مع حلول موسم الأمطار وفي ظل تواصل التحذيرات من حدة التغيرات المناخية التي أصبحت تؤثر بشكل واضح على طبيعة الطقس بتسجيل تقلبات عنيفة أحيانا، تطرح جملة من التحديات والمخاطر منها البنايات المتداعية للسقوط المعرضة في موسم الأمطار إلى إمكانية الانهيار.
ويبدو أنه رغم المساعي الحثيثة لتفعيل قانون البنايات المتداعية للسقوط بعد مرور أكثر من سنة من المصادقة عليه، مازال هذا الملف الشائك يطرح تحديات أمام البلديات وبقية المصالح المعنية.
صرح سابقا وزير التجهيز صلاح الزواري أن الوزارة ستنفذ أول عملية نموذجية في إطار تفعيل قانون البنايات المتداعية للسقوط قبل نهاية 2025.
مضيفا في كلمة له أمام نواب المجلس الوطني للجهات والأقاليم، أن هذا القانون جد هام، وقد تم إصدار وضبط الآليات المتعلقة به وسيتم العمل به خلال سنة 2025 والسنوات القادمة...
وتفيد المعطيات الرسمية أن البناءات المتداعية للسقوط والمشيدة قبل سنة 1956 تمثل حوالي 6 في المائة من مجمل الرصيد العقاري في تونس بما يعادل 181 ألف وحدة مبنية تتمركز أكثرها في مدن تونس الكبرى وبنزرت وصفاقس.
وتؤكد مصادر بلدية تونس أن «عدد البنايات الآيلة للسقوط في العاصمة وضواحيها بلغ 1500 بناية، منها 500 مبنى تشكل خطراً حقيقياً وتنذر بانهيار وشيك، مما يهدد سلامة المواطنين بشكل مباشر».
حيث تقوم المصالح البلدية بالتدخل في حالات التهديد وذلك استنادا على تقارير خبراء متخصصين يقومون بمعاينات أولية ونهائية للبنايات المتضررة بهدف حماية السكان ورفع الخطر.
رصد ومتابعة
كما تواصل المصالح البلدية وبقية المصالح المعنية رصد وضعية البنايات بصفة دورية إلى جانب برمجة تدخلات إخلاء وإزالة من حين لآخر وإن بنسق محتشم مقارنة بما ينص عليه القانون وما تمثله بعض البنايات من خطر محدق بالمتساكنين والمارة.
منذ يومين قامت بلدية ماطر بتأمين محيط بناية آلية للسقوط في شارع الحبيب بورقيبة تمهيدا لهدمها من مقاولة رست عليها صفقة بقيمة 104.720 أ.د تتضمن أيضا إزالة بناية قديمة في شارع 20 مارس والجدران العليا لبناية قديمة وأخرى مهجورة في شارع فرحات حشاد.
بدورها تعمل مصالح ولاية تونس على متابعة ملف البنايات المتداعية للسقوط على اعتبار وجود العدد الأكبر من هذه المباني في العاصمة.
وفي آخر جلسة عمل خصصت للموضوع شدّد والي تونس عماد بوخريص على إخلاء جميع البنايات المتداعية للسقوط حفاظا على الأرواح البشرية والعمل على إيجاد مراكز إيواء للمواطنين.
كما دعا الوالي جميع الأطراف المعنية إلى إتباع طريقة الترميم الثقيل حفاظا على الطابع الأثري والتاريخي للمنشآت والبنايات المراد ترميمها.
ووجهت أيضا دعوة للعمد إلى تقديم تقارير حول التدخلات العاجلة بالمساكن والعقارات والبنايات والمؤسسات التربوية والدينية والثقافية والرياضية المتداعية للسقوط.
وتمّ الاتفاق إثر الجلسة على إحداث وكالة صيانة المدينة تعنى بالتنسيق الفني والمالي والإنجاز بتمويل من الدولة. وإيجاد لجنة قيادة محلية تنسيقية بين جميع المتدخلين (التراث والتجهيز والبلديات والحماية المدنية..) تحت إشراف المعتمدين تعنى برفع القرارات للجنة الجهوية.
بدورها تتابع السلطات الجهوية في صفاقس ملف البنايات المتداعية للسقوط نظرا لوجود عدد هام من هذه المباني في الجهة، حيث تفيد المصالح المعنية أنه تم في أفريل الفارط هدم عدد من العقارات المتداعية للسقوط بمنطقة صفاقس الجديدة «بيك فيل»، بحضور اللجنة المحلية لمتابعة البنايات المتداعية للسقوط بصفاقس المتكونة من بلدية صفاقس، معتمدية صفاقس المدينة، الإدارة الجهوية للتجهيز، المعهد الوطني للتراث وإقليم الأمن الوطني.
قانون وعقبات
ورغم اعتبار قانون البنايات المتداعية للسقوط بداية حلحلة هذا الملف المستعصي منذ سنوات إلا أن البلديات تواجه إلى الآن صعوبات في تنزيله على أرض الواقع.
ويشير في هذا الصدد مدير عام الإسكان بوزارة التجهيز والإسكان نجيب السنوسي، إلى أن قانون جويلية 2024 جاء لتنظيم عمليات التدخل في خصوص البنايات المتداعية للسقوط، وذلك بعد عشرات السنين من غياب إطار تشريعي في الغرض.
مضيفا في تصريح إذاعي مؤخرا أن هذا القانون الذي مرت أكثر من سنة على المصادقة عليه «يُخوّل للبلديات التدخل واتخاذ إجراءات فورية على غرار إخلاء البناية وتدعيمها أو هدمها أو ترميمها، ويجب أن تُطبق البلديات ما جاء في هذا القانون».
وبين السنوسي أن البلدية «عند إعلامها بوجود بناية آيلة للسقوط تتخذ الإجراءات اللازمة خاصة في حالة معاينة خطر، موضحا في هذا السياق إذا لم يبادر مالك هذا العقار المتداعي للسقوط بالاتصال بالبلدية في ظرف 3 أشهر، فإن البلدية تقوم بالتدخل اللازم على الفور».
مؤكدا أنه «عند تسجيل أي تقاعس أو رفض من المالك، فإن البلدية تُخلي البناية وتنتزعها وتقوم مقام المالك، مشيرا في هذا السياق إلى وجود رصيد سكني منذ 50 و60 سنة وسط المدن، ولاحظ أنه في غياب الصيانة من المالكين يتداعى هذا الرصيد للسقوط».
يذكر أنه في 21 جوان 2024، صادق البرلمان على قانون يتضمن 41 فصلًا ينظم التدخل في البنايات المتداعية للسقوط، بما يشمل الإخلاء والهدم والترميم الثقيل، مع تحديد حقوق المالكين والمستأجرين وإجراءات إشعار الأطراف المعنية. وينص القانون على ضرورة التنسيق مع وزارة التراث في حال كانت البناية ذات خصوصية تاريخية.
◗ م.ي
مع حلول موسم الأمطار وفي ظل تواصل التحذيرات من حدة التغيرات المناخية التي أصبحت تؤثر بشكل واضح على طبيعة الطقس بتسجيل تقلبات عنيفة أحيانا، تطرح جملة من التحديات والمخاطر منها البنايات المتداعية للسقوط المعرضة في موسم الأمطار إلى إمكانية الانهيار.
ويبدو أنه رغم المساعي الحثيثة لتفعيل قانون البنايات المتداعية للسقوط بعد مرور أكثر من سنة من المصادقة عليه، مازال هذا الملف الشائك يطرح تحديات أمام البلديات وبقية المصالح المعنية.
صرح سابقا وزير التجهيز صلاح الزواري أن الوزارة ستنفذ أول عملية نموذجية في إطار تفعيل قانون البنايات المتداعية للسقوط قبل نهاية 2025.
مضيفا في كلمة له أمام نواب المجلس الوطني للجهات والأقاليم، أن هذا القانون جد هام، وقد تم إصدار وضبط الآليات المتعلقة به وسيتم العمل به خلال سنة 2025 والسنوات القادمة...
وتفيد المعطيات الرسمية أن البناءات المتداعية للسقوط والمشيدة قبل سنة 1956 تمثل حوالي 6 في المائة من مجمل الرصيد العقاري في تونس بما يعادل 181 ألف وحدة مبنية تتمركز أكثرها في مدن تونس الكبرى وبنزرت وصفاقس.
وتؤكد مصادر بلدية تونس أن «عدد البنايات الآيلة للسقوط في العاصمة وضواحيها بلغ 1500 بناية، منها 500 مبنى تشكل خطراً حقيقياً وتنذر بانهيار وشيك، مما يهدد سلامة المواطنين بشكل مباشر».
حيث تقوم المصالح البلدية بالتدخل في حالات التهديد وذلك استنادا على تقارير خبراء متخصصين يقومون بمعاينات أولية ونهائية للبنايات المتضررة بهدف حماية السكان ورفع الخطر.
رصد ومتابعة
كما تواصل المصالح البلدية وبقية المصالح المعنية رصد وضعية البنايات بصفة دورية إلى جانب برمجة تدخلات إخلاء وإزالة من حين لآخر وإن بنسق محتشم مقارنة بما ينص عليه القانون وما تمثله بعض البنايات من خطر محدق بالمتساكنين والمارة.
منذ يومين قامت بلدية ماطر بتأمين محيط بناية آلية للسقوط في شارع الحبيب بورقيبة تمهيدا لهدمها من مقاولة رست عليها صفقة بقيمة 104.720 أ.د تتضمن أيضا إزالة بناية قديمة في شارع 20 مارس والجدران العليا لبناية قديمة وأخرى مهجورة في شارع فرحات حشاد.
بدورها تعمل مصالح ولاية تونس على متابعة ملف البنايات المتداعية للسقوط على اعتبار وجود العدد الأكبر من هذه المباني في العاصمة.
وفي آخر جلسة عمل خصصت للموضوع شدّد والي تونس عماد بوخريص على إخلاء جميع البنايات المتداعية للسقوط حفاظا على الأرواح البشرية والعمل على إيجاد مراكز إيواء للمواطنين.
كما دعا الوالي جميع الأطراف المعنية إلى إتباع طريقة الترميم الثقيل حفاظا على الطابع الأثري والتاريخي للمنشآت والبنايات المراد ترميمها.
ووجهت أيضا دعوة للعمد إلى تقديم تقارير حول التدخلات العاجلة بالمساكن والعقارات والبنايات والمؤسسات التربوية والدينية والثقافية والرياضية المتداعية للسقوط.
وتمّ الاتفاق إثر الجلسة على إحداث وكالة صيانة المدينة تعنى بالتنسيق الفني والمالي والإنجاز بتمويل من الدولة. وإيجاد لجنة قيادة محلية تنسيقية بين جميع المتدخلين (التراث والتجهيز والبلديات والحماية المدنية..) تحت إشراف المعتمدين تعنى برفع القرارات للجنة الجهوية.
بدورها تتابع السلطات الجهوية في صفاقس ملف البنايات المتداعية للسقوط نظرا لوجود عدد هام من هذه المباني في الجهة، حيث تفيد المصالح المعنية أنه تم في أفريل الفارط هدم عدد من العقارات المتداعية للسقوط بمنطقة صفاقس الجديدة «بيك فيل»، بحضور اللجنة المحلية لمتابعة البنايات المتداعية للسقوط بصفاقس المتكونة من بلدية صفاقس، معتمدية صفاقس المدينة، الإدارة الجهوية للتجهيز، المعهد الوطني للتراث وإقليم الأمن الوطني.
قانون وعقبات
ورغم اعتبار قانون البنايات المتداعية للسقوط بداية حلحلة هذا الملف المستعصي منذ سنوات إلا أن البلديات تواجه إلى الآن صعوبات في تنزيله على أرض الواقع.
ويشير في هذا الصدد مدير عام الإسكان بوزارة التجهيز والإسكان نجيب السنوسي، إلى أن قانون جويلية 2024 جاء لتنظيم عمليات التدخل في خصوص البنايات المتداعية للسقوط، وذلك بعد عشرات السنين من غياب إطار تشريعي في الغرض.
مضيفا في تصريح إذاعي مؤخرا أن هذا القانون الذي مرت أكثر من سنة على المصادقة عليه «يُخوّل للبلديات التدخل واتخاذ إجراءات فورية على غرار إخلاء البناية وتدعيمها أو هدمها أو ترميمها، ويجب أن تُطبق البلديات ما جاء في هذا القانون».
وبين السنوسي أن البلدية «عند إعلامها بوجود بناية آيلة للسقوط تتخذ الإجراءات اللازمة خاصة في حالة معاينة خطر، موضحا في هذا السياق إذا لم يبادر مالك هذا العقار المتداعي للسقوط بالاتصال بالبلدية في ظرف 3 أشهر، فإن البلدية تقوم بالتدخل اللازم على الفور».
مؤكدا أنه «عند تسجيل أي تقاعس أو رفض من المالك، فإن البلدية تُخلي البناية وتنتزعها وتقوم مقام المالك، مشيرا في هذا السياق إلى وجود رصيد سكني منذ 50 و60 سنة وسط المدن، ولاحظ أنه في غياب الصيانة من المالكين يتداعى هذا الرصيد للسقوط».
يذكر أنه في 21 جوان 2024، صادق البرلمان على قانون يتضمن 41 فصلًا ينظم التدخل في البنايات المتداعية للسقوط، بما يشمل الإخلاء والهدم والترميم الثقيل، مع تحديد حقوق المالكين والمستأجرين وإجراءات إشعار الأطراف المعنية. وينص القانون على ضرورة التنسيق مع وزارة التراث في حال كانت البناية ذات خصوصية تاريخية.