نظمت الأكاديمية البرلمانية أمس بقصر باردو يوما دراسيا حول قطاع النسيج في تونس، وتطرق المشاركون فيه إلى نقاط قوة هذا القطاع والإشكاليات التي تعترضه، والتحديات المطروحة عليه ليتمكن من ضمان استمرارية نشاطه ومجابهة المنافسة الخارجية. في حين أشار أغلب النواب إلى أن قطاع النسيج يمر بأزمة حقيقية نتيجة تهميشه طيلة عقود من الزمن، وطالبوا الحكومة باتخاذ إجراءات شجاعة لإنقاذه ومراجعة التشريعات الجبائية المجحفة الطاردة للمستثمرين، ودعوا إلى وضع رؤية سيادية وطنية ثورية لتحرير هذا القطاع من البيروقراطية المقيتة وتخليصه من التبعية، وهناك من اقترح مراجعة اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي لأنها كبلت الاقتصاد الوطني وفرضت قيودا مجحفة على الصناعات المحلية، ودعا في المقابل إلى تنويع العلاقات الإستراتيجية والتوجه بالخصوص نحو الصين وروسيا ومجموعة البريكس، كما شدد أغلب النواب على ضرورة العمل على أن يكون قطاع النسيج قطاعا رائدا في احترام حقوق العمال.
أما رئيس المجلس إبراهيم بودربالة فأشار إلى أن قطاع النسيج من ركائز النمو في تونس إذ تم تأسيسه منذ بناء الدولة الحديثة، وذكر أنه من المهم جدا أن يطلع مجلس نواب الشعب على واقع هذا القطاع لذلك تمت دعوة إطارات عليا في الدولة وممثلين عن المهنة قصد الإنصات إلى مقترحاتهم للنهوض بالقطاع.
الواقع والتحديات
وتحدث صابر بن كيلاني المدير العام للنسيج والملابس بوزارة الصناعة والمناجم والطاقة عن واقع قطاع النسيج والملابس في تونس والتحديات التي تواجهه. وبين أن هذا القطاع يعتبر من القطاعات الهامة من حيث مساهمته الفعالة في تحقيق التوازنات الاقتصادية والاجتماعية عبر إحداث مواطن الشغل، ودفع التصدير، وجلب الاستثمارات الأجنبية وتعديل الميزان التجاري إذ يساهم بثلاثين بالمائة من عدد المؤسسات الصناعية (1365 مؤسسة) و29 بالمائة من عدد مواطن الشغل (150004) في القطاع الصناعي، و16 بالمائة من إجمالي صادرات الصناعات المعملية (2 مليار أورو فاصل 73 خلال سنة 2024) وهناك حسب قوله حوالي 200 مؤسسة مندمجة ومتموقعة عالميا وتساهم بنسبة 78 بالمائة من إجمالي صادرات القطاع وتوفر منتجات ذات قيمة مضافة عالية و51 بالمائة من مواطن الشغل، وذكر أن 27 بالمائة من مؤسسات القطاع هي ذات رأس مال أجنبي بنسبة مائة بالمائة. ولاحظ أن قطاع النسيج والملابس يعتبر ثاني قطاع مصدر في الصناعات المعملية، وهو قطاع موجه كليا للتصدير على اعتبار أن 81 بالمائة من المؤسسات مصدرة كليا.
وقدم بن كيلاني لنواب الشعب معطيات حول توزيع المؤسسات الصناعية في قطاع النسيج حسب الولايات وتأتي ولاية المنستير في الصدارة تليها ولايات سوسة ونابل وصفاقس أما ولاية قبلي فهي في المرتبة الأخيرة، ثم استعرض أهم المؤشرات و الإحصائيات الخاصة بالقطاع وبين في هذا الصدد أنه توجد 541 مؤسسة ذات رأس مال أجنبي أو مشترك أي ما يمثل 40 بالمائة من مجموع مؤسسات القطاع وتتوزع هذه المؤسسات الأجنبية حسب الجنسية على النحو التالي: 228 فرنسية و61 بلجيكية و60 ألمانية والبقية إيطالية وجنسيات أخرى. وبخصوص دور القطاع في الصادرات بين المدير العام للنسيج والملابس أنه في سنة 2022 بلغت قيمة الصادرات تسعة مليار دينار فاصل 15 أي ما يعادل 2 فاصل 8 مليار أورو وذكر أنه خلال سنة 2023 وقع تسجيل طفرة في التصدير حيث بلغت قيمة الصادرات 9,67 تسعة مليار دينار فاصل 67 أي ما يعادل 2 فاصل 88 مليار أورو، أما خلال سنة 2024 فبلغت قيمة الصادرات تسعة فاصل 18 مليار دينار أي ما يعادل 2 فاصل 72 مليار أورو ويعود التراجع المسجل السنة الماضية إلى الحرب الأوكرانية الروسية التي أثرت حسب قوله على توريد المنتوجات الأولية. وبين أن تونس تحتل المرتبة التاسعة في قائمة أهم مزودي السوق الأوروبية بالملابس الجاهزة لسنة 2024 بحصة سوق تقدر بنسبة 2 فاصل 6 بالمائة. وذكر أنه خلال الخمسة أشهر الأولى من سنة 2025 بلغت قيمة صادرات القطاع 3942 مليون دينار أي ما يعادل بالأورو 1178 مليون مسجلة بذلك نموا على التوالي بنسبة 2 فاصل 61 بالمائة و3 فاصل 55 بالمائة مقارنة بنفس الفترة من سنة 2024، في حين بلغت قيمة واردات القطاع خلال الخمسة أشهر الأولى من العام الجاري 3107 مليون دينار وبحساب الأورو 928 مليون مسجلة بذلك نموا على التوالي بنسبة 5 فاصل 41 بالمائة و6 فاصل 27 بالمائة مقارنة بنفس الفترة من سنة 2024. وأشار بن كيلاني إلى أن 87 بالمائة من إجمالي صادرات قطاع النسيج والملابس موجهة نحو السوق الأوروبية وذكر أن تونس هي أول مزود للاتحاد الأوروبي بملابس العمل ورابع مزود له بسراويل الجينز خلال سنة 2024، وبين أن الأقمشة تمثل حوالي 67 بالمائة من إجمالي واردات لقطاع أي ما يقارب 450 مليون متر من الأقمشة الجاهزة. ولاحظ أن جل الأقمشة مستوردة من الفضاء الأوروبي وذلك حتى تتمتع المنتوجات المصنعة بتونس من الإعفاء من المعاليم الديوانية عند التصدير طبقا لقواعد المنشأ الأورومتوسطية. ونبه إلى أن نسبة الإنتاج المحلي من الأقمشة لا تتجاوز 7 بالمائة من حاجيات القطاع.
وتتمثل الصعوبات الخارجية التي تواجه قطاع النسيج والملابس حسب ما أشار إليه صابر بن كيلاني في ارتفاع كلفة الشحن البحري وطول مدته، وتراجع القدرة الشرائية للمستهلك الأوروبي وانكماش السوق الأوربية و تراجع واردات هذه السوق من الملابس الجاهزة وارتفاع التضخم بهذه السوق. وبين أن التوجهات الإستراتيجية الجديدة للسوق الأوروبية في أفق 2030 تقوم على اعتماد معاليم جديدة للحد من الانبعاثات الكربونية للمواد المصدرة نحو السوق الأوروبية والجواز الرقمي لجميع المنتوجات المعدة للتصدير نحو هذه السوق وهو ما يتطلب بالضرورة توفر نسبة دنيا من الألياف المرسكلة لجميع المنتوجات المصدرة للسوق الأوروبية. وذكر أن القطاع يواجه صعوبات داخلية أهمها نقص اليد العاملة وارتفاع كلفة الماء والطاقة وصعوبة الحصول على قروض بنكية فضلا عن صعوبات أخرى في علاقة بالجباية وطول الإجراءات الإدارية وإجراءات الصفقات العمومية ونقص مراقبة المنتوجات المعروضة بالسوق المحلية ومحدودية المنتوجات الخاضعة للمراقبة الفنية عند التوريد وتعطل إنجاز محطة التطهير الجماعية بالقطب التنموي المنستير-الفجة. ومن الحلول المقترحة لتجاوز هذه الإشكاليات حسب قوله التركيز على تكوين اليد العامة وإنجاز مشروع محطة التطهير ومراجعة الأسعار المرجعية للأقمشة المستوردة، وتوخي المرونة مع المؤسسات التي تمر بصعوبات في علاقة بسداد ديون الصناديق الاجتماعية ووضع أدلة إجراءات مبسطة و تحيين قائمة المنتوجات الخاضعة للمراقبة الفنية عند التوريد.
تحاليل مخبرية
وتطرق محسن ميساوي المدير العام للمركز الفني للنسيج بوزارة الصناعة والمناجم والطاقة إلى دور المركز في تحقيق الانتقال الرقمي والإيكولوجي لقطاع النسيج والملابس. بين أنه منذ إحداثه سنة 1991 يسدي هذا المركز خدماته لفائدة قطاع النسيج والملابس، ولمراقبة الجودة وحماية المستهلك هناك مخابر تقوم بالتحاليل الفيزيائية والكميائية وأضاف أن المؤسسات المصدرة لا يمكنها أن تصدر منتوجاتها إلا إذا حصلت على تقرير اختبار. ويسعى المركز حسب قوله إلى تطوير الشراكات مع هياكل البحث والمؤسسات الصناعية وفضلا عن ذلك فهو يضطلع بدور هام من أجل تحقيق الانتقال الرقمي والايكولوجي وفي هذا الصدد قام بدراسة لتحديد الخدمات الجديدة كما أنه يقوم بخدمات تكون ودعم فني وخدمات تحاليل مخبرية وخدمات مترولوجيا وعمليات تصميم وصناعة ويسعى إلى تطوير النماذج والتقنيات الصناعية بهدف مساعدة المؤسسات الصغرى والمتوسطة وقام بتركيز محطة معالجة مياه بسعة تخزين قدرها 5 آلاف لتر وسيتم في شهر أوت تركيز الطاقة الفلطوضوئية للاقتصاد في الطاقة وأكد أن المركز انخرط في الرقمنة فجميع الخدمات الموجهة للحرفاء مرقمنة كما تم إرساء خلية لليقظة..
السوق الداخلية
واستعرضت بسمة الطرابلسي المديرة العامة للتجارة الداخلية بوزارة التجارة وتنمية الصادرات جملة من المعطيات حول قطاع النسيج بالسوق الداخلية من حيث التوزيع ومراقبة الجودة وسلامة المنتوجات، ففي ما يتعلق بممارسة الأنشطة التجارية وتنظيمها في قطاع النسيج، ذكرت أنه منذ سنة 1991 انتهجت وزارة التجارة مبدأ حرية ممارسة الأنشطة التجارية وذلك بمقتضى القانون عدد 44 لسنة 1991 حيث تم التأكيد على هذا المبدأ بمقتضى القانون عدد 69 لسنة 2009 والمتعلق بتجارة التوزيع وهو ما جعل من الترخيص استثناء، إذ تم تحرير معظم الأنشطة التجارية ومن ضمنها الأنشطة التجارية ذات العلاقة بقطاع النسيج. ولاحظت أن جميع الأنشطة التجارية ذات العلاقة بقطاع النسيج حرة على مستوى ممارسة النشاط وهي لا تخضع لأي إجراءات إدارية عند الإحداث. وبينت أنه وفق إحصائيات وزارة المالية لسنة 2024 بلغ عدد تجار الجملة للملابس الجاهزة 694 وعدد تجار التفصيل للملابس الجاهزة 14608 في حين يبلغ عدد تجار الجملة للمنتوجات النسيجية 704 وعدد تجار التفصيل للمنتوجات النسيجية 3950.
ولدى حديثها عن قطاع النسيج وعقود الاستغلال تحت التسمية الأصلية «فرانشيز» تطرقت بسمة الطرابلسي إلى الإطار القانون المنظم له من قانون تجارة التوزيع لسنة 2009 والأمر المتعلق بضبط الشروط الدنيا الواجب توفرها في عقد الاستغلال تحت التسمية الأصلية والمعطيات الدنيا المضمنة بالوثيقة المصاحبة للعقد الصادر سنة 2010 فالأمر المتعلق بضبط إجراءات تقديم مطالب الإعفاء ومدته لسنة 2016 والذي جاء تطبيقا لأحكام القانون عدد 36 لسنة 2015 المؤرخ في 15 سبتمبر 2015 المتعلق بإعادة تنظيم المنافسة والأسعار إضافة إلى قرار وزير التجارة والصناعات التقليدية صدر سنة 2010 وهو ستعلق بمنح عقود الاستغلال تحت التسمية الأصلية. وأضافت أن توجه الذي انتهجته الوزارة قام على دعم انفتاح القطاع على محيطه الخارجي وحماية النسيج التجاري والصناعي وذلك عبر حصر الاستثمار بالاعتماد على آلية عقود الاستغلال تحت التسمية الأصلية فرانشيز على التونسيين فقط حيث يتم السماح باستغلال العلامة الأجنبية وجلبها من قبل المستثمرين ذوي الجنسية التونسية لا غير نظرا لإيجابيات هذه الآلية. وذكرت أنه بالنسبة لأنشطة قطاع النسيج تمت ملاحظة استغلال هذه الآلية في نشاط تجارة توزيع الملابس الجاهزة. وأضافت أنه بمقتضى قانون المالية لسنة 2018 تم إخضاع العلامات التجارية الأجنبية ومن بينها تلك العاملة في قطاع النسيج لنسبة ضريبة على الشركات تقدر بخمسة وثلاثين بالمائة، فعديد العلامات الأجنبية الناشطة في قطاع الملابس حسب قولها هي علامات لها مؤسسات صناعية في تونس ويعتبر النشاط التجاري نشاطا مكملا لها.
وفسرت أن المشرّع ضبط قائمة في القطاعات المعفاة من ترخيص وزير التجارة لممارسة بعض الأنشطة التجارية في إطار آلية عقود الاستغلال تحت التسمية الأصلية، وأكدت أنه بالنسبة للأنشطة التجارية في قطاع النسيج والحاملة لعلامات الوطنية فقد تم إعفاؤها جميعا من الترخيص قصد تشجيعها، في حين اقتصر الإعفاء بالنسبة للعلامات الأجنبية على نشاط تجارة الملابس الجاهزة وذلك حسب رأيها بهدف اكتساب الخبرات ونقل المعرفة بما يساهم في الرفع من القدرة التنافسية. وقدمت المديرة العامة للتجارة الداخلية لنواب الشعب قائمة القطاعات المعفاة من الترخيص المسبق ثم عددت ايجابيات عقود الاستغلال تحت التسمية الأصلية فبالنسبة إلى المستغل تحت التسمية الأصلية أي المستثمر التونسي فتتمثل الايجابيات في ضمان ترويج المنتوج بناء على صيت العلامة والضغط على التكاليف وبالتالي على الأسعار باعتبار أن مستغل العلامة يتزود من مركزيات الشراء لصاحب العلامة فضلا عن فرص التكوين والإطلاع ونقل المعارف والمهارات وضمان مصدر التزود، أما بالنسبة إلى المستهلك فتتمثل الايجابيات في ضمان جودة المنتوجات والخدمات المسداة وتنويع العرض بما يتيح له فرصا أكبر للاختيار. وذكرت أن عدد نقاط البيع التي تعتمد على آلية عقود الاستغلال تحت التسمية الأصلية فرانشيز في قطاع الملابس الجاهزة يبلغ 333 نقطة بيع أي ما يمثل نسبة 2 بالمائة فقط من العدد الجملي لتجار تفصيل الملابس الجاهزة ونسبة 8 بالمائة من مجموع نقاط البيع التي تعتمد على هذه الآلية في جميع القطاعات. وأضافت أنه على مستوى السوق الداخلية تنشط 82 علامة تعتمد على آلية عقود الاستغلال تحت التسمية الأصلية في قطاع الملابس الجاهزة منها 9 علامات وطنية و73 علامة أجنبية أبرزها العلامات الفرنسية وعددها 22 علامة والإيطالية 9 علامات.
الملابس المستعملة
وتطرقت بسمة الطرابلسي المديرة العامة للتجارة الداخلية في مداخلتها إلى قطاع الملابس المستعملة وقدمت تفاصيل ضافية حول هذا القطاع الذي يكتسي أهمية كبرى من حيث الجانب الاقتصادي والاجتماعي حسب قولها فهو يوفر حوالي 3 آلاف موطن شغل ويضم381 تاجر جملة و2444 تاجر تفصيل وذكرت أن 47 مؤسسة منها 6 شركات متوقفة عن النشاط انتفعت بنظام التحويل للتصدير الجزئي تحت المراقبة الديوانية المعروف سابقا بنظام المستودع الصناعي لتوريد وتحويل وتوزيع الملابس المستعملة، كما قدمت بسمة الطرابلسي للنواب بسطة حول الأعمال التي يتم القيام بها لمراقبة الجودة وأضافت أنه في إطار مزيد إحكام مراقبة منتجات النسيج والملابس الجاهزة وتوجيه العمل الرقابي نحو استهداف المنتجات التي تشكل خطرا على صحة المستهلك وسلامته تم إعداد مشروع قرار مشترك بين وزراء التجارة والصناعة والصحة يتعلق بالمنتجات النسيجية وهو يهدف إلى تعزيز حماية المستهلك من خلال دعم ضمان سلامة وجودة المنتجات المروجة في السوق، فضلاً عن تحفيز الصادرات عبر تيسير نفاذ المنتجات إلى الأسواق الخارجية، بما يتماشى مع المتطلبات الفنية والمعايير الدولية وتحسين القدرة التنافسية للقطاع الصناعي الوطني من خلال تشجيع العمل بهذه المعايير، والرفع من جودة المنتجات الموردة لضمان مطابقتها للمعايير الوطنية، وبالتالي خلق بيئة تجارية أكثر شفافية.
تشجيع الصادرات
ومن المسائل الأخرى التي تم التطرق إليها خلال اليوم الدراسي المنعقد أمس بقصر باردو ما تعلق بالصادرات التونسية من النسيج وفي هذا السياق أشارت درة البرجي المديرة العامة للتجارة الخارجية بوزارة التجارة وتنمية الصادرات إلى أهمية النسيج في الصادرات التونسية وبينت أن تونس احتلت المرتبة التاسعة سنة 2024 في تصدير الملابس بشكل عام والمرتبة الأولى في تصدير ملابس الشغل والمرتبة الرابعة في تصدير الدجينز، وتتمثل نقاط القوة حسب قولها في التكوين المهني الذي يؤمنه أكثر من 30 مركزا مختصا. وأضافت أنه توجد 971 مؤسسة بمساهمة أجنبية منها 635 مملوكة بالكامل للأجانب، أما نقاط الضعف فتتمثل في التبعية للسوق الأوروبية إذ أن 96 بالمائة من الصادرات موجهة للإتحاد الأوروبي فضلا عن هشاشة البنية الإنتاجية وتردي الأجور وظروف العمل بالنسبة إلى العاملات وضعف القيمة المضافة. وأشارت إلى أن التحديات المطروحة تتمثل خاصة في المنافسة الدولية خاصة من قبل بلدان آسيا وأوروبا الشرقية كما تتمثل الإشكاليات في تقلبات الاقتصاديات العالمية وفي التهريب والسوق الموازية وموجات تسريح العمال وغلق المؤسسات وذكرت أنه بداية من سنة 2026 سينطلق العمل بالبصمة البيئية وهو تحد كبير يواجه هذا القطاع. ولدى حديثها عن أفاق القطاع أشارت إلى أهمية التحول نحو الاقتصاد الدائري والأخضر والاندماج في سلاسل القيمة العالمية وتوسع الأسواق والاستثمار في التكنولوجيا الرقمية وتطوير العلامات التجارية. وقدمت البرجي لنواب الشعب أرقاما حول صادرات قطاع النسيج وذكرت أن 90 بالمائة منها موجهة لعشرة بلدان في الاتحاد الأوروبي وأهمها فرنسا وإيطاليا وألمانيا وبلجيكا إضافة إلى المملكة المتحدة ولاحظت تحسنا في الصادرات نحو الجزائر أما المبيعات نحو البلدان الإفريقية فهي طفيفة نحو النيجر وغينيا والبينين وذكرت أن المطلوب العمل على مزيد التوجه نحو السوق الإفريقية.
أما الأزهر بنور مدير عام التعاون الدولي بوزارة التجارة وتنمية الصادرات فقد تحدث عن مكانة النسيج في العلاقات التجارية التونسية، وفسر لنواب الشعب أهداف الاتفاقية مع تركيا وأكد أن هناك مستثمرين أتراك بعثوا مشاريع في تونس وهم معجبون بذكاء اليد العاملة التونسية ، وأضاف أنه يوجد مشكل كبير في توفير اليد العاملة لمصانع النسيج والملابس، وذكر أنه لا بد من التوجه إلى الصناعة الذكية والاستفادة من نقاط القوة والسعي إلى تجاوز نقاط الضعف، ويرى بنور أنه بعد أن أغلقت الولايات المتحدة الأمريكية الأبواب أمام الصين بالإمكان مزيد العمل على التوجه إلى السوق الأمريكية كما يمكن الاستفادة من الفرص التي تتيحها اتفاقية الكوميسا للتموقع بقارة إفريقيا مع العمل على جلب مستثمرين من بلدان أخرى مثل الصين لأن المنطقة الأورومتوسطية تهيمن عليها تركيا حسب قوله، وذكر أنه لا بد من تنويع الشراكات مع باكستان والهند للحصول على أقمشة بجودة عالية.
مطالب المصنعين
وفي مداخلته تطرق هيثم بوعجيلة رئيس الجامعة التونسية للنسيج والملابس إلى موضوع قطاع النسيج في تونس بين القدرات الفنية وفرص خلق القيمة وتحقيق التميز الصناعي من جهة، وتحديات مناخ الأعمال وصعوبات الإطار القانوني والإداري والجبائي من جهة أخرى. وبين أن قطاع النسيج في تونس يمثل صناعة ذات قيمة عالية على مستوى التقنيات والتكنولوجيا والاقتصاد وهذه الصناعة تتمتع بإرث يتجاوز 70 سنة وهي تصدر منتوجاتها منذ أكثر من ستين سنة ويرى أن نقطة قوة القطاع تتمثل في تراكم الخبرة والمعارف التقليدية وأكد أن قطاع النسيج في حاجة إلى دعم كبير من الحكومة ومن مجلس النواب،
وقدم رئيس الجامعة مطالب عديدة منها على سبيل تطبيق القانون ومكافحة التهريب والسوق الموازية ورقمة مسالك المراقبة والفحص الفني الإجباري وذكر أن المراقبة يجب ألا تشمل الملابس الداخلية فقط أضاف أنه يتعين منح الأولوية في الصفقات للمؤسسات الوطنية وتقنين البيع على وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها لأن المبيعات عبر هذه الوسائط متهربة من الجباية والتغطية الاجتماعية. كما طالب بوعجيلة بإصدار قرار لتسوية وضعيات تصاريح التصنيف لجميع المؤسسات الناشطة في القطاع التي تم بعثها قبل صدور مرسوم التصنيف والقانون عدد 11 لسنة 2009 المتعلق بالسلامة والوقاية من الحرائق، وذكر أنه يجب تسوية وضعية الشركات التي بعثت قبل صدور القرارات والمراسيم لتلافي تعطيل نشاطها، وفسر أن التصاريح التي تدار من قبل إدارة السلامة بناء على جملة من معايير ظهرت بعد إنشاء 95 بالمائة من الشركات وهي تعيق سير النشاط فالتصريح يطبق على أساس أنه ترخيص دخول إلى النشاط في حين أن الشركات في الواقع تعمل منذ مدة.
ومن التوصيات الأخرى التي قدمها هيثم بوعجيلة، إصلاح عملية منح شهادة الوقاية من الحرائق وتحويلها إلى نظام مرافقة وتأمين تكوين مستمر لفائدة المؤسسات القائمة قبل صدور كراس الشروط في أكتوبر 2018 بدلا عن حرمان الشركات الناشطة من هذه الشهادة. ويرى أنه من الأفضل وضع خطط تهدف إلى تحسين مستوى السلامة دون تعطيل أنشطة المؤسسات وإعاقتها لأن ذلك يؤثر على مصداقيتها مع الحرفاء الأجانب. كما أوصى بإنجاز مشروع محطة إعادة التدوير المتعطل منذ سنة 2010 في القطب التكنولوجي بالمنستير المخصص لقطاع النسيج، وتقليص آجال إجراءات إنشاء المؤسسات الصناعية ومنح تراخيصها الديوانية لتتماشى مع الآجال المعتمدة في الدول المتقدمة، وطالب بوضع آليات التكوين المستمر بما يساهم من جذب أصحاب الشهادات العاطلين عن العمل نحو قطاع النسيج والملابس، وتحسين البنية التحتية في المناطق الصناعية الحالية وإنشاء مناطق جديدة في مناطق أخرى مثل سوسة ونابل وتوفير النقل العمومي في محيط المناطق الصناعية بما لا يثقل كاهل المستثمرين لأنهم يضطرون لتوفير نقل خاص للعمال مع دفع الضرائب والتغطية الاجتماعية على اعتبار أن النقل يعد امتيازا عينيا وهو ما يؤدي إلى فرض ضريبة مزدوجة على المؤسسة من حيث الكلفة. ودعا إلى إصلاح منظومة التكوين وتحديثها ورسم خارطة توضح المناطق التي تتوفر بها يد عاملة ومراجعة المعاليم الجبائية لأنها مرهقة لكاهل المستثمر واعتماد صيغة خاصة لنسبة الفائدة في السوق النقدية موجهة للاستثمارات الصناعية بهدف تخفيض تكاليف التمويل.
قانون الشيك
وفي مداخلاتهم طالب عدد من المصنعين في قطاع النسيج بمراجعة الأسعار المرجعية للقماش كما أشاروا إلى صعوبات النفاذ للتمويلات البنكية، وهناك منهم من بين أن قانون الشيكات الجديد عطلهم لكن رئيس المجلس النيابي إبراهيم بودربالة قاطعه في الحين ليدافع بشراسة عن هذا القانون وذهب بودبالة إلى أبعد من ذلك وقال إن المجلس يتجه تدريجيا إلى إلغاء تجريم المعاملات الاقتصادية وهو يرى أن المتعامل الاقتصادي هو الذي عليه أخذ جميع الاحتياطات اللازمة. وذكر أن من كانوا يستغلون الشيك كوسيلة ضمان يشنون اليوم حملة ضد القانون، ولاحظ أن النيابة العمومية غظت الطرف عمن يقبل شيكا مع علمه المسبق بأنه دون رصيد والحال أنه هو بدوره مشمول بالعقوبة، وخلص بودربالة إلى أن المجلس اختار إصلاح الوضع من أجل إرجاع الطمأنينة للنفوس، وأكد أنه قبل نهاية الدورة هناك إمكانية لدراسة مقترح قانون يلغي التجريم، وذكر أن إصلاح السلوكيات داخل المجتمع هو أهم شيء يريده المجلس النيابي.
سعيدة بوهلال
نظمت الأكاديمية البرلمانية أمس بقصر باردو يوما دراسيا حول قطاع النسيج في تونس، وتطرق المشاركون فيه إلى نقاط قوة هذا القطاع والإشكاليات التي تعترضه، والتحديات المطروحة عليه ليتمكن من ضمان استمرارية نشاطه ومجابهة المنافسة الخارجية. في حين أشار أغلب النواب إلى أن قطاع النسيج يمر بأزمة حقيقية نتيجة تهميشه طيلة عقود من الزمن، وطالبوا الحكومة باتخاذ إجراءات شجاعة لإنقاذه ومراجعة التشريعات الجبائية المجحفة الطاردة للمستثمرين، ودعوا إلى وضع رؤية سيادية وطنية ثورية لتحرير هذا القطاع من البيروقراطية المقيتة وتخليصه من التبعية، وهناك من اقترح مراجعة اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي لأنها كبلت الاقتصاد الوطني وفرضت قيودا مجحفة على الصناعات المحلية، ودعا في المقابل إلى تنويع العلاقات الإستراتيجية والتوجه بالخصوص نحو الصين وروسيا ومجموعة البريكس، كما شدد أغلب النواب على ضرورة العمل على أن يكون قطاع النسيج قطاعا رائدا في احترام حقوق العمال.
أما رئيس المجلس إبراهيم بودربالة فأشار إلى أن قطاع النسيج من ركائز النمو في تونس إذ تم تأسيسه منذ بناء الدولة الحديثة، وذكر أنه من المهم جدا أن يطلع مجلس نواب الشعب على واقع هذا القطاع لذلك تمت دعوة إطارات عليا في الدولة وممثلين عن المهنة قصد الإنصات إلى مقترحاتهم للنهوض بالقطاع.
الواقع والتحديات
وتحدث صابر بن كيلاني المدير العام للنسيج والملابس بوزارة الصناعة والمناجم والطاقة عن واقع قطاع النسيج والملابس في تونس والتحديات التي تواجهه. وبين أن هذا القطاع يعتبر من القطاعات الهامة من حيث مساهمته الفعالة في تحقيق التوازنات الاقتصادية والاجتماعية عبر إحداث مواطن الشغل، ودفع التصدير، وجلب الاستثمارات الأجنبية وتعديل الميزان التجاري إذ يساهم بثلاثين بالمائة من عدد المؤسسات الصناعية (1365 مؤسسة) و29 بالمائة من عدد مواطن الشغل (150004) في القطاع الصناعي، و16 بالمائة من إجمالي صادرات الصناعات المعملية (2 مليار أورو فاصل 73 خلال سنة 2024) وهناك حسب قوله حوالي 200 مؤسسة مندمجة ومتموقعة عالميا وتساهم بنسبة 78 بالمائة من إجمالي صادرات القطاع وتوفر منتجات ذات قيمة مضافة عالية و51 بالمائة من مواطن الشغل، وذكر أن 27 بالمائة من مؤسسات القطاع هي ذات رأس مال أجنبي بنسبة مائة بالمائة. ولاحظ أن قطاع النسيج والملابس يعتبر ثاني قطاع مصدر في الصناعات المعملية، وهو قطاع موجه كليا للتصدير على اعتبار أن 81 بالمائة من المؤسسات مصدرة كليا.
وقدم بن كيلاني لنواب الشعب معطيات حول توزيع المؤسسات الصناعية في قطاع النسيج حسب الولايات وتأتي ولاية المنستير في الصدارة تليها ولايات سوسة ونابل وصفاقس أما ولاية قبلي فهي في المرتبة الأخيرة، ثم استعرض أهم المؤشرات و الإحصائيات الخاصة بالقطاع وبين في هذا الصدد أنه توجد 541 مؤسسة ذات رأس مال أجنبي أو مشترك أي ما يمثل 40 بالمائة من مجموع مؤسسات القطاع وتتوزع هذه المؤسسات الأجنبية حسب الجنسية على النحو التالي: 228 فرنسية و61 بلجيكية و60 ألمانية والبقية إيطالية وجنسيات أخرى. وبخصوص دور القطاع في الصادرات بين المدير العام للنسيج والملابس أنه في سنة 2022 بلغت قيمة الصادرات تسعة مليار دينار فاصل 15 أي ما يعادل 2 فاصل 8 مليار أورو وذكر أنه خلال سنة 2023 وقع تسجيل طفرة في التصدير حيث بلغت قيمة الصادرات 9,67 تسعة مليار دينار فاصل 67 أي ما يعادل 2 فاصل 88 مليار أورو، أما خلال سنة 2024 فبلغت قيمة الصادرات تسعة فاصل 18 مليار دينار أي ما يعادل 2 فاصل 72 مليار أورو ويعود التراجع المسجل السنة الماضية إلى الحرب الأوكرانية الروسية التي أثرت حسب قوله على توريد المنتوجات الأولية. وبين أن تونس تحتل المرتبة التاسعة في قائمة أهم مزودي السوق الأوروبية بالملابس الجاهزة لسنة 2024 بحصة سوق تقدر بنسبة 2 فاصل 6 بالمائة. وذكر أنه خلال الخمسة أشهر الأولى من سنة 2025 بلغت قيمة صادرات القطاع 3942 مليون دينار أي ما يعادل بالأورو 1178 مليون مسجلة بذلك نموا على التوالي بنسبة 2 فاصل 61 بالمائة و3 فاصل 55 بالمائة مقارنة بنفس الفترة من سنة 2024، في حين بلغت قيمة واردات القطاع خلال الخمسة أشهر الأولى من العام الجاري 3107 مليون دينار وبحساب الأورو 928 مليون مسجلة بذلك نموا على التوالي بنسبة 5 فاصل 41 بالمائة و6 فاصل 27 بالمائة مقارنة بنفس الفترة من سنة 2024. وأشار بن كيلاني إلى أن 87 بالمائة من إجمالي صادرات قطاع النسيج والملابس موجهة نحو السوق الأوروبية وذكر أن تونس هي أول مزود للاتحاد الأوروبي بملابس العمل ورابع مزود له بسراويل الجينز خلال سنة 2024، وبين أن الأقمشة تمثل حوالي 67 بالمائة من إجمالي واردات لقطاع أي ما يقارب 450 مليون متر من الأقمشة الجاهزة. ولاحظ أن جل الأقمشة مستوردة من الفضاء الأوروبي وذلك حتى تتمتع المنتوجات المصنعة بتونس من الإعفاء من المعاليم الديوانية عند التصدير طبقا لقواعد المنشأ الأورومتوسطية. ونبه إلى أن نسبة الإنتاج المحلي من الأقمشة لا تتجاوز 7 بالمائة من حاجيات القطاع.
وتتمثل الصعوبات الخارجية التي تواجه قطاع النسيج والملابس حسب ما أشار إليه صابر بن كيلاني في ارتفاع كلفة الشحن البحري وطول مدته، وتراجع القدرة الشرائية للمستهلك الأوروبي وانكماش السوق الأوربية و تراجع واردات هذه السوق من الملابس الجاهزة وارتفاع التضخم بهذه السوق. وبين أن التوجهات الإستراتيجية الجديدة للسوق الأوروبية في أفق 2030 تقوم على اعتماد معاليم جديدة للحد من الانبعاثات الكربونية للمواد المصدرة نحو السوق الأوروبية والجواز الرقمي لجميع المنتوجات المعدة للتصدير نحو هذه السوق وهو ما يتطلب بالضرورة توفر نسبة دنيا من الألياف المرسكلة لجميع المنتوجات المصدرة للسوق الأوروبية. وذكر أن القطاع يواجه صعوبات داخلية أهمها نقص اليد العاملة وارتفاع كلفة الماء والطاقة وصعوبة الحصول على قروض بنكية فضلا عن صعوبات أخرى في علاقة بالجباية وطول الإجراءات الإدارية وإجراءات الصفقات العمومية ونقص مراقبة المنتوجات المعروضة بالسوق المحلية ومحدودية المنتوجات الخاضعة للمراقبة الفنية عند التوريد وتعطل إنجاز محطة التطهير الجماعية بالقطب التنموي المنستير-الفجة. ومن الحلول المقترحة لتجاوز هذه الإشكاليات حسب قوله التركيز على تكوين اليد العامة وإنجاز مشروع محطة التطهير ومراجعة الأسعار المرجعية للأقمشة المستوردة، وتوخي المرونة مع المؤسسات التي تمر بصعوبات في علاقة بسداد ديون الصناديق الاجتماعية ووضع أدلة إجراءات مبسطة و تحيين قائمة المنتوجات الخاضعة للمراقبة الفنية عند التوريد.
تحاليل مخبرية
وتطرق محسن ميساوي المدير العام للمركز الفني للنسيج بوزارة الصناعة والمناجم والطاقة إلى دور المركز في تحقيق الانتقال الرقمي والإيكولوجي لقطاع النسيج والملابس. بين أنه منذ إحداثه سنة 1991 يسدي هذا المركز خدماته لفائدة قطاع النسيج والملابس، ولمراقبة الجودة وحماية المستهلك هناك مخابر تقوم بالتحاليل الفيزيائية والكميائية وأضاف أن المؤسسات المصدرة لا يمكنها أن تصدر منتوجاتها إلا إذا حصلت على تقرير اختبار. ويسعى المركز حسب قوله إلى تطوير الشراكات مع هياكل البحث والمؤسسات الصناعية وفضلا عن ذلك فهو يضطلع بدور هام من أجل تحقيق الانتقال الرقمي والايكولوجي وفي هذا الصدد قام بدراسة لتحديد الخدمات الجديدة كما أنه يقوم بخدمات تكون ودعم فني وخدمات تحاليل مخبرية وخدمات مترولوجيا وعمليات تصميم وصناعة ويسعى إلى تطوير النماذج والتقنيات الصناعية بهدف مساعدة المؤسسات الصغرى والمتوسطة وقام بتركيز محطة معالجة مياه بسعة تخزين قدرها 5 آلاف لتر وسيتم في شهر أوت تركيز الطاقة الفلطوضوئية للاقتصاد في الطاقة وأكد أن المركز انخرط في الرقمنة فجميع الخدمات الموجهة للحرفاء مرقمنة كما تم إرساء خلية لليقظة..
السوق الداخلية
واستعرضت بسمة الطرابلسي المديرة العامة للتجارة الداخلية بوزارة التجارة وتنمية الصادرات جملة من المعطيات حول قطاع النسيج بالسوق الداخلية من حيث التوزيع ومراقبة الجودة وسلامة المنتوجات، ففي ما يتعلق بممارسة الأنشطة التجارية وتنظيمها في قطاع النسيج، ذكرت أنه منذ سنة 1991 انتهجت وزارة التجارة مبدأ حرية ممارسة الأنشطة التجارية وذلك بمقتضى القانون عدد 44 لسنة 1991 حيث تم التأكيد على هذا المبدأ بمقتضى القانون عدد 69 لسنة 2009 والمتعلق بتجارة التوزيع وهو ما جعل من الترخيص استثناء، إذ تم تحرير معظم الأنشطة التجارية ومن ضمنها الأنشطة التجارية ذات العلاقة بقطاع النسيج. ولاحظت أن جميع الأنشطة التجارية ذات العلاقة بقطاع النسيج حرة على مستوى ممارسة النشاط وهي لا تخضع لأي إجراءات إدارية عند الإحداث. وبينت أنه وفق إحصائيات وزارة المالية لسنة 2024 بلغ عدد تجار الجملة للملابس الجاهزة 694 وعدد تجار التفصيل للملابس الجاهزة 14608 في حين يبلغ عدد تجار الجملة للمنتوجات النسيجية 704 وعدد تجار التفصيل للمنتوجات النسيجية 3950.
ولدى حديثها عن قطاع النسيج وعقود الاستغلال تحت التسمية الأصلية «فرانشيز» تطرقت بسمة الطرابلسي إلى الإطار القانون المنظم له من قانون تجارة التوزيع لسنة 2009 والأمر المتعلق بضبط الشروط الدنيا الواجب توفرها في عقد الاستغلال تحت التسمية الأصلية والمعطيات الدنيا المضمنة بالوثيقة المصاحبة للعقد الصادر سنة 2010 فالأمر المتعلق بضبط إجراءات تقديم مطالب الإعفاء ومدته لسنة 2016 والذي جاء تطبيقا لأحكام القانون عدد 36 لسنة 2015 المؤرخ في 15 سبتمبر 2015 المتعلق بإعادة تنظيم المنافسة والأسعار إضافة إلى قرار وزير التجارة والصناعات التقليدية صدر سنة 2010 وهو ستعلق بمنح عقود الاستغلال تحت التسمية الأصلية. وأضافت أن توجه الذي انتهجته الوزارة قام على دعم انفتاح القطاع على محيطه الخارجي وحماية النسيج التجاري والصناعي وذلك عبر حصر الاستثمار بالاعتماد على آلية عقود الاستغلال تحت التسمية الأصلية فرانشيز على التونسيين فقط حيث يتم السماح باستغلال العلامة الأجنبية وجلبها من قبل المستثمرين ذوي الجنسية التونسية لا غير نظرا لإيجابيات هذه الآلية. وذكرت أنه بالنسبة لأنشطة قطاع النسيج تمت ملاحظة استغلال هذه الآلية في نشاط تجارة توزيع الملابس الجاهزة. وأضافت أنه بمقتضى قانون المالية لسنة 2018 تم إخضاع العلامات التجارية الأجنبية ومن بينها تلك العاملة في قطاع النسيج لنسبة ضريبة على الشركات تقدر بخمسة وثلاثين بالمائة، فعديد العلامات الأجنبية الناشطة في قطاع الملابس حسب قولها هي علامات لها مؤسسات صناعية في تونس ويعتبر النشاط التجاري نشاطا مكملا لها.
وفسرت أن المشرّع ضبط قائمة في القطاعات المعفاة من ترخيص وزير التجارة لممارسة بعض الأنشطة التجارية في إطار آلية عقود الاستغلال تحت التسمية الأصلية، وأكدت أنه بالنسبة للأنشطة التجارية في قطاع النسيج والحاملة لعلامات الوطنية فقد تم إعفاؤها جميعا من الترخيص قصد تشجيعها، في حين اقتصر الإعفاء بالنسبة للعلامات الأجنبية على نشاط تجارة الملابس الجاهزة وذلك حسب رأيها بهدف اكتساب الخبرات ونقل المعرفة بما يساهم في الرفع من القدرة التنافسية. وقدمت المديرة العامة للتجارة الداخلية لنواب الشعب قائمة القطاعات المعفاة من الترخيص المسبق ثم عددت ايجابيات عقود الاستغلال تحت التسمية الأصلية فبالنسبة إلى المستغل تحت التسمية الأصلية أي المستثمر التونسي فتتمثل الايجابيات في ضمان ترويج المنتوج بناء على صيت العلامة والضغط على التكاليف وبالتالي على الأسعار باعتبار أن مستغل العلامة يتزود من مركزيات الشراء لصاحب العلامة فضلا عن فرص التكوين والإطلاع ونقل المعارف والمهارات وضمان مصدر التزود، أما بالنسبة إلى المستهلك فتتمثل الايجابيات في ضمان جودة المنتوجات والخدمات المسداة وتنويع العرض بما يتيح له فرصا أكبر للاختيار. وذكرت أن عدد نقاط البيع التي تعتمد على آلية عقود الاستغلال تحت التسمية الأصلية فرانشيز في قطاع الملابس الجاهزة يبلغ 333 نقطة بيع أي ما يمثل نسبة 2 بالمائة فقط من العدد الجملي لتجار تفصيل الملابس الجاهزة ونسبة 8 بالمائة من مجموع نقاط البيع التي تعتمد على هذه الآلية في جميع القطاعات. وأضافت أنه على مستوى السوق الداخلية تنشط 82 علامة تعتمد على آلية عقود الاستغلال تحت التسمية الأصلية في قطاع الملابس الجاهزة منها 9 علامات وطنية و73 علامة أجنبية أبرزها العلامات الفرنسية وعددها 22 علامة والإيطالية 9 علامات.
الملابس المستعملة
وتطرقت بسمة الطرابلسي المديرة العامة للتجارة الداخلية في مداخلتها إلى قطاع الملابس المستعملة وقدمت تفاصيل ضافية حول هذا القطاع الذي يكتسي أهمية كبرى من حيث الجانب الاقتصادي والاجتماعي حسب قولها فهو يوفر حوالي 3 آلاف موطن شغل ويضم381 تاجر جملة و2444 تاجر تفصيل وذكرت أن 47 مؤسسة منها 6 شركات متوقفة عن النشاط انتفعت بنظام التحويل للتصدير الجزئي تحت المراقبة الديوانية المعروف سابقا بنظام المستودع الصناعي لتوريد وتحويل وتوزيع الملابس المستعملة، كما قدمت بسمة الطرابلسي للنواب بسطة حول الأعمال التي يتم القيام بها لمراقبة الجودة وأضافت أنه في إطار مزيد إحكام مراقبة منتجات النسيج والملابس الجاهزة وتوجيه العمل الرقابي نحو استهداف المنتجات التي تشكل خطرا على صحة المستهلك وسلامته تم إعداد مشروع قرار مشترك بين وزراء التجارة والصناعة والصحة يتعلق بالمنتجات النسيجية وهو يهدف إلى تعزيز حماية المستهلك من خلال دعم ضمان سلامة وجودة المنتجات المروجة في السوق، فضلاً عن تحفيز الصادرات عبر تيسير نفاذ المنتجات إلى الأسواق الخارجية، بما يتماشى مع المتطلبات الفنية والمعايير الدولية وتحسين القدرة التنافسية للقطاع الصناعي الوطني من خلال تشجيع العمل بهذه المعايير، والرفع من جودة المنتجات الموردة لضمان مطابقتها للمعايير الوطنية، وبالتالي خلق بيئة تجارية أكثر شفافية.
تشجيع الصادرات
ومن المسائل الأخرى التي تم التطرق إليها خلال اليوم الدراسي المنعقد أمس بقصر باردو ما تعلق بالصادرات التونسية من النسيج وفي هذا السياق أشارت درة البرجي المديرة العامة للتجارة الخارجية بوزارة التجارة وتنمية الصادرات إلى أهمية النسيج في الصادرات التونسية وبينت أن تونس احتلت المرتبة التاسعة سنة 2024 في تصدير الملابس بشكل عام والمرتبة الأولى في تصدير ملابس الشغل والمرتبة الرابعة في تصدير الدجينز، وتتمثل نقاط القوة حسب قولها في التكوين المهني الذي يؤمنه أكثر من 30 مركزا مختصا. وأضافت أنه توجد 971 مؤسسة بمساهمة أجنبية منها 635 مملوكة بالكامل للأجانب، أما نقاط الضعف فتتمثل في التبعية للسوق الأوروبية إذ أن 96 بالمائة من الصادرات موجهة للإتحاد الأوروبي فضلا عن هشاشة البنية الإنتاجية وتردي الأجور وظروف العمل بالنسبة إلى العاملات وضعف القيمة المضافة. وأشارت إلى أن التحديات المطروحة تتمثل خاصة في المنافسة الدولية خاصة من قبل بلدان آسيا وأوروبا الشرقية كما تتمثل الإشكاليات في تقلبات الاقتصاديات العالمية وفي التهريب والسوق الموازية وموجات تسريح العمال وغلق المؤسسات وذكرت أنه بداية من سنة 2026 سينطلق العمل بالبصمة البيئية وهو تحد كبير يواجه هذا القطاع. ولدى حديثها عن أفاق القطاع أشارت إلى أهمية التحول نحو الاقتصاد الدائري والأخضر والاندماج في سلاسل القيمة العالمية وتوسع الأسواق والاستثمار في التكنولوجيا الرقمية وتطوير العلامات التجارية. وقدمت البرجي لنواب الشعب أرقاما حول صادرات قطاع النسيج وذكرت أن 90 بالمائة منها موجهة لعشرة بلدان في الاتحاد الأوروبي وأهمها فرنسا وإيطاليا وألمانيا وبلجيكا إضافة إلى المملكة المتحدة ولاحظت تحسنا في الصادرات نحو الجزائر أما المبيعات نحو البلدان الإفريقية فهي طفيفة نحو النيجر وغينيا والبينين وذكرت أن المطلوب العمل على مزيد التوجه نحو السوق الإفريقية.
أما الأزهر بنور مدير عام التعاون الدولي بوزارة التجارة وتنمية الصادرات فقد تحدث عن مكانة النسيج في العلاقات التجارية التونسية، وفسر لنواب الشعب أهداف الاتفاقية مع تركيا وأكد أن هناك مستثمرين أتراك بعثوا مشاريع في تونس وهم معجبون بذكاء اليد العاملة التونسية ، وأضاف أنه يوجد مشكل كبير في توفير اليد العاملة لمصانع النسيج والملابس، وذكر أنه لا بد من التوجه إلى الصناعة الذكية والاستفادة من نقاط القوة والسعي إلى تجاوز نقاط الضعف، ويرى بنور أنه بعد أن أغلقت الولايات المتحدة الأمريكية الأبواب أمام الصين بالإمكان مزيد العمل على التوجه إلى السوق الأمريكية كما يمكن الاستفادة من الفرص التي تتيحها اتفاقية الكوميسا للتموقع بقارة إفريقيا مع العمل على جلب مستثمرين من بلدان أخرى مثل الصين لأن المنطقة الأورومتوسطية تهيمن عليها تركيا حسب قوله، وذكر أنه لا بد من تنويع الشراكات مع باكستان والهند للحصول على أقمشة بجودة عالية.
مطالب المصنعين
وفي مداخلته تطرق هيثم بوعجيلة رئيس الجامعة التونسية للنسيج والملابس إلى موضوع قطاع النسيج في تونس بين القدرات الفنية وفرص خلق القيمة وتحقيق التميز الصناعي من جهة، وتحديات مناخ الأعمال وصعوبات الإطار القانوني والإداري والجبائي من جهة أخرى. وبين أن قطاع النسيج في تونس يمثل صناعة ذات قيمة عالية على مستوى التقنيات والتكنولوجيا والاقتصاد وهذه الصناعة تتمتع بإرث يتجاوز 70 سنة وهي تصدر منتوجاتها منذ أكثر من ستين سنة ويرى أن نقطة قوة القطاع تتمثل في تراكم الخبرة والمعارف التقليدية وأكد أن قطاع النسيج في حاجة إلى دعم كبير من الحكومة ومن مجلس النواب،
وقدم رئيس الجامعة مطالب عديدة منها على سبيل تطبيق القانون ومكافحة التهريب والسوق الموازية ورقمة مسالك المراقبة والفحص الفني الإجباري وذكر أن المراقبة يجب ألا تشمل الملابس الداخلية فقط أضاف أنه يتعين منح الأولوية في الصفقات للمؤسسات الوطنية وتقنين البيع على وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها لأن المبيعات عبر هذه الوسائط متهربة من الجباية والتغطية الاجتماعية. كما طالب بوعجيلة بإصدار قرار لتسوية وضعيات تصاريح التصنيف لجميع المؤسسات الناشطة في القطاع التي تم بعثها قبل صدور مرسوم التصنيف والقانون عدد 11 لسنة 2009 المتعلق بالسلامة والوقاية من الحرائق، وذكر أنه يجب تسوية وضعية الشركات التي بعثت قبل صدور القرارات والمراسيم لتلافي تعطيل نشاطها، وفسر أن التصاريح التي تدار من قبل إدارة السلامة بناء على جملة من معايير ظهرت بعد إنشاء 95 بالمائة من الشركات وهي تعيق سير النشاط فالتصريح يطبق على أساس أنه ترخيص دخول إلى النشاط في حين أن الشركات في الواقع تعمل منذ مدة.
ومن التوصيات الأخرى التي قدمها هيثم بوعجيلة، إصلاح عملية منح شهادة الوقاية من الحرائق وتحويلها إلى نظام مرافقة وتأمين تكوين مستمر لفائدة المؤسسات القائمة قبل صدور كراس الشروط في أكتوبر 2018 بدلا عن حرمان الشركات الناشطة من هذه الشهادة. ويرى أنه من الأفضل وضع خطط تهدف إلى تحسين مستوى السلامة دون تعطيل أنشطة المؤسسات وإعاقتها لأن ذلك يؤثر على مصداقيتها مع الحرفاء الأجانب. كما أوصى بإنجاز مشروع محطة إعادة التدوير المتعطل منذ سنة 2010 في القطب التكنولوجي بالمنستير المخصص لقطاع النسيج، وتقليص آجال إجراءات إنشاء المؤسسات الصناعية ومنح تراخيصها الديوانية لتتماشى مع الآجال المعتمدة في الدول المتقدمة، وطالب بوضع آليات التكوين المستمر بما يساهم من جذب أصحاب الشهادات العاطلين عن العمل نحو قطاع النسيج والملابس، وتحسين البنية التحتية في المناطق الصناعية الحالية وإنشاء مناطق جديدة في مناطق أخرى مثل سوسة ونابل وتوفير النقل العمومي في محيط المناطق الصناعية بما لا يثقل كاهل المستثمرين لأنهم يضطرون لتوفير نقل خاص للعمال مع دفع الضرائب والتغطية الاجتماعية على اعتبار أن النقل يعد امتيازا عينيا وهو ما يؤدي إلى فرض ضريبة مزدوجة على المؤسسة من حيث الكلفة. ودعا إلى إصلاح منظومة التكوين وتحديثها ورسم خارطة توضح المناطق التي تتوفر بها يد عاملة ومراجعة المعاليم الجبائية لأنها مرهقة لكاهل المستثمر واعتماد صيغة خاصة لنسبة الفائدة في السوق النقدية موجهة للاستثمارات الصناعية بهدف تخفيض تكاليف التمويل.
قانون الشيك
وفي مداخلاتهم طالب عدد من المصنعين في قطاع النسيج بمراجعة الأسعار المرجعية للقماش كما أشاروا إلى صعوبات النفاذ للتمويلات البنكية، وهناك منهم من بين أن قانون الشيكات الجديد عطلهم لكن رئيس المجلس النيابي إبراهيم بودربالة قاطعه في الحين ليدافع بشراسة عن هذا القانون وذهب بودبالة إلى أبعد من ذلك وقال إن المجلس يتجه تدريجيا إلى إلغاء تجريم المعاملات الاقتصادية وهو يرى أن المتعامل الاقتصادي هو الذي عليه أخذ جميع الاحتياطات اللازمة. وذكر أن من كانوا يستغلون الشيك كوسيلة ضمان يشنون اليوم حملة ضد القانون، ولاحظ أن النيابة العمومية غظت الطرف عمن يقبل شيكا مع علمه المسبق بأنه دون رصيد والحال أنه هو بدوره مشمول بالعقوبة، وخلص بودربالة إلى أن المجلس اختار إصلاح الوضع من أجل إرجاع الطمأنينة للنفوس، وأكد أنه قبل نهاية الدورة هناك إمكانية لدراسة مقترح قانون يلغي التجريم، وذكر أن إصلاح السلوكيات داخل المجتمع هو أهم شيء يريده المجلس النيابي.