في الوقت الذي تتصاعد فيه التحديات الاقتصادية والاجتماعية، تضع تونس ملف التشغيل والتنمية المحلية في صدارة اهتماماتها، من خلال تنويع برامج التشغيل وإطلاق خطوط تمويل جديدة للمشاريع الصغرى والمتوسطة، وتعزيز دور الشركات الأهلية والجمعيات التنموية، إضافة إلى تفعيل برامج بنك التضامن. وتعكس هذه البرامج والإجراءات توجهًا واضحًا نحو تحقيق انتعاشة في سوق الشغل، لا سيما أن هذا التوجه بدأ يعطي ثماره تدريجيًا بعد تراجع البطالة إلى نسبة 15.3 %، وفق آخر الأرقام التي كشفها المعهد الوطني للإحصاء.
يولي رئيس الجمهورية، قيس سعيّد، اهتمامًا بالغًا بملف التشغيل باعتباره من أبرز القضايا الاجتماعية والاقتصادية التي تؤرق الشباب، وقد شدّد منذ توليه رئاسة الجمهورية، في خطابه السياسي، على أن التشغيل ليس منّة من أحد، بل هو حقّ وجب على الدولة توفيره لمواطنيها.
وعمل رئيس الدولة على طرح مقاربات بديلة لتحقيق التشغيل، أبرزها تشجيع الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، وتبسيط الإجراءات الإدارية للمبادرات الفردية والمشاريع الصغرى.
كما دعا إلى تطهير المؤسسات العمومية ومقاومة الفساد الذي يشكّل عائقًا رئيسيًا أمام خلق فرص العمل.
وعلى الرغم من التحديات الاقتصادية والسياسية، أطلق رئيس الجمهورية مبادرات لتشغيل أصحاب الشهائد العليا المعطلين عن العمل، من بينها تنظيم مناظرات عادلة واعتماد مبدأ الكفاءة لا المحسوبية. كما دفع نحو تطوير منظومة التكوين المهني لتكون أكثر استجابة لحاجيات سوق الشغل.
ويُعدّ رهان الرئيس قيس سعيّد على العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص محوريًا في سياسته، ما يجعل ملف التشغيل في صدارة أولوياته الوطنية.
وفي هذا السياق، أكّد رئيس الجمهورية، قيس سعيّد، في تصريحات سابقة، أن التكوين المهني هو المدخل الحقيقي لمكافحة البطالة، مشددًا على ضرورة فتح آفاق جديدة للشباب من خلال بعث مشاريع إنتاجية تضمن التشغيل المستدام.
كما برز دور الشركات الأهلية في تونس كآلية مبتكرة لإحياء الاقتصاد المحلي، لا سيما في المناطق الداخلية. وقد شدّد رئيس الدولة على ضرورة تبسيط الإجراءات الإدارية لتأسيس هذه الشركات، معتبرًا أنها قادرة على تحويل البلاد إلى «حظيرة أشغال» تشمل مختلف القطاعات.
كما دعا المؤسسات البنكية إلى تيسير التمويل لفائدة هذه المبادرات، مؤكدًا أن دعم الشباب الذين يسعون إلى تكوين شركات أهلية سينعكس إيجابًا على المجتمع بأسره.
وضمن السياق نفسه، تم الإعلان عن تخصيص برنامج تمويلي عبر بنك التضامن بقيمة 50 مليون دينار، يستهدف عدّة معتمديات ذات أولوية، بهدف دعم المشاريع الصغرى وإيجاد حلول عملية للتشغيل. ورغم الجهود المبذولة، لا يزال عدد الشركات الأهلية الممولة محدودًا، ما دفع بعض الفاعلين إلى الدعوة لرفع سقف التمويل من 300 ألف دينار إلى مليون دينار حتى يستجيب لحاجيات الباعثين ويواكب متطلبات السوق.
وبالتوازي مع دور الشركات الأهلية وتمويلات بنك التضامن، فإن الجمعيات التنموية تلعب بدورها دورًا متناميًا في مرافقة الباعثين الشبان وتقديم الدعم الفني واللوجستي.
أما فيما يخص التعاون الدولي، فقد كشف المدير العام للوكالة التونسية للتعاون الفني، محمد البليدي، مؤخرًا، بأنه يتم سنويًا تسجيل 3 آلاف منتدب من الكفاءات التونسية بالخارج في إطار التعاون الفني.
وأضاف محمد البليدي أن ثلث المنتدبين ضمن التعاون الفني يعودون إلى تونس.
وقال البليدي: «غالبًا ما يتم إلحاق هذه الكفاءات لمدة معينة، وهناك من يمدد، وبعضهم يواصل العمل في الخارج، لكن ثلث المنتدبين يعودون إلى تونس، خاصةً منهم الملحقين من القطاع العام والوظيفة العمومية».
وشدّد على أهمية خوض الكفاءات التونسية لتجربة العمل في دول أجنبية، وعودتهم إلى تونس لنقل الخبرات إلى المؤسسات التونسية.
وعلى صعيد متصل، قال مقرر لجنة تنظيم الإدارة بالبرلمان، بوبكر بن يحيى، في تصريح لـ«الصباح»، إن التشغيل يُعتبر من أهم البرامج التي يجب أن يتم العمل على تحقيقها من قبل الوظيفة التنفيذية اليوم، للمواطنين، من خلال خلق مواطن الشغل، والعمل على توفير الموارد القارة التي تساهم بدورها في تشغيل مجموعة من الشباب، كلّ في اختصاصه.
وهذا الأمر يتطلب، وفق بوبكر بن يحيى، عملاً جبارًا من قبل الوظيفتين التنفيذية والتشريعية.
وواصل محدثُنا التوضيح بأن الشركات الأهلية، بإطارها الحالي وتوزيع المنابات وتحملها للمسؤولية الاجتماعية، لا يمكنها أن تكون رافدًا ومُشغّلاً كبيرًا لليد العاملة.
واستدرك محدثنا بالقول إنه، بالتوازي مع الشركات الأهلية، يجب خلق توجهات أخرى، بالتوازي مع تدعيم عملية منح القروض الصغرى والمتوسطة، التي تُعد بدورها ضعيفة نوعًا ما أمام التضخم الحاصل.
ودعا مقرر لجنة تنظيم الإدارة ومكافحة الفساد بمجلس نواب الشعب إلى ضرورة طرح العديد من المقترحات لخلق دورة اقتصادية بالبلاد من شأنها أن تستوعب اليد العاملة بمختلف أصنافها وتوجهاتها، وهي أولًا: تنقيح مجلة الاستثمار، التي ستخلق بدورها نفسًا جديدًا وتكون داعمة للشركات بمختلف أنواعها، سواء من باعثين خاصين أو عمومية أو خفية الاسم، من حيث المتابعة والإحاطة لتكوين شركات كبيرة تتمكن من استيعاب اليد العاملة التونسية.
أما النقطة الثانية التي يجب العمل عليها مستقبلًا، وفق محدثنا، فهي مجلة الصرف، التي أكد أنها من أهم المجلات التي يجب تنقيحها لتواكب التطور الإلكتروني، من أجل إعطاء الشباب فرصة. كما دعا بوبكر بن يحيى إلى ضرورة إيجاد قوانين وآليات في إطار مجلة المياه لتساهم في دعم الاستثمار في هذا المجال.
كما شدد محدثُنا على أن العديد من القوانين والآليات يجب مراجعتها من أجل دعم الاستثمار لتكون آلية لدعم التشغيل في بلادنا.
وفي ختام تصريحه، أكّد مقرر لجنة تنظيم الإدارة ومكافحة الفساد بمجلس نواب الشعب أن الإجراءات والمواقف التي تم اتخاذها من قبل الدولة لدعم التشغيل جيّدة وإيجابية، ولكنها تتطلب مزيدًا من الموارد القارة، وإعادة النظر في احتياجات الوظيفة العمومية والقطاع العام، ودفع الاستثمار لاستيعاب أكبر عدد ممكن من اليد العاملة النشيطة.
أميرة الدريدي
في الوقت الذي تتصاعد فيه التحديات الاقتصادية والاجتماعية، تضع تونس ملف التشغيل والتنمية المحلية في صدارة اهتماماتها، من خلال تنويع برامج التشغيل وإطلاق خطوط تمويل جديدة للمشاريع الصغرى والمتوسطة، وتعزيز دور الشركات الأهلية والجمعيات التنموية، إضافة إلى تفعيل برامج بنك التضامن. وتعكس هذه البرامج والإجراءات توجهًا واضحًا نحو تحقيق انتعاشة في سوق الشغل، لا سيما أن هذا التوجه بدأ يعطي ثماره تدريجيًا بعد تراجع البطالة إلى نسبة 15.3 %، وفق آخر الأرقام التي كشفها المعهد الوطني للإحصاء.
يولي رئيس الجمهورية، قيس سعيّد، اهتمامًا بالغًا بملف التشغيل باعتباره من أبرز القضايا الاجتماعية والاقتصادية التي تؤرق الشباب، وقد شدّد منذ توليه رئاسة الجمهورية، في خطابه السياسي، على أن التشغيل ليس منّة من أحد، بل هو حقّ وجب على الدولة توفيره لمواطنيها.
وعمل رئيس الدولة على طرح مقاربات بديلة لتحقيق التشغيل، أبرزها تشجيع الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، وتبسيط الإجراءات الإدارية للمبادرات الفردية والمشاريع الصغرى.
كما دعا إلى تطهير المؤسسات العمومية ومقاومة الفساد الذي يشكّل عائقًا رئيسيًا أمام خلق فرص العمل.
وعلى الرغم من التحديات الاقتصادية والسياسية، أطلق رئيس الجمهورية مبادرات لتشغيل أصحاب الشهائد العليا المعطلين عن العمل، من بينها تنظيم مناظرات عادلة واعتماد مبدأ الكفاءة لا المحسوبية. كما دفع نحو تطوير منظومة التكوين المهني لتكون أكثر استجابة لحاجيات سوق الشغل.
ويُعدّ رهان الرئيس قيس سعيّد على العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص محوريًا في سياسته، ما يجعل ملف التشغيل في صدارة أولوياته الوطنية.
وفي هذا السياق، أكّد رئيس الجمهورية، قيس سعيّد، في تصريحات سابقة، أن التكوين المهني هو المدخل الحقيقي لمكافحة البطالة، مشددًا على ضرورة فتح آفاق جديدة للشباب من خلال بعث مشاريع إنتاجية تضمن التشغيل المستدام.
كما برز دور الشركات الأهلية في تونس كآلية مبتكرة لإحياء الاقتصاد المحلي، لا سيما في المناطق الداخلية. وقد شدّد رئيس الدولة على ضرورة تبسيط الإجراءات الإدارية لتأسيس هذه الشركات، معتبرًا أنها قادرة على تحويل البلاد إلى «حظيرة أشغال» تشمل مختلف القطاعات.
كما دعا المؤسسات البنكية إلى تيسير التمويل لفائدة هذه المبادرات، مؤكدًا أن دعم الشباب الذين يسعون إلى تكوين شركات أهلية سينعكس إيجابًا على المجتمع بأسره.
وضمن السياق نفسه، تم الإعلان عن تخصيص برنامج تمويلي عبر بنك التضامن بقيمة 50 مليون دينار، يستهدف عدّة معتمديات ذات أولوية، بهدف دعم المشاريع الصغرى وإيجاد حلول عملية للتشغيل. ورغم الجهود المبذولة، لا يزال عدد الشركات الأهلية الممولة محدودًا، ما دفع بعض الفاعلين إلى الدعوة لرفع سقف التمويل من 300 ألف دينار إلى مليون دينار حتى يستجيب لحاجيات الباعثين ويواكب متطلبات السوق.
وبالتوازي مع دور الشركات الأهلية وتمويلات بنك التضامن، فإن الجمعيات التنموية تلعب بدورها دورًا متناميًا في مرافقة الباعثين الشبان وتقديم الدعم الفني واللوجستي.
أما فيما يخص التعاون الدولي، فقد كشف المدير العام للوكالة التونسية للتعاون الفني، محمد البليدي، مؤخرًا، بأنه يتم سنويًا تسجيل 3 آلاف منتدب من الكفاءات التونسية بالخارج في إطار التعاون الفني.
وأضاف محمد البليدي أن ثلث المنتدبين ضمن التعاون الفني يعودون إلى تونس.
وقال البليدي: «غالبًا ما يتم إلحاق هذه الكفاءات لمدة معينة، وهناك من يمدد، وبعضهم يواصل العمل في الخارج، لكن ثلث المنتدبين يعودون إلى تونس، خاصةً منهم الملحقين من القطاع العام والوظيفة العمومية».
وشدّد على أهمية خوض الكفاءات التونسية لتجربة العمل في دول أجنبية، وعودتهم إلى تونس لنقل الخبرات إلى المؤسسات التونسية.
وعلى صعيد متصل، قال مقرر لجنة تنظيم الإدارة بالبرلمان، بوبكر بن يحيى، في تصريح لـ«الصباح»، إن التشغيل يُعتبر من أهم البرامج التي يجب أن يتم العمل على تحقيقها من قبل الوظيفة التنفيذية اليوم، للمواطنين، من خلال خلق مواطن الشغل، والعمل على توفير الموارد القارة التي تساهم بدورها في تشغيل مجموعة من الشباب، كلّ في اختصاصه.
وهذا الأمر يتطلب، وفق بوبكر بن يحيى، عملاً جبارًا من قبل الوظيفتين التنفيذية والتشريعية.
وواصل محدثُنا التوضيح بأن الشركات الأهلية، بإطارها الحالي وتوزيع المنابات وتحملها للمسؤولية الاجتماعية، لا يمكنها أن تكون رافدًا ومُشغّلاً كبيرًا لليد العاملة.
واستدرك محدثنا بالقول إنه، بالتوازي مع الشركات الأهلية، يجب خلق توجهات أخرى، بالتوازي مع تدعيم عملية منح القروض الصغرى والمتوسطة، التي تُعد بدورها ضعيفة نوعًا ما أمام التضخم الحاصل.
ودعا مقرر لجنة تنظيم الإدارة ومكافحة الفساد بمجلس نواب الشعب إلى ضرورة طرح العديد من المقترحات لخلق دورة اقتصادية بالبلاد من شأنها أن تستوعب اليد العاملة بمختلف أصنافها وتوجهاتها، وهي أولًا: تنقيح مجلة الاستثمار، التي ستخلق بدورها نفسًا جديدًا وتكون داعمة للشركات بمختلف أنواعها، سواء من باعثين خاصين أو عمومية أو خفية الاسم، من حيث المتابعة والإحاطة لتكوين شركات كبيرة تتمكن من استيعاب اليد العاملة التونسية.
أما النقطة الثانية التي يجب العمل عليها مستقبلًا، وفق محدثنا، فهي مجلة الصرف، التي أكد أنها من أهم المجلات التي يجب تنقيحها لتواكب التطور الإلكتروني، من أجل إعطاء الشباب فرصة. كما دعا بوبكر بن يحيى إلى ضرورة إيجاد قوانين وآليات في إطار مجلة المياه لتساهم في دعم الاستثمار في هذا المجال.
كما شدد محدثُنا على أن العديد من القوانين والآليات يجب مراجعتها من أجل دعم الاستثمار لتكون آلية لدعم التشغيل في بلادنا.
وفي ختام تصريحه، أكّد مقرر لجنة تنظيم الإدارة ومكافحة الفساد بمجلس نواب الشعب أن الإجراءات والمواقف التي تم اتخاذها من قبل الدولة لدعم التشغيل جيّدة وإيجابية، ولكنها تتطلب مزيدًا من الموارد القارة، وإعادة النظر في احتياجات الوظيفة العمومية والقطاع العام، ودفع الاستثمار لاستيعاب أكبر عدد ممكن من اليد العاملة النشيطة.