إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بعد‭ ‬إلغاء‭ ‬الصين‭ ‬الرسوم‭ ‬الجمركية‭ ‬على‭ ‬وارداتها‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬إفريقيا‭..‬ تونس‭ ‬أمام‭ ‬فرص‭ ‬تصديرية‭ ‬أكبر‭..‬

قررت‭ ‬الصين‭ ‬بشكل‭ ‬رسمي‭ ‬إلغاء‭ ‬الرسوم‭ ‬الجمركية‭ ‬بخصوص‭ ‬وارداتها‭ ‬من‭ ‬53‭ ‬دولة‭ ‬إفريقية،‮ ‬وأعلنت مؤخرا‭ ‬أنها‭ ‬ستقوم‭ ‬بتوسيع‭ ‬عدد‭ ‬الدول‭ ‬الإفريقية‭ ‬المعنية‭ ‬بالإعفاءات‭ ‬الجمركية‭ ‬من‭ ‬33‭ ‬دولة‭ ‬إفريقية‭ ‬إلى‭ ‬53‭ ‬دولة‭.‬

ومن‭ ‬المنتظر‭ ‬أن‭ ‬يشمل‭ ‬هذا‭ ‬القرار‭ ‬الجديد‭ ‬تونس،‭ ‬بما‭ ‬أن‭ ‬الصين‭ ‬قد‭ ‬أكدت‭ ‬استعدادها‭ ‬لحذف‭ ‬الرسوم‭ ‬الجمركية‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬الدول‭ ‬الإفريقية‭ ‬التي‭ ‬تربطها‭ ‬علاقات‭ ‬دبلوماسية‭ ‬مع‭ ‬الصين،‭ ‬باستثناء‭ ‬دولة‭ ‬إسواتيني،‭ ‬التي‭ ‬تدعم‭ ‬تايوان‭.‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬الإطار،‭ ‬أورد‭ ‬الخبير‭ ‬المحاسب‭ ‬ماهر‭ ‬قعيدة‭ ‬أن‭ ‬الرغبة‭ ‬الصينية‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬تشمل‭ ‬الإعفاءات‭ ‬الجمركية‭ ‬عددا‭ ‬كبيرا‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الإفريقية‭ ‬تأتي‭ ‬كردّ‭ ‬فعل‭ ‬صيني‭ ‬بعد‭ ‬قرار‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬رفع‭ ‬قيمة‭ ‬الرسوم‭ ‬الجمركية‭ ‬على‭ ‬الواردات‭ ‬المتأتية‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬عديدة‭ ‬خاصة‭ ‬من‭ ‬الصين‭ ‬والدول‭ ‬الأوروبية‭.‬

الصين‭ ‬والرغبة‭ ‬في‭ ‬طرح‭ ‬نفسها‭ ‬بديلا‭ ‬تجاريا

واعتبر‭ ‬ماهر‭ ‬قعيدة‭ ‬لـ«الصباح‮»‬‭ ‬أن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬أرادت‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الزيادة‭ ‬في‭ ‬الرسوم‭ ‬الجمركية‭ ‬إعادة‭ ‬تنظيم‭ ‬المبادلات‭ ‬التجارية‭ ‬الدولية‭ ‬وفق‭ ‬قوانين‭ ‬جديدة،‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬الصين‭ ‬ترى‭ ‬أنه‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تُغّير‭ ‬سياساتها‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والتجارية‭ ‬لمواجهة‭ ‬القرار‭ ‬الأمريكي‭ ‬ولطرح‭ ‬نفسها‭ ‬كبديل‭ ‬تجاري‭ ‬أمام‭ ‬الدول‭ ‬المُتضرّرة‭ ‬من‭ ‬فرض‭ ‬رسوم‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬الجانب‭ ‬الأمريكي‭.‬

وفي‭ ‬ذات‭ ‬السياق،‭ ‬قال‭ ‬الخبير‭ ‬المحاسب،‭ ‬أن‭ ‬الصين‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬الانفتاح‭ ‬على‭ ‬أسواق‭ ‬جديدة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬صعوبة‭ ‬النفاذ‭ ‬بسلاسة‭ ‬إلى‭ ‬الأسواق‭ ‬الأمريكية،‭ ‬ومن‭ ‬بين‭ ‬أبرز‭ ‬هذه‭ ‬الأسواق،‭ ‬الأسواق‭ ‬الإفريقية‭ ‬كونها‭ ‬سوقا‭ ‬استهلاكية‭ ‬كبرى‭ ‬تضم‭ ‬1‭.‬5‭ ‬مليار‭ ‬نسمة،‭ ‬ومن‭ ‬المتوقّع‭ ‬أن‭ ‬يصل‭ ‬عدد‭ ‬سكان‭ ‬إفريقيا‭ ‬بحلول‭ ‬سنة‭ ‬2050،‭ ‬2‭.‬5‭ ‬مليار‭ ‬نسمة،‭ ‬كما‭ ‬تحاول‭ ‬الصين،‭ ‬الاستفادة‭ ‬بنجاعة‭ ‬من‭ ‬الموارد‭ ‬الطبيعية‭ ‬الضخمة‭ ‬المتواجدة‭ ‬في‭ ‬إفريقيا‭.‬

فرص‭ ‬تصديرية‭ ‬هامة

وحول‭ ‬استفادة‭ ‬تونس‭ ‬من‭ ‬الإجراءات‭ ‬الجديدة‭ ‬التي‭ ‬ستطبقها‭ ‬الصين‭ ‬بخصوص‭ ‬الإعفاءات‭ ‬الجمركية،‭ ‬ذكر‭ ‬محدثنا‭ ‬أن‭ ‬تونس‭ ‬لديها‭ ‬إمكانيات‭ ‬تصديرية‭ ‬إلى‭ ‬الصين‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬الوقت‭ ‬الحالي‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬القطاعات‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬الفسفاط‭ ‬والمنتوجات‭ ‬الفلاحية‭ ‬كزيت‭ ‬الزيتون‭ ‬والتمور‭ ‬والقشريات‭ ‬لاسيما‭ ‬القمبري،‭ ‬وهي‭ ‬قطاعات‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬أن‭ ‬تشهد‭ ‬بسهولة‭ ‬منحى‭ ‬تصاعديا‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الصادرات‭ ‬نحو‭ ‬الصين‭ ‬في‭ ‬الأشهر‭ ‬القادمة‭.‬

كما‭ ‬أكد‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬قطاعات‭ ‬واعدة‭ ‬ذات‭ ‬قدرات‭ ‬تنافسية‭ ‬عالية‭ ‬أظهرت‭ ‬التفوّق‭ ‬التونسي‭ ‬عربيا‭ ‬وإفريقيا،‭ ‬ويمكن‭ ‬تصدير‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬المنتوجات‭ ‬إلى‭ ‬الصين‭ ‬من‭ ‬ضمنها‭ ‬مكونات‭ ‬الأجهزة‭ ‬السلكية‭ ‬واللاسلكية‭ ‬ومكونات‭ ‬صناعة‭ ‬السيارات‭.‬

واعتبر‭ ‬محدثنا‭ ‬أن‭ ‬الرخام‭ ‬يعدّ‭ ‬مطلوبا‭ ‬بقوة‭ ‬في‭ ‬السوق‭ ‬الصينية،‭ ‬وبما‭ ‬أن‭ ‬تونس‭ ‬تملك‭ ‬ثروات‭ ‬هائلة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال،‭ ‬فإن‭ ‬بلادنا‭ ‬باستطاعتها‭ ‬تزويد‭ ‬الصين‭ ‬بكميات‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬الرخام‭.‬

استثمارات‭ ‬ثلاثية‭ ‬تونسية‭ ‬–أوروبية‭- ‬صينية

وبخصوص‭ ‬الاستثمارات‭ ‬الخارجية‭ ‬بتونس،‭ ‬يرى‭ ‬ماهر‭ ‬قعيدة‭ ‬أنه‭ ‬بعد‭ ‬دخول‭ ‬إلغاء‭ ‬الرسوم‭ ‬الجمركية‭ ‬حيز‭ ‬التنفيذ،‭ ‬ستعرف‭ ‬الاستثمارات‭ ‬الصينية‭ ‬والأوروبية‭ ‬تدفقا‭ ‬أكبر‭ ‬إلى‭ ‬تونس‭ ‬على‭ ‬خلفية‭ ‬أن‭ ‬الشركات‭ ‬الأوروبية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تصنيعها‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬ستصبح‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬تصدير‭ ‬منتوجاتها‭ ‬إلى‭ ‬الصين‭ ‬دون‭ ‬حواجز‭ ‬جمركية،‭ ‬مُبرزا‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الاستثمارات‭ ‬ستكون‭ ‬ثلاثية‭ ‬تونسية‭ -‬أوروبية‭ -‬صينية،‭ ‬محورها‭ ‬الأساسي‭ ‬تونس‭.‬

وبلغت‭ ‬قيمة‭ ‬الاستثمارات‭ ‬الأجنبية‭ ‬المباشرة‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬936‭ ‬مليون‭ ‬دولار،‭ ‬خلال‭ ‬العام‭ ‬الفارط‭ ‬2024،‭ ‬لتُحقّق‭ ‬بذلك‭ ‬زيادة‭ ‬بنسبة‭ ‬21‭ ‬بالمائة،‭ ‬مقارنة‭ ‬بسنة‭ ‬2023‭ ‬وفق‭ ‬ما‭ ‬أظهره‭ ‬التقرير‭ ‬الأخير‭ ‬حول‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬نشره‭ ‬مؤتمر‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬للتجارة‭ ‬والتنمية‭.‬

وتمثل‭ ‬مساعي‭ ‬الصين‭ ‬للتخلي‭ ‬عن‭ ‬الرسوم‭ ‬الجمركية‭ ‬في‭ ‬علاقة‭ ‬بوارداتها‭ ‬من‭ ‬إفريقيا،‭ ‬خطوة‭ ‬هامة‭ ‬لتونس‭ ‬لتقليص‭ ‬عجز‭ ‬الميزان‭ ‬التجاري‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬البلد‭ ‬الآسيوي،‭ ‬وتحقيق‭ ‬توازن‭ ‬في‭ ‬العلاقة‭ ‬التجارية،‭ ‬خاصة‭ ‬وأن‭ ‬الواردات‭ ‬قد‭ ‬سجّلت‭ ‬ارتفاعا‭ ‬مع‭ ‬الصين‭ ‬بنسبة‭ ‬42‭,‬7‭ %‬،‭ ‬خلال‭ ‬الخمسة‭ ‬أشهر‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬العام‭ ‬الجاري‭ ‬2025،‭ ‬وفق‭ ‬معطيات‭ ‬أظهرها‭ ‬المعهد‭ ‬الوطني‭ ‬للإحصاء‭ ‬حول‭ ‬التجارة‭ ‬الخارجية‭ ‬بالأسعار‭ ‬الجارية،‭ ‬ماي‭ ‬2025‭. ‬وفي‭ ‬سنة‭ ‬2024،‭ ‬بلغت‭ ‬المبادلات‭ ‬البينيّة‭ ‬التونسيّة‭ ‬الصينيّة‭ ‬ما‭ ‬قيمته‭ ‬9‭.‬2‭ ‬مليار‭ ‬دينار،‭ ‬مقابل‭ ‬8‭.‬6‭ ‬مليار‭ ‬دينار‭ ‬خلال‭ ‬سنة‭ ‬2023،‭ ‬مسجّلة‭ ‬نسبة‭ ‬تطوّر‭ ‬تقدّر‭ ‬بـ8‭ ‬بالمائة‮ ‬‭.‬

وبحسب‭ ‬مركز‭ ‬النهوض‭ ‬بالصادرات،‭ ‬بلغت‭ ‬عائدات‭ ‬صادرات‭ ‬تونس‭ ‬إلى‭ ‬الصين‭ ‬حوالي‭ ‬217‭ ‬مليون‭ ‬دينار،‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭ ‬2024،‭ ‬حيث‭ ‬شملت‭ ‬أبرز‭ ‬المنتجات‭ ‬مثل‭ ‬زيت‭ ‬الزيتون‭ ‬الذي‭ ‬وصلت‭ ‬عائدات‭ ‬صادراته‭ ‬نحو‭ ‬السّوق‭ ‬الصينيّة‭ ‬إلى‭ ‬68‭ ‬مليون‭ ‬دينار،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬منتجات‭ ‬البحر‭ ‬التي‭ ‬ناهزت‭ ‬43‭ ‬مليون‭ ‬دينار،‭ ‬والتمور‭ ‬التي‭ ‬بلغت‭ ‬صادراتها‭ ‬2،6‭ ‬مليون‭ ‬دينار‭.‬

وكان‭ ‬وزير‭ ‬التجارة‭ ‬وتنمية‭ ‬الصادرات‭ ‬سمير‭ ‬عبيد،‭ ‬قد‭ ‬دعا‭ ‬خلال‭ ‬مشاركته‭ ‬في‭ ‬منتدى‭ ‬التعاون‭ ‬الصيني‭ ‬الإفريقي‭ ‬من‭ ‬10‭ ‬إلى‭ ‬12‭ ‬جوان‭ ‬الجاري،‭ ‬بمدينة‭ ‬تشانغشا‭ ‬الصينية،‭ ‬إلى‭ ‬اتخاذ‭ ‬إجراءات‭ ‬تفاضلية‭ ‬لفائدة‭ ‬المنتوجات‭ ‬الإستراتيجية‭ ‬الإفريقية،‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬زيت‭ ‬الزيتون‭ ‬التونسي،‭ ‬للولوج‭ ‬إلى‭ ‬السوق‭ ‬الصينية‭ ‬وإطلاق‭ ‬شراكات‭ ‬مربحة‭ ‬للطرفين‭.‬

وتهدف‭ ‬الصين‭ ‬إلى‭ ‬تعزيز‭ ‬تعاونها‭ ‬التجاري‭ ‬مع‭ ‬الدول‭ ‬الإفريقية،‭ ‬وتدعيم‭ ‬مكانتها‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاستثمارية‭ ‬في‭ ‬القارة‭ ‬السمراء،‭ ‬متحدية‭ ‬البعد‭ ‬الجغرافي‭ ‬وتكاليف‭ ‬الشحن‭ ‬المرتفعة،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬تبدو‭ ‬الإستراتيجية‭ ‬التجارية‭ ‬الجديدة‭ ‬للصين‭ ‬فرصة‭ ‬لافتة‭ ‬للشركات‭ ‬التونسية‭ ‬والأجنبية‭ ‬المنتصبة‭ ‬في‭ ‬بلادنا‭ ‬لمزيد‭ ‬تدفق‭ ‬مختلف‭ ‬سلعها‭ ‬وبضائعها‭ ‬إلى‭ ‬الصين،‭ ‬مما‭ ‬يسمح‭ ‬برفع‭ ‬رقم‭ ‬معاملاتها،‭ ‬والحضور‭ ‬بكثافة‭ ‬تجاريا‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬البلد،‭ ‬وكسب‭ ‬سوق‭ ‬جديدة‭.‬

درصاف‭ ‬اللموشي

بعد‭ ‬إلغاء‭ ‬الصين‭ ‬الرسوم‭ ‬الجمركية‭ ‬على‭ ‬وارداتها‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬إفريقيا‭..‬   تونس‭ ‬أمام‭ ‬فرص‭ ‬تصديرية‭ ‬أكبر‭..‬

قررت‭ ‬الصين‭ ‬بشكل‭ ‬رسمي‭ ‬إلغاء‭ ‬الرسوم‭ ‬الجمركية‭ ‬بخصوص‭ ‬وارداتها‭ ‬من‭ ‬53‭ ‬دولة‭ ‬إفريقية،‮ ‬وأعلنت مؤخرا‭ ‬أنها‭ ‬ستقوم‭ ‬بتوسيع‭ ‬عدد‭ ‬الدول‭ ‬الإفريقية‭ ‬المعنية‭ ‬بالإعفاءات‭ ‬الجمركية‭ ‬من‭ ‬33‭ ‬دولة‭ ‬إفريقية‭ ‬إلى‭ ‬53‭ ‬دولة‭.‬

ومن‭ ‬المنتظر‭ ‬أن‭ ‬يشمل‭ ‬هذا‭ ‬القرار‭ ‬الجديد‭ ‬تونس،‭ ‬بما‭ ‬أن‭ ‬الصين‭ ‬قد‭ ‬أكدت‭ ‬استعدادها‭ ‬لحذف‭ ‬الرسوم‭ ‬الجمركية‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬الدول‭ ‬الإفريقية‭ ‬التي‭ ‬تربطها‭ ‬علاقات‭ ‬دبلوماسية‭ ‬مع‭ ‬الصين،‭ ‬باستثناء‭ ‬دولة‭ ‬إسواتيني،‭ ‬التي‭ ‬تدعم‭ ‬تايوان‭.‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬الإطار،‭ ‬أورد‭ ‬الخبير‭ ‬المحاسب‭ ‬ماهر‭ ‬قعيدة‭ ‬أن‭ ‬الرغبة‭ ‬الصينية‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬تشمل‭ ‬الإعفاءات‭ ‬الجمركية‭ ‬عددا‭ ‬كبيرا‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الإفريقية‭ ‬تأتي‭ ‬كردّ‭ ‬فعل‭ ‬صيني‭ ‬بعد‭ ‬قرار‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬رفع‭ ‬قيمة‭ ‬الرسوم‭ ‬الجمركية‭ ‬على‭ ‬الواردات‭ ‬المتأتية‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬عديدة‭ ‬خاصة‭ ‬من‭ ‬الصين‭ ‬والدول‭ ‬الأوروبية‭.‬

الصين‭ ‬والرغبة‭ ‬في‭ ‬طرح‭ ‬نفسها‭ ‬بديلا‭ ‬تجاريا

واعتبر‭ ‬ماهر‭ ‬قعيدة‭ ‬لـ«الصباح‮»‬‭ ‬أن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬أرادت‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الزيادة‭ ‬في‭ ‬الرسوم‭ ‬الجمركية‭ ‬إعادة‭ ‬تنظيم‭ ‬المبادلات‭ ‬التجارية‭ ‬الدولية‭ ‬وفق‭ ‬قوانين‭ ‬جديدة،‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬الصين‭ ‬ترى‭ ‬أنه‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تُغّير‭ ‬سياساتها‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والتجارية‭ ‬لمواجهة‭ ‬القرار‭ ‬الأمريكي‭ ‬ولطرح‭ ‬نفسها‭ ‬كبديل‭ ‬تجاري‭ ‬أمام‭ ‬الدول‭ ‬المُتضرّرة‭ ‬من‭ ‬فرض‭ ‬رسوم‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬الجانب‭ ‬الأمريكي‭.‬

وفي‭ ‬ذات‭ ‬السياق،‭ ‬قال‭ ‬الخبير‭ ‬المحاسب،‭ ‬أن‭ ‬الصين‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬الانفتاح‭ ‬على‭ ‬أسواق‭ ‬جديدة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬صعوبة‭ ‬النفاذ‭ ‬بسلاسة‭ ‬إلى‭ ‬الأسواق‭ ‬الأمريكية،‭ ‬ومن‭ ‬بين‭ ‬أبرز‭ ‬هذه‭ ‬الأسواق،‭ ‬الأسواق‭ ‬الإفريقية‭ ‬كونها‭ ‬سوقا‭ ‬استهلاكية‭ ‬كبرى‭ ‬تضم‭ ‬1‭.‬5‭ ‬مليار‭ ‬نسمة،‭ ‬ومن‭ ‬المتوقّع‭ ‬أن‭ ‬يصل‭ ‬عدد‭ ‬سكان‭ ‬إفريقيا‭ ‬بحلول‭ ‬سنة‭ ‬2050،‭ ‬2‭.‬5‭ ‬مليار‭ ‬نسمة،‭ ‬كما‭ ‬تحاول‭ ‬الصين،‭ ‬الاستفادة‭ ‬بنجاعة‭ ‬من‭ ‬الموارد‭ ‬الطبيعية‭ ‬الضخمة‭ ‬المتواجدة‭ ‬في‭ ‬إفريقيا‭.‬

فرص‭ ‬تصديرية‭ ‬هامة

وحول‭ ‬استفادة‭ ‬تونس‭ ‬من‭ ‬الإجراءات‭ ‬الجديدة‭ ‬التي‭ ‬ستطبقها‭ ‬الصين‭ ‬بخصوص‭ ‬الإعفاءات‭ ‬الجمركية،‭ ‬ذكر‭ ‬محدثنا‭ ‬أن‭ ‬تونس‭ ‬لديها‭ ‬إمكانيات‭ ‬تصديرية‭ ‬إلى‭ ‬الصين‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬الوقت‭ ‬الحالي‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬القطاعات‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬الفسفاط‭ ‬والمنتوجات‭ ‬الفلاحية‭ ‬كزيت‭ ‬الزيتون‭ ‬والتمور‭ ‬والقشريات‭ ‬لاسيما‭ ‬القمبري،‭ ‬وهي‭ ‬قطاعات‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬أن‭ ‬تشهد‭ ‬بسهولة‭ ‬منحى‭ ‬تصاعديا‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الصادرات‭ ‬نحو‭ ‬الصين‭ ‬في‭ ‬الأشهر‭ ‬القادمة‭.‬

كما‭ ‬أكد‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬قطاعات‭ ‬واعدة‭ ‬ذات‭ ‬قدرات‭ ‬تنافسية‭ ‬عالية‭ ‬أظهرت‭ ‬التفوّق‭ ‬التونسي‭ ‬عربيا‭ ‬وإفريقيا،‭ ‬ويمكن‭ ‬تصدير‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬المنتوجات‭ ‬إلى‭ ‬الصين‭ ‬من‭ ‬ضمنها‭ ‬مكونات‭ ‬الأجهزة‭ ‬السلكية‭ ‬واللاسلكية‭ ‬ومكونات‭ ‬صناعة‭ ‬السيارات‭.‬

واعتبر‭ ‬محدثنا‭ ‬أن‭ ‬الرخام‭ ‬يعدّ‭ ‬مطلوبا‭ ‬بقوة‭ ‬في‭ ‬السوق‭ ‬الصينية،‭ ‬وبما‭ ‬أن‭ ‬تونس‭ ‬تملك‭ ‬ثروات‭ ‬هائلة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال،‭ ‬فإن‭ ‬بلادنا‭ ‬باستطاعتها‭ ‬تزويد‭ ‬الصين‭ ‬بكميات‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬الرخام‭.‬

استثمارات‭ ‬ثلاثية‭ ‬تونسية‭ ‬–أوروبية‭- ‬صينية

وبخصوص‭ ‬الاستثمارات‭ ‬الخارجية‭ ‬بتونس،‭ ‬يرى‭ ‬ماهر‭ ‬قعيدة‭ ‬أنه‭ ‬بعد‭ ‬دخول‭ ‬إلغاء‭ ‬الرسوم‭ ‬الجمركية‭ ‬حيز‭ ‬التنفيذ،‭ ‬ستعرف‭ ‬الاستثمارات‭ ‬الصينية‭ ‬والأوروبية‭ ‬تدفقا‭ ‬أكبر‭ ‬إلى‭ ‬تونس‭ ‬على‭ ‬خلفية‭ ‬أن‭ ‬الشركات‭ ‬الأوروبية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تصنيعها‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬ستصبح‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬تصدير‭ ‬منتوجاتها‭ ‬إلى‭ ‬الصين‭ ‬دون‭ ‬حواجز‭ ‬جمركية،‭ ‬مُبرزا‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الاستثمارات‭ ‬ستكون‭ ‬ثلاثية‭ ‬تونسية‭ -‬أوروبية‭ -‬صينية،‭ ‬محورها‭ ‬الأساسي‭ ‬تونس‭.‬

وبلغت‭ ‬قيمة‭ ‬الاستثمارات‭ ‬الأجنبية‭ ‬المباشرة‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬936‭ ‬مليون‭ ‬دولار،‭ ‬خلال‭ ‬العام‭ ‬الفارط‭ ‬2024،‭ ‬لتُحقّق‭ ‬بذلك‭ ‬زيادة‭ ‬بنسبة‭ ‬21‭ ‬بالمائة،‭ ‬مقارنة‭ ‬بسنة‭ ‬2023‭ ‬وفق‭ ‬ما‭ ‬أظهره‭ ‬التقرير‭ ‬الأخير‭ ‬حول‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬نشره‭ ‬مؤتمر‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬للتجارة‭ ‬والتنمية‭.‬

وتمثل‭ ‬مساعي‭ ‬الصين‭ ‬للتخلي‭ ‬عن‭ ‬الرسوم‭ ‬الجمركية‭ ‬في‭ ‬علاقة‭ ‬بوارداتها‭ ‬من‭ ‬إفريقيا،‭ ‬خطوة‭ ‬هامة‭ ‬لتونس‭ ‬لتقليص‭ ‬عجز‭ ‬الميزان‭ ‬التجاري‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬البلد‭ ‬الآسيوي،‭ ‬وتحقيق‭ ‬توازن‭ ‬في‭ ‬العلاقة‭ ‬التجارية،‭ ‬خاصة‭ ‬وأن‭ ‬الواردات‭ ‬قد‭ ‬سجّلت‭ ‬ارتفاعا‭ ‬مع‭ ‬الصين‭ ‬بنسبة‭ ‬42‭,‬7‭ %‬،‭ ‬خلال‭ ‬الخمسة‭ ‬أشهر‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬العام‭ ‬الجاري‭ ‬2025،‭ ‬وفق‭ ‬معطيات‭ ‬أظهرها‭ ‬المعهد‭ ‬الوطني‭ ‬للإحصاء‭ ‬حول‭ ‬التجارة‭ ‬الخارجية‭ ‬بالأسعار‭ ‬الجارية،‭ ‬ماي‭ ‬2025‭. ‬وفي‭ ‬سنة‭ ‬2024،‭ ‬بلغت‭ ‬المبادلات‭ ‬البينيّة‭ ‬التونسيّة‭ ‬الصينيّة‭ ‬ما‭ ‬قيمته‭ ‬9‭.‬2‭ ‬مليار‭ ‬دينار،‭ ‬مقابل‭ ‬8‭.‬6‭ ‬مليار‭ ‬دينار‭ ‬خلال‭ ‬سنة‭ ‬2023،‭ ‬مسجّلة‭ ‬نسبة‭ ‬تطوّر‭ ‬تقدّر‭ ‬بـ8‭ ‬بالمائة‮ ‬‭.‬

وبحسب‭ ‬مركز‭ ‬النهوض‭ ‬بالصادرات،‭ ‬بلغت‭ ‬عائدات‭ ‬صادرات‭ ‬تونس‭ ‬إلى‭ ‬الصين‭ ‬حوالي‭ ‬217‭ ‬مليون‭ ‬دينار،‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭ ‬2024،‭ ‬حيث‭ ‬شملت‭ ‬أبرز‭ ‬المنتجات‭ ‬مثل‭ ‬زيت‭ ‬الزيتون‭ ‬الذي‭ ‬وصلت‭ ‬عائدات‭ ‬صادراته‭ ‬نحو‭ ‬السّوق‭ ‬الصينيّة‭ ‬إلى‭ ‬68‭ ‬مليون‭ ‬دينار،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬منتجات‭ ‬البحر‭ ‬التي‭ ‬ناهزت‭ ‬43‭ ‬مليون‭ ‬دينار،‭ ‬والتمور‭ ‬التي‭ ‬بلغت‭ ‬صادراتها‭ ‬2،6‭ ‬مليون‭ ‬دينار‭.‬

وكان‭ ‬وزير‭ ‬التجارة‭ ‬وتنمية‭ ‬الصادرات‭ ‬سمير‭ ‬عبيد،‭ ‬قد‭ ‬دعا‭ ‬خلال‭ ‬مشاركته‭ ‬في‭ ‬منتدى‭ ‬التعاون‭ ‬الصيني‭ ‬الإفريقي‭ ‬من‭ ‬10‭ ‬إلى‭ ‬12‭ ‬جوان‭ ‬الجاري،‭ ‬بمدينة‭ ‬تشانغشا‭ ‬الصينية،‭ ‬إلى‭ ‬اتخاذ‭ ‬إجراءات‭ ‬تفاضلية‭ ‬لفائدة‭ ‬المنتوجات‭ ‬الإستراتيجية‭ ‬الإفريقية،‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬زيت‭ ‬الزيتون‭ ‬التونسي،‭ ‬للولوج‭ ‬إلى‭ ‬السوق‭ ‬الصينية‭ ‬وإطلاق‭ ‬شراكات‭ ‬مربحة‭ ‬للطرفين‭.‬

وتهدف‭ ‬الصين‭ ‬إلى‭ ‬تعزيز‭ ‬تعاونها‭ ‬التجاري‭ ‬مع‭ ‬الدول‭ ‬الإفريقية،‭ ‬وتدعيم‭ ‬مكانتها‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاستثمارية‭ ‬في‭ ‬القارة‭ ‬السمراء،‭ ‬متحدية‭ ‬البعد‭ ‬الجغرافي‭ ‬وتكاليف‭ ‬الشحن‭ ‬المرتفعة،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬تبدو‭ ‬الإستراتيجية‭ ‬التجارية‭ ‬الجديدة‭ ‬للصين‭ ‬فرصة‭ ‬لافتة‭ ‬للشركات‭ ‬التونسية‭ ‬والأجنبية‭ ‬المنتصبة‭ ‬في‭ ‬بلادنا‭ ‬لمزيد‭ ‬تدفق‭ ‬مختلف‭ ‬سلعها‭ ‬وبضائعها‭ ‬إلى‭ ‬الصين،‭ ‬مما‭ ‬يسمح‭ ‬برفع‭ ‬رقم‭ ‬معاملاتها،‭ ‬والحضور‭ ‬بكثافة‭ ‬تجاريا‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬البلد،‭ ‬وكسب‭ ‬سوق‭ ‬جديدة‭.‬

درصاف‭ ‬اللموشي