إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

قبل العطلة البرلمانية.. هل تتم المصادقة على المراسيم الرئاسية؟

 

أربعة مراسيم اتخذها رئيس الجمهورية خلال العطلة البرلمانية المنقضية، ولكن مجلس نواب الشعب لم يصادق عليها بعد، رغم أن الدورة النيابية شارفت على الانتهاء. وتتمثل هذه المراسيم في المرسوم عدد 4 لسنة 2024 المؤرّخ في 22 أكتوبر 2024 المتعلّق بنظام الحماية الاجتماعيّة للعاملات الفلاحيّات، والمرسوم عدد 3 لسنة 2024 المؤرّخ في 14 أكتوبر 2024 المتعلّق بتنقيح القانون عدد 54 لسنة 2014 المؤرخ في 19 أوت 2014 المتعلق بقانون المالية التكميلي لسنة 2014، والمـرسوم عدد 2 لسنة 2024 المؤرّخ في 16 سبتمبر 2024 المتعلّق بتنظيم المجلس الأعلى للتّربية والتّعليم، والمرسوم عدد 1 لسنة 2024 المؤرّخ في 13 سبتمبر 2024 المتعلّق بتنظيم العلاقات بين مجلس نوّاب الشّعب والمجلس الوطنيّ للجهات والأقاليم.

حسام محجوب نائب مساعد لرئيس مجلس نواب الشعب مكلف بشؤون التشريع أكد لـ»الصباح» أن مكتب المجلس تداول عدة مرات حول موضوع المراسيم. وبين أن  دستور 2022  أتاح لرئيس الجمهورية أن يتخذ خلال عطلة مجلس نواب الشعب بعد إعلام اللجنة القارة المختصة، مراسيم يقع عرضها على مصادقة مجلس نواب الشعب في الدورة العادية الموالية بعد العطلة البرلمانية. وأضاف أن المجلس النيابي بصدد انتظار الوظيفة التنفيذية لكي تتولى إيداع المراسيم بمكتب الضبط المركزي بالمجلس، وذلك لكي يحدد المكتب موعد المصادقة عليها في جلسة عامة مثلما نص على ذلك الدستور.

وأوضح عضو مكتب مجلس نواب الشعب، أن من بين المسائل التي تمت مناقشتها صلب المكتب ما تعلق بالإحالة من عدمها، إذ تم التساؤل إن كانت رئاسة الجمهورية مطالبة بإحالة المراسيم التي تم اتخاذها من قبل رئيس الجمهورية إلى مجلس نواب الشعب بصفة رسمية إلى البرلمان أم أنها ليست مطالبة بالقيام بهذه الخطوة، لأن الدستور في الفصل 73 صمت عن هذه المسألة الشكلية رغم أهميتها. وفسر أن إحالة هذه المراسيم إلى المجلس ستسمح لنواب الشعب بالإطلاع على وثائق شرح أسبابها وبهذه الكيفية يمكنهم المصادقة عليها خلال الجلسة العامة عن دراية أكبر.

كما أشار محجوب إلى أن هذا الموضوع مازال محل نقاش صلب مكتب مجلس نواب الشعب وأضاف أنه سبق أن تم التعرض إلى هذه المسألة خلال اجتماع ندوة الرؤساء أيضا. ويذكر في هذا السياق أن ندوة الرؤساء  هي هيئة استشارية تضم رئيس المجلس ونائبيه والنواب المساعدين للرئيس ورؤساء اللجان القارة ورؤساء الكتل النيابية ومفوضين عن النواب غير  المنتمين.

الصيغة الأصلية

وتعقيبا على استفسار آخر حول ما إذا كان مكتب مجلس نواب الشعب قد حسم في الخلاف القائم بين النواب حول كيفية تعاطي المجلس مع مراسيم رئيس الجمهورية الصادرة خلال العطلة البرلمانية وإن كان من حق النواب خلال الجلسة العامة المخصصة للتصويت على هذه المراسيم تقديم مقترحات تعديلية أو اقتراح فصول إضافية أو اقتراح حذف فصول، أوضح محجوب أن مكتب المجلس تداول في هذه المسألة، وارتأى أن المرسوم تتم المصادقة عليه في جلسة عامة وهو في صيغته الأصلية مثله مثل مشاريع القوانين المتعلقة بالاتفاقيات، وهو ما يعني أن النائب يصوت على المرسوم بنعم أو بلا أو يحتفظ بصوته. ولكن بعد المصادقة على المرسوم وصدوره بالرائد الرسمي، يمكن  للنواب الراغبين في تعديل ذلك المرسوم آنذاك أن يتقدموا بمبادرة تشريعية لهذا الغرض وفق مقتضيات الدستور والنظام الداخلي لمجلس نواب الشعب، ويتم التعاطي معها بنفس الطريقة المعتمدة مع مقترحات القوانين التي يبادر بها النواب.

وخلص عضو مكتب مجلس نواب الشعب إلى أن مسألة المراسيم مازالت محل نقاش صلب مكتب مجلس نواب الشعب، وتمحور هذا النقاش بالخصوص حول الإجراءات التطبيقية الكفيلة بتنزيل الفصل 73 من دستور 2022، وأضاف أنه في كل الأحوال سيتم عما قريب التصريح بقرار المكتب في علاقة بالإجراءات التي سيتم إتباعها للمصادقة على المراسيم الرئاسية الصادرة خلال العطلة البرلمانية المنقضية نظرا لأن موعد العطلة البرلمانية القادمة بدأ يقترب وبالتالي يجب الحسم في هذا الموضوع في أقرب الآجال.

مقترحات تعديل

وكان العديد من النواب قد طالبوا بمناسبة النظر في مشروع ميزانية الدولة ومشروع قانون المالية ومشروع الميزان الاقتصادي لسنة 2025 بالتعجيل بالمصادقة على المرسوم عدد 1 لسنة 2024 المؤرّخ في 13 سبتمبر 2024 المتعلّق بتنظيم العلاقات بين مجلس نوّاب الشّعب والمجلس الوطنيّ للجهات والأقاليم، وهناك من اقترحوا تعديله في اتجاه مزيد توضيح الرؤية بخصوص الاجتماعات المشتركة بين هياكل المجلسين وخاصة ما تعلق بتشريك مختلف اللجان في دراسة هذه المشاريع وعدم الاقتصار على لجنتي المالية والميزانية بالغرفتين النيابيتين. ونظم هذا المرسوم كيفية المصادقة على مشاريع القوانين المتعلقة بالاتّفاقيّات وعقود الاستثمار المتعلّقة بالثّروات الوطنيّة والمشاريع المتعلقة بميزانية الدولة وبمخططات التنمية الجهوية والإقليمية والوطنية، كما نظم اللجنة المتناصفة بين المجلسين للنظر في المواضيع الخلافية، وتضمن نفس المرسوم أحكاما خاصة بمشاريع قوانين المالية وأحكاما متصلة بتعليق الآجال وأحكاما أخرى حول جلسة أداء اليمين الدستورية إلى جانب الباب المتعلق بالعمل الرقابي.

وأثار المـرسوم عدد 2 لسنة 2024 المؤرّخ في 16 سبتمبر 2024 المتعلّق بتنظيم المجلس الأعلى للتّربية والتّعليم بدوره جدلا تحت قبة البرلمان وطالب العديد من النواب خلال الجلسات التي جمعتهم بوزراء التربية والتعليم العالي والبحث العلمي والتشغيل والتكوين المهني بمراجعة هذا المرسوم قبل إصدار النصوص الترتيبية، خاصة في علاقة بتركيبة هذه الهيئة الدستورية لكن لم تقع الاستجابة إلى مطالبهم. وذهب إلى اعتقاد رئيس لجنة التربية والتكوين المهني والبحث العلمي والشباب والرياضة بمجلس نواب الشعب السابق فخر الدين فضلون يوم صدور المرسوم أن رئاسة الجمهورية ستحيل هذا المرسوم إلى المجلس النيابي وأن اللجنة ستنظر فيه في بداية الدورة النيابية الحالية وتعقد جلسات استماع إلى الأطراف المعنية به، وأنه سيكون بإمكان النواب تقديم مقترحات تعديل خلال جلسات التصويت صلب اللجنة نفسها وإثر ذلك تعرض اللجنة تقريرها على الجلسة العامة، ويتم خلال الجلسة العامة التعاطي مع المرسوم بنفس الطريقة المعتمدة بمناسبة النظر في مشاريع القوانين لكن هذا لم يحدث، إذ لم تتوصل اللجنة إلى اليوم بالمرسوم المتعلق بالمجلس الأعلى للتربية والتعليم الذي من المنتظر أن يتولى إبداء الرأي الوجوبي في الخطط الوطنيّة الكبرى في مجالات التّربـية والتّعليم والبحث العلميّ والتّكوين المهنيّ والتّشغيل وفي المشاريع المعروضة عليه في علاقة بهذه الخطط وفي المسائل التي يعرضها عليه رئيس الجمهورية أو رئيس مجلس نواب الشعب أو رئيس المجلس الوطني للجهات والأقاليم.

وبخصوص المرسوم عدد 3 لسنة 2024 المؤرّخ في 14 أكتوبر 2024 المتعلّق بتنقيح القانون عدد 54 لسنة 2014 المؤرخ في 19 أوت 2014 المتعلق بقانون المالية التكميلي لسنة 2014 فقد تضمن فصلا وحيدا تعلق بالتداول نقدا ونص على أن تلغى أحكام الفصل 16 من القانون عدد 54 لسنة 2014 المؤرخ في 19 أوت 2014 المتعلق بقانون المالية التكميلي لسنة 2014 وجاء في الفصل 16 المحذوف أنه «يتمّ حجز المبالغ النقديّة التي تساوي أو تفوق 10.000 دينار والتي لم يقع إثبات مصدرها على أساس محضر يحرّره الأعوان الآتي ذكرهم: مأمورو الضابطة العدلية، أعوان الديوانة، أعوان الوزارة المكلفة بالمالية الذين لهم الصفة التي تؤهلهم لذلك. ويتمّ بإذن من وكيل الجمهوريّة وفي أجل أقصاه 72 ساعة، إيداع المبالغ المذكورة لدى الخزينة العامة للبلاد التونسية أو لدى أمانة المال الجهوية المؤهلة ترابيا. وتتمّ إجراءات الحجز والتتبع والمحاكمة طبقا لأحكام مجلة الديوانة. ويخفض المبلغ المذكور بالفقرة الأولى من هذا الفصل إلى 5.000 دينار ابتداء من غرة جانفي 2016».

أما المرسوم الأخير الذي اتخذه رئيس الجمهورية خلال العطلة البرلمانية المنقضية فهو المرسوم عدد 4 لسنة 2024 المؤرّخ في 22 أكتوبر 2024 المتعلّق بنظام الحماية الاجتماعيّة للعاملات الفلاحيّات، وتم بمقتضاه إحداث نظام خاصّ للحماية الاجتماعيّة للعاملات الفلاحيّات يهدف إلى مساعدتهنّ على تحقيق الإدماج الاقتصادي وتحفيزهنّ على تحسين ظروف عيش عائلاتهنّ وتكريس دورهنّ كفاعل اقتصادي مع انتفاعهنّ بنظام خاص يضمن لهنّ منافع التأمين على المرض وجرايات الشيخوخة والعجز والباقين بعد الوفاة والتغطية ضد الأخطار المهنية ومنافع الأمان الاجتماعي وفقا لأحكام هذا المرسوم. ويذكر أنه على أساس هذا المرسوم تم صلب قانون المالية لسنة 2025  إقرار عدة إجراءات لفائدة العاملات الفلاحيّات.

ومن بين هذه الإجراءات المنصوص عليها بقانون المالية إحداث صندوق خاص يطلق عليه اسم «صندوق الحماية الاجتماعية للعاملات الفلاحيات» يتولى ضمان التغطية الاجتماعية والمساعدة على تحقيق الإدماج الاقتصادي للعاملات الفلاحيات في إطار نظام الحماية الاجتماعية للعاملات الفلاحيات المحدث بمقتضى المرسوم عدد 4 لسنة 2024 المؤرخ في 22 أكتوبر 2024 المتعلّق بنظام الحماية الاجتماعية للعاملات الفلاحيات. وتضبط طرق تسيير الصندوق وشروط تدخلاته بمقتضى أمر. ويتولى الوزير المكلف بالشؤون الاجتماعية الإذن بالدفع لمصاريف الصندوق. ويعهد بالتصرف في صندوق الحماية الاجتماعية للعاملات الفلاحيات إلى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بمقتضى اتفاقية تبرم في الغرض بين هذا الصندوق والوزير المكلف بالشؤون الاجتماعية والوزير المكلف بالمالية. كما يعهد إلى البنك التونسي للتضامن التصرف في برامج الإدماج الاقتصادي للعاملات الفلاحيات بمقتضى اتفاقية تبرم في الغرض بين البنك المذكور والوزير المكلف بالشؤون الاجتماعية والوزير المكلف بالمالية. ويمول صندوق الحماية الاجتماعية للعاملات الفلاحيات بـ: منحة من ميزانية الدولة في حدود 5 مليون دينار، ومعلوم بنسبة واحد بالمائة من أقساط التأمين أو معاليم الاشتراك المتعلقة بجميع فروع التأمين صافية من كل الإلغاءات والأداءات. ويدفع هذا المعلوم شهريا من قبل مؤسسات التأمين أو صناديق المشتركين كما هو الشأن بالنسبة إلى المعلوم الوحيد على التأمين. ولا يمكن تحميل المعلوم على مكتتبي عقود التأمين أو المشتركين في مؤسسات التأمين التكافلي. ويطرح المعلوم من قاعدة الضريبة على الشركات، كما يمول بمعلوم قدره 5 دنانير بعنوان كل شهادة فحص فني يدفع من قبل الوكالة الفنية للنقل البري مثلما هو الشأن بالنسبة إلى معاليم الموجبات الإدارية المتعلقة بتسجيل العربات ورخص السياقة وبطاقات الاستغلال، ويمول الصندوق بنسبة عشرة بالمائة من المبلغ الجملي للخطايا المرورية المستخلصة سنويا، والموارد المتأتية من معاليم الخدمات المسداة من قبل مختلف الهياكل والمؤسسات الخاضعة لإشراف الوزارة المكلفة بالشؤون الاجتماعية والتي تضبط بقرار من الوزير المكلف بالشؤون الاجتماعية، وكل الهبات والموارد التي يمكن توظيفها لفائدته حسب التشريع الجاري به العمل..

سعيدة بوهلال

قبل العطلة البرلمانية..   هل تتم المصادقة على المراسيم الرئاسية؟

 

أربعة مراسيم اتخذها رئيس الجمهورية خلال العطلة البرلمانية المنقضية، ولكن مجلس نواب الشعب لم يصادق عليها بعد، رغم أن الدورة النيابية شارفت على الانتهاء. وتتمثل هذه المراسيم في المرسوم عدد 4 لسنة 2024 المؤرّخ في 22 أكتوبر 2024 المتعلّق بنظام الحماية الاجتماعيّة للعاملات الفلاحيّات، والمرسوم عدد 3 لسنة 2024 المؤرّخ في 14 أكتوبر 2024 المتعلّق بتنقيح القانون عدد 54 لسنة 2014 المؤرخ في 19 أوت 2014 المتعلق بقانون المالية التكميلي لسنة 2014، والمـرسوم عدد 2 لسنة 2024 المؤرّخ في 16 سبتمبر 2024 المتعلّق بتنظيم المجلس الأعلى للتّربية والتّعليم، والمرسوم عدد 1 لسنة 2024 المؤرّخ في 13 سبتمبر 2024 المتعلّق بتنظيم العلاقات بين مجلس نوّاب الشّعب والمجلس الوطنيّ للجهات والأقاليم.

حسام محجوب نائب مساعد لرئيس مجلس نواب الشعب مكلف بشؤون التشريع أكد لـ»الصباح» أن مكتب المجلس تداول عدة مرات حول موضوع المراسيم. وبين أن  دستور 2022  أتاح لرئيس الجمهورية أن يتخذ خلال عطلة مجلس نواب الشعب بعد إعلام اللجنة القارة المختصة، مراسيم يقع عرضها على مصادقة مجلس نواب الشعب في الدورة العادية الموالية بعد العطلة البرلمانية. وأضاف أن المجلس النيابي بصدد انتظار الوظيفة التنفيذية لكي تتولى إيداع المراسيم بمكتب الضبط المركزي بالمجلس، وذلك لكي يحدد المكتب موعد المصادقة عليها في جلسة عامة مثلما نص على ذلك الدستور.

وأوضح عضو مكتب مجلس نواب الشعب، أن من بين المسائل التي تمت مناقشتها صلب المكتب ما تعلق بالإحالة من عدمها، إذ تم التساؤل إن كانت رئاسة الجمهورية مطالبة بإحالة المراسيم التي تم اتخاذها من قبل رئيس الجمهورية إلى مجلس نواب الشعب بصفة رسمية إلى البرلمان أم أنها ليست مطالبة بالقيام بهذه الخطوة، لأن الدستور في الفصل 73 صمت عن هذه المسألة الشكلية رغم أهميتها. وفسر أن إحالة هذه المراسيم إلى المجلس ستسمح لنواب الشعب بالإطلاع على وثائق شرح أسبابها وبهذه الكيفية يمكنهم المصادقة عليها خلال الجلسة العامة عن دراية أكبر.

كما أشار محجوب إلى أن هذا الموضوع مازال محل نقاش صلب مكتب مجلس نواب الشعب وأضاف أنه سبق أن تم التعرض إلى هذه المسألة خلال اجتماع ندوة الرؤساء أيضا. ويذكر في هذا السياق أن ندوة الرؤساء  هي هيئة استشارية تضم رئيس المجلس ونائبيه والنواب المساعدين للرئيس ورؤساء اللجان القارة ورؤساء الكتل النيابية ومفوضين عن النواب غير  المنتمين.

الصيغة الأصلية

وتعقيبا على استفسار آخر حول ما إذا كان مكتب مجلس نواب الشعب قد حسم في الخلاف القائم بين النواب حول كيفية تعاطي المجلس مع مراسيم رئيس الجمهورية الصادرة خلال العطلة البرلمانية وإن كان من حق النواب خلال الجلسة العامة المخصصة للتصويت على هذه المراسيم تقديم مقترحات تعديلية أو اقتراح فصول إضافية أو اقتراح حذف فصول، أوضح محجوب أن مكتب المجلس تداول في هذه المسألة، وارتأى أن المرسوم تتم المصادقة عليه في جلسة عامة وهو في صيغته الأصلية مثله مثل مشاريع القوانين المتعلقة بالاتفاقيات، وهو ما يعني أن النائب يصوت على المرسوم بنعم أو بلا أو يحتفظ بصوته. ولكن بعد المصادقة على المرسوم وصدوره بالرائد الرسمي، يمكن  للنواب الراغبين في تعديل ذلك المرسوم آنذاك أن يتقدموا بمبادرة تشريعية لهذا الغرض وفق مقتضيات الدستور والنظام الداخلي لمجلس نواب الشعب، ويتم التعاطي معها بنفس الطريقة المعتمدة مع مقترحات القوانين التي يبادر بها النواب.

وخلص عضو مكتب مجلس نواب الشعب إلى أن مسألة المراسيم مازالت محل نقاش صلب مكتب مجلس نواب الشعب، وتمحور هذا النقاش بالخصوص حول الإجراءات التطبيقية الكفيلة بتنزيل الفصل 73 من دستور 2022، وأضاف أنه في كل الأحوال سيتم عما قريب التصريح بقرار المكتب في علاقة بالإجراءات التي سيتم إتباعها للمصادقة على المراسيم الرئاسية الصادرة خلال العطلة البرلمانية المنقضية نظرا لأن موعد العطلة البرلمانية القادمة بدأ يقترب وبالتالي يجب الحسم في هذا الموضوع في أقرب الآجال.

مقترحات تعديل

وكان العديد من النواب قد طالبوا بمناسبة النظر في مشروع ميزانية الدولة ومشروع قانون المالية ومشروع الميزان الاقتصادي لسنة 2025 بالتعجيل بالمصادقة على المرسوم عدد 1 لسنة 2024 المؤرّخ في 13 سبتمبر 2024 المتعلّق بتنظيم العلاقات بين مجلس نوّاب الشّعب والمجلس الوطنيّ للجهات والأقاليم، وهناك من اقترحوا تعديله في اتجاه مزيد توضيح الرؤية بخصوص الاجتماعات المشتركة بين هياكل المجلسين وخاصة ما تعلق بتشريك مختلف اللجان في دراسة هذه المشاريع وعدم الاقتصار على لجنتي المالية والميزانية بالغرفتين النيابيتين. ونظم هذا المرسوم كيفية المصادقة على مشاريع القوانين المتعلقة بالاتّفاقيّات وعقود الاستثمار المتعلّقة بالثّروات الوطنيّة والمشاريع المتعلقة بميزانية الدولة وبمخططات التنمية الجهوية والإقليمية والوطنية، كما نظم اللجنة المتناصفة بين المجلسين للنظر في المواضيع الخلافية، وتضمن نفس المرسوم أحكاما خاصة بمشاريع قوانين المالية وأحكاما متصلة بتعليق الآجال وأحكاما أخرى حول جلسة أداء اليمين الدستورية إلى جانب الباب المتعلق بالعمل الرقابي.

وأثار المـرسوم عدد 2 لسنة 2024 المؤرّخ في 16 سبتمبر 2024 المتعلّق بتنظيم المجلس الأعلى للتّربية والتّعليم بدوره جدلا تحت قبة البرلمان وطالب العديد من النواب خلال الجلسات التي جمعتهم بوزراء التربية والتعليم العالي والبحث العلمي والتشغيل والتكوين المهني بمراجعة هذا المرسوم قبل إصدار النصوص الترتيبية، خاصة في علاقة بتركيبة هذه الهيئة الدستورية لكن لم تقع الاستجابة إلى مطالبهم. وذهب إلى اعتقاد رئيس لجنة التربية والتكوين المهني والبحث العلمي والشباب والرياضة بمجلس نواب الشعب السابق فخر الدين فضلون يوم صدور المرسوم أن رئاسة الجمهورية ستحيل هذا المرسوم إلى المجلس النيابي وأن اللجنة ستنظر فيه في بداية الدورة النيابية الحالية وتعقد جلسات استماع إلى الأطراف المعنية به، وأنه سيكون بإمكان النواب تقديم مقترحات تعديل خلال جلسات التصويت صلب اللجنة نفسها وإثر ذلك تعرض اللجنة تقريرها على الجلسة العامة، ويتم خلال الجلسة العامة التعاطي مع المرسوم بنفس الطريقة المعتمدة بمناسبة النظر في مشاريع القوانين لكن هذا لم يحدث، إذ لم تتوصل اللجنة إلى اليوم بالمرسوم المتعلق بالمجلس الأعلى للتربية والتعليم الذي من المنتظر أن يتولى إبداء الرأي الوجوبي في الخطط الوطنيّة الكبرى في مجالات التّربـية والتّعليم والبحث العلميّ والتّكوين المهنيّ والتّشغيل وفي المشاريع المعروضة عليه في علاقة بهذه الخطط وفي المسائل التي يعرضها عليه رئيس الجمهورية أو رئيس مجلس نواب الشعب أو رئيس المجلس الوطني للجهات والأقاليم.

وبخصوص المرسوم عدد 3 لسنة 2024 المؤرّخ في 14 أكتوبر 2024 المتعلّق بتنقيح القانون عدد 54 لسنة 2014 المؤرخ في 19 أوت 2014 المتعلق بقانون المالية التكميلي لسنة 2014 فقد تضمن فصلا وحيدا تعلق بالتداول نقدا ونص على أن تلغى أحكام الفصل 16 من القانون عدد 54 لسنة 2014 المؤرخ في 19 أوت 2014 المتعلق بقانون المالية التكميلي لسنة 2014 وجاء في الفصل 16 المحذوف أنه «يتمّ حجز المبالغ النقديّة التي تساوي أو تفوق 10.000 دينار والتي لم يقع إثبات مصدرها على أساس محضر يحرّره الأعوان الآتي ذكرهم: مأمورو الضابطة العدلية، أعوان الديوانة، أعوان الوزارة المكلفة بالمالية الذين لهم الصفة التي تؤهلهم لذلك. ويتمّ بإذن من وكيل الجمهوريّة وفي أجل أقصاه 72 ساعة، إيداع المبالغ المذكورة لدى الخزينة العامة للبلاد التونسية أو لدى أمانة المال الجهوية المؤهلة ترابيا. وتتمّ إجراءات الحجز والتتبع والمحاكمة طبقا لأحكام مجلة الديوانة. ويخفض المبلغ المذكور بالفقرة الأولى من هذا الفصل إلى 5.000 دينار ابتداء من غرة جانفي 2016».

أما المرسوم الأخير الذي اتخذه رئيس الجمهورية خلال العطلة البرلمانية المنقضية فهو المرسوم عدد 4 لسنة 2024 المؤرّخ في 22 أكتوبر 2024 المتعلّق بنظام الحماية الاجتماعيّة للعاملات الفلاحيّات، وتم بمقتضاه إحداث نظام خاصّ للحماية الاجتماعيّة للعاملات الفلاحيّات يهدف إلى مساعدتهنّ على تحقيق الإدماج الاقتصادي وتحفيزهنّ على تحسين ظروف عيش عائلاتهنّ وتكريس دورهنّ كفاعل اقتصادي مع انتفاعهنّ بنظام خاص يضمن لهنّ منافع التأمين على المرض وجرايات الشيخوخة والعجز والباقين بعد الوفاة والتغطية ضد الأخطار المهنية ومنافع الأمان الاجتماعي وفقا لأحكام هذا المرسوم. ويذكر أنه على أساس هذا المرسوم تم صلب قانون المالية لسنة 2025  إقرار عدة إجراءات لفائدة العاملات الفلاحيّات.

ومن بين هذه الإجراءات المنصوص عليها بقانون المالية إحداث صندوق خاص يطلق عليه اسم «صندوق الحماية الاجتماعية للعاملات الفلاحيات» يتولى ضمان التغطية الاجتماعية والمساعدة على تحقيق الإدماج الاقتصادي للعاملات الفلاحيات في إطار نظام الحماية الاجتماعية للعاملات الفلاحيات المحدث بمقتضى المرسوم عدد 4 لسنة 2024 المؤرخ في 22 أكتوبر 2024 المتعلّق بنظام الحماية الاجتماعية للعاملات الفلاحيات. وتضبط طرق تسيير الصندوق وشروط تدخلاته بمقتضى أمر. ويتولى الوزير المكلف بالشؤون الاجتماعية الإذن بالدفع لمصاريف الصندوق. ويعهد بالتصرف في صندوق الحماية الاجتماعية للعاملات الفلاحيات إلى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بمقتضى اتفاقية تبرم في الغرض بين هذا الصندوق والوزير المكلف بالشؤون الاجتماعية والوزير المكلف بالمالية. كما يعهد إلى البنك التونسي للتضامن التصرف في برامج الإدماج الاقتصادي للعاملات الفلاحيات بمقتضى اتفاقية تبرم في الغرض بين البنك المذكور والوزير المكلف بالشؤون الاجتماعية والوزير المكلف بالمالية. ويمول صندوق الحماية الاجتماعية للعاملات الفلاحيات بـ: منحة من ميزانية الدولة في حدود 5 مليون دينار، ومعلوم بنسبة واحد بالمائة من أقساط التأمين أو معاليم الاشتراك المتعلقة بجميع فروع التأمين صافية من كل الإلغاءات والأداءات. ويدفع هذا المعلوم شهريا من قبل مؤسسات التأمين أو صناديق المشتركين كما هو الشأن بالنسبة إلى المعلوم الوحيد على التأمين. ولا يمكن تحميل المعلوم على مكتتبي عقود التأمين أو المشتركين في مؤسسات التأمين التكافلي. ويطرح المعلوم من قاعدة الضريبة على الشركات، كما يمول بمعلوم قدره 5 دنانير بعنوان كل شهادة فحص فني يدفع من قبل الوكالة الفنية للنقل البري مثلما هو الشأن بالنسبة إلى معاليم الموجبات الإدارية المتعلقة بتسجيل العربات ورخص السياقة وبطاقات الاستغلال، ويمول الصندوق بنسبة عشرة بالمائة من المبلغ الجملي للخطايا المرورية المستخلصة سنويا، والموارد المتأتية من معاليم الخدمات المسداة من قبل مختلف الهياكل والمؤسسات الخاضعة لإشراف الوزارة المكلفة بالشؤون الاجتماعية والتي تضبط بقرار من الوزير المكلف بالشؤون الاجتماعية، وكل الهبات والموارد التي يمكن توظيفها لفائدته حسب التشريع الجاري به العمل..

سعيدة بوهلال