سنة تمر على صدور القانون عدد 33 لسنة 2024 المتعلق بالبنايات المتداعية للسقوط، والصادر بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية في جويلية من نفس السنة، دون تسجيل أي تقدم يذكر في إطار تطبيقاته التي كان ينتظر منها الكثير باعتبار طابعها الاجتماعي وما أتى به النص لمتساكني هذه المباني القديمة، التي ينتمي غالبيتهم إلى الطبقات الفقيرة، من حلول سمحت لهم بتعويضات أو بدائل سكن آمنة.
ويعول متساكنو هذه البنايات على تفعيل القانون الجديد الذي على الأغلب سيسمح بنقلهم لمجمعات سكنية جديدة في إطار تسويات مع المالكين أو المتصرفين القانونيين للبنايات.
وتشير فطومة، وهي إحدى متساكني منطقة «الباساج» وسط العاصمة تونس، إلى الرقم المكتوب في أعلى العمارة والذي يكشف عن سن البناية التي تتجاوز المائة والثلاثين عاما، وتقول إنها ولدت في هذا المكان وهي اليوم تعجز عن مغادرته، رغم ما أصبح يشكله من خطر على حياتها، ورغم محاولاتها العديدة لتسوية الوضعية إما بالتعويض المادي أو ببدائل سكن إلا أنها لم تنجح في ذلك، وفق تأكيدها. وتشير في نفس الوقت إلى أنها تعول على تطبيق القانون الجديد الذي قد يأتي بالفرج خاصة أن الوضعية العقارية للبناية غير واضحة وكل متساكنيها لا يملكون حججا لا بالملكية ولا بالتسوغ. وهو ما يطرح بدوره إشكالا آخر.
ويتضمن القانون المتعلق بالبنايات المتداعية للسقوط، 41 فصلا تم خلالها تحديد إجراءات ومراحل تشخيص البنايات المتداعية للسقوط وطرق معالجتها. كما ضبط «الشروط والصيغ والأطراف المتدخلة بالبنايات المتداعية للسقوط قصد إخلائها وترميمها ترميمًا ثقيلًا أو هدمها وإعادة بنائها، والإجراءات الكفيلة لدرء الخطر ولضمان حقوق المالكين أو المتسوغين أو الشاغلين ومتطلبات الحفاظ على النظام العام».
ويواجه القانون عديد الإشكاليات إلى غاية اليوم، ففضلا عن تأخر صدور الأوامر التطبيقية للقانون المتعلق بالبنايات المتداعية للسقوط، وهو ما أجل انطلاق تفعيله على أرض الواقع، فلا توجد قاعدة بيانات وطنية دقيقة للبنايات الخطرة أو المتداعية للسقوط. كما لا توجد خريطة وطنية محدثة لحصر تلك المباني، وفق تأكيد عديد الجهات. وأهم معطى منشور في هذا الغرض هو التصريح الذي ورد عن وزير التجهيز والإسكان في لجنة التخطيط الاستراتيجي والتنمية حين أعلن عن وجود أكثر من 5 آلاف عقار متداع للسقوط ويمثل تهديدا على سلامة المارة والمتساكنين والأجوار بسبب تقادمها وعدم صيانتها.
وأقرت وزيرة التجهيز والإسكان السابقة سارة الزعفراني الزنزري، بوجود صعوبات مركبّة حالت دون إيجاد حلول جذرية لملف المساكن المتداعية للسقوط، وأمام المسؤولية الموكولة للبلديات في خصوص التدخل القانوني المنصوص عليه، فإن ضعف إمكانيات البلديات ونقص مواردها البشرية (مهندسون وخبراء فنيون) يجعل من الصعب تقييم حالة البنايات ويجبر البلديات على اعتماد معاينات عينية أو شكاوى المواطنين كمرجع لها، فيما تعجز الكثير من البلديات على تنفيذ قرارات الإخلاء أو الهدم.
وأفاد وزير التجهيز والإسكان صلاح الزواري، في جلسة أمام مجلس الأقاليم والجهات، أن الوزارة ستنفذ أول عملية نموذجية في إطار تفعيل قانون البنايات المتداعية للسقوط قبل نهاية 2025، في إطار خطة تتكون من ثمانية أهداف لدعم قطاع السكن. وأضاف الزواري، أن وزارة التجهيز تتحمل مسؤولية مشتركة مع البلديات من أجل سرعة تطبيق القانون.
يرى المهندس المعماري عدنان غالي إن قرار هدم المباني المتداعية للسقوط من عدمه يجب أن يخضع لتقييم علمي من قبل مكاتب دراسات متخصصة تأخذ بعين الاعتبار القيمة التاريخية والمعمارية للبناءات وتداعيات هدمها على المشهد المعماري عموما.
وبين أن التقصير في صيانة المباني لعقود يتسبب في تداعيها بينما كان بالإمكان الحفاظ عليها والتمديد أكثر في عمرها الافتراضي، مشيرا إلى أن هناك حلولا أفضل وأقل كلفة من الهدم. وقال في نفس السياق «إنه بالإمكان الحفاظ على واجهات المباني وإعادة ترميمها للحفاظ على طابعها المعماري القديم وإجراء أعمال صيانة معمّقة في الفضاءات الداخلية للمباني».
وللإشارة تتوزع البنايات المتداعية للسقوط على كامل ولايات الجمهورية تقريبا وتتركز أساسا في المدن العتيقة أو المراكز الحضرية القديمة، ويقع أحيانًا غض النظر عن حالة المباني حفاظًا على السكان في وسط المدن أو بسبب المصالح العقارية.
وتحتوي مثلا المدينة العتيقة للعاصمة تونس، أحياء الحلفاوين وباب سويقة وباب جديد، على مبان تعود إلى القرن الـ 18 و19 كما شهدت نفس الأحياء (الحلفاوين وبومنديل) عدة حوادث انهيار في السنوات الأخيرة لأجزاء من المباني. ونفس الأمر عاشت على وقعه المدينة العتيقة بصفاقس ونهج القاضي بمدينة سوسة والقيروان..
ويمكن القول إن موضوع البنايات المتداعية للسقوط يعد من المسائل القانونية والاجتماعية الحساسة في تونس، نظراً لما تمثله من خطر على الأرواح والممتلكات، وخاصة في المدن القديمة أو الأحياء الشعبية. ويعد مسار ترميمها وتعويض متساكنيه من أهم الإجراءات التي تم اتخاذها في هذا الغرض.
ريم سوودي
سنة تمر على صدور القانون عدد 33 لسنة 2024 المتعلق بالبنايات المتداعية للسقوط، والصادر بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية في جويلية من نفس السنة، دون تسجيل أي تقدم يذكر في إطار تطبيقاته التي كان ينتظر منها الكثير باعتبار طابعها الاجتماعي وما أتى به النص لمتساكني هذه المباني القديمة، التي ينتمي غالبيتهم إلى الطبقات الفقيرة، من حلول سمحت لهم بتعويضات أو بدائل سكن آمنة.
ويعول متساكنو هذه البنايات على تفعيل القانون الجديد الذي على الأغلب سيسمح بنقلهم لمجمعات سكنية جديدة في إطار تسويات مع المالكين أو المتصرفين القانونيين للبنايات.
وتشير فطومة، وهي إحدى متساكني منطقة «الباساج» وسط العاصمة تونس، إلى الرقم المكتوب في أعلى العمارة والذي يكشف عن سن البناية التي تتجاوز المائة والثلاثين عاما، وتقول إنها ولدت في هذا المكان وهي اليوم تعجز عن مغادرته، رغم ما أصبح يشكله من خطر على حياتها، ورغم محاولاتها العديدة لتسوية الوضعية إما بالتعويض المادي أو ببدائل سكن إلا أنها لم تنجح في ذلك، وفق تأكيدها. وتشير في نفس الوقت إلى أنها تعول على تطبيق القانون الجديد الذي قد يأتي بالفرج خاصة أن الوضعية العقارية للبناية غير واضحة وكل متساكنيها لا يملكون حججا لا بالملكية ولا بالتسوغ. وهو ما يطرح بدوره إشكالا آخر.
ويتضمن القانون المتعلق بالبنايات المتداعية للسقوط، 41 فصلا تم خلالها تحديد إجراءات ومراحل تشخيص البنايات المتداعية للسقوط وطرق معالجتها. كما ضبط «الشروط والصيغ والأطراف المتدخلة بالبنايات المتداعية للسقوط قصد إخلائها وترميمها ترميمًا ثقيلًا أو هدمها وإعادة بنائها، والإجراءات الكفيلة لدرء الخطر ولضمان حقوق المالكين أو المتسوغين أو الشاغلين ومتطلبات الحفاظ على النظام العام».
ويواجه القانون عديد الإشكاليات إلى غاية اليوم، ففضلا عن تأخر صدور الأوامر التطبيقية للقانون المتعلق بالبنايات المتداعية للسقوط، وهو ما أجل انطلاق تفعيله على أرض الواقع، فلا توجد قاعدة بيانات وطنية دقيقة للبنايات الخطرة أو المتداعية للسقوط. كما لا توجد خريطة وطنية محدثة لحصر تلك المباني، وفق تأكيد عديد الجهات. وأهم معطى منشور في هذا الغرض هو التصريح الذي ورد عن وزير التجهيز والإسكان في لجنة التخطيط الاستراتيجي والتنمية حين أعلن عن وجود أكثر من 5 آلاف عقار متداع للسقوط ويمثل تهديدا على سلامة المارة والمتساكنين والأجوار بسبب تقادمها وعدم صيانتها.
وأقرت وزيرة التجهيز والإسكان السابقة سارة الزعفراني الزنزري، بوجود صعوبات مركبّة حالت دون إيجاد حلول جذرية لملف المساكن المتداعية للسقوط، وأمام المسؤولية الموكولة للبلديات في خصوص التدخل القانوني المنصوص عليه، فإن ضعف إمكانيات البلديات ونقص مواردها البشرية (مهندسون وخبراء فنيون) يجعل من الصعب تقييم حالة البنايات ويجبر البلديات على اعتماد معاينات عينية أو شكاوى المواطنين كمرجع لها، فيما تعجز الكثير من البلديات على تنفيذ قرارات الإخلاء أو الهدم.
وأفاد وزير التجهيز والإسكان صلاح الزواري، في جلسة أمام مجلس الأقاليم والجهات، أن الوزارة ستنفذ أول عملية نموذجية في إطار تفعيل قانون البنايات المتداعية للسقوط قبل نهاية 2025، في إطار خطة تتكون من ثمانية أهداف لدعم قطاع السكن. وأضاف الزواري، أن وزارة التجهيز تتحمل مسؤولية مشتركة مع البلديات من أجل سرعة تطبيق القانون.
يرى المهندس المعماري عدنان غالي إن قرار هدم المباني المتداعية للسقوط من عدمه يجب أن يخضع لتقييم علمي من قبل مكاتب دراسات متخصصة تأخذ بعين الاعتبار القيمة التاريخية والمعمارية للبناءات وتداعيات هدمها على المشهد المعماري عموما.
وبين أن التقصير في صيانة المباني لعقود يتسبب في تداعيها بينما كان بالإمكان الحفاظ عليها والتمديد أكثر في عمرها الافتراضي، مشيرا إلى أن هناك حلولا أفضل وأقل كلفة من الهدم. وقال في نفس السياق «إنه بالإمكان الحفاظ على واجهات المباني وإعادة ترميمها للحفاظ على طابعها المعماري القديم وإجراء أعمال صيانة معمّقة في الفضاءات الداخلية للمباني».
وللإشارة تتوزع البنايات المتداعية للسقوط على كامل ولايات الجمهورية تقريبا وتتركز أساسا في المدن العتيقة أو المراكز الحضرية القديمة، ويقع أحيانًا غض النظر عن حالة المباني حفاظًا على السكان في وسط المدن أو بسبب المصالح العقارية.
وتحتوي مثلا المدينة العتيقة للعاصمة تونس، أحياء الحلفاوين وباب سويقة وباب جديد، على مبان تعود إلى القرن الـ 18 و19 كما شهدت نفس الأحياء (الحلفاوين وبومنديل) عدة حوادث انهيار في السنوات الأخيرة لأجزاء من المباني. ونفس الأمر عاشت على وقعه المدينة العتيقة بصفاقس ونهج القاضي بمدينة سوسة والقيروان..
ويمكن القول إن موضوع البنايات المتداعية للسقوط يعد من المسائل القانونية والاجتماعية الحساسة في تونس، نظراً لما تمثله من خطر على الأرواح والممتلكات، وخاصة في المدن القديمة أو الأحياء الشعبية. ويعد مسار ترميمها وتعويض متساكنيه من أهم الإجراءات التي تم اتخاذها في هذا الغرض.