أجمعت عديد الجهات والقراءات على تسجيل نقلة نوعية، ما انفكت تتجلى في ثقافة أغلب التونسيين في التعاطي مع فصل الصيف وترسخ ثقافة الترفيه والاستمتاع بقدر من الراحة وممارسة أنشطة الاستجمام والترفيه في السنوات الأخيرة.
فالإقبال على الشواطئ والسباحة يعد في مقدمة اهتمام التونسيين من مختلف الشرائح العمرية والاجتماعية تقريبا، وهو ما ساهم في مراهنة عدة جهات رسمية وخاصة على هذا المعطى، لاسيما في ظل الإقبال الكبير على المناطق الساحلية من شمال تونس إلى جنوبها، وقد لاقت هذه الثقافة الاستحسان نظرا لتداعياتها الاقتصادية والاجتماعية، وكذلك الجسدية والنفسية للمتمتعين بهذه النوعية من الخدمات السياحية بالأساس.
لكن، ولئن أصبح الإقبال على الشواطئ والسباحة ضمن تقاليد نسبة كبيرة من التونسيين في السنوات الأخيرة، بعد أن ساهمت عدة عوامل في تكريس هذه الثقافة، فإن هذه العملية أصبحت تشكل كابوسا لدى البعض إن لم نقل لفئة كبيرة من المجتمع في ظل تعدد حوادث الغرق التي ما انفكت تطالعنا بها مصالح الجهات المعنية وفي مقدمتها تقارير الحماية المدنية. وبين التفاسير العلمية والقراءات للسلوكيات والتأويلات المبنية على الخيال والتنبؤات، لا يزال البحر يمثل هاجسا لرواد الشواطئ من مختلف الشرائح العمرية والاجتماعية.
لذلك انطلقت سلطة الإشراف بالاشتراك مع عدة جهات مدنية وهياكل ومنظمات دولية في تنفيذ جملة من البرامج التي تهدف في أبعادها إلى تطوير الشواطئ بالأساس وتوفير الشروط المطلوبة لضمان استمتاع المصطافين بظروف سباحة واستجمام صحية وآمنة. وقد انخرطت في تنفيذ هذه الأهداف عدة هياكل من القطاعين العمومي والخاص متداخلة في المهام والأنشطة والاستثمار في المجال سواء بما يهدف لتحويل مثل هذه الحركية النشيطة من عملية وظاهرة موسمية إلى ثقافة وإقبال يتواصلان خلال كامل أشهر السنة.
في نفس الإطار أكدت وزارة البيئة أنه في إطار التقييم نصف المرحلي لبرنامج تنظيف الشواطئ التونسية وإلى حدود الأسبوع الأول من شهر أوت الجاري، فقد تم التدخل بكل الشواطئ المعنية ببرنامج تنظيف بنسبة انجاز جملية قدرت بـ 80بالمائة. ويشمل برنامج أشغال التنظيف لسنة 2025 التدخل بـ 133 شاطئا على طول 192 كلم وعلى مساحة جملية تناهز 5739 هك باحتساب العدد الجملي للتدخلات، وهي موزعة على الشواطئ التابعة للبلديات السياحية (51 شاطئا)، والشواطئ العمومية (82 شاطئا).
يأتي ذلك تباعا مع ما تتولى وزارة الصحة القيام به في مستوى عملية مراقبة وتقييم الشواطئ الصالحة للسباحة من عدمها. وعملا بتوصيات اللجنة التي تتداخل فيها عدة جهات وتشرف عليها هذه الوزارة.
ويشار إلى أن رئيس برنامج التنظيف الآلي للشواطئ نبيل المختار، أكد مؤخرا في تصريح إعلامي أن الشواطئ التونسية، تسجل خلال الفترة الصيفية، رفع قرابة 8 آلاف متر مكعب من الفضلات التي يخلفها المصطافون بشكل يومي، وأن 85 بالمائة منها تتشكل من المواد البلاستيكية. مبينا في سياق متصل أن عمليات التنظيف في إطار برنامج التنظيف الآلي للشواطئ، أفضت إلى رفع قرابة 600 متر مكعب من الفضلات، خلال كل تدخل. ويشترك في تمويل هذا البرنامج صندوق حماية المناطق السياحية ووكالة حماية وتهيئة الشريط الساحلي، ويشمل 133 شاطئا على طول الشريط الساحلي عبر عدة تدخلات في شواطئ عمومية وأخرى خاصة. خاصة أن هذا البرنامج يهدف إلى تحسين الواجهة البحرية، وظروف استقبال المصطافين من خلال القيام بعمليات تنظيف وغربلة للرمال وإزالة الأوساخ والتي يتم نقلها من خلال الشاحنات إلى المصبات المراقبة.
في نفس السياق تقوم وكالة حماية وتهيئة الشريط الساحلي، بتنفيذ برامج أخرى لحماية الشواطئ، بالتعاون مع وحدات الحرس البحري لإزالة الأكشاك الفوضوية ومراقبة مدى الاستجابة لعقود اللزمات أو الإشغال الوقتي للملك العمومي البحري، وفق تأكيد نفس الجهة.
أهداف واعدة وتحديات بالجملة
وكان وزير السياحة والصناعات التقليدية قد أعلن منذ مدة عن سياسة الدولة التي تعمل الوزارة على تنفيذها بالاشتراك مع الجهات المتداخلة فيها، لتوسيع دائرة الإقبال على السياحة الداخلية، خاصة في ظل ما تبينه المؤشّرات التي تفيد أن عدد الليالي المقضاة للتونسيين المقيمين بلغت حولي 6 ملايين ليلة، ما يُمثّل 2.5 مليون تونسي، وما يُمثّل
38 % من إجمالي المقيمين في النزل، إلى قبل موفى شهر جويلية المنقضي. لتثمين هذا العامل في ظل ما تعكسه المعطيات من حجم إقبال التونسيين على المنتوج السياحي الوطني ومكانة السياحة الداخلية ودورها المتنامي في المنظومة الاقتصادية والاجتماعية. وأكّد سفيان تقية في نفس الإطار أن الوزارة تعمل على تطوير القطاع بما يُلبي حاجيات التونسيين، لضمان جودة السياحة التونسية وآفاق ترويج السياحة الداخلية بالتنسيق مع أهل المهنة الذين قدّموا عدّة إضافات.
وهذا يتطلب بدوره وضع برامج توعوية وتعليمية موجهة لحماية المواطنين خاصة أن السباحة تعد ضمن أولويات التونسيين في العطل الصيفية، وذلك بوضع برامج تعلم قواعد السباحة في البرامج التربوية للناشئة فضلا عن وضع مبادرات في الغرض موجهة للمواطنين لتعليمهم قواعد هذه العملية، وتخصيص برامج انتداب منقذين وفق آفاق تشغيلية متكاملة تشجع على الإقبال على هذا التخصص ليتحول من موسمي إلى دائم.
كابوس الغرق
تعدد أحداث الغرق من يوم لآخر في أماكن ونقاط مختلفة من الشواطئ التونسية، أصبح يشكل هاجس خوف لدى العائلات في تونس لاسيما في ظل الارتفاع في عدد ضحايا السباحة. ورغم غياب الأرقام الرسمية والإحصائيات الخاصة بهذه الصائفة إلى حد الآن، فإن عدد الغرقى بلغ العشرات من ضحايا غول البحر من أعمار مخلفة. وفسر حمدي حشاد، الخبير في المناخ ظاهرة تعدد أحداث الغرق في السواحل والشواطئ التونسية خلال هذه الصائفة بشكل غير مسبوق خاصة مع اشتداد موجات الحر وارتفاع الإقبال على الشواطئ بأن «البحر الأبيض المتوسط لم يعد كما كان في السابق»، مشيرا إلى أن التغيرات المناخية العميقة أثّرت بشكل مباشر على «سلوك البحر» والتيارات المائية، ما ساهم في ارتفاع غير مسبوق في حالات الغرق، خصوصا في الشواطئ المفتوحة وغير المراقبة.
وأوضح أن الارتفاع المستمر في درجات حرارة البحر خلال فصل الصيف بات سمة واضحة، وساهم في تغيّر ديناميكية التيارات البحرية، وخصوصاً على السواحل الرملية، ما أدى إلى ظهور تيارات خفية تعرف باسم “التيارات العائدة”. على اعتبار أن هذه التيارات ضيّقة وسريعة، تسحب السباحين من الساحل نحو داخل البحر، حتى في الأيام التي يبدو فيها البحر هادئا، مبينا أن خطورتها تكمن في أنها تعمل مثل “مصيدة”، حيث لا يجب على السباحين مقاومتها مباشرة، بل السباحة بمحاذاة الشاطئ لتجاوز تأثيرها.
ولم يكن الضحايا من المواطنين فقط على اعتبار أن بعضهم أو اغلبهم لا يتقنون فنون السباحة بل شملت قائمة الغرقى سباحين ومنقذين أيضا.
وبين الخبير في المناخ إلى أن البحر الأبيض المتوسط يعتبر اليوم من أبرز المناطق المتأثرة بالمناخ في العالم، ويُصنَّف كنقطة ساخنة للتغير المناخي البحري، مستشهدا بدراسة علمية نشرتها مجلة «طبيعة تغير المناخ» منذ ثلاث سنوات، تؤكد أن المتوسط يسخن بنسبة 20 % أسرع من المعدل العالمي، مما يؤدي إلى خلل في حركة الكتل المائية، والتيارات، والأمواج. مبينا أن التسخين السطحي للمياه يؤدي إلى ما يُعرف بـ”الطبقات الحرارية” حيث تبقى المياه السطحية ساخنة بينما تظل الأعماق باردة، مما يمنع اختلاط المياه ويزيد من طاقة التيارات القريبة من السواحل.
وأضاف أن التيارات العائدة تتكوّن حين تتكسر الأمواج بشكل غير منتظم، فتخلق ممرات مائية ضيقة وسريعة تعيد الماء من الشاطئ إلى البحر، بسرعة قد تصل إلى 2.5 متر في الثانية، أي بما يفوق قدرة أفضل السباحين.
وفي تفاعلها مع تكرر حوادث الغرق نشرت وزارة الصحة بيانا دعت فيه المواطنين إلى ضرورة اليقظة والانتباه وضرورة الالتزام بجملة من التوصيات في إطار التوقي من حوادث الغرق، خاصة أثناء فترات السباحة بالمناطق الساحلية أو في المسابح، وتضمنت توصياتها الانتباه وعدم ترك الأطفال يسبحون بمفردهم، سواء في البحر أو في المسابح. وضرورة تعليم الأطفال السباحة واحترام الرايات المرفوعة على الشواطئ وإشارات السلامة.
وكانت مصالح الحماية المدنية قد وضعت جملة من التوصيات أيضا لتفادي المواطنين مخاطر التعرض للسكتة الحرارية أثناء السباحة باعتبارها تعد أيضا من العوامل المباشرة لتسجيل حالات الغرق. وقد حذر الناطق الرسمي باسم الحماية المدنية من «أن التعرض لصدمة حرارية يمكن أن يؤدي إلى فقدان الوعي وبالتالي الغرق، داعيا إلى الحذر عندما يكون هناك فارق كبير بين درجتي حرارة الهواء والماء». وقدم في الغرض المتحدث باسم الحماية المدنية جملة أعراض الصدمة الحرارية والمتمثلة بالخصوص في تشنجات عضلية و«قشعريرة» واضطرابات في السمع أو البصر وحكة في الجلد وشعور بالتعب أو الشعور بالانزعاج الشديد.
كما قدم توصيات حول كيفية التصرف في حال حصول صدمة حرارية، على غرار تحريك اليدين وطلب المساعدة فورا والخروج من الماء بصفة سريعة والقيام فورا بتدفئة الجسم.
نزيهة الغضباني
أجمعت عديد الجهات والقراءات على تسجيل نقلة نوعية، ما انفكت تتجلى في ثقافة أغلب التونسيين في التعاطي مع فصل الصيف وترسخ ثقافة الترفيه والاستمتاع بقدر من الراحة وممارسة أنشطة الاستجمام والترفيه في السنوات الأخيرة.
فالإقبال على الشواطئ والسباحة يعد في مقدمة اهتمام التونسيين من مختلف الشرائح العمرية والاجتماعية تقريبا، وهو ما ساهم في مراهنة عدة جهات رسمية وخاصة على هذا المعطى، لاسيما في ظل الإقبال الكبير على المناطق الساحلية من شمال تونس إلى جنوبها، وقد لاقت هذه الثقافة الاستحسان نظرا لتداعياتها الاقتصادية والاجتماعية، وكذلك الجسدية والنفسية للمتمتعين بهذه النوعية من الخدمات السياحية بالأساس.
لكن، ولئن أصبح الإقبال على الشواطئ والسباحة ضمن تقاليد نسبة كبيرة من التونسيين في السنوات الأخيرة، بعد أن ساهمت عدة عوامل في تكريس هذه الثقافة، فإن هذه العملية أصبحت تشكل كابوسا لدى البعض إن لم نقل لفئة كبيرة من المجتمع في ظل تعدد حوادث الغرق التي ما انفكت تطالعنا بها مصالح الجهات المعنية وفي مقدمتها تقارير الحماية المدنية. وبين التفاسير العلمية والقراءات للسلوكيات والتأويلات المبنية على الخيال والتنبؤات، لا يزال البحر يمثل هاجسا لرواد الشواطئ من مختلف الشرائح العمرية والاجتماعية.
لذلك انطلقت سلطة الإشراف بالاشتراك مع عدة جهات مدنية وهياكل ومنظمات دولية في تنفيذ جملة من البرامج التي تهدف في أبعادها إلى تطوير الشواطئ بالأساس وتوفير الشروط المطلوبة لضمان استمتاع المصطافين بظروف سباحة واستجمام صحية وآمنة. وقد انخرطت في تنفيذ هذه الأهداف عدة هياكل من القطاعين العمومي والخاص متداخلة في المهام والأنشطة والاستثمار في المجال سواء بما يهدف لتحويل مثل هذه الحركية النشيطة من عملية وظاهرة موسمية إلى ثقافة وإقبال يتواصلان خلال كامل أشهر السنة.
في نفس الإطار أكدت وزارة البيئة أنه في إطار التقييم نصف المرحلي لبرنامج تنظيف الشواطئ التونسية وإلى حدود الأسبوع الأول من شهر أوت الجاري، فقد تم التدخل بكل الشواطئ المعنية ببرنامج تنظيف بنسبة انجاز جملية قدرت بـ 80بالمائة. ويشمل برنامج أشغال التنظيف لسنة 2025 التدخل بـ 133 شاطئا على طول 192 كلم وعلى مساحة جملية تناهز 5739 هك باحتساب العدد الجملي للتدخلات، وهي موزعة على الشواطئ التابعة للبلديات السياحية (51 شاطئا)، والشواطئ العمومية (82 شاطئا).
يأتي ذلك تباعا مع ما تتولى وزارة الصحة القيام به في مستوى عملية مراقبة وتقييم الشواطئ الصالحة للسباحة من عدمها. وعملا بتوصيات اللجنة التي تتداخل فيها عدة جهات وتشرف عليها هذه الوزارة.
ويشار إلى أن رئيس برنامج التنظيف الآلي للشواطئ نبيل المختار، أكد مؤخرا في تصريح إعلامي أن الشواطئ التونسية، تسجل خلال الفترة الصيفية، رفع قرابة 8 آلاف متر مكعب من الفضلات التي يخلفها المصطافون بشكل يومي، وأن 85 بالمائة منها تتشكل من المواد البلاستيكية. مبينا في سياق متصل أن عمليات التنظيف في إطار برنامج التنظيف الآلي للشواطئ، أفضت إلى رفع قرابة 600 متر مكعب من الفضلات، خلال كل تدخل. ويشترك في تمويل هذا البرنامج صندوق حماية المناطق السياحية ووكالة حماية وتهيئة الشريط الساحلي، ويشمل 133 شاطئا على طول الشريط الساحلي عبر عدة تدخلات في شواطئ عمومية وأخرى خاصة. خاصة أن هذا البرنامج يهدف إلى تحسين الواجهة البحرية، وظروف استقبال المصطافين من خلال القيام بعمليات تنظيف وغربلة للرمال وإزالة الأوساخ والتي يتم نقلها من خلال الشاحنات إلى المصبات المراقبة.
في نفس السياق تقوم وكالة حماية وتهيئة الشريط الساحلي، بتنفيذ برامج أخرى لحماية الشواطئ، بالتعاون مع وحدات الحرس البحري لإزالة الأكشاك الفوضوية ومراقبة مدى الاستجابة لعقود اللزمات أو الإشغال الوقتي للملك العمومي البحري، وفق تأكيد نفس الجهة.
أهداف واعدة وتحديات بالجملة
وكان وزير السياحة والصناعات التقليدية قد أعلن منذ مدة عن سياسة الدولة التي تعمل الوزارة على تنفيذها بالاشتراك مع الجهات المتداخلة فيها، لتوسيع دائرة الإقبال على السياحة الداخلية، خاصة في ظل ما تبينه المؤشّرات التي تفيد أن عدد الليالي المقضاة للتونسيين المقيمين بلغت حولي 6 ملايين ليلة، ما يُمثّل 2.5 مليون تونسي، وما يُمثّل
38 % من إجمالي المقيمين في النزل، إلى قبل موفى شهر جويلية المنقضي. لتثمين هذا العامل في ظل ما تعكسه المعطيات من حجم إقبال التونسيين على المنتوج السياحي الوطني ومكانة السياحة الداخلية ودورها المتنامي في المنظومة الاقتصادية والاجتماعية. وأكّد سفيان تقية في نفس الإطار أن الوزارة تعمل على تطوير القطاع بما يُلبي حاجيات التونسيين، لضمان جودة السياحة التونسية وآفاق ترويج السياحة الداخلية بالتنسيق مع أهل المهنة الذين قدّموا عدّة إضافات.
وهذا يتطلب بدوره وضع برامج توعوية وتعليمية موجهة لحماية المواطنين خاصة أن السباحة تعد ضمن أولويات التونسيين في العطل الصيفية، وذلك بوضع برامج تعلم قواعد السباحة في البرامج التربوية للناشئة فضلا عن وضع مبادرات في الغرض موجهة للمواطنين لتعليمهم قواعد هذه العملية، وتخصيص برامج انتداب منقذين وفق آفاق تشغيلية متكاملة تشجع على الإقبال على هذا التخصص ليتحول من موسمي إلى دائم.
كابوس الغرق
تعدد أحداث الغرق من يوم لآخر في أماكن ونقاط مختلفة من الشواطئ التونسية، أصبح يشكل هاجس خوف لدى العائلات في تونس لاسيما في ظل الارتفاع في عدد ضحايا السباحة. ورغم غياب الأرقام الرسمية والإحصائيات الخاصة بهذه الصائفة إلى حد الآن، فإن عدد الغرقى بلغ العشرات من ضحايا غول البحر من أعمار مخلفة. وفسر حمدي حشاد، الخبير في المناخ ظاهرة تعدد أحداث الغرق في السواحل والشواطئ التونسية خلال هذه الصائفة بشكل غير مسبوق خاصة مع اشتداد موجات الحر وارتفاع الإقبال على الشواطئ بأن «البحر الأبيض المتوسط لم يعد كما كان في السابق»، مشيرا إلى أن التغيرات المناخية العميقة أثّرت بشكل مباشر على «سلوك البحر» والتيارات المائية، ما ساهم في ارتفاع غير مسبوق في حالات الغرق، خصوصا في الشواطئ المفتوحة وغير المراقبة.
وأوضح أن الارتفاع المستمر في درجات حرارة البحر خلال فصل الصيف بات سمة واضحة، وساهم في تغيّر ديناميكية التيارات البحرية، وخصوصاً على السواحل الرملية، ما أدى إلى ظهور تيارات خفية تعرف باسم “التيارات العائدة”. على اعتبار أن هذه التيارات ضيّقة وسريعة، تسحب السباحين من الساحل نحو داخل البحر، حتى في الأيام التي يبدو فيها البحر هادئا، مبينا أن خطورتها تكمن في أنها تعمل مثل “مصيدة”، حيث لا يجب على السباحين مقاومتها مباشرة، بل السباحة بمحاذاة الشاطئ لتجاوز تأثيرها.
ولم يكن الضحايا من المواطنين فقط على اعتبار أن بعضهم أو اغلبهم لا يتقنون فنون السباحة بل شملت قائمة الغرقى سباحين ومنقذين أيضا.
وبين الخبير في المناخ إلى أن البحر الأبيض المتوسط يعتبر اليوم من أبرز المناطق المتأثرة بالمناخ في العالم، ويُصنَّف كنقطة ساخنة للتغير المناخي البحري، مستشهدا بدراسة علمية نشرتها مجلة «طبيعة تغير المناخ» منذ ثلاث سنوات، تؤكد أن المتوسط يسخن بنسبة 20 % أسرع من المعدل العالمي، مما يؤدي إلى خلل في حركة الكتل المائية، والتيارات، والأمواج. مبينا أن التسخين السطحي للمياه يؤدي إلى ما يُعرف بـ”الطبقات الحرارية” حيث تبقى المياه السطحية ساخنة بينما تظل الأعماق باردة، مما يمنع اختلاط المياه ويزيد من طاقة التيارات القريبة من السواحل.
وأضاف أن التيارات العائدة تتكوّن حين تتكسر الأمواج بشكل غير منتظم، فتخلق ممرات مائية ضيقة وسريعة تعيد الماء من الشاطئ إلى البحر، بسرعة قد تصل إلى 2.5 متر في الثانية، أي بما يفوق قدرة أفضل السباحين.
وفي تفاعلها مع تكرر حوادث الغرق نشرت وزارة الصحة بيانا دعت فيه المواطنين إلى ضرورة اليقظة والانتباه وضرورة الالتزام بجملة من التوصيات في إطار التوقي من حوادث الغرق، خاصة أثناء فترات السباحة بالمناطق الساحلية أو في المسابح، وتضمنت توصياتها الانتباه وعدم ترك الأطفال يسبحون بمفردهم، سواء في البحر أو في المسابح. وضرورة تعليم الأطفال السباحة واحترام الرايات المرفوعة على الشواطئ وإشارات السلامة.
وكانت مصالح الحماية المدنية قد وضعت جملة من التوصيات أيضا لتفادي المواطنين مخاطر التعرض للسكتة الحرارية أثناء السباحة باعتبارها تعد أيضا من العوامل المباشرة لتسجيل حالات الغرق. وقد حذر الناطق الرسمي باسم الحماية المدنية من «أن التعرض لصدمة حرارية يمكن أن يؤدي إلى فقدان الوعي وبالتالي الغرق، داعيا إلى الحذر عندما يكون هناك فارق كبير بين درجتي حرارة الهواء والماء». وقدم في الغرض المتحدث باسم الحماية المدنية جملة أعراض الصدمة الحرارية والمتمثلة بالخصوص في تشنجات عضلية و«قشعريرة» واضطرابات في السمع أو البصر وحكة في الجلد وشعور بالتعب أو الشعور بالانزعاج الشديد.
كما قدم توصيات حول كيفية التصرف في حال حصول صدمة حرارية، على غرار تحريك اليدين وطلب المساعدة فورا والخروج من الماء بصفة سريعة والقيام فورا بتدفئة الجسم.