إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

التبادل التجاري بينهما بلغ 33 مليون دولار في 2024.. تعزيز العلاقات الاقتصادية والاستثمارية بين تونس وعُمان

 

تشهد‭ ‬العلاقات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬التونسية‭ ‬العُمانية،‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬الأخيرة‭ ‬زخما‭ ‬واضحا،‭ ‬فرضته‭ ‬إرادة‭ ‬بناء‭ ‬تقارب‭ ‬اقتصادي‭ ‬عميق‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المجالات،‭ ‬بما‭ ‬يتماشى‭ ‬وقوة‭ ‬العلاقات‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬والثقافية‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭.‬

وبلغت‭ ‬المبادلات‭ ‬التجارية‭ ‬بين‭ ‬تونس‭ ‬وعمان‭ ‬على‭ ‬امتداد‭ ‬العام‭ ‬الفارط‭ ‬2024‭ ‬حوالي‭ ‬33‭ ‬مليون‭ ‬دولار،‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬المسؤولين‭ ‬في‭ ‬البلدين‭ ‬يطمحون‭ ‬إلى‭ ‬حجم‭ ‬مبادلات‭ ‬أكبر،‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬القادمة،‭ ‬يعكس‭ ‬الإمكانيات‭ ‬الكبيرة‭ ‬الحقيقية‭ ‬المتوفرة‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬وعمان‭.‬
ويزور‭ ‬تونس‭ ‬هذه‭ ‬الأيام‭ ‬وفد‭ ‬عُماني‭ ‬رفيع‭ ‬المُستوى‭ ‬يرأسه‭ ‬صالح‭ ‬بن‭ ‬سعيد‭ ‬مسن،‭ ‬وكيل‭ ‬وزارة‭ ‬التجارة‭ ‬والصناعة‭ ‬وترويج‭ ‬الاستثمار‭ ‬للتجارة‭ ‬والصناعة‭.‬
وتندرج‭ ‬هذه‭ ‬الزيارات‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬تقريب‭ ‬وجهات‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬المجالين‭ ‬المالي‭ ‬والاقتصادي‭ ‬والاطلاع‭ ‬على‭ ‬عين‭ ‬المكان‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬زيارات‭ ‬ميدانية‭ ‬على‭ ‬المشاريع‭ ‬والدراسات‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬الاستثمار‭ ‬فيها،‭ ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬تعدّ‭ ‬خطة‭ ‬ترويجية‭ ‬للاستكشاف‭ ‬والتعرف‭ ‬عن‭ ‬قرب‭ ‬على‭ ‬الشركاء‭ ‬والفاعلين‭ ‬الاقتصاديين‭ ‬وعقد‭ ‬لقاءات‭ ‬ثنائية‭ ‬تُمكّن‭ ‬من‭ ‬إزاحة‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬العواقب‭ ‬أمام‭ ‬تدفق‭ ‬سلس‭ ‬للسلع‭ ‬في‭ ‬الاتجاهين‭.‬
تونس‭ ‬مُلتزمة‭ ‬بتوسيع‭ ‬مجالات‭ ‬التعاون‭ ‬الثنائي
وأكدت‭ ‬وزيرة‭ ‬الصناعة‭ ‬والمناجم‭ ‬والطاقة‭ ‬فاطمة‭ ‬الثابت‭ ‬شيبوب،‭ ‬مؤخرا،‭ ‬خلال‭ ‬لقائها،‭ ‬بهذا‭ ‬الوفد‭ ‬بمقر‭ ‬الوزارة‭ ‬على‭ ‬التزام‭ ‬الحكومة‭ ‬بتوسيع‭ ‬مجالات‭ ‬التعاون‭ ‬الثنائي‭ ‬مشيرة‭ ‬إلى‭ ‬حرص‭ ‬مصالح‭ ‬الوزارة‭ ‬على‭ ‬تقديم‭ ‬كافة‭ ‬أوجه‭ ‬الدعم‭ ‬اللازم‭ ‬لإقامة‭ ‬مشاريع‭ ‬استثمارية‭ ‬ذات‭ ‬مساهمة‭ ‬عمانية‭ ‬بتونس‭ ‬تماشيا‭ ‬مع‭ ‬الرؤية‭ ‬الوطنية‭ ‬الهادفة‭ ‬إلى‭ ‬استقطاب‭ ‬الاستثمارات‭ ‬الأجنبية‭.‬
من‭ ‬جانبه‭ ‬أشاد‭ ‬صالح‭ ‬بن‭ ‬سعيد‭ ‬مسن،‭ ‬بالتجربة‭ ‬التونسية‭ ‬للنهوض‭ ‬بالقطاعات‭ ‬الواعدة‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬صناعة‭ ‬مكونات‭ ‬السيارات‭ ‬متطلّعا‭ ‬إلى‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬الخبرات‭ ‬التونسية‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬مختلفة‭ ‬مع‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬تعزيز‭ ‬التعاون‭ ‬الثلاثي‭ ‬مع‭ ‬منظمة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬للتنمية‭ ‬الصناعية‭ (‬ONUDI‭) ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬تنفيذ‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬الوطنية‭ ‬للصناعة‭ ‬والتجديد‭ ‬في‭ ‬أفق‭ ‬سنة‭ ‬2035‭ ‬بتونس‭ ‬والاستراتيجية‭ ‬الصناعية‭ ‬لسلطنة‭ ‬عمان‭ ‬2040‭. ‬وأظهرت‭ ‬عمان‭ ‬بالتالي‭ ‬رغبتها‭ ‬في‭ ‬الاستئناس‭ ‬بالتجربة‭ ‬التونسية‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬صناعة‭ ‬مكونات‭ ‬السيارات‭.‬
وتأتي‭ ‬هذه‭ ‬الرغبة‭ ‬بالنظر‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تونس‭ ‬قد‭ ‬تمكّنت‭ ‬من‭ ‬احتلال‭ ‬المرتبة‭ ‬الثانية‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬القارة‭ ‬الإفريقية‭ ‬في‭ ‬تصدير‭ ‬مكونات‭ ‬السيارات،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬تحقيق‭ ‬صادرات‭ ‬قطاع‭ ‬مكونات‭ ‬السيارات‭ ‬خلال‭ ‬الخمسة‭ ‬أشهر‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬العام‭ ‬الجاري‭ ‬عائدات‭ ‬بقيمة‭ ‬2822‭ ‬مليون‭ ‬دينار،‭ ‬مسجلة‭ ‬نموا‭ ‬بنسبة‭ ‬8‭,‬4‭ ‬بالمائة‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬سنوي‭.‬
علما‭ ‬وأن‭ ‬القطاع‭ ‬يضم‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬280‭ ‬مؤسسة‭ ‬صناعية‭ ‬منها‭ ‬140‭ ‬مؤسسة‭ ‬ذات‭ ‬مساهمة‭ ‬أجنبية‭ ‬و65‭ ‬بالمائة‭ ‬منها‭ ‬مصدرة‭ ‬كليا‭.‬
وسبق‭ ‬أن‭ ‬استفادت‭ ‬عمان‭ ‬من‭ ‬الخبرات‭ ‬التونسية‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المجالات‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم‭ ‬والصحة‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬التعاون‭ ‬الفني‭.‬
محطات‭ ‬اقتصادية‭ ‬هامة
وتواصل‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬تونس‭ ‬وعمان‭ ‬مسيرة‭ ‬طويلة‭ ‬من‭ ‬التعاون‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والتجاري‭ ‬والاستثماري‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬محطاتها‭ ‬الهامة،‭ ‬تتويج‭ ‬أشغال‭ ‬الدورة‭ ‬السادسة‭ ‬عشرة‭ ‬للجنة‭ ‬المشتركة‭ ‬التونسية‭ ‬العُمانية،‭ ‬في‭ ‬جانفي‭ ‬2024‭ ‬بمسقط،‭ ‬بالإمضاء‭ ‬على‭ ‬14‭ ‬اتفاقا‭ ‬ومذكرة‭ ‬تفاهم‭ ‬وبرنامجا‭ ‬تنفيذيا‭.‬
وشملت‭ ‬هذه‭ ‬الاتفاقات،‭ ‬مجالات‭ ‬الصحة‭ ‬والنقل‭ ‬والتربية‭ ‬والتعليم‭ ‬العالي‭ ‬والسياحة‭ ‬والثقافة‭ ‬والشباب‭ ‬والرياضة‭ ‬والتكوين‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬والتشغيل‭ ‬والتدريب‭ ‬المهني‭ ‬والشؤون‭ ‬الدينية،‭ ‬وهي‭ ‬الدورة‭ ‬التي‭ ‬حضرها‭ ‬وفد‭ ‬تونسي‭ ‬ترأسه‭ ‬حينها‭ ‬وزير‭ ‬الشؤون‭ ‬الخارجية‭ ‬والهجرة‭ ‬والتونسيين‭ ‬بالخارج‭.‬
وانتظمت‭ ‬اللجنة‭ ‬المشتركة‭ ‬في‭ ‬دورتها‭ ‬الخامسة‭ ‬عشرة‭ ‬من‭ ‬25‭ ‬إلى‭ ‬27‭ ‬أفريل‭ ‬2017‭ ‬بتونس،‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬نشأة‭ ‬هذه‭ ‬اللجنة‭ ‬تعود‭ ‬إلى‭ ‬14‭ ‬ديسمبر‭ ‬1987‭.‬
وفي‭ ‬جانفي‭ ‬2025،‭ ‬عقد‭ ‬ملتقى‭ ‬الأعمال‭ ‬التونسي‭ ‬العماني،‭ ‬ومثّل‭ ‬عمان‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الملتقى‭ ‬الذي‭ ‬احتضنته‭ ‬تونس،‭ ‬وفد‭ ‬من‭ ‬رجال‭ ‬الأعمال‭ ‬من‭ ‬غرفة‭ ‬تجارة‭ ‬وصناعة‭ ‬عمان‭ ‬فرع‭ ‬الداخلية،‭ ‬ويمثلون‭ ‬عدة‭ ‬قطاعات‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬قطاع‭ ‬الصناعات‭ ‬الغذائية،‭ ‬مواد‭ ‬البناء‭ ‬وصناعة‭ ‬البلور‭.‬
ضرورة‭ ‬تفعيل‭ ‬مجلس‭ ‬الأعمال‭ ‬التونسي‭ ‬العماني
ويُعدّ‭ ‬تفعيل‭ ‬مجلس‭ ‬الأعمال‭ ‬التونسي‭ ‬العماني‭ ‬من‭ ‬الأولويات‭ ‬المطروحة‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬طاولة‭ ‬المسؤولين‭ ‬بل‭ ‬أيضا‭ ‬من‭ ‬ضمن‭ ‬مطالب‭ ‬المصدّرين‭ ‬من‭ ‬كلا‭ ‬البلدين‭ ‬إذ‭ ‬سبق‭ ‬لوزير‭ ‬التجارة‭ ‬وتنمية‭ ‬الصادرات‭ ‬سمير‭ ‬عبيد،‭ ‬أن‭ ‬دعا،‭ ‬في‭ ‬جانفي‭ ‬2025،‭ ‬خلال‭ ‬أشغال‭ ‬ملتقى‭ ‬الأعمال‭ ‬التونسي‭ ‬العماني‭ ‬إلى‭ ‬ضرورة‭ ‬تفعيل‭ ‬مجلس‭ ‬الأعمال‭ ‬التونسي‭ ‬العماني‭ ‬ومزيد‭ ‬تنشيط‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬غرف‭ ‬التجارة‭ ‬والصناعة‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭ ‬ومركزي‭ ‬النهوض‭ ‬بالصادرات‭ ‬التونسي‭ ‬والعماني‭ ‬وأن‭ ‬يحقق‭ ‬هذا‭ ‬الملتقى‭ ‬الاقتصادي‭ ‬الأهداف‭ ‬المرجوة‭ ‬لبناء‭ ‬علاقات‭ ‬استراتيجية‭ ‬وآفاق‭ ‬جديدة‭ ‬للشراكة‭.‬
كما‭ ‬أكد‭ ‬الوزير‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬الفرص‭ ‬المتاحة‭ ‬في‭ ‬البلدين‭ ‬لتطوير‭ ‬الشراكة‭ ‬وبعث‭ ‬استثمارات‭ ‬مشتركة‭ ‬بالنظر‭ ‬إلى‭ ‬تنوع‭ ‬وتعدد‭ ‬المجالات‭ ‬لتجسيد‭ ‬هذا‭ ‬الشراكة‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع‭ ‬مشيرا‭ ‬إلى‭ ‬ضرورة‭ ‬تركيز‭ ‬آليات‭ ‬تعاون‭ ‬كفيلة‭ ‬بتعزيز‭ ‬التبادل‭ ‬التجاري‭.‬
هذا‭ ‬وقد‭ ‬تم‭ ‬الاتفاق‭ ‬مبدئيا،‭ ‬منذ‭ ‬سبتمبر‭ ‬2023‭ ‬بمسقط،‭ ‬خلال‭ ‬فعاليات‭ ‬منتدى‭ ‬الأعمال‭ ‬العماني‭ ‬التونسي،‭ ‬على‭ ‬إحداث‭ ‬صندوق‭ ‬استثماري‭ ‬مشترك‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭ ‬يهدف‭ ‬إلى‭ ‬تحفيز‭ ‬المستثمرين‭ ‬على‭ ‬بعث‭ ‬المشاريع‭.‬
وكانت‭ ‬عمان‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬6‭ ‬وجهات‭ ‬جديدة‭ ‬استهدفتها‭ ‬العمليات‭ ‬الترويجية‭ ‬لمركز‭ ‬النهوض‭ ‬بالصادرات‭ ‬سنة‭ ‬2024،‭ ‬حيث‭ ‬ضمت‭ ‬الأسواق‭ ‬الجديدة‭ ‬سلطنة‭ ‬عمان‭ ‬وغامبيا‭ ‬والسنغال‭ ‬وكندا‭ ‬واليابان‭ ‬وإيران،‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬إجمالي‭ ‬العمليات‭ ‬الترويجية‭ ‬للمركز‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭ ‬قد‭ ‬شملت‭ ‬25‭ ‬سوقا‭.‬
وتُبرهن‭ ‬جميع‭ ‬هذه‭ ‬الاتفاقيات‭ ‬ومذكرات‭ ‬التفاهم‭ ‬والبعثات‭ ‬والعمليات‭ ‬الترويجية‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬تنوّع‭ ‬وثراء‭ ‬المجالات‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬قاطرة‭ ‬لتكامل‭ ‬اقتصادي‭ ‬تونس‭ ‬عُماني‭ ‬في‭ ‬المُستقبل‭.‬
ويُعوّل‭ ‬البلدان‭ ‬على‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬كداعم‭ ‬أساسي‭ ‬للقطاع‭ ‬العام‭ ‬لمزيد‭ ‬تشبيك‭ ‬المصالح‭ ‬وإقامة‭ ‬شراكات‭ ‬استثمارية‭ ‬ناجحة‭ ‬في‭ ‬البلدين‭ ‬واستكمال‭ ‬مسار‭ ‬التعاون‭ ‬الحافل‭ ‬والوثيق‭.‬

درصاف‭ ‬اللموشي

التبادل التجاري بينهما بلغ 33 مليون دولار في 2024.. تعزيز العلاقات الاقتصادية والاستثمارية بين تونس وعُمان

 

تشهد‭ ‬العلاقات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬التونسية‭ ‬العُمانية،‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬الأخيرة‭ ‬زخما‭ ‬واضحا،‭ ‬فرضته‭ ‬إرادة‭ ‬بناء‭ ‬تقارب‭ ‬اقتصادي‭ ‬عميق‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المجالات،‭ ‬بما‭ ‬يتماشى‭ ‬وقوة‭ ‬العلاقات‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬والثقافية‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭.‬

وبلغت‭ ‬المبادلات‭ ‬التجارية‭ ‬بين‭ ‬تونس‭ ‬وعمان‭ ‬على‭ ‬امتداد‭ ‬العام‭ ‬الفارط‭ ‬2024‭ ‬حوالي‭ ‬33‭ ‬مليون‭ ‬دولار،‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬المسؤولين‭ ‬في‭ ‬البلدين‭ ‬يطمحون‭ ‬إلى‭ ‬حجم‭ ‬مبادلات‭ ‬أكبر،‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬القادمة،‭ ‬يعكس‭ ‬الإمكانيات‭ ‬الكبيرة‭ ‬الحقيقية‭ ‬المتوفرة‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬وعمان‭.‬
ويزور‭ ‬تونس‭ ‬هذه‭ ‬الأيام‭ ‬وفد‭ ‬عُماني‭ ‬رفيع‭ ‬المُستوى‭ ‬يرأسه‭ ‬صالح‭ ‬بن‭ ‬سعيد‭ ‬مسن،‭ ‬وكيل‭ ‬وزارة‭ ‬التجارة‭ ‬والصناعة‭ ‬وترويج‭ ‬الاستثمار‭ ‬للتجارة‭ ‬والصناعة‭.‬
وتندرج‭ ‬هذه‭ ‬الزيارات‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬تقريب‭ ‬وجهات‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬المجالين‭ ‬المالي‭ ‬والاقتصادي‭ ‬والاطلاع‭ ‬على‭ ‬عين‭ ‬المكان‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬زيارات‭ ‬ميدانية‭ ‬على‭ ‬المشاريع‭ ‬والدراسات‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬الاستثمار‭ ‬فيها،‭ ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬تعدّ‭ ‬خطة‭ ‬ترويجية‭ ‬للاستكشاف‭ ‬والتعرف‭ ‬عن‭ ‬قرب‭ ‬على‭ ‬الشركاء‭ ‬والفاعلين‭ ‬الاقتصاديين‭ ‬وعقد‭ ‬لقاءات‭ ‬ثنائية‭ ‬تُمكّن‭ ‬من‭ ‬إزاحة‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬العواقب‭ ‬أمام‭ ‬تدفق‭ ‬سلس‭ ‬للسلع‭ ‬في‭ ‬الاتجاهين‭.‬
تونس‭ ‬مُلتزمة‭ ‬بتوسيع‭ ‬مجالات‭ ‬التعاون‭ ‬الثنائي
وأكدت‭ ‬وزيرة‭ ‬الصناعة‭ ‬والمناجم‭ ‬والطاقة‭ ‬فاطمة‭ ‬الثابت‭ ‬شيبوب،‭ ‬مؤخرا،‭ ‬خلال‭ ‬لقائها،‭ ‬بهذا‭ ‬الوفد‭ ‬بمقر‭ ‬الوزارة‭ ‬على‭ ‬التزام‭ ‬الحكومة‭ ‬بتوسيع‭ ‬مجالات‭ ‬التعاون‭ ‬الثنائي‭ ‬مشيرة‭ ‬إلى‭ ‬حرص‭ ‬مصالح‭ ‬الوزارة‭ ‬على‭ ‬تقديم‭ ‬كافة‭ ‬أوجه‭ ‬الدعم‭ ‬اللازم‭ ‬لإقامة‭ ‬مشاريع‭ ‬استثمارية‭ ‬ذات‭ ‬مساهمة‭ ‬عمانية‭ ‬بتونس‭ ‬تماشيا‭ ‬مع‭ ‬الرؤية‭ ‬الوطنية‭ ‬الهادفة‭ ‬إلى‭ ‬استقطاب‭ ‬الاستثمارات‭ ‬الأجنبية‭.‬
من‭ ‬جانبه‭ ‬أشاد‭ ‬صالح‭ ‬بن‭ ‬سعيد‭ ‬مسن،‭ ‬بالتجربة‭ ‬التونسية‭ ‬للنهوض‭ ‬بالقطاعات‭ ‬الواعدة‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬صناعة‭ ‬مكونات‭ ‬السيارات‭ ‬متطلّعا‭ ‬إلى‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬الخبرات‭ ‬التونسية‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬مختلفة‭ ‬مع‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬تعزيز‭ ‬التعاون‭ ‬الثلاثي‭ ‬مع‭ ‬منظمة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬للتنمية‭ ‬الصناعية‭ (‬ONUDI‭) ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬تنفيذ‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬الوطنية‭ ‬للصناعة‭ ‬والتجديد‭ ‬في‭ ‬أفق‭ ‬سنة‭ ‬2035‭ ‬بتونس‭ ‬والاستراتيجية‭ ‬الصناعية‭ ‬لسلطنة‭ ‬عمان‭ ‬2040‭. ‬وأظهرت‭ ‬عمان‭ ‬بالتالي‭ ‬رغبتها‭ ‬في‭ ‬الاستئناس‭ ‬بالتجربة‭ ‬التونسية‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬صناعة‭ ‬مكونات‭ ‬السيارات‭.‬
وتأتي‭ ‬هذه‭ ‬الرغبة‭ ‬بالنظر‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تونس‭ ‬قد‭ ‬تمكّنت‭ ‬من‭ ‬احتلال‭ ‬المرتبة‭ ‬الثانية‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬القارة‭ ‬الإفريقية‭ ‬في‭ ‬تصدير‭ ‬مكونات‭ ‬السيارات،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬تحقيق‭ ‬صادرات‭ ‬قطاع‭ ‬مكونات‭ ‬السيارات‭ ‬خلال‭ ‬الخمسة‭ ‬أشهر‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬العام‭ ‬الجاري‭ ‬عائدات‭ ‬بقيمة‭ ‬2822‭ ‬مليون‭ ‬دينار،‭ ‬مسجلة‭ ‬نموا‭ ‬بنسبة‭ ‬8‭,‬4‭ ‬بالمائة‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬سنوي‭.‬
علما‭ ‬وأن‭ ‬القطاع‭ ‬يضم‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬280‭ ‬مؤسسة‭ ‬صناعية‭ ‬منها‭ ‬140‭ ‬مؤسسة‭ ‬ذات‭ ‬مساهمة‭ ‬أجنبية‭ ‬و65‭ ‬بالمائة‭ ‬منها‭ ‬مصدرة‭ ‬كليا‭.‬
وسبق‭ ‬أن‭ ‬استفادت‭ ‬عمان‭ ‬من‭ ‬الخبرات‭ ‬التونسية‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المجالات‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم‭ ‬والصحة‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬التعاون‭ ‬الفني‭.‬
محطات‭ ‬اقتصادية‭ ‬هامة
وتواصل‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬تونس‭ ‬وعمان‭ ‬مسيرة‭ ‬طويلة‭ ‬من‭ ‬التعاون‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والتجاري‭ ‬والاستثماري‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬محطاتها‭ ‬الهامة،‭ ‬تتويج‭ ‬أشغال‭ ‬الدورة‭ ‬السادسة‭ ‬عشرة‭ ‬للجنة‭ ‬المشتركة‭ ‬التونسية‭ ‬العُمانية،‭ ‬في‭ ‬جانفي‭ ‬2024‭ ‬بمسقط،‭ ‬بالإمضاء‭ ‬على‭ ‬14‭ ‬اتفاقا‭ ‬ومذكرة‭ ‬تفاهم‭ ‬وبرنامجا‭ ‬تنفيذيا‭.‬
وشملت‭ ‬هذه‭ ‬الاتفاقات،‭ ‬مجالات‭ ‬الصحة‭ ‬والنقل‭ ‬والتربية‭ ‬والتعليم‭ ‬العالي‭ ‬والسياحة‭ ‬والثقافة‭ ‬والشباب‭ ‬والرياضة‭ ‬والتكوين‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬والتشغيل‭ ‬والتدريب‭ ‬المهني‭ ‬والشؤون‭ ‬الدينية،‭ ‬وهي‭ ‬الدورة‭ ‬التي‭ ‬حضرها‭ ‬وفد‭ ‬تونسي‭ ‬ترأسه‭ ‬حينها‭ ‬وزير‭ ‬الشؤون‭ ‬الخارجية‭ ‬والهجرة‭ ‬والتونسيين‭ ‬بالخارج‭.‬
وانتظمت‭ ‬اللجنة‭ ‬المشتركة‭ ‬في‭ ‬دورتها‭ ‬الخامسة‭ ‬عشرة‭ ‬من‭ ‬25‭ ‬إلى‭ ‬27‭ ‬أفريل‭ ‬2017‭ ‬بتونس،‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬نشأة‭ ‬هذه‭ ‬اللجنة‭ ‬تعود‭ ‬إلى‭ ‬14‭ ‬ديسمبر‭ ‬1987‭.‬
وفي‭ ‬جانفي‭ ‬2025،‭ ‬عقد‭ ‬ملتقى‭ ‬الأعمال‭ ‬التونسي‭ ‬العماني،‭ ‬ومثّل‭ ‬عمان‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الملتقى‭ ‬الذي‭ ‬احتضنته‭ ‬تونس،‭ ‬وفد‭ ‬من‭ ‬رجال‭ ‬الأعمال‭ ‬من‭ ‬غرفة‭ ‬تجارة‭ ‬وصناعة‭ ‬عمان‭ ‬فرع‭ ‬الداخلية،‭ ‬ويمثلون‭ ‬عدة‭ ‬قطاعات‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬قطاع‭ ‬الصناعات‭ ‬الغذائية،‭ ‬مواد‭ ‬البناء‭ ‬وصناعة‭ ‬البلور‭.‬
ضرورة‭ ‬تفعيل‭ ‬مجلس‭ ‬الأعمال‭ ‬التونسي‭ ‬العماني
ويُعدّ‭ ‬تفعيل‭ ‬مجلس‭ ‬الأعمال‭ ‬التونسي‭ ‬العماني‭ ‬من‭ ‬الأولويات‭ ‬المطروحة‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬طاولة‭ ‬المسؤولين‭ ‬بل‭ ‬أيضا‭ ‬من‭ ‬ضمن‭ ‬مطالب‭ ‬المصدّرين‭ ‬من‭ ‬كلا‭ ‬البلدين‭ ‬إذ‭ ‬سبق‭ ‬لوزير‭ ‬التجارة‭ ‬وتنمية‭ ‬الصادرات‭ ‬سمير‭ ‬عبيد،‭ ‬أن‭ ‬دعا،‭ ‬في‭ ‬جانفي‭ ‬2025،‭ ‬خلال‭ ‬أشغال‭ ‬ملتقى‭ ‬الأعمال‭ ‬التونسي‭ ‬العماني‭ ‬إلى‭ ‬ضرورة‭ ‬تفعيل‭ ‬مجلس‭ ‬الأعمال‭ ‬التونسي‭ ‬العماني‭ ‬ومزيد‭ ‬تنشيط‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬غرف‭ ‬التجارة‭ ‬والصناعة‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭ ‬ومركزي‭ ‬النهوض‭ ‬بالصادرات‭ ‬التونسي‭ ‬والعماني‭ ‬وأن‭ ‬يحقق‭ ‬هذا‭ ‬الملتقى‭ ‬الاقتصادي‭ ‬الأهداف‭ ‬المرجوة‭ ‬لبناء‭ ‬علاقات‭ ‬استراتيجية‭ ‬وآفاق‭ ‬جديدة‭ ‬للشراكة‭.‬
كما‭ ‬أكد‭ ‬الوزير‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬الفرص‭ ‬المتاحة‭ ‬في‭ ‬البلدين‭ ‬لتطوير‭ ‬الشراكة‭ ‬وبعث‭ ‬استثمارات‭ ‬مشتركة‭ ‬بالنظر‭ ‬إلى‭ ‬تنوع‭ ‬وتعدد‭ ‬المجالات‭ ‬لتجسيد‭ ‬هذا‭ ‬الشراكة‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع‭ ‬مشيرا‭ ‬إلى‭ ‬ضرورة‭ ‬تركيز‭ ‬آليات‭ ‬تعاون‭ ‬كفيلة‭ ‬بتعزيز‭ ‬التبادل‭ ‬التجاري‭.‬
هذا‭ ‬وقد‭ ‬تم‭ ‬الاتفاق‭ ‬مبدئيا،‭ ‬منذ‭ ‬سبتمبر‭ ‬2023‭ ‬بمسقط،‭ ‬خلال‭ ‬فعاليات‭ ‬منتدى‭ ‬الأعمال‭ ‬العماني‭ ‬التونسي،‭ ‬على‭ ‬إحداث‭ ‬صندوق‭ ‬استثماري‭ ‬مشترك‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭ ‬يهدف‭ ‬إلى‭ ‬تحفيز‭ ‬المستثمرين‭ ‬على‭ ‬بعث‭ ‬المشاريع‭.‬
وكانت‭ ‬عمان‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬6‭ ‬وجهات‭ ‬جديدة‭ ‬استهدفتها‭ ‬العمليات‭ ‬الترويجية‭ ‬لمركز‭ ‬النهوض‭ ‬بالصادرات‭ ‬سنة‭ ‬2024،‭ ‬حيث‭ ‬ضمت‭ ‬الأسواق‭ ‬الجديدة‭ ‬سلطنة‭ ‬عمان‭ ‬وغامبيا‭ ‬والسنغال‭ ‬وكندا‭ ‬واليابان‭ ‬وإيران،‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬إجمالي‭ ‬العمليات‭ ‬الترويجية‭ ‬للمركز‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭ ‬قد‭ ‬شملت‭ ‬25‭ ‬سوقا‭.‬
وتُبرهن‭ ‬جميع‭ ‬هذه‭ ‬الاتفاقيات‭ ‬ومذكرات‭ ‬التفاهم‭ ‬والبعثات‭ ‬والعمليات‭ ‬الترويجية‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬تنوّع‭ ‬وثراء‭ ‬المجالات‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬قاطرة‭ ‬لتكامل‭ ‬اقتصادي‭ ‬تونس‭ ‬عُماني‭ ‬في‭ ‬المُستقبل‭.‬
ويُعوّل‭ ‬البلدان‭ ‬على‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬كداعم‭ ‬أساسي‭ ‬للقطاع‭ ‬العام‭ ‬لمزيد‭ ‬تشبيك‭ ‬المصالح‭ ‬وإقامة‭ ‬شراكات‭ ‬استثمارية‭ ‬ناجحة‭ ‬في‭ ‬البلدين‭ ‬واستكمال‭ ‬مسار‭ ‬التعاون‭ ‬الحافل‭ ‬والوثيق‭.‬

درصاف‭ ‬اللموشي