إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

7.2 ‬مليار‭ ‬دينار‭ ‬تدفقت‭ ‬إلى‭ ‬تونس‭..‬ عائدات‭ ‬السياحة‭ ‬وتحويلات‭ ‬التونسيين‭ ‬بالخارج‭ ‬تنعش‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الوطني

تشهد‭ ‬تونس‭ ‬حاليا‭ ‬تطورا‭ ‬لافتا‭ ‬في‭ ‬إيرادات‭ ‬السياحة‭ ‬وتحويلات‭ ‬التونسيين‭ ‬المقيمين‭ ‬بالخارج،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يعكس‭ ‬انتعاشا‭ ‬اقتصاديا‭ ‬ملحوظا‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الظروف‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الإقليمية‭ ‬والعالمية‭ ‬الصعبة‭. ‬ووفقًا‭ ‬للبيانات‭ ‬النقدية‭ ‬والمالية‭ ‬التي‭ ‬نشرها‭ ‬البنك‭ ‬المركزي‭ ‬التونسي‭ ‬يوم‭ ‬الخميس‭ ‬3‭ ‬جويلية‭ ‬2025،‭ ‬شهدت‭ ‬هذه‭ ‬الإيرادات‭ ‬نموًا‭ ‬قياسيًا‭ ‬خلال‭ ‬النصف‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬العام،‭ ‬مما‭ ‬يعزز‭ ‬التوازنات‭ ‬المالية‭ ‬للدولة‭ ‬ويحفز‭ ‬النشاط‭ ‬الاقتصادي‭.‬

وبلغت‭ ‬تحويلات‭ ‬التونسيين‭ ‬المقيمين‭ ‬بالخارج‭ ‬حتى‭ ‬30‭ ‬جوان‭ ‬2025‭ ‬حوالي‭ ‬4‭.‬01‭ ‬مليار‭ ‬دينار،‭ ‬مقارنة‭ ‬بـ‭ ‬3‭.‬7‭ ‬مليار‭ ‬دينار‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬نفسها‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬2024،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يمثل‭ ‬زيادة‭ ‬بنسبة‭ ‬8‭.‬39‭ %‬،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬ذلك،‭ ‬سجلت‭ ‬إيرادات‭ ‬القطاع‭ ‬السياحي‭ ‬زيادة‭ ‬مشابهة‭ ‬بنسبة‭ ‬8‭.‬45‭ %‬،‭ ‬حيث‭ ‬ارتفعت‭ ‬من‭ ‬3.03‭ ‬مليار‭ ‬دينار‭ ‬إلى‭ ‬3‭.‬28‭ ‬مليار‭ ‬دينار‭ ‬خلال‭ ‬نفس‭ ‬الفترة‭.‬
بالمجمل،‭ ‬بلغت‭ ‬الإيرادات‭ ‬المشتركة‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬تحويلات‭ ‬التونسيين‭ ‬بالخارج‭ ‬وقطاع‭ ‬السياحة‭ ‬حوالي‭ ‬7‭.‬29‭ ‬مليار‭ ‬دينار‭ ‬في‭ ‬النصف‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬2025،‭ ‬مقارنة‭ ‬بـ‭ ‬6‭.‬72‭ ‬مليار‭ ‬دينار‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬السابق‭. ‬هذه‭ ‬الأرقام‭ ‬ليست‭ ‬مجرد‭ ‬مؤشرات‭ ‬مالية‭ ‬جافة،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬دليل‭ ‬على‭ ‬الدور‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬الذي‭ ‬تلعبه‭ ‬هذه‭ ‬الموارد‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الوطني‭.‬
تعزيز‭ ‬الاحتياطي‭ ‬النقدي
وتعد‭ ‬تحويلات‭ ‬التونسيين‭ ‬المقيمين‭ ‬بالخارج‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬مصادر‭ ‬العملة‭ ‬الصعبة‭ ‬في‭ ‬البلاد،‭ ‬وهي‭ ‬تعكس‭ ‬ارتباطا‭ ‬وثيقا‭ ‬للمغتربين‭ ‬بوطنهم‭ ‬الأم‭. ‬لا‭ ‬تقتصر‭ ‬أهمية‭ ‬هذه‭ ‬التحويلات‭ ‬على‭ ‬دعم‭ ‬العائلات‭ ‬التونسية‭ ‬التي‭ ‬تعتمد‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬تحسين‭ ‬مستوى‭ ‬معيشتها‭ ‬وتأمين‭ ‬احتياجاتها‭ ‬الأساسية،‭ ‬بل‭ ‬تتجاوز‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬تعزيز‭ ‬الاحتياطي‭ ‬النقدي‭ ‬الوطني،‭ ‬حيث‭ ‬تعتبر‭ ‬هذه‭ ‬التحويلات‭ ‬مصدرا‭ ‬مهما‭ ‬لتوفير‭ ‬العملة‭ ‬الصعبة،‭ ‬مما‭ ‬يساهم‭ ‬في‭ ‬استقرار‭ ‬الميزان‭ ‬التجاري‭ ‬وتخفيف‭ ‬الضغط‭ ‬على‭ ‬الدينار‭ ‬التونسي،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬دعم‭ ‬الاستثمارات‭ ‬الصغيرة‭ ‬والمتوسطة،‭ ‬حيث‭ ‬تعتمد‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأسر‭ ‬التونسية‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬التحويلات‭ ‬لتمويل‭ ‬مشاريع‭ ‬صغيرة‭ ‬ومتوسطة،‭ ‬مما‭ ‬يخلق‭ ‬فرص‭ ‬عمل‭ ‬ويساهم‭ ‬في‭ ‬تقليص‭ ‬البطالة،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬تعزيز‭ ‬الإنفاق‭ ‬الاستهلاكي،‭ ‬حيث‭ ‬تسهم‭ ‬الأموال‭ ‬المحولة‭ ‬في‭ ‬زيادة‭ ‬الطلب‭ ‬المحلي‭ ‬على‭ ‬السلع‭ ‬والخدمات،‭ ‬مما‭ ‬ينعكس‭ ‬إيجابيا‭ ‬على‭ ‬الدورة‭ ‬الاقتصادية‭.‬
عودة‭ ‬السياحة‭ ‬إلى‭ ‬الواجهة
بعد‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬واجهها‭ ‬قطاع‭ ‬السياحة‭ ‬بسبب‭ ‬الأزمات‭ ‬الأمنية‭ ‬والجائحة‭ ‬العالمية،‭ ‬يشهد‭ ‬هذا‭ ‬القطاع‭ ‬انتعاشا‭ ‬ملحوظا،‭ ‬بزيادة‭ ‬الإيرادات‭ ‬السياحية‭ ‬بنسبة‭ ‬8‭.‬45‭ ‬٪‭ ‬خلال‭ ‬النصف‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬2025‭ ‬تظهر‭ ‬تعافيا‭ ‬تدريجيا‭ ‬واستعادة‭ ‬الثقة‭ ‬في‭ ‬الوجهة‭ ‬التونسية‭. ‬ومن‭ ‬بين‭ ‬العوامل‭ ‬التي‭ ‬ساهمت‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الارتفاع‭ ‬القياسي،‭ ‬تحسن‭ ‬الأوضاع‭ ‬الأمنية،‭ ‬وعودة‭ ‬الاستقرار‭ ‬الأمني‭ ‬الذي‭ ‬شجع‭ ‬السياح‭ ‬الأجانب‭ ‬على‭ ‬اختيار‭ ‬تونس‭ ‬كوجهة‭ ‬سياحية‭ ‬مفضلة،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬الترويج‭ ‬السياحي‭ ‬المُحكم،‭ ‬حيث‭ ‬أسهمت‭ ‬الحملات‭ ‬الترويجية‭ ‬المكثفة‭ ‬داخل‭ ‬الأسواق‭ ‬الأوروبية‭ ‬والعربية‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬تدفق‭ ‬السياح،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬تنوع‭ ‬المنتجات‭ ‬السياحية،‭ ‬حيث‭ ‬قدمت‭ ‬تونس‭ ‬خيارات‭ ‬سياحية‭ ‬متنوعة،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬السياحة‭ ‬الثقافية،‭ ‬والاستشفائية،‭ ‬والبيئية‭.‬
وبات‭ ‬قطاع‭ ‬السياحة‭ ‬اليوم‭ ‬يُعتبر‭ ‬من‭ ‬الركائز‭ ‬الأساسية‭ ‬للاقتصاد‭ ‬الوطني،‭ ‬حيث‭ ‬يساهم‭ ‬في‭ ‬خلق‭ ‬فرص‭ ‬العمل،‭ ‬وتحفيز‭ ‬الصناعات‭ ‬المرتبطة‭ ‬به‭ ‬مثل‭ ‬النقل،‭ ‬والخدمات،‭ ‬والحرف‭ ‬التقليدية‭.‬
دور‭ ‬الإيرادات‭ ‬في‭ ‬التوازنات‭ ‬المالية‭ ‬للدولة
وتمثل‭ ‬الإيرادات‭ ‬الناتجة‭ ‬عن‭ ‬تحويلات‭ ‬التونسيين‭ ‬بالخارج‭ ‬والسياحة‭ ‬عنصرا‭ ‬حيويا‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬التوازنات‭ ‬المالية‭ ‬للدولة‭. ‬في‭ ‬ظل‭ ‬التحديات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬المتزايدة،‭ ‬مثل‭ ‬ارتفاع‭ ‬نسب‭ ‬الدين‭ ‬العام‭ ‬والعجز‭ ‬التجاري،‭ ‬تعد‭ ‬هذه‭ ‬الموارد‭ ‬مصدرا‭ ‬استراتيجيا‭ ‬لدعم‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الوطني،‭ ‬حيث‭ ‬تساهم‭ ‬هذه‭ ‬الإيرادات‭ ‬في‭ ‬تقليص‭ ‬العجز‭ ‬التجاري،‭ ‬حيث‭ ‬أن‭ ‬الإيرادات‭ ‬بالعملة‭ ‬الصعبة‭ ‬الناتجة‭ ‬عن‭ ‬هذين‭ ‬القطاعين‭ ‬تساعد‭ ‬في‭ ‬تغطية‭ ‬جزء‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬فاتورة‭ ‬الاستيراد،‭ ‬مما‭ ‬يقلل‭ ‬من‭ ‬العجز‭ ‬في‭ ‬الميزان‭ ‬التجاري‭.‬
إضافة‭ ‬إلى‭ ‬استقرار‭ ‬سعر‭ ‬الصرف،‭ ‬فتدفق‭ ‬العملات‭ ‬الأجنبية‭ ‬يعزز‭ ‬استقرار‭ ‬سعر‭ ‬صرف‭ ‬الدينار‭ ‬التونسي،‭ ‬مما‭ ‬يخفف‭ ‬من‭ ‬الضغوط‭ ‬التضخمية‭ ‬التي‭ ‬تؤثر‭ ‬على‭ ‬القدرة‭ ‬الشرائية‭ ‬للمواطنين،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬تمويل‭ ‬الميزانية‭ ‬العامة،‭ ‬حيث‭ ‬تُستخدم‭ ‬هذه‭ ‬الإيرادات‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬ميزانية‭ ‬الدولة‭ ‬وتمويل‭ ‬المشاريع‭ ‬التنموية‭ ‬والبنية‭ ‬التحتية،‭ ‬ودعم‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الكلي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬زيادة‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬القطاعات‭ ‬المرتبطة‭ ‬بالسياحة‭ ‬وتحويلات‭ ‬المغتربين‭.‬
وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬النتائج‭ ‬الإيجابية،‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬الاقتصاد‭ ‬التونسي‭ ‬يواجه‭ ‬تحديات‭ ‬كبيرة‭. ‬من‭ ‬بين‭ ‬أبرز‭ ‬هذه‭ ‬التحديات‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الديون‭ ‬الخارجية،‭ ‬حيث‭ ‬أنه‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬الدور‭ ‬الإيجابي‭ ‬لتحويلات‭ ‬المغتربين‭ ‬والسياحة،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬تونس‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬عبء‭ ‬الديون‭ ‬الخارجية،‭ ‬مما‭ ‬يتطلب‭ ‬سياسات‭ ‬مالية‭ ‬أكثر‭ ‬صرامة،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬التقلبات‭ ‬العالمية،‭ ‬تؤثر‭ ‬على‭ ‬السياحة‭ ‬خاصة‭ ‬التوترات‭ ‬الجيوسياسية،‭ ‬والتي‭ ‬باتت‭ ‬تشكل‭ ‬تحديا‭ ‬مستقبليا‭ ‬لتونس‭. ‬وهناك‭ ‬حاجة‭ ‬ماسة‭ ‬اليوم‭ ‬لتعزيز‭ ‬استثمارات‭ ‬تحويلات‭ ‬المغتربين‭ ‬في‭ ‬مشاريع‭ ‬إنتاجية‭ ‬طويلة‭ ‬الأجل‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬اقتصارها‭ ‬على‭ ‬الاستهلاك‭.‬
مؤشرات‭ ‬تعزز‭ ‬النشاط‭ ‬الاقتصادي
في‭ ‬المقابل،‭ ‬توفر‭ ‬المؤشرات‭ ‬الجيدة‭ ‬في‭ ‬الإيرادات‭ ‬الخارجية‭ ‬لتونس‭ ‬فرصا‭ ‬لتطوير‭ ‬استراتيجيات‭ ‬مستدامة،‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬تنويع‭ ‬الأسواق‭ ‬السياحية،‭ ‬وتعزيز‭ ‬الترويج‭ ‬السياحي‭ ‬في‭ ‬أسواق‭ ‬جديدة‭ ‬مثل‭ ‬آسيا‭ ‬وأمريكا‭ ‬اللاتينية،‭ ‬وتعزيز‭ ‬الشراكة‭ ‬مع‭ ‬المغتربين،‭ ‬وتقديم‭ ‬حوافز‭ ‬إضافية‭ ‬للتونسيين‭ ‬بالخارج‭ ‬للاستثمار‭ ‬في‭ ‬تونس،‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إعفاءات‭ ‬ضريبية‭ ‬أو‭ ‬تسهيلات‭ ‬إدارية،‭ ‬وتحسين‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬السياحية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬دفع‭ ‬الاستثمار،‭ ‬وتحسين‭ ‬جودة‭ ‬الخدمات‭ ‬السياحية‭ ‬لتعزيز‭ ‬تنافسية‭ ‬القطاع‭.‬
ولا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬ارتفاع‭ ‬إيرادات‭ ‬السياحة‭ ‬وتحويلات‭ ‬التونسيين‭ ‬بالخارج‭ ‬يمثل‭ ‬نقطة‭ ‬مضيئة‭ ‬في‭ ‬المشهد‭ ‬الاقتصادي‭ ‬التونسي‭ ‬خلال‭ ‬عام‭ ‬2025‭. ‬هذه‭ ‬الموارد‭ ‬ليست‭ ‬مجرد‭ ‬أرقام‭ ‬مالية،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬شريان‭ ‬حياة‭ ‬للاقتصاد‭ ‬الوطني،‭ ‬تسهم‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬التوازنات‭ ‬المالية‭ ‬للدولة،‭ ‬وتعزيز‭ ‬النشاط‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬وخلق‭ ‬فرص‭ ‬عمل‭ ‬جديدة‭.‬
وفي‭ ‬ظل‭ ‬التحديات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬العالمية‭ ‬والإقليمية،‭ ‬يمكن‭ ‬اعتبار‭ ‬الارتفاع‭ ‬القياسي‭ ‬في‭ ‬إيرادات‭ ‬السياحة‭ ‬وتحويلات‭ ‬التونسيين‭ ‬المقيمين‭ ‬بالخارج‭ ‬خلال‭ ‬النصف‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬2025‭ ‬بمثابة‭ ‬نجاح‭ ‬استثنائي‭ ‬وخطوة‭ ‬نحو‭ ‬استقرار‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الوطني‭. ‬هذه‭ ‬الإيرادات‭ ‬ليست‭ ‬مجرد‭ ‬أرقام‭ ‬مالية،‭ ‬بل‭ ‬تعكس‭ ‬عمق‭ ‬ارتباط‭ ‬المغتربين‭ ‬بوطنهم‭ ‬وثقة‭ ‬السياح‭ ‬في‭ ‬الوجهة‭ ‬التونسية،‭ ‬ما‭ ‬يعزز‭ ‬مكانة‭ ‬تونس‭ ‬كمحور‭ ‬اقتصادي‭ ‬وسياحي‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭.‬
ومع‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الموارد‭ ‬الحيوية‭ ‬أسهمت‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬تقليص‭ ‬العجز‭ ‬التجاري‭ ‬وتعزيز‭ ‬الاحتياطي‭ ‬النقدي‭ ‬واستقرار‭ ‬سعر‭ ‬صرف‭ ‬الدينار،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬التحديات‭ ‬ما‭ ‬زالت‭ ‬قائمة،‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬عبء‭ ‬الديون‭ ‬الخارجية‭ ‬والتقلبات‭ ‬الجيوسياسية‭. ‬هذه‭ ‬التحديات‭ ‬تتطلب‭ ‬رؤية‭ ‬إستراتيجية‭ ‬شاملة‭ ‬لاستغلال‭ ‬هذه‭ ‬الإيرادات‭ ‬بشكل‭ ‬أكثر‭ ‬استدامة،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬توجيهها‭ ‬نحو‭ ‬مشاريع‭ ‬إنتاجية‭ ‬طويلة‭ ‬الأمد،‭ ‬وتعزيز‭ ‬البنية‭ ‬التحتية،‭ ‬وتنويع‭ ‬الأسواق‭ ‬السياحية،‭ ‬وتكثيف‭ ‬الشراكات‭ ‬مع‭ ‬المغتربين‭.‬

 سفيان‭ ‬المهداوي

 

7.2 ‬مليار‭ ‬دينار‭ ‬تدفقت‭ ‬إلى‭ ‬تونس‭..‬ عائدات‭ ‬السياحة‭ ‬وتحويلات‭ ‬التونسيين‭ ‬بالخارج‭ ‬تنعش‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الوطني

تشهد‭ ‬تونس‭ ‬حاليا‭ ‬تطورا‭ ‬لافتا‭ ‬في‭ ‬إيرادات‭ ‬السياحة‭ ‬وتحويلات‭ ‬التونسيين‭ ‬المقيمين‭ ‬بالخارج،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يعكس‭ ‬انتعاشا‭ ‬اقتصاديا‭ ‬ملحوظا‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الظروف‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الإقليمية‭ ‬والعالمية‭ ‬الصعبة‭. ‬ووفقًا‭ ‬للبيانات‭ ‬النقدية‭ ‬والمالية‭ ‬التي‭ ‬نشرها‭ ‬البنك‭ ‬المركزي‭ ‬التونسي‭ ‬يوم‭ ‬الخميس‭ ‬3‭ ‬جويلية‭ ‬2025،‭ ‬شهدت‭ ‬هذه‭ ‬الإيرادات‭ ‬نموًا‭ ‬قياسيًا‭ ‬خلال‭ ‬النصف‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬العام،‭ ‬مما‭ ‬يعزز‭ ‬التوازنات‭ ‬المالية‭ ‬للدولة‭ ‬ويحفز‭ ‬النشاط‭ ‬الاقتصادي‭.‬

وبلغت‭ ‬تحويلات‭ ‬التونسيين‭ ‬المقيمين‭ ‬بالخارج‭ ‬حتى‭ ‬30‭ ‬جوان‭ ‬2025‭ ‬حوالي‭ ‬4‭.‬01‭ ‬مليار‭ ‬دينار،‭ ‬مقارنة‭ ‬بـ‭ ‬3‭.‬7‭ ‬مليار‭ ‬دينار‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬نفسها‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬2024،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يمثل‭ ‬زيادة‭ ‬بنسبة‭ ‬8‭.‬39‭ %‬،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬ذلك،‭ ‬سجلت‭ ‬إيرادات‭ ‬القطاع‭ ‬السياحي‭ ‬زيادة‭ ‬مشابهة‭ ‬بنسبة‭ ‬8‭.‬45‭ %‬،‭ ‬حيث‭ ‬ارتفعت‭ ‬من‭ ‬3.03‭ ‬مليار‭ ‬دينار‭ ‬إلى‭ ‬3‭.‬28‭ ‬مليار‭ ‬دينار‭ ‬خلال‭ ‬نفس‭ ‬الفترة‭.‬
بالمجمل،‭ ‬بلغت‭ ‬الإيرادات‭ ‬المشتركة‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬تحويلات‭ ‬التونسيين‭ ‬بالخارج‭ ‬وقطاع‭ ‬السياحة‭ ‬حوالي‭ ‬7‭.‬29‭ ‬مليار‭ ‬دينار‭ ‬في‭ ‬النصف‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬2025،‭ ‬مقارنة‭ ‬بـ‭ ‬6‭.‬72‭ ‬مليار‭ ‬دينار‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬السابق‭. ‬هذه‭ ‬الأرقام‭ ‬ليست‭ ‬مجرد‭ ‬مؤشرات‭ ‬مالية‭ ‬جافة،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬دليل‭ ‬على‭ ‬الدور‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬الذي‭ ‬تلعبه‭ ‬هذه‭ ‬الموارد‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الوطني‭.‬
تعزيز‭ ‬الاحتياطي‭ ‬النقدي
وتعد‭ ‬تحويلات‭ ‬التونسيين‭ ‬المقيمين‭ ‬بالخارج‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬مصادر‭ ‬العملة‭ ‬الصعبة‭ ‬في‭ ‬البلاد،‭ ‬وهي‭ ‬تعكس‭ ‬ارتباطا‭ ‬وثيقا‭ ‬للمغتربين‭ ‬بوطنهم‭ ‬الأم‭. ‬لا‭ ‬تقتصر‭ ‬أهمية‭ ‬هذه‭ ‬التحويلات‭ ‬على‭ ‬دعم‭ ‬العائلات‭ ‬التونسية‭ ‬التي‭ ‬تعتمد‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬تحسين‭ ‬مستوى‭ ‬معيشتها‭ ‬وتأمين‭ ‬احتياجاتها‭ ‬الأساسية،‭ ‬بل‭ ‬تتجاوز‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬تعزيز‭ ‬الاحتياطي‭ ‬النقدي‭ ‬الوطني،‭ ‬حيث‭ ‬تعتبر‭ ‬هذه‭ ‬التحويلات‭ ‬مصدرا‭ ‬مهما‭ ‬لتوفير‭ ‬العملة‭ ‬الصعبة،‭ ‬مما‭ ‬يساهم‭ ‬في‭ ‬استقرار‭ ‬الميزان‭ ‬التجاري‭ ‬وتخفيف‭ ‬الضغط‭ ‬على‭ ‬الدينار‭ ‬التونسي،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬دعم‭ ‬الاستثمارات‭ ‬الصغيرة‭ ‬والمتوسطة،‭ ‬حيث‭ ‬تعتمد‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأسر‭ ‬التونسية‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬التحويلات‭ ‬لتمويل‭ ‬مشاريع‭ ‬صغيرة‭ ‬ومتوسطة،‭ ‬مما‭ ‬يخلق‭ ‬فرص‭ ‬عمل‭ ‬ويساهم‭ ‬في‭ ‬تقليص‭ ‬البطالة،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬تعزيز‭ ‬الإنفاق‭ ‬الاستهلاكي،‭ ‬حيث‭ ‬تسهم‭ ‬الأموال‭ ‬المحولة‭ ‬في‭ ‬زيادة‭ ‬الطلب‭ ‬المحلي‭ ‬على‭ ‬السلع‭ ‬والخدمات،‭ ‬مما‭ ‬ينعكس‭ ‬إيجابيا‭ ‬على‭ ‬الدورة‭ ‬الاقتصادية‭.‬
عودة‭ ‬السياحة‭ ‬إلى‭ ‬الواجهة
بعد‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬واجهها‭ ‬قطاع‭ ‬السياحة‭ ‬بسبب‭ ‬الأزمات‭ ‬الأمنية‭ ‬والجائحة‭ ‬العالمية،‭ ‬يشهد‭ ‬هذا‭ ‬القطاع‭ ‬انتعاشا‭ ‬ملحوظا،‭ ‬بزيادة‭ ‬الإيرادات‭ ‬السياحية‭ ‬بنسبة‭ ‬8‭.‬45‭ ‬٪‭ ‬خلال‭ ‬النصف‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬2025‭ ‬تظهر‭ ‬تعافيا‭ ‬تدريجيا‭ ‬واستعادة‭ ‬الثقة‭ ‬في‭ ‬الوجهة‭ ‬التونسية‭. ‬ومن‭ ‬بين‭ ‬العوامل‭ ‬التي‭ ‬ساهمت‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الارتفاع‭ ‬القياسي،‭ ‬تحسن‭ ‬الأوضاع‭ ‬الأمنية،‭ ‬وعودة‭ ‬الاستقرار‭ ‬الأمني‭ ‬الذي‭ ‬شجع‭ ‬السياح‭ ‬الأجانب‭ ‬على‭ ‬اختيار‭ ‬تونس‭ ‬كوجهة‭ ‬سياحية‭ ‬مفضلة،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬الترويج‭ ‬السياحي‭ ‬المُحكم،‭ ‬حيث‭ ‬أسهمت‭ ‬الحملات‭ ‬الترويجية‭ ‬المكثفة‭ ‬داخل‭ ‬الأسواق‭ ‬الأوروبية‭ ‬والعربية‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬تدفق‭ ‬السياح،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬تنوع‭ ‬المنتجات‭ ‬السياحية،‭ ‬حيث‭ ‬قدمت‭ ‬تونس‭ ‬خيارات‭ ‬سياحية‭ ‬متنوعة،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬السياحة‭ ‬الثقافية،‭ ‬والاستشفائية،‭ ‬والبيئية‭.‬
وبات‭ ‬قطاع‭ ‬السياحة‭ ‬اليوم‭ ‬يُعتبر‭ ‬من‭ ‬الركائز‭ ‬الأساسية‭ ‬للاقتصاد‭ ‬الوطني،‭ ‬حيث‭ ‬يساهم‭ ‬في‭ ‬خلق‭ ‬فرص‭ ‬العمل،‭ ‬وتحفيز‭ ‬الصناعات‭ ‬المرتبطة‭ ‬به‭ ‬مثل‭ ‬النقل،‭ ‬والخدمات،‭ ‬والحرف‭ ‬التقليدية‭.‬
دور‭ ‬الإيرادات‭ ‬في‭ ‬التوازنات‭ ‬المالية‭ ‬للدولة
وتمثل‭ ‬الإيرادات‭ ‬الناتجة‭ ‬عن‭ ‬تحويلات‭ ‬التونسيين‭ ‬بالخارج‭ ‬والسياحة‭ ‬عنصرا‭ ‬حيويا‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬التوازنات‭ ‬المالية‭ ‬للدولة‭. ‬في‭ ‬ظل‭ ‬التحديات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬المتزايدة،‭ ‬مثل‭ ‬ارتفاع‭ ‬نسب‭ ‬الدين‭ ‬العام‭ ‬والعجز‭ ‬التجاري،‭ ‬تعد‭ ‬هذه‭ ‬الموارد‭ ‬مصدرا‭ ‬استراتيجيا‭ ‬لدعم‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الوطني،‭ ‬حيث‭ ‬تساهم‭ ‬هذه‭ ‬الإيرادات‭ ‬في‭ ‬تقليص‭ ‬العجز‭ ‬التجاري،‭ ‬حيث‭ ‬أن‭ ‬الإيرادات‭ ‬بالعملة‭ ‬الصعبة‭ ‬الناتجة‭ ‬عن‭ ‬هذين‭ ‬القطاعين‭ ‬تساعد‭ ‬في‭ ‬تغطية‭ ‬جزء‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬فاتورة‭ ‬الاستيراد،‭ ‬مما‭ ‬يقلل‭ ‬من‭ ‬العجز‭ ‬في‭ ‬الميزان‭ ‬التجاري‭.‬
إضافة‭ ‬إلى‭ ‬استقرار‭ ‬سعر‭ ‬الصرف،‭ ‬فتدفق‭ ‬العملات‭ ‬الأجنبية‭ ‬يعزز‭ ‬استقرار‭ ‬سعر‭ ‬صرف‭ ‬الدينار‭ ‬التونسي،‭ ‬مما‭ ‬يخفف‭ ‬من‭ ‬الضغوط‭ ‬التضخمية‭ ‬التي‭ ‬تؤثر‭ ‬على‭ ‬القدرة‭ ‬الشرائية‭ ‬للمواطنين،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬تمويل‭ ‬الميزانية‭ ‬العامة،‭ ‬حيث‭ ‬تُستخدم‭ ‬هذه‭ ‬الإيرادات‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬ميزانية‭ ‬الدولة‭ ‬وتمويل‭ ‬المشاريع‭ ‬التنموية‭ ‬والبنية‭ ‬التحتية،‭ ‬ودعم‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الكلي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬زيادة‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬القطاعات‭ ‬المرتبطة‭ ‬بالسياحة‭ ‬وتحويلات‭ ‬المغتربين‭.‬
وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬النتائج‭ ‬الإيجابية،‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬الاقتصاد‭ ‬التونسي‭ ‬يواجه‭ ‬تحديات‭ ‬كبيرة‭. ‬من‭ ‬بين‭ ‬أبرز‭ ‬هذه‭ ‬التحديات‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الديون‭ ‬الخارجية،‭ ‬حيث‭ ‬أنه‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬الدور‭ ‬الإيجابي‭ ‬لتحويلات‭ ‬المغتربين‭ ‬والسياحة،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬تونس‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬عبء‭ ‬الديون‭ ‬الخارجية،‭ ‬مما‭ ‬يتطلب‭ ‬سياسات‭ ‬مالية‭ ‬أكثر‭ ‬صرامة،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬التقلبات‭ ‬العالمية،‭ ‬تؤثر‭ ‬على‭ ‬السياحة‭ ‬خاصة‭ ‬التوترات‭ ‬الجيوسياسية،‭ ‬والتي‭ ‬باتت‭ ‬تشكل‭ ‬تحديا‭ ‬مستقبليا‭ ‬لتونس‭. ‬وهناك‭ ‬حاجة‭ ‬ماسة‭ ‬اليوم‭ ‬لتعزيز‭ ‬استثمارات‭ ‬تحويلات‭ ‬المغتربين‭ ‬في‭ ‬مشاريع‭ ‬إنتاجية‭ ‬طويلة‭ ‬الأجل‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬اقتصارها‭ ‬على‭ ‬الاستهلاك‭.‬
مؤشرات‭ ‬تعزز‭ ‬النشاط‭ ‬الاقتصادي
في‭ ‬المقابل،‭ ‬توفر‭ ‬المؤشرات‭ ‬الجيدة‭ ‬في‭ ‬الإيرادات‭ ‬الخارجية‭ ‬لتونس‭ ‬فرصا‭ ‬لتطوير‭ ‬استراتيجيات‭ ‬مستدامة،‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬تنويع‭ ‬الأسواق‭ ‬السياحية،‭ ‬وتعزيز‭ ‬الترويج‭ ‬السياحي‭ ‬في‭ ‬أسواق‭ ‬جديدة‭ ‬مثل‭ ‬آسيا‭ ‬وأمريكا‭ ‬اللاتينية،‭ ‬وتعزيز‭ ‬الشراكة‭ ‬مع‭ ‬المغتربين،‭ ‬وتقديم‭ ‬حوافز‭ ‬إضافية‭ ‬للتونسيين‭ ‬بالخارج‭ ‬للاستثمار‭ ‬في‭ ‬تونس،‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إعفاءات‭ ‬ضريبية‭ ‬أو‭ ‬تسهيلات‭ ‬إدارية،‭ ‬وتحسين‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬السياحية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬دفع‭ ‬الاستثمار،‭ ‬وتحسين‭ ‬جودة‭ ‬الخدمات‭ ‬السياحية‭ ‬لتعزيز‭ ‬تنافسية‭ ‬القطاع‭.‬
ولا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬ارتفاع‭ ‬إيرادات‭ ‬السياحة‭ ‬وتحويلات‭ ‬التونسيين‭ ‬بالخارج‭ ‬يمثل‭ ‬نقطة‭ ‬مضيئة‭ ‬في‭ ‬المشهد‭ ‬الاقتصادي‭ ‬التونسي‭ ‬خلال‭ ‬عام‭ ‬2025‭. ‬هذه‭ ‬الموارد‭ ‬ليست‭ ‬مجرد‭ ‬أرقام‭ ‬مالية،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬شريان‭ ‬حياة‭ ‬للاقتصاد‭ ‬الوطني،‭ ‬تسهم‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬التوازنات‭ ‬المالية‭ ‬للدولة،‭ ‬وتعزيز‭ ‬النشاط‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬وخلق‭ ‬فرص‭ ‬عمل‭ ‬جديدة‭.‬
وفي‭ ‬ظل‭ ‬التحديات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬العالمية‭ ‬والإقليمية،‭ ‬يمكن‭ ‬اعتبار‭ ‬الارتفاع‭ ‬القياسي‭ ‬في‭ ‬إيرادات‭ ‬السياحة‭ ‬وتحويلات‭ ‬التونسيين‭ ‬المقيمين‭ ‬بالخارج‭ ‬خلال‭ ‬النصف‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬2025‭ ‬بمثابة‭ ‬نجاح‭ ‬استثنائي‭ ‬وخطوة‭ ‬نحو‭ ‬استقرار‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الوطني‭. ‬هذه‭ ‬الإيرادات‭ ‬ليست‭ ‬مجرد‭ ‬أرقام‭ ‬مالية،‭ ‬بل‭ ‬تعكس‭ ‬عمق‭ ‬ارتباط‭ ‬المغتربين‭ ‬بوطنهم‭ ‬وثقة‭ ‬السياح‭ ‬في‭ ‬الوجهة‭ ‬التونسية،‭ ‬ما‭ ‬يعزز‭ ‬مكانة‭ ‬تونس‭ ‬كمحور‭ ‬اقتصادي‭ ‬وسياحي‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭.‬
ومع‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الموارد‭ ‬الحيوية‭ ‬أسهمت‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬تقليص‭ ‬العجز‭ ‬التجاري‭ ‬وتعزيز‭ ‬الاحتياطي‭ ‬النقدي‭ ‬واستقرار‭ ‬سعر‭ ‬صرف‭ ‬الدينار،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬التحديات‭ ‬ما‭ ‬زالت‭ ‬قائمة،‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬عبء‭ ‬الديون‭ ‬الخارجية‭ ‬والتقلبات‭ ‬الجيوسياسية‭. ‬هذه‭ ‬التحديات‭ ‬تتطلب‭ ‬رؤية‭ ‬إستراتيجية‭ ‬شاملة‭ ‬لاستغلال‭ ‬هذه‭ ‬الإيرادات‭ ‬بشكل‭ ‬أكثر‭ ‬استدامة،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬توجيهها‭ ‬نحو‭ ‬مشاريع‭ ‬إنتاجية‭ ‬طويلة‭ ‬الأمد،‭ ‬وتعزيز‭ ‬البنية‭ ‬التحتية،‭ ‬وتنويع‭ ‬الأسواق‭ ‬السياحية،‭ ‬وتكثيف‭ ‬الشراكات‭ ‬مع‭ ‬المغتربين‭.‬

 سفيان‭ ‬المهداوي