إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

احتلت‭ ‬المرتبة‭ ‬الثانية‭ ‬إفريقيا‭.. ‬تونس تسجل تقدمًا‭ ‬بـ27‭ ‬ مرتبة ‭ ‬في‭ ‬مؤشر‭ ‬التحول‭ ‬الطاقي‭ ‬لسنة ‭ ‬2025

في‭ ‬إنجاز‭ ‬ملفت‭ ‬يعكس‭ ‬تطورا‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬الطاقة،‭ ‬سجلت‭ ‬تونس‭ ‬تقدمًا‭ ‬بـ27‭ ‬مرتبة‭ ‬في‭ ‬مؤشر‭ ‬التحول‭ ‬الطاقي‭ ‬لسنة‭ ‬2025،‭ ‬وفق‭ ‬تقرير‭ ‬المنتدى‭ ‬الاقتصادي‭ ‬العالمي‭. ‬وجاءت‭ ‬تونس‭ ‬في‭ ‬المرتبة‭ ‬62‭ ‬عالميا،‭ ‬والثانية‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬القارة‭ ‬الإفريقية،‭ ‬مما‭ ‬يمثل‭ ‬خطوة‭ ‬نوعية‭ ‬نحو‭ ‬تحقيق‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة‭ ‬وتعزيز‭ ‬حضورها‭ ‬في‭ ‬المشهد‭ ‬الدولي‭ ‬للطاقة‭. ‬وقد‭ ‬حققت‭ ‬تونس‭ ‬مجموع‭ ‬54‭.‬6‭ ‬نقطة‭ ‬في‭ ‬المؤشر،‭ ‬مستفيدة‭ ‬من‭ ‬تقدمها‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬الأمن‭ ‬الطاقي،‭ ‬والاستدامة،‭ ‬وعدالة‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬الطاقة‭.‬ 

ويعكس‭ ‬تقدم‭ ‬تونس‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المؤشر‭ ‬نجاحا‭ ‬ملموسا‭ ‬في‭ ‬تحسين‭ ‬هذه‭ ‬المحاور‭ ‬الثلاثة،‭ ‬مما‭ ‬يعزز‭ ‬ثقة‭ ‬المستثمرين‭ ‬الدوليين‭ ‬في‭ ‬الاقتصاد‭ ‬التونسي‭ ‬ويؤكد‭ ‬التزام‭ ‬البلاد‭ ‬بتحقيق‭ ‬الأهداف‭ ‬المناخية‭ ‬العالمية‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬القفزة‭ ‬النوعية‭ ‬تظهر‭ ‬قدرة‭ ‬تونس‭ ‬على‭ ‬مواجهة‭ ‬التحديات‭ ‬الهيكلية‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬الطاقة‭.‬
ويعد‭ ‬مؤشر‭ ‬التحول‭ ‬الطاقي‭ ‬مقياسا‭ ‬عالميا،‭ ‬يعكس‭ ‬أداء‭ ‬الدول‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬تحول‭ ‬عادل‭ ‬ومستدام‭ ‬لأنظمة‭ ‬الطاقة‭. ‬ويركز‭ ‬على‭ ‬ثلاثة‭ ‬أبعاد‭ ‬رئيسية‭ ‬هي‭ ‬أمن‭ ‬الطاقة،‭ ‬استدامة‭ ‬نظم‭ ‬الطاقة،‭ ‬وإمكانية‭ ‬الوصول‭ ‬العادل‭ ‬للطاقة‭.‬
تحقيق‭ ‬التوازن‭ ‬الطاقي
أحد‭ ‬أبرز‭ ‬المحاور‭ ‬التي‭ ‬ساهمت‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬التقدم‭ ‬هو‭ ‬تحسين‭ ‬الأمن‭ ‬الطاقي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تنويع‭ ‬مصادر‭ ‬الطاقة‭ ‬وتقليل‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬الوقود‭ ‬الأحفوري‭ ‬المستورد‭. ‬وقد‭ ‬ركزت‭ ‬تونس‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭ ‬على‭ ‬تعزيز‭ ‬إنتاجها‭ ‬من‭ ‬الطاقة‭ ‬المتجددة‭ ‬مثل‭ ‬الطاقة‭ ‬الشمسية‭ ‬وطاقة‭ ‬الرياح،‭ ‬حيث‭ ‬أطلقت‭ ‬مشاريع‭ ‬كبرى‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬رفع‭ ‬نسبة‭ ‬الطاقة‭ ‬المتجددة‭ ‬من‭ ‬إجمالي‭ ‬الإنتاج‭ ‬الطاقي‭ ‬إلى‭ ‬30‭ % ‬بحلول‭ ‬عام‭ ‬2030‭.‬
من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى،‭ ‬حظيت‭ ‬الاستدامة‭ ‬الطاقية‭ ‬باهتمام‭ ‬متزايد‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تبني‭ ‬سياسات‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬تخفيض‭ ‬الانبعاثات‭ ‬الكربونية‭ ‬وتحسين‭ ‬كفاءة‭ ‬استهلاك‭ ‬الطاقة‭ ‬في‭ ‬القطاعات‭ ‬الصناعية‭ ‬والسكنية‭. ‬وقد‭ ‬ساهمت‭ ‬هذه‭ ‬الجهود‭ ‬في‭ ‬تحسين‭ ‬ترتيب‭ ‬تونس‭ ‬في‭ ‬المؤشر،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬تصاعد‭ ‬التحديات‭ ‬البيئية‭ ‬العالمية‭.‬
عدالة‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬الطاقة
ويشكل‭ ‬ضمان‭ ‬عدالة‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬الطاقة‭ ‬ركيزة‭ ‬أساسية‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬إستراتيجية‭ ‬طاقية‭ ‬ناجحة،‭ ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭ ‬عملت‭ ‬تونس‭ ‬على‭ ‬توسيع‭ ‬شبكات‭ ‬الكهرباء‭ ‬والغاز‭ ‬الطبيعي‭ ‬لتغطية‭ ‬المناطق‭ ‬النائية‭ ‬والريفية،‭ ‬مما‭ ‬ساهم‭ ‬في‭ ‬تحسين‭ ‬الظروف‭ ‬المعيشية‭ ‬لملايين‭ ‬المواطنين‭. ‬كما‭ ‬أطلقت‭ ‬برامج‭ ‬لدعم‭ ‬الفئات‭ ‬الأقل‭ ‬دخلا‭ ‬لتخفيف‭ ‬عبء‭ ‬تكاليف‭ ‬الطاقة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬انعكس‭ ‬إيجابيا‭ ‬على‭ ‬المؤشر‭.‬
ويحمل‭ ‬التقدم‭ ‬الذي‭ ‬حققته‭ ‬تونس‭ ‬في‭ ‬مؤشر‭ ‬التحول‭ ‬الطاقي‭ ‬انعكاسات‭ ‬إيجابية‭ ‬مباشرة‭ ‬وغير‭ ‬مباشرة‭ ‬على‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الوطني،‭ ‬حيث‭ ‬يعزز‭ ‬هذا‭ ‬الإنجاز‭ ‬جاذبية‭ ‬تونس‭ ‬للاستثمارات‭ ‬الأجنبية،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬الطاقة‭ ‬المتجددة‭ ‬والتكنولوجيا‭ ‬الخضراء‭. ‬فالمستثمرون‭ ‬ينظرون‭ ‬بعين‭ ‬الاهتمام‭ ‬إلى‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تُظهر‭ ‬استقرارا‭ ‬في‭ ‬سياساتها‭ ‬الطاقية‭ ‬والتزاما‭ ‬بمعايير‭ ‬الاستدامة‭.‬
كما‭ ‬يُسهم‭ ‬التحول‭ ‬الطاقي‭ ‬في‭ ‬تقليل‭ ‬فاتورة‭ ‬الاستيراد‭ ‬الطاقي،‭ ‬مما‭ ‬يخفف‭ ‬الضغط‭ ‬على‭ ‬الميزان‭ ‬التجاري‭ ‬ويعزز‭ ‬الاستقلالية‭ ‬الاقتصادية‭.‬
ومن‭ ‬بين‭ ‬أهم‭ ‬الخطوات‭ ‬الايجابية‭ ‬التي‭ ‬قطعتها‭ ‬تونس‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬الطاقة‭ ‬والتحول‭ ‬نحو‭ ‬الطاقات‭ ‬المتجددة،‭ ‬حيث‭ ‬ساهم‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬خلق‭ ‬فرص‭ ‬عمل‭ ‬جديدة‭ ‬للشباب‭ ‬التونسي،‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬البحث‭ ‬والتطوير‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬إنشاء‭ ‬وتشغيل‭ ‬مشاريع‭ ‬الطاقة‭. ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬ارتفاع‭ ‬معدلات‭ ‬البطالة،‭ ‬يأتي‭ ‬هذا‭ ‬القطاع‭ ‬ليُشكل‭ ‬متنفسا‭ ‬هاما‭ ‬للاقتصاد‭ ‬الوطني‭.‬
برامج‭ ‬ومبادرات‭ ‬لدفع‭ ‬قطاع‭ ‬الطاقة
ولضمان‭ ‬استمرارية‭ ‬التقدم‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال،‭ ‬تعمل‭ ‬تونس‭ ‬على‭ ‬تنفيذ‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬البرامج‭ ‬والمبادرات‭ ‬الطموحة‭ ‬التي‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬تطوير‭ ‬قطاع‭ ‬الطاقة‭ ‬وتعزيز‭ ‬استدامته‭. ‬ومن‭ ‬أبرز‭ ‬هذه‭ ‬البرامج‭ ‬مشروع‭ ‬الطاقات‭ ‬المتجددة‭ ‬في‭ ‬الجنوب‭ ‬التونسي،‭ ‬الذي‭ ‬يشمل‭ ‬إنشاء‭ ‬محطات‭ ‬شمسية‭ ‬وريحية‭ ‬كبرى‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬مثل‭ ‬تطاوين‭ ‬وقابس،‭ ‬حيث‭ ‬تتمتع‭ ‬هذه‭ ‬المناطق‭ ‬بإمكانات‭ ‬طبيعية‭ ‬هائلة‭ ‬لإنتاج‭ ‬الطاقة‭ ‬النظيفة‭. ‬كما‭ ‬تسعى‭ ‬تونس‭ ‬لتعزيز‭ ‬الشراكات‭ ‬الدولية‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬الطاقي‭ ‬وخاصة‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬والصين‭ ‬واليابان‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬نقل‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬الخضراء‭ ‬وتطوير‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬للطاقة‭.‬
وفي‭ ‬الفترة‭ ‬الأخيرة،‭ ‬تعمل‭ ‬الحكومة،‭ ‬على‭ ‬تحفيز‭ ‬البحث‭ ‬والتطوير‭ ‬والابتكار‭ ‬لدعم‭ ‬المؤسسات‭ ‬البحثية،‭ ‬والجامعات‭ ‬لتطوير‭ ‬حلول‭ ‬مبتكرة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬كفاءة‭ ‬الطاقة‭ ‬وإنتاج‭ ‬الطاقات‭ ‬البديلة،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬تشجيع‭ ‬الاستثمار‭ ‬الخاص،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬توفير‭ ‬إطار‭ ‬قانوني‭ ‬محفز‭ ‬وضمانات‭ ‬مالية‭ ‬للمستثمرين،‭ ‬وجذب‭ ‬رؤوس‭ ‬الأموال‭ ‬المحلية‭ ‬والأجنبية‭ ‬للاستثمار‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬الطاقة‭.‬
تذليل‭ ‬العقبات‭ ‬لتحقيق‭ ‬الأمن‭ ‬الطاقي‮ ‬
رغم‭ ‬هذه‭ ‬الإنجازات،‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬تونس‭ ‬تواجه‭ ‬بعض‭ ‬التحديات‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬الأمن‭ ‬الطاقي‭ ‬الكامل،‭ ‬حيث‭ ‬يحتاج‭ ‬قطاع‭ ‬الطاقة‭ ‬وفق‭ ‬ما‭ ‬أفاد‭ ‬به‭ ‬بعض‭ ‬خبراء‭ ‬الطاقة‭ ‬لـ«الصباح‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬مزيد‭ ‬الشفافية‭ ‬والحوكمة‭ ‬الرشيدة‭ ‬لضمان‭ ‬تنفيذ‭ ‬المشاريع‭ ‬بكفاءة‭ ‬ورفع‭ ‬العقبات،‭ ‬وتحيين‭ ‬التشريعات،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬نقص‭ ‬التمويل‭ ‬في‭ ‬تنفيذ‭ ‬بعض‭ ‬مشاريع‭ ‬الطاقة‭ ‬المتجددة،‭ ‬والتي‭ ‬تتطلب‭ ‬استثمارات‭ ‬ضخمة،‭ ‬خصوصا‭ ‬مع‭ ‬تزايد‭ ‬عجز‭ ‬الميزانية،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬ارتفاع‭ ‬أسعار‭ ‬النفط‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأزمات‭ ‬العالمية‭.‬
كما‭ ‬تؤثر‭ ‬التغيرات‭ ‬المناخية‭ ‬على‭ ‬إنتاج‭ ‬الطاقة‭ ‬من‭ ‬المصادر‭ ‬المتجددة،‭ ‬خاصة‭ ‬مع‭ ‬تزايد‭ ‬موجات‭ ‬الجفاف‭ ‬وارتفاع‭ ‬درجات‭ ‬الحرارة،‭ ‬ونقص‭ ‬الكفاءات،‭ ‬رغم‭ ‬الجهود‭ ‬المبذولة،‭ ‬حيث‭ ‬يحتاج‭ ‬القطاع‭ ‬إلى‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬التكوين‭ ‬والتأهيل‭ ‬للشباب‭ ‬والخبراء‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الطاقات‭ ‬النظيفة‭.‬
إلا‭ ‬أنه،‭ ‬مع‭ ‬استمرار‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬تحسين‭ ‬السياسات‭ ‬الطاقية‭ ‬وتنفيذ‭ ‬المشاريع‭ ‬الطموحة،‭ ‬لا‭ ‬يستبعد‭ ‬جل‭ ‬الخبراء،‭ ‬أن‭ ‬مستقبل‭ ‬التحول‭ ‬الطاقي‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬يعد‭ ‬واعدًا‭. ‬ولكن‭ ‬النجاح‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬الأهداف‭ ‬المرسومة‭ ‬يتطلب‭ ‬تكاتف‭ ‬الجهود‭ ‬بين‭ ‬الحكومة،‭ ‬والقطاع‭ ‬الخاص،‭ ‬والمجتمع‭ ‬المدني‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬تعزيز‭ ‬التعاون‭ ‬الدولي‭ ‬وتبادل‭ ‬الخبرات‭ ‬مع‭ ‬الدول‭ ‬الرائدة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭ ‬سيكون‭ ‬له‭ ‬دور‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬ترسيخ‭ ‬مكانة‭ ‬تونس‭ ‬كدولة‭ ‬نموذجية‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬التحول‭ ‬الطاقي‭ ‬على‭ ‬الصعيدين‭ ‬الإقليمي‭ ‬والعالمي‭.‬
وإجمالا،‭ ‬يثبت‭ ‬التقدم‭ ‬الذي‭ ‬أحرزته‭ ‬تونس‭ ‬في‭ ‬مؤشر‭ ‬التحول‭ ‬الطاقي‭ ‬أن‭ ‬الإرادة‭ ‬السياسية‭ ‬المصحوبة‭ ‬برؤية‭ ‬إستراتيجية‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تحقق‭ ‬إنجازات‭ ‬ملموسة‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬التحديات‭ ‬الإقليمية‭ ‬والمناخية،‭ ‬وتمثل‭ ‬الطاقات‭ ‬المتجددة،‭ ‬اليوم،‮ ‬‭ ‬فرصة‭ ‬ذهبية‭ ‬لتونس‭ ‬لتحقيق‭ ‬تحول‭ ‬طاقي‭ ‬مستدام‭ ‬يوازن‭ ‬بين‭ ‬الاحتياجات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والبيئية‭ ‬والاجتماعية‭. ‬ورغم‭ ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬هذا‭ ‬القطاع،‭ ‬فإن‭ ‬الإرادة‭ ‬السياسية،‭ ‬والتعاون‭ ‬الدولي،‭ ‬وتشجيع‭ ‬الابتكار‭ ‬المحلي،‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تجعل‭ ‬من‭ ‬تونس‭ ‬نموذجا‭ ‬ناجحا‭ ‬في‭ ‬استغلال‭ ‬الطاقات‭ ‬المتجددة‭. ‬وعلى‭ ‬ضوء‭ ‬الانجازات‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬بها‭ ‬الحكومة‭ ‬التونسية‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬الأخيرة،‭ ‬فإن‭ ‬المستقبل‭ ‬الطاقي‭ ‬لتونس‭ ‬يبدو‭ ‬واعدًا،‭ ‬بشرط‭ ‬أن‭ ‬تُتخذ‭ ‬القرارات‭ ‬الإستراتيجية‭ ‬المناسبة‭ ‬لضمان‭ ‬استغلال‭ ‬أمثل‭ ‬لهذه‭ ‬الموارد‭ ‬الطبيعية‭ ‬الغنية‭.‬

سفيان‭ ‬المهداوي

احتلت‭ ‬المرتبة‭ ‬الثانية‭ ‬إفريقيا‭.. ‬تونس تسجل تقدمًا‭ ‬بـ27‭ ‬ مرتبة ‭ ‬في‭ ‬مؤشر‭ ‬التحول‭ ‬الطاقي‭ ‬لسنة ‭ ‬2025

في‭ ‬إنجاز‭ ‬ملفت‭ ‬يعكس‭ ‬تطورا‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬الطاقة،‭ ‬سجلت‭ ‬تونس‭ ‬تقدمًا‭ ‬بـ27‭ ‬مرتبة‭ ‬في‭ ‬مؤشر‭ ‬التحول‭ ‬الطاقي‭ ‬لسنة‭ ‬2025،‭ ‬وفق‭ ‬تقرير‭ ‬المنتدى‭ ‬الاقتصادي‭ ‬العالمي‭. ‬وجاءت‭ ‬تونس‭ ‬في‭ ‬المرتبة‭ ‬62‭ ‬عالميا،‭ ‬والثانية‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬القارة‭ ‬الإفريقية،‭ ‬مما‭ ‬يمثل‭ ‬خطوة‭ ‬نوعية‭ ‬نحو‭ ‬تحقيق‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة‭ ‬وتعزيز‭ ‬حضورها‭ ‬في‭ ‬المشهد‭ ‬الدولي‭ ‬للطاقة‭. ‬وقد‭ ‬حققت‭ ‬تونس‭ ‬مجموع‭ ‬54‭.‬6‭ ‬نقطة‭ ‬في‭ ‬المؤشر،‭ ‬مستفيدة‭ ‬من‭ ‬تقدمها‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬الأمن‭ ‬الطاقي،‭ ‬والاستدامة،‭ ‬وعدالة‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬الطاقة‭.‬ 

ويعكس‭ ‬تقدم‭ ‬تونس‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المؤشر‭ ‬نجاحا‭ ‬ملموسا‭ ‬في‭ ‬تحسين‭ ‬هذه‭ ‬المحاور‭ ‬الثلاثة،‭ ‬مما‭ ‬يعزز‭ ‬ثقة‭ ‬المستثمرين‭ ‬الدوليين‭ ‬في‭ ‬الاقتصاد‭ ‬التونسي‭ ‬ويؤكد‭ ‬التزام‭ ‬البلاد‭ ‬بتحقيق‭ ‬الأهداف‭ ‬المناخية‭ ‬العالمية‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬القفزة‭ ‬النوعية‭ ‬تظهر‭ ‬قدرة‭ ‬تونس‭ ‬على‭ ‬مواجهة‭ ‬التحديات‭ ‬الهيكلية‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬الطاقة‭.‬
ويعد‭ ‬مؤشر‭ ‬التحول‭ ‬الطاقي‭ ‬مقياسا‭ ‬عالميا،‭ ‬يعكس‭ ‬أداء‭ ‬الدول‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬تحول‭ ‬عادل‭ ‬ومستدام‭ ‬لأنظمة‭ ‬الطاقة‭. ‬ويركز‭ ‬على‭ ‬ثلاثة‭ ‬أبعاد‭ ‬رئيسية‭ ‬هي‭ ‬أمن‭ ‬الطاقة،‭ ‬استدامة‭ ‬نظم‭ ‬الطاقة،‭ ‬وإمكانية‭ ‬الوصول‭ ‬العادل‭ ‬للطاقة‭.‬
تحقيق‭ ‬التوازن‭ ‬الطاقي
أحد‭ ‬أبرز‭ ‬المحاور‭ ‬التي‭ ‬ساهمت‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬التقدم‭ ‬هو‭ ‬تحسين‭ ‬الأمن‭ ‬الطاقي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تنويع‭ ‬مصادر‭ ‬الطاقة‭ ‬وتقليل‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬الوقود‭ ‬الأحفوري‭ ‬المستورد‭. ‬وقد‭ ‬ركزت‭ ‬تونس‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭ ‬على‭ ‬تعزيز‭ ‬إنتاجها‭ ‬من‭ ‬الطاقة‭ ‬المتجددة‭ ‬مثل‭ ‬الطاقة‭ ‬الشمسية‭ ‬وطاقة‭ ‬الرياح،‭ ‬حيث‭ ‬أطلقت‭ ‬مشاريع‭ ‬كبرى‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬رفع‭ ‬نسبة‭ ‬الطاقة‭ ‬المتجددة‭ ‬من‭ ‬إجمالي‭ ‬الإنتاج‭ ‬الطاقي‭ ‬إلى‭ ‬30‭ % ‬بحلول‭ ‬عام‭ ‬2030‭.‬
من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى،‭ ‬حظيت‭ ‬الاستدامة‭ ‬الطاقية‭ ‬باهتمام‭ ‬متزايد‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تبني‭ ‬سياسات‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬تخفيض‭ ‬الانبعاثات‭ ‬الكربونية‭ ‬وتحسين‭ ‬كفاءة‭ ‬استهلاك‭ ‬الطاقة‭ ‬في‭ ‬القطاعات‭ ‬الصناعية‭ ‬والسكنية‭. ‬وقد‭ ‬ساهمت‭ ‬هذه‭ ‬الجهود‭ ‬في‭ ‬تحسين‭ ‬ترتيب‭ ‬تونس‭ ‬في‭ ‬المؤشر،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬تصاعد‭ ‬التحديات‭ ‬البيئية‭ ‬العالمية‭.‬
عدالة‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬الطاقة
ويشكل‭ ‬ضمان‭ ‬عدالة‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬الطاقة‭ ‬ركيزة‭ ‬أساسية‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬إستراتيجية‭ ‬طاقية‭ ‬ناجحة،‭ ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭ ‬عملت‭ ‬تونس‭ ‬على‭ ‬توسيع‭ ‬شبكات‭ ‬الكهرباء‭ ‬والغاز‭ ‬الطبيعي‭ ‬لتغطية‭ ‬المناطق‭ ‬النائية‭ ‬والريفية،‭ ‬مما‭ ‬ساهم‭ ‬في‭ ‬تحسين‭ ‬الظروف‭ ‬المعيشية‭ ‬لملايين‭ ‬المواطنين‭. ‬كما‭ ‬أطلقت‭ ‬برامج‭ ‬لدعم‭ ‬الفئات‭ ‬الأقل‭ ‬دخلا‭ ‬لتخفيف‭ ‬عبء‭ ‬تكاليف‭ ‬الطاقة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬انعكس‭ ‬إيجابيا‭ ‬على‭ ‬المؤشر‭.‬
ويحمل‭ ‬التقدم‭ ‬الذي‭ ‬حققته‭ ‬تونس‭ ‬في‭ ‬مؤشر‭ ‬التحول‭ ‬الطاقي‭ ‬انعكاسات‭ ‬إيجابية‭ ‬مباشرة‭ ‬وغير‭ ‬مباشرة‭ ‬على‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الوطني،‭ ‬حيث‭ ‬يعزز‭ ‬هذا‭ ‬الإنجاز‭ ‬جاذبية‭ ‬تونس‭ ‬للاستثمارات‭ ‬الأجنبية،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬الطاقة‭ ‬المتجددة‭ ‬والتكنولوجيا‭ ‬الخضراء‭. ‬فالمستثمرون‭ ‬ينظرون‭ ‬بعين‭ ‬الاهتمام‭ ‬إلى‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تُظهر‭ ‬استقرارا‭ ‬في‭ ‬سياساتها‭ ‬الطاقية‭ ‬والتزاما‭ ‬بمعايير‭ ‬الاستدامة‭.‬
كما‭ ‬يُسهم‭ ‬التحول‭ ‬الطاقي‭ ‬في‭ ‬تقليل‭ ‬فاتورة‭ ‬الاستيراد‭ ‬الطاقي،‭ ‬مما‭ ‬يخفف‭ ‬الضغط‭ ‬على‭ ‬الميزان‭ ‬التجاري‭ ‬ويعزز‭ ‬الاستقلالية‭ ‬الاقتصادية‭.‬
ومن‭ ‬بين‭ ‬أهم‭ ‬الخطوات‭ ‬الايجابية‭ ‬التي‭ ‬قطعتها‭ ‬تونس‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬الطاقة‭ ‬والتحول‭ ‬نحو‭ ‬الطاقات‭ ‬المتجددة،‭ ‬حيث‭ ‬ساهم‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬خلق‭ ‬فرص‭ ‬عمل‭ ‬جديدة‭ ‬للشباب‭ ‬التونسي،‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬البحث‭ ‬والتطوير‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬إنشاء‭ ‬وتشغيل‭ ‬مشاريع‭ ‬الطاقة‭. ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬ارتفاع‭ ‬معدلات‭ ‬البطالة،‭ ‬يأتي‭ ‬هذا‭ ‬القطاع‭ ‬ليُشكل‭ ‬متنفسا‭ ‬هاما‭ ‬للاقتصاد‭ ‬الوطني‭.‬
برامج‭ ‬ومبادرات‭ ‬لدفع‭ ‬قطاع‭ ‬الطاقة
ولضمان‭ ‬استمرارية‭ ‬التقدم‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال،‭ ‬تعمل‭ ‬تونس‭ ‬على‭ ‬تنفيذ‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬البرامج‭ ‬والمبادرات‭ ‬الطموحة‭ ‬التي‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬تطوير‭ ‬قطاع‭ ‬الطاقة‭ ‬وتعزيز‭ ‬استدامته‭. ‬ومن‭ ‬أبرز‭ ‬هذه‭ ‬البرامج‭ ‬مشروع‭ ‬الطاقات‭ ‬المتجددة‭ ‬في‭ ‬الجنوب‭ ‬التونسي،‭ ‬الذي‭ ‬يشمل‭ ‬إنشاء‭ ‬محطات‭ ‬شمسية‭ ‬وريحية‭ ‬كبرى‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬مثل‭ ‬تطاوين‭ ‬وقابس،‭ ‬حيث‭ ‬تتمتع‭ ‬هذه‭ ‬المناطق‭ ‬بإمكانات‭ ‬طبيعية‭ ‬هائلة‭ ‬لإنتاج‭ ‬الطاقة‭ ‬النظيفة‭. ‬كما‭ ‬تسعى‭ ‬تونس‭ ‬لتعزيز‭ ‬الشراكات‭ ‬الدولية‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬الطاقي‭ ‬وخاصة‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬والصين‭ ‬واليابان‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬نقل‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬الخضراء‭ ‬وتطوير‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬للطاقة‭.‬
وفي‭ ‬الفترة‭ ‬الأخيرة،‭ ‬تعمل‭ ‬الحكومة،‭ ‬على‭ ‬تحفيز‭ ‬البحث‭ ‬والتطوير‭ ‬والابتكار‭ ‬لدعم‭ ‬المؤسسات‭ ‬البحثية،‭ ‬والجامعات‭ ‬لتطوير‭ ‬حلول‭ ‬مبتكرة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬كفاءة‭ ‬الطاقة‭ ‬وإنتاج‭ ‬الطاقات‭ ‬البديلة،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬تشجيع‭ ‬الاستثمار‭ ‬الخاص،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬توفير‭ ‬إطار‭ ‬قانوني‭ ‬محفز‭ ‬وضمانات‭ ‬مالية‭ ‬للمستثمرين،‭ ‬وجذب‭ ‬رؤوس‭ ‬الأموال‭ ‬المحلية‭ ‬والأجنبية‭ ‬للاستثمار‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬الطاقة‭.‬
تذليل‭ ‬العقبات‭ ‬لتحقيق‭ ‬الأمن‭ ‬الطاقي‮ ‬
رغم‭ ‬هذه‭ ‬الإنجازات،‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬تونس‭ ‬تواجه‭ ‬بعض‭ ‬التحديات‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬الأمن‭ ‬الطاقي‭ ‬الكامل،‭ ‬حيث‭ ‬يحتاج‭ ‬قطاع‭ ‬الطاقة‭ ‬وفق‭ ‬ما‭ ‬أفاد‭ ‬به‭ ‬بعض‭ ‬خبراء‭ ‬الطاقة‭ ‬لـ«الصباح‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬مزيد‭ ‬الشفافية‭ ‬والحوكمة‭ ‬الرشيدة‭ ‬لضمان‭ ‬تنفيذ‭ ‬المشاريع‭ ‬بكفاءة‭ ‬ورفع‭ ‬العقبات،‭ ‬وتحيين‭ ‬التشريعات،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬نقص‭ ‬التمويل‭ ‬في‭ ‬تنفيذ‭ ‬بعض‭ ‬مشاريع‭ ‬الطاقة‭ ‬المتجددة،‭ ‬والتي‭ ‬تتطلب‭ ‬استثمارات‭ ‬ضخمة،‭ ‬خصوصا‭ ‬مع‭ ‬تزايد‭ ‬عجز‭ ‬الميزانية،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬ارتفاع‭ ‬أسعار‭ ‬النفط‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأزمات‭ ‬العالمية‭.‬
كما‭ ‬تؤثر‭ ‬التغيرات‭ ‬المناخية‭ ‬على‭ ‬إنتاج‭ ‬الطاقة‭ ‬من‭ ‬المصادر‭ ‬المتجددة،‭ ‬خاصة‭ ‬مع‭ ‬تزايد‭ ‬موجات‭ ‬الجفاف‭ ‬وارتفاع‭ ‬درجات‭ ‬الحرارة،‭ ‬ونقص‭ ‬الكفاءات،‭ ‬رغم‭ ‬الجهود‭ ‬المبذولة،‭ ‬حيث‭ ‬يحتاج‭ ‬القطاع‭ ‬إلى‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬التكوين‭ ‬والتأهيل‭ ‬للشباب‭ ‬والخبراء‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الطاقات‭ ‬النظيفة‭.‬
إلا‭ ‬أنه،‭ ‬مع‭ ‬استمرار‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬تحسين‭ ‬السياسات‭ ‬الطاقية‭ ‬وتنفيذ‭ ‬المشاريع‭ ‬الطموحة،‭ ‬لا‭ ‬يستبعد‭ ‬جل‭ ‬الخبراء،‭ ‬أن‭ ‬مستقبل‭ ‬التحول‭ ‬الطاقي‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬يعد‭ ‬واعدًا‭. ‬ولكن‭ ‬النجاح‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬الأهداف‭ ‬المرسومة‭ ‬يتطلب‭ ‬تكاتف‭ ‬الجهود‭ ‬بين‭ ‬الحكومة،‭ ‬والقطاع‭ ‬الخاص،‭ ‬والمجتمع‭ ‬المدني‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬تعزيز‭ ‬التعاون‭ ‬الدولي‭ ‬وتبادل‭ ‬الخبرات‭ ‬مع‭ ‬الدول‭ ‬الرائدة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭ ‬سيكون‭ ‬له‭ ‬دور‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬ترسيخ‭ ‬مكانة‭ ‬تونس‭ ‬كدولة‭ ‬نموذجية‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬التحول‭ ‬الطاقي‭ ‬على‭ ‬الصعيدين‭ ‬الإقليمي‭ ‬والعالمي‭.‬
وإجمالا،‭ ‬يثبت‭ ‬التقدم‭ ‬الذي‭ ‬أحرزته‭ ‬تونس‭ ‬في‭ ‬مؤشر‭ ‬التحول‭ ‬الطاقي‭ ‬أن‭ ‬الإرادة‭ ‬السياسية‭ ‬المصحوبة‭ ‬برؤية‭ ‬إستراتيجية‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تحقق‭ ‬إنجازات‭ ‬ملموسة‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬التحديات‭ ‬الإقليمية‭ ‬والمناخية،‭ ‬وتمثل‭ ‬الطاقات‭ ‬المتجددة،‭ ‬اليوم،‮ ‬‭ ‬فرصة‭ ‬ذهبية‭ ‬لتونس‭ ‬لتحقيق‭ ‬تحول‭ ‬طاقي‭ ‬مستدام‭ ‬يوازن‭ ‬بين‭ ‬الاحتياجات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والبيئية‭ ‬والاجتماعية‭. ‬ورغم‭ ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬هذا‭ ‬القطاع،‭ ‬فإن‭ ‬الإرادة‭ ‬السياسية،‭ ‬والتعاون‭ ‬الدولي،‭ ‬وتشجيع‭ ‬الابتكار‭ ‬المحلي،‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تجعل‭ ‬من‭ ‬تونس‭ ‬نموذجا‭ ‬ناجحا‭ ‬في‭ ‬استغلال‭ ‬الطاقات‭ ‬المتجددة‭. ‬وعلى‭ ‬ضوء‭ ‬الانجازات‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬بها‭ ‬الحكومة‭ ‬التونسية‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬الأخيرة،‭ ‬فإن‭ ‬المستقبل‭ ‬الطاقي‭ ‬لتونس‭ ‬يبدو‭ ‬واعدًا،‭ ‬بشرط‭ ‬أن‭ ‬تُتخذ‭ ‬القرارات‭ ‬الإستراتيجية‭ ‬المناسبة‭ ‬لضمان‭ ‬استغلال‭ ‬أمثل‭ ‬لهذه‭ ‬الموارد‭ ‬الطبيعية‭ ‬الغنية‭.‬

سفيان‭ ‬المهداوي