بحضور وزير الاقتصاد والتخطيط سمير عبد الحفيظ، عقد مجلس نواب الشعب طيلة أمس جلسة عامة بقصر باردو للنظر في مشروع قانون يتعلق بالموافقة على اتفاقية القرض المبرمة بتاريخ 24 سبتمبر 2024 بين الجمهورية التونسية والوكالة الفرنسية للتنمية بمبلغ قدره 50 مليون أورو للمساهمة في تمويل مشروع تعصير الديوان الوطني للحماية المدنية.
وخلال النقاش العام لهذا المشروع طالب النواب بدعم الديوان الوطني للحماية المدنية بالموارد البشرية الكافية وبالمعدات اللازمة والتجهيزات العصرية التي تمكن أعوان الديوان من تقديم خدمات النجدة والإنقاذ وإطفاء الحرائق والتوقي من الكوارث بالسرعة المطلوبة، وهناك من دعا إلى الترخيص في استعمال آلة الدرون وأشار العديد منهم إلى أنه كان بالإمكان في قليبية إنقاذ الطلفة مريم من الغرق لو تم استعمال تقنيات حديثة.
كما تمحورت مداخلات عدد كبير من النواب حول المشاريع المعطلة ومخطط التنمية 2026-2030 وهناك من دعوا إلى ضرورة دعم التعاون والتكامل والانسجام بين الوظيفتين التشريعية والتنفيذية، ولم يخف بعضهم انزعاجهم من غياب التواصل بين النواب والحكومة وذهبت النائبة سيرين المرابط إلى أبعد من ذلك إذ أنها لوحت بالاستقالة من المجلس النيابي في صورة تواصل نفس الوضع إلى غاية شهر ديسمبر المقبل.
النائب أحمد بنور عن «كتلة الأحرار» قال إن مصالح الديوان الوطني للحماية المدنية تتسوغ مبنى في البحيرة بقيمة 700 ألف دينار في السنة، وهي تستعد لبناء مقر جديد بكلفة 40 مليون دينار ولاحظ وجود ظاهرة تتمثل في كراء المقرات الإدارية في أحياء راقية كما لو أنه لا يمكن للإدارة العمل في صورة وجود مقرها بالملاسين أو غيره من الأحياء الشعبية ودعا إلى التقشف. وتحدث النائب عن العقار الذي تم تخصيصه للحماية المدنية بمنطقة طبلبلة لكن الديوان عجز عن توفير 120 ألف دينار لإقامة فرع في هذه المنطقة ولاحظ أن معاليم الأكرية تستهلك ميزانية الديوان. وأشار بنور إلى حالات الغرق والوفيات التي تم تسجيلها في الشواطئ ووصف تدخلات مصالح الحماية المدنية بالهشة وذكر أن الأمر لم يختلف عما حصل مع مركب البركة بالمهدية إذ تم اعتماد وسائل بدائية في عمليات الإنقاذ وطالب بأن يتم في المستقبل توفير معدات حديثة من طائرات ودرون وبواخر والكف عن استخدام المعدات البدائية. وأشار إلى تسجيل نقص في الموارد البشرية بالإدارة الجهوية للحماية المدنية بالمهدية فعدد الأعوان ضئيل جدا، حسب قوله، وطالب بتعزيز هذه الإدارة بالإطارات والأعوان وتساءل عن سبب النقص المسجل في عدد السباحين المنقذين بما تسبب في ارتفاع عدد الغرقى، ويرى أن عزوف السباحين المنقذين يعود إلى ضعف المنحة المسندة إليهم. وأكد النائب على ضرورة التعجيل بتأسيس جمعية المتطوعين في الحماية المدنية بالمهدية، وإحداث فرقة للحماية المدنية بمعتمدية شربان، كما تحدث بنور على ضرورة انتداب حوالي 2000 عون حماية مدنية بصفة استثنائية خاصة بعد إحالة ثلث موظفي الديوان وإطاراته على شرف المهنة خلال السنوات الأخيرة. وطالب الإدارة العامة للديوان بتمكين الإدارة الجهوية بالمهدية من القسط الثاني المخصص لتحسين المقر وتوسيعه. وذكر أنه في إطار سياسة التعويل على الذات يمكن الاستغناء عن القروض من خلال تكوين المسعفين وذلك بفرض شهادة مسعف لكل من يتقدم بمطلب للحصول على رخصة السياقة على أن يتم التكوين بمقابل يسند لمصالح الحماية المدنية وبهذه الكيفية يمكن توفير خمسة أو ستة ملايين مسعف في تونس.
تواصل الاقتراض
وعبر هشام حسني النائب غير المنتمي إلى كتل عن أسفه لأن الجلسة العامة ليوم أمس مخصصة للمصادقة على قرض جديد وهو ما يتضارب مع شعار التعويل على الذات. وبين أن قيمة هذا القرض تعادل 170 مليون دينار وذكر أن اللجنة ناقشت أول أمس قرضا آخر بقيمة 150 مليون دينار وهو لفائدة الشركة التونسية للكهرباء والغاز، وذكر أنه في صورة عجز الدولة فعلا عن تجميع هذه المبالغ الضعيفة فهذا يدل على وجود مشكل. ولاحظ حسني أن تعريفات خدمات الحماية المدنية في حاجة إلى المراجعة لأنها لا تغطي الكلفة. وتساءل أين الإصلاح الإداري وكيف يتم التعاطي مع الإدارات التي تعطل انجاز المشاريع وهل يوجد تصور لاستغلال الأراضي الصحراوية الشاسعة التي تمتد على 40 ألف كلم مربع وهل تم رسم تصور لتوظيفها على غرار ما حصل في رجيم معتوق وهل توجد إستراتيجية لدمج الاقتصاد الموازي لأن أكثر من خمسين بالمائة من أنشطة التجارة في تونس غير خاضعة للضرائب في وقت مازالت فيه موارد الدولة ضعيفة جدا. ويرى النائب هشام حسني أنه يجب توسيع القاعدة الضريبية من خلال التشجيع على الانتصاب الحر وإدماج الأسواق الموازية وتكثيف الرقابة. وطالب برفع القيود على التحويلات بالخارج.
أما أسماء الدرويش النائبة عن كتلة الأمانة والعمل فقد توجهت برسالة إلى رئيس الجمهورية ورئيسة الحكومة ورئيس مجلس نواب الشعب والنواب والوزراء لتنبيههم بأن تونس تمر بمرحلة دقيقة وخطيرة في آن واحد، إذ أصبح العنوان الأساسي للمشهد السياسي حسب رأيها، غياب الانسجام والتنسيق بين مؤسسات الدولة، وذكرت أن السلطة التنفيذية تشتغل بصفة منفردة فيما تم تقليص دور السلطة التشريعية التي من المفروض أن تكون صوت الشعب والمدافع عن إرادته وليست مجرد فضاء للمصادقة على نصوص جاهزة دون نقاش عميق أو تعديل جوهري. وأضافت أنه في ظل هذا الوضع تواصل الإدارة العميقة عملها فتتحول القرارات الوطنية إلى مجرد حبر على ورق وتظل المشاريع معلقة أو متعثرة بينما يغرق المواطن في البيروقراطية والتهيمش أما البرامج التنموية فهي في أغلب الأحيان مشاريع معلن عنها في ندوات صحفية لكنها تبقى حبرا على ورق. وتساءلت النائبة عن مآل القروض التي صادق عليها المجلس النيابي الحالي وعن تلك المليارات التي تحولت إلى دين يثقل كاهل الشعب والأجيال القادمة ولماذا لا يوجد لهذه القروض أثر ملموس في تحسين البنية التحتية ومستوى العيش. وقالت الدرويش إن الشعب التونسي سئم من الشعارات وخطابات الأزمة والوعود المؤجلة وهو يريد حلولا عملية وإصلاحات شجاعة ودولة تعمل بمؤسساتها لا بأفرادها وأكدت على الدور المحوري للمجلس النيابي في المشاركة الفعلية في صياغة كل مخططات التنمية حتى تكون ملائمة للتشريعات وتستجيب لحاجيات الجهات والمواطنين. وأكدت النائبة أن دور البرلمان ليس مجرد المصادقة على النصوص وأنه ليس خصما لرئاسة الجمهورية بل هو شريكها الطبيعي المكمل لها وشددت على ضرورة عمل الوظيفتين التشريعية والتنفيذية الند بالند في إطار الاحترام المتبادل والتواصل المستمر لأن هدف الجميع واحد وهو تشييد تونس قوية عادلة بمؤسساتها. وأضافت أنه لا مجال للحسابات الضيقة والاستفراد بالقرار أو تهميش صوت الشعب المعبر عنه في قاعة البرلمان. وعبرت عن عزم النواب مواصلة النضال من أجل تشييد تونس جديدة لأن تونس تستحق أن تصان وأن تبقى حرة أبية قوية بمؤسساتها وعزيزة بشعبها.
نقائص كثيرة
النائب عادل ضياف عن كتلة «صوت الجمهورية» أتى في مداخلته على جملة النقائص التي تشكو منها الحماية المدنية. وبين أن القرض المعروض على الجلسة العامة هو قرض تنموي. وأضاف أنه من المهم دعم الديوان الوطني للحماية المدنية والاهتمام بالمقر لكن الصعوبات التي تعترض الديوان كثيرة إذ يوجد نقص في الموارد البشرية في حدود 40 بالمائة ونقص في المعدات، ولاحظ أن المصبات المتاخمة للغابات والمزارع تشكل خطرا كبيرا ونبه إلى أنه في حال تواصل النقص المسجل على مستوى الموارد البشرية والمعدات فستكون العواقب وخيمة. كما لاحظ النائب وجود نقص في البنية التحتية من طرائد نارية ومسالك غابية ونقاط المياه إذ توجد حسب قوله نقطة مياه وحيدة لكل خمسمائة هكتار إذ يبلغ عدد النقاط 355 نقطة مياه فقط وهو ما يمثل 26 بالمائة من الحاجيات. ودعا ضياف إلى تكثيف عدد نقاط المياه كما تحدث عن مشكل اقتراب المناطق السكنية من الغابات وما ينجر عنه من حرائق، وذكر أنه يوجد نقص في المعدات الثقيلة وفي شاحنات الإطفاء اختصاص حرائق غابات، فضلا عن عدم توفير إعتمادات مالية لتغطية المصاريف الناجمة عن مجابهة حرائق الغابات. ولاحظ أن المطلوب من الديوان هو الاشتغال على محور حرائق الغابات ومحور الاستعداد للموسم الصيفي وفي هذا الصدد يجب عليه توفير المتطوعين وتحفيزهم بمنح مالية وبرمجة دورات تكوينية لفائدتهم والقيام بزيارات ميدانية للمناطق الواحية والغابات وتعيين دوريات مشتركة بين الحماية المدنية والحرس الوطني وإدارة الغابات.
أما على مستوى التدخل العملياتي فدعا النائب إلى القيام بعمليات بيضاء مشتركة لتقييم الجاهزية وتشكيل لجان مشتركة مع الجانب الجزائري لتأمين الحدود واقترح النظر في إمكانية إحداث مراكز حدودية مشتركة للتنسيق العملياتي مع إرساء منظومة رصد مبكر تغطي جميع المناطق الحدودية.
وبين النائب عادل ضياف أنه على مستوى المحور الثاني المتعلق بالاستعداد للموسم الصيفي فإنه لو كانت هناك معدات تكنولوجية متطورة وإتاحة إمكانية استعمال «الدرون» لما أدى غرق الطفلة مريم إلى وفاتها. ودعا النائب إلى الترفيع في عدد أعوان الحماية المدنية المكلفين بالإشراف على الشواطئ وعدد السباحين المنقذين وانتداب سباحين منقذين ويرى أنه يجب تنقيح مجلة الجماعات المحلية في اتجاه إدراج هذه النفقات ضمن الاختصاصات الضبطية للمكلفين بتسيير شؤون البلدية ودعا إلى إقرار خطة شاملة للنجدة عبر الطرقات عبر تركيز مراكز متقدمة للنجدة والإنقاذ بالنقاط السوداء وإحداث نقاط نجدة وإسعاف إضافية أيام السبت والأحد والعطل. كما أشار النائب إلى أن الحماية المدنية لديها خطة إستراتيجية تمتد إلى أفق 2030 ودعا إلى تخصيص القرض لتنفيذ هذه الخطة.
التغيرات المناخية
وأشار سامي الرايس النائب عن الكتلة «الوطنية المستقلة» إلى أهمية اتفاقية القرض المخصص لتمويل مشروع تعصير الديوان الوطني للحماية المدنية خاصة من حيث تجديد قاعة العمليات وتركيز مراكز جهوية للحماية المدنية ببقية الجهات لتقريب الخدمات من المواطن وحماية أرزاقهم وحماية الصابة وغيرها، واستدرك قائلا إنه من خلال وثيقة شرح الأسباب والتقرير الذي أعدته لجنة المالية والميزانية حول مشروع القانون يمكنه الإشارة إلى أن بلدان البحر الأبيض المتوسط هي من البلدان التي تتأثر بالتغيرات المناخية والكوارث وهناك توقعات بارتفاع الحرارة بخمس درجات وفيضانات بحلول 2050. وأضاف أنه من المهم طرح هذا الموضوع في الوقت الذي تتم فيه مراجعة أمثلة التهيئة العمرانية ومجلة التهيئة الترابية إذ يجب أخذ هذه التوقعات بعين الاعتبار خاصة أمام اكتساح البناء الفوضوي للسواحل في ظل نقص في عدد أعوان المراقبة وفي الوسائل والمعدات. وقال الرايس إنه عند إعداد المخططات التنموية المرتقبة يجب تشريك ديوان الحماية المدنية ويجب أن يكون الديوان من الفاعلين في إعداد أمثلة التهيئة العمرانية وذلك مع الأخذ بعين الاعتبار المناطق التي اكتسحتها البنايات الفوضوية. وذكر أن المواطنين ليست لهم دراية بالدراسة المتعلقة بتأثير التغيرات المناخية على بلدان حوض المتوسط في غضون 2050 وهو ما يتطلب من الوزارات المعنية العمل في إطار إستراتيجية متكاملة تأخذ بعين الاعتبار ما ورد في هذه الدراسة. وتحدث النائب في مداخلته عن الأرواح التي أزهقت خلال الأيام الماضية في الشواطئ وأشار إلى عدم وجود سباحين منقذين في شواطئ ولاية نابل نظرا لضعف الأجور ودعا إلى الترفيع فيها. وانتهز النائب فرصة حضور وزير الاقتصاد والتخطيط وتساءل عن مدى التقدم في تنفيذ ميزانية الدولة لسنة 2025.
السيادة المالية
النائب أحمد السعيداني عن كتلة «الخط الوطني السيادي» قال إنه لن يغير موقفه من القروض التي تجسد بوضوح البون الشاسع بين ما يطرحه رئيس الجمهورية عند تأكيده على ضرورة تكريس السيادة الوطنية والتمسك بالسيادة المالية والنقدية وبين ما تقترحه الحكومة ذات الممارسات التفريطية. وأشار إلى أن رئيس الجمهورية هو الذي يتحمل المسؤولية السياسية، وفسر أن رئيس الجمهورية عندما يقول إن قانون المالية القادم يجب أن يكون قانونا ثوريا فكيف سيحصل ذلك في الوقت الذي تم فيه تعيين قاضية على رأس وزارة المالية. وتحدث النائب في مداخلته عن الوضعية الصحية لطفل من ماطر والده عون أمن ووالدته تشتغل في الحماية المدنية وقال إن الأطباء عجزوا عن علاجه في تونس وتقدر كلفة علاجه بالخارج بنحو 238 ألف دينار وطالب السعيداني رئيس الجمهورية بالتدخل ودعا أهالي ماطر إلى تجميع هذا المبلغ في صورة عدم تكفل الدولة بعلاج هذا الطفل.
أهداف القرض
وقبل الشروع في النقاش العام لمشروع القانون المتعلق بالموافقة على اتفاقية القرض المبرمة بتاريخ 24 سبتمبر 2024 بين الجمهورية التونسية والوكالة الفرنسية للتنمية للمساهمة في تمويل مشروع تعصير الديوان الوطني للحماية المدنية، قدم محمد بين حسين مقرر لجنة المالية والميزانية تقريرا حول هذا المشروع وأشار بالخصوص إلى أن تمويل مشروع تعصير الديوان الوطني للحماية المدنية يندرج في إطار جهود الدولة الرامية إلى الاستعداد للتوقي من الكوارث الطبيعية المرتبطة بالتغيرات المناخية ومنها التي تحصل خاصة بعد موجات الحر والفيضانات والحرائق التي بدأت تجتاح البلاد في السنوات الأخيرة، سواء على مستوى إعداد الاستراتجيات الوطنية أو من خلال توفير الوسائل والإمكانيات اللازمة للتدخل الميداني.
ويهدف مشروع تعصير ديوان الحماية المدنية حسب قوله إلى دعم قدرات تدخل الديوان الوطني للحماية المدنية من خلال انجاز العناصر التالية:
ـ بناء المقر الاجتماعي للديوان إذ أقرت دراسة جدوى المشروع ضرورة بناء مقر اجتماعي جديد نظرا لضيق المقر الحالي المستغل على وجه التسويغ وهو لا يسمح بتجميع كل الإدارات في مكان واحد وهو ما أثر على نجاعة التدخل وتسبب في ارتفاع كلفة التسيير. وسيمكن بناء مقر جامع لكل الإدارات من تخصيص طابق لقاعة العمليات ومركزين لمعالجة نداءات الاستغاثة وقاعة لتنسيق عمليات التدخل وقاعة أخرى خاصة بالأزمات من ستتم تهيئة فضاء آخر سيقع استغلاله كمطعم خاص بالأعوان والإطارات.
ـ تطوير منظومة التصرف في طلبات النجدة: وتتوفر المنظومة الحالية على مركز عمليات في المقر الحالي للديوان و24 مركز نداء في الإدارات الجهوية ورقم طوارئ وطني واحد 198 ويعمل النظام الحالي في معظمه بطرق يدوية لا تؤدي بالضرورة إلى تطبيق نفس الإجراءات من طرف كل العاملين بالمنظومة ولا تمكن من تطوير أي منظومة تترك أثرا لمختلف التدخلات وتسمح بتوفير إحصائيات في الغرض وبالتالي تأكدت أهمية إرساء منظومة تصرف رقمية وذلك من خلال اقتناء تجهيزات وبرمجيات تضمن نجاعة وسرعة في التدخل وتمكن من توفير كل المعطيات والمعلومات اللازمة.
ـ بناء مقر الوحدة المختصة للحماية المدنية وتجهيزها: ويتمثل مجال تدخل هذه الوحدة التي تعتبر فريق النخبة بالنسبة إلى الديوان الوطني للحماية المدنية أساسا في عمليات الإنقاذ المعقدة والتدخل عند الكوارث الكبرى الطبيعية أو الصناعية وتقديم الدعم في بعض العمليات الخاصة لباقي أعوان الحماية المدنية. وتمكنت هذه الوحدة المختصة بفضل حصولها على شهادة اعتماد من المجموعة الاستشارية الدولية للبحث والإنقاذ من المشاركة في عمليات إنقاذ بالخارج منها عمليات تمت سنة 2023 في تركيا وسوريا وليبيا. ولتمكين هذه الوحدة من التدرب وتنفيذ المهام الموكولة إليها بكفاءة ونجاعة سيتم من خلال المشروع إنشاء قاعة رئيسية ووحدة مختصة فرعية وتوفير وسائل تدخل وتجهيزات ستساهم في تطوير قدرات الوحدة في العمليات الميدانية.
ـ بناء مدرسة التكوين القاعدي لضباط الصف بالزريبة وتجهيزها: إذ أقرت دراسة جدوى المشروع أهمية هذا العنصر في تلافي النقائص الموجودة إلى حد الآن في علاقة بالمناهج المعتمدة بهذه المدرسة حيث طغى على التكوين الجانب النظري بسبب قلة الإمكانيات وسيمكن المشروع مدرسة التكوين القاعدي من طرق تكوين تعتمد على محاكاة الأوضاع الميدانية القريبة من الواقع.
وبعد تقديم مختلف عناصر مشروع تعصير الديوان الوطني للحماية المدنية أشار محمد بن حسين مقرر لجنة المالية والميزانية إلى أن هذا المشروع سيتم تمويل مختلف عناصره بواسطة قرض مباشر لفائدة الدولة بقيمة 50 مليون أورو ممنوح من قبل الوكالة الفرنسية للتنمية ويتم وضع هذا المبلغ في شكل هبة على ذمة الديوان بمقتضى اتفاق يبرم في الغرض. ولمرافقة انجاز المشروع وتوفير الدعم الفني لمخلف عناصره بالتعاون مع مكتب دراسات فرنسي خصصت الوكالة الفرنسية للتنمية هبة بملغ قدره واحد فاصل خمسة مليون أورو. ويتم تحديد أو تثبيت نسبة الفائدة عند كل عملية سحب وبالنسبة إلى فترة السداد فتمتد حسب قوله على 20 سنة بما فيها فترة إمهال بسبع سنوات وتبلغ عمولة التعهد صفر فاصل 25 بالمائة تحتسب على المبالغ غير المسحوبة بعد انتهاء أجل ستة أشهر من تاريخ التوقيع وتبلغ نسبة عمولة دراسة الملف صفر فاصل 25 بالمائة، وحدد آخر أجل لسحب القسط الأول بيوم 24 سبتمبر 2025 وحدد آخر أجل لسحب مبلغ القرض بيوم 31 ديسمبر 2030.
كما تضمن تقرير لجنة المالية والميزانية حول مشروع القانون المعروض على أنظار الجلسة العامة حوصلة للنقاشات التي دارت صلب اللجنة خلال جلسة الاستماع لممثلين عن وزارة الاقتصاد والتخطيط وعن الديوان الوطني للحماية المدنية. كما تضمن التقرير في الجزء الذي تلاه عصام شوشان نائب رئيس اللجنة حصيلة جلسة اللجنة بتاريخ يوم الخميس 19 جوان 2025 وقد خصصت هذه الجلسة للاستماع إلى المدير العام للديوان الوطني للحماية المدنية وإلى ممثل عن وزارة الاقتصاد والتخطيط حول مشروع القانون وحول السياسة العامة للديوان.
وزير الاقتصاد والتخطيط.. الاقتراض الخارجي ليس عيبا
قال وزير الاقتصاد والتخطيط سمير عبد الحفيظ إن الاقتراض الخارجي ليس عيبا وهو لا يتناقض مع مبدأ التعويل على الذات. وأضاف أمس خلال جلسة عامة بمجلس نواب الشعب انتهت بالمصادقة على اتفاقية قرض بقيمة 50 مليون أورو لتمويل مشروع تعصير الديوان الوطني للحماية المدنية، أن الوزارة تعمل من أجل توفير التمويلات اللازمة لانجاز المشاريع، وعبر عن حرصه على توجيه القروض لدعم الاقتصاد التونسي ولترسيخ مقومات الدولة الاجتماعية. وأشار إلى أنه كلما يتم النظر في قرض يطالب النواب بالتعويل على الذات، وأضاف أن تحقيق مبدأ التعويل على الذات يتطلب الاشتغال عليه من خلال العمل على الحد قدر الإمكان من العجز الأولي، لأنه بقدر الحد من هذا العجز تتاح إمكانية الاستغناء على الاقتراض. وأكد الوزير على وجود إستراتيجية لدمج الاقتصاد الموازي من أجل توسيع القاعدة الجبائية، وذكر أنه يجب العمل أيضا على تنمية الموارد الذاتية للمؤسسات الوطنية بما فيها الديوان الوطني للحماية المدنية إذ يمكن في قادم الأيام دعم الموارد الذاتية للديوان من خلال مراجعة التعريفات.
وقال عبد الحفيظ إن اللجوء للقروض الخارجية مرده أيضا العجز في الميزان الجاري لذلك يجب العمل على الحد من قيمة هذا العجز من خلال دعم الصادرات التونسية ومزيد حث التونسيين بالخارج على القيام بتحويلات أكبر. وفسر أن التخلي عن التداين لا يتم بصفة حينية بل يجب العمل تدريجيا على حلحلة الإشكاليات الهيكلية. وأضاف أن من بين مهام وزارة الاقتصاد والتخطيط هي البحث عن التمويلات الخارجية.
وتعقيبا عن استفسار حول المشاريع المعطلة أكد الوزير على بذل جهود كبيرة لتجاوز الإشكاليات القائمة من أجل التسريع في إنجاز المشاريع المعطلة في مختلف الجهات، وتفاعلا مع مداخلات العديد من النواب تطرق عبد الحفيظ للأعمال الجارية حاليا في إطار إعداد المخطط التنموي 2026ـ 2030. أما بخصوص علاقة الوزارة بالقطاع الخاص، فقد أكد أنه لا يوجد مشكل مع رجال الأعمال الذين يعملون في إطار القانون. وبين أن كل رجل أعمال يشعر بالتضييق عليه من قبل أي جهة فما عليه سوى أن يبلغ الوزارة بذلك.
وإجابة عن سؤال آخر حول مآل القروض التي تمت المصادقة عليها من قبل المجلس النيابي ولماذا لم يظهر أثرها على أرض الواقع، بين عبد الحفيظ أن الطريق السيارة الحمامات صفاقس وصولا إلى رأس جدير يتم تمويله من الميزانية وبقروض خارجية ونفس الشيء بالنسبة إلى قنطرة بنزرت ومشروع الطريق السيارة تونس جلمة ومشاريع السدود كما توجد قروض تم توجيهها لتمويل القطاع الفلاحي ولتمويل مشروع يهم التعليم الابتدائي، وأشار إلى أن قدرة تونس على سداد ديونها دليل على أن القروض يتم صرفها في انجاز المشاريع.
وقبل الحديث عن الاقتراض تطرق الوزير سمير عبد الحفيظ إلى عناصر مشروع تعصير الديوان الوطني للحماية المدنية وهي حسب قوله تتمثل في بناء المقر الاجتماعي للديوان، وتطوير منظومة التصرف في طلبات النجدة، وبناء مقر الوحدة المختصة للحماية المدنية وتجهيزها وبناء مدرسة التكوين القاعدي لضباط الصف بالزريبة وتجهيزها. وأضاف أن مشروع القانون المعروض على أنظار الجلسة العامة يتعلق بالموافقة على اتفاقية القرض المبرمة بتاريخ 24 سبتمبر 2024 بين الجمهورية التونسية والوكالة الفرنسية للتنمية بمبلغ 50 مليون أورو للمساهمة في تمويل مشروع تعصير الديوان الوطني للحماية المدنية، وذكر أنه مع القرض تم تخصيص هبة قدرها خمسة ملايين دينار لدعم المشروع.
وبين أن شروط التمويل مرضية جدا وذكر أن نسبة الفائدة يتم تحديدها عند كل عملية سحب.. وقال إن فترة السداد تمتد على عشرين سنة وأكد على أن المشاريع الممولة بقروض أجنبية تتطلب الإسراع في انجازها وذلك باعتبار أن هناك عمولة تعهد.
التطوع في الحماية المدنية
وفي علاقة باستفسارات النواب المتعلقة بالمسائل المتصلة بالحماية المدنية أجاب الوزير أن التاريخ الأقصى لسحب القرض هو سنة 2030 لكن هناك شراءات وأشغال ستنطلق قبل ذلك بكثير، وتفاعلا مع النواب الذين طالبوا بدعم التطوع في الحماية المدنية ومنهم النائب رياض جعيدان قال إن التطوع منظم بأمر وبين أنه يوجد حاليا 4000 متطوع و 19 جمعية ويجري العمل على مراجعة الأمر المذكور في اتجاه تحفيز المتطوعين على الالتحاق بالحماية المدنية. وقال إن المنشور المتعلق بالسباحين المنقذين بدوره بصدد المراجعة من أجل تحفيزهم خاصة وأن عددهم ليس كبيرا مقارنة بالحاجيات وهناك منهم من يخيرون العمل في النزل.
وبخصوص خطة الديوان الوطني للحماية المدنية لتلافي الحوادث في موسم الاصطياف وتنظيم النجدة والتدخل بالشواطئ وحماية المحاصيل الفلاحية، بين الوزير أنه يتم إعداد خطة سنوية استعدادا لموسم الصيف وهي تتوزع على ثلاثة محاور وهي النجدة بالطرقات وحماية الشواطئ وحماية المحاصيل الفلاحية. وفسر أنه بالنسبة إلى النجدة بالطرقات تم إحداث تسعة مراكز موسمية انطلقت في العمل بداية من غرة جويلية إلى نهاية الموسم، أما بالنسبة إلى حماية الشواطئ فتمت برمجة 217 نقطة حراسة للشواطئ و2335 سباحا منقذا ولكن العدد المتوفر حاليا أقل من 2335 وبالنسبة إلى الوقاية من الحرائق فتم بداية من غرة جوان تركيز وحدات متقدمة.
المصادقة على القرض
وإثر الاستماع إلى وزير الاقتصاد والتخطيط صادق مجلس نواب الشعب خلال جلسته العامة على مشروع القانون المتعلق بالموافقة على اتفاقية القرض المبرمة بتاريخ 24 سبتمبر 2024 بين الجمهورية التونسية والوكالة الفرنسية للتنمية بمبلغ قدره 50 مليون أورو للمساهمة في تمويل مشروع تعصير الديوان الوطني للحماية المدنية وكانت نتيجة التصويت عليه كما يلي: 98 موافقون ومحتفظان اثنان و8 رافضون.
وخلال افتتاح الجلسة العامة أشار رئيس مجلس نواب الشعب إبراهيم بودربالة إلى أن تونس أحيت يوم 24 جوان 2025 الذكرى التاسعة والستين لانبعاث الجيش الوطني، وهي مناسبة خالدة نستلهم منها أسمى معاني التضحية من أجل رفعة الوطن وعزته وسيادته وشموخه واستحضر بودربالة ملاحم القوات العسكرية المسلحة بمختلف تشكيلاتها في دفاعها عن حوزة الوطن وحرمته وجهودها المثابرة من أجل دحر كل مظاهر التطرف والإرهاب ومكافحة التهريب والهجرة غير الشرعية وحماية الحدود، فضلا عن مساهماتها الفاعلة في شتى المجالات ومجهوداتها الكبيرة في مجابهة الكوارث والطوارئ وخاصة في دفع التنمية بالعديد من المناطق بالبلاد. وعبر رئيس المجلس عن فخره بالجيش الوطني الذي يبرهن على قدراته وحرفيته التامة ومهنيّته العالية وطنيا وكذلك بمناسبة مشاركته في البعثات الأممية لحفظ السلام. وهو ما فتئ يؤكد في جميع الأوقات ولاءه الراسخ للوطن وعزمه الثابت على رفع مختلف التحدّيات الماثلة والاضطلاع على أحسن وجه بالواجب الوطني المقدس بخوض الصعاب دفاعا عن حمى الوطن العزيز وبالتصدي لكل من تسول له نفسه بأي شكل من الأشكال الغدر بتونس أو الإساءة إليها.
سعيدة بوهلال
بحضور وزير الاقتصاد والتخطيط سمير عبد الحفيظ، عقد مجلس نواب الشعب طيلة أمس جلسة عامة بقصر باردو للنظر في مشروع قانون يتعلق بالموافقة على اتفاقية القرض المبرمة بتاريخ 24 سبتمبر 2024 بين الجمهورية التونسية والوكالة الفرنسية للتنمية بمبلغ قدره 50 مليون أورو للمساهمة في تمويل مشروع تعصير الديوان الوطني للحماية المدنية.
وخلال النقاش العام لهذا المشروع طالب النواب بدعم الديوان الوطني للحماية المدنية بالموارد البشرية الكافية وبالمعدات اللازمة والتجهيزات العصرية التي تمكن أعوان الديوان من تقديم خدمات النجدة والإنقاذ وإطفاء الحرائق والتوقي من الكوارث بالسرعة المطلوبة، وهناك من دعا إلى الترخيص في استعمال آلة الدرون وأشار العديد منهم إلى أنه كان بالإمكان في قليبية إنقاذ الطلفة مريم من الغرق لو تم استعمال تقنيات حديثة.
كما تمحورت مداخلات عدد كبير من النواب حول المشاريع المعطلة ومخطط التنمية 2026-2030 وهناك من دعوا إلى ضرورة دعم التعاون والتكامل والانسجام بين الوظيفتين التشريعية والتنفيذية، ولم يخف بعضهم انزعاجهم من غياب التواصل بين النواب والحكومة وذهبت النائبة سيرين المرابط إلى أبعد من ذلك إذ أنها لوحت بالاستقالة من المجلس النيابي في صورة تواصل نفس الوضع إلى غاية شهر ديسمبر المقبل.
النائب أحمد بنور عن «كتلة الأحرار» قال إن مصالح الديوان الوطني للحماية المدنية تتسوغ مبنى في البحيرة بقيمة 700 ألف دينار في السنة، وهي تستعد لبناء مقر جديد بكلفة 40 مليون دينار ولاحظ وجود ظاهرة تتمثل في كراء المقرات الإدارية في أحياء راقية كما لو أنه لا يمكن للإدارة العمل في صورة وجود مقرها بالملاسين أو غيره من الأحياء الشعبية ودعا إلى التقشف. وتحدث النائب عن العقار الذي تم تخصيصه للحماية المدنية بمنطقة طبلبلة لكن الديوان عجز عن توفير 120 ألف دينار لإقامة فرع في هذه المنطقة ولاحظ أن معاليم الأكرية تستهلك ميزانية الديوان. وأشار بنور إلى حالات الغرق والوفيات التي تم تسجيلها في الشواطئ ووصف تدخلات مصالح الحماية المدنية بالهشة وذكر أن الأمر لم يختلف عما حصل مع مركب البركة بالمهدية إذ تم اعتماد وسائل بدائية في عمليات الإنقاذ وطالب بأن يتم في المستقبل توفير معدات حديثة من طائرات ودرون وبواخر والكف عن استخدام المعدات البدائية. وأشار إلى تسجيل نقص في الموارد البشرية بالإدارة الجهوية للحماية المدنية بالمهدية فعدد الأعوان ضئيل جدا، حسب قوله، وطالب بتعزيز هذه الإدارة بالإطارات والأعوان وتساءل عن سبب النقص المسجل في عدد السباحين المنقذين بما تسبب في ارتفاع عدد الغرقى، ويرى أن عزوف السباحين المنقذين يعود إلى ضعف المنحة المسندة إليهم. وأكد النائب على ضرورة التعجيل بتأسيس جمعية المتطوعين في الحماية المدنية بالمهدية، وإحداث فرقة للحماية المدنية بمعتمدية شربان، كما تحدث بنور على ضرورة انتداب حوالي 2000 عون حماية مدنية بصفة استثنائية خاصة بعد إحالة ثلث موظفي الديوان وإطاراته على شرف المهنة خلال السنوات الأخيرة. وطالب الإدارة العامة للديوان بتمكين الإدارة الجهوية بالمهدية من القسط الثاني المخصص لتحسين المقر وتوسيعه. وذكر أنه في إطار سياسة التعويل على الذات يمكن الاستغناء عن القروض من خلال تكوين المسعفين وذلك بفرض شهادة مسعف لكل من يتقدم بمطلب للحصول على رخصة السياقة على أن يتم التكوين بمقابل يسند لمصالح الحماية المدنية وبهذه الكيفية يمكن توفير خمسة أو ستة ملايين مسعف في تونس.
تواصل الاقتراض
وعبر هشام حسني النائب غير المنتمي إلى كتل عن أسفه لأن الجلسة العامة ليوم أمس مخصصة للمصادقة على قرض جديد وهو ما يتضارب مع شعار التعويل على الذات. وبين أن قيمة هذا القرض تعادل 170 مليون دينار وذكر أن اللجنة ناقشت أول أمس قرضا آخر بقيمة 150 مليون دينار وهو لفائدة الشركة التونسية للكهرباء والغاز، وذكر أنه في صورة عجز الدولة فعلا عن تجميع هذه المبالغ الضعيفة فهذا يدل على وجود مشكل. ولاحظ حسني أن تعريفات خدمات الحماية المدنية في حاجة إلى المراجعة لأنها لا تغطي الكلفة. وتساءل أين الإصلاح الإداري وكيف يتم التعاطي مع الإدارات التي تعطل انجاز المشاريع وهل يوجد تصور لاستغلال الأراضي الصحراوية الشاسعة التي تمتد على 40 ألف كلم مربع وهل تم رسم تصور لتوظيفها على غرار ما حصل في رجيم معتوق وهل توجد إستراتيجية لدمج الاقتصاد الموازي لأن أكثر من خمسين بالمائة من أنشطة التجارة في تونس غير خاضعة للضرائب في وقت مازالت فيه موارد الدولة ضعيفة جدا. ويرى النائب هشام حسني أنه يجب توسيع القاعدة الضريبية من خلال التشجيع على الانتصاب الحر وإدماج الأسواق الموازية وتكثيف الرقابة. وطالب برفع القيود على التحويلات بالخارج.
أما أسماء الدرويش النائبة عن كتلة الأمانة والعمل فقد توجهت برسالة إلى رئيس الجمهورية ورئيسة الحكومة ورئيس مجلس نواب الشعب والنواب والوزراء لتنبيههم بأن تونس تمر بمرحلة دقيقة وخطيرة في آن واحد، إذ أصبح العنوان الأساسي للمشهد السياسي حسب رأيها، غياب الانسجام والتنسيق بين مؤسسات الدولة، وذكرت أن السلطة التنفيذية تشتغل بصفة منفردة فيما تم تقليص دور السلطة التشريعية التي من المفروض أن تكون صوت الشعب والمدافع عن إرادته وليست مجرد فضاء للمصادقة على نصوص جاهزة دون نقاش عميق أو تعديل جوهري. وأضافت أنه في ظل هذا الوضع تواصل الإدارة العميقة عملها فتتحول القرارات الوطنية إلى مجرد حبر على ورق وتظل المشاريع معلقة أو متعثرة بينما يغرق المواطن في البيروقراطية والتهيمش أما البرامج التنموية فهي في أغلب الأحيان مشاريع معلن عنها في ندوات صحفية لكنها تبقى حبرا على ورق. وتساءلت النائبة عن مآل القروض التي صادق عليها المجلس النيابي الحالي وعن تلك المليارات التي تحولت إلى دين يثقل كاهل الشعب والأجيال القادمة ولماذا لا يوجد لهذه القروض أثر ملموس في تحسين البنية التحتية ومستوى العيش. وقالت الدرويش إن الشعب التونسي سئم من الشعارات وخطابات الأزمة والوعود المؤجلة وهو يريد حلولا عملية وإصلاحات شجاعة ودولة تعمل بمؤسساتها لا بأفرادها وأكدت على الدور المحوري للمجلس النيابي في المشاركة الفعلية في صياغة كل مخططات التنمية حتى تكون ملائمة للتشريعات وتستجيب لحاجيات الجهات والمواطنين. وأكدت النائبة أن دور البرلمان ليس مجرد المصادقة على النصوص وأنه ليس خصما لرئاسة الجمهورية بل هو شريكها الطبيعي المكمل لها وشددت على ضرورة عمل الوظيفتين التشريعية والتنفيذية الند بالند في إطار الاحترام المتبادل والتواصل المستمر لأن هدف الجميع واحد وهو تشييد تونس قوية عادلة بمؤسساتها. وأضافت أنه لا مجال للحسابات الضيقة والاستفراد بالقرار أو تهميش صوت الشعب المعبر عنه في قاعة البرلمان. وعبرت عن عزم النواب مواصلة النضال من أجل تشييد تونس جديدة لأن تونس تستحق أن تصان وأن تبقى حرة أبية قوية بمؤسساتها وعزيزة بشعبها.
نقائص كثيرة
النائب عادل ضياف عن كتلة «صوت الجمهورية» أتى في مداخلته على جملة النقائص التي تشكو منها الحماية المدنية. وبين أن القرض المعروض على الجلسة العامة هو قرض تنموي. وأضاف أنه من المهم دعم الديوان الوطني للحماية المدنية والاهتمام بالمقر لكن الصعوبات التي تعترض الديوان كثيرة إذ يوجد نقص في الموارد البشرية في حدود 40 بالمائة ونقص في المعدات، ولاحظ أن المصبات المتاخمة للغابات والمزارع تشكل خطرا كبيرا ونبه إلى أنه في حال تواصل النقص المسجل على مستوى الموارد البشرية والمعدات فستكون العواقب وخيمة. كما لاحظ النائب وجود نقص في البنية التحتية من طرائد نارية ومسالك غابية ونقاط المياه إذ توجد حسب قوله نقطة مياه وحيدة لكل خمسمائة هكتار إذ يبلغ عدد النقاط 355 نقطة مياه فقط وهو ما يمثل 26 بالمائة من الحاجيات. ودعا ضياف إلى تكثيف عدد نقاط المياه كما تحدث عن مشكل اقتراب المناطق السكنية من الغابات وما ينجر عنه من حرائق، وذكر أنه يوجد نقص في المعدات الثقيلة وفي شاحنات الإطفاء اختصاص حرائق غابات، فضلا عن عدم توفير إعتمادات مالية لتغطية المصاريف الناجمة عن مجابهة حرائق الغابات. ولاحظ أن المطلوب من الديوان هو الاشتغال على محور حرائق الغابات ومحور الاستعداد للموسم الصيفي وفي هذا الصدد يجب عليه توفير المتطوعين وتحفيزهم بمنح مالية وبرمجة دورات تكوينية لفائدتهم والقيام بزيارات ميدانية للمناطق الواحية والغابات وتعيين دوريات مشتركة بين الحماية المدنية والحرس الوطني وإدارة الغابات.
أما على مستوى التدخل العملياتي فدعا النائب إلى القيام بعمليات بيضاء مشتركة لتقييم الجاهزية وتشكيل لجان مشتركة مع الجانب الجزائري لتأمين الحدود واقترح النظر في إمكانية إحداث مراكز حدودية مشتركة للتنسيق العملياتي مع إرساء منظومة رصد مبكر تغطي جميع المناطق الحدودية.
وبين النائب عادل ضياف أنه على مستوى المحور الثاني المتعلق بالاستعداد للموسم الصيفي فإنه لو كانت هناك معدات تكنولوجية متطورة وإتاحة إمكانية استعمال «الدرون» لما أدى غرق الطفلة مريم إلى وفاتها. ودعا النائب إلى الترفيع في عدد أعوان الحماية المدنية المكلفين بالإشراف على الشواطئ وعدد السباحين المنقذين وانتداب سباحين منقذين ويرى أنه يجب تنقيح مجلة الجماعات المحلية في اتجاه إدراج هذه النفقات ضمن الاختصاصات الضبطية للمكلفين بتسيير شؤون البلدية ودعا إلى إقرار خطة شاملة للنجدة عبر الطرقات عبر تركيز مراكز متقدمة للنجدة والإنقاذ بالنقاط السوداء وإحداث نقاط نجدة وإسعاف إضافية أيام السبت والأحد والعطل. كما أشار النائب إلى أن الحماية المدنية لديها خطة إستراتيجية تمتد إلى أفق 2030 ودعا إلى تخصيص القرض لتنفيذ هذه الخطة.
التغيرات المناخية
وأشار سامي الرايس النائب عن الكتلة «الوطنية المستقلة» إلى أهمية اتفاقية القرض المخصص لتمويل مشروع تعصير الديوان الوطني للحماية المدنية خاصة من حيث تجديد قاعة العمليات وتركيز مراكز جهوية للحماية المدنية ببقية الجهات لتقريب الخدمات من المواطن وحماية أرزاقهم وحماية الصابة وغيرها، واستدرك قائلا إنه من خلال وثيقة شرح الأسباب والتقرير الذي أعدته لجنة المالية والميزانية حول مشروع القانون يمكنه الإشارة إلى أن بلدان البحر الأبيض المتوسط هي من البلدان التي تتأثر بالتغيرات المناخية والكوارث وهناك توقعات بارتفاع الحرارة بخمس درجات وفيضانات بحلول 2050. وأضاف أنه من المهم طرح هذا الموضوع في الوقت الذي تتم فيه مراجعة أمثلة التهيئة العمرانية ومجلة التهيئة الترابية إذ يجب أخذ هذه التوقعات بعين الاعتبار خاصة أمام اكتساح البناء الفوضوي للسواحل في ظل نقص في عدد أعوان المراقبة وفي الوسائل والمعدات. وقال الرايس إنه عند إعداد المخططات التنموية المرتقبة يجب تشريك ديوان الحماية المدنية ويجب أن يكون الديوان من الفاعلين في إعداد أمثلة التهيئة العمرانية وذلك مع الأخذ بعين الاعتبار المناطق التي اكتسحتها البنايات الفوضوية. وذكر أن المواطنين ليست لهم دراية بالدراسة المتعلقة بتأثير التغيرات المناخية على بلدان حوض المتوسط في غضون 2050 وهو ما يتطلب من الوزارات المعنية العمل في إطار إستراتيجية متكاملة تأخذ بعين الاعتبار ما ورد في هذه الدراسة. وتحدث النائب في مداخلته عن الأرواح التي أزهقت خلال الأيام الماضية في الشواطئ وأشار إلى عدم وجود سباحين منقذين في شواطئ ولاية نابل نظرا لضعف الأجور ودعا إلى الترفيع فيها. وانتهز النائب فرصة حضور وزير الاقتصاد والتخطيط وتساءل عن مدى التقدم في تنفيذ ميزانية الدولة لسنة 2025.
السيادة المالية
النائب أحمد السعيداني عن كتلة «الخط الوطني السيادي» قال إنه لن يغير موقفه من القروض التي تجسد بوضوح البون الشاسع بين ما يطرحه رئيس الجمهورية عند تأكيده على ضرورة تكريس السيادة الوطنية والتمسك بالسيادة المالية والنقدية وبين ما تقترحه الحكومة ذات الممارسات التفريطية. وأشار إلى أن رئيس الجمهورية هو الذي يتحمل المسؤولية السياسية، وفسر أن رئيس الجمهورية عندما يقول إن قانون المالية القادم يجب أن يكون قانونا ثوريا فكيف سيحصل ذلك في الوقت الذي تم فيه تعيين قاضية على رأس وزارة المالية. وتحدث النائب في مداخلته عن الوضعية الصحية لطفل من ماطر والده عون أمن ووالدته تشتغل في الحماية المدنية وقال إن الأطباء عجزوا عن علاجه في تونس وتقدر كلفة علاجه بالخارج بنحو 238 ألف دينار وطالب السعيداني رئيس الجمهورية بالتدخل ودعا أهالي ماطر إلى تجميع هذا المبلغ في صورة عدم تكفل الدولة بعلاج هذا الطفل.
أهداف القرض
وقبل الشروع في النقاش العام لمشروع القانون المتعلق بالموافقة على اتفاقية القرض المبرمة بتاريخ 24 سبتمبر 2024 بين الجمهورية التونسية والوكالة الفرنسية للتنمية للمساهمة في تمويل مشروع تعصير الديوان الوطني للحماية المدنية، قدم محمد بين حسين مقرر لجنة المالية والميزانية تقريرا حول هذا المشروع وأشار بالخصوص إلى أن تمويل مشروع تعصير الديوان الوطني للحماية المدنية يندرج في إطار جهود الدولة الرامية إلى الاستعداد للتوقي من الكوارث الطبيعية المرتبطة بالتغيرات المناخية ومنها التي تحصل خاصة بعد موجات الحر والفيضانات والحرائق التي بدأت تجتاح البلاد في السنوات الأخيرة، سواء على مستوى إعداد الاستراتجيات الوطنية أو من خلال توفير الوسائل والإمكانيات اللازمة للتدخل الميداني.
ويهدف مشروع تعصير ديوان الحماية المدنية حسب قوله إلى دعم قدرات تدخل الديوان الوطني للحماية المدنية من خلال انجاز العناصر التالية:
ـ بناء المقر الاجتماعي للديوان إذ أقرت دراسة جدوى المشروع ضرورة بناء مقر اجتماعي جديد نظرا لضيق المقر الحالي المستغل على وجه التسويغ وهو لا يسمح بتجميع كل الإدارات في مكان واحد وهو ما أثر على نجاعة التدخل وتسبب في ارتفاع كلفة التسيير. وسيمكن بناء مقر جامع لكل الإدارات من تخصيص طابق لقاعة العمليات ومركزين لمعالجة نداءات الاستغاثة وقاعة لتنسيق عمليات التدخل وقاعة أخرى خاصة بالأزمات من ستتم تهيئة فضاء آخر سيقع استغلاله كمطعم خاص بالأعوان والإطارات.
ـ تطوير منظومة التصرف في طلبات النجدة: وتتوفر المنظومة الحالية على مركز عمليات في المقر الحالي للديوان و24 مركز نداء في الإدارات الجهوية ورقم طوارئ وطني واحد 198 ويعمل النظام الحالي في معظمه بطرق يدوية لا تؤدي بالضرورة إلى تطبيق نفس الإجراءات من طرف كل العاملين بالمنظومة ولا تمكن من تطوير أي منظومة تترك أثرا لمختلف التدخلات وتسمح بتوفير إحصائيات في الغرض وبالتالي تأكدت أهمية إرساء منظومة تصرف رقمية وذلك من خلال اقتناء تجهيزات وبرمجيات تضمن نجاعة وسرعة في التدخل وتمكن من توفير كل المعطيات والمعلومات اللازمة.
ـ بناء مقر الوحدة المختصة للحماية المدنية وتجهيزها: ويتمثل مجال تدخل هذه الوحدة التي تعتبر فريق النخبة بالنسبة إلى الديوان الوطني للحماية المدنية أساسا في عمليات الإنقاذ المعقدة والتدخل عند الكوارث الكبرى الطبيعية أو الصناعية وتقديم الدعم في بعض العمليات الخاصة لباقي أعوان الحماية المدنية. وتمكنت هذه الوحدة المختصة بفضل حصولها على شهادة اعتماد من المجموعة الاستشارية الدولية للبحث والإنقاذ من المشاركة في عمليات إنقاذ بالخارج منها عمليات تمت سنة 2023 في تركيا وسوريا وليبيا. ولتمكين هذه الوحدة من التدرب وتنفيذ المهام الموكولة إليها بكفاءة ونجاعة سيتم من خلال المشروع إنشاء قاعة رئيسية ووحدة مختصة فرعية وتوفير وسائل تدخل وتجهيزات ستساهم في تطوير قدرات الوحدة في العمليات الميدانية.
ـ بناء مدرسة التكوين القاعدي لضباط الصف بالزريبة وتجهيزها: إذ أقرت دراسة جدوى المشروع أهمية هذا العنصر في تلافي النقائص الموجودة إلى حد الآن في علاقة بالمناهج المعتمدة بهذه المدرسة حيث طغى على التكوين الجانب النظري بسبب قلة الإمكانيات وسيمكن المشروع مدرسة التكوين القاعدي من طرق تكوين تعتمد على محاكاة الأوضاع الميدانية القريبة من الواقع.
وبعد تقديم مختلف عناصر مشروع تعصير الديوان الوطني للحماية المدنية أشار محمد بن حسين مقرر لجنة المالية والميزانية إلى أن هذا المشروع سيتم تمويل مختلف عناصره بواسطة قرض مباشر لفائدة الدولة بقيمة 50 مليون أورو ممنوح من قبل الوكالة الفرنسية للتنمية ويتم وضع هذا المبلغ في شكل هبة على ذمة الديوان بمقتضى اتفاق يبرم في الغرض. ولمرافقة انجاز المشروع وتوفير الدعم الفني لمخلف عناصره بالتعاون مع مكتب دراسات فرنسي خصصت الوكالة الفرنسية للتنمية هبة بملغ قدره واحد فاصل خمسة مليون أورو. ويتم تحديد أو تثبيت نسبة الفائدة عند كل عملية سحب وبالنسبة إلى فترة السداد فتمتد حسب قوله على 20 سنة بما فيها فترة إمهال بسبع سنوات وتبلغ عمولة التعهد صفر فاصل 25 بالمائة تحتسب على المبالغ غير المسحوبة بعد انتهاء أجل ستة أشهر من تاريخ التوقيع وتبلغ نسبة عمولة دراسة الملف صفر فاصل 25 بالمائة، وحدد آخر أجل لسحب القسط الأول بيوم 24 سبتمبر 2025 وحدد آخر أجل لسحب مبلغ القرض بيوم 31 ديسمبر 2030.
كما تضمن تقرير لجنة المالية والميزانية حول مشروع القانون المعروض على أنظار الجلسة العامة حوصلة للنقاشات التي دارت صلب اللجنة خلال جلسة الاستماع لممثلين عن وزارة الاقتصاد والتخطيط وعن الديوان الوطني للحماية المدنية. كما تضمن التقرير في الجزء الذي تلاه عصام شوشان نائب رئيس اللجنة حصيلة جلسة اللجنة بتاريخ يوم الخميس 19 جوان 2025 وقد خصصت هذه الجلسة للاستماع إلى المدير العام للديوان الوطني للحماية المدنية وإلى ممثل عن وزارة الاقتصاد والتخطيط حول مشروع القانون وحول السياسة العامة للديوان.
وزير الاقتصاد والتخطيط.. الاقتراض الخارجي ليس عيبا
قال وزير الاقتصاد والتخطيط سمير عبد الحفيظ إن الاقتراض الخارجي ليس عيبا وهو لا يتناقض مع مبدأ التعويل على الذات. وأضاف أمس خلال جلسة عامة بمجلس نواب الشعب انتهت بالمصادقة على اتفاقية قرض بقيمة 50 مليون أورو لتمويل مشروع تعصير الديوان الوطني للحماية المدنية، أن الوزارة تعمل من أجل توفير التمويلات اللازمة لانجاز المشاريع، وعبر عن حرصه على توجيه القروض لدعم الاقتصاد التونسي ولترسيخ مقومات الدولة الاجتماعية. وأشار إلى أنه كلما يتم النظر في قرض يطالب النواب بالتعويل على الذات، وأضاف أن تحقيق مبدأ التعويل على الذات يتطلب الاشتغال عليه من خلال العمل على الحد قدر الإمكان من العجز الأولي، لأنه بقدر الحد من هذا العجز تتاح إمكانية الاستغناء على الاقتراض. وأكد الوزير على وجود إستراتيجية لدمج الاقتصاد الموازي من أجل توسيع القاعدة الجبائية، وذكر أنه يجب العمل أيضا على تنمية الموارد الذاتية للمؤسسات الوطنية بما فيها الديوان الوطني للحماية المدنية إذ يمكن في قادم الأيام دعم الموارد الذاتية للديوان من خلال مراجعة التعريفات.
وقال عبد الحفيظ إن اللجوء للقروض الخارجية مرده أيضا العجز في الميزان الجاري لذلك يجب العمل على الحد من قيمة هذا العجز من خلال دعم الصادرات التونسية ومزيد حث التونسيين بالخارج على القيام بتحويلات أكبر. وفسر أن التخلي عن التداين لا يتم بصفة حينية بل يجب العمل تدريجيا على حلحلة الإشكاليات الهيكلية. وأضاف أن من بين مهام وزارة الاقتصاد والتخطيط هي البحث عن التمويلات الخارجية.
وتعقيبا عن استفسار حول المشاريع المعطلة أكد الوزير على بذل جهود كبيرة لتجاوز الإشكاليات القائمة من أجل التسريع في إنجاز المشاريع المعطلة في مختلف الجهات، وتفاعلا مع مداخلات العديد من النواب تطرق عبد الحفيظ للأعمال الجارية حاليا في إطار إعداد المخطط التنموي 2026ـ 2030. أما بخصوص علاقة الوزارة بالقطاع الخاص، فقد أكد أنه لا يوجد مشكل مع رجال الأعمال الذين يعملون في إطار القانون. وبين أن كل رجل أعمال يشعر بالتضييق عليه من قبل أي جهة فما عليه سوى أن يبلغ الوزارة بذلك.
وإجابة عن سؤال آخر حول مآل القروض التي تمت المصادقة عليها من قبل المجلس النيابي ولماذا لم يظهر أثرها على أرض الواقع، بين عبد الحفيظ أن الطريق السيارة الحمامات صفاقس وصولا إلى رأس جدير يتم تمويله من الميزانية وبقروض خارجية ونفس الشيء بالنسبة إلى قنطرة بنزرت ومشروع الطريق السيارة تونس جلمة ومشاريع السدود كما توجد قروض تم توجيهها لتمويل القطاع الفلاحي ولتمويل مشروع يهم التعليم الابتدائي، وأشار إلى أن قدرة تونس على سداد ديونها دليل على أن القروض يتم صرفها في انجاز المشاريع.
وقبل الحديث عن الاقتراض تطرق الوزير سمير عبد الحفيظ إلى عناصر مشروع تعصير الديوان الوطني للحماية المدنية وهي حسب قوله تتمثل في بناء المقر الاجتماعي للديوان، وتطوير منظومة التصرف في طلبات النجدة، وبناء مقر الوحدة المختصة للحماية المدنية وتجهيزها وبناء مدرسة التكوين القاعدي لضباط الصف بالزريبة وتجهيزها. وأضاف أن مشروع القانون المعروض على أنظار الجلسة العامة يتعلق بالموافقة على اتفاقية القرض المبرمة بتاريخ 24 سبتمبر 2024 بين الجمهورية التونسية والوكالة الفرنسية للتنمية بمبلغ 50 مليون أورو للمساهمة في تمويل مشروع تعصير الديوان الوطني للحماية المدنية، وذكر أنه مع القرض تم تخصيص هبة قدرها خمسة ملايين دينار لدعم المشروع.
وبين أن شروط التمويل مرضية جدا وذكر أن نسبة الفائدة يتم تحديدها عند كل عملية سحب.. وقال إن فترة السداد تمتد على عشرين سنة وأكد على أن المشاريع الممولة بقروض أجنبية تتطلب الإسراع في انجازها وذلك باعتبار أن هناك عمولة تعهد.
التطوع في الحماية المدنية
وفي علاقة باستفسارات النواب المتعلقة بالمسائل المتصلة بالحماية المدنية أجاب الوزير أن التاريخ الأقصى لسحب القرض هو سنة 2030 لكن هناك شراءات وأشغال ستنطلق قبل ذلك بكثير، وتفاعلا مع النواب الذين طالبوا بدعم التطوع في الحماية المدنية ومنهم النائب رياض جعيدان قال إن التطوع منظم بأمر وبين أنه يوجد حاليا 4000 متطوع و 19 جمعية ويجري العمل على مراجعة الأمر المذكور في اتجاه تحفيز المتطوعين على الالتحاق بالحماية المدنية. وقال إن المنشور المتعلق بالسباحين المنقذين بدوره بصدد المراجعة من أجل تحفيزهم خاصة وأن عددهم ليس كبيرا مقارنة بالحاجيات وهناك منهم من يخيرون العمل في النزل.
وبخصوص خطة الديوان الوطني للحماية المدنية لتلافي الحوادث في موسم الاصطياف وتنظيم النجدة والتدخل بالشواطئ وحماية المحاصيل الفلاحية، بين الوزير أنه يتم إعداد خطة سنوية استعدادا لموسم الصيف وهي تتوزع على ثلاثة محاور وهي النجدة بالطرقات وحماية الشواطئ وحماية المحاصيل الفلاحية. وفسر أنه بالنسبة إلى النجدة بالطرقات تم إحداث تسعة مراكز موسمية انطلقت في العمل بداية من غرة جويلية إلى نهاية الموسم، أما بالنسبة إلى حماية الشواطئ فتمت برمجة 217 نقطة حراسة للشواطئ و2335 سباحا منقذا ولكن العدد المتوفر حاليا أقل من 2335 وبالنسبة إلى الوقاية من الحرائق فتم بداية من غرة جوان تركيز وحدات متقدمة.
المصادقة على القرض
وإثر الاستماع إلى وزير الاقتصاد والتخطيط صادق مجلس نواب الشعب خلال جلسته العامة على مشروع القانون المتعلق بالموافقة على اتفاقية القرض المبرمة بتاريخ 24 سبتمبر 2024 بين الجمهورية التونسية والوكالة الفرنسية للتنمية بمبلغ قدره 50 مليون أورو للمساهمة في تمويل مشروع تعصير الديوان الوطني للحماية المدنية وكانت نتيجة التصويت عليه كما يلي: 98 موافقون ومحتفظان اثنان و8 رافضون.
وخلال افتتاح الجلسة العامة أشار رئيس مجلس نواب الشعب إبراهيم بودربالة إلى أن تونس أحيت يوم 24 جوان 2025 الذكرى التاسعة والستين لانبعاث الجيش الوطني، وهي مناسبة خالدة نستلهم منها أسمى معاني التضحية من أجل رفعة الوطن وعزته وسيادته وشموخه واستحضر بودربالة ملاحم القوات العسكرية المسلحة بمختلف تشكيلاتها في دفاعها عن حوزة الوطن وحرمته وجهودها المثابرة من أجل دحر كل مظاهر التطرف والإرهاب ومكافحة التهريب والهجرة غير الشرعية وحماية الحدود، فضلا عن مساهماتها الفاعلة في شتى المجالات ومجهوداتها الكبيرة في مجابهة الكوارث والطوارئ وخاصة في دفع التنمية بالعديد من المناطق بالبلاد. وعبر رئيس المجلس عن فخره بالجيش الوطني الذي يبرهن على قدراته وحرفيته التامة ومهنيّته العالية وطنيا وكذلك بمناسبة مشاركته في البعثات الأممية لحفظ السلام. وهو ما فتئ يؤكد في جميع الأوقات ولاءه الراسخ للوطن وعزمه الثابت على رفع مختلف التحدّيات الماثلة والاضطلاع على أحسن وجه بالواجب الوطني المقدس بخوض الصعاب دفاعا عن حمى الوطن العزيز وبالتصدي لكل من تسول له نفسه بأي شكل من الأشكال الغدر بتونس أو الإساءة إليها.