أحال مكتب مجلس نواب الشعب خلال اجتماعه المنعقد أمس بقصر باردو إلى لجنة تنظيم الإدارة وتطويرها والرقمنة والحوكمة ومكافحة الفساد مبادرة تشريعية جديدة تم تقديمها من قبل مجموعة من النواب في مقدمتهم أحمد بنور وهي تتعلق بتنقيح القانون الأساسي عدد 10 لسنة 2017 المؤرخ في 7 مارس 2017 المتعلق بالإبلاغ عن الفساد وحماية المبلغين.
وتم من خلال المقترح المذكور إدخال العديد من التعديلات على هذا القانون الصادر سنة 2017 بعد مخاض عسير وكان من بين أهدافه المصرح بها آنذاك في وثيقة شرح الأسباب، ضبط آليات الإبلاغ عن الفساد وحماية المبلغين عنه بما يضمن تعزيز مبادئ الشفافية والنزاهة والمساءلة. وقد تضمن هذا القانون ضبط شروط الإبلاغ وإجراءاته إلى جانب تحديد إجراءات حماية المبلغين كما ضبط العقوبات ضد كل من يتعمد كشف هوية المبلغ، وتم الاستئناس في مرحلة إعداده بأنظمة قانونية مقارنة على غرار قوانين كوريا الجنوبية والمملكة المتحدة وجنوب إفريقيا ورومانيا والولايات المتحدة الأمريكية، وكان يراد من القانون تشجيع الأفراد على التبليغ عن الفساد دون خوف من الانتقام الذي قد يتعرضون له، حيث تتم عملية التبيلغ لدى الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد.
وأشار أصحاب مقترح القانون في وثيقة شرح الأسباب، أنه في ظل التحويرات الواقعة على القوانين والهياكل وخاصة منها حل الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد سنة 2021، أصبح القانون الصادر سنة 2017 يتطلب تنقيحا جذريا ليجسد الأهداف المرجوة منه وهي الإبلاغ عن الفساد وحماية المبلغين.
وتتمثل أهم أسباب تنقيح القانون حسب قولهم في إلغاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد والهيئة الوطنية للنفاذ إلى المعلومة من دستور 2022، وهو ما يشكل عائقا أمام مكافحة الفساد والتبليغ عنه بل يرتقي إلى التشجيع عليه وفق ما أشاروا إليه في نفس الوثيقة المرفقة بمبادرتهم التشريعية.
أما السبب الثاني فمرده أن قانون 2017 تضمن في مختلف فصوله عبارة الهيئة. وبين النواب أن الهيئة التي تم حلها هي المتعهدة بمنح قرارات حماية المبلغين عن الفساد والتصريح بالمكاسب وبالتالي لا يوجد هيكل جديد مختص في قبول ملفات الفساد وحماية المبلغين عنه وهو ما يستوجب تنقيح قانون 2017 والتنصيص على هيكل مختص في هذا المجال.
ويتمثل السبب الثالث الذي دفع أصحاب المبادرة التشريعية إلى تنقيح قانون حماية المبلغين عن الفساد في أن هذا القانون لم يجسد المنشود منه في حماية المبلغين لأن المبلغين عن الفساد تعرضوا في واقع الأمر إلى جميع الانتهاكات من طرد ونقلة تعسفية وحرمان من مستحقاتهم والاعتداء على ممتلكاتهم وحرمتهم الجسدية وتعريضهم للتتبعات العدلية بتهم كيدية وهرسلتهم جراء التبليغ عن الفساد خاصة مع بطء صدور قرارات المحكمة الإدارية وعدم تنفيذ هذه القرارات. ويرى أصحاب المبادرة أن الأمر يستوجب حمايتهم وذلك بالتنصيص على فصول تضمن حقهم في العمل والحصول على مستحقاتهم والعودة إلى سالف عملهم وتمكينهم من الرعاية النفسية ورد الاعتبار لهم.
ومن المبررات الأخرى لتنقيح قانون 2017 التي أوردها أصحاب المبادرة التشريعية الجديدة في وثيقة شرح الأسباب غياب جهة مختصة في مكافحة الفساد. وبينوا أن هذا الفراغ المؤسساتي أدى إلى تفشي ظاهرة الفساد والتنكيل بالمبلغين وتجاهل قرارات الحماية الباتة المتحصل عليها سابقا من الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد وهو ما ولد خوفا لدى المبلغين عن الفساد ونفورا من التبليغ، وذلك إضافة إلى البطء في الفصل في ملفات الفساد الذي أدى إما إلى فرار المبلغ عنهم أو إلى مزيد الإضرار بالمالية العمومية والإدارة ومزيد التشجيع ضمنيا على الفساد أو إسقاط الحق في التقاضي.
وتم تقديم مقترح القانون الأساسي المتعلق بتنقيح القانون الأساسي عدد 10 لسنة 2017 المؤرخ في 7 مارس 2017 المتعلق بالإبلاغ عن الفساد وحماية المبلغين وإتمامه من قبل النواب أحمد بنور ورياض بلال وصابر المصمودي وهالة جاب الله ونجلاء اللحياني وأيمن بن صالح ومريم الشريف ومحمد الهادي العلاني وماهر الكتاري وغسان يامون وحسن جربوعي ومحمد بن حسين وسيرين بوصندل ويوسف التومي وعادل ضياف. ونصت هذه المبادرة على فصلين فقط واحتوى الفصل الأول على تعديلات جوهرية مست 24 فصلا من قانون 2017. أما الفصل الثاني فتم من خلاله إضافة 5 فصول جديدة لهذا القانون.
تسوية وضعيات المبلغين
تم من خلال الفصول الإضافية الواردة في المبادرة التشريعية الجديدة التنصيص على تسوية وضعيات المبلغين عن الفساد وإعادتهم إلى وظائفهم بمفعول رجعي لنفس مكان عملهم مع تحيين مسارهم المهني والتمتع بكامل مستحقاتهم الإدارية والمهنية والمالية وتمتع المبلغ بإعانة عدلية وقضائية في الدعوى المتعلقة بموضوع إبلاغه عن الفساد، وتعلقت أبرز الفصول الإضافية بعدم إسقاط الجرائم المتعلقة بالفساد حقوق المبلغ عن الفساد بمرور الزمن، وبإحداث جهاز تقصي صلب الهيكل المعني بمكافحة الفساد وهذا الهيكل يعوض هيئة مكافحة الفساد ويتكون جهاز التقصي من قاض عسكري وقاض إداري وقاض عدلي وقاض مالي وممثل عن المكلف العام بنزاعات الدولة إضافة إلى ممثلين عن رئاسة الحكومة ومجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم ووزارة الداخلية والديوانة التونسية والوزارات والهياكل الرسمية المعنية يتم تعيينهم باقتراح من الجهات المختصة المعنية، كما تم التنصيص في أحد الفصول الإضافية على أن يتولى الهيكل المعني بمكافحة الفساد التعهد بالمهام المسندة إليه بمقتضى القانون وإبداء الرأي في مشاريع النصوص القانونية المتصلة بمجال اختصاصه.
تعديلات جوهرية
وقبل اقتراح الفصول الإضافية سالفة الذكر ارتأى أصحاب المبادرة التشريعية إدخال تعديلات عديدة على القانون المتعلق بالإبلاغ عن الفساد وحماية المبلغين عنه وشملت هذه التعديلات 24 فصلا حيث تم تنقيح الفصل الأول في اتجاه التنصيص فيه على ما يلي:»يهدف هذا القانون إلى ضبط صيغ وإجراءات الإبلاغ عن الفساد وآليات حماية المبلغين وآجال تسوية وضعياتهم بما يساهم في تكريس مبادئ الشفافية والنزاهة والمساءلة والحوكمة الرشيدة والتوقي ضد الفساد ومنعه ومكافحته في القطاعين العام والخاص».
أما على مستوى الفصل الثاني المتعلق بالتعريف بالمصطلحات فتم إدخال تنقيح يرمي إلى تغيير عبارة هيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد بعبارة هيكل يعنى بمكافحة الفساد وهو الجهة المسؤولة عن مكافحة الفساد وحماية المبلغين، وفي المقابل لم يقع المساس بتعريف المبلّغ على أنه كل شخص طبيعي أو معنوي يقوم عن حسن نية بإبلاغ السلطات المختصة بمعلومات تمثل قرائن جدية أو تبعث على الاعتقاد جديا بوجود أعمال فساد قصد الكشف عن مرتكبيها وذلك طبقا للشروط والإجراءات المنصوص عليها بهذا القانون. كما تم الإبقاء على نفس تعريف مصطلح الفساد على أنه كل تصرف مخالف للقانون والتراتيب الجاري بها العمل يضر أو من شأنه الإضرار بالمصلحة العامة، وسوء استخدام السلطة أو النفوذ أو الوظيفة للحصول على منفعة شخصية ويشمل جرائم الرشوة بجميع أشكالها في القطاعين العام والخاص والاستيلاء على الأموال العمومية أو سوء التصرف فيها أو تبديدها واستغلال النفوذ وتجاوز السلطة أو سوء استعمالها، وجميع حالات الإثراء غير المشروع وخيانة الأمانة وسوء استخدام أموال الذوات المعنوية وغسل الأموال وتضارب المصالح واستغلال المعلومة الممتازة والتهرب الجبائي وتعطيل قرارات السلطة القضائية وكل الأفعال التي تهدد الصحة العامة أو السلامة أو البيئة، ونفس الشيء بالنسبة إلى مفهوم الحماية فلم يقع تغييره ومقصود بالحماية جملة الإجراءات الهادفة إلى حماية المبلّغ عن الفساد سواء كان ذات طبيعية أو معنوية ضد مختلف أشكال الانتقام أو التمييز التي قد تسلط عليه بسبب تبليغه عن حالات الفساد، سواء اتّخَذَ الانتقام من المبلّغ شكل مضايقات مستمرة أو عقوبات مقنّعة وبصفة عامة كل إجراء تعسفي في حقه بما في ذلك الإجراءات التأديبية كالعزل أو الإعفاء أو رفض الترقية أو رفض طلب النقلة أو النقلة التعسفية أو شكل اعتداء جسدي أو معنوي أو التهديد بهما يسلط ضد المبلّغ أو ضد كل شخص وثيق الصلة به كما تم الإبقاء على نفس تعريف الهيكل العمومي ونفس تعريف القطاع الخاص.
ونقح أصحاب المبادرة الفصل الثالث وأصبح ينص في صيغته الجديدة على أنه يتعين على الهياكل العمومية والخاصة اتخاذ جميع التدابير والإجراءات الضرورية لحسن تنفيذ هذا القانون بما يضمن شفافية عمل الإدارة وإرساء مبادئ النزاهة والمساءلة ومكافحة الفساد وعدم الالتزام بذلك يجعلها محل تتبع جزائي. تمنح للهياكل المشار إليها بالفصل الثاني من هذا القانون، التي تستجيب للممارسات الفضلى المتعارف عليها وطنيا ودوليا، في مجال التوقي من الفساد ومنع حدوثه، حوافز تضبط شروط وإجراءات إسنادها بمقتضى أمر.
وتمت المحافظة على الفصلين الرابع والخامس في صيغتهما الأصلية أما الفصل السادس جديد الوارد في الباب الثاني المتعلق بشروط وإجراءات الإبلاغ عن الفساد الموجب للحماية
فنص على أن أنه على المبلّغ أن يوجه الإبلاغ عن الفساد للهيكل المعني بمكافحة الفساد دون سواه الذي عليه أن يتخذ التدابير الضامنة لحماية هويته. ويختص الهيكل المعني وجوبا بالنظر في الإبلاغ عن حالات الفساد المتعلقة بالصور التالية: إذا كان المبلغ عنه رئيسا للهيكل العمومي المعني، إذا كان المبلغ عنه أحد أعضاء الهيئات الدستورية المستقلة أو المجلس الأعلى للقضاء أو المحكمة الدستورية أو مجلس نواب الشعب أو الجماعات المحلية، إذا كان المبلغ عنه ينتمي إلى القطاع الخاص، إذا كان المبلغ عنه ذا جنسية أجنبية . وله أن يحيل ما خرج عن ذلك إلى الهياكل المعنية دون منع المبلّغ من اللجوء مباشرة للقضاء في كل الحالات.
أما الفصل السابع جديد الوارد في المبادرة فنص على أنه يتعيّن على كل هيكل عمومي خاضع لأحكام هذا القانون، تحديد الهيكل الإداري المختص داخله، بتلقي الإبلاغ عن شبهات الفساد المحالة إليه من قبل الهيكل المعني بمكافحة الفساد والبحث فيها. ويشار إليه فيما يلي بالهيكل الإداري المختص. وتحدد آجال التفاعل بعشرين يوما من تاريخ الإبلاغ وعدم معالجة الإدارة يعتبر تسترا ضمنيا موجبا للمساءلة القانونية والعقاب. كما يتعين على كل هيكل عمومي خاضع لأحكام هذا القانون أن يوجه إلى رئاسة الحكومة ومجلس نواب الشعب في ظرف شهرين من تاريخ نشر هذا القانون بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية أرقام الهاتف والفاكس والبريد الإلكتروني الخاص بالهيكل الإداري المختص ونشرها على الموقع الإلكتروني الخاص به.
إثارة الدعوى
وحافظت جهة المبادرة التشريعية على الفصل الثامن في صيغته الأصلية أما بالنسبة إلى الفصل التاسع جديد الوارد تحت عنوان في صيغ وإجراءات الإبلاغ فنص على أنه على الهيكل المعني بمكافحة الفساد مواصلة النظر في ملفات الإبلاغ عن حالات الفساد بعد سحبها من الهيكل المعني وإعلام مصالح رئاسة الحكومة ومجلس نواب الشعب لإثارة الدعوى في الصور التالية:أولا إذا لم يقم الهيكل العمومي المعني باتّخاذ الإجراءات اللازمة للتحقّق من موضوع الإبلاغ والتعامل معه ضمن الآجال المحدّدة بهذا القانون. ثانيا إذا باشر الهيكل العمومي المعني اتّخاذ إجراءات تعسّفيّة تبعا للإبلاغ. ويكون في هذه الحالة للهيكل المعني بمكافحة الفساد مقاضاته والحلول مكان المبلغ.
وبالنسبة إلى الفصل العاشر جديد فتم من خلاله تغيير عبارة الهيئة بالهيكل المعني بمكافحة الفساد وتم في آخر الفصل التنصيص على أنه يمكن الإبلاغ عن حالات الفساد عبر المنظومات الإلكترونية الرسمية المخصصة للغرض دون أن يكون المبلغ مطالبا بالكشف عن هويته. ونفس الشيء بالنسبة إلى بقية الفصول الجديدة فقد اقترحت جهة المبادرة تغيير عبارة الهيئة أينما وردت في هذه الفصول بعبارة الهيكل المعني بمكافحة الفساد وتم على مستوى الفصل 13 جديد إلزام هذا الهيكل بدعوة المبلّغ لاستكمال البيانات في أجل لا يتجاوز سبعة أيام من تاريخ توصله بالإبلاغ في الحالات العادية و48 ساعة في الملفات الطارئة المتأكدة وعلى المبلّغ أن يستكمل البيانات المطلوبة في أجل لا يتجاوز عشرة أيام من تاريخ توصله بطلب الاستكمال. كما تم إدخال تعديل على الآجال المنصوص عليها بالفصل 14 وهي آجال رد الإدارة المعنية بالتبليغ عن الفساد وفي صورة عدم الاستجابة في الآجال تعرّض الإدارة للمساءلة.
تقرير حول الإبلاغ
ونص الفصل 15 جديد من المبادرة التشريعية على أن يتولى الهيكل المعني بمكافحة الفساد إعداد تقرير حول الأعمال موضوع الإبلاغ وإعلام المبلّغ بنتائج تقريرها في أجل لا يتجاوز الشهرين من تاريخ تقديم الإبلاغ الذي تعهدت به.. ويمكن تمديد الأجل شهرا إضافيا إذا توفرت أسباب جدية لذلك. كما تتولى الهياكل المعنية إعداد تقرير حول الأعمال موضوع الإبلاغ والمحالة عليها من قبل الهيكل المعني بمكافحة الفساد وإعلام هذا الهيكل بنتائج تقريرها في أجل لا يتجاوز الشهر، ويمكن للهيكل المعني طلب تمديد الأجل بخمسة عشر يوما إضافيا إذا توفرت أسباب جدية لذلك، وعلى الهيكل المعني بمكافحة الفساد أن يعلم المبلّغ بنتائج التقرير في أجل أسبوع من تاريخ توصله به من الهيكل المعني.
ونص الفصل 16 جديد على أنه يمكن للمبلّغ تقديم اقتراحات أو معلومات أو أدلّة إضافية أثناء التحقيقات أو الاستعلامات اللاحقة التي يقوم بها الهيكل المعني بمكافحة الفساد، ونص الفصل 17 جديد على أنه إذا ثبت بناء على الإبلاغ المحال من الهيكل المعني بمكافحة الفساد على الهيكل المعني وجود شبهة فساد يتعين على هذا الأخير اتخاذ الإجراءات الضرورية التالية: إيقاف فوري للمبلغ عنه عن العمل وسحب خطته الوظيفية وإحالته على مجلس التأديب لاتّخاذ الإجراءات التأديبية ضدّه وذلك وفق التشريع الجاري به العمل، مع إلغاء وسحب كافة القرارات المتخذة في شأن المبلغ إلى حين صدور حكم بات في الملف المبلغ عنه، إحالة الملفّ إلى النيابة العمومية إذا كانت الأفعال المرتكبة معاقبا عليها جزائيا. وفي جميع الحالات على الهيكل المعني أن يحيل نتائج الأبحاث والتقارير موضوع الإبلاغ على الهيكل المعني بمكافحة الفساد الذي عليه أن يتخذ ما يراه صالحا من إجراءات.
وتم على مستوى الفصول 18 و19 و20 جديدة تغيير عبارة الهيئة بعبارة الهيكل المعني بمكافحة الفساد أما الفصل 21 جديد فتم التنصيص فيه بالخصوص على تمكين المبلغ فوريا حال إيداع ملف التبليغ من قرار وشهادة حماية وقتية من الهيكل المعني بمكافحة الفساد إلى حين دراسة الملف وفي صورة سحب قرار وشهادة الحماية وإعلام المبلغ في أجل ثلاثة أيام، يمكن في أجل عشرة أيام من إعلامه الطعن في قرار رفض توفير الحماية أو إقرارها بصورة جزئية أو غير كافية أو تعديلها أو إنهائها أمام القاضي الإداري الاستعجالي الذي يصدر قراره في أجل سبعة أيام من تاريخ الطعن. ويكون قراره قابلا للطعن بالاستئناف طبق الإجراءات المقرّرة بالنسبة إلى الأذون الاستعجالية.
الحفاظ على السرية
وحسب الفصل 22 جديد من المبادرة التشريعية المتعلقة بتنقيح القانون الأساسي المتعلق بالإبلاغ عن الفساد وحماية المبلغين عنه، يتعيّن الحفاظ على سرية هويّة المبلّغ بشكل كامل من قبل الهيكل المعني بمكافحة الفساد، ولا تكشف هويّته إلا بعد موافقته المسبقة والكتابية. ويمكن عند الضرورة، واحتراما لحقوق الدفاع الاستماع إلى المبلّغ كشاهد أمام الجهة القضائية ذات النظر التي تتّخذ ما يلزم من تدابير لحماية سريّة هويّته تجاه الغير.
وحافظ أصحاب المبادرة على الفصل 23 في صيغته الأصلية لكنهم اقترحوا تعديل الفصل 24 في اتجاه التنصيص فيه على أن يتمتع المبلّغ بالإعانة العدلية وبالإعانة القضائية لدى المحكمة الإدارية في خصوص الدعاوى المثارة ضده أو التي يقوم بإثارتها والمرتبطة بإبلاغه عن الفساد وذلك بصرف النظر عن الشروط المستوجبة للانتفاع بها.
وتم الإبقاء على الفصل 25 في صيغته الأصلية لكن تم تعديل الفصل 26 الذي نص على أن تنسحب الأحكام المتعلقة بالحماية وفقا لما يقره الهيكل المعني بمكافحة الفساد، على المبلّغ وقرينه وأصوله وفروعه إلى الدرجة الأولى والشهود والخبراء وأيّ شخص آخر يقدر الهيكل المعني بمكافحة الفساد أنّه عرضة للضرر بمناسبة الإبلاغ أو تبعا له. وحافظ أصحاب مقترح القانون على الفصل 27 في صيغته الأصلية لكنهم عدلوا الفصل الموالي المتعلق بالمكافأة المالية التي تمنحها الدولة للمبلّغين الذين أدّى إبلاغهم إلى استرداد الأموال المتأتية من الإبلاغ ويقترح الهيكل المعني بمكافحة الفساد إسناد المكافأة بعد التأكد من مآل الإبلاغ.
ومن بين التعديلات الأخرى المقترحة صلب المبادرة ما تعلق بالفصل 30 ففي صورة تعرض المبلّغ إلى إجراءات إدارية مهما كان صنفها، يحمل على الهيكل العمومي أو المشغّل، عبء إثبات أنّ التدابير التي ألحقت ضررا بالمبلّغ لم تكن بمناسبة التبليغ أو تبعا له. وإذا لم تتمكن من ذلك فهي ملزمة بإعادة المبلغ إلى سالف عمله ومكان عمله مع تمكينه من كافة مستحقاته إن تم إيقافها مع إحالة رئيسه المباشر على أنظار مجلس التأديب. وبالنسبة إلى الباب المتعلق بالعقوبات فتم من الخلال المبادرة تشديد العقوبات بالفصل 35 جديد وبموجبه يعاقب بالسجن من سنة إلى سنتين عوضا عن ستة أشهر إلى سنتين كل من يلجأ إلى اتخاذ تدابير انتقامية أو الترهيب أو التهديد مباشرة أو بواسطة وبأي شكل من الأشكال ضد شخص المبلّغ..
سعيدة بوهلال
أحال مكتب مجلس نواب الشعب خلال اجتماعه المنعقد أمس بقصر باردو إلى لجنة تنظيم الإدارة وتطويرها والرقمنة والحوكمة ومكافحة الفساد مبادرة تشريعية جديدة تم تقديمها من قبل مجموعة من النواب في مقدمتهم أحمد بنور وهي تتعلق بتنقيح القانون الأساسي عدد 10 لسنة 2017 المؤرخ في 7 مارس 2017 المتعلق بالإبلاغ عن الفساد وحماية المبلغين.
وتم من خلال المقترح المذكور إدخال العديد من التعديلات على هذا القانون الصادر سنة 2017 بعد مخاض عسير وكان من بين أهدافه المصرح بها آنذاك في وثيقة شرح الأسباب، ضبط آليات الإبلاغ عن الفساد وحماية المبلغين عنه بما يضمن تعزيز مبادئ الشفافية والنزاهة والمساءلة. وقد تضمن هذا القانون ضبط شروط الإبلاغ وإجراءاته إلى جانب تحديد إجراءات حماية المبلغين كما ضبط العقوبات ضد كل من يتعمد كشف هوية المبلغ، وتم الاستئناس في مرحلة إعداده بأنظمة قانونية مقارنة على غرار قوانين كوريا الجنوبية والمملكة المتحدة وجنوب إفريقيا ورومانيا والولايات المتحدة الأمريكية، وكان يراد من القانون تشجيع الأفراد على التبليغ عن الفساد دون خوف من الانتقام الذي قد يتعرضون له، حيث تتم عملية التبيلغ لدى الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد.
وأشار أصحاب مقترح القانون في وثيقة شرح الأسباب، أنه في ظل التحويرات الواقعة على القوانين والهياكل وخاصة منها حل الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد سنة 2021، أصبح القانون الصادر سنة 2017 يتطلب تنقيحا جذريا ليجسد الأهداف المرجوة منه وهي الإبلاغ عن الفساد وحماية المبلغين.
وتتمثل أهم أسباب تنقيح القانون حسب قولهم في إلغاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد والهيئة الوطنية للنفاذ إلى المعلومة من دستور 2022، وهو ما يشكل عائقا أمام مكافحة الفساد والتبليغ عنه بل يرتقي إلى التشجيع عليه وفق ما أشاروا إليه في نفس الوثيقة المرفقة بمبادرتهم التشريعية.
أما السبب الثاني فمرده أن قانون 2017 تضمن في مختلف فصوله عبارة الهيئة. وبين النواب أن الهيئة التي تم حلها هي المتعهدة بمنح قرارات حماية المبلغين عن الفساد والتصريح بالمكاسب وبالتالي لا يوجد هيكل جديد مختص في قبول ملفات الفساد وحماية المبلغين عنه وهو ما يستوجب تنقيح قانون 2017 والتنصيص على هيكل مختص في هذا المجال.
ويتمثل السبب الثالث الذي دفع أصحاب المبادرة التشريعية إلى تنقيح قانون حماية المبلغين عن الفساد في أن هذا القانون لم يجسد المنشود منه في حماية المبلغين لأن المبلغين عن الفساد تعرضوا في واقع الأمر إلى جميع الانتهاكات من طرد ونقلة تعسفية وحرمان من مستحقاتهم والاعتداء على ممتلكاتهم وحرمتهم الجسدية وتعريضهم للتتبعات العدلية بتهم كيدية وهرسلتهم جراء التبليغ عن الفساد خاصة مع بطء صدور قرارات المحكمة الإدارية وعدم تنفيذ هذه القرارات. ويرى أصحاب المبادرة أن الأمر يستوجب حمايتهم وذلك بالتنصيص على فصول تضمن حقهم في العمل والحصول على مستحقاتهم والعودة إلى سالف عملهم وتمكينهم من الرعاية النفسية ورد الاعتبار لهم.
ومن المبررات الأخرى لتنقيح قانون 2017 التي أوردها أصحاب المبادرة التشريعية الجديدة في وثيقة شرح الأسباب غياب جهة مختصة في مكافحة الفساد. وبينوا أن هذا الفراغ المؤسساتي أدى إلى تفشي ظاهرة الفساد والتنكيل بالمبلغين وتجاهل قرارات الحماية الباتة المتحصل عليها سابقا من الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد وهو ما ولد خوفا لدى المبلغين عن الفساد ونفورا من التبليغ، وذلك إضافة إلى البطء في الفصل في ملفات الفساد الذي أدى إما إلى فرار المبلغ عنهم أو إلى مزيد الإضرار بالمالية العمومية والإدارة ومزيد التشجيع ضمنيا على الفساد أو إسقاط الحق في التقاضي.
وتم تقديم مقترح القانون الأساسي المتعلق بتنقيح القانون الأساسي عدد 10 لسنة 2017 المؤرخ في 7 مارس 2017 المتعلق بالإبلاغ عن الفساد وحماية المبلغين وإتمامه من قبل النواب أحمد بنور ورياض بلال وصابر المصمودي وهالة جاب الله ونجلاء اللحياني وأيمن بن صالح ومريم الشريف ومحمد الهادي العلاني وماهر الكتاري وغسان يامون وحسن جربوعي ومحمد بن حسين وسيرين بوصندل ويوسف التومي وعادل ضياف. ونصت هذه المبادرة على فصلين فقط واحتوى الفصل الأول على تعديلات جوهرية مست 24 فصلا من قانون 2017. أما الفصل الثاني فتم من خلاله إضافة 5 فصول جديدة لهذا القانون.
تسوية وضعيات المبلغين
تم من خلال الفصول الإضافية الواردة في المبادرة التشريعية الجديدة التنصيص على تسوية وضعيات المبلغين عن الفساد وإعادتهم إلى وظائفهم بمفعول رجعي لنفس مكان عملهم مع تحيين مسارهم المهني والتمتع بكامل مستحقاتهم الإدارية والمهنية والمالية وتمتع المبلغ بإعانة عدلية وقضائية في الدعوى المتعلقة بموضوع إبلاغه عن الفساد، وتعلقت أبرز الفصول الإضافية بعدم إسقاط الجرائم المتعلقة بالفساد حقوق المبلغ عن الفساد بمرور الزمن، وبإحداث جهاز تقصي صلب الهيكل المعني بمكافحة الفساد وهذا الهيكل يعوض هيئة مكافحة الفساد ويتكون جهاز التقصي من قاض عسكري وقاض إداري وقاض عدلي وقاض مالي وممثل عن المكلف العام بنزاعات الدولة إضافة إلى ممثلين عن رئاسة الحكومة ومجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم ووزارة الداخلية والديوانة التونسية والوزارات والهياكل الرسمية المعنية يتم تعيينهم باقتراح من الجهات المختصة المعنية، كما تم التنصيص في أحد الفصول الإضافية على أن يتولى الهيكل المعني بمكافحة الفساد التعهد بالمهام المسندة إليه بمقتضى القانون وإبداء الرأي في مشاريع النصوص القانونية المتصلة بمجال اختصاصه.
تعديلات جوهرية
وقبل اقتراح الفصول الإضافية سالفة الذكر ارتأى أصحاب المبادرة التشريعية إدخال تعديلات عديدة على القانون المتعلق بالإبلاغ عن الفساد وحماية المبلغين عنه وشملت هذه التعديلات 24 فصلا حيث تم تنقيح الفصل الأول في اتجاه التنصيص فيه على ما يلي:»يهدف هذا القانون إلى ضبط صيغ وإجراءات الإبلاغ عن الفساد وآليات حماية المبلغين وآجال تسوية وضعياتهم بما يساهم في تكريس مبادئ الشفافية والنزاهة والمساءلة والحوكمة الرشيدة والتوقي ضد الفساد ومنعه ومكافحته في القطاعين العام والخاص».
أما على مستوى الفصل الثاني المتعلق بالتعريف بالمصطلحات فتم إدخال تنقيح يرمي إلى تغيير عبارة هيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد بعبارة هيكل يعنى بمكافحة الفساد وهو الجهة المسؤولة عن مكافحة الفساد وحماية المبلغين، وفي المقابل لم يقع المساس بتعريف المبلّغ على أنه كل شخص طبيعي أو معنوي يقوم عن حسن نية بإبلاغ السلطات المختصة بمعلومات تمثل قرائن جدية أو تبعث على الاعتقاد جديا بوجود أعمال فساد قصد الكشف عن مرتكبيها وذلك طبقا للشروط والإجراءات المنصوص عليها بهذا القانون. كما تم الإبقاء على نفس تعريف مصطلح الفساد على أنه كل تصرف مخالف للقانون والتراتيب الجاري بها العمل يضر أو من شأنه الإضرار بالمصلحة العامة، وسوء استخدام السلطة أو النفوذ أو الوظيفة للحصول على منفعة شخصية ويشمل جرائم الرشوة بجميع أشكالها في القطاعين العام والخاص والاستيلاء على الأموال العمومية أو سوء التصرف فيها أو تبديدها واستغلال النفوذ وتجاوز السلطة أو سوء استعمالها، وجميع حالات الإثراء غير المشروع وخيانة الأمانة وسوء استخدام أموال الذوات المعنوية وغسل الأموال وتضارب المصالح واستغلال المعلومة الممتازة والتهرب الجبائي وتعطيل قرارات السلطة القضائية وكل الأفعال التي تهدد الصحة العامة أو السلامة أو البيئة، ونفس الشيء بالنسبة إلى مفهوم الحماية فلم يقع تغييره ومقصود بالحماية جملة الإجراءات الهادفة إلى حماية المبلّغ عن الفساد سواء كان ذات طبيعية أو معنوية ضد مختلف أشكال الانتقام أو التمييز التي قد تسلط عليه بسبب تبليغه عن حالات الفساد، سواء اتّخَذَ الانتقام من المبلّغ شكل مضايقات مستمرة أو عقوبات مقنّعة وبصفة عامة كل إجراء تعسفي في حقه بما في ذلك الإجراءات التأديبية كالعزل أو الإعفاء أو رفض الترقية أو رفض طلب النقلة أو النقلة التعسفية أو شكل اعتداء جسدي أو معنوي أو التهديد بهما يسلط ضد المبلّغ أو ضد كل شخص وثيق الصلة به كما تم الإبقاء على نفس تعريف الهيكل العمومي ونفس تعريف القطاع الخاص.
ونقح أصحاب المبادرة الفصل الثالث وأصبح ينص في صيغته الجديدة على أنه يتعين على الهياكل العمومية والخاصة اتخاذ جميع التدابير والإجراءات الضرورية لحسن تنفيذ هذا القانون بما يضمن شفافية عمل الإدارة وإرساء مبادئ النزاهة والمساءلة ومكافحة الفساد وعدم الالتزام بذلك يجعلها محل تتبع جزائي. تمنح للهياكل المشار إليها بالفصل الثاني من هذا القانون، التي تستجيب للممارسات الفضلى المتعارف عليها وطنيا ودوليا، في مجال التوقي من الفساد ومنع حدوثه، حوافز تضبط شروط وإجراءات إسنادها بمقتضى أمر.
وتمت المحافظة على الفصلين الرابع والخامس في صيغتهما الأصلية أما الفصل السادس جديد الوارد في الباب الثاني المتعلق بشروط وإجراءات الإبلاغ عن الفساد الموجب للحماية
فنص على أن أنه على المبلّغ أن يوجه الإبلاغ عن الفساد للهيكل المعني بمكافحة الفساد دون سواه الذي عليه أن يتخذ التدابير الضامنة لحماية هويته. ويختص الهيكل المعني وجوبا بالنظر في الإبلاغ عن حالات الفساد المتعلقة بالصور التالية: إذا كان المبلغ عنه رئيسا للهيكل العمومي المعني، إذا كان المبلغ عنه أحد أعضاء الهيئات الدستورية المستقلة أو المجلس الأعلى للقضاء أو المحكمة الدستورية أو مجلس نواب الشعب أو الجماعات المحلية، إذا كان المبلغ عنه ينتمي إلى القطاع الخاص، إذا كان المبلغ عنه ذا جنسية أجنبية . وله أن يحيل ما خرج عن ذلك إلى الهياكل المعنية دون منع المبلّغ من اللجوء مباشرة للقضاء في كل الحالات.
أما الفصل السابع جديد الوارد في المبادرة فنص على أنه يتعيّن على كل هيكل عمومي خاضع لأحكام هذا القانون، تحديد الهيكل الإداري المختص داخله، بتلقي الإبلاغ عن شبهات الفساد المحالة إليه من قبل الهيكل المعني بمكافحة الفساد والبحث فيها. ويشار إليه فيما يلي بالهيكل الإداري المختص. وتحدد آجال التفاعل بعشرين يوما من تاريخ الإبلاغ وعدم معالجة الإدارة يعتبر تسترا ضمنيا موجبا للمساءلة القانونية والعقاب. كما يتعين على كل هيكل عمومي خاضع لأحكام هذا القانون أن يوجه إلى رئاسة الحكومة ومجلس نواب الشعب في ظرف شهرين من تاريخ نشر هذا القانون بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية أرقام الهاتف والفاكس والبريد الإلكتروني الخاص بالهيكل الإداري المختص ونشرها على الموقع الإلكتروني الخاص به.
إثارة الدعوى
وحافظت جهة المبادرة التشريعية على الفصل الثامن في صيغته الأصلية أما بالنسبة إلى الفصل التاسع جديد الوارد تحت عنوان في صيغ وإجراءات الإبلاغ فنص على أنه على الهيكل المعني بمكافحة الفساد مواصلة النظر في ملفات الإبلاغ عن حالات الفساد بعد سحبها من الهيكل المعني وإعلام مصالح رئاسة الحكومة ومجلس نواب الشعب لإثارة الدعوى في الصور التالية:أولا إذا لم يقم الهيكل العمومي المعني باتّخاذ الإجراءات اللازمة للتحقّق من موضوع الإبلاغ والتعامل معه ضمن الآجال المحدّدة بهذا القانون. ثانيا إذا باشر الهيكل العمومي المعني اتّخاذ إجراءات تعسّفيّة تبعا للإبلاغ. ويكون في هذه الحالة للهيكل المعني بمكافحة الفساد مقاضاته والحلول مكان المبلغ.
وبالنسبة إلى الفصل العاشر جديد فتم من خلاله تغيير عبارة الهيئة بالهيكل المعني بمكافحة الفساد وتم في آخر الفصل التنصيص على أنه يمكن الإبلاغ عن حالات الفساد عبر المنظومات الإلكترونية الرسمية المخصصة للغرض دون أن يكون المبلغ مطالبا بالكشف عن هويته. ونفس الشيء بالنسبة إلى بقية الفصول الجديدة فقد اقترحت جهة المبادرة تغيير عبارة الهيئة أينما وردت في هذه الفصول بعبارة الهيكل المعني بمكافحة الفساد وتم على مستوى الفصل 13 جديد إلزام هذا الهيكل بدعوة المبلّغ لاستكمال البيانات في أجل لا يتجاوز سبعة أيام من تاريخ توصله بالإبلاغ في الحالات العادية و48 ساعة في الملفات الطارئة المتأكدة وعلى المبلّغ أن يستكمل البيانات المطلوبة في أجل لا يتجاوز عشرة أيام من تاريخ توصله بطلب الاستكمال. كما تم إدخال تعديل على الآجال المنصوص عليها بالفصل 14 وهي آجال رد الإدارة المعنية بالتبليغ عن الفساد وفي صورة عدم الاستجابة في الآجال تعرّض الإدارة للمساءلة.
تقرير حول الإبلاغ
ونص الفصل 15 جديد من المبادرة التشريعية على أن يتولى الهيكل المعني بمكافحة الفساد إعداد تقرير حول الأعمال موضوع الإبلاغ وإعلام المبلّغ بنتائج تقريرها في أجل لا يتجاوز الشهرين من تاريخ تقديم الإبلاغ الذي تعهدت به.. ويمكن تمديد الأجل شهرا إضافيا إذا توفرت أسباب جدية لذلك. كما تتولى الهياكل المعنية إعداد تقرير حول الأعمال موضوع الإبلاغ والمحالة عليها من قبل الهيكل المعني بمكافحة الفساد وإعلام هذا الهيكل بنتائج تقريرها في أجل لا يتجاوز الشهر، ويمكن للهيكل المعني طلب تمديد الأجل بخمسة عشر يوما إضافيا إذا توفرت أسباب جدية لذلك، وعلى الهيكل المعني بمكافحة الفساد أن يعلم المبلّغ بنتائج التقرير في أجل أسبوع من تاريخ توصله به من الهيكل المعني.
ونص الفصل 16 جديد على أنه يمكن للمبلّغ تقديم اقتراحات أو معلومات أو أدلّة إضافية أثناء التحقيقات أو الاستعلامات اللاحقة التي يقوم بها الهيكل المعني بمكافحة الفساد، ونص الفصل 17 جديد على أنه إذا ثبت بناء على الإبلاغ المحال من الهيكل المعني بمكافحة الفساد على الهيكل المعني وجود شبهة فساد يتعين على هذا الأخير اتخاذ الإجراءات الضرورية التالية: إيقاف فوري للمبلغ عنه عن العمل وسحب خطته الوظيفية وإحالته على مجلس التأديب لاتّخاذ الإجراءات التأديبية ضدّه وذلك وفق التشريع الجاري به العمل، مع إلغاء وسحب كافة القرارات المتخذة في شأن المبلغ إلى حين صدور حكم بات في الملف المبلغ عنه، إحالة الملفّ إلى النيابة العمومية إذا كانت الأفعال المرتكبة معاقبا عليها جزائيا. وفي جميع الحالات على الهيكل المعني أن يحيل نتائج الأبحاث والتقارير موضوع الإبلاغ على الهيكل المعني بمكافحة الفساد الذي عليه أن يتخذ ما يراه صالحا من إجراءات.
وتم على مستوى الفصول 18 و19 و20 جديدة تغيير عبارة الهيئة بعبارة الهيكل المعني بمكافحة الفساد أما الفصل 21 جديد فتم التنصيص فيه بالخصوص على تمكين المبلغ فوريا حال إيداع ملف التبليغ من قرار وشهادة حماية وقتية من الهيكل المعني بمكافحة الفساد إلى حين دراسة الملف وفي صورة سحب قرار وشهادة الحماية وإعلام المبلغ في أجل ثلاثة أيام، يمكن في أجل عشرة أيام من إعلامه الطعن في قرار رفض توفير الحماية أو إقرارها بصورة جزئية أو غير كافية أو تعديلها أو إنهائها أمام القاضي الإداري الاستعجالي الذي يصدر قراره في أجل سبعة أيام من تاريخ الطعن. ويكون قراره قابلا للطعن بالاستئناف طبق الإجراءات المقرّرة بالنسبة إلى الأذون الاستعجالية.
الحفاظ على السرية
وحسب الفصل 22 جديد من المبادرة التشريعية المتعلقة بتنقيح القانون الأساسي المتعلق بالإبلاغ عن الفساد وحماية المبلغين عنه، يتعيّن الحفاظ على سرية هويّة المبلّغ بشكل كامل من قبل الهيكل المعني بمكافحة الفساد، ولا تكشف هويّته إلا بعد موافقته المسبقة والكتابية. ويمكن عند الضرورة، واحتراما لحقوق الدفاع الاستماع إلى المبلّغ كشاهد أمام الجهة القضائية ذات النظر التي تتّخذ ما يلزم من تدابير لحماية سريّة هويّته تجاه الغير.
وحافظ أصحاب المبادرة على الفصل 23 في صيغته الأصلية لكنهم اقترحوا تعديل الفصل 24 في اتجاه التنصيص فيه على أن يتمتع المبلّغ بالإعانة العدلية وبالإعانة القضائية لدى المحكمة الإدارية في خصوص الدعاوى المثارة ضده أو التي يقوم بإثارتها والمرتبطة بإبلاغه عن الفساد وذلك بصرف النظر عن الشروط المستوجبة للانتفاع بها.
وتم الإبقاء على الفصل 25 في صيغته الأصلية لكن تم تعديل الفصل 26 الذي نص على أن تنسحب الأحكام المتعلقة بالحماية وفقا لما يقره الهيكل المعني بمكافحة الفساد، على المبلّغ وقرينه وأصوله وفروعه إلى الدرجة الأولى والشهود والخبراء وأيّ شخص آخر يقدر الهيكل المعني بمكافحة الفساد أنّه عرضة للضرر بمناسبة الإبلاغ أو تبعا له. وحافظ أصحاب مقترح القانون على الفصل 27 في صيغته الأصلية لكنهم عدلوا الفصل الموالي المتعلق بالمكافأة المالية التي تمنحها الدولة للمبلّغين الذين أدّى إبلاغهم إلى استرداد الأموال المتأتية من الإبلاغ ويقترح الهيكل المعني بمكافحة الفساد إسناد المكافأة بعد التأكد من مآل الإبلاغ.
ومن بين التعديلات الأخرى المقترحة صلب المبادرة ما تعلق بالفصل 30 ففي صورة تعرض المبلّغ إلى إجراءات إدارية مهما كان صنفها، يحمل على الهيكل العمومي أو المشغّل، عبء إثبات أنّ التدابير التي ألحقت ضررا بالمبلّغ لم تكن بمناسبة التبليغ أو تبعا له. وإذا لم تتمكن من ذلك فهي ملزمة بإعادة المبلغ إلى سالف عمله ومكان عمله مع تمكينه من كافة مستحقاته إن تم إيقافها مع إحالة رئيسه المباشر على أنظار مجلس التأديب. وبالنسبة إلى الباب المتعلق بالعقوبات فتم من الخلال المبادرة تشديد العقوبات بالفصل 35 جديد وبموجبه يعاقب بالسجن من سنة إلى سنتين عوضا عن ستة أشهر إلى سنتين كل من يلجأ إلى اتخاذ تدابير انتقامية أو الترهيب أو التهديد مباشرة أو بواسطة وبأي شكل من الأشكال ضد شخص المبلّغ..