إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

في ظل تطورات الحرب الإيرانية الإسرائيلية.. تونس.. مواقف سيادية ثابتة ومبادئ واضحة

 

في خضم واحدة من أكثر الفترات توترا في الشرق الأوسط، حيث بلغ الصراع الإيراني الإسرائيلي ذروته من خلال ضربات متبادلة، وتدخل عسكري أمريكي مباشر،  يعلو صوت الديبلوماسية التونسية ليأتي واضحا وصريحا  يجدد في جوهره التأكيد على ثوابت السياسة الخارجية التونسية ومعبرا عن موقف سيادي لا يُهادن ولا يتورّط في مناورات التوازنات الدولية.

ففي عالم تحكمه مصالح جيوسياسية متقلّبة، مثّلت  الديبلوماسية التونسية عبر بيانها الأخير وعلى حد توصيف كثيرين صوتًا أخلاقيا نادرا يُدين العنف ويرفض سياسة الكيل بمكيالين، ويجدد التمسك بالشرعية الدولية كمنظومة متكاملة، لا كأداة تُستخدم حسب رغبة وهوى الأقوياء.

وبما أن الظرفية الراهنة تمثل اختبارا للدبلوماسية ومدى تمكنها من لعب أدوار جوهرية، فإنّ تعاطي تونس مع هذا التصعيد العسكري يعكس، من جهة حرصها على مبادئ السيادة وعدم التدخل، ومن جهة أخرى، إصرارها على توجيه الأنظار نحو القضايا الجوهرية في المنطقة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية التي تظلّ رغم محاولات الطمس مركز الوجدان العربي.

في هذا الجانب أكدت وزارة الشؤون الخارجية في بيان لها: «إنّ تونس لا تكتفي بالتأكيد مجدّدا على إدانتها الواضحة والصّريحة للاعتداءات الصهيونية السّافرة على الجمهورية الإسلامية الإيرانية الشقيقة وما تبعها من عملية قصف لمنشآتها النووية من الولايات المتحدة الأمريكية، بل تدعو إلى إيقاف هذا العدوان فورا، فالشرعية الدولية لا تُجيزه أو تبرّره تحت أيّ غطاء أو أيّ عنوان فإمّا أن تكون هناك شرعية بالرغم من نقائصها تسري على الجميع وإمّا أنّه غياب تامّ لها، بل تغييب متعمّد لمبادئها وضرب عرض الحائط بقواعدها.

كما تؤكد تونس مجدّدا على أنّ هذا العدوان الغاشم لا يجب أن يحجب عديد الجرائم الأخرى التي ارتُكبت ولا زالت مستمرة في العديد من المناطق في العالم وأوّلها حرب الإبادة المستمرة ضدّ الشعب الفلسطيني بل يتمّ توجيه الأنظار إلى هذا العدوان ويتمّ التعتيم عمدا في عدد غير قليل من القنوات الإعلامية على جرائم العدوّ الصهيوني ضدّ الشعب الفلسطيني بهدف كسر إرادته في التحرّر الكامل وهي إرادة لن تنكسر ولن تلين أبدا حتّى يستعيد الشعب الفلسطيني كلّ حقوقه المشروعة ويُقيم دولته المستقلة كاملة السيادة على كلّ أرض فلسطين وعاصمتها القدس الشريف.

كما تجدّد تونس تأكيدها على أنّ الشرعية التي أفرزتها الحرب العالمية الثانية بصدد التهاوي وأن المستقبل للشعوب الحرّة التي تضع في المقام الأول والأساسي المفاعلات الحقيقية للإنسانية المرتكزة على القيم التي تتقاسمها وعلى الحقّ الكامل في المساواة الفعلية وفي تقرير مصيرها بنفسها وتضع حدّا نهائيا للتمييز القائم على وجود دول تعتبر شعوبها متحضرة، في حين أنّ الشعوب الأخرى تعتبر شعوبا همجية ودونها مرتبة، بل أكثر من ذلك تعتبر مكوناتها من غير جنس البشر، هذا فضلا عن الاستعمار والحروب الأهلية والاستيلاء على خيراتها وثرواتها.

تعقيبا على هذا البيان يرى متابعون أنه جاء في وقت حرج يُخيّم فيه الصمت أو التردّد، فبين دول اختارت الحياد السلبي وأخرى آثرت الالتزام بالتحالفات الغربية على حساب المبادئ، يكتسي بيان الخارجية التونسية أهمية خاصة بالنظر الى أنه كسر جدار الصمت العربي، وأعاد صياغة موقف يُدين بشكل واضح ومباشر العدوان الإسرائيلي – الأمريكي، دون مواربة أو دبلوماسية باردة.

موقف سيادي مستقل

فتونس لم تنتظر المواقف الدولية، بل بادرت بإعلان موقف سيادي مستقلّ، مؤكدة أنّ العدوان على إيران لا يستقيم قانونيا ولا أخلاقيا، مذكّرة بأنّ الشرعية الدولية ليست ملكا «للقويّ» بل منظومة يُفترض أن تُطبَّق على الجميع دون استثناء.

وفي الإطار نفسه فإن هذا البيان اعتبره كثير من المتابعين للشأن العام يشكل موقفا نادرا على الساحة العربية بما أنه لم يكتفِ بإدانة العدوان الإسرائيلي فقط  بل أدان أيضًا القصف الأمريكي المباشر، مؤكدًا أن هذا العدوان المزدوج على دولة ذات سيادة «لا تبرّره الشرعية الدولية بأي غطاء»، في رسالة واضحة تعكس رفض تونس المطلق لتأويلات القانون الدولي التي تعتمدها القوى الكبرى لتبرير استخدام القوة ضد الدول المستقلة.

لكن الموقف التونسي تجاوز الظرفيّات العسكرية، ليخوض نقدا بنيويا للمنظومة الدولية التي، وفق نص البيان، باتت تُمارس ازدواجية مقيتة، وتغضّ الطرف عن الجرائم المستمرة في فلسطين. إذ نبّهت تونس إلى أن العدوان على إيران لا يجب أن يحجب «جرائم الإبادة» التي تُمارَس ضد الشعب الفلسطيني، في دعوة مباشرة لرفض منطق انتقائية التغطية الإعلامية والسياسية، ولمحاولة «كسر إرادة» الشعب الفلسطيني في التحرر والكرامة. الأمر الذي جعل البيان فريدا من نوعه هو خروجه عن المألوف في البيانات الرسمية، حيث لم يكتفِ بالإدانة فقط بل قدّم قراءة سياسية جريئة لنظام عالمي ينهار، وانتقد بشكل مباشر النفاق الدولي تجاه الانتهاكات المتكررة لحقوق الشعوب، لا سيما الشعب الفلسطيني معتمدا أسلوبا متحررا عن الديبلوماسية التقليدية، حيث لم تتردّد تونس في التشكيك في شرعية النظام العالمي الحالي، معتبرة أن منظومة ما بعد الحرب العالمية الثانية «بصدد التهاوي»، وأن الشعوب الحرة هي التي ستصوغ مستقبلًا جديدًا للإنسانية يقوم على الحق والمساواة وتقرير المصير.

تموقع ناضج ومسؤول

ليخلص كثيرون إلى القول بأن بيان وزارة الشؤون الخارجية لم يكن مجرد ردّ ظرفي على أزمة، بل هو إعلان عن تموقع دبلوماسي تونسي ناضج ومسؤول يُعيد الاعتبار للمواقف الأخلاقية في العلاقات الدولية، ويُذكّر بأنّ تونس تمتلك صوتا نقياو حرا ومبدئيًا في عالم تُطغى فيه المصالح على القيم.

الأمر الذي يؤشر الى رمزيته السياسية، باعتباره يمثل من وجهة نظرهم وثيقة تمثل موقفا يعكس العمق الحضاري والسياسي للسياسة الخارجية التونسية. ليُعيد هذا البيان التأكيد على أنّ السياسة الخارجية ليست معزولة عن خيارات الداخل، بل هي امتداد لمنظومة سيادية تضع المصلحة الوطنية في سياق تضامني أممي أوسع..

من جانب آخر يٌذكر أنه كان مؤخرا  لرئيس الجمهورية قيس سعيد لقاء مع وزير الشؤون الخارجية محمد علي النفطي حيث شدّد رئيس الجمهورية قيس سعيّد لدى استقباله يوم 18 جوان الجاري بقصر قرطاج وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج محمد علي النفطي على ثوابت الدبلوماسية التونسية في استقلال قرار الدّولة وتنويع شراكاتها الاستراتيجية.

ليشكل اللقاء في نفس السياق  وفقا لكثيرين محطة  سياسية هامة، فقد شدد رئيس الجمهورية قيس سعيّد على استقلال القرار الوطني وتنويع الشراكات الدولية، في رسالة واضحة تُرسّخ البعد السيادي للسياسة الخارجية التونسية.

كما أكّد رئيس الدولة على أن حرب التحرير الوطنية في الداخل لا تكتمل إلا بمجهود دبلوماسي مكثف في الخارج، داعيًا البعثات الديبلوماسية إلى مضاعفة جهودها لحماية مصالح تونس ورفع صوتها في المحافل الدولية. وهذا الربط بين الجبهة الداخلية والتحرّك الخارجي وفقا لكثيرين  يُعيد الاعتبار لفكرة الدبلوماسية كـ»خط دفاع ثانٍ» للدولة، لا مجرّد واجهة شكلية.

هذا التحرك السياسي المزدوج، بين موقف الخارجية وتوجيهات رئيس الجمهورية، يُؤشر إلى عودة الحيوية للمؤسسة الدبلوماسية التونسية، واستعادة منطق المبادرة في زمن التردد والصمت. فتونس لا تُراهن على المحاور بل ترسّخ موقعها كدولة ذات سيادة، تمتلك موقفا أخلاقيا وإنسانيا نابعا من تاريخها السياسي ومبادئها الدستورية..

وبين بيان وزارة الخارجية وتوجيهات قصر قرطاج، تُثبت تونس أن الدبلوماسية ليست خاضعة لضغوط الظرف الدولي، بل هي تعبير عن رؤية ثابتة ومستقلة.

وموقفها من التصعيد الإيراني الإسرائيلي ليس معزولا، بل متجذّر في منظومة قيمية ترى أن الدفاع عن فلسطين ورفض التدخل في شؤون الدول والتمسّك بالشرعية الدولية ليست شعارات بل التزامات تاريخية ومبدئية.

منال حرزي

 

في ظل تطورات الحرب الإيرانية الإسرائيلية..   تونس.. مواقف سيادية ثابتة ومبادئ واضحة

 

في خضم واحدة من أكثر الفترات توترا في الشرق الأوسط، حيث بلغ الصراع الإيراني الإسرائيلي ذروته من خلال ضربات متبادلة، وتدخل عسكري أمريكي مباشر،  يعلو صوت الديبلوماسية التونسية ليأتي واضحا وصريحا  يجدد في جوهره التأكيد على ثوابت السياسة الخارجية التونسية ومعبرا عن موقف سيادي لا يُهادن ولا يتورّط في مناورات التوازنات الدولية.

ففي عالم تحكمه مصالح جيوسياسية متقلّبة، مثّلت  الديبلوماسية التونسية عبر بيانها الأخير وعلى حد توصيف كثيرين صوتًا أخلاقيا نادرا يُدين العنف ويرفض سياسة الكيل بمكيالين، ويجدد التمسك بالشرعية الدولية كمنظومة متكاملة، لا كأداة تُستخدم حسب رغبة وهوى الأقوياء.

وبما أن الظرفية الراهنة تمثل اختبارا للدبلوماسية ومدى تمكنها من لعب أدوار جوهرية، فإنّ تعاطي تونس مع هذا التصعيد العسكري يعكس، من جهة حرصها على مبادئ السيادة وعدم التدخل، ومن جهة أخرى، إصرارها على توجيه الأنظار نحو القضايا الجوهرية في المنطقة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية التي تظلّ رغم محاولات الطمس مركز الوجدان العربي.

في هذا الجانب أكدت وزارة الشؤون الخارجية في بيان لها: «إنّ تونس لا تكتفي بالتأكيد مجدّدا على إدانتها الواضحة والصّريحة للاعتداءات الصهيونية السّافرة على الجمهورية الإسلامية الإيرانية الشقيقة وما تبعها من عملية قصف لمنشآتها النووية من الولايات المتحدة الأمريكية، بل تدعو إلى إيقاف هذا العدوان فورا، فالشرعية الدولية لا تُجيزه أو تبرّره تحت أيّ غطاء أو أيّ عنوان فإمّا أن تكون هناك شرعية بالرغم من نقائصها تسري على الجميع وإمّا أنّه غياب تامّ لها، بل تغييب متعمّد لمبادئها وضرب عرض الحائط بقواعدها.

كما تؤكد تونس مجدّدا على أنّ هذا العدوان الغاشم لا يجب أن يحجب عديد الجرائم الأخرى التي ارتُكبت ولا زالت مستمرة في العديد من المناطق في العالم وأوّلها حرب الإبادة المستمرة ضدّ الشعب الفلسطيني بل يتمّ توجيه الأنظار إلى هذا العدوان ويتمّ التعتيم عمدا في عدد غير قليل من القنوات الإعلامية على جرائم العدوّ الصهيوني ضدّ الشعب الفلسطيني بهدف كسر إرادته في التحرّر الكامل وهي إرادة لن تنكسر ولن تلين أبدا حتّى يستعيد الشعب الفلسطيني كلّ حقوقه المشروعة ويُقيم دولته المستقلة كاملة السيادة على كلّ أرض فلسطين وعاصمتها القدس الشريف.

كما تجدّد تونس تأكيدها على أنّ الشرعية التي أفرزتها الحرب العالمية الثانية بصدد التهاوي وأن المستقبل للشعوب الحرّة التي تضع في المقام الأول والأساسي المفاعلات الحقيقية للإنسانية المرتكزة على القيم التي تتقاسمها وعلى الحقّ الكامل في المساواة الفعلية وفي تقرير مصيرها بنفسها وتضع حدّا نهائيا للتمييز القائم على وجود دول تعتبر شعوبها متحضرة، في حين أنّ الشعوب الأخرى تعتبر شعوبا همجية ودونها مرتبة، بل أكثر من ذلك تعتبر مكوناتها من غير جنس البشر، هذا فضلا عن الاستعمار والحروب الأهلية والاستيلاء على خيراتها وثرواتها.

تعقيبا على هذا البيان يرى متابعون أنه جاء في وقت حرج يُخيّم فيه الصمت أو التردّد، فبين دول اختارت الحياد السلبي وأخرى آثرت الالتزام بالتحالفات الغربية على حساب المبادئ، يكتسي بيان الخارجية التونسية أهمية خاصة بالنظر الى أنه كسر جدار الصمت العربي، وأعاد صياغة موقف يُدين بشكل واضح ومباشر العدوان الإسرائيلي – الأمريكي، دون مواربة أو دبلوماسية باردة.

موقف سيادي مستقل

فتونس لم تنتظر المواقف الدولية، بل بادرت بإعلان موقف سيادي مستقلّ، مؤكدة أنّ العدوان على إيران لا يستقيم قانونيا ولا أخلاقيا، مذكّرة بأنّ الشرعية الدولية ليست ملكا «للقويّ» بل منظومة يُفترض أن تُطبَّق على الجميع دون استثناء.

وفي الإطار نفسه فإن هذا البيان اعتبره كثير من المتابعين للشأن العام يشكل موقفا نادرا على الساحة العربية بما أنه لم يكتفِ بإدانة العدوان الإسرائيلي فقط  بل أدان أيضًا القصف الأمريكي المباشر، مؤكدًا أن هذا العدوان المزدوج على دولة ذات سيادة «لا تبرّره الشرعية الدولية بأي غطاء»، في رسالة واضحة تعكس رفض تونس المطلق لتأويلات القانون الدولي التي تعتمدها القوى الكبرى لتبرير استخدام القوة ضد الدول المستقلة.

لكن الموقف التونسي تجاوز الظرفيّات العسكرية، ليخوض نقدا بنيويا للمنظومة الدولية التي، وفق نص البيان، باتت تُمارس ازدواجية مقيتة، وتغضّ الطرف عن الجرائم المستمرة في فلسطين. إذ نبّهت تونس إلى أن العدوان على إيران لا يجب أن يحجب «جرائم الإبادة» التي تُمارَس ضد الشعب الفلسطيني، في دعوة مباشرة لرفض منطق انتقائية التغطية الإعلامية والسياسية، ولمحاولة «كسر إرادة» الشعب الفلسطيني في التحرر والكرامة. الأمر الذي جعل البيان فريدا من نوعه هو خروجه عن المألوف في البيانات الرسمية، حيث لم يكتفِ بالإدانة فقط بل قدّم قراءة سياسية جريئة لنظام عالمي ينهار، وانتقد بشكل مباشر النفاق الدولي تجاه الانتهاكات المتكررة لحقوق الشعوب، لا سيما الشعب الفلسطيني معتمدا أسلوبا متحررا عن الديبلوماسية التقليدية، حيث لم تتردّد تونس في التشكيك في شرعية النظام العالمي الحالي، معتبرة أن منظومة ما بعد الحرب العالمية الثانية «بصدد التهاوي»، وأن الشعوب الحرة هي التي ستصوغ مستقبلًا جديدًا للإنسانية يقوم على الحق والمساواة وتقرير المصير.

تموقع ناضج ومسؤول

ليخلص كثيرون إلى القول بأن بيان وزارة الشؤون الخارجية لم يكن مجرد ردّ ظرفي على أزمة، بل هو إعلان عن تموقع دبلوماسي تونسي ناضج ومسؤول يُعيد الاعتبار للمواقف الأخلاقية في العلاقات الدولية، ويُذكّر بأنّ تونس تمتلك صوتا نقياو حرا ومبدئيًا في عالم تُطغى فيه المصالح على القيم.

الأمر الذي يؤشر الى رمزيته السياسية، باعتباره يمثل من وجهة نظرهم وثيقة تمثل موقفا يعكس العمق الحضاري والسياسي للسياسة الخارجية التونسية. ليُعيد هذا البيان التأكيد على أنّ السياسة الخارجية ليست معزولة عن خيارات الداخل، بل هي امتداد لمنظومة سيادية تضع المصلحة الوطنية في سياق تضامني أممي أوسع..

من جانب آخر يٌذكر أنه كان مؤخرا  لرئيس الجمهورية قيس سعيد لقاء مع وزير الشؤون الخارجية محمد علي النفطي حيث شدّد رئيس الجمهورية قيس سعيّد لدى استقباله يوم 18 جوان الجاري بقصر قرطاج وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج محمد علي النفطي على ثوابت الدبلوماسية التونسية في استقلال قرار الدّولة وتنويع شراكاتها الاستراتيجية.

ليشكل اللقاء في نفس السياق  وفقا لكثيرين محطة  سياسية هامة، فقد شدد رئيس الجمهورية قيس سعيّد على استقلال القرار الوطني وتنويع الشراكات الدولية، في رسالة واضحة تُرسّخ البعد السيادي للسياسة الخارجية التونسية.

كما أكّد رئيس الدولة على أن حرب التحرير الوطنية في الداخل لا تكتمل إلا بمجهود دبلوماسي مكثف في الخارج، داعيًا البعثات الديبلوماسية إلى مضاعفة جهودها لحماية مصالح تونس ورفع صوتها في المحافل الدولية. وهذا الربط بين الجبهة الداخلية والتحرّك الخارجي وفقا لكثيرين  يُعيد الاعتبار لفكرة الدبلوماسية كـ»خط دفاع ثانٍ» للدولة، لا مجرّد واجهة شكلية.

هذا التحرك السياسي المزدوج، بين موقف الخارجية وتوجيهات رئيس الجمهورية، يُؤشر إلى عودة الحيوية للمؤسسة الدبلوماسية التونسية، واستعادة منطق المبادرة في زمن التردد والصمت. فتونس لا تُراهن على المحاور بل ترسّخ موقعها كدولة ذات سيادة، تمتلك موقفا أخلاقيا وإنسانيا نابعا من تاريخها السياسي ومبادئها الدستورية..

وبين بيان وزارة الخارجية وتوجيهات قصر قرطاج، تُثبت تونس أن الدبلوماسية ليست خاضعة لضغوط الظرف الدولي، بل هي تعبير عن رؤية ثابتة ومستقلة.

وموقفها من التصعيد الإيراني الإسرائيلي ليس معزولا، بل متجذّر في منظومة قيمية ترى أن الدفاع عن فلسطين ورفض التدخل في شؤون الدول والتمسّك بالشرعية الدولية ليست شعارات بل التزامات تاريخية ومبدئية.

منال حرزي