إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

في لجنة التربية والشباب.. مبادرة تشريعية جديدة تتعلق بالزمن المدرسي

- مقترح قانون يكرّس الحق في الصحة النفسية المدرسية

قبيل شروعها في دراسة مقترح قانون يتعلق بإحداث خطة مدرس مادة التربية على وسائل الإعلام والاتصال بالمؤسسات التربوية العمومية، أحال مكتب مجلس نواب الشعب أول أمس إلى لجنة التربية والتكوين المهني والبحث العلمي والشباب والرياضة مبادرة تشريعية جديدة تتعلق بالزمن المدرسي ومبادرة أخرى تكرس الحق في الصحة النفسية المدرسية.

وتضمن مقترح القانون المتعلق بتنظيم العمل بنظام الحصة الواحدة وحوكمة الزمن المدرسي 7 فصول، نص الفصل الأول على أن هذا القانون يهدف إلى اعتماد نظام الحصة الواحدة في المؤسسات التربوية العمومية، بما يحقق التوازن الزمني، ويحد من الإرهاق المدرسي، ويرتقي بجودة التعليم والظروف التربوية. أما الفصل الثاني فتم من خلاله التعريف بالمصطلحات، وبمقتضاه يقصد بنظام الحصة الواحدة تنظيم اليوم الدراسي على فترة واحدة متواصلة صباحية أو مسائية لا تتجاوز خمس ساعات يوميا، دون انقطاع بين الفترتين مع إمكانية إدماج أنشطة موازية اختيارية خارج هذا التوقيت. وحسب الفصل الثالث تطبق أحكام هذا القانون تدريجيا على:المدارس الابتدائية العمومية، والمدارس الإعدادية، والمعاهد الثانوية. وتمنح الأولوية في التنفيذ للمناطق الريفية والجهات ذات الخصاصة أو صعوبات التنقل.

وبناء على مضامين الفصل الرابع من هذه المبادرة التشريعية، يضبط التوقيت الأسبوعي بنظام الحصة الواحدة كما يلي: المرحلة الابتدائية من الاثنين إلى الجمعة خمس ساعات يوميا كحد أقصى، والمرحلة الإعدادية والمرحلة الثانوية:  توزيع زمني لا يتجاوز 30 ساعة أسبوعيا على خمسة أيام. أما الفصل الخامس فتم من خلاله تكليف وزارة التربية بضبط الجدول الزمني والمواصفات التربوية وطرق تقييم هذه التجربة. كما تضع الوزارة خططا لتأهيل البنية التحتية، وتوفير النقل المدرسي والتغذية عند الاقتضاء.

دور المجتمع المدني

ونص الفصل السادس من مقترح القانون المتعلق بتنظيم العمل بنظام الحصة الواحدة وحوكمة الزمن المدرسي على أن تتولى المؤسسات التشجيع على تنظيم أنشطة ثقافية، رقمية وفنية بعد الحصة الرسمية بالشراكة مع المجتمع المدني والبلديات، دون أن تكون إلزامية. في حين تعلق الفصل السابع والأخير بالأحكام الختامية وبمقتضاه يتم الشروع في تطبيق هذا النظام بداية من السنة الدراسية الموالية لنشر القانون الجديد بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية، ويتم تعميمه تدريجيا خلال ثلاث سنوات مع تقييم سنوي لنتائجه. وتصدر النصوص الترتيبية المتعلقة بهذا القانون في أجل لا يتجاوز ستة أشهر من تاريخ نشره.

الحد من الإرهاق

وفي وثيقة شرح الأسباب، أشار النواب أصحاب المبادرة التشريعية وفي مقدمتهم ريم الصغير إلى أن مقترح القانون المتعلق بتنظيم العمل بنظام الحصة الواحدة وحوكمة الزمن المدرسي يتنزل في إطار إصلاح المنظومة التربوية والارتقاء بجودة التعليم وظروف التعلم، وهو يأتي من أجل اعتماد نظام الحصة الواحدة في المؤسسات التربوية العمومية قصد الحد من الإرهاق الدراسي وتحقيق التوازن لدى التلاميذ وتوفير ظروف أفضل للعمل التربوي.

وبينوا أن مقترحهم جاء في إطار العمل على إصلاح الزمن المدرسي وحوكمته وتخفيف العبء اليومي على التلميذ والتقليص من الهدر المدرسي وتحسين جودة الحياة داخل المؤسسات التربوية، كما يهدف نفس المقترح إلى المساهمة في ترشيد استهلاك الطاقة وتحسين ظروف العمل بالنسبة إلى الأسرة التربوية وتعزيز قدرة التلاميذ على التركيز والتحصيل وفتح المجال للأنشطة التكميلية في الفضاءات المدرسية أو المجتمعية.

واستدل أصحاب المبادرة التشريعية بتجارب مقارنة قصد الاستئناس بها، وفي هذا السياق أشاروا إلى أن مدارس فنلندا على سبيل الذكر تعتمد نظام الحصة الواحدة إذ لا يتجاوز الزمن المدرسي خمس ساعات يوميا مع التركيز على جودة التعليم وراحة التلميذ. أما في كندا فإن النظام المدرسي يعتمد فترات تعليمية مرنة لا تتجاوز ست ساعات يوميا مع تخصيص وقت للأنشطة الموازية، في حين تم في فرنسا خلال السنوات الأخيرة تقليص الزمن المدرسي مع جعل يوم الأربعاء بالنسبة على بعض المستويات دون دراسة فضلا عن توزيع الزمن المدرسي بشكل متوازن خلال أيام الأسبوع.   

ويحمل مقترح القانون المتعلق بتنظيم العمل بنظام الحصة الواحدة وحوكمة الزمن المدرسي إمضاء النواب ريم الصغير ورشدي الرويسي وأسماء درويش وياسر قوراري ونجيب عكرمي وبسمة الهمامي ومهى عامر وزينة جيب الله ومصطفى البوبكري ومحمد بن حسين وعماد أولاد جبريل وفخر الدين فضلون وشفيق عز الدين الزعفوري، وهناك من بين هؤلاء النواب من تبنوا مقترح قانون آخر أحاله مكتب مجلس نواب الشعب أول أمس إلى لجنة التربية والتكوين المهني والبحث العلمي والشباب والرياضة وهو يتعلق بالصحة النفسية المدرسية.

صحة نفسية

وتحمل المبادرة التشريعية المتعلقة بالحق في الصحة النفسية المدرسية إمضاء النواب سيرين المرابط ونجلاء اللحياني ويوسف التومي وطارق مهدي وأحمد بنور وعبد القادر بن زينب ورياض بلال ورمزي الشتوي وماهر بوبكر الحضري وعمار العيدودي وعماد الدين سديري ومحمد ماجدي ولطفي الهمامي والنوري الجريدي ومحمد اليحياوي وعصام شوشان وحسن بوسامة وطارق الربعي وأسماء الدرويش وحسن جربوعي وسنياء بن المبروك وشكري البحري وباديس بلحاج علي وعمر بن عمر والفاضل بن تركية ويسري البواب وريم المعشاوي وفيصل الصغير وصلاح الصيادي وإلياس بوكوشة وأيمن بن صالح ومحمد أمين مباركي ومهى عامر ومحمد علي ونزار الصديق وزينة جيب الله.

وبالنظر إلى التصاريح  بتبني مقترح القانون المذكور، يتضح أن النائب لطفي الهمامي أمضى على تصريحين بتبني هذا المقترح رقم التصريح الأول 13 ورقم التصريح ثاني 34 وهو ما يعني أن العدد الحقيقي للنواب المتبنين للمبادرة يبلغ 36 وليس 37 كما ورد في الجدول المصاحب الذي يحتوي على  إمضاءات النواب على مقترح قانون يتعلق بالحق في الصحة النفسية المدرسية.

حالات انتحار

وفي وثيقة شرح الأسباب، أشار أصحاب مقترح القانون المتعلق بالحق في الصحة النفسية المدرسية إلى أن دراسات وطنية ودولية تشير إلى تزايد الأمراض النفسية بين الأطفال والمراهقين، وبينوا أن الصحة النفسية تعتبر عاملا أساسيا يؤثر على التحصيل الدراسي والعلاقات الاجتماعية وحتى فرص النجاح المستقبلي في تونس، في حين تفيد الإحصائيات الرسمية ومعطيات المنظمات غير الحكومية أن حالات الانتحار بين التلاميذ والطلبة في ارتفاع مستمر، فحسب تقرير وزارة الصحة لسنة 2023 تم تسجيل أكثر من 150 حالة انتحار بين التلاميذ في المدارس الثانوية خلال الخمس سنوات السابقة لتاريخ التقرير، كما تفيد معطيات مركز الدفاع عن حقوق الطفل التونسي أن 20 بالمائة من التلاميذ تقريبا يعانون من اضطرابات نفسية تحتاج إلى تدخل طبي. في حين تبين الأبحاث العلمية المحلية أن التنمر والضغط النفسي من أهم الأسباب المؤدية إلى محاولات الانتحار.

ويرى أصحاب مقترح القانون الجديد المعروض على أنظار لجنة التربية والتكوين المهني والبحث العلمي والشباب والرياضة أن هذه المؤشرات الخطيرة تستوجب تدخلا قانونيا حاسما لمنع وقوع مزيد من الضحايا ولتحسين ظروف الصحة النفسية في المؤسسات التعليمية.

ضغط نفسي

وتتمثل أهداف مقترح القانون المتعلق بالحق في الصحة النفسية المدرسية في الوقاية والكشف المبكر عبر القيام بتقييم دوري وفحوصات نفسية لتحديد الحالات المعرضة للخطر، والدعم النفسي المتواصل من خلال توفير جلسات دعم نفسي فردية وجماعية تساعد التلاميذ على مواجهة ضغوط الحياة المدرسية والاجتماعية، والتوعية من خلال رفع وعي التلاميذ والأسرة والمربين بأهمية الصحة النفسية وطرق التعامل معها، والتنسيق بين القطاعات عبر ربط المؤسسات التعليمية بالمؤسسات الصحية لتوفير علاج فعال للحالات الحرجة.

ويرى أصحاب المقترح أن إدراج الصحة النفسية كجزء لا يتجزأ من المنظومة التعليمية هو في حد ذاته ابتكار قانوني غير مسبوق في التشريع التونسي، فالمبادرة حسب قولهم تلزم المؤسسات التعليمية بتخصيص موارد بشرية ومالية لمتابعة الصحة النفسية مع ضمان سرية المعلومات النفسية وحماية خصوصية التلميذ والطالب وتفرض عقوبات قانونية على من يعرقل تقديم الدعم النفسي. واستشهدوا بأمثلة ناجحة في عدد من الدول مثل فنلندا التي فرضت وجود أخصائي نفسي بكل مدرسة مما أدى إلى انخفاض ملحوظ في معدلات الانتحار والتسرب المدرسي، أما في اليابان فتوجد برامج توعوية نفسية ساهمت في التقليص من التنمر وتحسين الصحة النفسية للتلاميذ، في حين أوجدت كندا وحدات صحية نفسية مدرسية توفر دعما شاملا للمتعلمين وهي تجربة نموذجية تم الاحتذاء بها في كثير من الدول.

حقوق التلميذ

وتضمن مقترح القانون المتعلق بالحق في الصحة النفسية المدرسية 10 فصول تم توزيعها على ستة أبواب. ففي الباب الأول المخصص للأحكام العامة نص الفصل الأول على أن هذا القانون يقرّ حق كل تلميذ وطالب في المؤسسات التعليمية من مرحلة التعليم الأساسي إلى الثانوي في الحصول على خدمات  الصحة النفسية المدرسية، وحسب الفصل الثاني تعتبر الصحة النفسية جزءا أساسيا من منظومة الصحة المدرسية وتشمل الكشف المبكر والدعم النفسي والتوعية والعلاج الوقائي داخل المؤسسة التعليمية.

واجبات المدرسة

تعلق الباب الثاني من المبادرة التشريعية بتنظيم الصحة النفسية في المؤسسات التعليمية ونص في الفصل الثالث، على إلزام كل مؤسسة تعليمية عامة وخاصة بإنشاء وحدة للصحة النفسية المدرسية أو تخصيص أخصائي نفسي للتكفل بالتلاميذ والطلبة، وبناء على ما ورد في الفصل الرابع، تتمثل مهام أخصائي الصحة النفسية في إجراء تقييمات نفسية دورية للتلاميذ والطلبة، وتقديم الدعم النفسي الفردي والجماعي، وإعداد برامج توعوية حول الصحة النفسية لمختلف الفئات داخل المؤسسة، والتعاون مع الأولياء والمعلمين في متابعة الحالة النفسية للتلاميذ، والتنسيق مع المؤسسات الصحية عند الحاجة لتحويل الحالات. وفي الفصل الخامس تم التنصيص على تعيين أخصائيي الصحة النفسية من قبل وزارة التربية بالتنسيق مع وزارة الصحة، ويتم توفير التكوين المستمر لهم.

وخصص أصحاب المبادرة التشريعية الباب الثالث من مقترح القانون سالف الذكر للأحكام المتعلقة بحقوق التلاميذ والطلبة وواجباتهم، فحسب ما جاء في الفصل السادس، فإنه لكل تلميذ وطالب الحق في سرية المعلومات المتعلقة بحالته النفسية ولا يجوز إفشاء أي معلومات إلا بموافقته أو بموجب حكم قضائي، أما الفصل السابع فهو ينص على أنه يحق للتلميذ والطالب الحصول على الدعم النفسي دون أي تمييز أو استغلال مع ضمان احترام كرامته وحقوقه. في حين نص الفصل الثامن الوارد في الباب الرابع المتعلق بتمويل الصحة لنفسية على أن «تلتزم الدولة بتخصيص اعتمادات مالية سنوية لدعم الصحة النفسية في المؤسسات التعليمية تشمل تكوين الأخصائيين وتجهيز الوحدات وتنظيم حملات التوعية».

خطايا مالية

وتضمن الفصل التاسع الوارد في الباب الخامس المتعلق بالعقوبات،أحكاما  يعاقب بموجبها كل من يتعمّد منع أو عرقلة تقديم خدمات الصحة النفسية في المؤسسات التعليمية بغرامة مالية لا تقل عن خمسمائة دينار وتصل إلى ثلاثة آلاف دينار.

 في حين نص الفصل العاشر والأخير الوارد في الباب السادس المتعلق بالأحكام الانتقالية والختامية، على أن تلتزم المؤسسات التعليمية بتطبيق أحكام هذا القانون خلال سنة واحدة من تاريخ نشره بالرائد الرسمي.

ولتطبيق قانون جديد يتعلق بالحق في الصحة النفسية المدرسية، يرى أصحاب المبادرة التشريعية أن هناك ضرورة لتدريب وتأهيل أخصائيي الصحة النفسية في قطاع التربية والتعليم، وتوفير بنية تحتية ملائمة مثل غرف مخصصة للاستشارات النفسية داخل المدارس، إلى جانب تنظيم حملات وطنية لتوعية المجتمع التونسي بأهمية الصحة النفسية المدرسية، فضلا عن دعم التشريعات وتوفير التمويل اللازم لضمان متابعة تنفيذها عبر إعداد تقارير سنوية شفافة، وخلصت جهة المبادرة في وثيقة شرح الأسباب إلى أن مقترح القانون سالف الذكر يشكل خطوة نوعية نحو تعزيز حقوق الطفل ورفاهه النفسي بما من شأنه أن يساهم في بناء جيل متوازن وقادر على مواجهة تحديات العصر بكل ثقة وصحة نفسية سليمة.

سعيدة بوهلال

 في لجنة التربية والشباب..   مبادرة تشريعية جديدة تتعلق بالزمن المدرسي

- مقترح قانون يكرّس الحق في الصحة النفسية المدرسية

قبيل شروعها في دراسة مقترح قانون يتعلق بإحداث خطة مدرس مادة التربية على وسائل الإعلام والاتصال بالمؤسسات التربوية العمومية، أحال مكتب مجلس نواب الشعب أول أمس إلى لجنة التربية والتكوين المهني والبحث العلمي والشباب والرياضة مبادرة تشريعية جديدة تتعلق بالزمن المدرسي ومبادرة أخرى تكرس الحق في الصحة النفسية المدرسية.

وتضمن مقترح القانون المتعلق بتنظيم العمل بنظام الحصة الواحدة وحوكمة الزمن المدرسي 7 فصول، نص الفصل الأول على أن هذا القانون يهدف إلى اعتماد نظام الحصة الواحدة في المؤسسات التربوية العمومية، بما يحقق التوازن الزمني، ويحد من الإرهاق المدرسي، ويرتقي بجودة التعليم والظروف التربوية. أما الفصل الثاني فتم من خلاله التعريف بالمصطلحات، وبمقتضاه يقصد بنظام الحصة الواحدة تنظيم اليوم الدراسي على فترة واحدة متواصلة صباحية أو مسائية لا تتجاوز خمس ساعات يوميا، دون انقطاع بين الفترتين مع إمكانية إدماج أنشطة موازية اختيارية خارج هذا التوقيت. وحسب الفصل الثالث تطبق أحكام هذا القانون تدريجيا على:المدارس الابتدائية العمومية، والمدارس الإعدادية، والمعاهد الثانوية. وتمنح الأولوية في التنفيذ للمناطق الريفية والجهات ذات الخصاصة أو صعوبات التنقل.

وبناء على مضامين الفصل الرابع من هذه المبادرة التشريعية، يضبط التوقيت الأسبوعي بنظام الحصة الواحدة كما يلي: المرحلة الابتدائية من الاثنين إلى الجمعة خمس ساعات يوميا كحد أقصى، والمرحلة الإعدادية والمرحلة الثانوية:  توزيع زمني لا يتجاوز 30 ساعة أسبوعيا على خمسة أيام. أما الفصل الخامس فتم من خلاله تكليف وزارة التربية بضبط الجدول الزمني والمواصفات التربوية وطرق تقييم هذه التجربة. كما تضع الوزارة خططا لتأهيل البنية التحتية، وتوفير النقل المدرسي والتغذية عند الاقتضاء.

دور المجتمع المدني

ونص الفصل السادس من مقترح القانون المتعلق بتنظيم العمل بنظام الحصة الواحدة وحوكمة الزمن المدرسي على أن تتولى المؤسسات التشجيع على تنظيم أنشطة ثقافية، رقمية وفنية بعد الحصة الرسمية بالشراكة مع المجتمع المدني والبلديات، دون أن تكون إلزامية. في حين تعلق الفصل السابع والأخير بالأحكام الختامية وبمقتضاه يتم الشروع في تطبيق هذا النظام بداية من السنة الدراسية الموالية لنشر القانون الجديد بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية، ويتم تعميمه تدريجيا خلال ثلاث سنوات مع تقييم سنوي لنتائجه. وتصدر النصوص الترتيبية المتعلقة بهذا القانون في أجل لا يتجاوز ستة أشهر من تاريخ نشره.

الحد من الإرهاق

وفي وثيقة شرح الأسباب، أشار النواب أصحاب المبادرة التشريعية وفي مقدمتهم ريم الصغير إلى أن مقترح القانون المتعلق بتنظيم العمل بنظام الحصة الواحدة وحوكمة الزمن المدرسي يتنزل في إطار إصلاح المنظومة التربوية والارتقاء بجودة التعليم وظروف التعلم، وهو يأتي من أجل اعتماد نظام الحصة الواحدة في المؤسسات التربوية العمومية قصد الحد من الإرهاق الدراسي وتحقيق التوازن لدى التلاميذ وتوفير ظروف أفضل للعمل التربوي.

وبينوا أن مقترحهم جاء في إطار العمل على إصلاح الزمن المدرسي وحوكمته وتخفيف العبء اليومي على التلميذ والتقليص من الهدر المدرسي وتحسين جودة الحياة داخل المؤسسات التربوية، كما يهدف نفس المقترح إلى المساهمة في ترشيد استهلاك الطاقة وتحسين ظروف العمل بالنسبة إلى الأسرة التربوية وتعزيز قدرة التلاميذ على التركيز والتحصيل وفتح المجال للأنشطة التكميلية في الفضاءات المدرسية أو المجتمعية.

واستدل أصحاب المبادرة التشريعية بتجارب مقارنة قصد الاستئناس بها، وفي هذا السياق أشاروا إلى أن مدارس فنلندا على سبيل الذكر تعتمد نظام الحصة الواحدة إذ لا يتجاوز الزمن المدرسي خمس ساعات يوميا مع التركيز على جودة التعليم وراحة التلميذ. أما في كندا فإن النظام المدرسي يعتمد فترات تعليمية مرنة لا تتجاوز ست ساعات يوميا مع تخصيص وقت للأنشطة الموازية، في حين تم في فرنسا خلال السنوات الأخيرة تقليص الزمن المدرسي مع جعل يوم الأربعاء بالنسبة على بعض المستويات دون دراسة فضلا عن توزيع الزمن المدرسي بشكل متوازن خلال أيام الأسبوع.   

ويحمل مقترح القانون المتعلق بتنظيم العمل بنظام الحصة الواحدة وحوكمة الزمن المدرسي إمضاء النواب ريم الصغير ورشدي الرويسي وأسماء درويش وياسر قوراري ونجيب عكرمي وبسمة الهمامي ومهى عامر وزينة جيب الله ومصطفى البوبكري ومحمد بن حسين وعماد أولاد جبريل وفخر الدين فضلون وشفيق عز الدين الزعفوري، وهناك من بين هؤلاء النواب من تبنوا مقترح قانون آخر أحاله مكتب مجلس نواب الشعب أول أمس إلى لجنة التربية والتكوين المهني والبحث العلمي والشباب والرياضة وهو يتعلق بالصحة النفسية المدرسية.

صحة نفسية

وتحمل المبادرة التشريعية المتعلقة بالحق في الصحة النفسية المدرسية إمضاء النواب سيرين المرابط ونجلاء اللحياني ويوسف التومي وطارق مهدي وأحمد بنور وعبد القادر بن زينب ورياض بلال ورمزي الشتوي وماهر بوبكر الحضري وعمار العيدودي وعماد الدين سديري ومحمد ماجدي ولطفي الهمامي والنوري الجريدي ومحمد اليحياوي وعصام شوشان وحسن بوسامة وطارق الربعي وأسماء الدرويش وحسن جربوعي وسنياء بن المبروك وشكري البحري وباديس بلحاج علي وعمر بن عمر والفاضل بن تركية ويسري البواب وريم المعشاوي وفيصل الصغير وصلاح الصيادي وإلياس بوكوشة وأيمن بن صالح ومحمد أمين مباركي ومهى عامر ومحمد علي ونزار الصديق وزينة جيب الله.

وبالنظر إلى التصاريح  بتبني مقترح القانون المذكور، يتضح أن النائب لطفي الهمامي أمضى على تصريحين بتبني هذا المقترح رقم التصريح الأول 13 ورقم التصريح ثاني 34 وهو ما يعني أن العدد الحقيقي للنواب المتبنين للمبادرة يبلغ 36 وليس 37 كما ورد في الجدول المصاحب الذي يحتوي على  إمضاءات النواب على مقترح قانون يتعلق بالحق في الصحة النفسية المدرسية.

حالات انتحار

وفي وثيقة شرح الأسباب، أشار أصحاب مقترح القانون المتعلق بالحق في الصحة النفسية المدرسية إلى أن دراسات وطنية ودولية تشير إلى تزايد الأمراض النفسية بين الأطفال والمراهقين، وبينوا أن الصحة النفسية تعتبر عاملا أساسيا يؤثر على التحصيل الدراسي والعلاقات الاجتماعية وحتى فرص النجاح المستقبلي في تونس، في حين تفيد الإحصائيات الرسمية ومعطيات المنظمات غير الحكومية أن حالات الانتحار بين التلاميذ والطلبة في ارتفاع مستمر، فحسب تقرير وزارة الصحة لسنة 2023 تم تسجيل أكثر من 150 حالة انتحار بين التلاميذ في المدارس الثانوية خلال الخمس سنوات السابقة لتاريخ التقرير، كما تفيد معطيات مركز الدفاع عن حقوق الطفل التونسي أن 20 بالمائة من التلاميذ تقريبا يعانون من اضطرابات نفسية تحتاج إلى تدخل طبي. في حين تبين الأبحاث العلمية المحلية أن التنمر والضغط النفسي من أهم الأسباب المؤدية إلى محاولات الانتحار.

ويرى أصحاب مقترح القانون الجديد المعروض على أنظار لجنة التربية والتكوين المهني والبحث العلمي والشباب والرياضة أن هذه المؤشرات الخطيرة تستوجب تدخلا قانونيا حاسما لمنع وقوع مزيد من الضحايا ولتحسين ظروف الصحة النفسية في المؤسسات التعليمية.

ضغط نفسي

وتتمثل أهداف مقترح القانون المتعلق بالحق في الصحة النفسية المدرسية في الوقاية والكشف المبكر عبر القيام بتقييم دوري وفحوصات نفسية لتحديد الحالات المعرضة للخطر، والدعم النفسي المتواصل من خلال توفير جلسات دعم نفسي فردية وجماعية تساعد التلاميذ على مواجهة ضغوط الحياة المدرسية والاجتماعية، والتوعية من خلال رفع وعي التلاميذ والأسرة والمربين بأهمية الصحة النفسية وطرق التعامل معها، والتنسيق بين القطاعات عبر ربط المؤسسات التعليمية بالمؤسسات الصحية لتوفير علاج فعال للحالات الحرجة.

ويرى أصحاب المقترح أن إدراج الصحة النفسية كجزء لا يتجزأ من المنظومة التعليمية هو في حد ذاته ابتكار قانوني غير مسبوق في التشريع التونسي، فالمبادرة حسب قولهم تلزم المؤسسات التعليمية بتخصيص موارد بشرية ومالية لمتابعة الصحة النفسية مع ضمان سرية المعلومات النفسية وحماية خصوصية التلميذ والطالب وتفرض عقوبات قانونية على من يعرقل تقديم الدعم النفسي. واستشهدوا بأمثلة ناجحة في عدد من الدول مثل فنلندا التي فرضت وجود أخصائي نفسي بكل مدرسة مما أدى إلى انخفاض ملحوظ في معدلات الانتحار والتسرب المدرسي، أما في اليابان فتوجد برامج توعوية نفسية ساهمت في التقليص من التنمر وتحسين الصحة النفسية للتلاميذ، في حين أوجدت كندا وحدات صحية نفسية مدرسية توفر دعما شاملا للمتعلمين وهي تجربة نموذجية تم الاحتذاء بها في كثير من الدول.

حقوق التلميذ

وتضمن مقترح القانون المتعلق بالحق في الصحة النفسية المدرسية 10 فصول تم توزيعها على ستة أبواب. ففي الباب الأول المخصص للأحكام العامة نص الفصل الأول على أن هذا القانون يقرّ حق كل تلميذ وطالب في المؤسسات التعليمية من مرحلة التعليم الأساسي إلى الثانوي في الحصول على خدمات  الصحة النفسية المدرسية، وحسب الفصل الثاني تعتبر الصحة النفسية جزءا أساسيا من منظومة الصحة المدرسية وتشمل الكشف المبكر والدعم النفسي والتوعية والعلاج الوقائي داخل المؤسسة التعليمية.

واجبات المدرسة

تعلق الباب الثاني من المبادرة التشريعية بتنظيم الصحة النفسية في المؤسسات التعليمية ونص في الفصل الثالث، على إلزام كل مؤسسة تعليمية عامة وخاصة بإنشاء وحدة للصحة النفسية المدرسية أو تخصيص أخصائي نفسي للتكفل بالتلاميذ والطلبة، وبناء على ما ورد في الفصل الرابع، تتمثل مهام أخصائي الصحة النفسية في إجراء تقييمات نفسية دورية للتلاميذ والطلبة، وتقديم الدعم النفسي الفردي والجماعي، وإعداد برامج توعوية حول الصحة النفسية لمختلف الفئات داخل المؤسسة، والتعاون مع الأولياء والمعلمين في متابعة الحالة النفسية للتلاميذ، والتنسيق مع المؤسسات الصحية عند الحاجة لتحويل الحالات. وفي الفصل الخامس تم التنصيص على تعيين أخصائيي الصحة النفسية من قبل وزارة التربية بالتنسيق مع وزارة الصحة، ويتم توفير التكوين المستمر لهم.

وخصص أصحاب المبادرة التشريعية الباب الثالث من مقترح القانون سالف الذكر للأحكام المتعلقة بحقوق التلاميذ والطلبة وواجباتهم، فحسب ما جاء في الفصل السادس، فإنه لكل تلميذ وطالب الحق في سرية المعلومات المتعلقة بحالته النفسية ولا يجوز إفشاء أي معلومات إلا بموافقته أو بموجب حكم قضائي، أما الفصل السابع فهو ينص على أنه يحق للتلميذ والطالب الحصول على الدعم النفسي دون أي تمييز أو استغلال مع ضمان احترام كرامته وحقوقه. في حين نص الفصل الثامن الوارد في الباب الرابع المتعلق بتمويل الصحة لنفسية على أن «تلتزم الدولة بتخصيص اعتمادات مالية سنوية لدعم الصحة النفسية في المؤسسات التعليمية تشمل تكوين الأخصائيين وتجهيز الوحدات وتنظيم حملات التوعية».

خطايا مالية

وتضمن الفصل التاسع الوارد في الباب الخامس المتعلق بالعقوبات،أحكاما  يعاقب بموجبها كل من يتعمّد منع أو عرقلة تقديم خدمات الصحة النفسية في المؤسسات التعليمية بغرامة مالية لا تقل عن خمسمائة دينار وتصل إلى ثلاثة آلاف دينار.

 في حين نص الفصل العاشر والأخير الوارد في الباب السادس المتعلق بالأحكام الانتقالية والختامية، على أن تلتزم المؤسسات التعليمية بتطبيق أحكام هذا القانون خلال سنة واحدة من تاريخ نشره بالرائد الرسمي.

ولتطبيق قانون جديد يتعلق بالحق في الصحة النفسية المدرسية، يرى أصحاب المبادرة التشريعية أن هناك ضرورة لتدريب وتأهيل أخصائيي الصحة النفسية في قطاع التربية والتعليم، وتوفير بنية تحتية ملائمة مثل غرف مخصصة للاستشارات النفسية داخل المدارس، إلى جانب تنظيم حملات وطنية لتوعية المجتمع التونسي بأهمية الصحة النفسية المدرسية، فضلا عن دعم التشريعات وتوفير التمويل اللازم لضمان متابعة تنفيذها عبر إعداد تقارير سنوية شفافة، وخلصت جهة المبادرة في وثيقة شرح الأسباب إلى أن مقترح القانون سالف الذكر يشكل خطوة نوعية نحو تعزيز حقوق الطفل ورفاهه النفسي بما من شأنه أن يساهم في بناء جيل متوازن وقادر على مواجهة تحديات العصر بكل ثقة وصحة نفسية سليمة.

سعيدة بوهلال