-النائب حسن بن علي لـ«الصباح»: أغلب أعضاء المجلس النيابي متمسكون بمطلب بعث البنك البريدي
أكد عضو مجلس نواب الشعب حسن بن علي على ضرورة التعجيل بإحداث البنك البريدي، وأضاف في تصريح لـ «الصباح» أن أغلب أعضاء المجلس النيابي متمسكون بمطلب بعث هذا البنك، ولهذا السبب فإنهم مباشرة بعد العطلة البرلمانية سيدفعون أكثر فأكثر في اتجاه المصادقة على مقترح قانون في الغرض. وعبر النائب عن أمله في أن يرى هذا البنك النور في أقرب الآجال لأنه حسب قوله سيساهم في الحد من الإقصاء المالي الذي تعاني منه فئة كبيرة من التونسيات والتونسيين. وأشار إلى أن الكثير من المواطنين ليست لديهم حسابات مفتوحة لدى البنوك كما أن البنوك ليست متاحة في جميع أنحاء البلاد.
وفي المقابل، لاحظ بن علي انتشار مكاتب البريد في مختلف الجهات، فضلا على أن البريد التونسي يعتبر مؤسسة عمومية، كما أن فتح حساب بالبريد أيسر بكثير حسب رأيه من فتح حساب بأحد البنوك الخاصة، إضافة إلى أن فتح الحساب البريدي غير مقيد بشروط مجحفة مثلما هو الحال بالنسبة إلى البنوك حيث يمكن حتى للمعوزين ومحدودي الدخل فتح حساب بريدي.
وأشار النائب إلى أنه في إطار الحرص على تحقيق هذا المطلب بادر عدد من النواب الشهر الماضي بتقديم مقترح قانون يتعلق بإحداث البنك البريدي وذلك لدعم الإدماج المالي للفئات الاجتماعية من ذوي الدخل الضعيف والمتوسط، وذكر أن مهام هذا البنك لا تقتصر على فتح حسابات الادخار والحسابات الجارية وإنما تم تمتيعه بعدة مهام أخرى أبرزها إسناد القروض.
وكان مكتب مجلس نواب الشعب قرر بتاريخ 10 جويلية 2025 إحالة مقترح القانون المتعلق بإحداث البنك البريدي الوارد في 11 فصلا إلى لجنة المالية والميزانية، وحسب ما ورد في وثيقة شرح الأسباب، تتنزل هذه المبادرة التشريعية في إطار دفع الإستراتيجية الوطنية للإدماج المالي وتسهيل نفاذ الفئات الاجتماعية التي لا يشملها النظام البنكي للمنتجات والخدمات المالية، كما أنها تهدف إلى مزيد تدعيم دور البريد التونسي في دعم الأنشطة الاقتصادية الصغيرة جدا والمتوسطة عبر آلية القروض الميسرة وتطوير الحلول الرقمية والتشجيع على الاقتصاد الرقمي وعلى استعمال قنوات الدفع الالكتروني وتقليص تداول الأوراق المالية ودعم التحول الرقمي للخدمات التقليدية خاصة في مجال التحويلات والدفع الالكتروني.
وتم تقديم مقترح القانون المتعلق بإحداث البنك البريدي باعتباره منشأة عمومية تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي متفرعة عن البريد التونسي، من قبل النواب محمد زياد الماهر وعبد القادر عمار وصالح الصيادي ومحمد بن حسين وأيمن المرعوي وبسمة الهمامي وفتحي المشرقي ومنير كموني ولطفي الهمامي وإبراهيم حسين والمعز بن يوسف وسامي طوجاني وسفيان بن حليمة وكمال فراح وعمر بن عمر ورشدي الرويسي ومراد الخزامي وفاتن النصيبي وزينة جيب الله ويسري البواب ورياض بلال ومنال بديده. وسيتيح هذا المقترح حسب رأي هؤلاء النواب لفئات واسعة من الشعب التونسي الاستفادة من الخدمات البنكية عبر شبكة مكاتب البريد والموزعات الآلية الممتدة على كامل ربوع البلاد بما بما يساهم في تحسين نسبة الإدماج المالي على المستوى الوطني.
الإدماج المالي
وأكد النائب حسن بن علي أن الرئيس المدير العام للديوان الوطني للبريد التونسي عبر له مؤخرا عن رغبة في أن يقع بعث البنك البريدي وتوجد لجنة بصدد إعداد مشروع في الغرض، وذكر أنه لا شك أن لجنة المالية والميزانية ستستمع أثناء الجلسات التي ستخصصها لدراسة مقترح القانون الجديد المقدم من طرف النواب والمتعلق بإحداث البنك البريدي إلى ممثلين عن البريد التونسي وممثلين عن بقية الأطراف المعنية بهذا المقترح.
ويذكر أن لجنة المالية والميزانية كانت قد استمعت خلال جلستها المنعقدة بتاريخ 27 مارس 2024 إلى الرئيس المدير العام للديوان الوطني للبريد التونسي وذلك بمناسبة نظرها في مشروع القانون المتعلق بمكافحة الإقصاء المالي، ومن بين ما جاء في محضر تلك الجلسة في علاقة بطلب أعضاء اللجنة إحداث بنك بريدي، أن الرئيس المدير العام للديوان بين «أن هذا المشروع يعتبر من أهم الآليات لتعزيز الإدماج المالي لاستقطاب جل الفئات خاصة في المناطق التي تفتقر إلى الخدمات البنكية وكذلك الفئات الفقيرة والمهمشة. وذكر أنه تم اقتراح مشروع إحداث بنك بريدي منذ عدة سنوات نظرا لوجود مراكز البريد في جل المناطق وهي تقدم خدمات مالية بكلفة أقل من الخدمات البنكية التي تقدم خدمات بنسبة فائدة مشطة وأكد أن البريد مواكب للتطورات التكنولوجية مما يجعله قادرا على التحول إلى بنك بريدي في وقت وجيز جدا. وأضاف أن الملف المتعلق بإحداث بنك بريدي تم تقديمه إلى البنك المركزي منذ أواخر سنة 2019 مستوفى جميع الشروط المطلوبة، وأشار إلى أن البنك المركزي طلب في رده أن تقع مراجعة المنوال الاقتصادي لكي يتماشى مع توجهات البنك، وتم إحداث لجنة ثلاثية في الغرض تتكون من ممثلين عن وزارة المالية والبنك المركزي والبريد التونسي لإزالة العوائق التي تحول دون إحداث مشروع البنك البريدي على أن يتم إحداث مؤسسة بنكية بريدية بقانون أساسي وجدد التأكيد على أن ملف البنك البريدي يندرج تماما في مشروع قانون مكافحة الإقصاء المالي وذكر أنه يعول على دعم لجنة المالية والميزانية من أجل إحداث بنك بريدي خاصة وأن البريد التونسي بصدد تحقيق أرباح قياسية وأن أكثر من 85 بالمائة من نشاط البريد التونسي هو نشاط مالي وبالتالي هناك ضرورة ملحة للاستجابة لطلبات الحرفاء»..
الحد من الإقصاء
وأشار حسن بن علي عضو مجلس نواب الشعب إلى أن لجنة المالية والميزانية عندما تدارست مشروع القانون المتعلّق بمكافحة الإقصاء المالي تمسكت بإحداث البنك البريدي بهدف تقريب الخدمات من المواطنين وتحقيق العدالة الاجتماعية من خلال تيسير حصول الفئات ذات الدخل الضعيف والمتوسط على القروض. ويذكر في هذا السياق أنه تم تقديم هذا المشروع من قبل رئاسة الجمهورية بتاريخ 6 مارس 2024 وتولى مكتب المجلس إحالته إلى اللجنة بتاريخ 7 مارس 2024، وعقدت اللجنة جلسات عديدة لدراسته لكنها علقت النظر فيه بسبب خلاف بين أعضائها وبين وزيرة المالية السابقة حول مقترح إحداث بنك بريدي. وشرعت اللجنة في دراسة مشروع القانون يوم 18 مارس 2024 وعقدت في اليوم الموالي جلسة استماع حوله إلى ممثلين عن وزارة المالية وعن البنك المركزي التونسي، ونظمت يوم 25 مارس 2024 جلسة استماع إلى ممثلين عن وزارة الاقتصاد والتخطيط وجلسة استماع إلى وزير الشؤون الاجتماعية، وفي يوم 27 مارس 2024 استمعت اللجنة إلى ممثلين عن وزارة تكنولوجيا الاتصال والرئيس المدير العام للبريد التونسي وثم استمعت يوم 3 أفريل 2024 إلى ممثلين عن بنك تمويل المؤسسات الصغرى والمتوسطة وعقدت يوم 17 أفريل 2024 جلسة استماع لممثلين عن البنك التونسي للتضامن وممثلين عن الجمعية المهنية التونسية لمؤسسات التمويل الصغير وذلك في إطار تعميق النظر في نفس مشروع القانون المتعلق بمكافحة الإقصاء المالي، ثم استمعت اللجنة يوم 18 أفريل إلى المدير العام لسلطة رقابة التمويل الصغير وإلى ممثلين عن المجلس البنكي والمالي، واستمعت يوم 23 أفريل 2024 إلى ممثلين عن رئاسة الحكومة وشرعت في نفس اليوم في النظر في فصول هذا المشروع فصلا فصلا ثم واصلت النظر في الفصول في الجلستين المنعقدتين يومي 25 و 29 من نفس الشهر. ثم عقدت اللجنة لاحقا جلسة استماع لوزيرة المالية يوم 23 ماي 2024، وتمسك النواب يومها بمطلب إحداث البنك البريدي لكن الوزيرة السابقة أوضحت أن الأمر يتعلق بمسألة إستراتيجية لا يمكن البت فيها في إطار مشروع هذا القانون وأضافت أنه يجب النظر في هذا المقترح في إطار رؤية شاملة تأخذ بعين الاعتبار أهمية موارد الادخار بالنسبة للمالية العمومية وإستراتيجية تطوير القطاع البنكي والمالي وأهمية الخدمات البريدية بالإضافة إلى تموقع البريد في قطاع تكنولوجيا الاتصال والمعلومات علاوة على الإجراءات حيث أن إحداث بنك أو تحويل مؤسسة إلى مؤسسة بنكية يخضع لترخيص لجنة التراخيص بالبنك المركزي التي تعمل وفقا لإجراءات ضبطها القانون المتعلق بالبنوك والمؤسسات المالية. كما أشارت إلى أن البريد التونسي مؤسسة عمومية مكلفة بتسيير صندوق الادخار الوطني التونسي لفائدة خزينة الدولة وأن إيداعات الحرفاء مضمونة لدى البريد وهي موضوعة على ذمة حساب الخزينة وتعد مصدرا رئيسيا لتمويل ميزانية الدولة وخلصت إلى أن هذا المقترح قابل للدرس في إطار رؤية شاملة وبتشريك كل الأطراف المتداخلة مع الأخذ بعين الاعتبار الآثار السلبية على التوازنات المالية.
مشروع معلّق
وأمام اختلاف وجهات النظر بين وزيرة المالية السابقة وبين أعضاء لجنة المالية والميزانية بخصوص مقترح التنصيص على إحداث البنك البريدي صلب مشروع القانون المتعلق بمكافحة الإقصاء المالي تم تعليق النظر في هذا المشروع الذي ينص على أن الهدف منه هو مكافحة الإقصاء المالي ودعم الإدماج المالي والاجتماعي للأشخاص الطبيعيين والمعنويين غير القادرين على النفاذ للقطاع المالي عبر تيسير ولوجهم واستعمالهم للمنتجات والخدمات المالية مع ضمان حماية كل مستهلكي هذه الخدمات وهو ما من شأنه أن يساهم في التنمية وخلق مواطن شغل والحد من البطالة والتفاوت الجهوي. وجاء في وثيقة شرح الأسباب أن هذا المشروع يندرج في إطار تجسيم الإصلاحات التي أعلنت عنها الحكومة لتنفيذ برنامج دفع الاقتصاد الوطني وتنشيطه وتسهيل الإطار القانوني والترتيبي لمناخ الأعمال والاستثمار، وهو يهدف إلى مكافحة الإقصاء المالي من خلال تطوير الإطار التشريعي والمؤسساتي لتعزيز الإدماج المالي قصد تمكين الفئات الفقيرة والفئات محدودة الدخل والأشخاص ذوي الإعاقة والذين لهم قدرة على ممارسة نشاط اقتصادي أو يتقنون مهنة أو حرفة أو نشاطا مدر للدخل وكذلك أصحاب المؤسسات متناهية الصغر والمؤسسات الصغيرة التي تجد صعوبة في النفاذ إلى القطاع المالي، تمكينها، من منتجات وخدمات تلبي احتياجاتهم مع دعم حمايتهم، وهو ما يساهم في تعزيز التمكين الاقتصادي والإدماج الاجتماعي وتحسين ظروف عيش تلك الفئات غير القادرة على النفاذ إلى الخدمات المالية بمختلف أنواعها وخاصة منها الرقمية والخدمات غير المالية، ويسهل ذلك انخراطها في الدورة الاقتصادية ويدفع التنمية ويخلق مواطن شغل وموارد رزق جديدة ويقلص من التفاوت الجهوي ويحد من وضعية الإقصاء المالي والتهميش بمختلف أشكاله.
وتضمن مشروع القانون الذي ما زال يراوح مكانه ولم يقع الحسم فيه بعد من قبل لجنة المالية والميزانية بسبب تمسك أعضائها بالتنصيص صلبه على إحداث ببك بريدي، أربعة محاور تعلق أولها بدعم النفاذ للمنتجات والخدمات المالية ودعم استعمالها، ويهدف المحور الثاني إلى تعزيز دور السلطة الرقابية للقطاع المالي سواء القطاع البنكي أو قطاع التمويل الصغير أو قطاع التأمين، في حين يتصل المحور الثالث بدعم حماية مستهلكي الخدمات المالية ودعم التثقيف المالي من خلال تنمية مهارات حرفاء المؤسسات المالية المدمجة من بنوك ومؤسسات مالية ومؤسسات التمويل الصغير ومؤسسات التأمين والديوان الوطني للبريد وتقديم المعلومة والمشورة التي تمكنهم من فهم مختلف الخدمات والمنتجات المالية بما يسمح لهم باتخاذ قرارات مدروسة في علاقة بمعاملاتهم المالية. ويتعلق المحور الأخير بترشيد التداول نقدا ودعم النفاذ إلى خدمات الدفع.
سعيدة بوهلال
-النائب حسن بن علي لـ«الصباح»: أغلب أعضاء المجلس النيابي متمسكون بمطلب بعث البنك البريدي
أكد عضو مجلس نواب الشعب حسن بن علي على ضرورة التعجيل بإحداث البنك البريدي، وأضاف في تصريح لـ «الصباح» أن أغلب أعضاء المجلس النيابي متمسكون بمطلب بعث هذا البنك، ولهذا السبب فإنهم مباشرة بعد العطلة البرلمانية سيدفعون أكثر فأكثر في اتجاه المصادقة على مقترح قانون في الغرض. وعبر النائب عن أمله في أن يرى هذا البنك النور في أقرب الآجال لأنه حسب قوله سيساهم في الحد من الإقصاء المالي الذي تعاني منه فئة كبيرة من التونسيات والتونسيين. وأشار إلى أن الكثير من المواطنين ليست لديهم حسابات مفتوحة لدى البنوك كما أن البنوك ليست متاحة في جميع أنحاء البلاد.
وفي المقابل، لاحظ بن علي انتشار مكاتب البريد في مختلف الجهات، فضلا على أن البريد التونسي يعتبر مؤسسة عمومية، كما أن فتح حساب بالبريد أيسر بكثير حسب رأيه من فتح حساب بأحد البنوك الخاصة، إضافة إلى أن فتح الحساب البريدي غير مقيد بشروط مجحفة مثلما هو الحال بالنسبة إلى البنوك حيث يمكن حتى للمعوزين ومحدودي الدخل فتح حساب بريدي.
وأشار النائب إلى أنه في إطار الحرص على تحقيق هذا المطلب بادر عدد من النواب الشهر الماضي بتقديم مقترح قانون يتعلق بإحداث البنك البريدي وذلك لدعم الإدماج المالي للفئات الاجتماعية من ذوي الدخل الضعيف والمتوسط، وذكر أن مهام هذا البنك لا تقتصر على فتح حسابات الادخار والحسابات الجارية وإنما تم تمتيعه بعدة مهام أخرى أبرزها إسناد القروض.
وكان مكتب مجلس نواب الشعب قرر بتاريخ 10 جويلية 2025 إحالة مقترح القانون المتعلق بإحداث البنك البريدي الوارد في 11 فصلا إلى لجنة المالية والميزانية، وحسب ما ورد في وثيقة شرح الأسباب، تتنزل هذه المبادرة التشريعية في إطار دفع الإستراتيجية الوطنية للإدماج المالي وتسهيل نفاذ الفئات الاجتماعية التي لا يشملها النظام البنكي للمنتجات والخدمات المالية، كما أنها تهدف إلى مزيد تدعيم دور البريد التونسي في دعم الأنشطة الاقتصادية الصغيرة جدا والمتوسطة عبر آلية القروض الميسرة وتطوير الحلول الرقمية والتشجيع على الاقتصاد الرقمي وعلى استعمال قنوات الدفع الالكتروني وتقليص تداول الأوراق المالية ودعم التحول الرقمي للخدمات التقليدية خاصة في مجال التحويلات والدفع الالكتروني.
وتم تقديم مقترح القانون المتعلق بإحداث البنك البريدي باعتباره منشأة عمومية تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي متفرعة عن البريد التونسي، من قبل النواب محمد زياد الماهر وعبد القادر عمار وصالح الصيادي ومحمد بن حسين وأيمن المرعوي وبسمة الهمامي وفتحي المشرقي ومنير كموني ولطفي الهمامي وإبراهيم حسين والمعز بن يوسف وسامي طوجاني وسفيان بن حليمة وكمال فراح وعمر بن عمر ورشدي الرويسي ومراد الخزامي وفاتن النصيبي وزينة جيب الله ويسري البواب ورياض بلال ومنال بديده. وسيتيح هذا المقترح حسب رأي هؤلاء النواب لفئات واسعة من الشعب التونسي الاستفادة من الخدمات البنكية عبر شبكة مكاتب البريد والموزعات الآلية الممتدة على كامل ربوع البلاد بما بما يساهم في تحسين نسبة الإدماج المالي على المستوى الوطني.
الإدماج المالي
وأكد النائب حسن بن علي أن الرئيس المدير العام للديوان الوطني للبريد التونسي عبر له مؤخرا عن رغبة في أن يقع بعث البنك البريدي وتوجد لجنة بصدد إعداد مشروع في الغرض، وذكر أنه لا شك أن لجنة المالية والميزانية ستستمع أثناء الجلسات التي ستخصصها لدراسة مقترح القانون الجديد المقدم من طرف النواب والمتعلق بإحداث البنك البريدي إلى ممثلين عن البريد التونسي وممثلين عن بقية الأطراف المعنية بهذا المقترح.
ويذكر أن لجنة المالية والميزانية كانت قد استمعت خلال جلستها المنعقدة بتاريخ 27 مارس 2024 إلى الرئيس المدير العام للديوان الوطني للبريد التونسي وذلك بمناسبة نظرها في مشروع القانون المتعلق بمكافحة الإقصاء المالي، ومن بين ما جاء في محضر تلك الجلسة في علاقة بطلب أعضاء اللجنة إحداث بنك بريدي، أن الرئيس المدير العام للديوان بين «أن هذا المشروع يعتبر من أهم الآليات لتعزيز الإدماج المالي لاستقطاب جل الفئات خاصة في المناطق التي تفتقر إلى الخدمات البنكية وكذلك الفئات الفقيرة والمهمشة. وذكر أنه تم اقتراح مشروع إحداث بنك بريدي منذ عدة سنوات نظرا لوجود مراكز البريد في جل المناطق وهي تقدم خدمات مالية بكلفة أقل من الخدمات البنكية التي تقدم خدمات بنسبة فائدة مشطة وأكد أن البريد مواكب للتطورات التكنولوجية مما يجعله قادرا على التحول إلى بنك بريدي في وقت وجيز جدا. وأضاف أن الملف المتعلق بإحداث بنك بريدي تم تقديمه إلى البنك المركزي منذ أواخر سنة 2019 مستوفى جميع الشروط المطلوبة، وأشار إلى أن البنك المركزي طلب في رده أن تقع مراجعة المنوال الاقتصادي لكي يتماشى مع توجهات البنك، وتم إحداث لجنة ثلاثية في الغرض تتكون من ممثلين عن وزارة المالية والبنك المركزي والبريد التونسي لإزالة العوائق التي تحول دون إحداث مشروع البنك البريدي على أن يتم إحداث مؤسسة بنكية بريدية بقانون أساسي وجدد التأكيد على أن ملف البنك البريدي يندرج تماما في مشروع قانون مكافحة الإقصاء المالي وذكر أنه يعول على دعم لجنة المالية والميزانية من أجل إحداث بنك بريدي خاصة وأن البريد التونسي بصدد تحقيق أرباح قياسية وأن أكثر من 85 بالمائة من نشاط البريد التونسي هو نشاط مالي وبالتالي هناك ضرورة ملحة للاستجابة لطلبات الحرفاء»..
الحد من الإقصاء
وأشار حسن بن علي عضو مجلس نواب الشعب إلى أن لجنة المالية والميزانية عندما تدارست مشروع القانون المتعلّق بمكافحة الإقصاء المالي تمسكت بإحداث البنك البريدي بهدف تقريب الخدمات من المواطنين وتحقيق العدالة الاجتماعية من خلال تيسير حصول الفئات ذات الدخل الضعيف والمتوسط على القروض. ويذكر في هذا السياق أنه تم تقديم هذا المشروع من قبل رئاسة الجمهورية بتاريخ 6 مارس 2024 وتولى مكتب المجلس إحالته إلى اللجنة بتاريخ 7 مارس 2024، وعقدت اللجنة جلسات عديدة لدراسته لكنها علقت النظر فيه بسبب خلاف بين أعضائها وبين وزيرة المالية السابقة حول مقترح إحداث بنك بريدي. وشرعت اللجنة في دراسة مشروع القانون يوم 18 مارس 2024 وعقدت في اليوم الموالي جلسة استماع حوله إلى ممثلين عن وزارة المالية وعن البنك المركزي التونسي، ونظمت يوم 25 مارس 2024 جلسة استماع إلى ممثلين عن وزارة الاقتصاد والتخطيط وجلسة استماع إلى وزير الشؤون الاجتماعية، وفي يوم 27 مارس 2024 استمعت اللجنة إلى ممثلين عن وزارة تكنولوجيا الاتصال والرئيس المدير العام للبريد التونسي وثم استمعت يوم 3 أفريل 2024 إلى ممثلين عن بنك تمويل المؤسسات الصغرى والمتوسطة وعقدت يوم 17 أفريل 2024 جلسة استماع لممثلين عن البنك التونسي للتضامن وممثلين عن الجمعية المهنية التونسية لمؤسسات التمويل الصغير وذلك في إطار تعميق النظر في نفس مشروع القانون المتعلق بمكافحة الإقصاء المالي، ثم استمعت اللجنة يوم 18 أفريل إلى المدير العام لسلطة رقابة التمويل الصغير وإلى ممثلين عن المجلس البنكي والمالي، واستمعت يوم 23 أفريل 2024 إلى ممثلين عن رئاسة الحكومة وشرعت في نفس اليوم في النظر في فصول هذا المشروع فصلا فصلا ثم واصلت النظر في الفصول في الجلستين المنعقدتين يومي 25 و 29 من نفس الشهر. ثم عقدت اللجنة لاحقا جلسة استماع لوزيرة المالية يوم 23 ماي 2024، وتمسك النواب يومها بمطلب إحداث البنك البريدي لكن الوزيرة السابقة أوضحت أن الأمر يتعلق بمسألة إستراتيجية لا يمكن البت فيها في إطار مشروع هذا القانون وأضافت أنه يجب النظر في هذا المقترح في إطار رؤية شاملة تأخذ بعين الاعتبار أهمية موارد الادخار بالنسبة للمالية العمومية وإستراتيجية تطوير القطاع البنكي والمالي وأهمية الخدمات البريدية بالإضافة إلى تموقع البريد في قطاع تكنولوجيا الاتصال والمعلومات علاوة على الإجراءات حيث أن إحداث بنك أو تحويل مؤسسة إلى مؤسسة بنكية يخضع لترخيص لجنة التراخيص بالبنك المركزي التي تعمل وفقا لإجراءات ضبطها القانون المتعلق بالبنوك والمؤسسات المالية. كما أشارت إلى أن البريد التونسي مؤسسة عمومية مكلفة بتسيير صندوق الادخار الوطني التونسي لفائدة خزينة الدولة وأن إيداعات الحرفاء مضمونة لدى البريد وهي موضوعة على ذمة حساب الخزينة وتعد مصدرا رئيسيا لتمويل ميزانية الدولة وخلصت إلى أن هذا المقترح قابل للدرس في إطار رؤية شاملة وبتشريك كل الأطراف المتداخلة مع الأخذ بعين الاعتبار الآثار السلبية على التوازنات المالية.
مشروع معلّق
وأمام اختلاف وجهات النظر بين وزيرة المالية السابقة وبين أعضاء لجنة المالية والميزانية بخصوص مقترح التنصيص على إحداث البنك البريدي صلب مشروع القانون المتعلق بمكافحة الإقصاء المالي تم تعليق النظر في هذا المشروع الذي ينص على أن الهدف منه هو مكافحة الإقصاء المالي ودعم الإدماج المالي والاجتماعي للأشخاص الطبيعيين والمعنويين غير القادرين على النفاذ للقطاع المالي عبر تيسير ولوجهم واستعمالهم للمنتجات والخدمات المالية مع ضمان حماية كل مستهلكي هذه الخدمات وهو ما من شأنه أن يساهم في التنمية وخلق مواطن شغل والحد من البطالة والتفاوت الجهوي. وجاء في وثيقة شرح الأسباب أن هذا المشروع يندرج في إطار تجسيم الإصلاحات التي أعلنت عنها الحكومة لتنفيذ برنامج دفع الاقتصاد الوطني وتنشيطه وتسهيل الإطار القانوني والترتيبي لمناخ الأعمال والاستثمار، وهو يهدف إلى مكافحة الإقصاء المالي من خلال تطوير الإطار التشريعي والمؤسساتي لتعزيز الإدماج المالي قصد تمكين الفئات الفقيرة والفئات محدودة الدخل والأشخاص ذوي الإعاقة والذين لهم قدرة على ممارسة نشاط اقتصادي أو يتقنون مهنة أو حرفة أو نشاطا مدر للدخل وكذلك أصحاب المؤسسات متناهية الصغر والمؤسسات الصغيرة التي تجد صعوبة في النفاذ إلى القطاع المالي، تمكينها، من منتجات وخدمات تلبي احتياجاتهم مع دعم حمايتهم، وهو ما يساهم في تعزيز التمكين الاقتصادي والإدماج الاجتماعي وتحسين ظروف عيش تلك الفئات غير القادرة على النفاذ إلى الخدمات المالية بمختلف أنواعها وخاصة منها الرقمية والخدمات غير المالية، ويسهل ذلك انخراطها في الدورة الاقتصادية ويدفع التنمية ويخلق مواطن شغل وموارد رزق جديدة ويقلص من التفاوت الجهوي ويحد من وضعية الإقصاء المالي والتهميش بمختلف أشكاله.
وتضمن مشروع القانون الذي ما زال يراوح مكانه ولم يقع الحسم فيه بعد من قبل لجنة المالية والميزانية بسبب تمسك أعضائها بالتنصيص صلبه على إحداث ببك بريدي، أربعة محاور تعلق أولها بدعم النفاذ للمنتجات والخدمات المالية ودعم استعمالها، ويهدف المحور الثاني إلى تعزيز دور السلطة الرقابية للقطاع المالي سواء القطاع البنكي أو قطاع التمويل الصغير أو قطاع التأمين، في حين يتصل المحور الثالث بدعم حماية مستهلكي الخدمات المالية ودعم التثقيف المالي من خلال تنمية مهارات حرفاء المؤسسات المالية المدمجة من بنوك ومؤسسات مالية ومؤسسات التمويل الصغير ومؤسسات التأمين والديوان الوطني للبريد وتقديم المعلومة والمشورة التي تمكنهم من فهم مختلف الخدمات والمنتجات المالية بما يسمح لهم باتخاذ قرارات مدروسة في علاقة بمعاملاتهم المالية. ويتعلق المحور الأخير بترشيد التداول نقدا ودعم النفاذ إلى خدمات الدفع.