7.2 مليار دينار تدفقت إلى تونس.. عائدات السياحة وتحويلات التونسيين بالخارج تنعش الاقتصاد الوطني
مقالات الصباح
تشهد تونس حاليا تطورا لافتا في إيرادات السياحة وتحويلات التونسيين المقيمين بالخارج، وهو ما يعكس انتعاشا اقتصاديا ملحوظا في ظل الظروف الاقتصادية الإقليمية والعالمية الصعبة. ووفقًا للبيانات النقدية والمالية التي نشرها البنك المركزي التونسي يوم الخميس 3 جويلية 2025، شهدت هذه الإيرادات نموًا قياسيًا خلال النصف الأول من العام، مما يعزز التوازنات المالية للدولة ويحفز النشاط الاقتصادي.
وبلغت تحويلات التونسيين المقيمين بالخارج حتى 30 جوان 2025 حوالي 4.01 مليار دينار، مقارنة بـ 3.7 مليار دينار في الفترة نفسها من عام 2024، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 8.39 %، إلى جانب ذلك، سجلت إيرادات القطاع السياحي زيادة مشابهة بنسبة 8.45 %، حيث ارتفعت من 3.03 مليار دينار إلى 3.28 مليار دينار خلال نفس الفترة.
بالمجمل، بلغت الإيرادات المشتركة لكل من تحويلات التونسيين بالخارج وقطاع السياحة حوالي 7.29 مليار دينار في النصف الأول من عام 2025، مقارنة بـ 6.72 مليار دينار في العام السابق. هذه الأرقام ليست مجرد مؤشرات مالية جافة، بل هي دليل على الدور الاستراتيجي الذي تلعبه هذه الموارد في دعم الاقتصاد الوطني.
تعزيز الاحتياطي النقدي
وتعد تحويلات التونسيين المقيمين بالخارج واحدة من أهم مصادر العملة الصعبة في البلاد، وهي تعكس ارتباطا وثيقا للمغتربين بوطنهم الأم. لا تقتصر أهمية هذه التحويلات على دعم العائلات التونسية التي تعتمد عليها في تحسين مستوى معيشتها وتأمين احتياجاتها الأساسية، بل تتجاوز ذلك إلى تعزيز الاحتياطي النقدي الوطني، حيث تعتبر هذه التحويلات مصدرا مهما لتوفير العملة الصعبة، مما يساهم في استقرار الميزان التجاري وتخفيف الضغط على الدينار التونسي، إلى جانب دعم الاستثمارات الصغيرة والمتوسطة، حيث تعتمد العديد من الأسر التونسية على هذه التحويلات لتمويل مشاريع صغيرة ومتوسطة، مما يخلق فرص عمل ويساهم في تقليص البطالة، فضلا عن تعزيز الإنفاق الاستهلاكي، حيث تسهم الأموال المحولة في زيادة الطلب المحلي على السلع والخدمات، مما ينعكس إيجابيا على الدورة الاقتصادية.
عودة السياحة إلى الواجهة
بعد سنوات من التحديات التي واجهها قطاع السياحة بسبب الأزمات الأمنية والجائحة العالمية، يشهد هذا القطاع انتعاشا ملحوظا، بزيادة الإيرادات السياحية بنسبة 8.45 ٪ خلال النصف الأول من عام 2025 تظهر تعافيا تدريجيا واستعادة الثقة في الوجهة التونسية. ومن بين العوامل التي ساهمت في هذا الارتفاع القياسي، تحسن الأوضاع الأمنية، وعودة الاستقرار الأمني الذي شجع السياح الأجانب على اختيار تونس كوجهة سياحية مفضلة، فضلا عن الترويج السياحي المُحكم، حيث أسهمت الحملات الترويجية المكثفة داخل الأسواق الأوروبية والعربية في تعزيز تدفق السياح، إضافة إلى تنوع المنتجات السياحية، حيث قدمت تونس خيارات سياحية متنوعة، بما في ذلك السياحة الثقافية، والاستشفائية، والبيئية.
وبات قطاع السياحة اليوم يُعتبر من الركائز الأساسية للاقتصاد الوطني، حيث يساهم في خلق فرص العمل، وتحفيز الصناعات المرتبطة به مثل النقل، والخدمات، والحرف التقليدية.
دور الإيرادات في التوازنات المالية للدولة
وتمثل الإيرادات الناتجة عن تحويلات التونسيين بالخارج والسياحة عنصرا حيويا في تحقيق التوازنات المالية للدولة. في ظل التحديات الاقتصادية المتزايدة، مثل ارتفاع نسب الدين العام والعجز التجاري، تعد هذه الموارد مصدرا استراتيجيا لدعم الاقتصاد الوطني، حيث تساهم هذه الإيرادات في تقليص العجز التجاري، حيث أن الإيرادات بالعملة الصعبة الناتجة عن هذين القطاعين تساعد في تغطية جزء كبير من فاتورة الاستيراد، مما يقلل من العجز في الميزان التجاري.
إضافة إلى استقرار سعر الصرف، فتدفق العملات الأجنبية يعزز استقرار سعر صرف الدينار التونسي، مما يخفف من الضغوط التضخمية التي تؤثر على القدرة الشرائية للمواطنين، إلى جانب تمويل الميزانية العامة، حيث تُستخدم هذه الإيرادات في دعم ميزانية الدولة وتمويل المشاريع التنموية والبنية التحتية، ودعم الاقتصاد الكلي من خلال زيادة الاستثمار في القطاعات المرتبطة بالسياحة وتحويلات المغتربين.
وعلى الرغم من هذه النتائج الإيجابية، لا يزال الاقتصاد التونسي يواجه تحديات كبيرة. من بين أبرز هذه التحديات التعامل مع الديون الخارجية، حيث أنه على الرغم من الدور الإيجابي لتحويلات المغتربين والسياحة، إلا أن تونس لا تزال تعاني من عبء الديون الخارجية، مما يتطلب سياسات مالية أكثر صرامة، كما أن التقلبات العالمية، تؤثر على السياحة خاصة التوترات الجيوسياسية، والتي باتت تشكل تحديا مستقبليا لتونس. وهناك حاجة ماسة اليوم لتعزيز استثمارات تحويلات المغتربين في مشاريع إنتاجية طويلة الأجل بدلا من اقتصارها على الاستهلاك.
مؤشرات تعزز النشاط الاقتصادي
في المقابل، توفر المؤشرات الجيدة في الإيرادات الخارجية لتونس فرصا لتطوير استراتيجيات مستدامة، من بينها تنويع الأسواق السياحية، وتعزيز الترويج السياحي في أسواق جديدة مثل آسيا وأمريكا اللاتينية، وتعزيز الشراكة مع المغتربين، وتقديم حوافز إضافية للتونسيين بالخارج للاستثمار في تونس، سواء من خلال إعفاءات ضريبية أو تسهيلات إدارية، وتحسين البنية التحتية السياحية من خلال دفع الاستثمار، وتحسين جودة الخدمات السياحية لتعزيز تنافسية القطاع.
ولا شك أن ارتفاع إيرادات السياحة وتحويلات التونسيين بالخارج يمثل نقطة مضيئة في المشهد الاقتصادي التونسي خلال عام 2025. هذه الموارد ليست مجرد أرقام مالية، بل هي شريان حياة للاقتصاد الوطني، تسهم في دعم التوازنات المالية للدولة، وتعزيز النشاط الاقتصادي، وخلق فرص عمل جديدة.
وفي ظل التحديات الاقتصادية العالمية والإقليمية، يمكن اعتبار الارتفاع القياسي في إيرادات السياحة وتحويلات التونسيين المقيمين بالخارج خلال النصف الأول من عام 2025 بمثابة نجاح استثنائي وخطوة نحو استقرار الاقتصاد الوطني. هذه الإيرادات ليست مجرد أرقام مالية، بل تعكس عمق ارتباط المغتربين بوطنهم وثقة السياح في الوجهة التونسية، ما يعزز مكانة تونس كمحور اقتصادي وسياحي في المنطقة.
ومع أن هذه الموارد الحيوية أسهمت بشكل كبير في تقليص العجز التجاري وتعزيز الاحتياطي النقدي واستقرار سعر صرف الدينار، إلا أن التحديات ما زالت قائمة، من بينها عبء الديون الخارجية والتقلبات الجيوسياسية. هذه التحديات تتطلب رؤية إستراتيجية شاملة لاستغلال هذه الإيرادات بشكل أكثر استدامة، من خلال توجيهها نحو مشاريع إنتاجية طويلة الأمد، وتعزيز البنية التحتية، وتنويع الأسواق السياحية، وتكثيف الشراكات مع المغتربين.
سفيان المهداوي
تشهد تونس حاليا تطورا لافتا في إيرادات السياحة وتحويلات التونسيين المقيمين بالخارج، وهو ما يعكس انتعاشا اقتصاديا ملحوظا في ظل الظروف الاقتصادية الإقليمية والعالمية الصعبة. ووفقًا للبيانات النقدية والمالية التي نشرها البنك المركزي التونسي يوم الخميس 3 جويلية 2025، شهدت هذه الإيرادات نموًا قياسيًا خلال النصف الأول من العام، مما يعزز التوازنات المالية للدولة ويحفز النشاط الاقتصادي.
وبلغت تحويلات التونسيين المقيمين بالخارج حتى 30 جوان 2025 حوالي 4.01 مليار دينار، مقارنة بـ 3.7 مليار دينار في الفترة نفسها من عام 2024، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 8.39 %، إلى جانب ذلك، سجلت إيرادات القطاع السياحي زيادة مشابهة بنسبة 8.45 %، حيث ارتفعت من 3.03 مليار دينار إلى 3.28 مليار دينار خلال نفس الفترة.
بالمجمل، بلغت الإيرادات المشتركة لكل من تحويلات التونسيين بالخارج وقطاع السياحة حوالي 7.29 مليار دينار في النصف الأول من عام 2025، مقارنة بـ 6.72 مليار دينار في العام السابق. هذه الأرقام ليست مجرد مؤشرات مالية جافة، بل هي دليل على الدور الاستراتيجي الذي تلعبه هذه الموارد في دعم الاقتصاد الوطني.
تعزيز الاحتياطي النقدي
وتعد تحويلات التونسيين المقيمين بالخارج واحدة من أهم مصادر العملة الصعبة في البلاد، وهي تعكس ارتباطا وثيقا للمغتربين بوطنهم الأم. لا تقتصر أهمية هذه التحويلات على دعم العائلات التونسية التي تعتمد عليها في تحسين مستوى معيشتها وتأمين احتياجاتها الأساسية، بل تتجاوز ذلك إلى تعزيز الاحتياطي النقدي الوطني، حيث تعتبر هذه التحويلات مصدرا مهما لتوفير العملة الصعبة، مما يساهم في استقرار الميزان التجاري وتخفيف الضغط على الدينار التونسي، إلى جانب دعم الاستثمارات الصغيرة والمتوسطة، حيث تعتمد العديد من الأسر التونسية على هذه التحويلات لتمويل مشاريع صغيرة ومتوسطة، مما يخلق فرص عمل ويساهم في تقليص البطالة، فضلا عن تعزيز الإنفاق الاستهلاكي، حيث تسهم الأموال المحولة في زيادة الطلب المحلي على السلع والخدمات، مما ينعكس إيجابيا على الدورة الاقتصادية.
عودة السياحة إلى الواجهة
بعد سنوات من التحديات التي واجهها قطاع السياحة بسبب الأزمات الأمنية والجائحة العالمية، يشهد هذا القطاع انتعاشا ملحوظا، بزيادة الإيرادات السياحية بنسبة 8.45 ٪ خلال النصف الأول من عام 2025 تظهر تعافيا تدريجيا واستعادة الثقة في الوجهة التونسية. ومن بين العوامل التي ساهمت في هذا الارتفاع القياسي، تحسن الأوضاع الأمنية، وعودة الاستقرار الأمني الذي شجع السياح الأجانب على اختيار تونس كوجهة سياحية مفضلة، فضلا عن الترويج السياحي المُحكم، حيث أسهمت الحملات الترويجية المكثفة داخل الأسواق الأوروبية والعربية في تعزيز تدفق السياح، إضافة إلى تنوع المنتجات السياحية، حيث قدمت تونس خيارات سياحية متنوعة، بما في ذلك السياحة الثقافية، والاستشفائية، والبيئية.
وبات قطاع السياحة اليوم يُعتبر من الركائز الأساسية للاقتصاد الوطني، حيث يساهم في خلق فرص العمل، وتحفيز الصناعات المرتبطة به مثل النقل، والخدمات، والحرف التقليدية.
دور الإيرادات في التوازنات المالية للدولة
وتمثل الإيرادات الناتجة عن تحويلات التونسيين بالخارج والسياحة عنصرا حيويا في تحقيق التوازنات المالية للدولة. في ظل التحديات الاقتصادية المتزايدة، مثل ارتفاع نسب الدين العام والعجز التجاري، تعد هذه الموارد مصدرا استراتيجيا لدعم الاقتصاد الوطني، حيث تساهم هذه الإيرادات في تقليص العجز التجاري، حيث أن الإيرادات بالعملة الصعبة الناتجة عن هذين القطاعين تساعد في تغطية جزء كبير من فاتورة الاستيراد، مما يقلل من العجز في الميزان التجاري.
إضافة إلى استقرار سعر الصرف، فتدفق العملات الأجنبية يعزز استقرار سعر صرف الدينار التونسي، مما يخفف من الضغوط التضخمية التي تؤثر على القدرة الشرائية للمواطنين، إلى جانب تمويل الميزانية العامة، حيث تُستخدم هذه الإيرادات في دعم ميزانية الدولة وتمويل المشاريع التنموية والبنية التحتية، ودعم الاقتصاد الكلي من خلال زيادة الاستثمار في القطاعات المرتبطة بالسياحة وتحويلات المغتربين.
وعلى الرغم من هذه النتائج الإيجابية، لا يزال الاقتصاد التونسي يواجه تحديات كبيرة. من بين أبرز هذه التحديات التعامل مع الديون الخارجية، حيث أنه على الرغم من الدور الإيجابي لتحويلات المغتربين والسياحة، إلا أن تونس لا تزال تعاني من عبء الديون الخارجية، مما يتطلب سياسات مالية أكثر صرامة، كما أن التقلبات العالمية، تؤثر على السياحة خاصة التوترات الجيوسياسية، والتي باتت تشكل تحديا مستقبليا لتونس. وهناك حاجة ماسة اليوم لتعزيز استثمارات تحويلات المغتربين في مشاريع إنتاجية طويلة الأجل بدلا من اقتصارها على الاستهلاك.
مؤشرات تعزز النشاط الاقتصادي
في المقابل، توفر المؤشرات الجيدة في الإيرادات الخارجية لتونس فرصا لتطوير استراتيجيات مستدامة، من بينها تنويع الأسواق السياحية، وتعزيز الترويج السياحي في أسواق جديدة مثل آسيا وأمريكا اللاتينية، وتعزيز الشراكة مع المغتربين، وتقديم حوافز إضافية للتونسيين بالخارج للاستثمار في تونس، سواء من خلال إعفاءات ضريبية أو تسهيلات إدارية، وتحسين البنية التحتية السياحية من خلال دفع الاستثمار، وتحسين جودة الخدمات السياحية لتعزيز تنافسية القطاع.
ولا شك أن ارتفاع إيرادات السياحة وتحويلات التونسيين بالخارج يمثل نقطة مضيئة في المشهد الاقتصادي التونسي خلال عام 2025. هذه الموارد ليست مجرد أرقام مالية، بل هي شريان حياة للاقتصاد الوطني، تسهم في دعم التوازنات المالية للدولة، وتعزيز النشاط الاقتصادي، وخلق فرص عمل جديدة.
وفي ظل التحديات الاقتصادية العالمية والإقليمية، يمكن اعتبار الارتفاع القياسي في إيرادات السياحة وتحويلات التونسيين المقيمين بالخارج خلال النصف الأول من عام 2025 بمثابة نجاح استثنائي وخطوة نحو استقرار الاقتصاد الوطني. هذه الإيرادات ليست مجرد أرقام مالية، بل تعكس عمق ارتباط المغتربين بوطنهم وثقة السياح في الوجهة التونسية، ما يعزز مكانة تونس كمحور اقتصادي وسياحي في المنطقة.
ومع أن هذه الموارد الحيوية أسهمت بشكل كبير في تقليص العجز التجاري وتعزيز الاحتياطي النقدي واستقرار سعر صرف الدينار، إلا أن التحديات ما زالت قائمة، من بينها عبء الديون الخارجية والتقلبات الجيوسياسية. هذه التحديات تتطلب رؤية إستراتيجية شاملة لاستغلال هذه الإيرادات بشكل أكثر استدامة، من خلال توجيهها نحو مشاريع إنتاجية طويلة الأمد، وتعزيز البنية التحتية، وتنويع الأسواق السياحية، وتكثيف الشراكات مع المغتربين.
سفيان المهداوي