نسب النجاح فيهما "تهاوت" خلال الدورة الرئيسية لباكالوريا 2025.. تراجع نتائج شعبتي "الآداب" والاقتصاد والتصرف".. ودعوات إلى مراجعة المناهج والتقييمات
مقالات الصباح
باحت باكالوريا 2025 في دورتها الرئيسية بأسرارها، لتكشف عن تراجع حاد في نسبة نجاح بعض الشعب، وعلى رأسها شعبتا الآداب والاقتصاد والتصرف، مقارنة بالدورة الماضية، بما يطرح أكثر من سؤال، باعتبار أن نسبة التراجع كبيرة ولافتة.
ومع ذلك، ورغم «التهاوي» المسجل في نسبة النجاح في كلتا الشعبتين، والتي تقف وراءه أسباب عديدة، فإن التدارك يظل ممكنًا وقائمًا في دورة المراقبة.
في هذا الخصوص، كشفت باكالوريا 2025 عن خباياها، معلنة عن نسبة نجاح عامة تُقدّر بـ37 بالمائة. وفيما حافظت بعض الشعب العلمية على الصدارة من حيث نسب النجاح المسجلة، مثلما هو الحال في كل دورة، على غرار شعبة الرياضيات، فإن الملفت للانتباه هذه السنة هو التراجع و»التهاوي» الحاصل في شعبة الاقتصاد والتصرف من حيث نسبة النجاح، والتي بلغت 28.95 بالمائة خلال هذه الدورة، بعد أن بلغت 38.38 بالمائة في باكالوريا 2024، علمًا أن هذه الشعبة كانت تحتل مراكز متقدمة من حيث نسب النجاح خلال العشر سنوات الماضية.
أما فيما يتعلق بشعبة الآداب، فقد بلغت نسبة النجاح 23.02 بالمائة خلال هذه الدورة، في حين بلغت 28.07 بالمائة خلال الدورة الرئيسية من العام الماضي.
هذا التراجع أثار موجة من التساؤلات والجدل في الأوساط التربوية والأسرية على حد سواء. فالمسألة لا تنحصر في مجرد تراجع نسبي، فالفارق في نسبة النجاح مقارنة بالدورة الماضية يعتبر صادمًا وملفتًا للانتباه، مما يستدعي وقفة تقييم جدية.
ويبدو أن هذا التراجع يعود في الشعبتين إلى عديد الأسباب والعوامل التي تختلف من تلميذ إلى آخر، ذلك أن أغلب الاختبارات – وفقًا للمهتمين بالشأن التربوي – في شعبة الآداب تبدو في ظاهرها في متناول المترشح، لكن الحقيقة مغايرة تمامًا، إذ كانت بعض الاختبارات صعبة، وأخرى تُعتبر من السهل الممتنع، حيث حملت بين «سطورها» الكثير من «الفخاخ» التي يقع فيها التلميذ، سواء من حيث منهجية الطرح أو كيفية معالجة الموضوع، خاصة أن بعض التلاميذ يعمدون إلى إسقاط بعض المحاور برمتها، بدعوى التركيز على محاور بعينها، وهو «ما أسقط حساباتهم في الماء»، خاصة أن بعض المواضيع تضمّنت فخاخًا مركّبة، سواء على مستوى الصياغة أو في الطريقة المنهجية المطلوبة لمعالجتها، مما أربك المترشحين.
أما مسألة تراجع نتائج شعبة الاقتصاد والتصرف، فإنها ليست بعيدة هي الأخرى عن هذا المنحى، باعتبار أن أغلب الاختبارات كانت صعبة، وعبّر أغلب التلاميذ صراحة عن تذمرهم من هذا الجانب، باعتبار أن اختبارات باكالوريا 2025 لم تكن في متناول التلميذ المتوسط، وهو ما قد يفسر – ولو نسبيًا – سبب تراجع نسب النجاح في هذه الشعبة.
وفي هذا السياق، عبّر الكثير من التلاميذ علنًا عن تذمرهم من مستوى صعوبة الاختبارات، خاصة في مواد التخصص، التي بدت – بحسب تعبيرهم – بعيدة كل البعد عن «المستوى المتوسط» المنتظر.
ويبدو، وفقًا لأهل الاختصاص، أن الفجوة تتسع بين محتوى البرامج الرسمية وما يتمكن التلميذ فعليًا من استيعابه على مدار السنة، في ظل الضغط الزمني الكبير، وارتفاع نسب اللجوء إلى الدروس الخصوصية التي لم تعد خيارًا تكميليًا، بل ضرورة مُكلفة تُثقل كاهل العائلات.
وقد أجمع عدد من التلاميذ الذين اجتازوا الامتحانات في شعبتي الآداب والاقتصاد والتصرف، في تصريحات متفرقة، على أنهم شعروا وكأن الامتحان لا «يعترف» بمستواهم، ولا يعكس حقيقة مجهوداتهم. حيث لم تكن المواضيع فقط صعبة، بل محبطة، كأنها كُتبت لاجتياز حاجز النخبة فقط، على حد تشخيصهم.
من جهة أخرى، وبالتوازي مع صعوبة الاختبارات المقدمة من وجهة نظر التلاميذ، فإن أغلبهم عبّروا عن استنكارهم للمقاييس والمعايير المعتمدة في عملية الإصلاح، داعين في هذا الخصوص سلطة الإشراف إلى تدارك الأمر ومراجعة هذه المقاييس في دورة المراقبة، على اعتبار أن كثيرًا من التلاميذ كانوا على يقين بنجاحهم في الدورة الرئيسية، ليتفاجؤوا لاحقًا بالنتيجة، رغم تأكيدهم أن طريقة حلهم للاختبار مقبولة، وقد يكون هناك تشدد في معايير ومقاييس الإصلاح وإسناد الأعداد.
وفي هذا الإطار، تساءل بعض الأولياء والمربين عن معايير التقييم، ومدى مراعاتها للظرف التربوي والاجتماعي العام، إذ يعتقد البعض أن نسبة الرسوب لا تعكس بالضرورة مستوى ضعف التلميذ، بقدر ما تكشف عن خلل أعمق في علاقة الامتحان بمحتوى التكوين وأسلوب التقييم.
وفي هذا الجانب، فإن ما زاد من حدّة التراجع في نسب النجاح، وفق عدد من الملاحظين، هو تشدد مقاييس الإصلاح المعتمدة، سواء على مستوى التصحيح أو في طريقة احتساب المعدلات. فقد وجد عدد كبير من التلاميذ أنفسهم خارج دورة النجاح الرئيسية، رغم يقينهم من النجاح، ليُحالوا إلى دورة المراقبة.
وقد أثار هذا التوجه تساؤلات حول مدى ملاءمة هذه المقاييس للواقع التربوي والاجتماعي الحالي، ومدى مراعاتها للتفاوت الحاصل بين المؤسسات التربوية وظروف التكوين، خاصة في الجهات ذات البنية التربوية الهشة.
وفي هذا الإطار، واستنادًا إلى نسب التراجع المسجلة في كلتا الشعبتين مقارنة بالدورة الماضية، والتي تهاوت تقريبًا إلى النصف، فقد تعالت أصوات تؤكد أنه لا يمكن الحديث عن تراجع نسب النجاح دون التوقف عند مسألة المناهج التعليمية، التي بات إصلاحها ضرورة ملحّة، شريطة أن يتم هذا الإصلاح وفق رؤية مدروسة وتدرج واقعي يأخذ بعين الاعتبار خصوصيات كل شعبة، حتى لا يتحمل التلميذ تبعات خيارات تتجاوزه.
في هذا الخضم، وبالعودة إلى التراجع الحاصل في نسب النجاح في شعبتي الآداب والاقتصاد والتصرف، فإن باب التدارك لا يزال ممكنًا، خصوصًا إذا أخذت الوزارة بعين الاعتبار أسباب هذا التراجع الملحوظ مقارنة بالدورة الماضية، مما قد يُفسح المجال لتدارك موضوعي ومنصف خلال دورة المراقبة.
فالأمل قائم، والحظوظ باقية: فحظًا سعيدًا وموفقا للجميع.
منال حرزي
باحت باكالوريا 2025 في دورتها الرئيسية بأسرارها، لتكشف عن تراجع حاد في نسبة نجاح بعض الشعب، وعلى رأسها شعبتا الآداب والاقتصاد والتصرف، مقارنة بالدورة الماضية، بما يطرح أكثر من سؤال، باعتبار أن نسبة التراجع كبيرة ولافتة.
ومع ذلك، ورغم «التهاوي» المسجل في نسبة النجاح في كلتا الشعبتين، والتي تقف وراءه أسباب عديدة، فإن التدارك يظل ممكنًا وقائمًا في دورة المراقبة.
في هذا الخصوص، كشفت باكالوريا 2025 عن خباياها، معلنة عن نسبة نجاح عامة تُقدّر بـ37 بالمائة. وفيما حافظت بعض الشعب العلمية على الصدارة من حيث نسب النجاح المسجلة، مثلما هو الحال في كل دورة، على غرار شعبة الرياضيات، فإن الملفت للانتباه هذه السنة هو التراجع و»التهاوي» الحاصل في شعبة الاقتصاد والتصرف من حيث نسبة النجاح، والتي بلغت 28.95 بالمائة خلال هذه الدورة، بعد أن بلغت 38.38 بالمائة في باكالوريا 2024، علمًا أن هذه الشعبة كانت تحتل مراكز متقدمة من حيث نسب النجاح خلال العشر سنوات الماضية.
أما فيما يتعلق بشعبة الآداب، فقد بلغت نسبة النجاح 23.02 بالمائة خلال هذه الدورة، في حين بلغت 28.07 بالمائة خلال الدورة الرئيسية من العام الماضي.
هذا التراجع أثار موجة من التساؤلات والجدل في الأوساط التربوية والأسرية على حد سواء. فالمسألة لا تنحصر في مجرد تراجع نسبي، فالفارق في نسبة النجاح مقارنة بالدورة الماضية يعتبر صادمًا وملفتًا للانتباه، مما يستدعي وقفة تقييم جدية.
ويبدو أن هذا التراجع يعود في الشعبتين إلى عديد الأسباب والعوامل التي تختلف من تلميذ إلى آخر، ذلك أن أغلب الاختبارات – وفقًا للمهتمين بالشأن التربوي – في شعبة الآداب تبدو في ظاهرها في متناول المترشح، لكن الحقيقة مغايرة تمامًا، إذ كانت بعض الاختبارات صعبة، وأخرى تُعتبر من السهل الممتنع، حيث حملت بين «سطورها» الكثير من «الفخاخ» التي يقع فيها التلميذ، سواء من حيث منهجية الطرح أو كيفية معالجة الموضوع، خاصة أن بعض التلاميذ يعمدون إلى إسقاط بعض المحاور برمتها، بدعوى التركيز على محاور بعينها، وهو «ما أسقط حساباتهم في الماء»، خاصة أن بعض المواضيع تضمّنت فخاخًا مركّبة، سواء على مستوى الصياغة أو في الطريقة المنهجية المطلوبة لمعالجتها، مما أربك المترشحين.
أما مسألة تراجع نتائج شعبة الاقتصاد والتصرف، فإنها ليست بعيدة هي الأخرى عن هذا المنحى، باعتبار أن أغلب الاختبارات كانت صعبة، وعبّر أغلب التلاميذ صراحة عن تذمرهم من هذا الجانب، باعتبار أن اختبارات باكالوريا 2025 لم تكن في متناول التلميذ المتوسط، وهو ما قد يفسر – ولو نسبيًا – سبب تراجع نسب النجاح في هذه الشعبة.
وفي هذا السياق، عبّر الكثير من التلاميذ علنًا عن تذمرهم من مستوى صعوبة الاختبارات، خاصة في مواد التخصص، التي بدت – بحسب تعبيرهم – بعيدة كل البعد عن «المستوى المتوسط» المنتظر.
ويبدو، وفقًا لأهل الاختصاص، أن الفجوة تتسع بين محتوى البرامج الرسمية وما يتمكن التلميذ فعليًا من استيعابه على مدار السنة، في ظل الضغط الزمني الكبير، وارتفاع نسب اللجوء إلى الدروس الخصوصية التي لم تعد خيارًا تكميليًا، بل ضرورة مُكلفة تُثقل كاهل العائلات.
وقد أجمع عدد من التلاميذ الذين اجتازوا الامتحانات في شعبتي الآداب والاقتصاد والتصرف، في تصريحات متفرقة، على أنهم شعروا وكأن الامتحان لا «يعترف» بمستواهم، ولا يعكس حقيقة مجهوداتهم. حيث لم تكن المواضيع فقط صعبة، بل محبطة، كأنها كُتبت لاجتياز حاجز النخبة فقط، على حد تشخيصهم.
من جهة أخرى، وبالتوازي مع صعوبة الاختبارات المقدمة من وجهة نظر التلاميذ، فإن أغلبهم عبّروا عن استنكارهم للمقاييس والمعايير المعتمدة في عملية الإصلاح، داعين في هذا الخصوص سلطة الإشراف إلى تدارك الأمر ومراجعة هذه المقاييس في دورة المراقبة، على اعتبار أن كثيرًا من التلاميذ كانوا على يقين بنجاحهم في الدورة الرئيسية، ليتفاجؤوا لاحقًا بالنتيجة، رغم تأكيدهم أن طريقة حلهم للاختبار مقبولة، وقد يكون هناك تشدد في معايير ومقاييس الإصلاح وإسناد الأعداد.
وفي هذا الإطار، تساءل بعض الأولياء والمربين عن معايير التقييم، ومدى مراعاتها للظرف التربوي والاجتماعي العام، إذ يعتقد البعض أن نسبة الرسوب لا تعكس بالضرورة مستوى ضعف التلميذ، بقدر ما تكشف عن خلل أعمق في علاقة الامتحان بمحتوى التكوين وأسلوب التقييم.
وفي هذا الجانب، فإن ما زاد من حدّة التراجع في نسب النجاح، وفق عدد من الملاحظين، هو تشدد مقاييس الإصلاح المعتمدة، سواء على مستوى التصحيح أو في طريقة احتساب المعدلات. فقد وجد عدد كبير من التلاميذ أنفسهم خارج دورة النجاح الرئيسية، رغم يقينهم من النجاح، ليُحالوا إلى دورة المراقبة.
وقد أثار هذا التوجه تساؤلات حول مدى ملاءمة هذه المقاييس للواقع التربوي والاجتماعي الحالي، ومدى مراعاتها للتفاوت الحاصل بين المؤسسات التربوية وظروف التكوين، خاصة في الجهات ذات البنية التربوية الهشة.
وفي هذا الإطار، واستنادًا إلى نسب التراجع المسجلة في كلتا الشعبتين مقارنة بالدورة الماضية، والتي تهاوت تقريبًا إلى النصف، فقد تعالت أصوات تؤكد أنه لا يمكن الحديث عن تراجع نسب النجاح دون التوقف عند مسألة المناهج التعليمية، التي بات إصلاحها ضرورة ملحّة، شريطة أن يتم هذا الإصلاح وفق رؤية مدروسة وتدرج واقعي يأخذ بعين الاعتبار خصوصيات كل شعبة، حتى لا يتحمل التلميذ تبعات خيارات تتجاوزه.
في هذا الخضم، وبالعودة إلى التراجع الحاصل في نسب النجاح في شعبتي الآداب والاقتصاد والتصرف، فإن باب التدارك لا يزال ممكنًا، خصوصًا إذا أخذت الوزارة بعين الاعتبار أسباب هذا التراجع الملحوظ مقارنة بالدورة الماضية، مما قد يُفسح المجال لتدارك موضوعي ومنصف خلال دورة المراقبة.
فالأمل قائم، والحظوظ باقية: فحظًا سعيدًا وموفقا للجميع.
منال حرزي