرأة والأسرة والشؤون الاجتماعية وذوي الإعاقة للأحكام الختامية وبموجبه يدخل هذا القانون حيز التنفيذ بداية من السنة المالية الموالية لنشره وتوضع خطة لتنفيذه بصفة تدريجية من قبل رئاسة الحكومة.

وتحمل المبادرة التشريعية المتعلّقة بالحق في الحضانة العمومية للأطفال دون 4 سنوات التي وردت في شكل مقترح قانون أساسي إمضاء النواب الآتي ذكرهم: سيرين المرابط ونجلاء اللحياني وريم الصغير وأسماء الدرويش وهالة جاب الله وسيرين بوصندل ونزار الصديق وسوسن المبروك ولطفي الهمامي وعمر بن عمر وزينة جيب الله ومهى عامر ومحمد علي فنيرة وعبد الجليل الهاني.

 الطفولة المبكرة

وأشار أصحاب هذه المبادرة التشريعية في وثيقة شرح الأسباب المعروضة على أنظار لجنة الصحة وشؤون المرأة والأسرة والشؤون الاجتماعية وذوي الإعاقة إلى أن الطفولة المبكرة التي تبدأ منذ الولادة وتتواصل إلى سن الرابعة هي مرحلة محورية في التكوين الجسدي والعقلي والنفسي والاجتماعي للطفل، إذ أثبتت الدراسات التربوية والطبية أو السنوات الأولى في عمر الطفل تحدد بشكل كبير مدى نجاحه لاحقا في التعليم وعلى مستوى التفاعل الاجتماعي فهذه الفترة تعتبر حسب رأيهم أساس الاستثمار في رأس المال البشري ورغم أهميتها فإن الواقع في تونس يبين أن هذه المرحلة العمرية بالذات تعاني من غياب تام لسياسة عمومية عادلة وشاملة تؤمن حق الطفل في حضانة مبكرة، سواء كان ذلك في الأرياف أو حتى في المدن وهو ما يكرس التفاوت الاجتماعي والجهوي ويضعف فرص تحقيق الإنصاف بين الأطفال.

واستعرض النواب الذين تقدموا بمقترح القانون الإشكاليات الأساسية التي تحول دون تحقيق هذا الإنصاف، وهي تتمثل بدرجة أولى في غياب نص تشريعي خاص يضمن الحضانة كحق أساسي من حقوق الطفل إذ لا يوجد في المنظومة القانونية التونسية إلى اليوم أي قانون أساسي أو عادي يقر الحضانة العمومية كحق مكتسب لجميع الأطفال، بل يقتصر الإطار القانوني الحالي على تنظيم القطاع الخاص وفق شروط فنية وإدارية دون ضمان توفير الخدمة لجميع الأطفال من مختلف الفئات. أما المشكل الثاني فيتمثل حسب رأيهم في غلبة القطاع الخاص وارتفاع الكلفة، وفسر النواب أن أكثر من 95 بالمائة من المحاضن ورياض الأطفال في تونس مملوكة للقطاع الخاص مع كلفة تتراوح بين 200 د و500 د شهريا، وهو ما يجعلها دون متناول فئات واسعة من الأسر التونسية وخاصة الأمهات العاملات في القطاعات غير المنظمة والأسر ذات الدخل المحدود والنساء المعيلات. كما لاحظ أصحاب المبادرة غياب حضانات عمومية في أغلب جهات البلاد مستندين في ذلك على تقارير صادرة عن وزارة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن وبينوا أن عدد الحضانات العمومية في حدود الخمسين وأغلبها في العاصمة بينما لا توجد في العديد من المعتمديات أية مؤسسة حاضنة للأطفال ومرخص لها ومراقبة من قبل الدولة وهو ما يدفع الكثير من الأمهات إلى الانقطاع عن العمل أو إلى إيداع الأطفال في بيئة غير آمنة أو غير مؤهلة.

وإضافة إلى ذلك لاحظ النواب غياب رؤية وطنية لتمويل الحضانات العمومية إذ رغم صدور الخطة الوطنية لتنمية الطفولة المبكرة سنة 2017 إلا أنها لم تنفذ بصفة فعلية بسبب غياب قانون ملزم وآلية تمويل مستقرة ومستمرة في الزمن.

واستندت جهة المبادرة التشريعية عند إعداد مقترح القانون الأساسي المتعلّق بالحق في الحضانة العمومية للأطفال دون 4 سنوات إلى جملة من المرجعيات أولها دستور 2022 وتحديدا الفصل 17 الذي نص على أن الدولة تحمي الأسرة وتضمن للطفل حقوقه والفصل 20 الذي نص على أن تضمن الدولة تكافؤ الفرص والعدالة الاجتماعية والفصل 40 الذي نص على الحق في التعليم والرعاية من الطفولة المبكرة، كما تم الاستئناس بمجلة حماية الطفل وخاصة الفصل السادس منها الذي نص على أن لكل طفل الحق في الحماية والرعاية والتربية ملاحظين أن هذه المجلة لم تتضمن أي فصل يلزم الدولة بإحداث حضانات عمومية أو حضانات مجانية بل ترك المجال للسلطة التقديرية للإدارة، وحتى القانون عدد 10 لسنة 2004 الذي يعنى بتنظيم مؤسسات الطفولة الخاصة من محاضن ورياض أطفال فإنه لم يقع التنصيص فيه على إلزامية إحداث حضانات عمومية ولا على مجانية الخدمة المقدمة للأطفال أبناء العائلات ضعيفة الدخل.

مبادئ مقترح القانون

وتتمثل المبادئ التي يقوم عليها مقترح القانون في مبدأ المساواة والعدالة بين الجهات واعتبار الحضانة ليست امتيازا يتمتع به أطفال المناطق الحضرية بل هي حق من حقوق كل طفل تونسي، وبدأ دعم الدور الاجتماعي للدولة على اعتبار أن الدولة مسؤولة على توفير الرعاية المبكرة بما يسمح للأمهات بالعمل، ومبدأ الجودة والسلام حيث أن الحضانة ليست مكانا لرعاية الأطفال فحسب بل هي مؤسسة تربوية ذات جودة، إضافة إلى مبدأ الشراكة مع  البلديات والجمعيات والقطاع الخاص من أجل دعم جهود الدولة لضمان الحضانة العمومية. ويرجح أصحاب المبادرة أن إقرار مقترح هذا القانون ستترتب عنه عديد الآثار الإيجابية المتمثلة بالخصوص في تحسين مؤشرات الإنصاف في التعليم منذ السنوات الأولى والرفع في نسبة تشغيل النساء خاصة في المناطق الداخلية ودعم الاستقرار الأسري عبر تقليص الضغط الذي تعيشه الأم العاملة وحماية الأطفال من الإهمال، وتوفير مواطن شغل جديدة في قطاع الحضانة العمومية، وأكدوا على وجود حاجة كبيرة إلى إطار قانوني ملزم وبينوا أنه لا يمكن تحسين الوضع الحالي إلا بسن قانون أساسي واضح وملزم للدولة وقابل للتنفيذ بصفة مرحلية، قانون من شأنه أن يضع خارطة طريق لإحداث حضانات عمومية في كامل تراب الجمهورية ويقر التمويل العمومي كآلية تضامن وعدالة اجتماعية، وخلص أصحاب المبادرة إلى أن مقترحهم لا يخص الطفولة فحسب بل هو مشروع مجتمعي لمجتمع عادل وهو خطوة أولى في مسار بناء منظومة رعاية شاملة من المهد إلى المدرسة تكرس التمكين الأسري وتعيد الاعتبار للدور الاجتماعي للدولة.

سعيدة بوهلال

يهم الأطفال دون 4 سنوات..   «الصباح» تكشف تفاصيل مقترح القانون المتعلق بالحضانة العمومية

إضافة إلى المبادرة التشريعية المتعلقة بالنظام الأساسي العام لقطاع الصحة التي تم نقاشها أول أمس تحت قبة البرلمان بحضور ممثلين عن المنظمة التونسية للأطباء الشبان،  يوجد أمام أنظار لجنة الصحة وشؤون المرأة والأسرة والشؤون الاجتماعية وذوي الإعاقة بمجلس نواب الشعب مقترح قانون آخر من الحجم الثقيل نظرا لأنه يهم السواد الأعظم من الأسر التونسية ويضمن لجميع الأطفال الذين تقل أعمارهم عن أربع سنوات الحق في الحضانة العمومية، وذلك عبر إلزام الدولة بقوة القانون، بإحداث حضانات عمومية بصفة تدريجية بجميع المعتمديات، ومن المنتظر أن تقع دراسة هذا المقترح في غضون الدورة النيابية القادمة التي سيتم افتتاحها بصفة رسمية خلال الجلسة العامة المبرمج عقدها يوم 7 أكتوبر 2025.   

وجاء في وثيقة شرح الأسباب أن مقترح القانون المذكور يهدف إلى إقرار الحضانة في سن مبكر كحق أساسي من الحقوق الاجتماعية لجميع الأطفال دون أربع سنوات وإحداث حضانات عمومية بصفة تدريجية في كل معتمدية وفي الأحياء الشعبية والمناطق الريفية وإرساء منظومة دعم مالي تحتسب بمقتضاها قيمة الدعم وفق دخل الأسرة، كما يهدف إلى التقليص من الانقطاع المهني للنساء بسبب غياب الرعاية إلى جانب تحسين جودة الخدمات التربوية والصحية وضمان التغذية السليمة للأطفال في سن ما قبل التمدرس.

ويتضمن مقترح القانون المذكور الذي تم تقديمه قبل العطلة البرلمانية من قبل مجموعة من النواب 9 فصول تم توزيعها على أربعة أبواب وهي المبادئ العامة، والإحداث والتوزيع الجغرافي، والتمويل والتسعيرة، والشروط والجودة.

ففي ما يتعلق بالمبادئ العامة نص الفصل الأول على أن هذا القانون يرسي الحق في الحضانة العمومية المجانية أو المدعمة لكل طفل تونسي دون سن أربع سنوات، دون تمييز على أساس الجهة أو الدخل أو الوضعية الاجتماعية للأسرة. وتم في الفصل الثاني تعريف الحضانة العمومية بأنها كل مؤسسة تمول كليا أو جزئيا من الدولة أو الجماعات المحلية وتوفر رعاية تربوية وصحية وغذائية للأطفال دون أربع سنوات.

أما بالنسبة إلى الإحداث والتوزيع الجغرافي فقد نص الفصل الثالث من المبادرة التشريعية على أن تلتزم الدولة بوضع خطة خماسية لإحداث حضانة عمومية واحدة على الأقل في كل معتمدية، مع إعطاء الأولوية: للمناطق الريفية، والمعتمديات ذات مؤشر الفقر المرتفع، والمعتمديات ذات النسبة الأعلى من الأمهات العاملات، وحسب الفصل الرابع يمكن للبلدات والمجتمع المدني والقطاع الخاص المشاركة في تمويل أو تسيير الحضانات، في إطار اتفاقيات شراكة مع وزارة الأسرة.

وضبط الفصلان الرابع والخامس من مقترح القانون الأساسي المعروض على أنظار لجنة الصحة وشؤون المرأة والأسرة والشؤون الاجتماعية وذوي الإعاقة كيفية التمويل والتسعيرة، ونص الفصل الخامس على تمتيع أطفال الأسر ذات الدخل الشهري الذي يقل عن 800 د بمجانية تامة، أما أطفال الأسر التي يتراوح دخلها الشهري من 800 د إلى 1500 د فيتم تمتيعهم بدعم بنسبة 70 بالمائة، وتتقلص نسبة هذا الدعم إلى 40 بالمائة عندما يتعلق الأمر بأطفال الأسر التي يتراوح دخلها الشهري من 1500 د إلى 2000 د، وبالنسبة لأطفال الأسر التي يتجاوز دخلها الشهري 2000 دينار فيتم اعتماد تسعيرة تضامنية مع الحفاظ على الحق في الحضانة العمومية. وحسب الفصل الموالي تخصص الدولة سنويا جزءا من الميزانية العامة ومن موارد الصناديق الاجتماعية لتمويل الحضانات وذلك إلى جانب مساهمة البلديات والمستثمرين المنتصبين في الجهة والمنح الدولية.

وتحت عنوان الشروط والجودة، نص الفصل السابع الوارد  بالباب الرابع من  مقترح القانون الأساسي المتعلّق بالحق في الحضانة العمومية للأطفال دون 4 سنوات على أن تلتزم الحضانة العمومية باحترام : عدد أقصى من الأطفال لكل مربية، وبرنامج تربوي يراعي سن الطفل، وتوفير واجبات غذائية صحية، وتأمين مراقبة طبية دورية. في حين نص الفصل الثامن من نفس المبادرة التشريعية على أن الحاضنة العمومية تخضع لرقابة دورية من قبل الوزارة المكلفة بالأسرة والطفولة والوزارة المكلفة بالصحة والسلطات المحلية والجهوية.

وتم تخصيص الفصل الأخير من مقترح القانون المعروض على أنظار لجنة الصحة وشؤون المرأة والأسرة والشؤون الاجتماعية وذوي الإعاقة للأحكام الختامية وبموجبه يدخل هذا القانون حيز التنفيذ بداية من السنة المالية الموالية لنشره وتوضع خطة لتنفيذه بصفة تدريجية من قبل رئاسة الحكومة.

وتحمل المبادرة التشريعية المتعلّقة بالحق في الحضانة العمومية للأطفال دون 4 سنوات التي وردت في شكل مقترح قانون أساسي إمضاء النواب الآتي ذكرهم: سيرين المرابط ونجلاء اللحياني وريم الصغير وأسماء الدرويش وهالة جاب الله وسيرين بوصندل ونزار الصديق وسوسن المبروك ولطفي الهمامي وعمر بن عمر وزينة جيب الله ومهى عامر ومحمد علي فنيرة وعبد الجليل الهاني.

 الطفولة المبكرة

وأشار أصحاب هذه المبادرة التشريعية في وثيقة شرح الأسباب المعروضة على أنظار لجنة الصحة وشؤون المرأة والأسرة والشؤون الاجتماعية وذوي الإعاقة إلى أن الطفولة المبكرة التي تبدأ منذ الولادة وتتواصل إلى سن الرابعة هي مرحلة محورية في التكوين الجسدي والعقلي والنفسي والاجتماعي للطفل، إذ أثبتت الدراسات التربوية والطبية أو السنوات الأولى في عمر الطفل تحدد بشكل كبير مدى نجاحه لاحقا في التعليم وعلى مستوى التفاعل الاجتماعي فهذه الفترة تعتبر حسب رأيهم أساس الاستثمار في رأس المال البشري ورغم أهميتها فإن الواقع في تونس يبين أن هذه المرحلة العمرية بالذات تعاني من غياب تام لسياسة عمومية عادلة وشاملة تؤمن حق الطفل في حضانة مبكرة، سواء كان ذلك في الأرياف أو حتى في المدن وهو ما يكرس التفاوت الاجتماعي والجهوي ويضعف فرص تحقيق الإنصاف بين الأطفال.

واستعرض النواب الذين تقدموا بمقترح القانون الإشكاليات الأساسية التي تحول دون تحقيق هذا الإنصاف، وهي تتمثل بدرجة أولى في غياب نص تشريعي خاص يضمن الحضانة كحق أساسي من حقوق الطفل إذ لا يوجد في المنظومة القانونية التونسية إلى اليوم أي قانون أساسي أو عادي يقر الحضانة العمومية كحق مكتسب لجميع الأطفال، بل يقتصر الإطار القانوني الحالي على تنظيم القطاع الخاص وفق شروط فنية وإدارية دون ضمان توفير الخدمة لجميع الأطفال من مختلف الفئات. أما المشكل الثاني فيتمثل حسب رأيهم في غلبة القطاع الخاص وارتفاع الكلفة، وفسر النواب أن أكثر من 95 بالمائة من المحاضن ورياض الأطفال في تونس مملوكة للقطاع الخاص مع كلفة تتراوح بين 200 د و500 د شهريا، وهو ما يجعلها دون متناول فئات واسعة من الأسر التونسية وخاصة الأمهات العاملات في القطاعات غير المنظمة والأسر ذات الدخل المحدود والنساء المعيلات. كما لاحظ أصحاب المبادرة غياب حضانات عمومية في أغلب جهات البلاد مستندين في ذلك على تقارير صادرة عن وزارة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن وبينوا أن عدد الحضانات العمومية في حدود الخمسين وأغلبها في العاصمة بينما لا توجد في العديد من المعتمديات أية مؤسسة حاضنة للأطفال ومرخص لها ومراقبة من قبل الدولة وهو ما يدفع الكثير من الأمهات إلى الانقطاع عن العمل أو إلى إيداع الأطفال في بيئة غير آمنة أو غير مؤهلة.

وإضافة إلى ذلك لاحظ النواب غياب رؤية وطنية لتمويل الحضانات العمومية إذ رغم صدور الخطة الوطنية لتنمية الطفولة المبكرة سنة 2017 إلا أنها لم تنفذ بصفة فعلية بسبب غياب قانون ملزم وآلية تمويل مستقرة ومستمرة في الزمن.

واستندت جهة المبادرة التشريعية عند إعداد مقترح القانون الأساسي المتعلّق بالحق في الحضانة العمومية للأطفال دون 4 سنوات إلى جملة من المرجعيات أولها دستور 2022 وتحديدا الفصل 17 الذي نص على أن الدولة تحمي الأسرة وتضمن للطفل حقوقه والفصل 20 الذي نص على أن تضمن الدولة تكافؤ الفرص والعدالة الاجتماعية والفصل 40 الذي نص على الحق في التعليم والرعاية من الطفولة المبكرة، كما تم الاستئناس بمجلة حماية الطفل وخاصة الفصل السادس منها الذي نص على أن لكل طفل الحق في الحماية والرعاية والتربية ملاحظين أن هذه المجلة لم تتضمن أي فصل يلزم الدولة بإحداث حضانات عمومية أو حضانات مجانية بل ترك المجال للسلطة التقديرية للإدارة، وحتى القانون عدد 10 لسنة 2004 الذي يعنى بتنظيم مؤسسات الطفولة الخاصة من محاضن ورياض أطفال فإنه لم يقع التنصيص فيه على إلزامية إحداث حضانات عمومية ولا على مجانية الخدمة المقدمة للأطفال أبناء العائلات ضعيفة الدخل.

مبادئ مقترح القانون

وتتمثل المبادئ التي يقوم عليها مقترح القانون في مبدأ المساواة والعدالة بين الجهات واعتبار الحضانة ليست امتيازا يتمتع به أطفال المناطق الحضرية بل هي حق من حقوق كل طفل تونسي، وبدأ دعم الدور الاجتماعي للدولة على اعتبار أن الدولة مسؤولة على توفير الرعاية المبكرة بما يسمح للأمهات بالعمل، ومبدأ الجودة والسلام حيث أن الحضانة ليست مكانا لرعاية الأطفال فحسب بل هي مؤسسة تربوية ذات جودة، إضافة إلى مبدأ الشراكة مع  البلديات والجمعيات والقطاع الخاص من أجل دعم جهود الدولة لضمان الحضانة العمومية. ويرجح أصحاب المبادرة أن إقرار مقترح هذا القانون ستترتب عنه عديد الآثار الإيجابية المتمثلة بالخصوص في تحسين مؤشرات الإنصاف في التعليم منذ السنوات الأولى والرفع في نسبة تشغيل النساء خاصة في المناطق الداخلية ودعم الاستقرار الأسري عبر تقليص الضغط الذي تعيشه الأم العاملة وحماية الأطفال من الإهمال، وتوفير مواطن شغل جديدة في قطاع الحضانة العمومية، وأكدوا على وجود حاجة كبيرة إلى إطار قانوني ملزم وبينوا أنه لا يمكن تحسين الوضع الحالي إلا بسن قانون أساسي واضح وملزم للدولة وقابل للتنفيذ بصفة مرحلية، قانون من شأنه أن يضع خارطة طريق لإحداث حضانات عمومية في كامل تراب الجمهورية ويقر التمويل العمومي كآلية تضامن وعدالة اجتماعية، وخلص أصحاب المبادرة إلى أن مقترحهم لا يخص الطفولة فحسب بل هو مشروع مجتمعي لمجتمع عادل وهو خطوة أولى في مسار بناء منظومة رعاية شاملة من المهد إلى المدرسة تكرس التمكين الأسري وتعيد الاعتبار للدور الاجتماعي للدولة.

سعيدة بوهلال