شهدت نسبة التضخم في تونس استقرارًا خلال شهر جوان 2025، محافظة على معدل 5.4 %، وفقًا للمعطيات الصادرة عن المعهد الوطني للإحصاء (INS). هذا المعدل، الذي يعكس استقرارًا نسبيًا مقارنة بالأشهر السابقة، يأتي كنتيجة مباشرة لجملة من التطورات الاقتصادية المتباينة بين مختلف القطاعات، بالإضافة إلى الإجراءات الحكومية التي ساهمت في خفض الضغوط التضخمية.
وعرفت تونس في السنوات الأخيرة موجات تضخمية متزايدة، حيث بلغ معدل التضخم ذروته في فترات سابقة نتيجة عوامل عديدة، أبرزها الزيادات الحادة في أسعار المواد الغذائية والطاقة، بالإضافة إلى تراجع قيمة الدينار التونسي. ومع ذلك، بدأت هذه النسبة في التراجع التدريجي بفضل حزمة من السياسات الحكومية والإصلاحات الاقتصادية التي ركّزت على ضبط الأسواق، وتحسين سلاسل التوريد، وتشديد الرقابة على الأسعار.
على سبيل المثال، شهدت الأشهر الأولى من عام 2025 انخفاضًا تدريجيًا في معدلات التضخم، حيث تراجع من مستويات تفوق 6 % في شهر مارس إلى 5.7 % في أفريل، ثم إلى 5.4 % في ماي، ليستقر عند نفس المعدل في جوان. هذا الاتجاه النزولي يعكس نجاح جهود الدولة في كبح جماح التضخم، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية والمالية التي تمر بها البلاد.
ارتفاع أسعار بعض المنتجات والخدمات
رغم الاستقرار العام في معدل التضخم، إلا أن بعض القطاعات شهدت زيادات ملحوظة. فقد ارتفع مؤشر أسعار مجموعة «المطاعم، المقاهي، والفنادق» بنسبة 11 % على أساس سنوي في شهر جوان، مقارنة بـ10.8 % في شهر ماي. يعكس هذا الارتفاع زيادة الطلب على هذه الخدمات، خاصة مع عودة النشاط السياحي بشكل تدريجي بعد جائحة كورونا. أما بالنسبة للمنتجات الغذائية، فقد سجلت زيادات متفاوتة، حيث ارتفعت أسعار الخضروات الطازجة بنسبة 25.2 %، والفواكه الطازجة بنسبة 20.4 %، ولحوم الضأن بنسبة 19 %. كما شهدت الأسماك الطازجة زيادة بنسبة 10.5 %. هذه الزيادة تعود بشكل أساسي إلى عوامل مرتبطة بتكاليف الإنتاج، كارتفاع أسعار الوقود والمواد الأولية.
تراجع أسعار بعض المنتجات الأساسية
في المقابل، سجلت بعض السلع الأساسية انخفاضات مهمة، مثل الزيوت الغذائية التي تراجعت أسعارها بنسبة 22.7 %، والبيض الذي انخفض بنسبة 4.7 %. ويعود هذا الانخفاض إلى تدخلات حكومية لضبط الأسعار وتوفير دعم مباشر لبعض المواد الأساسية، بالإضافة إلى تحسن سلاسل التوريد.
من ناحية أخرى، ارتفع مؤشر أسعار المنتجات المصنّعة بنسبة 5.3 %، مدفوعًا بزيادة أسعار الملابس والأحذية بنسبة 9.3 %، ومنتجات التنظيف المنزلي بنسبة 5 %. أما الخدمات، فقد شهدت زيادة بنسبة 4.6 % على أساس سنوي، مع استمرار ارتفاع أسعار المطاعم والمقاهي والفنادق. ويُظهر معدل التضخم الأساسي (الذي يستثني المواد الغذائية والطاقة) استقرارًا عند مستوى 5.5 %، مما يعكس تحسنًا نسبيًا في السيطرة على الضغوط التضخمية الناتجة عن العوامل غير المباشرة. ويُلاحظ أن المنتجات غير الخاضعة للتسعير الحكومي شهدت زيادة بنسبة 6.5 %، مقارنة بـ1.5 % فقط للمنتجات ذات الأسعار المنظمة.
تعزيز القدرة الشرائية للتونسيين
ويُعتبر استقرار التضخم عند 5.4 % إشارة إيجابية للمستثمرين المحليين والأجانب، فالتضخم المستقر يعزّز مناخ الثقة، حيث يمكن للشركات التخطيط على المدى الطويل دون قلق من تقلبات كبيرة في الأسعار. هذا الاستقرار يُشكّل عنصرًا حاسمًا لجذب الاستثمارات، خاصة في القطاعات الإنتاجية والصناعية.
ورغم استمرار ارتفاع بعض الأسعار، إلا أن استقرار معدل التضخم يُسهم في الحد من التآكل الكبير للقوة الشرائية للمواطنين. ويشدد جزء واسع من الخبراء على أن تراجع معدلات التضخم مقارنة بالأشهر السابقة يعني أن مستويات الزيادة في الأسعار أصبحت أقل حدّة، مما يمنح الأسرة التونسية بعض الاستقرار المالي. كما يساهم استقرار التضخم أيضًا في تسهيل إدارة السيولة النقدية داخل النظام المصرفي، فالبنك المركزي التونسي يستطيع تحديد سياساته النقدية بشكل أكثر فاعلية، كالحفاظ على معدلات الفائدة عند مستويات متوازنة، مما يدعم النمو الاقتصادي.
نجاعة السياسات الحكومية
ولا بد من الإشارة إلى أن السياسات الحكومية المتخذة منذ فترة، لعبت دورًا محوريًا في كبح التضخم. من بين هذه السياسات، تعزيز الرقابة على الأسعار، خاصة في الأسواق الكبرى، مما ساهم في الحد من المضاربات، إضافة إلى توفير الدعم للمواد الأساسية مثل الزيوت الغذائية والبيض، وهو ما ساعد في تخفيف العبء على المستهلكين، فضلًا عن تحسين سلاسل التوريد، وضمان توفير المنتجات الأساسية بأسعار معقولة، مما ساهم في استقرار الأسواق.
وفي ظل استقرار التضخم عند 5.4 %، تبرز تساؤلات حول ما إذا كان هذا المستوى سيستمر في الأشهر القادمة. تشير المؤشرات الأولية إلى إمكانية الحفاظ على هذا المعدل أو حتى تحسينه، بشرط استمرار تنفيذ السياسات الحالية. ومع ذلك، هناك تحديات محتملة قد تُعيد الضغوط التضخمية، مثل التقلبات العالمية في أسعار الطاقة، أي أن زيادة في أسعار النفط قد تؤدي إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج والنقل، كما أن التغيرات المناخية الحادة قد تؤثر على الإنتاج الزراعي وأسعار المواد الغذائية، إضافة إلى الأوضاع الجيوسياسية، التي قد تؤثر على التجارة الخارجية وتكاليف الواردات.
ويبقى استقرار نسبة التضخم في تونس عند 5.4% خلال شهر جوان 2025 إنجازًا مهمًا في سياق التحديات الاقتصادية التي تواجهها البلاد. هذا الاستقرار يعكس نجاح السياسات الاقتصادية في تحقيق توازن بين ضبط الأسعار وتوفير احتياجات المواطنين. ومع ذلك، فإن الحفاظ على هذا الإنجاز يتطلب استمرارية الإصلاحات ومواجهة التحديات المستقبلية بحزم.
سفيان المهداوي
شهدت نسبة التضخم في تونس استقرارًا خلال شهر جوان 2025، محافظة على معدل 5.4 %، وفقًا للمعطيات الصادرة عن المعهد الوطني للإحصاء (INS). هذا المعدل، الذي يعكس استقرارًا نسبيًا مقارنة بالأشهر السابقة، يأتي كنتيجة مباشرة لجملة من التطورات الاقتصادية المتباينة بين مختلف القطاعات، بالإضافة إلى الإجراءات الحكومية التي ساهمت في خفض الضغوط التضخمية.
وعرفت تونس في السنوات الأخيرة موجات تضخمية متزايدة، حيث بلغ معدل التضخم ذروته في فترات سابقة نتيجة عوامل عديدة، أبرزها الزيادات الحادة في أسعار المواد الغذائية والطاقة، بالإضافة إلى تراجع قيمة الدينار التونسي. ومع ذلك، بدأت هذه النسبة في التراجع التدريجي بفضل حزمة من السياسات الحكومية والإصلاحات الاقتصادية التي ركّزت على ضبط الأسواق، وتحسين سلاسل التوريد، وتشديد الرقابة على الأسعار.
على سبيل المثال، شهدت الأشهر الأولى من عام 2025 انخفاضًا تدريجيًا في معدلات التضخم، حيث تراجع من مستويات تفوق 6 % في شهر مارس إلى 5.7 % في أفريل، ثم إلى 5.4 % في ماي، ليستقر عند نفس المعدل في جوان. هذا الاتجاه النزولي يعكس نجاح جهود الدولة في كبح جماح التضخم، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية والمالية التي تمر بها البلاد.
ارتفاع أسعار بعض المنتجات والخدمات
رغم الاستقرار العام في معدل التضخم، إلا أن بعض القطاعات شهدت زيادات ملحوظة. فقد ارتفع مؤشر أسعار مجموعة «المطاعم، المقاهي، والفنادق» بنسبة 11 % على أساس سنوي في شهر جوان، مقارنة بـ10.8 % في شهر ماي. يعكس هذا الارتفاع زيادة الطلب على هذه الخدمات، خاصة مع عودة النشاط السياحي بشكل تدريجي بعد جائحة كورونا. أما بالنسبة للمنتجات الغذائية، فقد سجلت زيادات متفاوتة، حيث ارتفعت أسعار الخضروات الطازجة بنسبة 25.2 %، والفواكه الطازجة بنسبة 20.4 %، ولحوم الضأن بنسبة 19 %. كما شهدت الأسماك الطازجة زيادة بنسبة 10.5 %. هذه الزيادة تعود بشكل أساسي إلى عوامل مرتبطة بتكاليف الإنتاج، كارتفاع أسعار الوقود والمواد الأولية.
تراجع أسعار بعض المنتجات الأساسية
في المقابل، سجلت بعض السلع الأساسية انخفاضات مهمة، مثل الزيوت الغذائية التي تراجعت أسعارها بنسبة 22.7 %، والبيض الذي انخفض بنسبة 4.7 %. ويعود هذا الانخفاض إلى تدخلات حكومية لضبط الأسعار وتوفير دعم مباشر لبعض المواد الأساسية، بالإضافة إلى تحسن سلاسل التوريد.
من ناحية أخرى، ارتفع مؤشر أسعار المنتجات المصنّعة بنسبة 5.3 %، مدفوعًا بزيادة أسعار الملابس والأحذية بنسبة 9.3 %، ومنتجات التنظيف المنزلي بنسبة 5 %. أما الخدمات، فقد شهدت زيادة بنسبة 4.6 % على أساس سنوي، مع استمرار ارتفاع أسعار المطاعم والمقاهي والفنادق. ويُظهر معدل التضخم الأساسي (الذي يستثني المواد الغذائية والطاقة) استقرارًا عند مستوى 5.5 %، مما يعكس تحسنًا نسبيًا في السيطرة على الضغوط التضخمية الناتجة عن العوامل غير المباشرة. ويُلاحظ أن المنتجات غير الخاضعة للتسعير الحكومي شهدت زيادة بنسبة 6.5 %، مقارنة بـ1.5 % فقط للمنتجات ذات الأسعار المنظمة.
تعزيز القدرة الشرائية للتونسيين
ويُعتبر استقرار التضخم عند 5.4 % إشارة إيجابية للمستثمرين المحليين والأجانب، فالتضخم المستقر يعزّز مناخ الثقة، حيث يمكن للشركات التخطيط على المدى الطويل دون قلق من تقلبات كبيرة في الأسعار. هذا الاستقرار يُشكّل عنصرًا حاسمًا لجذب الاستثمارات، خاصة في القطاعات الإنتاجية والصناعية.
ورغم استمرار ارتفاع بعض الأسعار، إلا أن استقرار معدل التضخم يُسهم في الحد من التآكل الكبير للقوة الشرائية للمواطنين. ويشدد جزء واسع من الخبراء على أن تراجع معدلات التضخم مقارنة بالأشهر السابقة يعني أن مستويات الزيادة في الأسعار أصبحت أقل حدّة، مما يمنح الأسرة التونسية بعض الاستقرار المالي. كما يساهم استقرار التضخم أيضًا في تسهيل إدارة السيولة النقدية داخل النظام المصرفي، فالبنك المركزي التونسي يستطيع تحديد سياساته النقدية بشكل أكثر فاعلية، كالحفاظ على معدلات الفائدة عند مستويات متوازنة، مما يدعم النمو الاقتصادي.
نجاعة السياسات الحكومية
ولا بد من الإشارة إلى أن السياسات الحكومية المتخذة منذ فترة، لعبت دورًا محوريًا في كبح التضخم. من بين هذه السياسات، تعزيز الرقابة على الأسعار، خاصة في الأسواق الكبرى، مما ساهم في الحد من المضاربات، إضافة إلى توفير الدعم للمواد الأساسية مثل الزيوت الغذائية والبيض، وهو ما ساعد في تخفيف العبء على المستهلكين، فضلًا عن تحسين سلاسل التوريد، وضمان توفير المنتجات الأساسية بأسعار معقولة، مما ساهم في استقرار الأسواق.
وفي ظل استقرار التضخم عند 5.4 %، تبرز تساؤلات حول ما إذا كان هذا المستوى سيستمر في الأشهر القادمة. تشير المؤشرات الأولية إلى إمكانية الحفاظ على هذا المعدل أو حتى تحسينه، بشرط استمرار تنفيذ السياسات الحالية. ومع ذلك، هناك تحديات محتملة قد تُعيد الضغوط التضخمية، مثل التقلبات العالمية في أسعار الطاقة، أي أن زيادة في أسعار النفط قد تؤدي إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج والنقل، كما أن التغيرات المناخية الحادة قد تؤثر على الإنتاج الزراعي وأسعار المواد الغذائية، إضافة إلى الأوضاع الجيوسياسية، التي قد تؤثر على التجارة الخارجية وتكاليف الواردات.
ويبقى استقرار نسبة التضخم في تونس عند 5.4% خلال شهر جوان 2025 إنجازًا مهمًا في سياق التحديات الاقتصادية التي تواجهها البلاد. هذا الاستقرار يعكس نجاح السياسات الاقتصادية في تحقيق توازن بين ضبط الأسعار وتوفير احتياجات المواطنين. ومع ذلك، فإن الحفاظ على هذا الإنجاز يتطلب استمرارية الإصلاحات ومواجهة التحديات المستقبلية بحزم.