إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بفضل‭ ‬برنامج‭ ‬إعادة‭ ‬التأهيل‭ ‬الشامل‭..‬ صادرات‭ ‬النسيج‭ ‬ترتفع‭ ‬بـ45‭.‬5‭ ‬ مليون‭ ‬دولار‭ ‬ في 5 سنوات

 

يمثل‭ ‬قطاع‭ ‬النسيج‭ ‬والملابس‭ ‬أحد‭ ‬أعمدة‭ ‬الاقتصاد‭ ‬التونسي،‭ ‬حيث‭ ‬يشكل‭ ‬مصدرًا‭ ‬هامًا‭ ‬للتصدير‭ ‬ويوفر‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬فرص‭ ‬العمل‭ ‬المباشرة‭ ‬وغير‭ ‬المباشرة‭. ‬ومع‭ ‬التحديات‭ ‬المتزايدة‭ ‬التي‭ ‬يواجهها‭ ‬القطاع‭ ‬على‭ ‬الصعيدين‭ ‬المحلي‭ ‬والدولي،‭ ‬كالمنافسة‭ ‬العالمية‭ ‬والمتطلبات‭ ‬البيئية،‭ ‬جاء‭ ‬برنامج‭ ‬إعادة‭ ‬التأهيل‭ ‬الشامل‭ ‬للنسيج‭ ‬والملابس‭ (‬GTEX MENATEX‭) ‬كاستجابة‭ ‬استراتيجية‭ ‬لدعم‭ ‬المؤسسات‭ ‬التونسية‭ ‬وتعزيز‭ ‬دورها‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة‭.‬

ويعتبر‭ ‬قطاع‭ ‬النسيج‭ ‬والملابس‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬القطاعات‭ ‬حيوية‭ ‬في‭ ‬تونس،‭ ‬حيث‭ ‬يساهم‭ ‬بنسبة‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬الناتج‭ ‬المحلي‭ ‬الإجمالي‭ ‬ويُعد‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬القطاعات‭ ‬المصدرة‭. ‬كما‭ ‬يوفر‭ ‬القطاع‭ ‬حوالي‭ ‬160‭ ‬ألف‭ ‬فرصة‭ ‬عمل‭ ‬مباشرة،‭ ‬ما‭ ‬يجعله‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬أعلى‭ ‬القطاعات‭ ‬استيعابًا‭ ‬لليد‭ ‬العاملة،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬الداخلية‭. ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬ذلك،‭ ‬يتميز‭ ‬القطاع‭ ‬بترابط‭ ‬قوي‭ ‬مع‭ ‬الصناعات‭ ‬الأخرى‭ ‬كالتصميم،‭ ‬التكنولوجيا،‭ ‬واللوجستيات،‭ ‬مما‭ ‬يعزز‭ ‬تأثيره‭ ‬الإيجابي‭ ‬على‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الوطني‭.‬
ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬واجه‭ ‬القطاع‭ ‬تحديات‭ ‬كبيرة‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الماضية،‭ ‬أبرزها‭ ‬المنافسة‭ ‬الشرسة‭ ‬من‭ ‬الأسواق‭ ‬العالمية،‭ ‬خاصة‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬آسيا،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬التحول‭ ‬نحو‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الأخضر‭ ‬والاستدامة،‭ ‬ما‭ ‬تطلب‭ ‬تدخلات‭ ‬جذرية‭ ‬لإعادة‭ ‬تأهيل‭ ‬المؤسسات‭ ‬ودعمها‭ ‬لمواكبة‭ ‬المعايير‭ ‬الدولية‭.‬
رؤية‭ ‬استراتيجية‭ ‬للنهوض‭ ‬بالقطاع
في‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬أُطلق‭ ‬برنامج‭ ‬إعادة‭ ‬التأهيل‭ ‬الشامل‭ ‬للنسيج‭ ‬والملابس،‭ ‬الممول‭ ‬من‭ ‬جهات‭ ‬دولية‭ ‬مثل‭ ‬الأمانة‭ ‬السويسرية‭ ‬للاقتصاد‭ ‬والوكالة‭ ‬السويدية‭ ‬للتعاون‭ ‬الإنمائي‭ ‬الدولي‭ ‬والوكالة‭ ‬الإسبانية‭ ‬للتعاون‭ ‬الدولي‭. ‬يهدف‭ ‬البرنامج‭ ‬إلى‭ ‬تعزيز‭ ‬استدامة‭ ‬القطاع‭ ‬وإدماج‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬الحديثة،‭ ‬مع‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الدائري‭ ‬والتحول‭ ‬الإيكولوجي‭.‬
خلال‭ ‬المرحلة‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬البرنامج،‭ ‬بين‭ ‬عامي‭ ‬2018‭ ‬و2023،‭ ‬حقق‭ ‬القطاع‭ ‬قفزات‭ ‬نوعية،‭ ‬أبرزها‭ ‬تطوير‭ ‬الصادرات،‭ ‬حيث‭ ‬تمكنت‭ ‬44‭ ‬مؤسسة‭ ‬من‭ ‬تعزيز‭ ‬صادراتها‭ ‬لتبلغ‭ ‬قيمتها‭ ‬45.5‭ ‬مليون‭ ‬دولار،‭ ‬مما‭ ‬يعكس‭ ‬دور‭ ‬البرنامج‭ ‬في‭ ‬تحسين‭ ‬القدرة‭ ‬التنافسية‭ ‬للمؤسسات‭. ‬
كما‭ ‬ساهم‭ ‬البرنامج‭ ‬في‭ ‬اعتماد‭ ‬مسارات‭ ‬عملية‭ ‬جديدة،‭ ‬حيث‭ ‬تبنت‭ ‬42‭ ‬مؤسسة‭ ‬صغرى‭ ‬ومتوسطة‭ ‬منهجيات‭ ‬عمل‭ ‬جديدة‭ ‬لتحسين‭ ‬الإنتاجية‭ ‬والجودة،‭ ‬كما‭ ‬ساهم‭ ‬في‭ ‬التحول‭ ‬الرقمي‭ ‬لقرابة‭ ‬19‭ ‬مؤسسة‭ ‬تمكنت‭ ‬من‭ ‬إدماج‭ ‬حلول‭ ‬رقمية‭ ‬مبتكرة‭ ‬لتحسين‭ ‬كفاءة‭ ‬العمليات‭ ‬الإنتاجية،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬تحسين‭ ‬الاستدامة‭ ‬البيئية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬لحوالي‭ ‬30‭ ‬مؤسسة‭ ‬صغرى‭ ‬ومتوسطة،‭ ‬تمكنت‭ ‬من‭ ‬إحراز‭ ‬تقدم‭ ‬ملموس‭ ‬في‭ ‬تقليل‭ ‬تأثيراتها‭ ‬البيئية‭ ‬وتحسين‭ ‬استدامتها‭ ‬الاجتماعية‭.‬
استثمارات‭ ‬ضخمة‭ ‬لهيكلة‭ ‬المؤسسات
مع‭ ‬بداية‭ ‬المرحلة‭ ‬الثانية‭ ‬من‭ ‬البرنامج‭ ‬في‭ ‬جانفي‭ ‬2024،‭ ‬تم‭ ‬تخصيص‭ ‬استثمارات‭ ‬بقيمة‭ ‬2.5‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭ ‬لمواصلة‭ ‬دعم‭ ‬المؤسسات‭ ‬التونسية‭. ‬وتشمل‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬عدة‭ ‬محاور‭ ‬رئيسية‭ ‬تتعلق‭ ‬بدعم‭ ‬المؤسسات‭ ‬الصغيرة‭ ‬والمتوسطة،‭ ‬حيث‭ ‬انتفعت‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬32‭ ‬مؤسسة‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬من‭ ‬المساندة‭ ‬الفنية‭ ‬والمالية‭ ‬لتحسين‭ ‬أدائها‭. ‬كما‭ ‬تم‭ ‬مرافقة‭ ‬17‭ ‬مصمم‭ ‬أزياء‭ ‬ومساندة‭ ‬3‭ ‬مؤسسات‭ ‬ناشئة‭ ‬متخصصة‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬حلول‭ ‬تكنولوجية‭ ‬بيئية،‭ ‬ما‭ ‬يعكس‭ ‬التزام‭ ‬البرنامج‭ ‬بتشجيع‭ ‬الابتكار‭ ‬وريادة‭ ‬الأعمال‭ ‬في‭ ‬القطاع،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬تعزيز‭ ‬الاستدامة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والبيئية،‭ ‬ودعم‭ ‬المؤسسات‭ ‬لاعتماد‭ ‬تقنيات‭ ‬صديقة‭ ‬للبيئة‭ ‬والتركيز‭ ‬على‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الدائري‭.‬
وتعتبر‭ ‬التجربة‭ ‬التونسية‭ ‬جزءًا‭ ‬من‭ ‬مبادرة‭ ‬إقليمية‭ ‬تشمل‭ ‬دولًا‭ ‬مثل‭ ‬مصر،‭ ‬المغرب،‭ ‬الأردن‭ ‬وسيريلانكا‭. ‬وقد‭ ‬أكدت‭ ‬وزيرة‭ ‬الصناعة‭ ‬والطاقة‭ ‬مؤخرًا‭ ‬على‭ ‬أهمية‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬التجارب‭ ‬لتعزيز‭ ‬نجاح‭ ‬البرنامج‭ ‬وتطويره‭ ‬بما‭ ‬يتماشى‭ ‬مع‭ ‬خصوصيات‭ ‬السوق‭ ‬التونسية‭. ‬كما‭ ‬شددت‭ ‬على‭ ‬أهمية‭ ‬التعاون‭ ‬بين‭ ‬مختلف‭ ‬الفاعلين‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬لضمان‭ ‬تحقيق‭ ‬أهداف‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة‭.‬
الانتقال‭ ‬الإيكولوجي‭ ‬والرقمي
وأصبح‭ ‬التحول‭ ‬نحو‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الأخضر‭ ‬والرقمنة‭ ‬ضرورة‭ ‬ملحة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬التغيرات‭ ‬العالمية‭. ‬ويهدف‭ ‬برنامج‭ ‬إعادة‭ ‬التأهيل‭ ‬إلى‭ ‬تمكين‭ ‬المؤسسات‭ ‬التونسية‭ ‬من‭ ‬الانخراط‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المسار‭ ‬عبر‭ ‬دعم‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الدائري،‭ ‬وتقليل‭ ‬الهدر‭ ‬وإعادة‭ ‬تدوير‭ ‬المواد‭ ‬المستخدمة‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬الإنتاج،‭ ‬وتحسين‭ ‬كفاءة‭ ‬الطاقة،‭ ‬واعتماد‭ ‬تقنيات‭ ‬جديدة‭ ‬لتقليل‭ ‬استهلاك‭ ‬الطاقة‭ ‬وتعزيز‭ ‬الكفاءة‭ ‬الإنتاجية،‭ ‬واستخدام‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬لتحسين‭ ‬سلسلة‭ ‬الإنتاج‭ ‬والتوزيع‭. ‬وهذه‭ ‬الإجراءات‭ ‬لا‭ ‬تعزز‭ ‬فقط‭ ‬القدرة‭ ‬التنافسية‭ ‬للقطاع،‭ ‬بل‭ ‬تفتح‭ ‬أيضًا‭ ‬آفاقًا‭ ‬جديدة‭ ‬للولوج‭ ‬إلى‭ ‬الأسواق‭ ‬الدولية‭ ‬التي‭ ‬أصبحت‭ ‬تضع‭ ‬معايير‭ ‬صارمة‭ ‬في‭ ‬الاستدامة‭ ‬البيئية‭.‬
وبفضل‭ ‬برنامج‭ ‬إعادة‭ ‬التأهيل،‭ ‬أصبح‭ ‬قطاع‭ ‬النسيج‭ ‬والملابس‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬في‭ ‬موقع‭ ‬أفضل‭ ‬لمواجهة‭ ‬التحديات‭ ‬العالمية،‭ ‬حيث‭ ‬تمكن‭ ‬موفى‭ ‬2024‭ ‬من‭ ‬تحقيق‭ ‬إيرادات‭ ‬قياسية‭ ‬ناهزت‭ ‬9‭ ‬مليار‭ ‬دينار‭. ‬ومن‭ ‬المرجح‭ ‬أن‭ ‬يتواصل‭ ‬نسق‭ ‬نمو‭ ‬القطاع‭ ‬إلى‭ ‬مستويات‭ ‬أفضل‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬القادمة،‭ ‬بفضل‭ ‬تحسين‭ ‬الصادرات،‭ ‬وتعزيز‭ ‬الابتكار،‭ ‬ودعم‭ ‬الاستدامة،‭ ‬وضخ‭ ‬استثمارات‭ ‬طويلة‭ ‬الأمد‭ ‬تضع‭ ‬القطاع‭ ‬في‭ ‬قلب‭ ‬الجهود‭ ‬الرامية‭ ‬لتحقيق‭ ‬التنمية‭ ‬الاقتصادية‭ ‬المستدامة‭.‬
ومن‭ ‬خلال‭ ‬هذا‭ ‬البرنامج،‭ ‬أظهرت‭ ‬تونس،‭ ‬اليوم،‭ ‬قدرتها‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬التكيف‭ ‬مع‭ ‬المتغيرات‭ ‬العالمية،‭ ‬بل‭ ‬أيضًا‭ ‬استعدادها‭ ‬لتصبح‭ ‬نموذجًا‭ ‬رائدًا‭ ‬في‭ ‬صناعة‭ ‬النسيج‭ ‬والملابس‭ ‬المستدامة‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭.‬


سفيان‭ ‬المهداوي
 

 

بفضل‭ ‬برنامج‭ ‬إعادة‭ ‬التأهيل‭ ‬الشامل‭..‬  صادرات‭ ‬النسيج‭ ‬ترتفع‭ ‬بـ45‭.‬5‭ ‬  مليون‭ ‬دولار‭ ‬ في 5 سنوات

 

يمثل‭ ‬قطاع‭ ‬النسيج‭ ‬والملابس‭ ‬أحد‭ ‬أعمدة‭ ‬الاقتصاد‭ ‬التونسي،‭ ‬حيث‭ ‬يشكل‭ ‬مصدرًا‭ ‬هامًا‭ ‬للتصدير‭ ‬ويوفر‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬فرص‭ ‬العمل‭ ‬المباشرة‭ ‬وغير‭ ‬المباشرة‭. ‬ومع‭ ‬التحديات‭ ‬المتزايدة‭ ‬التي‭ ‬يواجهها‭ ‬القطاع‭ ‬على‭ ‬الصعيدين‭ ‬المحلي‭ ‬والدولي،‭ ‬كالمنافسة‭ ‬العالمية‭ ‬والمتطلبات‭ ‬البيئية،‭ ‬جاء‭ ‬برنامج‭ ‬إعادة‭ ‬التأهيل‭ ‬الشامل‭ ‬للنسيج‭ ‬والملابس‭ (‬GTEX MENATEX‭) ‬كاستجابة‭ ‬استراتيجية‭ ‬لدعم‭ ‬المؤسسات‭ ‬التونسية‭ ‬وتعزيز‭ ‬دورها‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة‭.‬

ويعتبر‭ ‬قطاع‭ ‬النسيج‭ ‬والملابس‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬القطاعات‭ ‬حيوية‭ ‬في‭ ‬تونس،‭ ‬حيث‭ ‬يساهم‭ ‬بنسبة‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬الناتج‭ ‬المحلي‭ ‬الإجمالي‭ ‬ويُعد‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬القطاعات‭ ‬المصدرة‭. ‬كما‭ ‬يوفر‭ ‬القطاع‭ ‬حوالي‭ ‬160‭ ‬ألف‭ ‬فرصة‭ ‬عمل‭ ‬مباشرة،‭ ‬ما‭ ‬يجعله‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬أعلى‭ ‬القطاعات‭ ‬استيعابًا‭ ‬لليد‭ ‬العاملة،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬الداخلية‭. ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬ذلك،‭ ‬يتميز‭ ‬القطاع‭ ‬بترابط‭ ‬قوي‭ ‬مع‭ ‬الصناعات‭ ‬الأخرى‭ ‬كالتصميم،‭ ‬التكنولوجيا،‭ ‬واللوجستيات،‭ ‬مما‭ ‬يعزز‭ ‬تأثيره‭ ‬الإيجابي‭ ‬على‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الوطني‭.‬
ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬واجه‭ ‬القطاع‭ ‬تحديات‭ ‬كبيرة‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الماضية،‭ ‬أبرزها‭ ‬المنافسة‭ ‬الشرسة‭ ‬من‭ ‬الأسواق‭ ‬العالمية،‭ ‬خاصة‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬آسيا،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬التحول‭ ‬نحو‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الأخضر‭ ‬والاستدامة،‭ ‬ما‭ ‬تطلب‭ ‬تدخلات‭ ‬جذرية‭ ‬لإعادة‭ ‬تأهيل‭ ‬المؤسسات‭ ‬ودعمها‭ ‬لمواكبة‭ ‬المعايير‭ ‬الدولية‭.‬
رؤية‭ ‬استراتيجية‭ ‬للنهوض‭ ‬بالقطاع
في‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬أُطلق‭ ‬برنامج‭ ‬إعادة‭ ‬التأهيل‭ ‬الشامل‭ ‬للنسيج‭ ‬والملابس،‭ ‬الممول‭ ‬من‭ ‬جهات‭ ‬دولية‭ ‬مثل‭ ‬الأمانة‭ ‬السويسرية‭ ‬للاقتصاد‭ ‬والوكالة‭ ‬السويدية‭ ‬للتعاون‭ ‬الإنمائي‭ ‬الدولي‭ ‬والوكالة‭ ‬الإسبانية‭ ‬للتعاون‭ ‬الدولي‭. ‬يهدف‭ ‬البرنامج‭ ‬إلى‭ ‬تعزيز‭ ‬استدامة‭ ‬القطاع‭ ‬وإدماج‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬الحديثة،‭ ‬مع‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الدائري‭ ‬والتحول‭ ‬الإيكولوجي‭.‬
خلال‭ ‬المرحلة‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬البرنامج،‭ ‬بين‭ ‬عامي‭ ‬2018‭ ‬و2023،‭ ‬حقق‭ ‬القطاع‭ ‬قفزات‭ ‬نوعية،‭ ‬أبرزها‭ ‬تطوير‭ ‬الصادرات،‭ ‬حيث‭ ‬تمكنت‭ ‬44‭ ‬مؤسسة‭ ‬من‭ ‬تعزيز‭ ‬صادراتها‭ ‬لتبلغ‭ ‬قيمتها‭ ‬45.5‭ ‬مليون‭ ‬دولار،‭ ‬مما‭ ‬يعكس‭ ‬دور‭ ‬البرنامج‭ ‬في‭ ‬تحسين‭ ‬القدرة‭ ‬التنافسية‭ ‬للمؤسسات‭. ‬
كما‭ ‬ساهم‭ ‬البرنامج‭ ‬في‭ ‬اعتماد‭ ‬مسارات‭ ‬عملية‭ ‬جديدة،‭ ‬حيث‭ ‬تبنت‭ ‬42‭ ‬مؤسسة‭ ‬صغرى‭ ‬ومتوسطة‭ ‬منهجيات‭ ‬عمل‭ ‬جديدة‭ ‬لتحسين‭ ‬الإنتاجية‭ ‬والجودة،‭ ‬كما‭ ‬ساهم‭ ‬في‭ ‬التحول‭ ‬الرقمي‭ ‬لقرابة‭ ‬19‭ ‬مؤسسة‭ ‬تمكنت‭ ‬من‭ ‬إدماج‭ ‬حلول‭ ‬رقمية‭ ‬مبتكرة‭ ‬لتحسين‭ ‬كفاءة‭ ‬العمليات‭ ‬الإنتاجية،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬تحسين‭ ‬الاستدامة‭ ‬البيئية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬لحوالي‭ ‬30‭ ‬مؤسسة‭ ‬صغرى‭ ‬ومتوسطة،‭ ‬تمكنت‭ ‬من‭ ‬إحراز‭ ‬تقدم‭ ‬ملموس‭ ‬في‭ ‬تقليل‭ ‬تأثيراتها‭ ‬البيئية‭ ‬وتحسين‭ ‬استدامتها‭ ‬الاجتماعية‭.‬
استثمارات‭ ‬ضخمة‭ ‬لهيكلة‭ ‬المؤسسات
مع‭ ‬بداية‭ ‬المرحلة‭ ‬الثانية‭ ‬من‭ ‬البرنامج‭ ‬في‭ ‬جانفي‭ ‬2024،‭ ‬تم‭ ‬تخصيص‭ ‬استثمارات‭ ‬بقيمة‭ ‬2.5‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭ ‬لمواصلة‭ ‬دعم‭ ‬المؤسسات‭ ‬التونسية‭. ‬وتشمل‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬عدة‭ ‬محاور‭ ‬رئيسية‭ ‬تتعلق‭ ‬بدعم‭ ‬المؤسسات‭ ‬الصغيرة‭ ‬والمتوسطة،‭ ‬حيث‭ ‬انتفعت‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬32‭ ‬مؤسسة‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬من‭ ‬المساندة‭ ‬الفنية‭ ‬والمالية‭ ‬لتحسين‭ ‬أدائها‭. ‬كما‭ ‬تم‭ ‬مرافقة‭ ‬17‭ ‬مصمم‭ ‬أزياء‭ ‬ومساندة‭ ‬3‭ ‬مؤسسات‭ ‬ناشئة‭ ‬متخصصة‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬حلول‭ ‬تكنولوجية‭ ‬بيئية،‭ ‬ما‭ ‬يعكس‭ ‬التزام‭ ‬البرنامج‭ ‬بتشجيع‭ ‬الابتكار‭ ‬وريادة‭ ‬الأعمال‭ ‬في‭ ‬القطاع،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬تعزيز‭ ‬الاستدامة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والبيئية،‭ ‬ودعم‭ ‬المؤسسات‭ ‬لاعتماد‭ ‬تقنيات‭ ‬صديقة‭ ‬للبيئة‭ ‬والتركيز‭ ‬على‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الدائري‭.‬
وتعتبر‭ ‬التجربة‭ ‬التونسية‭ ‬جزءًا‭ ‬من‭ ‬مبادرة‭ ‬إقليمية‭ ‬تشمل‭ ‬دولًا‭ ‬مثل‭ ‬مصر،‭ ‬المغرب،‭ ‬الأردن‭ ‬وسيريلانكا‭. ‬وقد‭ ‬أكدت‭ ‬وزيرة‭ ‬الصناعة‭ ‬والطاقة‭ ‬مؤخرًا‭ ‬على‭ ‬أهمية‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬التجارب‭ ‬لتعزيز‭ ‬نجاح‭ ‬البرنامج‭ ‬وتطويره‭ ‬بما‭ ‬يتماشى‭ ‬مع‭ ‬خصوصيات‭ ‬السوق‭ ‬التونسية‭. ‬كما‭ ‬شددت‭ ‬على‭ ‬أهمية‭ ‬التعاون‭ ‬بين‭ ‬مختلف‭ ‬الفاعلين‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬لضمان‭ ‬تحقيق‭ ‬أهداف‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة‭.‬
الانتقال‭ ‬الإيكولوجي‭ ‬والرقمي
وأصبح‭ ‬التحول‭ ‬نحو‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الأخضر‭ ‬والرقمنة‭ ‬ضرورة‭ ‬ملحة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬التغيرات‭ ‬العالمية‭. ‬ويهدف‭ ‬برنامج‭ ‬إعادة‭ ‬التأهيل‭ ‬إلى‭ ‬تمكين‭ ‬المؤسسات‭ ‬التونسية‭ ‬من‭ ‬الانخراط‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المسار‭ ‬عبر‭ ‬دعم‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الدائري،‭ ‬وتقليل‭ ‬الهدر‭ ‬وإعادة‭ ‬تدوير‭ ‬المواد‭ ‬المستخدمة‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬الإنتاج،‭ ‬وتحسين‭ ‬كفاءة‭ ‬الطاقة،‭ ‬واعتماد‭ ‬تقنيات‭ ‬جديدة‭ ‬لتقليل‭ ‬استهلاك‭ ‬الطاقة‭ ‬وتعزيز‭ ‬الكفاءة‭ ‬الإنتاجية،‭ ‬واستخدام‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬لتحسين‭ ‬سلسلة‭ ‬الإنتاج‭ ‬والتوزيع‭. ‬وهذه‭ ‬الإجراءات‭ ‬لا‭ ‬تعزز‭ ‬فقط‭ ‬القدرة‭ ‬التنافسية‭ ‬للقطاع،‭ ‬بل‭ ‬تفتح‭ ‬أيضًا‭ ‬آفاقًا‭ ‬جديدة‭ ‬للولوج‭ ‬إلى‭ ‬الأسواق‭ ‬الدولية‭ ‬التي‭ ‬أصبحت‭ ‬تضع‭ ‬معايير‭ ‬صارمة‭ ‬في‭ ‬الاستدامة‭ ‬البيئية‭.‬
وبفضل‭ ‬برنامج‭ ‬إعادة‭ ‬التأهيل،‭ ‬أصبح‭ ‬قطاع‭ ‬النسيج‭ ‬والملابس‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬في‭ ‬موقع‭ ‬أفضل‭ ‬لمواجهة‭ ‬التحديات‭ ‬العالمية،‭ ‬حيث‭ ‬تمكن‭ ‬موفى‭ ‬2024‭ ‬من‭ ‬تحقيق‭ ‬إيرادات‭ ‬قياسية‭ ‬ناهزت‭ ‬9‭ ‬مليار‭ ‬دينار‭. ‬ومن‭ ‬المرجح‭ ‬أن‭ ‬يتواصل‭ ‬نسق‭ ‬نمو‭ ‬القطاع‭ ‬إلى‭ ‬مستويات‭ ‬أفضل‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬القادمة،‭ ‬بفضل‭ ‬تحسين‭ ‬الصادرات،‭ ‬وتعزيز‭ ‬الابتكار،‭ ‬ودعم‭ ‬الاستدامة،‭ ‬وضخ‭ ‬استثمارات‭ ‬طويلة‭ ‬الأمد‭ ‬تضع‭ ‬القطاع‭ ‬في‭ ‬قلب‭ ‬الجهود‭ ‬الرامية‭ ‬لتحقيق‭ ‬التنمية‭ ‬الاقتصادية‭ ‬المستدامة‭.‬
ومن‭ ‬خلال‭ ‬هذا‭ ‬البرنامج،‭ ‬أظهرت‭ ‬تونس،‭ ‬اليوم،‭ ‬قدرتها‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬التكيف‭ ‬مع‭ ‬المتغيرات‭ ‬العالمية،‭ ‬بل‭ ‬أيضًا‭ ‬استعدادها‭ ‬لتصبح‭ ‬نموذجًا‭ ‬رائدًا‭ ‬في‭ ‬صناعة‭ ‬النسيج‭ ‬والملابس‭ ‬المستدامة‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭.‬


سفيان‭ ‬المهداوي