إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

غياب‭ ‬إطار‭ ‬تشريعي‭ ‬لتنظيمها‭ ‬ساهم‭ ‬في‭ ‬انتشارها.. بعضها‭ ‬في‭ ‬ظاهره‭ ‬مراكز‭ ‬تدليك‭.. ‬ وخلف‭ ‬غرفها‭ ‬المغلقة‭ ‬أوكار‭ ‬دعارة

 أصدر‭ ‬قاضي‭ ‬بالمحكمة‭ ‬الابتدائية‭ ‬بتونس‭ ‬تسع‭ ‬بطاقات‭ ‬إيداع‭ ‬بالسجن‭ ‬في‭ ‬حق‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الشبان‭ ‬والفتيات،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬امرأة‭ ‬صاحبة‭ ‬مركز‭ ‬تدليك‭ ‬وتجميل‭ ‬بجهة‭ ‬المنار،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تبين‭ ‬أن‭ ‬المركز‭ ‬كان‭ ‬يخفى‭ ‬وراء‭ ‬غرفه‭ ‬المغلقة‭ ‬وكرا‭ ‬لتعاطي‭ ‬البغاء‭.‬
مركز‭ ‬يعدّ‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬عشرات‭ ‬المراكز‭ ‬التي‭ ‬في‭ ‬ظاهرها‭ ‬تقدم‭ ‬خدمات‭ ‬تجميلية،‭ ‬ولكنها‭ ‬تخفي‭ ‬نشاطاتها‭ ‬الأصلية‭.‬ 

تحت‭ ‬ستار‭ ‬الاسترخاء‭ ‬والتدليك،‭ ‬تنتشر‭ ‬ظاهرة‭ ‬خطيرة‭ ‬تهدد‭ ‬المجتمع،‭ ‬حيث‭ ‬تحولت‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬مراكز‭ ‬التدليك‭ ‬إلى‭ ‬أوكار‭ ‬للدعارة‭ ‬والفساد‭. ‬هذه‭ ‬الشبكات‭ ‬الإجرامية،‭ ‬التي‭ ‬تستغل‭ ‬فتيات‭ ‬وقاصرات،‭ ‬تحقق‭ ‬أرباحًا‭ ‬طائلة‭ ‬بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬أعين‭ ‬القانون‭. ‬ففي‭ ‬ظاهرها،‭ ‬تقوم‭ ‬هذه‭ ‬المراكز‭ ‬بنشاط‭ ‬مرخص‭ ‬فيه،‭ ‬ولكنها‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬تخفي‭ ‬نشاطات‭ ‬تتجاوز‭ ‬الدعارة‭ ‬أحيانًا‭ ‬إلى‭ ‬الاتجار‭ ‬بالبشر‭ ‬واستغلال‭ ‬القاصرات‭.‬
وتستفيد‭ ‬هذه‭ ‬الشبكات‭ ‬من‭ ‬العولمة‭ ‬وتستخدم‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬للترويج‭ ‬لأنشطتها‭ ‬بطرق‭ ‬مبتكرة،‭ ‬مما‭ ‬يسهل‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬شريحة‭ ‬واسعة‭ ‬من‭ ‬الزبائن‭.‬
ملاحقات‭ ‬أمنية‭ ‬لأصحاب‭ ‬المراكز‭ ‬المشبوهة
تترصد‭ ‬الوحدات‭ ‬الأمنية‭ ‬في‭ ‬أغلب‭ ‬الأحيان‭ ‬مراكز‭ ‬التدليك‭ ‬كما‭ ‬تتابع‭ ‬الصفحات‭ ‬التي‭ ‬تروج‭ ‬للأنشطة‭ ‬المشبوهة‭ ‬عبر‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭. ‬فقد‭ ‬تمكنت‭ ‬الوحدات‭ ‬الأمنية‭ ‬التابعة‭ ‬لفرقة‭ ‬الشرطة‭ ‬العدلية‭ ‬بنابل‭ ‬من‭ ‬الكشف‭ ‬عن‭ ‬قيام‭ ‬مركز‭ ‬تدليك‭ ‬بعرض‭ ‬خدمات‭ ‬جنسية‭ ‬للحرفاء‭ ‬مقابل‭ ‬المال‭ ‬عبر‭ ‬إعلانات‭ ‬تم‭ ‬نشرها‭ ‬على‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭. ‬وتم‭ ‬ضبط‭ ‬فتاة‭ ‬بقاعة‭ ‬الاستقبال‭ ‬وأخرى‭ ‬في‭ ‬وضعية‭ ‬مشبوهة‭ ‬مع‭ ‬أحد‭ ‬الحرفاء،‭ ‬كما‭ ‬تم‭ ‬حجز‭ ‬مبلغ‭ ‬مالي‭ ‬قدره‭ ‬490‭ ‬دينار‭. ‬واعترفتا‭ ‬بتقديم‭ ‬خدمات‭ ‬جنسية‭ ‬بمقابل‭ ‬مادي‭.‬
فراغ‭ ‬تشريعي
لا‭ ‬يوجد‭ ‬تشريع‭ ‬خاص‭ ‬بمراكز‭ ‬التدليك،‭ ‬وفي‭ ‬المقابل،‭ ‬هناك‭ ‬مراكز‭ ‬للعلاج‭ ‬الطبيعي‭ ‬منصوص‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬القانون‭ ‬التونسي،‭ ‬مما‭ ‬جعل‭ ‬عددًا‭ ‬من‭ ‬أصحاب‭ ‬مراكز‭ ‬التدليك‭ ‬يحصلون‭ ‬على‭ ‬ترخيص‭ ‬لفتح‭ ‬صالونات‭ ‬أو‭ ‬محلات‭ ‬تقدم‭ ‬في‭ ‬ظاهرها‭ ‬خدمات‭ ‬تجميلية‭ ‬أو‭ ‬صحية،‭ ‬ولكن‭ ‬في‭ ‬الحقيقة،‭ ‬تم‭ ‬تحويل‭ ‬نشاطهم‭ ‬إلى‭ ‬أسواق‭ ‬للدعارة،‭ ‬يتم‭ ‬الترويج‭ ‬لها‭ ‬عبر‭ ‬صفحات‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬بأسماء‭ ‬مستعارة‭.‬
وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬تحدث‭ ‬المحامي‭ ‬والباحث‭ ‬في‭ ‬القانون،‭ ‬علي‭ ‬البدوي،‭ ‬لـ»الصباح‮»‬‭ ‬عن‭ ‬مراكز‭ ‬التدليك‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬تحويل‭ ‬نشاطها‭ ‬إلى‭ ‬مراكز‭ ‬للدعارة،‭ ‬مشيرًا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬المشرع‭ ‬نص‭ ‬في‭ ‬الفصل‭ ‬231‭ ‬من‭ ‬المجلة‭ ‬الجزائية‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬‮«‬النساء‭ ‬اللاتي‭ ‬يعرضن‭ ‬أنفسهن‭ ‬بالإشارة‭ ‬أو‭ ‬بالقول‭ ‬أو‭ ‬يتعاطين‭ ‬الخناء،‭ ‬ولو‭ ‬صدفة،‭ ‬يعاقبن‭ ‬بالسجن‭ ‬من‭ ‬ستة‭ ‬أشهر‭ ‬إلى‭ ‬عامين‭ ‬وبغرامة‭ ‬من‭ ‬مائتي‭ ‬دينار‭ ‬إلى‭ ‬ألفي‭ ‬دينار‭ ..‬ويعتبر‭ ‬مشاركا‭ ‬ويعاقب‭ ‬بنفس‭ ‬العقوبات‭ ‬كل‭ ‬شخص‭ ‬اتصل‭ ‬بإحدى‭ ‬تك‭ ‬النساء‭ ‬جنسيا‮»‬‭.‬
وهذا‭ ‬الفصل‭ ‬جاء‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭ ‬‮«‬البغاء‭ ‬السري‮»‬‭ ‬وهي‭ ‬جريمة‭ ‬أخلاقية‭ ‬يعاقب‭ ‬عليها‭ ‬القانون‭ ‬الجزائي‭ ‬على‭ ‬خلاف‭ ‬البغاء‭ ‬العلني‭ ‬والذي‭ ‬نظم‭ ‬بالأمر‭ ‬64‭ ‬وهي‭ ‬صور‭ ‬تستغلها‭ ‬الدولة‭ ‬حصريا‭ ‬في‭ ‬تنظيم‭ ‬قانوني‭ ‬يتبع‭ ‬وزارة‭ ‬الداخلية‭ ‬ولو‭ ‬أنه‭ ‬بعد‭ ‬الثورة‭ ‬تم‭ ‬بشكل‭ ‬تدريجي‭ ‬غلق‭ ‬المواخير‭ ‬بصفة‭ ‬تكاد‭ ‬تكون‭ ‬كلية‭.‬
وأضاف‭ ‬الأستاذ‭ ‬البدوي‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬نصًا‭ ‬قانونيًا‭ ‬خاصًا‭ ‬يمنع‭ ‬الاتجار‭ ‬بالبشر‭ ‬ومكافحته،‭ ‬وقد‭ ‬صدر‭ ‬في‭ ‬أوت‭ ‬2016‭. ‬وقد‭ ‬نص‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬يعد‭ ‬اتجارا‭ ‬بالأشخاص‭ ‬استقطاب‭ ‬أو‭ ‬تجنيد‭ ‬أشخاص‭ ‬أو‭ ‬نقلهم‭ ‬أو‭ ‬تنقيلهم‭ ‬أو‭ ‬تحويل‭ ‬وجهتهم‭ ‬أو‭ ‬ترحيلهم‭ ‬أو‭ ‬إيواؤهم‭ ‬أو‭ ‬استقبالهم‭ ‬باستعمال‭ ‬القوة‭ ‬أو‭ ‬السلاح‭ ‬أو‭ ‬التهديد‭ ‬بهما‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬أشكال‭ ‬الإكراه‭ ‬أو‭ ‬الاختطاف‭ ‬أو‭ ‬الاحتيال‭ ‬أو‭ ‬الخداع‭ ‬أو‭ ‬استغلال‭ ‬حالة‭ ‬استضعاف‭ ‬أو‭ ‬استغلال‭ ‬نفوذ‭ ‬أو‭ ‬تسليم‭ ‬أو‭ ‬قبول‭ ‬مبالغ‭ ‬مالية‭ ‬أو‭ ‬مزايا‭ ‬أو‭ ‬عطايا‭ ‬أو‭ ‬وعود‭ ‬بعطايا‭ ‬لنيل‭ ‬موافقة‭ ‬شخص‭ ‬له‭ ‬سيطرة‭ ‬على‭ ‬شخص‭ ‬آخر‭ ‬وذلك‭ ‬بقصد‭ ‬الاستغلال‭ ‬أيا‭ ‬كانت‭ ‬صوره‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬مرتكب‭ ‬تلك‭ ‬الأفعال‭ ‬أو‭ ‬بوضعه‭ ‬على‭ ‬ذمة‭ ‬الغير‭ ‬لاستغلاله‭.‬
ويشمل‭ ‬الاستغلال‭ ‬استغلال‭ ‬بغاء‭ ‬الغير‭ ‬أو‭ ‬دعارته‭ ‬أو‭ ‬غيرها‭ ‬من‭ ‬أشكال‭ ‬الاستغلال‭ ‬الجنسي‭ ‬أو‭ ‬السخرة‭ ‬أو‭ ‬الخدمة‭ ‬قسرا‭ ‬أو‭ ‬الاسترقاق‭ ‬أو‭ ‬الممارسات‭ ‬الشبيهة‭ ‬بالرق‭ ‬أو‭ ‬الاستعباد‭ ‬أو‭ ‬التسول‭ ‬أو‭ ‬نزع‭ ‬الأعضاء‭ ‬أو‭ ‬الأنسجة‭ ‬أو‭ ‬الخلايا‭ ‬أو‭ ‬الأمشاج‭ ‬أو‭ ‬الأجنة‭ ‬أو‭ ‬جزء‭ ‬منها‭ ‬أو‭ ‬غيرها‭ ‬من‭ ‬أشكال‭ ‬الاستغلال‭ ‬الأخرى‮»‬‭.‬
حيث‭ ‬إن‭ ‬المشرع‭ ‬التونسي‭ ‬عرف‭ ‬الاستغلال‭ ‬الجنسي‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬منافع،‭ ‬أيًّا‭ ‬كانت‭ ‬طبيعتها،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬توريط‭ ‬شخص‭ ‬في‭ ‬أعمال‭ ‬دعارة‭ ‬أو‭ ‬بغاء‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬تقديم‭ ‬أي‭ ‬أنواع‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬الخدمات‭ ‬الجنسية،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬استغلاله‭ ‬في‭ ‬المشاهد‭ ‬الإباحية‭ ‬لإنشاء‭ ‬مشاهد‭ ‬أو‭ ‬مواد‭ ‬إباحية‭ ‬أو‭ ‬مسكها‭ ‬أو‭ ‬ترويجها‭ ‬بأي‭ ‬وسيلة‭ ‬كانت‭. ‬ورغم‭ ‬تشديد‭ ‬المشرع‭ ‬التونسي‭ ‬في‭ ‬العقوبات،‭ ‬فإن‭ ‬مراكز‭ ‬التدليك‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬تنتشر‭ ‬بسرعة‭ ‬حتى‭ ‬اليوم،‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬غياب‭ ‬إطار‭ ‬تشريعي‭ ‬ينظم‭ ‬هذه‭ ‬المهنة،‭ ‬خاصة‭ ‬وأنها‭ ‬أصبحت‭ ‬من‭ ‬أشكال‭ ‬الأعمال‭ ‬السرية‭ ‬ولا‭ ‬تخضع‭ ‬للرقابة‭ ‬الأمنية‭ ‬والجبائية،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬عقلية‭ ‬المجتمع‭ ‬التونسي‭ ‬المحافظة‭ ‬التي‭ ‬تتجنب‭ ‬التبليغ‭ ‬عن‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الحالات،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬صعوبة‭ ‬الرقابة‭ ‬في‭ ‬الأماكن‭ ‬المغلقة‭. ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬يشكل‭ ‬عقبة‭ ‬قانونية‭ ‬ردعية‭ ‬لمقاومة‭ ‬هذه‭ ‬الظاهرة،‭ ‬ويحتاج‭ ‬الأمر‭ ‬إلى‭ ‬رقابة‭ ‬أكثر‭ ‬صرامة‭ ‬حتى‭ ‬يكون‭ ‬العقاب‭ ‬من‭ ‬جنس‭ ‬العمل‭.‬

مفيدة‭ ‬القيزاني

غياب‭ ‬إطار‭ ‬تشريعي‭ ‬لتنظيمها‭ ‬ساهم‭ ‬في‭ ‬انتشارها.. بعضها‭ ‬في‭ ‬ظاهره‭ ‬مراكز‭ ‬تدليك‭.. ‬ وخلف‭ ‬غرفها‭ ‬المغلقة‭ ‬أوكار‭ ‬دعارة

 أصدر‭ ‬قاضي‭ ‬بالمحكمة‭ ‬الابتدائية‭ ‬بتونس‭ ‬تسع‭ ‬بطاقات‭ ‬إيداع‭ ‬بالسجن‭ ‬في‭ ‬حق‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الشبان‭ ‬والفتيات،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬امرأة‭ ‬صاحبة‭ ‬مركز‭ ‬تدليك‭ ‬وتجميل‭ ‬بجهة‭ ‬المنار،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تبين‭ ‬أن‭ ‬المركز‭ ‬كان‭ ‬يخفى‭ ‬وراء‭ ‬غرفه‭ ‬المغلقة‭ ‬وكرا‭ ‬لتعاطي‭ ‬البغاء‭.‬
مركز‭ ‬يعدّ‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬عشرات‭ ‬المراكز‭ ‬التي‭ ‬في‭ ‬ظاهرها‭ ‬تقدم‭ ‬خدمات‭ ‬تجميلية،‭ ‬ولكنها‭ ‬تخفي‭ ‬نشاطاتها‭ ‬الأصلية‭.‬ 

تحت‭ ‬ستار‭ ‬الاسترخاء‭ ‬والتدليك،‭ ‬تنتشر‭ ‬ظاهرة‭ ‬خطيرة‭ ‬تهدد‭ ‬المجتمع،‭ ‬حيث‭ ‬تحولت‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬مراكز‭ ‬التدليك‭ ‬إلى‭ ‬أوكار‭ ‬للدعارة‭ ‬والفساد‭. ‬هذه‭ ‬الشبكات‭ ‬الإجرامية،‭ ‬التي‭ ‬تستغل‭ ‬فتيات‭ ‬وقاصرات،‭ ‬تحقق‭ ‬أرباحًا‭ ‬طائلة‭ ‬بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬أعين‭ ‬القانون‭. ‬ففي‭ ‬ظاهرها،‭ ‬تقوم‭ ‬هذه‭ ‬المراكز‭ ‬بنشاط‭ ‬مرخص‭ ‬فيه،‭ ‬ولكنها‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬تخفي‭ ‬نشاطات‭ ‬تتجاوز‭ ‬الدعارة‭ ‬أحيانًا‭ ‬إلى‭ ‬الاتجار‭ ‬بالبشر‭ ‬واستغلال‭ ‬القاصرات‭.‬
وتستفيد‭ ‬هذه‭ ‬الشبكات‭ ‬من‭ ‬العولمة‭ ‬وتستخدم‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬للترويج‭ ‬لأنشطتها‭ ‬بطرق‭ ‬مبتكرة،‭ ‬مما‭ ‬يسهل‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬شريحة‭ ‬واسعة‭ ‬من‭ ‬الزبائن‭.‬
ملاحقات‭ ‬أمنية‭ ‬لأصحاب‭ ‬المراكز‭ ‬المشبوهة
تترصد‭ ‬الوحدات‭ ‬الأمنية‭ ‬في‭ ‬أغلب‭ ‬الأحيان‭ ‬مراكز‭ ‬التدليك‭ ‬كما‭ ‬تتابع‭ ‬الصفحات‭ ‬التي‭ ‬تروج‭ ‬للأنشطة‭ ‬المشبوهة‭ ‬عبر‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭. ‬فقد‭ ‬تمكنت‭ ‬الوحدات‭ ‬الأمنية‭ ‬التابعة‭ ‬لفرقة‭ ‬الشرطة‭ ‬العدلية‭ ‬بنابل‭ ‬من‭ ‬الكشف‭ ‬عن‭ ‬قيام‭ ‬مركز‭ ‬تدليك‭ ‬بعرض‭ ‬خدمات‭ ‬جنسية‭ ‬للحرفاء‭ ‬مقابل‭ ‬المال‭ ‬عبر‭ ‬إعلانات‭ ‬تم‭ ‬نشرها‭ ‬على‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭. ‬وتم‭ ‬ضبط‭ ‬فتاة‭ ‬بقاعة‭ ‬الاستقبال‭ ‬وأخرى‭ ‬في‭ ‬وضعية‭ ‬مشبوهة‭ ‬مع‭ ‬أحد‭ ‬الحرفاء،‭ ‬كما‭ ‬تم‭ ‬حجز‭ ‬مبلغ‭ ‬مالي‭ ‬قدره‭ ‬490‭ ‬دينار‭. ‬واعترفتا‭ ‬بتقديم‭ ‬خدمات‭ ‬جنسية‭ ‬بمقابل‭ ‬مادي‭.‬
فراغ‭ ‬تشريعي
لا‭ ‬يوجد‭ ‬تشريع‭ ‬خاص‭ ‬بمراكز‭ ‬التدليك،‭ ‬وفي‭ ‬المقابل،‭ ‬هناك‭ ‬مراكز‭ ‬للعلاج‭ ‬الطبيعي‭ ‬منصوص‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬القانون‭ ‬التونسي،‭ ‬مما‭ ‬جعل‭ ‬عددًا‭ ‬من‭ ‬أصحاب‭ ‬مراكز‭ ‬التدليك‭ ‬يحصلون‭ ‬على‭ ‬ترخيص‭ ‬لفتح‭ ‬صالونات‭ ‬أو‭ ‬محلات‭ ‬تقدم‭ ‬في‭ ‬ظاهرها‭ ‬خدمات‭ ‬تجميلية‭ ‬أو‭ ‬صحية،‭ ‬ولكن‭ ‬في‭ ‬الحقيقة،‭ ‬تم‭ ‬تحويل‭ ‬نشاطهم‭ ‬إلى‭ ‬أسواق‭ ‬للدعارة،‭ ‬يتم‭ ‬الترويج‭ ‬لها‭ ‬عبر‭ ‬صفحات‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬بأسماء‭ ‬مستعارة‭.‬
وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬تحدث‭ ‬المحامي‭ ‬والباحث‭ ‬في‭ ‬القانون،‭ ‬علي‭ ‬البدوي،‭ ‬لـ»الصباح‮»‬‭ ‬عن‭ ‬مراكز‭ ‬التدليك‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬تحويل‭ ‬نشاطها‭ ‬إلى‭ ‬مراكز‭ ‬للدعارة،‭ ‬مشيرًا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬المشرع‭ ‬نص‭ ‬في‭ ‬الفصل‭ ‬231‭ ‬من‭ ‬المجلة‭ ‬الجزائية‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬‮«‬النساء‭ ‬اللاتي‭ ‬يعرضن‭ ‬أنفسهن‭ ‬بالإشارة‭ ‬أو‭ ‬بالقول‭ ‬أو‭ ‬يتعاطين‭ ‬الخناء،‭ ‬ولو‭ ‬صدفة،‭ ‬يعاقبن‭ ‬بالسجن‭ ‬من‭ ‬ستة‭ ‬أشهر‭ ‬إلى‭ ‬عامين‭ ‬وبغرامة‭ ‬من‭ ‬مائتي‭ ‬دينار‭ ‬إلى‭ ‬ألفي‭ ‬دينار‭ ..‬ويعتبر‭ ‬مشاركا‭ ‬ويعاقب‭ ‬بنفس‭ ‬العقوبات‭ ‬كل‭ ‬شخص‭ ‬اتصل‭ ‬بإحدى‭ ‬تك‭ ‬النساء‭ ‬جنسيا‮»‬‭.‬
وهذا‭ ‬الفصل‭ ‬جاء‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭ ‬‮«‬البغاء‭ ‬السري‮»‬‭ ‬وهي‭ ‬جريمة‭ ‬أخلاقية‭ ‬يعاقب‭ ‬عليها‭ ‬القانون‭ ‬الجزائي‭ ‬على‭ ‬خلاف‭ ‬البغاء‭ ‬العلني‭ ‬والذي‭ ‬نظم‭ ‬بالأمر‭ ‬64‭ ‬وهي‭ ‬صور‭ ‬تستغلها‭ ‬الدولة‭ ‬حصريا‭ ‬في‭ ‬تنظيم‭ ‬قانوني‭ ‬يتبع‭ ‬وزارة‭ ‬الداخلية‭ ‬ولو‭ ‬أنه‭ ‬بعد‭ ‬الثورة‭ ‬تم‭ ‬بشكل‭ ‬تدريجي‭ ‬غلق‭ ‬المواخير‭ ‬بصفة‭ ‬تكاد‭ ‬تكون‭ ‬كلية‭.‬
وأضاف‭ ‬الأستاذ‭ ‬البدوي‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬نصًا‭ ‬قانونيًا‭ ‬خاصًا‭ ‬يمنع‭ ‬الاتجار‭ ‬بالبشر‭ ‬ومكافحته،‭ ‬وقد‭ ‬صدر‭ ‬في‭ ‬أوت‭ ‬2016‭. ‬وقد‭ ‬نص‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬يعد‭ ‬اتجارا‭ ‬بالأشخاص‭ ‬استقطاب‭ ‬أو‭ ‬تجنيد‭ ‬أشخاص‭ ‬أو‭ ‬نقلهم‭ ‬أو‭ ‬تنقيلهم‭ ‬أو‭ ‬تحويل‭ ‬وجهتهم‭ ‬أو‭ ‬ترحيلهم‭ ‬أو‭ ‬إيواؤهم‭ ‬أو‭ ‬استقبالهم‭ ‬باستعمال‭ ‬القوة‭ ‬أو‭ ‬السلاح‭ ‬أو‭ ‬التهديد‭ ‬بهما‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬أشكال‭ ‬الإكراه‭ ‬أو‭ ‬الاختطاف‭ ‬أو‭ ‬الاحتيال‭ ‬أو‭ ‬الخداع‭ ‬أو‭ ‬استغلال‭ ‬حالة‭ ‬استضعاف‭ ‬أو‭ ‬استغلال‭ ‬نفوذ‭ ‬أو‭ ‬تسليم‭ ‬أو‭ ‬قبول‭ ‬مبالغ‭ ‬مالية‭ ‬أو‭ ‬مزايا‭ ‬أو‭ ‬عطايا‭ ‬أو‭ ‬وعود‭ ‬بعطايا‭ ‬لنيل‭ ‬موافقة‭ ‬شخص‭ ‬له‭ ‬سيطرة‭ ‬على‭ ‬شخص‭ ‬آخر‭ ‬وذلك‭ ‬بقصد‭ ‬الاستغلال‭ ‬أيا‭ ‬كانت‭ ‬صوره‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬مرتكب‭ ‬تلك‭ ‬الأفعال‭ ‬أو‭ ‬بوضعه‭ ‬على‭ ‬ذمة‭ ‬الغير‭ ‬لاستغلاله‭.‬
ويشمل‭ ‬الاستغلال‭ ‬استغلال‭ ‬بغاء‭ ‬الغير‭ ‬أو‭ ‬دعارته‭ ‬أو‭ ‬غيرها‭ ‬من‭ ‬أشكال‭ ‬الاستغلال‭ ‬الجنسي‭ ‬أو‭ ‬السخرة‭ ‬أو‭ ‬الخدمة‭ ‬قسرا‭ ‬أو‭ ‬الاسترقاق‭ ‬أو‭ ‬الممارسات‭ ‬الشبيهة‭ ‬بالرق‭ ‬أو‭ ‬الاستعباد‭ ‬أو‭ ‬التسول‭ ‬أو‭ ‬نزع‭ ‬الأعضاء‭ ‬أو‭ ‬الأنسجة‭ ‬أو‭ ‬الخلايا‭ ‬أو‭ ‬الأمشاج‭ ‬أو‭ ‬الأجنة‭ ‬أو‭ ‬جزء‭ ‬منها‭ ‬أو‭ ‬غيرها‭ ‬من‭ ‬أشكال‭ ‬الاستغلال‭ ‬الأخرى‮»‬‭.‬
حيث‭ ‬إن‭ ‬المشرع‭ ‬التونسي‭ ‬عرف‭ ‬الاستغلال‭ ‬الجنسي‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬منافع،‭ ‬أيًّا‭ ‬كانت‭ ‬طبيعتها،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬توريط‭ ‬شخص‭ ‬في‭ ‬أعمال‭ ‬دعارة‭ ‬أو‭ ‬بغاء‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬تقديم‭ ‬أي‭ ‬أنواع‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬الخدمات‭ ‬الجنسية،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬استغلاله‭ ‬في‭ ‬المشاهد‭ ‬الإباحية‭ ‬لإنشاء‭ ‬مشاهد‭ ‬أو‭ ‬مواد‭ ‬إباحية‭ ‬أو‭ ‬مسكها‭ ‬أو‭ ‬ترويجها‭ ‬بأي‭ ‬وسيلة‭ ‬كانت‭. ‬ورغم‭ ‬تشديد‭ ‬المشرع‭ ‬التونسي‭ ‬في‭ ‬العقوبات،‭ ‬فإن‭ ‬مراكز‭ ‬التدليك‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬تنتشر‭ ‬بسرعة‭ ‬حتى‭ ‬اليوم،‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬غياب‭ ‬إطار‭ ‬تشريعي‭ ‬ينظم‭ ‬هذه‭ ‬المهنة،‭ ‬خاصة‭ ‬وأنها‭ ‬أصبحت‭ ‬من‭ ‬أشكال‭ ‬الأعمال‭ ‬السرية‭ ‬ولا‭ ‬تخضع‭ ‬للرقابة‭ ‬الأمنية‭ ‬والجبائية،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬عقلية‭ ‬المجتمع‭ ‬التونسي‭ ‬المحافظة‭ ‬التي‭ ‬تتجنب‭ ‬التبليغ‭ ‬عن‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الحالات،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬صعوبة‭ ‬الرقابة‭ ‬في‭ ‬الأماكن‭ ‬المغلقة‭. ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬يشكل‭ ‬عقبة‭ ‬قانونية‭ ‬ردعية‭ ‬لمقاومة‭ ‬هذه‭ ‬الظاهرة،‭ ‬ويحتاج‭ ‬الأمر‭ ‬إلى‭ ‬رقابة‭ ‬أكثر‭ ‬صرامة‭ ‬حتى‭ ‬يكون‭ ‬العقاب‭ ‬من‭ ‬جنس‭ ‬العمل‭.‬

مفيدة‭ ‬القيزاني