غياب إطار تشريعي لتنظيمها ساهم في انتشارها.. بعضها في ظاهره مراكز تدليك.. وخلف غرفها المغلقة أوكار دعارة
مقالات الصباح
أصدر قاضي بالمحكمة الابتدائية بتونس تسع بطاقات إيداع بالسجن في حق مجموعة من الشبان والفتيات، بالإضافة إلى امرأة صاحبة مركز تدليك وتجميل بجهة المنار، بعد أن تبين أن المركز كان يخفى وراء غرفه المغلقة وكرا لتعاطي البغاء.
مركز يعدّ من بين عشرات المراكز التي في ظاهرها تقدم خدمات تجميلية، ولكنها تخفي نشاطاتها الأصلية.
تحت ستار الاسترخاء والتدليك، تنتشر ظاهرة خطيرة تهدد المجتمع، حيث تحولت العديد من مراكز التدليك إلى أوكار للدعارة والفساد. هذه الشبكات الإجرامية، التي تستغل فتيات وقاصرات، تحقق أرباحًا طائلة بعيدًا عن أعين القانون. ففي ظاهرها، تقوم هذه المراكز بنشاط مرخص فيه، ولكنها في الواقع تخفي نشاطات تتجاوز الدعارة أحيانًا إلى الاتجار بالبشر واستغلال القاصرات.
وتستفيد هذه الشبكات من العولمة وتستخدم وسائل التواصل الاجتماعي للترويج لأنشطتها بطرق مبتكرة، مما يسهل الوصول إلى شريحة واسعة من الزبائن.
ملاحقات أمنية لأصحاب المراكز المشبوهة
تترصد الوحدات الأمنية في أغلب الأحيان مراكز التدليك كما تتابع الصفحات التي تروج للأنشطة المشبوهة عبر مواقع التواصل الاجتماعي. فقد تمكنت الوحدات الأمنية التابعة لفرقة الشرطة العدلية بنابل من الكشف عن قيام مركز تدليك بعرض خدمات جنسية للحرفاء مقابل المال عبر إعلانات تم نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي. وتم ضبط فتاة بقاعة الاستقبال وأخرى في وضعية مشبوهة مع أحد الحرفاء، كما تم حجز مبلغ مالي قدره 490 دينار. واعترفتا بتقديم خدمات جنسية بمقابل مادي.
فراغ تشريعي
لا يوجد تشريع خاص بمراكز التدليك، وفي المقابل، هناك مراكز للعلاج الطبيعي منصوص عليها في القانون التونسي، مما جعل عددًا من أصحاب مراكز التدليك يحصلون على ترخيص لفتح صالونات أو محلات تقدم في ظاهرها خدمات تجميلية أو صحية، ولكن في الحقيقة، تم تحويل نشاطهم إلى أسواق للدعارة، يتم الترويج لها عبر صفحات التواصل الاجتماعي بأسماء مستعارة.
وفي هذا السياق، تحدث المحامي والباحث في القانون، علي البدوي، لـ»الصباح» عن مراكز التدليك التي تم تحويل نشاطها إلى مراكز للدعارة، مشيرًا إلى أن المشرع نص في الفصل 231 من المجلة الجزائية على أن «النساء اللاتي يعرضن أنفسهن بالإشارة أو بالقول أو يتعاطين الخناء، ولو صدفة، يعاقبن بالسجن من ستة أشهر إلى عامين وبغرامة من مائتي دينار إلى ألفي دينار ..ويعتبر مشاركا ويعاقب بنفس العقوبات كل شخص اتصل بإحدى تك النساء جنسيا».
وهذا الفصل جاء تحت عنوان «البغاء السري» وهي جريمة أخلاقية يعاقب عليها القانون الجزائي على خلاف البغاء العلني والذي نظم بالأمر 64 وهي صور تستغلها الدولة حصريا في تنظيم قانوني يتبع وزارة الداخلية ولو أنه بعد الثورة تم بشكل تدريجي غلق المواخير بصفة تكاد تكون كلية.
وأضاف الأستاذ البدوي أن هناك نصًا قانونيًا خاصًا يمنع الاتجار بالبشر ومكافحته، وقد صدر في أوت 2016. وقد نص على أنه «يعد اتجارا بالأشخاص استقطاب أو تجنيد أشخاص أو نقلهم أو تنقيلهم أو تحويل وجهتهم أو ترحيلهم أو إيواؤهم أو استقبالهم باستعمال القوة أو السلاح أو التهديد بهما أو غير ذلك من أشكال الإكراه أو الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع أو استغلال حالة استضعاف أو استغلال نفوذ أو تسليم أو قبول مبالغ مالية أو مزايا أو عطايا أو وعود بعطايا لنيل موافقة شخص له سيطرة على شخص آخر وذلك بقصد الاستغلال أيا كانت صوره سواء من طرف مرتكب تلك الأفعال أو بوضعه على ذمة الغير لاستغلاله.
ويشمل الاستغلال استغلال بغاء الغير أو دعارته أو غيرها من أشكال الاستغلال الجنسي أو السخرة أو الخدمة قسرا أو الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرق أو الاستعباد أو التسول أو نزع الأعضاء أو الأنسجة أو الخلايا أو الأمشاج أو الأجنة أو جزء منها أو غيرها من أشكال الاستغلال الأخرى».
حيث إن المشرع التونسي عرف الاستغلال الجنسي على أنه الحصول على منافع، أيًّا كانت طبيعتها، من خلال توريط شخص في أعمال دعارة أو بغاء أو في تقديم أي أنواع أخرى من الخدمات الجنسية، بما في ذلك استغلاله في المشاهد الإباحية لإنشاء مشاهد أو مواد إباحية أو مسكها أو ترويجها بأي وسيلة كانت. ورغم تشديد المشرع التونسي في العقوبات، فإن مراكز التدليك لا تزال تنتشر بسرعة حتى اليوم، ذلك أن غياب إطار تشريعي ينظم هذه المهنة، خاصة وأنها أصبحت من أشكال الأعمال السرية ولا تخضع للرقابة الأمنية والجبائية، إلى جانب عقلية المجتمع التونسي المحافظة التي تتجنب التبليغ عن مثل هذه الحالات، فضلاً عن صعوبة الرقابة في الأماكن المغلقة. كل ذلك يشكل عقبة قانونية ردعية لمقاومة هذه الظاهرة، ويحتاج الأمر إلى رقابة أكثر صرامة حتى يكون العقاب من جنس العمل.
مفيدة القيزاني
أصدر قاضي بالمحكمة الابتدائية بتونس تسع بطاقات إيداع بالسجن في حق مجموعة من الشبان والفتيات، بالإضافة إلى امرأة صاحبة مركز تدليك وتجميل بجهة المنار، بعد أن تبين أن المركز كان يخفى وراء غرفه المغلقة وكرا لتعاطي البغاء.
مركز يعدّ من بين عشرات المراكز التي في ظاهرها تقدم خدمات تجميلية، ولكنها تخفي نشاطاتها الأصلية.
تحت ستار الاسترخاء والتدليك، تنتشر ظاهرة خطيرة تهدد المجتمع، حيث تحولت العديد من مراكز التدليك إلى أوكار للدعارة والفساد. هذه الشبكات الإجرامية، التي تستغل فتيات وقاصرات، تحقق أرباحًا طائلة بعيدًا عن أعين القانون. ففي ظاهرها، تقوم هذه المراكز بنشاط مرخص فيه، ولكنها في الواقع تخفي نشاطات تتجاوز الدعارة أحيانًا إلى الاتجار بالبشر واستغلال القاصرات.
وتستفيد هذه الشبكات من العولمة وتستخدم وسائل التواصل الاجتماعي للترويج لأنشطتها بطرق مبتكرة، مما يسهل الوصول إلى شريحة واسعة من الزبائن.
ملاحقات أمنية لأصحاب المراكز المشبوهة
تترصد الوحدات الأمنية في أغلب الأحيان مراكز التدليك كما تتابع الصفحات التي تروج للأنشطة المشبوهة عبر مواقع التواصل الاجتماعي. فقد تمكنت الوحدات الأمنية التابعة لفرقة الشرطة العدلية بنابل من الكشف عن قيام مركز تدليك بعرض خدمات جنسية للحرفاء مقابل المال عبر إعلانات تم نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي. وتم ضبط فتاة بقاعة الاستقبال وأخرى في وضعية مشبوهة مع أحد الحرفاء، كما تم حجز مبلغ مالي قدره 490 دينار. واعترفتا بتقديم خدمات جنسية بمقابل مادي.
فراغ تشريعي
لا يوجد تشريع خاص بمراكز التدليك، وفي المقابل، هناك مراكز للعلاج الطبيعي منصوص عليها في القانون التونسي، مما جعل عددًا من أصحاب مراكز التدليك يحصلون على ترخيص لفتح صالونات أو محلات تقدم في ظاهرها خدمات تجميلية أو صحية، ولكن في الحقيقة، تم تحويل نشاطهم إلى أسواق للدعارة، يتم الترويج لها عبر صفحات التواصل الاجتماعي بأسماء مستعارة.
وفي هذا السياق، تحدث المحامي والباحث في القانون، علي البدوي، لـ»الصباح» عن مراكز التدليك التي تم تحويل نشاطها إلى مراكز للدعارة، مشيرًا إلى أن المشرع نص في الفصل 231 من المجلة الجزائية على أن «النساء اللاتي يعرضن أنفسهن بالإشارة أو بالقول أو يتعاطين الخناء، ولو صدفة، يعاقبن بالسجن من ستة أشهر إلى عامين وبغرامة من مائتي دينار إلى ألفي دينار ..ويعتبر مشاركا ويعاقب بنفس العقوبات كل شخص اتصل بإحدى تك النساء جنسيا».
وهذا الفصل جاء تحت عنوان «البغاء السري» وهي جريمة أخلاقية يعاقب عليها القانون الجزائي على خلاف البغاء العلني والذي نظم بالأمر 64 وهي صور تستغلها الدولة حصريا في تنظيم قانوني يتبع وزارة الداخلية ولو أنه بعد الثورة تم بشكل تدريجي غلق المواخير بصفة تكاد تكون كلية.
وأضاف الأستاذ البدوي أن هناك نصًا قانونيًا خاصًا يمنع الاتجار بالبشر ومكافحته، وقد صدر في أوت 2016. وقد نص على أنه «يعد اتجارا بالأشخاص استقطاب أو تجنيد أشخاص أو نقلهم أو تنقيلهم أو تحويل وجهتهم أو ترحيلهم أو إيواؤهم أو استقبالهم باستعمال القوة أو السلاح أو التهديد بهما أو غير ذلك من أشكال الإكراه أو الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع أو استغلال حالة استضعاف أو استغلال نفوذ أو تسليم أو قبول مبالغ مالية أو مزايا أو عطايا أو وعود بعطايا لنيل موافقة شخص له سيطرة على شخص آخر وذلك بقصد الاستغلال أيا كانت صوره سواء من طرف مرتكب تلك الأفعال أو بوضعه على ذمة الغير لاستغلاله.
ويشمل الاستغلال استغلال بغاء الغير أو دعارته أو غيرها من أشكال الاستغلال الجنسي أو السخرة أو الخدمة قسرا أو الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرق أو الاستعباد أو التسول أو نزع الأعضاء أو الأنسجة أو الخلايا أو الأمشاج أو الأجنة أو جزء منها أو غيرها من أشكال الاستغلال الأخرى».
حيث إن المشرع التونسي عرف الاستغلال الجنسي على أنه الحصول على منافع، أيًّا كانت طبيعتها، من خلال توريط شخص في أعمال دعارة أو بغاء أو في تقديم أي أنواع أخرى من الخدمات الجنسية، بما في ذلك استغلاله في المشاهد الإباحية لإنشاء مشاهد أو مواد إباحية أو مسكها أو ترويجها بأي وسيلة كانت. ورغم تشديد المشرع التونسي في العقوبات، فإن مراكز التدليك لا تزال تنتشر بسرعة حتى اليوم، ذلك أن غياب إطار تشريعي ينظم هذه المهنة، خاصة وأنها أصبحت من أشكال الأعمال السرية ولا تخضع للرقابة الأمنية والجبائية، إلى جانب عقلية المجتمع التونسي المحافظة التي تتجنب التبليغ عن مثل هذه الحالات، فضلاً عن صعوبة الرقابة في الأماكن المغلقة. كل ذلك يشكل عقبة قانونية ردعية لمقاومة هذه الظاهرة، ويحتاج الأمر إلى رقابة أكثر صرامة حتى يكون العقاب من جنس العمل.
مفيدة القيزاني