إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بدأ العد التنازلي لانطلاقتها.. العودة المدرسية.. بداية جديدة على وقع الإصلاحات

 

بدأ العد التنازلي للعودة المدرسية، هذه المحطة التي تمثّل دائما حدثا وطنيا بامتياز، حيث تتوجّه أنظار العائلات ووزارة الإشراف وكل الهياكل والجهات المتدخلة نحو المدارس والمعاهد التي تستقبل أكثر من مليوني تلميذ من مختلف المستويات. فالعودة المدرسية ليست مجرد تقليد سنوي أو موعد عابر، بل هي حدث وطني يعكس في أبعاده صورة المجتمع وعلاقته بالعلم والمعرفة.

في هذا الخصوص، شهدت الأسابيع الأخيرة حركية لافتة في أغلب المؤسسات التربوية، إذ عملت وزارة التربية -بمعية جميع الأطراف المتداخلة- على صيانة عدد من المدارس، وتوفير الحدّ الأدنى من الظروف الملائمة لانطلاق السنة الجديدة، لا سيما في المناطق الداخلية، كما تكثّفت عمليات التزويد بالكتب المدرسية في مراكز البيع الرسمية.

وككل سنة، لا تخلو العودة المدرسية من أعباء مالية تثقل كاهل الأولياء، الذين وجدوا أنفسهم أمام مصاريف جمّة تشمل الكُتب واللوازم المدرسية والتسجيل في حصص التدارك والدعم. ومع ذلك، فإن أغلب العائلات تعتبر هذه التضحيات استثمارا ضروريا في مستقبل أبنائها، ما يجعل المدرسة محورا أساسيا في حياتهم اليومية.

ورغم كل الجهود المبذولة من قبل كل المتداخلين في العملية التربوية، إلا أنّ المنظومة التربوية تواجه جملة من التحديات، أبرزها نقص الإطار التربوي في بعض الاختصاصات وفي بعض المناطق الداخلية، إلى جانب معضلة الاكتظاظ في عدد من الأقسام، فضلا عن الضغط المتزايد على البنية التحتية.

وفي ظل هذه التحديات، تبرز الحاجة الملحّة إلى إصلاحات شاملة تُعيد الاعتبار للمدرسة العمومية وتُكرّس تكافؤ الفرص بين جميع التلاميذ.

وفي هذا السياق، تتقاطع العودة المدرسية هذه السنة مع توجه رئيس الجمهورية قيس سعيد نحو إرساء إصلاحات عميقة تُنصف التلميذ كما المربّي، وتُطوّر المناهج وتستجيب للتحولات الاجتماعية والاقتصادية التي تعيش على وقعها البلاد.

وفي هذا الاتجاه، يعلّق كثير من المتابعين للشأن العام آمالهم على أن تكون هذه السنة الدراسية منطلقا لمسار تجديدي يُعيد للمدرسة بريقها ودورها الريادي في تكوين أجيال الغد، حيث يتطلّع المربون والأولياء والتلاميذ على حدّ سواء إلى أن تكون هذه السنة الدراسية مختلفة، تُكرّس الإصلاح التربوي، وتُعزز جودة التعليم، وتُعيد الاعتبار لدور المعلّم.

فكل عودة مدرسية تحمل في طيّاتها بذور الأمل لبناء مدرسة أكثر إشراقا وأملا، وخاصة أكثر قدرة على مواكبة تطورات العصر، وتزويد التلاميذ بالمعارف والكفاءات الضرورية.

وفي سياق الإعداد للعودة المدرسية 2025-2026، أشرف وزير التربية نور الدين النوري، يوم الجمعة الماضي، بالمركز الدولي لتكوين المكوّنين والتجديد البيداغوجي، على أشغال الندوة الدورية للمندوبين الجهويين للتربية، وذلك بحضور رئيس الديوان، والكاتب العام، وثلة من إطارات الوزارة مركزيا وجهويًا.

وأكّد وزير التربية، في كلمته الافتتاحية، أنّ نجاح العودة المدرسية رهين مواصلة التنسيق المستمر، والتناغم، والانسجام بين مختلف هياكل الوزارة على المستوى المركزي والجهوي، مشيرا إلى الدور المحوري المنوط بعهدة المندوب الجهوي، باعتباره فاعلا تربويا يُساهم في صياغة المقاربات الاستراتيجية للوزارة، وإعداد مشاريع ذات جدوى قابلة للتحقيق على المستوى الجهوي.

وبمناسبة العودة المدرسية، وفي إطار الاستعدادات لهذا الحدث الوطني، يُذكر أنه تم إطلاق، يوم الثلاثاء 2 سبتمبر 2025، حملة مشتركة بين وزارات التجارة، والصحة، والداخلية، والديوانة التونسية، لمراقبة جودة مستلزمات العودة المدرسية بولايات تونس الكبرى.

وأفادت المديرة العامة للجودة والتجارة الداخلية بوزارة التجارة وتنمية الصادرات، بسمة الطرابلسي، في تصريح إعلامي، بأن هذه الحملة تهدف إلى مراقبة تأشير البيانات الضرورية لكل المنتجات، والتصدي لكل منتوج مجهول المصدر، والمنتجات الممنوعة التي قد تحمل مواد كيميائية ضارة بصحة الأطفال، مشيرة إلى أن هذه الحملة تتزامن مع حملات مراقبة أخرى في بقية جهات الجمهورية.

وأضافت أنّ هذه الحملة تُعدّ استكمالا لمجهودات وزارة التجارة، ولمراقبة استباقية انطلقت منذ بداية شهر جويلية، وشملت جميع المسالك المنظّمة، من نقاط بيع بالجملة والتفصيل، إضافة إلى المراقبة الآلية عند التوريد.

من جانبها، دعت رئيسة مصلحة حفظ الصحة بالإدارة الجهوية ببن عروس، صابرين الفرجاوي، الأولياء إلى التأكّد من مدى استجابة المستلزمات المدرسية لشروط السلامة الصحية، والتثبّت من التأشيرة ومكونات المنتوج، وتجنّب اقتناء المنتجات التي تتخذ شكلا أو رائحة أو لونا أو مظهرا يجعل التلميذ يخلط بينها وبين المواد الغذائية.

في هذا الخضم، وبين رهانات الحاضر وآمال المستقبل، تنطلق قريبا العودة المدرسية لهذه السنة في أجواء يختلط فيها الترقب بالتحدي.

ولئن تبقى التحديات مطروحة، فإن المدرسة التونسية تظلّ فضاء جامعا لكل العائلات، ورسالة جماعية بأن الاستثمار في التعليم هو الطريق الأكيد نحو مجتمع أفضل وأكثر عدلا.

منال حرزي

بدأ العد التنازلي لانطلاقتها..   العودة المدرسية.. بداية جديدة على وقع الإصلاحات

 

بدأ العد التنازلي للعودة المدرسية، هذه المحطة التي تمثّل دائما حدثا وطنيا بامتياز، حيث تتوجّه أنظار العائلات ووزارة الإشراف وكل الهياكل والجهات المتدخلة نحو المدارس والمعاهد التي تستقبل أكثر من مليوني تلميذ من مختلف المستويات. فالعودة المدرسية ليست مجرد تقليد سنوي أو موعد عابر، بل هي حدث وطني يعكس في أبعاده صورة المجتمع وعلاقته بالعلم والمعرفة.

في هذا الخصوص، شهدت الأسابيع الأخيرة حركية لافتة في أغلب المؤسسات التربوية، إذ عملت وزارة التربية -بمعية جميع الأطراف المتداخلة- على صيانة عدد من المدارس، وتوفير الحدّ الأدنى من الظروف الملائمة لانطلاق السنة الجديدة، لا سيما في المناطق الداخلية، كما تكثّفت عمليات التزويد بالكتب المدرسية في مراكز البيع الرسمية.

وككل سنة، لا تخلو العودة المدرسية من أعباء مالية تثقل كاهل الأولياء، الذين وجدوا أنفسهم أمام مصاريف جمّة تشمل الكُتب واللوازم المدرسية والتسجيل في حصص التدارك والدعم. ومع ذلك، فإن أغلب العائلات تعتبر هذه التضحيات استثمارا ضروريا في مستقبل أبنائها، ما يجعل المدرسة محورا أساسيا في حياتهم اليومية.

ورغم كل الجهود المبذولة من قبل كل المتداخلين في العملية التربوية، إلا أنّ المنظومة التربوية تواجه جملة من التحديات، أبرزها نقص الإطار التربوي في بعض الاختصاصات وفي بعض المناطق الداخلية، إلى جانب معضلة الاكتظاظ في عدد من الأقسام، فضلا عن الضغط المتزايد على البنية التحتية.

وفي ظل هذه التحديات، تبرز الحاجة الملحّة إلى إصلاحات شاملة تُعيد الاعتبار للمدرسة العمومية وتُكرّس تكافؤ الفرص بين جميع التلاميذ.

وفي هذا السياق، تتقاطع العودة المدرسية هذه السنة مع توجه رئيس الجمهورية قيس سعيد نحو إرساء إصلاحات عميقة تُنصف التلميذ كما المربّي، وتُطوّر المناهج وتستجيب للتحولات الاجتماعية والاقتصادية التي تعيش على وقعها البلاد.

وفي هذا الاتجاه، يعلّق كثير من المتابعين للشأن العام آمالهم على أن تكون هذه السنة الدراسية منطلقا لمسار تجديدي يُعيد للمدرسة بريقها ودورها الريادي في تكوين أجيال الغد، حيث يتطلّع المربون والأولياء والتلاميذ على حدّ سواء إلى أن تكون هذه السنة الدراسية مختلفة، تُكرّس الإصلاح التربوي، وتُعزز جودة التعليم، وتُعيد الاعتبار لدور المعلّم.

فكل عودة مدرسية تحمل في طيّاتها بذور الأمل لبناء مدرسة أكثر إشراقا وأملا، وخاصة أكثر قدرة على مواكبة تطورات العصر، وتزويد التلاميذ بالمعارف والكفاءات الضرورية.

وفي سياق الإعداد للعودة المدرسية 2025-2026، أشرف وزير التربية نور الدين النوري، يوم الجمعة الماضي، بالمركز الدولي لتكوين المكوّنين والتجديد البيداغوجي، على أشغال الندوة الدورية للمندوبين الجهويين للتربية، وذلك بحضور رئيس الديوان، والكاتب العام، وثلة من إطارات الوزارة مركزيا وجهويًا.

وأكّد وزير التربية، في كلمته الافتتاحية، أنّ نجاح العودة المدرسية رهين مواصلة التنسيق المستمر، والتناغم، والانسجام بين مختلف هياكل الوزارة على المستوى المركزي والجهوي، مشيرا إلى الدور المحوري المنوط بعهدة المندوب الجهوي، باعتباره فاعلا تربويا يُساهم في صياغة المقاربات الاستراتيجية للوزارة، وإعداد مشاريع ذات جدوى قابلة للتحقيق على المستوى الجهوي.

وبمناسبة العودة المدرسية، وفي إطار الاستعدادات لهذا الحدث الوطني، يُذكر أنه تم إطلاق، يوم الثلاثاء 2 سبتمبر 2025، حملة مشتركة بين وزارات التجارة، والصحة، والداخلية، والديوانة التونسية، لمراقبة جودة مستلزمات العودة المدرسية بولايات تونس الكبرى.

وأفادت المديرة العامة للجودة والتجارة الداخلية بوزارة التجارة وتنمية الصادرات، بسمة الطرابلسي، في تصريح إعلامي، بأن هذه الحملة تهدف إلى مراقبة تأشير البيانات الضرورية لكل المنتجات، والتصدي لكل منتوج مجهول المصدر، والمنتجات الممنوعة التي قد تحمل مواد كيميائية ضارة بصحة الأطفال، مشيرة إلى أن هذه الحملة تتزامن مع حملات مراقبة أخرى في بقية جهات الجمهورية.

وأضافت أنّ هذه الحملة تُعدّ استكمالا لمجهودات وزارة التجارة، ولمراقبة استباقية انطلقت منذ بداية شهر جويلية، وشملت جميع المسالك المنظّمة، من نقاط بيع بالجملة والتفصيل، إضافة إلى المراقبة الآلية عند التوريد.

من جانبها، دعت رئيسة مصلحة حفظ الصحة بالإدارة الجهوية ببن عروس، صابرين الفرجاوي، الأولياء إلى التأكّد من مدى استجابة المستلزمات المدرسية لشروط السلامة الصحية، والتثبّت من التأشيرة ومكونات المنتوج، وتجنّب اقتناء المنتجات التي تتخذ شكلا أو رائحة أو لونا أو مظهرا يجعل التلميذ يخلط بينها وبين المواد الغذائية.

في هذا الخضم، وبين رهانات الحاضر وآمال المستقبل، تنطلق قريبا العودة المدرسية لهذه السنة في أجواء يختلط فيها الترقب بالتحدي.

ولئن تبقى التحديات مطروحة، فإن المدرسة التونسية تظلّ فضاء جامعا لكل العائلات، ورسالة جماعية بأن الاستثمار في التعليم هو الطريق الأكيد نحو مجتمع أفضل وأكثر عدلا.

منال حرزي