احتلت المرتبة الثانية إفريقيا.. تونس تسجل تقدمًا بـ27 مرتبة في مؤشر التحول الطاقي لسنة 2025
مقالات الصباح
في إنجاز ملفت يعكس تطورا في قطاع الطاقة، سجلت تونس تقدمًا بـ27 مرتبة في مؤشر التحول الطاقي لسنة 2025، وفق تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي. وجاءت تونس في المرتبة 62 عالميا، والثانية على مستوى القارة الإفريقية، مما يمثل خطوة نوعية نحو تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز حضورها في المشهد الدولي للطاقة. وقد حققت تونس مجموع 54.6 نقطة في المؤشر، مستفيدة من تقدمها في مجالات الأمن الطاقي، والاستدامة، وعدالة الوصول إلى الطاقة.
ويعكس تقدم تونس في هذا المؤشر نجاحا ملموسا في تحسين هذه المحاور الثلاثة، مما يعزز ثقة المستثمرين الدوليين في الاقتصاد التونسي ويؤكد التزام البلاد بتحقيق الأهداف المناخية العالمية. كما أن القفزة النوعية تظهر قدرة تونس على مواجهة التحديات الهيكلية في قطاع الطاقة.
ويعد مؤشر التحول الطاقي مقياسا عالميا، يعكس أداء الدول في تحقيق تحول عادل ومستدام لأنظمة الطاقة. ويركز على ثلاثة أبعاد رئيسية هي أمن الطاقة، استدامة نظم الطاقة، وإمكانية الوصول العادل للطاقة.
تحقيق التوازن الطاقي
أحد أبرز المحاور التي ساهمت في هذا التقدم هو تحسين الأمن الطاقي من خلال تنويع مصادر الطاقة وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري المستورد. وقد ركزت تونس في السنوات الأخيرة على تعزيز إنتاجها من الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، حيث أطلقت مشاريع كبرى تهدف إلى رفع نسبة الطاقة المتجددة من إجمالي الإنتاج الطاقي إلى 30 % بحلول عام 2030.
من جهة أخرى، حظيت الاستدامة الطاقية باهتمام متزايد من خلال تبني سياسات تهدف إلى تخفيض الانبعاثات الكربونية وتحسين كفاءة استهلاك الطاقة في القطاعات الصناعية والسكنية. وقد ساهمت هذه الجهود في تحسين ترتيب تونس في المؤشر، خاصة في ظل تصاعد التحديات البيئية العالمية.
عدالة الوصول إلى الطاقة
ويشكل ضمان عدالة الوصول إلى الطاقة ركيزة أساسية في أي إستراتيجية طاقية ناجحة، وفي هذا السياق عملت تونس على توسيع شبكات الكهرباء والغاز الطبيعي لتغطية المناطق النائية والريفية، مما ساهم في تحسين الظروف المعيشية لملايين المواطنين. كما أطلقت برامج لدعم الفئات الأقل دخلا لتخفيف عبء تكاليف الطاقة، وهو ما انعكس إيجابيا على المؤشر.
ويحمل التقدم الذي حققته تونس في مؤشر التحول الطاقي انعكاسات إيجابية مباشرة وغير مباشرة على الاقتصاد الوطني، حيث يعزز هذا الإنجاز جاذبية تونس للاستثمارات الأجنبية، خاصة في قطاع الطاقة المتجددة والتكنولوجيا الخضراء. فالمستثمرون ينظرون بعين الاهتمام إلى الدول التي تُظهر استقرارا في سياساتها الطاقية والتزاما بمعايير الاستدامة.
كما يُسهم التحول الطاقي في تقليل فاتورة الاستيراد الطاقي، مما يخفف الضغط على الميزان التجاري ويعزز الاستقلالية الاقتصادية.
ومن بين أهم الخطوات الايجابية التي قطعتها تونس اليوم في قطاع الطاقة والتحول نحو الطاقات المتجددة، حيث ساهم ذلك في خلق فرص عمل جديدة للشباب التونسي، سواء في مجالات البحث والتطوير أو في إنشاء وتشغيل مشاريع الطاقة. وفي ظل ارتفاع معدلات البطالة، يأتي هذا القطاع ليُشكل متنفسا هاما للاقتصاد الوطني.
برامج ومبادرات لدفع قطاع الطاقة
ولضمان استمرارية التقدم في هذا المجال، تعمل تونس على تنفيذ مجموعة من البرامج والمبادرات الطموحة التي تهدف إلى تطوير قطاع الطاقة وتعزيز استدامته. ومن أبرز هذه البرامج مشروع الطاقات المتجددة في الجنوب التونسي، الذي يشمل إنشاء محطات شمسية وريحية كبرى في مناطق مثل تطاوين وقابس، حيث تتمتع هذه المناطق بإمكانات طبيعية هائلة لإنتاج الطاقة النظيفة. كما تسعى تونس لتعزيز الشراكات الدولية في المجال الطاقي وخاصة مع دول الاتحاد الأوروبي والصين واليابان في مجال نقل التكنولوجيا الخضراء وتطوير البنية التحتية للطاقة.
وفي الفترة الأخيرة، تعمل الحكومة، على تحفيز البحث والتطوير والابتكار لدعم المؤسسات البحثية، والجامعات لتطوير حلول مبتكرة في مجال كفاءة الطاقة وإنتاج الطاقات البديلة، فضلا عن تشجيع الاستثمار الخاص، من خلال توفير إطار قانوني محفز وضمانات مالية للمستثمرين، وجذب رؤوس الأموال المحلية والأجنبية للاستثمار في قطاع الطاقة.
تذليل العقبات لتحقيق الأمن الطاقي
رغم هذه الإنجازات، لا تزال تونس تواجه بعض التحديات في تحقيق الأمن الطاقي الكامل، حيث يحتاج قطاع الطاقة وفق ما أفاد به بعض خبراء الطاقة لـ«الصباح» إلى مزيد الشفافية والحوكمة الرشيدة لضمان تنفيذ المشاريع بكفاءة ورفع العقبات، وتحيين التشريعات، إضافة إلى نقص التمويل في تنفيذ بعض مشاريع الطاقة المتجددة، والتي تتطلب استثمارات ضخمة، خصوصا مع تزايد عجز الميزانية، في ظل ارتفاع أسعار النفط في بعض الأزمات العالمية.
كما تؤثر التغيرات المناخية على إنتاج الطاقة من المصادر المتجددة، خاصة مع تزايد موجات الجفاف وارتفاع درجات الحرارة، ونقص الكفاءات، رغم الجهود المبذولة، حيث يحتاج القطاع إلى مزيد من التكوين والتأهيل للشباب والخبراء في مجال الطاقات النظيفة.
إلا أنه، مع استمرار العمل على تحسين السياسات الطاقية وتنفيذ المشاريع الطموحة، لا يستبعد جل الخبراء، أن مستقبل التحول الطاقي في تونس يعد واعدًا. ولكن النجاح في تحقيق الأهداف المرسومة يتطلب تكاتف الجهود بين الحكومة، والقطاع الخاص، والمجتمع المدني. كما أن تعزيز التعاون الدولي وتبادل الخبرات مع الدول الرائدة في هذا المجال سيكون له دور كبير في ترسيخ مكانة تونس كدولة نموذجية في ظل التحول الطاقي على الصعيدين الإقليمي والعالمي.
وإجمالا، يثبت التقدم الذي أحرزته تونس في مؤشر التحول الطاقي أن الإرادة السياسية المصحوبة برؤية إستراتيجية يمكن أن تحقق إنجازات ملموسة حتى في ظل التحديات الإقليمية والمناخية، وتمثل الطاقات المتجددة، اليوم، فرصة ذهبية لتونس لتحقيق تحول طاقي مستدام يوازن بين الاحتياجات الاقتصادية والبيئية والاجتماعية. ورغم التحديات التي تواجه هذا القطاع، فإن الإرادة السياسية، والتعاون الدولي، وتشجيع الابتكار المحلي، يمكن أن تجعل من تونس نموذجا ناجحا في استغلال الطاقات المتجددة. وعلى ضوء الانجازات التي تقوم بها الحكومة التونسية في الفترة الأخيرة، فإن المستقبل الطاقي لتونس يبدو واعدًا، بشرط أن تُتخذ القرارات الإستراتيجية المناسبة لضمان استغلال أمثل لهذه الموارد الطبيعية الغنية.
سفيان المهداوي
في إنجاز ملفت يعكس تطورا في قطاع الطاقة، سجلت تونس تقدمًا بـ27 مرتبة في مؤشر التحول الطاقي لسنة 2025، وفق تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي. وجاءت تونس في المرتبة 62 عالميا، والثانية على مستوى القارة الإفريقية، مما يمثل خطوة نوعية نحو تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز حضورها في المشهد الدولي للطاقة. وقد حققت تونس مجموع 54.6 نقطة في المؤشر، مستفيدة من تقدمها في مجالات الأمن الطاقي، والاستدامة، وعدالة الوصول إلى الطاقة.
ويعكس تقدم تونس في هذا المؤشر نجاحا ملموسا في تحسين هذه المحاور الثلاثة، مما يعزز ثقة المستثمرين الدوليين في الاقتصاد التونسي ويؤكد التزام البلاد بتحقيق الأهداف المناخية العالمية. كما أن القفزة النوعية تظهر قدرة تونس على مواجهة التحديات الهيكلية في قطاع الطاقة.
ويعد مؤشر التحول الطاقي مقياسا عالميا، يعكس أداء الدول في تحقيق تحول عادل ومستدام لأنظمة الطاقة. ويركز على ثلاثة أبعاد رئيسية هي أمن الطاقة، استدامة نظم الطاقة، وإمكانية الوصول العادل للطاقة.
تحقيق التوازن الطاقي
أحد أبرز المحاور التي ساهمت في هذا التقدم هو تحسين الأمن الطاقي من خلال تنويع مصادر الطاقة وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري المستورد. وقد ركزت تونس في السنوات الأخيرة على تعزيز إنتاجها من الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، حيث أطلقت مشاريع كبرى تهدف إلى رفع نسبة الطاقة المتجددة من إجمالي الإنتاج الطاقي إلى 30 % بحلول عام 2030.
من جهة أخرى، حظيت الاستدامة الطاقية باهتمام متزايد من خلال تبني سياسات تهدف إلى تخفيض الانبعاثات الكربونية وتحسين كفاءة استهلاك الطاقة في القطاعات الصناعية والسكنية. وقد ساهمت هذه الجهود في تحسين ترتيب تونس في المؤشر، خاصة في ظل تصاعد التحديات البيئية العالمية.
عدالة الوصول إلى الطاقة
ويشكل ضمان عدالة الوصول إلى الطاقة ركيزة أساسية في أي إستراتيجية طاقية ناجحة، وفي هذا السياق عملت تونس على توسيع شبكات الكهرباء والغاز الطبيعي لتغطية المناطق النائية والريفية، مما ساهم في تحسين الظروف المعيشية لملايين المواطنين. كما أطلقت برامج لدعم الفئات الأقل دخلا لتخفيف عبء تكاليف الطاقة، وهو ما انعكس إيجابيا على المؤشر.
ويحمل التقدم الذي حققته تونس في مؤشر التحول الطاقي انعكاسات إيجابية مباشرة وغير مباشرة على الاقتصاد الوطني، حيث يعزز هذا الإنجاز جاذبية تونس للاستثمارات الأجنبية، خاصة في قطاع الطاقة المتجددة والتكنولوجيا الخضراء. فالمستثمرون ينظرون بعين الاهتمام إلى الدول التي تُظهر استقرارا في سياساتها الطاقية والتزاما بمعايير الاستدامة.
كما يُسهم التحول الطاقي في تقليل فاتورة الاستيراد الطاقي، مما يخفف الضغط على الميزان التجاري ويعزز الاستقلالية الاقتصادية.
ومن بين أهم الخطوات الايجابية التي قطعتها تونس اليوم في قطاع الطاقة والتحول نحو الطاقات المتجددة، حيث ساهم ذلك في خلق فرص عمل جديدة للشباب التونسي، سواء في مجالات البحث والتطوير أو في إنشاء وتشغيل مشاريع الطاقة. وفي ظل ارتفاع معدلات البطالة، يأتي هذا القطاع ليُشكل متنفسا هاما للاقتصاد الوطني.
برامج ومبادرات لدفع قطاع الطاقة
ولضمان استمرارية التقدم في هذا المجال، تعمل تونس على تنفيذ مجموعة من البرامج والمبادرات الطموحة التي تهدف إلى تطوير قطاع الطاقة وتعزيز استدامته. ومن أبرز هذه البرامج مشروع الطاقات المتجددة في الجنوب التونسي، الذي يشمل إنشاء محطات شمسية وريحية كبرى في مناطق مثل تطاوين وقابس، حيث تتمتع هذه المناطق بإمكانات طبيعية هائلة لإنتاج الطاقة النظيفة. كما تسعى تونس لتعزيز الشراكات الدولية في المجال الطاقي وخاصة مع دول الاتحاد الأوروبي والصين واليابان في مجال نقل التكنولوجيا الخضراء وتطوير البنية التحتية للطاقة.
وفي الفترة الأخيرة، تعمل الحكومة، على تحفيز البحث والتطوير والابتكار لدعم المؤسسات البحثية، والجامعات لتطوير حلول مبتكرة في مجال كفاءة الطاقة وإنتاج الطاقات البديلة، فضلا عن تشجيع الاستثمار الخاص، من خلال توفير إطار قانوني محفز وضمانات مالية للمستثمرين، وجذب رؤوس الأموال المحلية والأجنبية للاستثمار في قطاع الطاقة.
تذليل العقبات لتحقيق الأمن الطاقي
رغم هذه الإنجازات، لا تزال تونس تواجه بعض التحديات في تحقيق الأمن الطاقي الكامل، حيث يحتاج قطاع الطاقة وفق ما أفاد به بعض خبراء الطاقة لـ«الصباح» إلى مزيد الشفافية والحوكمة الرشيدة لضمان تنفيذ المشاريع بكفاءة ورفع العقبات، وتحيين التشريعات، إضافة إلى نقص التمويل في تنفيذ بعض مشاريع الطاقة المتجددة، والتي تتطلب استثمارات ضخمة، خصوصا مع تزايد عجز الميزانية، في ظل ارتفاع أسعار النفط في بعض الأزمات العالمية.
كما تؤثر التغيرات المناخية على إنتاج الطاقة من المصادر المتجددة، خاصة مع تزايد موجات الجفاف وارتفاع درجات الحرارة، ونقص الكفاءات، رغم الجهود المبذولة، حيث يحتاج القطاع إلى مزيد من التكوين والتأهيل للشباب والخبراء في مجال الطاقات النظيفة.
إلا أنه، مع استمرار العمل على تحسين السياسات الطاقية وتنفيذ المشاريع الطموحة، لا يستبعد جل الخبراء، أن مستقبل التحول الطاقي في تونس يعد واعدًا. ولكن النجاح في تحقيق الأهداف المرسومة يتطلب تكاتف الجهود بين الحكومة، والقطاع الخاص، والمجتمع المدني. كما أن تعزيز التعاون الدولي وتبادل الخبرات مع الدول الرائدة في هذا المجال سيكون له دور كبير في ترسيخ مكانة تونس كدولة نموذجية في ظل التحول الطاقي على الصعيدين الإقليمي والعالمي.
وإجمالا، يثبت التقدم الذي أحرزته تونس في مؤشر التحول الطاقي أن الإرادة السياسية المصحوبة برؤية إستراتيجية يمكن أن تحقق إنجازات ملموسة حتى في ظل التحديات الإقليمية والمناخية، وتمثل الطاقات المتجددة، اليوم، فرصة ذهبية لتونس لتحقيق تحول طاقي مستدام يوازن بين الاحتياجات الاقتصادية والبيئية والاجتماعية. ورغم التحديات التي تواجه هذا القطاع، فإن الإرادة السياسية، والتعاون الدولي، وتشجيع الابتكار المحلي، يمكن أن تجعل من تونس نموذجا ناجحا في استغلال الطاقات المتجددة. وعلى ضوء الانجازات التي تقوم بها الحكومة التونسية في الفترة الأخيرة، فإن المستقبل الطاقي لتونس يبدو واعدًا، بشرط أن تُتخذ القرارات الإستراتيجية المناسبة لضمان استغلال أمثل لهذه الموارد الطبيعية الغنية.
سفيان المهداوي