بفضل برنامج إعادة التأهيل الشامل.. صادرات النسيج ترتفع بـ45.5 مليون دولار في 5 سنوات
مقالات الصباح
يمثل قطاع النسيج والملابس أحد أعمدة الاقتصاد التونسي، حيث يشكل مصدرًا هامًا للتصدير ويوفر الآلاف من فرص العمل المباشرة وغير المباشرة. ومع التحديات المتزايدة التي يواجهها القطاع على الصعيدين المحلي والدولي، كالمنافسة العالمية والمتطلبات البيئية، جاء برنامج إعادة التأهيل الشامل للنسيج والملابس (GTEX MENATEX) كاستجابة استراتيجية لدعم المؤسسات التونسية وتعزيز دورها في تحقيق التنمية المستدامة.
ويعتبر قطاع النسيج والملابس من أكثر القطاعات حيوية في تونس، حيث يساهم بنسبة كبيرة في الناتج المحلي الإجمالي ويُعد من أهم القطاعات المصدرة. كما يوفر القطاع حوالي 160 ألف فرصة عمل مباشرة، ما يجعله من بين أعلى القطاعات استيعابًا لليد العاملة، خاصة في المناطق الداخلية. إلى جانب ذلك، يتميز القطاع بترابط قوي مع الصناعات الأخرى كالتصميم، التكنولوجيا، واللوجستيات، مما يعزز تأثيره الإيجابي على الاقتصاد الوطني.
ومع ذلك، واجه القطاع تحديات كبيرة خلال السنوات الماضية، أبرزها المنافسة الشرسة من الأسواق العالمية، خاصة من دول آسيا، إلى جانب التحول نحو الاقتصاد الأخضر والاستدامة، ما تطلب تدخلات جذرية لإعادة تأهيل المؤسسات ودعمها لمواكبة المعايير الدولية.
رؤية استراتيجية للنهوض بالقطاع
في هذا السياق، أُطلق برنامج إعادة التأهيل الشامل للنسيج والملابس، الممول من جهات دولية مثل الأمانة السويسرية للاقتصاد والوكالة السويدية للتعاون الإنمائي الدولي والوكالة الإسبانية للتعاون الدولي. يهدف البرنامج إلى تعزيز استدامة القطاع وإدماج التكنولوجيا الحديثة، مع التركيز على الاقتصاد الدائري والتحول الإيكولوجي.
خلال المرحلة الأولى من البرنامج، بين عامي 2018 و2023، حقق القطاع قفزات نوعية، أبرزها تطوير الصادرات، حيث تمكنت 44 مؤسسة من تعزيز صادراتها لتبلغ قيمتها 45.5 مليون دولار، مما يعكس دور البرنامج في تحسين القدرة التنافسية للمؤسسات.
كما ساهم البرنامج في اعتماد مسارات عملية جديدة، حيث تبنت 42 مؤسسة صغرى ومتوسطة منهجيات عمل جديدة لتحسين الإنتاجية والجودة، كما ساهم في التحول الرقمي لقرابة 19 مؤسسة تمكنت من إدماج حلول رقمية مبتكرة لتحسين كفاءة العمليات الإنتاجية، إضافة إلى تحسين الاستدامة البيئية والاجتماعية لحوالي 30 مؤسسة صغرى ومتوسطة، تمكنت من إحراز تقدم ملموس في تقليل تأثيراتها البيئية وتحسين استدامتها الاجتماعية.
استثمارات ضخمة لهيكلة المؤسسات
مع بداية المرحلة الثانية من البرنامج في جانفي 2024، تم تخصيص استثمارات بقيمة 2.5 مليون دولار لمواصلة دعم المؤسسات التونسية. وتشمل هذه المرحلة عدة محاور رئيسية تتعلق بدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، حيث انتفعت أكثر من 32 مؤسسة حتى الآن من المساندة الفنية والمالية لتحسين أدائها. كما تم مرافقة 17 مصمم أزياء ومساندة 3 مؤسسات ناشئة متخصصة في تطوير حلول تكنولوجية بيئية، ما يعكس التزام البرنامج بتشجيع الابتكار وريادة الأعمال في القطاع، فضلاً عن تعزيز الاستدامة الاقتصادية والبيئية، ودعم المؤسسات لاعتماد تقنيات صديقة للبيئة والتركيز على الاقتصاد الدائري.
وتعتبر التجربة التونسية جزءًا من مبادرة إقليمية تشمل دولًا مثل مصر، المغرب، الأردن وسيريلانكا. وقد أكدت وزيرة الصناعة والطاقة مؤخرًا على أهمية الاستفادة من هذه التجارب لتعزيز نجاح البرنامج وتطويره بما يتماشى مع خصوصيات السوق التونسية. كما شددت على أهمية التعاون بين مختلف الفاعلين في القطاع لضمان تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
الانتقال الإيكولوجي والرقمي
وأصبح التحول نحو الاقتصاد الأخضر والرقمنة ضرورة ملحة في ظل التغيرات العالمية. ويهدف برنامج إعادة التأهيل إلى تمكين المؤسسات التونسية من الانخراط في هذا المسار عبر دعم الاقتصاد الدائري، وتقليل الهدر وإعادة تدوير المواد المستخدمة في عملية الإنتاج، وتحسين كفاءة الطاقة، واعتماد تقنيات جديدة لتقليل استهلاك الطاقة وتعزيز الكفاءة الإنتاجية، واستخدام التكنولوجيا لتحسين سلسلة الإنتاج والتوزيع. وهذه الإجراءات لا تعزز فقط القدرة التنافسية للقطاع، بل تفتح أيضًا آفاقًا جديدة للولوج إلى الأسواق الدولية التي أصبحت تضع معايير صارمة في الاستدامة البيئية.
وبفضل برنامج إعادة التأهيل، أصبح قطاع النسيج والملابس في تونس في موقع أفضل لمواجهة التحديات العالمية، حيث تمكن موفى 2024 من تحقيق إيرادات قياسية ناهزت 9 مليار دينار. ومن المرجح أن يتواصل نسق نمو القطاع إلى مستويات أفضل في السنوات القادمة، بفضل تحسين الصادرات، وتعزيز الابتكار، ودعم الاستدامة، وضخ استثمارات طويلة الأمد تضع القطاع في قلب الجهود الرامية لتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة.
ومن خلال هذا البرنامج، أظهرت تونس، اليوم، قدرتها ليس فقط على التكيف مع المتغيرات العالمية، بل أيضًا استعدادها لتصبح نموذجًا رائدًا في صناعة النسيج والملابس المستدامة في المنطقة.
سفيان المهداوي
يمثل قطاع النسيج والملابس أحد أعمدة الاقتصاد التونسي، حيث يشكل مصدرًا هامًا للتصدير ويوفر الآلاف من فرص العمل المباشرة وغير المباشرة. ومع التحديات المتزايدة التي يواجهها القطاع على الصعيدين المحلي والدولي، كالمنافسة العالمية والمتطلبات البيئية، جاء برنامج إعادة التأهيل الشامل للنسيج والملابس (GTEX MENATEX) كاستجابة استراتيجية لدعم المؤسسات التونسية وتعزيز دورها في تحقيق التنمية المستدامة.
ويعتبر قطاع النسيج والملابس من أكثر القطاعات حيوية في تونس، حيث يساهم بنسبة كبيرة في الناتج المحلي الإجمالي ويُعد من أهم القطاعات المصدرة. كما يوفر القطاع حوالي 160 ألف فرصة عمل مباشرة، ما يجعله من بين أعلى القطاعات استيعابًا لليد العاملة، خاصة في المناطق الداخلية. إلى جانب ذلك، يتميز القطاع بترابط قوي مع الصناعات الأخرى كالتصميم، التكنولوجيا، واللوجستيات، مما يعزز تأثيره الإيجابي على الاقتصاد الوطني.
ومع ذلك، واجه القطاع تحديات كبيرة خلال السنوات الماضية، أبرزها المنافسة الشرسة من الأسواق العالمية، خاصة من دول آسيا، إلى جانب التحول نحو الاقتصاد الأخضر والاستدامة، ما تطلب تدخلات جذرية لإعادة تأهيل المؤسسات ودعمها لمواكبة المعايير الدولية.
رؤية استراتيجية للنهوض بالقطاع
في هذا السياق، أُطلق برنامج إعادة التأهيل الشامل للنسيج والملابس، الممول من جهات دولية مثل الأمانة السويسرية للاقتصاد والوكالة السويدية للتعاون الإنمائي الدولي والوكالة الإسبانية للتعاون الدولي. يهدف البرنامج إلى تعزيز استدامة القطاع وإدماج التكنولوجيا الحديثة، مع التركيز على الاقتصاد الدائري والتحول الإيكولوجي.
خلال المرحلة الأولى من البرنامج، بين عامي 2018 و2023، حقق القطاع قفزات نوعية، أبرزها تطوير الصادرات، حيث تمكنت 44 مؤسسة من تعزيز صادراتها لتبلغ قيمتها 45.5 مليون دولار، مما يعكس دور البرنامج في تحسين القدرة التنافسية للمؤسسات.
كما ساهم البرنامج في اعتماد مسارات عملية جديدة، حيث تبنت 42 مؤسسة صغرى ومتوسطة منهجيات عمل جديدة لتحسين الإنتاجية والجودة، كما ساهم في التحول الرقمي لقرابة 19 مؤسسة تمكنت من إدماج حلول رقمية مبتكرة لتحسين كفاءة العمليات الإنتاجية، إضافة إلى تحسين الاستدامة البيئية والاجتماعية لحوالي 30 مؤسسة صغرى ومتوسطة، تمكنت من إحراز تقدم ملموس في تقليل تأثيراتها البيئية وتحسين استدامتها الاجتماعية.
استثمارات ضخمة لهيكلة المؤسسات
مع بداية المرحلة الثانية من البرنامج في جانفي 2024، تم تخصيص استثمارات بقيمة 2.5 مليون دولار لمواصلة دعم المؤسسات التونسية. وتشمل هذه المرحلة عدة محاور رئيسية تتعلق بدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، حيث انتفعت أكثر من 32 مؤسسة حتى الآن من المساندة الفنية والمالية لتحسين أدائها. كما تم مرافقة 17 مصمم أزياء ومساندة 3 مؤسسات ناشئة متخصصة في تطوير حلول تكنولوجية بيئية، ما يعكس التزام البرنامج بتشجيع الابتكار وريادة الأعمال في القطاع، فضلاً عن تعزيز الاستدامة الاقتصادية والبيئية، ودعم المؤسسات لاعتماد تقنيات صديقة للبيئة والتركيز على الاقتصاد الدائري.
وتعتبر التجربة التونسية جزءًا من مبادرة إقليمية تشمل دولًا مثل مصر، المغرب، الأردن وسيريلانكا. وقد أكدت وزيرة الصناعة والطاقة مؤخرًا على أهمية الاستفادة من هذه التجارب لتعزيز نجاح البرنامج وتطويره بما يتماشى مع خصوصيات السوق التونسية. كما شددت على أهمية التعاون بين مختلف الفاعلين في القطاع لضمان تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
الانتقال الإيكولوجي والرقمي
وأصبح التحول نحو الاقتصاد الأخضر والرقمنة ضرورة ملحة في ظل التغيرات العالمية. ويهدف برنامج إعادة التأهيل إلى تمكين المؤسسات التونسية من الانخراط في هذا المسار عبر دعم الاقتصاد الدائري، وتقليل الهدر وإعادة تدوير المواد المستخدمة في عملية الإنتاج، وتحسين كفاءة الطاقة، واعتماد تقنيات جديدة لتقليل استهلاك الطاقة وتعزيز الكفاءة الإنتاجية، واستخدام التكنولوجيا لتحسين سلسلة الإنتاج والتوزيع. وهذه الإجراءات لا تعزز فقط القدرة التنافسية للقطاع، بل تفتح أيضًا آفاقًا جديدة للولوج إلى الأسواق الدولية التي أصبحت تضع معايير صارمة في الاستدامة البيئية.
وبفضل برنامج إعادة التأهيل، أصبح قطاع النسيج والملابس في تونس في موقع أفضل لمواجهة التحديات العالمية، حيث تمكن موفى 2024 من تحقيق إيرادات قياسية ناهزت 9 مليار دينار. ومن المرجح أن يتواصل نسق نمو القطاع إلى مستويات أفضل في السنوات القادمة، بفضل تحسين الصادرات، وتعزيز الابتكار، ودعم الاستدامة، وضخ استثمارات طويلة الأمد تضع القطاع في قلب الجهود الرامية لتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة.
ومن خلال هذا البرنامج، أظهرت تونس، اليوم، قدرتها ليس فقط على التكيف مع المتغيرات العالمية، بل أيضًا استعدادها لتصبح نموذجًا رائدًا في صناعة النسيج والملابس المستدامة في المنطقة.
سفيان المهداوي