إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بعد الإعلان عن الانطلاق في مثال جديد لتهيئة التراب الوطني.. إصدار مجلة جديدة للتهيئة وإحداث مدن متأقلمة مع المناخ

 

مراجعة التهيئة الترابية والعمرانية للبلاد التونسية بات موضوعا يطرح نفسه اليوم لعدّة أسباب منها الطبيعية والمناخية والاجتماعية والاقتصادية أيضا،  وقد أعلن وزير التجهيز والإسكان صلاح الزواري أول أمس عن انطلاق المرحلة الثالثة من إعداد المثال التوجيهي لتهيئة التراب الوطني وفق إستراتيجية تعمل عليها الوزارة، كما أضاف الوزير، أنه سيتم إصدار مجلة جديدة للتهيئة الترابية خلال الأشهر القادمة وهو إجراء ضروري وكان مطلبا من عديد المختصين.

وكان أساس هذا المطلب وفق مختصين في مجالات مختلفة أن بلادنا معنية أكثر بالكوارث الطبيعية ذات العلاقة بالتغير المناخي على غرار الفيضانات والشح المائي المؤدي إلى الجفاف، بما يحتّم مراجعة ضرورية لمثال التهيئة العمرانية لكل المدن التونسية كما تفعل جلّ البلدان التي تحاول دائما أن تتأقلم عمرانيا مع التغييرات المناخية التي تعصف بالعالم في العقود الأخيرة.

والتهيئة الترابية هي عملية تنظيم للمجال الجغرافي وطنيا وجهويا ومحليا من خلال اتخاذ إجراءات وفق توجّهات تهدف إلى تحقيق التوازن بين الأنشطة المختلفة وتلبية الاحتياجات التنموية للمواطنين مع مراعاة الخصوصيات البيئية والعمرانية والتنموية.

والإعلان اليوم عن انطلاق المرحلة الأهم وهي إعداد المثال التوجيهي لتهيئة التراب الوطني الذي يعد خطوة مهمة وذلك بالاعتماد على المجلة الترابية الجديدة.

المثال التوجيهي الجديد للتهيئة الترابية

أعطى وزير التجهيز والإسكان صلاح الزواري أول أمس الثلاثاء، إشارة انطلاق المرحلة الثالثة من إعداد المثال التوجيهي لتهيئة التراب الوطني التي ستنطلق فعليا هذه السنة وتمتدّ على ثلاث سنوات من خلال تكليف مكاتب دراسات وخبراء مختصين لإعداد هذا المثال التوجيهي، ويعدّ هذا المثال وثيقة إستراتيجية ترسم التوجهات الكبرى للخطة المستقبلية في ما يتعلق باستعمال المجال الترابي وتوظيفه بأفضل السبل، وتحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية والتنموية إلى حدود أفق 2050، حيث سيُعدّ هذا المثال مرجعا أساسيا لكل المخططات التنموية مستقبلا وإطارا يتم اعتماده عند إعداد المشاريع الوطنية والجهوية القادمة..

وكان آخر مثال توجيهي اعتمدته تونس يعود إعداده إلى سنة 2007، ولكن بسبب التغيّرات الكبيرة التي شهدتها تونس اقتصاديا واجتماعيا وبيئيا بات من الضروري اليوم تحيين هذا المثال بما يستجيب إلى الحاجيات والاحتياجات الراهنة مع الأخذ بعين الاعتبار المنظومة التشريعية الجديدة والتي يمثلها دستور 2022 مثل مسألة الأقاليم.

وفي ذات السياق أكد الوزير أن مخطط التنمية 2026-2030 سيستند إلى بعض مخرجات الدراسة التي ستعتمد بشأن المثال التوجيهي الجديد.

ضرورة مراجعة التهيئة العمرانية

في ندوة كانت نظّمتها مدينة العلوم السنة الفارطة حول ضرورة مراجعة مجلة التهيئة العمرانية والتصرّف في المجال الترابي الوطني دعا مختصون في العلوم الطبيعية إلى ضرورة مراجعة مثال التهيئة العمرانية بالمدن التونسية للصمود أمام الكوارث الطبيعية في ظل تنامي الكوارث الطبيعية حول العالم والمتعلقة بالتغير المناخي خلال العشر سنوات الأخيرة. وقد لفت المختصون إلى أن تونس معنية أكثر بالكوارث الطبيعية ذات العلاقة بالتغير المناخي على غرار الفيضانات والشح المائي المؤدي إلى الجفاف، في المقابل لم تقم بمراجعة مثال التهيئة العمرانية لمدنها حيث أكدت «الجمعية الإفريقية للجغرفة الرقمية»،من خلال ممثليها في الندوة أن خلق مدن أكثر استدامة ومجابهة للكوارث الطبيعية يتطلب تضافر جهود جميع المتدخلين من مواطنين ومنظمات مجتمع مدني مختصة ووزارات التجهيز والبيئة والفلاحة، فضلا عن الوكالة التونسية للتعمير وغيرها..، كما يتطلّب تخصيص العديد من الفضاءات الخضراء بكل المدن والحفاظ على الغابات والحدائق، كما طالبت بتركيز أكبر عدد ممكن من «حدائق الأمطار» التي يقع تصميمها في بعض الفضاءات العامة أو على أسطح المنازل من أجل تخزين مياه الأمطار والحد من تداعيات الفيضانات عند حدوثها، فضلا عن كونها تشكل ثروة مائية يمكن استغلالها في عدة استعمالات أخرى.

ومنذ سنة 2022 شرعت وزارة التجهيز والإسكان في مراجعة قواعد التعمير والتهيئة الترابية للقيام بالإصلاحات الضرورية لتطوير الآليات التشريعية لتحقيق تهيئة وتنمية ترابية وعمرانية مستدامة بالاشتغال على جملة من المحاور أهمها مراجعة مجلة التهيئة الترابية والتعمير وإعداد المثال التوجيهي لتهيئة التراب الوطني، بالإضافة إلى تعزيز التأقلم مع التغيرات المناخية والتخفيض في نسبة انبعاثات الغازات من خلال تطوير إستراتيجية تدخل الوكالة العقارية للسكنى وذلك باعتماد مبادئ وأسس التنمية المستدامة في تهيئة المشاريع السكنية المستقبلية لتحسين استخدام واستغلال الموارد الطبيعية والمدخرات العقارية.

وفي هذا الإطار يتنزّل الحي الايكولوجي بحدائق تونس الذي شرعت الوكالة العقارية للسكنى بالتعاون مع الوكالة الفرنسية للتنمية في إعداد تصور لكيفية إنجازه تعتمد فيه أساسا على تثمين الموارد الطبيعية المتواجدة بالمواقع المعنية ورسكلة وتثمين النفايات والمياه إذ تمت برمجة تنفيذه على مساحة 73 هكتارا في إطار المثال التفصيلي للمشروع العمراني «حدائق تونس».

ومراجعة أمثلة التهيئة الترابية ومجال التعمير يحظِى بأهمية بالغة بالنظر إلى التحديات البيئية الناجمة عن المخاطر المرتبطة بتغير المناخ بالعمل على انجاز مدن نظيفة ومستدامة وآمنة وصامدة، وكذلك على مستوى توفير السكن اللائق لكل الفئات الاجتماعية وخاصة منها محدودة الدخل..

وفي السنتين الماضيتين تمت المصادقة على أكثر من 40 دراسة للتهيئة العمرانية من جملة أكثر من 50 دراسة استوفت جميع الإجراءات عند صدور الأمر الحكومي عدد 926 لسنة 2020.

منية العرفاوي

 بعد الإعلان عن الانطلاق في مثال جديد لتهيئة التراب الوطني..   إصدار مجلة جديدة للتهيئة   وإحداث مدن متأقلمة مع المناخ

 

مراجعة التهيئة الترابية والعمرانية للبلاد التونسية بات موضوعا يطرح نفسه اليوم لعدّة أسباب منها الطبيعية والمناخية والاجتماعية والاقتصادية أيضا،  وقد أعلن وزير التجهيز والإسكان صلاح الزواري أول أمس عن انطلاق المرحلة الثالثة من إعداد المثال التوجيهي لتهيئة التراب الوطني وفق إستراتيجية تعمل عليها الوزارة، كما أضاف الوزير، أنه سيتم إصدار مجلة جديدة للتهيئة الترابية خلال الأشهر القادمة وهو إجراء ضروري وكان مطلبا من عديد المختصين.

وكان أساس هذا المطلب وفق مختصين في مجالات مختلفة أن بلادنا معنية أكثر بالكوارث الطبيعية ذات العلاقة بالتغير المناخي على غرار الفيضانات والشح المائي المؤدي إلى الجفاف، بما يحتّم مراجعة ضرورية لمثال التهيئة العمرانية لكل المدن التونسية كما تفعل جلّ البلدان التي تحاول دائما أن تتأقلم عمرانيا مع التغييرات المناخية التي تعصف بالعالم في العقود الأخيرة.

والتهيئة الترابية هي عملية تنظيم للمجال الجغرافي وطنيا وجهويا ومحليا من خلال اتخاذ إجراءات وفق توجّهات تهدف إلى تحقيق التوازن بين الأنشطة المختلفة وتلبية الاحتياجات التنموية للمواطنين مع مراعاة الخصوصيات البيئية والعمرانية والتنموية.

والإعلان اليوم عن انطلاق المرحلة الأهم وهي إعداد المثال التوجيهي لتهيئة التراب الوطني الذي يعد خطوة مهمة وذلك بالاعتماد على المجلة الترابية الجديدة.

المثال التوجيهي الجديد للتهيئة الترابية

أعطى وزير التجهيز والإسكان صلاح الزواري أول أمس الثلاثاء، إشارة انطلاق المرحلة الثالثة من إعداد المثال التوجيهي لتهيئة التراب الوطني التي ستنطلق فعليا هذه السنة وتمتدّ على ثلاث سنوات من خلال تكليف مكاتب دراسات وخبراء مختصين لإعداد هذا المثال التوجيهي، ويعدّ هذا المثال وثيقة إستراتيجية ترسم التوجهات الكبرى للخطة المستقبلية في ما يتعلق باستعمال المجال الترابي وتوظيفه بأفضل السبل، وتحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية والتنموية إلى حدود أفق 2050، حيث سيُعدّ هذا المثال مرجعا أساسيا لكل المخططات التنموية مستقبلا وإطارا يتم اعتماده عند إعداد المشاريع الوطنية والجهوية القادمة..

وكان آخر مثال توجيهي اعتمدته تونس يعود إعداده إلى سنة 2007، ولكن بسبب التغيّرات الكبيرة التي شهدتها تونس اقتصاديا واجتماعيا وبيئيا بات من الضروري اليوم تحيين هذا المثال بما يستجيب إلى الحاجيات والاحتياجات الراهنة مع الأخذ بعين الاعتبار المنظومة التشريعية الجديدة والتي يمثلها دستور 2022 مثل مسألة الأقاليم.

وفي ذات السياق أكد الوزير أن مخطط التنمية 2026-2030 سيستند إلى بعض مخرجات الدراسة التي ستعتمد بشأن المثال التوجيهي الجديد.

ضرورة مراجعة التهيئة العمرانية

في ندوة كانت نظّمتها مدينة العلوم السنة الفارطة حول ضرورة مراجعة مجلة التهيئة العمرانية والتصرّف في المجال الترابي الوطني دعا مختصون في العلوم الطبيعية إلى ضرورة مراجعة مثال التهيئة العمرانية بالمدن التونسية للصمود أمام الكوارث الطبيعية في ظل تنامي الكوارث الطبيعية حول العالم والمتعلقة بالتغير المناخي خلال العشر سنوات الأخيرة. وقد لفت المختصون إلى أن تونس معنية أكثر بالكوارث الطبيعية ذات العلاقة بالتغير المناخي على غرار الفيضانات والشح المائي المؤدي إلى الجفاف، في المقابل لم تقم بمراجعة مثال التهيئة العمرانية لمدنها حيث أكدت «الجمعية الإفريقية للجغرفة الرقمية»،من خلال ممثليها في الندوة أن خلق مدن أكثر استدامة ومجابهة للكوارث الطبيعية يتطلب تضافر جهود جميع المتدخلين من مواطنين ومنظمات مجتمع مدني مختصة ووزارات التجهيز والبيئة والفلاحة، فضلا عن الوكالة التونسية للتعمير وغيرها..، كما يتطلّب تخصيص العديد من الفضاءات الخضراء بكل المدن والحفاظ على الغابات والحدائق، كما طالبت بتركيز أكبر عدد ممكن من «حدائق الأمطار» التي يقع تصميمها في بعض الفضاءات العامة أو على أسطح المنازل من أجل تخزين مياه الأمطار والحد من تداعيات الفيضانات عند حدوثها، فضلا عن كونها تشكل ثروة مائية يمكن استغلالها في عدة استعمالات أخرى.

ومنذ سنة 2022 شرعت وزارة التجهيز والإسكان في مراجعة قواعد التعمير والتهيئة الترابية للقيام بالإصلاحات الضرورية لتطوير الآليات التشريعية لتحقيق تهيئة وتنمية ترابية وعمرانية مستدامة بالاشتغال على جملة من المحاور أهمها مراجعة مجلة التهيئة الترابية والتعمير وإعداد المثال التوجيهي لتهيئة التراب الوطني، بالإضافة إلى تعزيز التأقلم مع التغيرات المناخية والتخفيض في نسبة انبعاثات الغازات من خلال تطوير إستراتيجية تدخل الوكالة العقارية للسكنى وذلك باعتماد مبادئ وأسس التنمية المستدامة في تهيئة المشاريع السكنية المستقبلية لتحسين استخدام واستغلال الموارد الطبيعية والمدخرات العقارية.

وفي هذا الإطار يتنزّل الحي الايكولوجي بحدائق تونس الذي شرعت الوكالة العقارية للسكنى بالتعاون مع الوكالة الفرنسية للتنمية في إعداد تصور لكيفية إنجازه تعتمد فيه أساسا على تثمين الموارد الطبيعية المتواجدة بالمواقع المعنية ورسكلة وتثمين النفايات والمياه إذ تمت برمجة تنفيذه على مساحة 73 هكتارا في إطار المثال التفصيلي للمشروع العمراني «حدائق تونس».

ومراجعة أمثلة التهيئة الترابية ومجال التعمير يحظِى بأهمية بالغة بالنظر إلى التحديات البيئية الناجمة عن المخاطر المرتبطة بتغير المناخ بالعمل على انجاز مدن نظيفة ومستدامة وآمنة وصامدة، وكذلك على مستوى توفير السكن اللائق لكل الفئات الاجتماعية وخاصة منها محدودة الدخل..

وفي السنتين الماضيتين تمت المصادقة على أكثر من 40 دراسة للتهيئة العمرانية من جملة أكثر من 50 دراسة استوفت جميع الإجراءات عند صدور الأمر الحكومي عدد 926 لسنة 2020.

منية العرفاوي