على طاولة القرار مجددا.. وضمن أولويات الإصلاح.. خطوات عملية وإرادة لإعادة الاعتبار للصحة العمومية
مقالات الصباح
شهد القطاع الصحي على مدى الأشهر الماضية تحسنا تدريجيا سواء على مستوى التجهيزات التي شملت أغلب المستشفيات أو الخدمات التي تحسنت بشكل لافت، في ظل إرادة حقيقية لمعالجة مشاكل القطاع وتطويره.
وفي هذا الإطار حمل اللقاء الأخير لرئيس الجمهورية قيس سعيّد بوزير الصحة مصطفى الفرجاني بوادر أمل جديدة في مواصلة جهود الاصلاح في قطاع يعاني من تراكمات ملفات عالقة منذ سنوات طويلة ومشاكل عميقة ومزمنة، تحتاج الى برامج عاجلة واستراتيجيات ناجعة .
ولعل ما يغذي الامال بنجاح سياسة الاصلاح وتحقيق تطلعات التونسيين رغم الصعوبات والمنظومات المترهلة هو السياسة الجديدة التي تنبني على القطع مع أساليب الماضي في التعاطي مع ملفاته التي عمقت ازماته ومشاكله، وهذا الواقع الجديد يحمل في طياته بوادر إصلاح جذري.
فمن قصر قرطاج، أعاد رئيس الدولة تسليط الضوء على أهمية الصحة كحق دستوري، وضرورة الإصلاح كأولوية وطنية، مؤكدًا أنّ المرحلة القادمة ستكون مرحلة قرارات لا مجرّد تشخيصات معلنا صراحة أنّ الصحّة في تونس لم تعد مجرّد قطاع، بل جبهة نضال تتطلّب قرارات حاسمة وخيارات وطنية جريئة.
وقد اكد رئيس الدولة مجددا على أن العمل مستمرّ على كافّة الجبهات ومن بينها القطاع الصحّي، مشدّدا على حقّ المواطن في الصحّة وعلى ضرورة اتّخاذ إجراءات عاجلة في انتظار إعادة بناء هذا المرفق العمومي من جديد في كافّة مناطق الجمهوريّة. فهذا الحقّ الدستوري بل الحقّ الإنساني يجب أن يتجسّد في أقرب الأوقات على أرض الواقع.
كما شدد رئيس الدولة على ضرورة الإسراع بوضع نظام قانوني جديد يحفظ حقوق الأطبّاء والإطار شبه الطبّي والعُمّال ويصون كرامتهم، مشيرا في هذا السياق إلى أنّ تونس تعتزّ بالخرّيجين من كليات الطبّ بل إنّ لديها مدرسة يشعّ خرّيجوها في كافّة أنحاء العالم. وخير دليل على ذلك العدد الكبير للأطباء وللإطارات شبه الطبّية الذين توجّهوا إلى العمل بالخارج، بل إنّ أعرق كلّيات الطبّ في العالم لا يتردّد المسؤولون عنها في دعوة خيرة إطاراتنا للعمل بها.
وأوضح رئيس الجمهورية أنّ تونس هي التي تُقرض عديد الدّول بما لا يمكن أن يُقدّر بثمن لا بالعملة التونسية ولا بالعملات الأجنبية. فتونس هي التي تُقرض ومع ذلك تحتاج إلى الاقتراض نتيجة لأوضاع تراكمت عبر عقود في الداخل ونتيجة لحاجة عديد الدّول إلى كفاءاتنا في الخارج على حدّ سواء، فمن الذي يُقرض من؟
وتعرّض رئيس الدّولة إلى الدّور الذي قام به عدد من الأطبّاء في تونس أثناء الحركة الوطنية في معركة التحرير من أجل الاستقلال على غرار الدكتور الحبيب ثامر وأحمد بن ميلاد الذي كان يُعرف بطبيب الفقراء وسليمان بن سليمان الذي لم يكتف بالانخراط في حركة التحرير الوطنية بل ساعد في مساندة كلّ حركات التحرّر في العالم وتوحيدة بالشيخ التي كانت تُوصف بطبيبة الفقراء إلى جانب تولّيها تأسيس جمعية الإسعاف الاجتماعي وأقامت دارا للأيتام وأخرى للمرأة وغيرهم كثير كثير، هذا فضلا عن الذين قاموا بتأسيس كلية الطبّ في تونس في أوائل سنوات الستين من القرن الماضي وتركوا مراكز عملهم في الخارج وعادوا إلى تونس ليكوّنوا النواة الأولى لمدرسة الطبّ التونسيّة.
ويبدو أن رئيس الجمهورية ماض قدما في النهوض بهذا القطاع الاستراتيجي من خلال تأكيده على أن الحق في الصحة ليس امتيازا ولا مطلبا مؤجّلا، بل التزامًا دستوريا وإنسانيا يجب أن يُترجم الآن وهنا، في كل نقطة من البلاد. فبين الدعوة إلى إجراءات عاجلة وإصلاحات هيكلية، بدا واضحًا أن رئيس الدولة يضع هذا الملف في مقدّمة أولوياته، وكأنّه يقرع جرس إنذار في وجه من لا يزال يُراكم الخطابات بدل الأفعال.
ولا شكّ أن أحد أهم المحاور التي طرحها رئيس الدولة خلال هذا اللقاء تتمثل في الدعوة إلى صياغة نظام قانوني جديد يُكرّس كرامة الطبيب والإطار شبه الطبي والعمال في المؤسسات الصحية.
وهي خطوة تحمل بعدين: إنساني ومهني، خصوصًا في ظل ما يشهده القطاع من هجرة مكثفة للكفاءات على اعتبار أن رئيس الدولة لم يكتف بالإقرار بالإشكال بل أشار إلى الحلّ من خلال كسر جدار الإحباط عبر إعادة الاعتبار لأبناء المنظومة.
فالإصلاح لا يُبنى فقط على الخطابات. ولهذا كان رئيس الجمهورية واضحا: لا بدّ من تشريعات جديدة تحفظ كرامة الإطار الطبي، وتردّ الاعتبار للمستشفى العمومي، وتطارد كل من تواطأ على إفلاسه. فالفساد في المنظومة الصحية ليس وهما، والمحاسبة ليست ترفًا سياسيًا، بل ضرورة حتمية.
من جانب آخر تحدث رئيس الجمهورية أيضا خلال هذا اللقاء عن إشعاع المدرسة الطبية التونسية، التي كوّنت أطباء تبوؤوا مواقع مرموقة في كبرى المؤسسات الصحية العالمية. وهذا الإشعاع، وإن كان مصدر اعتزاز فإنه يضع على عاتق الدولة تحديًا أكبر يتمثل في خلق بيئة داخلية جاذبة، توقف نزيف الهجرة وتحفّز الطاقات على البقاء والعطاء في الوطن، ثم أن رئيس الجمهورية وهو يثني على إشعاع المدرسة الطبية التونسية عالميا، بدا مصرًّا على أن تُستعاد هذه القُدرات إلى أرض الوطن، ضمن منظومة إصلاح متكاملة تُعيد الأمل والثقة في القطاع الصحي العمومي..
وفي هذا الجانب فإن استعادة رئيس الجمهورية خلال هذا اللقاء رموزًا طبية من الزمن الوطني الجميل: من الدكتور الحبيب ثامر إلى توحيدة بالشيخ. لم يكن ذلك حنينًا إلى الماضي وإنما دعوة لقراءة الطب كفعل وطني، كجزء من النضال لا كوظيفة تقنية فقط .
في هذا الخضم فإن من بين أبرز ما ميّز لقاء رئيس الجمهورية بوزير الصحة إعلانه الصريح والواضح بأن «الصحة العمومية ستتعافى» ، وهي جملة لا تحمل فقط طمأنة، وإنما تعبّر عن التزام سياسي مباشر بإصلاح المنظومة الصحية، وإنقاذها من حالة الإنهاك والتهميش التي طالتها لسنوات. فرئيس الجمهورية لم يكتف بتوصيف واقع الصحة، بل أعلن أن التعافي ليس احتمالاً بل هدفٌ تُرصد له الإرادة والإمكانات.
مرحلة تنطلق من الاعتراف بعمق الأزمة، لكنها تتقدّم بخطى ثابتة نحو المعالجة والإصلاح. فقد أكّد رئيس الجمهورية مرارا وتكرارا على أن الحق في العلاج لا يجب أن يكون امتيازًا ينحصر في المدن بل حقًّا مكفولًا لكل المواطنين دون تمييز، من الشمال إلى الجنوب، ومن السواحل إلى المناطق الداخلية.
ثم أن تأكيد رئيس الدولة على ضرورة الإسراع بوضع نظام قانوني جديد، يضمن حقوق الإطار الطبي وشبه الطبي، ويكرّس كرامتهم داخل مؤسساتهم، بما يساهم في تعزيز الثقة داخل المهنة وفي علاقتها بالمواطن خطوة من شأنها أن تحدث الفارق وتوقف نزيف الهجرة. وفي هذا الاتجاه جدير بالذكر أن رئيس الدولة قد أكد في مناسبات عديدة على ضرورة توفير التجهيزات اللازمة بالمستشفيات في مختلف الولايات والجهات، ومتابعة إنجاز المشاريع الصحية المبرمجة، وتطوير الخدمات المقدّمة، لتكون أكثر نجاعة وشمولا بما يشكل خطوة في مسار إعادة الاعتبار للمرفق العمومي وتحقيق عدالة صحية بين الجهات. وهنا تتجلى رؤية تبدو شاملة، تمزج بين التشريع والتجهيز والتأطير والمتابعة، في محاولة جدّية لوضع القطاع على سكة التعافي المستدام.
والإصلاح يبدأ من التشريعات التي تُمهّد الطريق لبيئة مهنية عادلة تضمن الاستقرار وتُحارب مظاهر الهجرة والاستقالة.
ولابد من الاشارة كذلك الى أن رئيس الدولة أكد على أهمية متابعة تنفيذ المشاريع الصحية المبرمجة ومراقبة مدى التقدّم في أشغال البناء، معتبرًا أنّ التقييم يجب أن يكون دائمًا، والرقابة مواكبة لكل مشروع بما يعكس إرادة واضحة في الإصلاح وعدم التغافل عن إدانة أي تقصير. ليخلص كثيرون إلى التأكيد بأن لقاء رئيس الجمهورية بوزير الصحة بقصر قرطاج كان أكثر من مجرّد اجتماع رسمي بل كان مرآة لإرادة تكابد لتعيد الحياة إلى قلب منظومة تُصارع من أجل البقاء: فوحدها المقاربة الوطنية الشاملة، القائمة على الإرادة، والمحاسبة، والجرأة التشريعية، قادرة على أن تجعل من “الحق في الصحة” واقعًا لا شعارًا..
منال حرزي
شهد القطاع الصحي على مدى الأشهر الماضية تحسنا تدريجيا سواء على مستوى التجهيزات التي شملت أغلب المستشفيات أو الخدمات التي تحسنت بشكل لافت، في ظل إرادة حقيقية لمعالجة مشاكل القطاع وتطويره.
وفي هذا الإطار حمل اللقاء الأخير لرئيس الجمهورية قيس سعيّد بوزير الصحة مصطفى الفرجاني بوادر أمل جديدة في مواصلة جهود الاصلاح في قطاع يعاني من تراكمات ملفات عالقة منذ سنوات طويلة ومشاكل عميقة ومزمنة، تحتاج الى برامج عاجلة واستراتيجيات ناجعة .
ولعل ما يغذي الامال بنجاح سياسة الاصلاح وتحقيق تطلعات التونسيين رغم الصعوبات والمنظومات المترهلة هو السياسة الجديدة التي تنبني على القطع مع أساليب الماضي في التعاطي مع ملفاته التي عمقت ازماته ومشاكله، وهذا الواقع الجديد يحمل في طياته بوادر إصلاح جذري.
فمن قصر قرطاج، أعاد رئيس الدولة تسليط الضوء على أهمية الصحة كحق دستوري، وضرورة الإصلاح كأولوية وطنية، مؤكدًا أنّ المرحلة القادمة ستكون مرحلة قرارات لا مجرّد تشخيصات معلنا صراحة أنّ الصحّة في تونس لم تعد مجرّد قطاع، بل جبهة نضال تتطلّب قرارات حاسمة وخيارات وطنية جريئة.
وقد اكد رئيس الدولة مجددا على أن العمل مستمرّ على كافّة الجبهات ومن بينها القطاع الصحّي، مشدّدا على حقّ المواطن في الصحّة وعلى ضرورة اتّخاذ إجراءات عاجلة في انتظار إعادة بناء هذا المرفق العمومي من جديد في كافّة مناطق الجمهوريّة. فهذا الحقّ الدستوري بل الحقّ الإنساني يجب أن يتجسّد في أقرب الأوقات على أرض الواقع.
كما شدد رئيس الدولة على ضرورة الإسراع بوضع نظام قانوني جديد يحفظ حقوق الأطبّاء والإطار شبه الطبّي والعُمّال ويصون كرامتهم، مشيرا في هذا السياق إلى أنّ تونس تعتزّ بالخرّيجين من كليات الطبّ بل إنّ لديها مدرسة يشعّ خرّيجوها في كافّة أنحاء العالم. وخير دليل على ذلك العدد الكبير للأطباء وللإطارات شبه الطبّية الذين توجّهوا إلى العمل بالخارج، بل إنّ أعرق كلّيات الطبّ في العالم لا يتردّد المسؤولون عنها في دعوة خيرة إطاراتنا للعمل بها.
وأوضح رئيس الجمهورية أنّ تونس هي التي تُقرض عديد الدّول بما لا يمكن أن يُقدّر بثمن لا بالعملة التونسية ولا بالعملات الأجنبية. فتونس هي التي تُقرض ومع ذلك تحتاج إلى الاقتراض نتيجة لأوضاع تراكمت عبر عقود في الداخل ونتيجة لحاجة عديد الدّول إلى كفاءاتنا في الخارج على حدّ سواء، فمن الذي يُقرض من؟
وتعرّض رئيس الدّولة إلى الدّور الذي قام به عدد من الأطبّاء في تونس أثناء الحركة الوطنية في معركة التحرير من أجل الاستقلال على غرار الدكتور الحبيب ثامر وأحمد بن ميلاد الذي كان يُعرف بطبيب الفقراء وسليمان بن سليمان الذي لم يكتف بالانخراط في حركة التحرير الوطنية بل ساعد في مساندة كلّ حركات التحرّر في العالم وتوحيدة بالشيخ التي كانت تُوصف بطبيبة الفقراء إلى جانب تولّيها تأسيس جمعية الإسعاف الاجتماعي وأقامت دارا للأيتام وأخرى للمرأة وغيرهم كثير كثير، هذا فضلا عن الذين قاموا بتأسيس كلية الطبّ في تونس في أوائل سنوات الستين من القرن الماضي وتركوا مراكز عملهم في الخارج وعادوا إلى تونس ليكوّنوا النواة الأولى لمدرسة الطبّ التونسيّة.
ويبدو أن رئيس الجمهورية ماض قدما في النهوض بهذا القطاع الاستراتيجي من خلال تأكيده على أن الحق في الصحة ليس امتيازا ولا مطلبا مؤجّلا، بل التزامًا دستوريا وإنسانيا يجب أن يُترجم الآن وهنا، في كل نقطة من البلاد. فبين الدعوة إلى إجراءات عاجلة وإصلاحات هيكلية، بدا واضحًا أن رئيس الدولة يضع هذا الملف في مقدّمة أولوياته، وكأنّه يقرع جرس إنذار في وجه من لا يزال يُراكم الخطابات بدل الأفعال.
ولا شكّ أن أحد أهم المحاور التي طرحها رئيس الدولة خلال هذا اللقاء تتمثل في الدعوة إلى صياغة نظام قانوني جديد يُكرّس كرامة الطبيب والإطار شبه الطبي والعمال في المؤسسات الصحية.
وهي خطوة تحمل بعدين: إنساني ومهني، خصوصًا في ظل ما يشهده القطاع من هجرة مكثفة للكفاءات على اعتبار أن رئيس الدولة لم يكتف بالإقرار بالإشكال بل أشار إلى الحلّ من خلال كسر جدار الإحباط عبر إعادة الاعتبار لأبناء المنظومة.
فالإصلاح لا يُبنى فقط على الخطابات. ولهذا كان رئيس الجمهورية واضحا: لا بدّ من تشريعات جديدة تحفظ كرامة الإطار الطبي، وتردّ الاعتبار للمستشفى العمومي، وتطارد كل من تواطأ على إفلاسه. فالفساد في المنظومة الصحية ليس وهما، والمحاسبة ليست ترفًا سياسيًا، بل ضرورة حتمية.
من جانب آخر تحدث رئيس الجمهورية أيضا خلال هذا اللقاء عن إشعاع المدرسة الطبية التونسية، التي كوّنت أطباء تبوؤوا مواقع مرموقة في كبرى المؤسسات الصحية العالمية. وهذا الإشعاع، وإن كان مصدر اعتزاز فإنه يضع على عاتق الدولة تحديًا أكبر يتمثل في خلق بيئة داخلية جاذبة، توقف نزيف الهجرة وتحفّز الطاقات على البقاء والعطاء في الوطن، ثم أن رئيس الجمهورية وهو يثني على إشعاع المدرسة الطبية التونسية عالميا، بدا مصرًّا على أن تُستعاد هذه القُدرات إلى أرض الوطن، ضمن منظومة إصلاح متكاملة تُعيد الأمل والثقة في القطاع الصحي العمومي..
وفي هذا الجانب فإن استعادة رئيس الجمهورية خلال هذا اللقاء رموزًا طبية من الزمن الوطني الجميل: من الدكتور الحبيب ثامر إلى توحيدة بالشيخ. لم يكن ذلك حنينًا إلى الماضي وإنما دعوة لقراءة الطب كفعل وطني، كجزء من النضال لا كوظيفة تقنية فقط .
في هذا الخضم فإن من بين أبرز ما ميّز لقاء رئيس الجمهورية بوزير الصحة إعلانه الصريح والواضح بأن «الصحة العمومية ستتعافى» ، وهي جملة لا تحمل فقط طمأنة، وإنما تعبّر عن التزام سياسي مباشر بإصلاح المنظومة الصحية، وإنقاذها من حالة الإنهاك والتهميش التي طالتها لسنوات. فرئيس الجمهورية لم يكتف بتوصيف واقع الصحة، بل أعلن أن التعافي ليس احتمالاً بل هدفٌ تُرصد له الإرادة والإمكانات.
مرحلة تنطلق من الاعتراف بعمق الأزمة، لكنها تتقدّم بخطى ثابتة نحو المعالجة والإصلاح. فقد أكّد رئيس الجمهورية مرارا وتكرارا على أن الحق في العلاج لا يجب أن يكون امتيازًا ينحصر في المدن بل حقًّا مكفولًا لكل المواطنين دون تمييز، من الشمال إلى الجنوب، ومن السواحل إلى المناطق الداخلية.
ثم أن تأكيد رئيس الدولة على ضرورة الإسراع بوضع نظام قانوني جديد، يضمن حقوق الإطار الطبي وشبه الطبي، ويكرّس كرامتهم داخل مؤسساتهم، بما يساهم في تعزيز الثقة داخل المهنة وفي علاقتها بالمواطن خطوة من شأنها أن تحدث الفارق وتوقف نزيف الهجرة. وفي هذا الاتجاه جدير بالذكر أن رئيس الدولة قد أكد في مناسبات عديدة على ضرورة توفير التجهيزات اللازمة بالمستشفيات في مختلف الولايات والجهات، ومتابعة إنجاز المشاريع الصحية المبرمجة، وتطوير الخدمات المقدّمة، لتكون أكثر نجاعة وشمولا بما يشكل خطوة في مسار إعادة الاعتبار للمرفق العمومي وتحقيق عدالة صحية بين الجهات. وهنا تتجلى رؤية تبدو شاملة، تمزج بين التشريع والتجهيز والتأطير والمتابعة، في محاولة جدّية لوضع القطاع على سكة التعافي المستدام.
والإصلاح يبدأ من التشريعات التي تُمهّد الطريق لبيئة مهنية عادلة تضمن الاستقرار وتُحارب مظاهر الهجرة والاستقالة.
ولابد من الاشارة كذلك الى أن رئيس الدولة أكد على أهمية متابعة تنفيذ المشاريع الصحية المبرمجة ومراقبة مدى التقدّم في أشغال البناء، معتبرًا أنّ التقييم يجب أن يكون دائمًا، والرقابة مواكبة لكل مشروع بما يعكس إرادة واضحة في الإصلاح وعدم التغافل عن إدانة أي تقصير. ليخلص كثيرون إلى التأكيد بأن لقاء رئيس الجمهورية بوزير الصحة بقصر قرطاج كان أكثر من مجرّد اجتماع رسمي بل كان مرآة لإرادة تكابد لتعيد الحياة إلى قلب منظومة تُصارع من أجل البقاء: فوحدها المقاربة الوطنية الشاملة، القائمة على الإرادة، والمحاسبة، والجرأة التشريعية، قادرة على أن تجعل من “الحق في الصحة” واقعًا لا شعارًا..
منال حرزي