انعقد، أمس الخميس، اليوم الوطني لتقييم موسم الحبوب 2024-2025 والتحضير لموسم البذر 2025-2026، وذلك ببادرة من وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري، وبالتعاون مع البنك الوطني الفلاحي والبنك التونسي للتضامن. وقد احتضن المعهد الوطني للعلوم الفلاحية بتونس فعاليات اللقاء الذي جرى تحت إشراف وزير الفلاحة عز الدين بن الشيخ، وسط حضور واسع لممثلين عن الإدارات الجهوية، المؤسسات المالية، والجمعيات المهنية.
وقدم المشاركون في اللقاء حصيلة الموسم المنقضي الذي شمل مساحة مزروعة قدرت بـ 1.002 مليون هكتار موزعة بين 705 آلاف هكتار من القمح الصلب، 261 ألف هكتار من القمح اللين، و117 ألف هكتار من الشعير. وقد وضعت الوزارة على ذمة الفلاحين خلال هذا الموسم نحو 261.230 قنطاراً من البذور الممتازة، بالإضافة إلى 104 آلاف قنطار من القمح الصلب المعد للبذر، مع توفير 269 ألف طن من الأسمدة.
وأكد وزير الفلاحة في كلمته أن المؤشرات المسجلة تعد من بين الأفضل خلال السنوات الأخيرة، حيث ساهمت سياسات الدعم والتنسيق بين الهياكل المتدخلة في تحسين النتائج مقارنة بمواسم سابقة شهدت تراجعاً حاداً بسبب التغيرات المناخية والجفاف.
12 مليون قنطار من الحبوب المجمعة
من جانبه، أوضح محمد علي بن رمضان، المسؤول بالإدارة العامة للإنتاج الفلاحي، في تصريح لـ«الصباح»، أن الكميات المجمعة خلال موسم 2024-2025 بلغت حوالي 12 مليون قنطار، في حين كانت التوقعات الرسمية تدور في حدود 20 مليون قنطار. ورغم الفجوة بين التقديرات والنتائج النهائية، فإن الكمية المسجلة اعتبرت إيجابية نظراً للظروف المناخية الصعبة التي اتسمت بقلة التساقطات في بعض الجهات.
وبيّن بن رمضان أن حاجيات السوق الوطنية من الحبوب تصل إلى نحو 36 مليون قنطار سنوياً، ما يعني أن تونس ما تزال بحاجة إلى توريد كميات إضافية لتغطية الاستهلاك المحلي. غير أن الكميات المجمعة ستساهم في تقليص فاتورة الاستيراد وضمان توازن نسبي في المخزون الاستراتيجي.
بذور ممتازة وأسمدة متوفرة للموسم الجديد
وأشار المتحدث إلى أن الوزارة شرعت بالفعل في توزيع البذور الممتازة والأسمدة الخاصة بالموسم الفلاحي الجديد 2025-2026، حيث تم توفير 150 ألف قنطار من البذور الممتازة الجاهزة للتوزيع، مع تسجيل إقبال متزايد من قبل الفلاحين. كما لفت إلى أن الوزارة خصصت هذا الموسم نحو 520 ألف قنطار من البذور الممتازة، أي ضعف الكميات التي كانت متاحة في الموسم السابق، وهو ما من شأنه أن يرفع من مردودية الإنتاج وجودته.
ودعا بن رمضان الفلاحين إلى الإقبال المبكر على اقتناء البذور والأسمدة لتفادي أي إشكاليات في التزويد أو التأخير، مؤكداً أن الترفيع في الكميات سيتيح فرصاً أوفر لتوسيع المساحات المزروعة وتحسين الإنتاج الوطني.
تمويلات ميسّرة للفلاحين.. ورفع سقف القروض
من جهته، أعلن خليفة السبوعي، المدير العام للبنك التونسي للتضامن، في تصريح لـ«الصباح»، عن إجراءات جديدة لدعم الفلاحين في الموسم المقبل، أبرزها الترفيع في حجم الاعتمادات المخصصة لقطاع الحبوب من 24 مليون دينار إلى 30 مليون دينار، إلى جانب الترفيع في سقف التمويلات الفردية من 60 ألف دينار إلى 100 ألف دينار.
كما كشف عن حذف شرط السن القصوى (65 سنة) للحصول على القروض، في خطوة وُصفت بالإيجابية لتمكين الفلاحين من مواصلة نشاطهم دون قيود عمرية. وبالنسبة للقروض المسندة عبر الجمعيات، فقد تمت مضاعفتها من 5 آلاف دينار إلى 10 آلاف دينار.
وتُعتبر هذه الإجراءات جزءاً من توجه عام لدعم منظومة الحبوب عبر تسهيل النفاذ إلى التمويل، بما يتيح للفلاحين اقتناء المعدات اللازمة وتغطية تكاليف الإنتاج، خصوصاً في ظل ارتفاع أسعار المدخلات.
تكوين وتأطير رقمي للفلاحين
إلى جانب التمويل والتجهيز، تم التركيز على الجانب التكويني والإرشادي، حيث تم تنظيم 10 دورات تكوينية لفائدة 200 مرشد فلاحي، إضافة إلى 450 يوماً إعلامياً لفائدة أكثر من 7 آلاف فلاح. كما تمت برمجة زيارات ميدانية شملت نحو 750 فلاحاً لمتابعة أوضاعهم بشكل مباشر.
وتم اعتماد وسائل عصرية للتأطير مثل التكوين المتجدد في منظومة الحبوب واستعمال التطبيقات الرقمية على غرار تطبيق(IREY)، فضلاً عن توظيف وسائل التواصل الاجتماعي والخدمات الإخبارية القصيرة في نشر المعلومات والإرشادات.
برمجة موسعة لموسم 2025-2026
أما بخصوص الموسم القادم، فقد أعلنت الوزارة عن برمجة نحو 1.155 مليون هكتار من الأراضي سيتم تهيئتها لزراعة الحبوب، مع تخصيص تمويلات تقدر بـ 140 مليون دينار لفائدة 4700 فلاح.
وشدد وزير الفلاحة عز الدين بن الشيخ، في كلمته، على أن هذا اللقاء يمثل فرصة للحوار والتشاور بين جميع المتدخلين من إدارات عمومية ومؤسسات مالية وتنموية وفلاحين ومهنيين، بهدف تجاوز التحديات وضمان نجاح الموسم الجديد، بما يعزز الأمن الغذائي الوطني ويحد من تبعية البلاد للأسواق الخارجية.
تحقيق الأمن الغذائي
وإدراكا منها لحساسية مسألة الأمن الغذائي، أكد المسؤولون، أن تونس تعمل على صياغة استراتيجيات بعيدة المدى لتقليص التبعية الغذائية وتطوير قدراتها الإنتاجية في قطاع الحبوب. وتتمحور هذه الاستراتيجيات حول عدة محاور أساسية، أبرزها توسيع المساحات المزروعة، عبر تحسين استغلال الأراضي الفلاحية وتحديث أساليب الري، خصوصا في المناطق الداخلية التي تتمتع بقدرات زراعية هامة لكنها تفتقر للبنية التحتية الكافية، بالإضافة إلى دعم البحث العلمي والابتكار من خلال الاستثمار في البذور المقاومة للجفاف والأمراض، واعتماد تقنيات الزراعة الدقيقة، التي تسمح بتقليص التكاليف ورفع المردودية، فضلا عن تعبئة الموارد المائية، عبر تحسين إدارة السدود واستعمال المياه المعالجة في الري، إلى جانب مشاريع تحلية المياه الجوفية والسطحية. وبالإضافة إلى ذلك، هناك جهود حثيثة لتشجيع الاستثمار الخاص، سواء من قبل المستثمرين المحليين أو عبر الشراكات الدولية، بهدف تطوير الصناعات التحويلية وتثمين المنتجات الفلاحية، وتنويع مصادر التزويد الغذائي، من خلال دعم قطاعات بديلة مثل البقوليات والزراعات العلفية لتخفيف الضغط على استيراد الحبوب.
كما سيتم العمل خلال الفترة القليلة القادمة على تعزيز المخزون الاستراتيجي، وذلك عبر تطوير قدرات التخزين وتحسين منظومة النقل والتوزيع، لضمان تزويد مستقر في فترات الأزمات أو تقلبات الأسواق العالمية.
وبالإضافة إلى هذه الخطط، يشدد المسؤولون على ضرورة العمل على إرساء شراكات مع المنظمات الدولية للاستفادة من الدعم التقني والتمويلات الموجهة لمشاريع التنمية المستدامة، في حين يبقى الرهان الأكبر هو التكيف مع التغيرات المناخية التي أصبحت تهدد مختلف الأنشطة الفلاحية في البلاد.
سفيان المهداوي
انعقد، أمس الخميس، اليوم الوطني لتقييم موسم الحبوب 2024-2025 والتحضير لموسم البذر 2025-2026، وذلك ببادرة من وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري، وبالتعاون مع البنك الوطني الفلاحي والبنك التونسي للتضامن. وقد احتضن المعهد الوطني للعلوم الفلاحية بتونس فعاليات اللقاء الذي جرى تحت إشراف وزير الفلاحة عز الدين بن الشيخ، وسط حضور واسع لممثلين عن الإدارات الجهوية، المؤسسات المالية، والجمعيات المهنية.
وقدم المشاركون في اللقاء حصيلة الموسم المنقضي الذي شمل مساحة مزروعة قدرت بـ 1.002 مليون هكتار موزعة بين 705 آلاف هكتار من القمح الصلب، 261 ألف هكتار من القمح اللين، و117 ألف هكتار من الشعير. وقد وضعت الوزارة على ذمة الفلاحين خلال هذا الموسم نحو 261.230 قنطاراً من البذور الممتازة، بالإضافة إلى 104 آلاف قنطار من القمح الصلب المعد للبذر، مع توفير 269 ألف طن من الأسمدة.
وأكد وزير الفلاحة في كلمته أن المؤشرات المسجلة تعد من بين الأفضل خلال السنوات الأخيرة، حيث ساهمت سياسات الدعم والتنسيق بين الهياكل المتدخلة في تحسين النتائج مقارنة بمواسم سابقة شهدت تراجعاً حاداً بسبب التغيرات المناخية والجفاف.
12 مليون قنطار من الحبوب المجمعة
من جانبه، أوضح محمد علي بن رمضان، المسؤول بالإدارة العامة للإنتاج الفلاحي، في تصريح لـ«الصباح»، أن الكميات المجمعة خلال موسم 2024-2025 بلغت حوالي 12 مليون قنطار، في حين كانت التوقعات الرسمية تدور في حدود 20 مليون قنطار. ورغم الفجوة بين التقديرات والنتائج النهائية، فإن الكمية المسجلة اعتبرت إيجابية نظراً للظروف المناخية الصعبة التي اتسمت بقلة التساقطات في بعض الجهات.
وبيّن بن رمضان أن حاجيات السوق الوطنية من الحبوب تصل إلى نحو 36 مليون قنطار سنوياً، ما يعني أن تونس ما تزال بحاجة إلى توريد كميات إضافية لتغطية الاستهلاك المحلي. غير أن الكميات المجمعة ستساهم في تقليص فاتورة الاستيراد وضمان توازن نسبي في المخزون الاستراتيجي.
بذور ممتازة وأسمدة متوفرة للموسم الجديد
وأشار المتحدث إلى أن الوزارة شرعت بالفعل في توزيع البذور الممتازة والأسمدة الخاصة بالموسم الفلاحي الجديد 2025-2026، حيث تم توفير 150 ألف قنطار من البذور الممتازة الجاهزة للتوزيع، مع تسجيل إقبال متزايد من قبل الفلاحين. كما لفت إلى أن الوزارة خصصت هذا الموسم نحو 520 ألف قنطار من البذور الممتازة، أي ضعف الكميات التي كانت متاحة في الموسم السابق، وهو ما من شأنه أن يرفع من مردودية الإنتاج وجودته.
ودعا بن رمضان الفلاحين إلى الإقبال المبكر على اقتناء البذور والأسمدة لتفادي أي إشكاليات في التزويد أو التأخير، مؤكداً أن الترفيع في الكميات سيتيح فرصاً أوفر لتوسيع المساحات المزروعة وتحسين الإنتاج الوطني.
تمويلات ميسّرة للفلاحين.. ورفع سقف القروض
من جهته، أعلن خليفة السبوعي، المدير العام للبنك التونسي للتضامن، في تصريح لـ«الصباح»، عن إجراءات جديدة لدعم الفلاحين في الموسم المقبل، أبرزها الترفيع في حجم الاعتمادات المخصصة لقطاع الحبوب من 24 مليون دينار إلى 30 مليون دينار، إلى جانب الترفيع في سقف التمويلات الفردية من 60 ألف دينار إلى 100 ألف دينار.
كما كشف عن حذف شرط السن القصوى (65 سنة) للحصول على القروض، في خطوة وُصفت بالإيجابية لتمكين الفلاحين من مواصلة نشاطهم دون قيود عمرية. وبالنسبة للقروض المسندة عبر الجمعيات، فقد تمت مضاعفتها من 5 آلاف دينار إلى 10 آلاف دينار.
وتُعتبر هذه الإجراءات جزءاً من توجه عام لدعم منظومة الحبوب عبر تسهيل النفاذ إلى التمويل، بما يتيح للفلاحين اقتناء المعدات اللازمة وتغطية تكاليف الإنتاج، خصوصاً في ظل ارتفاع أسعار المدخلات.
تكوين وتأطير رقمي للفلاحين
إلى جانب التمويل والتجهيز، تم التركيز على الجانب التكويني والإرشادي، حيث تم تنظيم 10 دورات تكوينية لفائدة 200 مرشد فلاحي، إضافة إلى 450 يوماً إعلامياً لفائدة أكثر من 7 آلاف فلاح. كما تمت برمجة زيارات ميدانية شملت نحو 750 فلاحاً لمتابعة أوضاعهم بشكل مباشر.
وتم اعتماد وسائل عصرية للتأطير مثل التكوين المتجدد في منظومة الحبوب واستعمال التطبيقات الرقمية على غرار تطبيق(IREY)، فضلاً عن توظيف وسائل التواصل الاجتماعي والخدمات الإخبارية القصيرة في نشر المعلومات والإرشادات.
برمجة موسعة لموسم 2025-2026
أما بخصوص الموسم القادم، فقد أعلنت الوزارة عن برمجة نحو 1.155 مليون هكتار من الأراضي سيتم تهيئتها لزراعة الحبوب، مع تخصيص تمويلات تقدر بـ 140 مليون دينار لفائدة 4700 فلاح.
وشدد وزير الفلاحة عز الدين بن الشيخ، في كلمته، على أن هذا اللقاء يمثل فرصة للحوار والتشاور بين جميع المتدخلين من إدارات عمومية ومؤسسات مالية وتنموية وفلاحين ومهنيين، بهدف تجاوز التحديات وضمان نجاح الموسم الجديد، بما يعزز الأمن الغذائي الوطني ويحد من تبعية البلاد للأسواق الخارجية.
تحقيق الأمن الغذائي
وإدراكا منها لحساسية مسألة الأمن الغذائي، أكد المسؤولون، أن تونس تعمل على صياغة استراتيجيات بعيدة المدى لتقليص التبعية الغذائية وتطوير قدراتها الإنتاجية في قطاع الحبوب. وتتمحور هذه الاستراتيجيات حول عدة محاور أساسية، أبرزها توسيع المساحات المزروعة، عبر تحسين استغلال الأراضي الفلاحية وتحديث أساليب الري، خصوصا في المناطق الداخلية التي تتمتع بقدرات زراعية هامة لكنها تفتقر للبنية التحتية الكافية، بالإضافة إلى دعم البحث العلمي والابتكار من خلال الاستثمار في البذور المقاومة للجفاف والأمراض، واعتماد تقنيات الزراعة الدقيقة، التي تسمح بتقليص التكاليف ورفع المردودية، فضلا عن تعبئة الموارد المائية، عبر تحسين إدارة السدود واستعمال المياه المعالجة في الري، إلى جانب مشاريع تحلية المياه الجوفية والسطحية. وبالإضافة إلى ذلك، هناك جهود حثيثة لتشجيع الاستثمار الخاص، سواء من قبل المستثمرين المحليين أو عبر الشراكات الدولية، بهدف تطوير الصناعات التحويلية وتثمين المنتجات الفلاحية، وتنويع مصادر التزويد الغذائي، من خلال دعم قطاعات بديلة مثل البقوليات والزراعات العلفية لتخفيف الضغط على استيراد الحبوب.
كما سيتم العمل خلال الفترة القليلة القادمة على تعزيز المخزون الاستراتيجي، وذلك عبر تطوير قدرات التخزين وتحسين منظومة النقل والتوزيع، لضمان تزويد مستقر في فترات الأزمات أو تقلبات الأسواق العالمية.
وبالإضافة إلى هذه الخطط، يشدد المسؤولون على ضرورة العمل على إرساء شراكات مع المنظمات الدولية للاستفادة من الدعم التقني والتمويلات الموجهة لمشاريع التنمية المستدامة، في حين يبقى الرهان الأكبر هو التكيف مع التغيرات المناخية التي أصبحت تهدد مختلف الأنشطة الفلاحية في البلاد.