لم يتمّ رفع الفضلات المنزلية في أحياء منطقة العوينة منذ نحو أربعة أسابيع، حسب ما أفاد به «الصباح» عدد من متساكني المنطقة، وهو ما تسبّب في انتشار أكوام من الأوساخ وتسرب مقلق للمياه الآسنة التي تبعث روائح كريهة، ويتجمع حولها الحشرات والبعوض. وبدورها، تشهد بلدية حلق الوادي خلال الفترة الأخيرة عدم انتظام في تجميع الفضلات، حسب ما تمّت معاينته. وأمام ما تتّسم به المنطقة من انتشار للمطاعم، يكفي أن تتخلّف البلدية يوما واحدا عن مهامها الخاصة بالنظافة حتى تتحوّل الشوارع إلى ما يشبه المصبّ، وتشهد المدينة، التي تسجل توافد عدد كبير من السياح باعتبار طابعها السياحي، تدهورا واضحا في مستوى النظافة.
ويُعتبر عدم الانتظام في رفع الفضلات مشكلا تعاني منه تقريبا غالبية بلديات تونس الكبرى. ويعتبر سكان الضاحية الجنوبية أن الوضع في جهاتهم أكثر تأزما، وخاصة في مناطق مثل رادس، والزهراء، وحمّام الأنف، حيث يتسبّب تصريف مياه الصرف الصحي الصناعي والعمراني بشكل غير معالج في البحر في تلوّث كبير في المنطقة، ويخلق وضعا بيئيا وصحيا خطيرا للغاية على السكان، كما يؤثّر على الصيد البحري والسياحة. وكان التحدي البيئي دافعا للاحتجاج وتنظيم عديد التظاهرات من السكان، طالبوا خلالها السلطات المعنية بتحمّل مسؤولياتها ووضع حدّ جذري للمشاكل البيئية.
وفي نفس الإطار، شهد عدد من أحياء مدينة زغوان انتشارا مزعجا وكثيفا للناموس، ما تسبّب في حالة من التذمّر والاستياء لدى المواطنين الذين عبّروا عن امتعاضهم من تفاقم هذه الظاهرة المقلقة دون أيّ تدخل يُذكر من السلطات المحلية. مع العلم أنه منذ أسبوع، سُجّلت بالجهة حالة إصابة بمرض حمّى غرب النيل، الذي ينتقل عبر الناموس، لمواطن يبلغ من العمر 68 عامًا.
ومنذ سنوات، تحوّل تجميع ورفع الفضلات في تونس إلى أحد أبرز الملفات العالقة، التي تحاول مختلف مؤسسات الدولة التنصّل منها، أمام أن مهمة النظافة والمحيط موزّعة ومقسّمة بين عدد من الهياكل والوزارات، بما فيها البلديات.
ويُعيد عدد من المواطنين هذا التدهور المسجّل في الوضع البيئي وتخلّف أعوان النظافة عن رفع الفضلات طيلة الأسابيع الماضية، في منطقة العوينة مثلا، إلى قرار إلغاء العمل بالمناولة، وتوقّف تعاقد الشركات الخاصة التي كانت مسؤولة عن هذه المهام. وعمال المناولة بالنظافة من المجالات المشمولة بقرار تنقيح مجلة الشغل وإلغاء المناولة.
ولم تتمكّن «الصباح» من الحصول على أي ردّ من بلدية حلق الوادي، أمام عدم إمكانية التواصل مع أيّ مسؤول، مع ضرورة الإشارة إلى أنّ موقع البلدية على الفايسبوك يحتوي على منشورات شبه يومية تشير إلى تدخلات البلدية على مستوى عدد من الأحياء التابعة لها لغرض تنظيف المساحات الخضراء، ورفع الفضلات، واقتلاع الأعشاب.. ولا تشمل تلك التدخلات رفع الفضلات في منطقة العوينة. وآخر منشور يهمّ المنطقة كان يوم 26 جويلية الماضي، وتعلّق بـ«تدخّل مصالح بلدية حلق الوادي بالمعدات الثقيلة للقضاء على النقاط السوداء بمنطقة العوينة».
وللإشارة، تكشف دراسة أنجزتها وزارة الشؤون المحلية والبيئة أنّ حجم النفايات المنزلية يبلغ في تونس العاصمة وحدها 3 ملايين و250 ألف متر مكعّب. ويُقدّر المعدل اليومي لإنتاج النفايات المنزلية هناك بعشرة آلاف و600 طن، ترفع بلديات العاصمة منها ما يُقدّر بتسعة آلاف طن، ما يعني بقاء ألف و600 طن يوميا من النفايات مبعثرة بطريقة عشوائية في الطريق العام ولا يتمّ رفعها، فيما تعجز بعض البلديات، حسب نفس الدراسة، عن رفع أكثر من 25 % من الفضلات المخوّل تجميعها بصفة يومية. هذا مع العلم أنّ كل مواطن تونسي يُنتج تقريبا 365 كيلوغراما من النفايات في السنة، أي بمعدل كيلوغرام واحد في اليوم. كما أنّه، وحسب المعطيات المنشورة من قبل وزارة البيئة، منذ سنة 2000 وصلت فضلات البناء الملقاة إلى حدود 8 ملايين متر مكعب، تتكدّس 70 % منها في المدن الساحلية، وأساسا في ولايات سوسة، وصفاقس، وتونس العاصمة.
ومن خلال برامجها، تعمل وزارة البيئة على تحسين منظومة النظافة من خلال آليات مختلفة، بما في ذلك إبرام صفقات لرفع النفايات الصلبة في المدن الكبرى، وبرامج تنظيف الشواطئ، وتنسيق الجهود مع السلط المحلية والبلديات. وتؤكّد الوزارة على أهمية تعزيز حوكمة منظومة النظافة، والرفع من نجاعة تدخلات مختلف الهياكل العمومية لتحقيق تنمية بيئية مستدامة.
وفي الوقت الذي تعتبر فيه وكالة التصرف في النفايات أنّ مهمة التجميع ليست من مشمولاتها، تتّجه تصريحات رؤساء البلديات (سابقا) والكتّاب العامين للبلديات (حاليا) إلى التأكيد على أنّ إمكانياتهم محدودة، وهو ما يجعلهم غير قادرين على أداء مهمة النظافة. وكشف مدير إدارة النظافة ببلدية تونس، الأخضر الدخيلي، في تصريح له على أمواج الإذاعة الوطنية، شهر أفريل الماضي، عن وجود نقص في الموارد البشرية في البلدية وعلى مستوى معدات النظافة. وذكر أنّ عدد العاملين قد تراجع من 2300 بين أعوان وسواق وإطارات وموظفين سنة 2010، ليصل إلى 1400 خلال السنة الجارية 2025. وذكر الأخضر الدخيلي أنّ البلدية، التي تغطي 15 دائرة، لديها 30 شاحنة ضاغطة، نصفها في وضعية صيانة، بالإضافة إلى وجود نقص كبير في شاحنات رفع الحاويات الكبيرة.
وأوضح مدير إدارة النظافة ببلدية تونس أنّ العمل متواصل منذ سنة للقيام باقتناءات جديدة بعنوان سنة 2024، وقريبا تتسلّم البلدية معداتها الجديدة، بالإضافة إلى اقتناءات أخرى بعنوان 2025، وهي حاليا في مرحلة تجهيز العقود. هذا، وأشار في نفس التصريح إلى أنّ البلدية قد لجأت إلى القطاع الخاص، حيث تمّ تكليف حوالي 180 عاملا موزعين على فرق لتغطية 15 دائرة في مهمة الكنس. كما تمّ التعاقد مع شركات خاصة لرفع 36 % من الفضلات، حيث ستحلّ محلّ البلدية في مهام رفع الفضلات وجمعها في 5 دوائر بلدية.
وللإشارة، بيّن مكرم عمايرية، الكاتب العام للجامعة العامة للعمال البلديين، منذ خمس سنوات، أنّ عدد عمال النظافة يصل، في مختلف الاختصاصات، في تونس إلى حوالي 31 ألف عون تنظيف، بالإضافة إلى حوالي 4 آلاف موظف. في المقابل، تفيد معطيات صادرة عن وزارة الداخلية أنّ عدد عمال النظافة خلال فترة ما قبل 2011 كان في حدود 12 ألف عامل.
ريم سوودي
لم يتمّ رفع الفضلات المنزلية في أحياء منطقة العوينة منذ نحو أربعة أسابيع، حسب ما أفاد به «الصباح» عدد من متساكني المنطقة، وهو ما تسبّب في انتشار أكوام من الأوساخ وتسرب مقلق للمياه الآسنة التي تبعث روائح كريهة، ويتجمع حولها الحشرات والبعوض. وبدورها، تشهد بلدية حلق الوادي خلال الفترة الأخيرة عدم انتظام في تجميع الفضلات، حسب ما تمّت معاينته. وأمام ما تتّسم به المنطقة من انتشار للمطاعم، يكفي أن تتخلّف البلدية يوما واحدا عن مهامها الخاصة بالنظافة حتى تتحوّل الشوارع إلى ما يشبه المصبّ، وتشهد المدينة، التي تسجل توافد عدد كبير من السياح باعتبار طابعها السياحي، تدهورا واضحا في مستوى النظافة.
ويُعتبر عدم الانتظام في رفع الفضلات مشكلا تعاني منه تقريبا غالبية بلديات تونس الكبرى. ويعتبر سكان الضاحية الجنوبية أن الوضع في جهاتهم أكثر تأزما، وخاصة في مناطق مثل رادس، والزهراء، وحمّام الأنف، حيث يتسبّب تصريف مياه الصرف الصحي الصناعي والعمراني بشكل غير معالج في البحر في تلوّث كبير في المنطقة، ويخلق وضعا بيئيا وصحيا خطيرا للغاية على السكان، كما يؤثّر على الصيد البحري والسياحة. وكان التحدي البيئي دافعا للاحتجاج وتنظيم عديد التظاهرات من السكان، طالبوا خلالها السلطات المعنية بتحمّل مسؤولياتها ووضع حدّ جذري للمشاكل البيئية.
وفي نفس الإطار، شهد عدد من أحياء مدينة زغوان انتشارا مزعجا وكثيفا للناموس، ما تسبّب في حالة من التذمّر والاستياء لدى المواطنين الذين عبّروا عن امتعاضهم من تفاقم هذه الظاهرة المقلقة دون أيّ تدخل يُذكر من السلطات المحلية. مع العلم أنه منذ أسبوع، سُجّلت بالجهة حالة إصابة بمرض حمّى غرب النيل، الذي ينتقل عبر الناموس، لمواطن يبلغ من العمر 68 عامًا.
ومنذ سنوات، تحوّل تجميع ورفع الفضلات في تونس إلى أحد أبرز الملفات العالقة، التي تحاول مختلف مؤسسات الدولة التنصّل منها، أمام أن مهمة النظافة والمحيط موزّعة ومقسّمة بين عدد من الهياكل والوزارات، بما فيها البلديات.
ويُعيد عدد من المواطنين هذا التدهور المسجّل في الوضع البيئي وتخلّف أعوان النظافة عن رفع الفضلات طيلة الأسابيع الماضية، في منطقة العوينة مثلا، إلى قرار إلغاء العمل بالمناولة، وتوقّف تعاقد الشركات الخاصة التي كانت مسؤولة عن هذه المهام. وعمال المناولة بالنظافة من المجالات المشمولة بقرار تنقيح مجلة الشغل وإلغاء المناولة.
ولم تتمكّن «الصباح» من الحصول على أي ردّ من بلدية حلق الوادي، أمام عدم إمكانية التواصل مع أيّ مسؤول، مع ضرورة الإشارة إلى أنّ موقع البلدية على الفايسبوك يحتوي على منشورات شبه يومية تشير إلى تدخلات البلدية على مستوى عدد من الأحياء التابعة لها لغرض تنظيف المساحات الخضراء، ورفع الفضلات، واقتلاع الأعشاب.. ولا تشمل تلك التدخلات رفع الفضلات في منطقة العوينة. وآخر منشور يهمّ المنطقة كان يوم 26 جويلية الماضي، وتعلّق بـ«تدخّل مصالح بلدية حلق الوادي بالمعدات الثقيلة للقضاء على النقاط السوداء بمنطقة العوينة».
وللإشارة، تكشف دراسة أنجزتها وزارة الشؤون المحلية والبيئة أنّ حجم النفايات المنزلية يبلغ في تونس العاصمة وحدها 3 ملايين و250 ألف متر مكعّب. ويُقدّر المعدل اليومي لإنتاج النفايات المنزلية هناك بعشرة آلاف و600 طن، ترفع بلديات العاصمة منها ما يُقدّر بتسعة آلاف طن، ما يعني بقاء ألف و600 طن يوميا من النفايات مبعثرة بطريقة عشوائية في الطريق العام ولا يتمّ رفعها، فيما تعجز بعض البلديات، حسب نفس الدراسة، عن رفع أكثر من 25 % من الفضلات المخوّل تجميعها بصفة يومية. هذا مع العلم أنّ كل مواطن تونسي يُنتج تقريبا 365 كيلوغراما من النفايات في السنة، أي بمعدل كيلوغرام واحد في اليوم. كما أنّه، وحسب المعطيات المنشورة من قبل وزارة البيئة، منذ سنة 2000 وصلت فضلات البناء الملقاة إلى حدود 8 ملايين متر مكعب، تتكدّس 70 % منها في المدن الساحلية، وأساسا في ولايات سوسة، وصفاقس، وتونس العاصمة.
ومن خلال برامجها، تعمل وزارة البيئة على تحسين منظومة النظافة من خلال آليات مختلفة، بما في ذلك إبرام صفقات لرفع النفايات الصلبة في المدن الكبرى، وبرامج تنظيف الشواطئ، وتنسيق الجهود مع السلط المحلية والبلديات. وتؤكّد الوزارة على أهمية تعزيز حوكمة منظومة النظافة، والرفع من نجاعة تدخلات مختلف الهياكل العمومية لتحقيق تنمية بيئية مستدامة.
وفي الوقت الذي تعتبر فيه وكالة التصرف في النفايات أنّ مهمة التجميع ليست من مشمولاتها، تتّجه تصريحات رؤساء البلديات (سابقا) والكتّاب العامين للبلديات (حاليا) إلى التأكيد على أنّ إمكانياتهم محدودة، وهو ما يجعلهم غير قادرين على أداء مهمة النظافة. وكشف مدير إدارة النظافة ببلدية تونس، الأخضر الدخيلي، في تصريح له على أمواج الإذاعة الوطنية، شهر أفريل الماضي، عن وجود نقص في الموارد البشرية في البلدية وعلى مستوى معدات النظافة. وذكر أنّ عدد العاملين قد تراجع من 2300 بين أعوان وسواق وإطارات وموظفين سنة 2010، ليصل إلى 1400 خلال السنة الجارية 2025. وذكر الأخضر الدخيلي أنّ البلدية، التي تغطي 15 دائرة، لديها 30 شاحنة ضاغطة، نصفها في وضعية صيانة، بالإضافة إلى وجود نقص كبير في شاحنات رفع الحاويات الكبيرة.
وأوضح مدير إدارة النظافة ببلدية تونس أنّ العمل متواصل منذ سنة للقيام باقتناءات جديدة بعنوان سنة 2024، وقريبا تتسلّم البلدية معداتها الجديدة، بالإضافة إلى اقتناءات أخرى بعنوان 2025، وهي حاليا في مرحلة تجهيز العقود. هذا، وأشار في نفس التصريح إلى أنّ البلدية قد لجأت إلى القطاع الخاص، حيث تمّ تكليف حوالي 180 عاملا موزعين على فرق لتغطية 15 دائرة في مهمة الكنس. كما تمّ التعاقد مع شركات خاصة لرفع 36 % من الفضلات، حيث ستحلّ محلّ البلدية في مهام رفع الفضلات وجمعها في 5 دوائر بلدية.
وللإشارة، بيّن مكرم عمايرية، الكاتب العام للجامعة العامة للعمال البلديين، منذ خمس سنوات، أنّ عدد عمال النظافة يصل، في مختلف الاختصاصات، في تونس إلى حوالي 31 ألف عون تنظيف، بالإضافة إلى حوالي 4 آلاف موظف. في المقابل، تفيد معطيات صادرة عن وزارة الداخلية أنّ عدد عمال النظافة خلال فترة ما قبل 2011 كان في حدود 12 ألف عامل.