إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

من بينها مشاريع مجلات الصرف والمياه والغابات.. مطالبة بالتسريع في مراجعة قوانين ذات أولوية خلال الدورة النيابية القادمة

- النائب عماد الدين سديري : مجلس نواب الشعب سيمضي خلال الدورة النيابية المرتقبة في دراسة مختلف المبادرات التشريعية التي تم تقديمها من قبل النواب

أمام تأخر الوظيفة التنفيذية في تقديم مشروع مجلة الصرف الجديدة لمجلس نواب الشعب، قررت لجنة المالية والميزانية إدراج مقترح القانون المتعلق بتسوية مخالفات الصرف الذي تم إيداعه من قبل مجموعة من النواب منذ شهر ماي 2025 في صدارة أولوياتها التشريعية خلال الدورة النيابية القادمة  ومن المنتظر أن تواصل دراسته.

وكان أعضاء اللجنة قد أشاروا خلال جلسة جمعتهم بممثلي وزارة المالية يوم 16 جويلية الماضي إلى عدم إحالة مشروع مجلة الصرف بعد على أنظار المجلس النيابي. ودعوا إلى ضرورة توفّر الإرادة السياسية لإصلاح المنظومة الصرفية مع مساهمة جميع الأطراف في تطوير هذا المقترح، وأكّدوا على أهمية القيام بمراجعة شاملة لهذه المنظومة بما ينسجم مع المتغيرات الاقتصادية والالتزامات الدولية لتونس.

عضو اللجنة عماد الدين سديري أشار في تصريح لـ»الصباح» إلى أن الكثير من النواب طالبوا وزارة المالية في عديد المناسبات بالتسريع في مراجعة قانون الصرف وسن مجلة جديدة. وذكر أن اللجنة انتظرت طويلا ورود مشروع المجلة لكن أمام التأخير الكبير في إعداد هذا المشروع من قبل الحكومة تولى عدد من النواب وفي مقدمتهم النائب ماهر الكتاري تقديم مبادرة تشريعية تتعلق بتسوية مخالفات الصرف.

وأضاف أن مجلس نواب الشعب سيمضي خلال الدورة النيابية المرتقبة في دراسة مختلف المبادرات التشريعية التي تم تقديمها من قبل النواب والمتعلقة بعديد المجالات التي تقتضي القيام بإصلاحات تشريعية خاصة منها مجلة الصرف ومجلة المياه ومجلة الغابات أو المقترحات الرامية إلى التشغيل أو إلى دفع الاستثمار أو إلى تحسين ظروف عيش المواطن بشكل عام. وذكر أنه توجد إرادة قوية لدى النواب كي يأخذ المجلس  على عاتقة سن القوانين التي انتظروها منذ بداية العهدة النيابية، والتي تكتسي أهمية كبيرة سواء على المستوى الاقتصادي وعلى المستوى الاجتماعي، لأن النواب لاحظوا تردد الحكومة وأحيانا ارتباكها في إعداد مشاريع قوانين تم الإعلان منذ فترة طويلة عن اشتغال الوزارات المعنية عليها..

عدم تطبيق الإجراءات

ولاحظ عضو لجنة المالية والميزانية عماد الدين سديري أن الأمر لم يتوقف عند التأخير في إحالة مشاريع القوانين التي ينتظرها نواب الشعب منذ التحاقهم بالمجلس، بل توجد مسألة أخرى تم التداول بشأنها خلال الجلسة الأخيرة التي عقدتها اللجنة مطلع الشهر الجاري، إذ لم يقع تطبيق مقتضيات الفقرة الثانية من الفصل 40 من القانون عدد 15 المؤرخ في 13 فيفري 2019 المتعلق بالقانون الأساسي للميزانية، والتي توجب على الحكومة أن تعرض على مجلس نواب الشعب قبل موفى شهر جويلية من كل سنة الفرضيات والتوجهات الكبرى لميزانية الدولة للسنة المالية المقبلة.

وأضاف النائب عماد الدين سديري أنه من الضروري مد أعضاء مجلس نواب الشعب بالوثاق الضرورية لتمكينهم من حسن الاستعداد لنقاش مشروع ميزانية السنة المقبلة، وقال إنه لا يريد أن تتواصل تعبئة الميزانية من القروض والموارد الجبائية بل يرغب في بحث موارد أخرى كما يريد وضع إجراءات فعالة لدفع الاستثمار الخاص والتخفيف من الضغط الجبائي المسلط على المواطن.

جلسات استماع

وبخصوص مدى تقدم لجنة المالية والميزانية في دراسة مقترح القانون المتعلق بتسوية مخالفات الصرف، بين عضو اللجنة النائب عماد الدين سديري أنه سبق لجنة المالية والميزانية أن ناقشت  قبيل العطلة البرلمانية هذه المبادرة التشريعية المعروضة عليها وعقدت جلسة استماع أولى إلى ممثلين عن جهة المبادرة، ثم استمعت لاحقا في جلسة أخرى إلى ممثلين عن وزارة المالية الذين أبدوا رأي الوزارة في مضامين مقترح هذا القانون.

ويذكر أنه استنادا إلى بلاغات صادرة عن اللجنة، فقد أشار ممثلو جهة المبادرة خلال جلسة الاستماع إليهم المنعقدة يوم 2 جويلية 2025 إلى تفاقم ظاهرة تداول العملة خارج القنوات الرسمية وعدم التصريح بالمكاسب بالخارج كلما كان التصريح مستوجبا وهو ما أثّر بصفة ملحوظة على الاقتصاد الوطني بصفة عامة، وعلى الاحتياطي من العملة الصعبة بصفة خاصة. وأكّدوا أنه أصبح من الضروري اتخاذ إجراء استثنائي يحفز على إدماج تلك العملات بالقطاع المنظم والتصريح بالمكاسب بالخارج وذلك من خلال سن قانون يتعلق بتسوية مخالفات الصرف يستهدف الأشخاص الطبيعيين المقيمين مع استثناء الأشخاص المعنويين. وأوضحوا أن مقترح هذا القانون يحدد الأشخاص المعنيين بتسوية الوضعية بطريقة قانونية مع تفادي التتبعات وذلك في انتظار تنقيح مجلة الصرف برمتها. وخلال النقاش، أكّد أعضاء لجنة المالية والميزانية على أهمية مقترح القانون المعروض على أنظار لجنتهم وذلك لأنه يساهم في تقليص حجم السوق السوداء للعملة، ويدعم استقرار الدينار ويساهم في زيادة مداخيل الدولة من خلال تسوية وضعيات عدد كبير من المخالفين، دون اللجوء إلى إجراءات قضائية مكلفة ومعقدة ، كما يمكّن من إعادة ضخّ الأموال الموجودة في السوق الموازية أو المودعة بالخارج في الدورة الاقتصادية الوطنية. واستفسروا عن الإجراءات المتعلقة بتسوية الوضعيات بطريقة طوعية وبشكل قانوني وعن وضعية الأجانب الموجودين في تونس وعن ارتباط المشروع بمجلة الصرف. وتفاعلا مع أعضاء اللجنة أوضح ممثلو جهة المبادرة أن مقترحهم يرمي إلى تسوية عدد من المخالفات على غرار عدم التصريح بمداخيل بالعملة أو إدخال أو إخراج أموال بطريقة غير قانونية، وبينوا أنّ  مبادرتهم هي خطوة أولى في اتجاه مراجعة منظومة الصرف مراجعة شاملة وتحديث القوانين ذات العلاقة بكيفية تراعي الواقع الاقتصادي وتمكّن من جمع معطيات دقيقة حول طبيعة المخالفات وحجمها. وأكّدوا أنه لن يكون لمقترح القانون المذكور تأثير سلبي على الاقتصاد أو على التوازنات المالية أو على احتياطي العملة.

وفي المقابل أشار ممثلو ووزارة المالية خلال جلسة الاستماع إليهم من قبل لجنة المالية والميزانية المنعقدة يوم 16 جويلية 2025 إلى أن مقترح القانون المتعلق بتسوية مخالفات الصرف، يتضمّن جزء يتعلق بتسوية المخالفات الصرفية وهي إجراءات ظرفية، وجزء يتعلق بتمكين المقيمين من فتح حسابات بالعملة وهو إجراء تشريعي غير محدد في الزمن. وذكّروا بارتباطه الوثيق بالقانون عدد 41 لسنة 2007 المؤرخ في 25 جوان 2007 المتعلق بسن عفو عن مخالفات الصرف والجباية. وأفادوا أنّ هذا المقترح يرتبط بمراجعة مجلة الصرف، التي مازالت في مرحلة التطوير من قبل الوزارات والهياكل المعنية.. وبخصوص الجزء الثاني من المقترح، أشاروا إلى منشور البنك المركزي التونسي المتعلق بفتح الحساب بالعملة من قبل المقيمين. ونبهوا من أن هذا المقترح قد ينطوي على مخاطر تتعلّق بارتفاع المضاربات بما قد ينعكس سلبًا على قيمة الدينار ومخزون العملة الأجنبية. وأضافوا أنه من الأنسب أن يتم تأطير المقترح ضمن أحكام مجلة الصرف، وأشاروا إلى أنّ شروط فتح الحسابات بالعملة مازالت غير واضحة وبيّنوا أن المقترح قد يثير صعوبات على مستوى التطبيق نظرا لوجود إشكاليات في تحديد الأشخاص الطبيعيين المعنيين بعملية التسوية إضافة إلى أن  المخالفات  قد ترتكبها الشركات وليس الأفراد. وأضافوا أن مجال تطبيق مقترح القانون غير واضح، إذ لم يشمل عديد المخالفات الصرفية من بينها المعاملات بين المقيمين وغير المقيمين وهو ما يطرح إشكاليات على مستوى شمولية القانون وعلى مستوى الدقة في ضبط أحكامه. وأثار ممثلو وزارة المالية إشكالية أخرى تتعلق بكيفية تقييم المكاسب المتأتية من الخارج قبل الشروع في إجراءات التسوية، فضلا عن صعوبة مراقبة عمليات فتح الحسابات بالعملة من قبل المقيمين، نظرا لما قد تسببه من تأثيرات سلبية محتملة على عمليات التوريد والتهريب وغيرها من الممارسات غير القانونية. وذكروا أنه توجود مخاوف مشروعة من الناحية الفنية، خاصة فيما يتعلّق بإمكانية تنامي المضاربة بالعملة وتأثير ذلك على قيمة الدينار. وأضافوا أنّ الآثار السلبية المحتملة الناجمة عن فتح الحسابات بالعملة قد تمتد لتشمل تجاوزات وممارسات غير قانونية أخرى. وشدّدوا على حرص مختلف الأطراف المتدخّلة على إصدار مجلة الصرف، نظرًا لدورها المحوري في تسهيل عمل عدد من الهياكل، من بينها مصالح الديوانة.

خمسة فصول

وللتذكير فقد تضمن مقترح القانون المتعلق بتسوية مخالفات الصرف خمسة فصول، وتم تقديمه يوم 26 ماي 2025 من قبل النواب ماهر الكتاري وعز الدين التايب وطارق مهدي ورياض بلال وعصام شوشان وطارق الربعي وثابت العابد وظافر الصغيري ومحمد علي فنيرة ومحمد بنسعيد وسامي رايس ومحمد علي وسامي الحاج عمر ويوسف التومي وعبد القادر بن زينب وأيمن نقرة وعصام البحري جابري وعمر بن عمر وزينة جيب الله ويسري البواب ومهى عامر وماجدة الورغي .

ولا تنسحب أحكام هذه المبادرة التشريعية على مخالفات الصرف في الأفعال التي جرمها القانون الأساسي المتعلق بمكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال.

ويمكن بمقتضى الفصل الأول من مقترح القانون المتعلق بتسوية مخالفات الصرف، تسوية مخالفات الصرف المرتكبة قبل دخول القانون الجديد حيز التنفيذ من قبل الأشخاص الطبيعيين المقيمين على معنى تشريع الصرف، وتتمثل المخالفات موضوع التسوية على معنى هذا القانون في ما يلي:

ـ عدم التصريح بالمكاسب بالخارج كلما كان التصريح مستوجبا وعدم الامتثال للإجراءات الناتجة عن ذلك طبقا للقانون عدد 18 لسنة 1976 المؤرخ في 21 ماي 1976 المتعلق بمراجعة وتدوين التشريع الخاص بالصرف والتجارة الخارجية والمنظم للعلاقات بين البلاد التونسية والبلدان الأجنبية والأمر عدد 608 لسنة 1977 المؤرخ في 27 جويلية 1977 المتعلق بضبط شروط تطبيق القانون عدد 18 لسنة 1976 والتراتيب الجاري بها العمل.

ـ  عدم إعادة مداخيل ومحاصيل المكاسب سالفة الذكر والمكاسب من العملات إلى البلاد التونسية وعدم إحالتها مقابل الدينار كلما اقتضت التراتيب الجاري بها العمل إعادة تلك المداخيل والمحاصيل والمكاسب وإحالتها.

ـ مسك عملات في شكل أوراق نقدية أجنبية بالبلاد التونسية وعدم إيداعها لدى وسيط مقبول وعدم إحالتها مقابل الدينار كلما اقتضت التراتيب الجاري بها العمل إيداع تلك العملات وإحالتها.

وضبط الفصل الثاني من مقترح القانون المعروض على أنظار لجنة المالية والميزانية بمجلس نواب الشعب مختلف إجراءات الانتفاع بالتسوية وهي عديدة ومتنوعة، أما الفصل الثالث فيمكن بمقتضاه للمنتفعين بالتسوية فتح حسابات بالعملات أو بالدينار القابل للتحويل لدى الوسطاء المقبولين لإيداع العملات، وبموجب الفصل الرابع، يمكن للأشخاص المعنيين بالتسوية استعمال المبالغ المودعة بهذه الحسابات طبقا للتراتيب الجاري بها العمل لاستثمارها بالبلاد التونسية، ولتغطية نفقاتهم داخل البلاد التونسية، ولتغطية نفقاتهم خارج البلاد التونسية باستثناء تغذية حسابات بالعملة بالخارج وتتولى لجنة التحاليل المالية القيام بالتحريات التي تراها ضرورية في ما يتعلق بعمليات التسوية وفقا للتشريع الجاري به العمل.

فتح الحسابات

ونص الفصل الخامس والأخير من مقترح القانون المتعلق بتسوية مخالفات الصرف على أنه يمكن للأشخاص الطبيعيين المقيمين فتح حساب بالعملة الأجنبية أو بالدينار القابل للتحويل وفق الشروط الآتي ذكرها: يمكن للأشخاص الطبيعيين المقيمين ذوي الجنسية التونسية أن يفتحوا بدفاتر الوسطاء المقبولين حسابات بالعملات. ولا يخضع فتح هذه الحسابات للشرط المنصوص عليه بالفصلين 16 و18 من مجلة الصرف والتجارة الخارجية والفصل 16 من القانون عدد 83 لسنة 1986 المؤرخ في غرة سبتمبر 1986 المتعلق بتنقيح قانون المالية لسنة 1986 ولا يخضع للموافقة المسبقة للبنك المركزي التونسي.

وبخصوص قواعد سير هذه الحسابات بالعملات القابلة للتحويل، فيمكن توفير هذه الحسابات بالعملات القابلة للتحويل دون ترخيص مسبق بواسطة:

- المبالغ المتأتية من حساب آخر بالعملات أو بالدينار القابل للتحويل،

- الفوائد المتحصل عليها من المبالغ المودعة في الحساب وذلك إذا تم توظيفها من قبل الوسيط المعتمد بنسبة مجزية حسب شروط يضبطها البنك المركزي التونسي.

أما بالنسبة إلى عمليات الخصم من الحسابات: فيمكن الخصم من الحسابات بالعملات القابلة للتحويل دون ترخيص مسبق لكل عملية تسديد بالخارج، لتسليم أية عملات أجنبية لصاحب الحساب للقيام بسفر إلى الخارج، لتوفير اعتماد لحساب آخر بالعملات. ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكون هذا الحساب مدينا.

سعيدة بوهلال

من بينها مشاريع مجلات الصرف والمياه والغابات..   مطالبة بالتسريع في مراجعة قوانين ذات أولوية خلال الدورة النيابية القادمة

- النائب عماد الدين سديري : مجلس نواب الشعب سيمضي خلال الدورة النيابية المرتقبة في دراسة مختلف المبادرات التشريعية التي تم تقديمها من قبل النواب

أمام تأخر الوظيفة التنفيذية في تقديم مشروع مجلة الصرف الجديدة لمجلس نواب الشعب، قررت لجنة المالية والميزانية إدراج مقترح القانون المتعلق بتسوية مخالفات الصرف الذي تم إيداعه من قبل مجموعة من النواب منذ شهر ماي 2025 في صدارة أولوياتها التشريعية خلال الدورة النيابية القادمة  ومن المنتظر أن تواصل دراسته.

وكان أعضاء اللجنة قد أشاروا خلال جلسة جمعتهم بممثلي وزارة المالية يوم 16 جويلية الماضي إلى عدم إحالة مشروع مجلة الصرف بعد على أنظار المجلس النيابي. ودعوا إلى ضرورة توفّر الإرادة السياسية لإصلاح المنظومة الصرفية مع مساهمة جميع الأطراف في تطوير هذا المقترح، وأكّدوا على أهمية القيام بمراجعة شاملة لهذه المنظومة بما ينسجم مع المتغيرات الاقتصادية والالتزامات الدولية لتونس.

عضو اللجنة عماد الدين سديري أشار في تصريح لـ»الصباح» إلى أن الكثير من النواب طالبوا وزارة المالية في عديد المناسبات بالتسريع في مراجعة قانون الصرف وسن مجلة جديدة. وذكر أن اللجنة انتظرت طويلا ورود مشروع المجلة لكن أمام التأخير الكبير في إعداد هذا المشروع من قبل الحكومة تولى عدد من النواب وفي مقدمتهم النائب ماهر الكتاري تقديم مبادرة تشريعية تتعلق بتسوية مخالفات الصرف.

وأضاف أن مجلس نواب الشعب سيمضي خلال الدورة النيابية المرتقبة في دراسة مختلف المبادرات التشريعية التي تم تقديمها من قبل النواب والمتعلقة بعديد المجالات التي تقتضي القيام بإصلاحات تشريعية خاصة منها مجلة الصرف ومجلة المياه ومجلة الغابات أو المقترحات الرامية إلى التشغيل أو إلى دفع الاستثمار أو إلى تحسين ظروف عيش المواطن بشكل عام. وذكر أنه توجد إرادة قوية لدى النواب كي يأخذ المجلس  على عاتقة سن القوانين التي انتظروها منذ بداية العهدة النيابية، والتي تكتسي أهمية كبيرة سواء على المستوى الاقتصادي وعلى المستوى الاجتماعي، لأن النواب لاحظوا تردد الحكومة وأحيانا ارتباكها في إعداد مشاريع قوانين تم الإعلان منذ فترة طويلة عن اشتغال الوزارات المعنية عليها..

عدم تطبيق الإجراءات

ولاحظ عضو لجنة المالية والميزانية عماد الدين سديري أن الأمر لم يتوقف عند التأخير في إحالة مشاريع القوانين التي ينتظرها نواب الشعب منذ التحاقهم بالمجلس، بل توجد مسألة أخرى تم التداول بشأنها خلال الجلسة الأخيرة التي عقدتها اللجنة مطلع الشهر الجاري، إذ لم يقع تطبيق مقتضيات الفقرة الثانية من الفصل 40 من القانون عدد 15 المؤرخ في 13 فيفري 2019 المتعلق بالقانون الأساسي للميزانية، والتي توجب على الحكومة أن تعرض على مجلس نواب الشعب قبل موفى شهر جويلية من كل سنة الفرضيات والتوجهات الكبرى لميزانية الدولة للسنة المالية المقبلة.

وأضاف النائب عماد الدين سديري أنه من الضروري مد أعضاء مجلس نواب الشعب بالوثاق الضرورية لتمكينهم من حسن الاستعداد لنقاش مشروع ميزانية السنة المقبلة، وقال إنه لا يريد أن تتواصل تعبئة الميزانية من القروض والموارد الجبائية بل يرغب في بحث موارد أخرى كما يريد وضع إجراءات فعالة لدفع الاستثمار الخاص والتخفيف من الضغط الجبائي المسلط على المواطن.

جلسات استماع

وبخصوص مدى تقدم لجنة المالية والميزانية في دراسة مقترح القانون المتعلق بتسوية مخالفات الصرف، بين عضو اللجنة النائب عماد الدين سديري أنه سبق لجنة المالية والميزانية أن ناقشت  قبيل العطلة البرلمانية هذه المبادرة التشريعية المعروضة عليها وعقدت جلسة استماع أولى إلى ممثلين عن جهة المبادرة، ثم استمعت لاحقا في جلسة أخرى إلى ممثلين عن وزارة المالية الذين أبدوا رأي الوزارة في مضامين مقترح هذا القانون.

ويذكر أنه استنادا إلى بلاغات صادرة عن اللجنة، فقد أشار ممثلو جهة المبادرة خلال جلسة الاستماع إليهم المنعقدة يوم 2 جويلية 2025 إلى تفاقم ظاهرة تداول العملة خارج القنوات الرسمية وعدم التصريح بالمكاسب بالخارج كلما كان التصريح مستوجبا وهو ما أثّر بصفة ملحوظة على الاقتصاد الوطني بصفة عامة، وعلى الاحتياطي من العملة الصعبة بصفة خاصة. وأكّدوا أنه أصبح من الضروري اتخاذ إجراء استثنائي يحفز على إدماج تلك العملات بالقطاع المنظم والتصريح بالمكاسب بالخارج وذلك من خلال سن قانون يتعلق بتسوية مخالفات الصرف يستهدف الأشخاص الطبيعيين المقيمين مع استثناء الأشخاص المعنويين. وأوضحوا أن مقترح هذا القانون يحدد الأشخاص المعنيين بتسوية الوضعية بطريقة قانونية مع تفادي التتبعات وذلك في انتظار تنقيح مجلة الصرف برمتها. وخلال النقاش، أكّد أعضاء لجنة المالية والميزانية على أهمية مقترح القانون المعروض على أنظار لجنتهم وذلك لأنه يساهم في تقليص حجم السوق السوداء للعملة، ويدعم استقرار الدينار ويساهم في زيادة مداخيل الدولة من خلال تسوية وضعيات عدد كبير من المخالفين، دون اللجوء إلى إجراءات قضائية مكلفة ومعقدة ، كما يمكّن من إعادة ضخّ الأموال الموجودة في السوق الموازية أو المودعة بالخارج في الدورة الاقتصادية الوطنية. واستفسروا عن الإجراءات المتعلقة بتسوية الوضعيات بطريقة طوعية وبشكل قانوني وعن وضعية الأجانب الموجودين في تونس وعن ارتباط المشروع بمجلة الصرف. وتفاعلا مع أعضاء اللجنة أوضح ممثلو جهة المبادرة أن مقترحهم يرمي إلى تسوية عدد من المخالفات على غرار عدم التصريح بمداخيل بالعملة أو إدخال أو إخراج أموال بطريقة غير قانونية، وبينوا أنّ  مبادرتهم هي خطوة أولى في اتجاه مراجعة منظومة الصرف مراجعة شاملة وتحديث القوانين ذات العلاقة بكيفية تراعي الواقع الاقتصادي وتمكّن من جمع معطيات دقيقة حول طبيعة المخالفات وحجمها. وأكّدوا أنه لن يكون لمقترح القانون المذكور تأثير سلبي على الاقتصاد أو على التوازنات المالية أو على احتياطي العملة.

وفي المقابل أشار ممثلو ووزارة المالية خلال جلسة الاستماع إليهم من قبل لجنة المالية والميزانية المنعقدة يوم 16 جويلية 2025 إلى أن مقترح القانون المتعلق بتسوية مخالفات الصرف، يتضمّن جزء يتعلق بتسوية المخالفات الصرفية وهي إجراءات ظرفية، وجزء يتعلق بتمكين المقيمين من فتح حسابات بالعملة وهو إجراء تشريعي غير محدد في الزمن. وذكّروا بارتباطه الوثيق بالقانون عدد 41 لسنة 2007 المؤرخ في 25 جوان 2007 المتعلق بسن عفو عن مخالفات الصرف والجباية. وأفادوا أنّ هذا المقترح يرتبط بمراجعة مجلة الصرف، التي مازالت في مرحلة التطوير من قبل الوزارات والهياكل المعنية.. وبخصوص الجزء الثاني من المقترح، أشاروا إلى منشور البنك المركزي التونسي المتعلق بفتح الحساب بالعملة من قبل المقيمين. ونبهوا من أن هذا المقترح قد ينطوي على مخاطر تتعلّق بارتفاع المضاربات بما قد ينعكس سلبًا على قيمة الدينار ومخزون العملة الأجنبية. وأضافوا أنه من الأنسب أن يتم تأطير المقترح ضمن أحكام مجلة الصرف، وأشاروا إلى أنّ شروط فتح الحسابات بالعملة مازالت غير واضحة وبيّنوا أن المقترح قد يثير صعوبات على مستوى التطبيق نظرا لوجود إشكاليات في تحديد الأشخاص الطبيعيين المعنيين بعملية التسوية إضافة إلى أن  المخالفات  قد ترتكبها الشركات وليس الأفراد. وأضافوا أن مجال تطبيق مقترح القانون غير واضح، إذ لم يشمل عديد المخالفات الصرفية من بينها المعاملات بين المقيمين وغير المقيمين وهو ما يطرح إشكاليات على مستوى شمولية القانون وعلى مستوى الدقة في ضبط أحكامه. وأثار ممثلو وزارة المالية إشكالية أخرى تتعلق بكيفية تقييم المكاسب المتأتية من الخارج قبل الشروع في إجراءات التسوية، فضلا عن صعوبة مراقبة عمليات فتح الحسابات بالعملة من قبل المقيمين، نظرا لما قد تسببه من تأثيرات سلبية محتملة على عمليات التوريد والتهريب وغيرها من الممارسات غير القانونية. وذكروا أنه توجود مخاوف مشروعة من الناحية الفنية، خاصة فيما يتعلّق بإمكانية تنامي المضاربة بالعملة وتأثير ذلك على قيمة الدينار. وأضافوا أنّ الآثار السلبية المحتملة الناجمة عن فتح الحسابات بالعملة قد تمتد لتشمل تجاوزات وممارسات غير قانونية أخرى. وشدّدوا على حرص مختلف الأطراف المتدخّلة على إصدار مجلة الصرف، نظرًا لدورها المحوري في تسهيل عمل عدد من الهياكل، من بينها مصالح الديوانة.

خمسة فصول

وللتذكير فقد تضمن مقترح القانون المتعلق بتسوية مخالفات الصرف خمسة فصول، وتم تقديمه يوم 26 ماي 2025 من قبل النواب ماهر الكتاري وعز الدين التايب وطارق مهدي ورياض بلال وعصام شوشان وطارق الربعي وثابت العابد وظافر الصغيري ومحمد علي فنيرة ومحمد بنسعيد وسامي رايس ومحمد علي وسامي الحاج عمر ويوسف التومي وعبد القادر بن زينب وأيمن نقرة وعصام البحري جابري وعمر بن عمر وزينة جيب الله ويسري البواب ومهى عامر وماجدة الورغي .

ولا تنسحب أحكام هذه المبادرة التشريعية على مخالفات الصرف في الأفعال التي جرمها القانون الأساسي المتعلق بمكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال.

ويمكن بمقتضى الفصل الأول من مقترح القانون المتعلق بتسوية مخالفات الصرف، تسوية مخالفات الصرف المرتكبة قبل دخول القانون الجديد حيز التنفيذ من قبل الأشخاص الطبيعيين المقيمين على معنى تشريع الصرف، وتتمثل المخالفات موضوع التسوية على معنى هذا القانون في ما يلي:

ـ عدم التصريح بالمكاسب بالخارج كلما كان التصريح مستوجبا وعدم الامتثال للإجراءات الناتجة عن ذلك طبقا للقانون عدد 18 لسنة 1976 المؤرخ في 21 ماي 1976 المتعلق بمراجعة وتدوين التشريع الخاص بالصرف والتجارة الخارجية والمنظم للعلاقات بين البلاد التونسية والبلدان الأجنبية والأمر عدد 608 لسنة 1977 المؤرخ في 27 جويلية 1977 المتعلق بضبط شروط تطبيق القانون عدد 18 لسنة 1976 والتراتيب الجاري بها العمل.

ـ  عدم إعادة مداخيل ومحاصيل المكاسب سالفة الذكر والمكاسب من العملات إلى البلاد التونسية وعدم إحالتها مقابل الدينار كلما اقتضت التراتيب الجاري بها العمل إعادة تلك المداخيل والمحاصيل والمكاسب وإحالتها.

ـ مسك عملات في شكل أوراق نقدية أجنبية بالبلاد التونسية وعدم إيداعها لدى وسيط مقبول وعدم إحالتها مقابل الدينار كلما اقتضت التراتيب الجاري بها العمل إيداع تلك العملات وإحالتها.

وضبط الفصل الثاني من مقترح القانون المعروض على أنظار لجنة المالية والميزانية بمجلس نواب الشعب مختلف إجراءات الانتفاع بالتسوية وهي عديدة ومتنوعة، أما الفصل الثالث فيمكن بمقتضاه للمنتفعين بالتسوية فتح حسابات بالعملات أو بالدينار القابل للتحويل لدى الوسطاء المقبولين لإيداع العملات، وبموجب الفصل الرابع، يمكن للأشخاص المعنيين بالتسوية استعمال المبالغ المودعة بهذه الحسابات طبقا للتراتيب الجاري بها العمل لاستثمارها بالبلاد التونسية، ولتغطية نفقاتهم داخل البلاد التونسية، ولتغطية نفقاتهم خارج البلاد التونسية باستثناء تغذية حسابات بالعملة بالخارج وتتولى لجنة التحاليل المالية القيام بالتحريات التي تراها ضرورية في ما يتعلق بعمليات التسوية وفقا للتشريع الجاري به العمل.

فتح الحسابات

ونص الفصل الخامس والأخير من مقترح القانون المتعلق بتسوية مخالفات الصرف على أنه يمكن للأشخاص الطبيعيين المقيمين فتح حساب بالعملة الأجنبية أو بالدينار القابل للتحويل وفق الشروط الآتي ذكرها: يمكن للأشخاص الطبيعيين المقيمين ذوي الجنسية التونسية أن يفتحوا بدفاتر الوسطاء المقبولين حسابات بالعملات. ولا يخضع فتح هذه الحسابات للشرط المنصوص عليه بالفصلين 16 و18 من مجلة الصرف والتجارة الخارجية والفصل 16 من القانون عدد 83 لسنة 1986 المؤرخ في غرة سبتمبر 1986 المتعلق بتنقيح قانون المالية لسنة 1986 ولا يخضع للموافقة المسبقة للبنك المركزي التونسي.

وبخصوص قواعد سير هذه الحسابات بالعملات القابلة للتحويل، فيمكن توفير هذه الحسابات بالعملات القابلة للتحويل دون ترخيص مسبق بواسطة:

- المبالغ المتأتية من حساب آخر بالعملات أو بالدينار القابل للتحويل،

- الفوائد المتحصل عليها من المبالغ المودعة في الحساب وذلك إذا تم توظيفها من قبل الوسيط المعتمد بنسبة مجزية حسب شروط يضبطها البنك المركزي التونسي.

أما بالنسبة إلى عمليات الخصم من الحسابات: فيمكن الخصم من الحسابات بالعملات القابلة للتحويل دون ترخيص مسبق لكل عملية تسديد بالخارج، لتسليم أية عملات أجنبية لصاحب الحساب للقيام بسفر إلى الخارج، لتوفير اعتماد لحساب آخر بالعملات. ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكون هذا الحساب مدينا.

سعيدة بوهلال