إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

النائب عماد الدين سديري: الدولة مطالبة باقتناء طائرات مخصصة لإطفاء الحرائق

- يجب توفير تجهيزات عصرية لديوان الحماية المدنية

قال عماد الدين سديري النائب بلجنة المالية والميزانية عن دائرة نبر - الطويرف - ساقية سيدي يوسف – تاجروين بالكاف إن القرض المخصص لتعصير الديوان الوطني للحماية المدنية المعروض حاليا على أنظار اللجنة سيخصص في قسطه الأكبر لبناء المقرات. وبين أن الاهتمام بالمباني مسألة ضرورية، لكن بالتوازي مع ذلك لابد أيضا من توفير التمويلات اللازمة لاقتناء التجهيزات العصرية التي تسمح للأعوان بسرعة التدخل على مستوى النجدة والإنقاذ من الحرائق والفيضانات خاصة في الجهات الداخلية.

وأضاف النائب في تصريح لـ«الصباح» أنه في ظل تكرر الحرائق، فإنه يجدد الطلب الذي سبق أن توجه به إلى وزارة الداخلية والمتمثل في تخصيص موارد بميزانية الدولة لاقتناء طائرات مجهزة لإطفاء الحرائق التي تنشب في الغابات الممتدة ومزارع الحبوب الشاسعة وغيرها لأن ذلك يساعد على تطويقها بالسرعة المطلوبة، وبالتالي يمكّن من الحد من قيمة الخسائر الناجمة عنها. ولاحظ أنه يصعب على أعوان الحماية المدنية في بعض الأحيان إخماد الحرائق بسرعة وذلك عندما تنشب في مساحات كبرى مخصصة لزرع الحبوب أو في أكوام التبن أو في مناطق جبلية تتميز بتضاريس وعرة وتكون بعيدة عن مصادر المياه.

وفسر النائب عماد الدين سديري أنه في حال استغلال طائرات لإطفاء الحرائق سيكون التدخل أنجع وأسرع خاصة في مناطق الشمال الغربي المتاخمة للبحر مثل باجة وطبرقة  إذ يمكن استغلال مياه البحر للإطفاء، كما يمكن حسب قوله توظيف طائرات الحماية المدنية لاستقدام الغواصين من الولايات الساحلية في حال تسجيل حالات غرق في السدود، أو عند حصول حالات غرق ناجمة عن فيضان الأودية. ولاحظ عضو مجلس نواب الشعب أن توفير العنصر البشري لانتشال الغرقى في مناطق الشمال الغربي عادة ما يتم بصفة متأخرة وكثيرا ما تظل العائلات تنتظر قدوم غواصين من ولاية بنزرت أو غيرها من المناطق الساحلية.

 ويرى سديري أن المطلوب من الدولة دعم الديوان الوطني للحماية المدنية بالموارد البشرية من ناحية ومن ناحية أخرى تمكينه من التجهيزات المتطورة التي تساعد الأعوان على العمل بنجاعة أكبر والتدخل بالسرعة اللازمة بما يجعل المواطن يشعر بالأمان. 

وخلص عضو لجنة المالية والميزانية إلى أن مبلغ القرض المخصص لتعصير هذا الديوان غير كاف لأن هناك مقرات تابعة له بالعديد من الجهات، في حاجة للتدخل، ويرى أنه لابد من توجيه مثل هذه القروض لتوفير التجهيزات بدرجة أولى لأنه دون تجهيزات عصرية متطورة لا يمكن لأعوان الحماية المدنية ضمان سرعة التدخل في إخماد الحرائق وغيرها من التدخلات للنجدة والإنقاذ.

وبين النائب أن لجنة المالية والميزانية شرعت في دراسة مشروع القانون المتعلق بالموافقة على اتفاقية القرض المبرمة بتاريخ 24 سبتمبر 2024 بين الجمهورية التونسية والوكالة الفرنسية للتنمية بمبلغ قدره 50 مليون أورو للمساهمة في تمويل مشروع تعصير الديوان الوطني للحماية المدنية واستمعت مؤخرا إلى ممثلين عن وزارة الاقتصاد والتخطيط وعن الديوان الوطني للحماية المدنية وكان من المبرمج أن تعقد اليوم الثلاثاء 17 جوان 2025 جلسة استماع إلى المدير العام للديوان الوطني للحماية المدنية لكن تم تأجيل هذه الجلسة إلى مساء يوم الخميس القادم.

وبالإطلاع على ما ورد في وثيقة شرح أسباب هذا المشروع المقدم من قبل رئاسة الجمهورية يمكن الإشارة إلى أن تمويل تعصير الديوان الوطني للحماية المدنية يندرج في إطار الاستعداد للتوقي من الكوارث الطبيعية المرتبطة بالتغيرات المناخية ومنها التي تحصل خاصة بعد موجات الحر والفيضانات والحرائق التي بدأت تجتاح البلاد في السنوات الأخيرة، سواء على مستوى إعداد الاستراتجيات الوطنية أو من خلال توفير الوسائل والإمكانيات اللازمة للتدخل الميداني.

عناصر المشروع

ويهدف مشروع تعصير ديوان الحماية المدنية إلى دعم قدرات تدخل الديوان الوطني للحماية المدنية من خلال انجاز أربعة عناصر. ويتمثل العنصر الأول في بناء المقر الاجتماعي للديوان إذ أقرت دراسة جدوى المشروع ضرورة بناء مقر اجتماعي جديد نظرا لضيق المقر الحالي المستغل على وجه التسويغ وهو لا يسمح بتجميع كل الإدارات في مكان واحد وهو ما أثر على نجاعة التدخل وتسبب في ارتفاع كلفة التسيير. وتمت الإشارة في نفس الوثيقة المرفقة بمشروع القانون المعروض على أنظار لجنة المالية والميزانية إلى أن بناء مقر جامع لكل الإدارات سيمكن من تخصيص طابق لقاعة العمليات ومركزين لمعالجة نداءات الاستغاثة وقاعة لتنسيق عمليات التدخل وقاعة أخرى خاصة بالأزمات،كما سيتم تهيئة فضاء آخر سيقع استغلاله كمطعم خاص بالأعوان والإطارات.

ويتمثل العنصر الثاني لمشروع تعصير الديوان الوطني للحماية المدنية في تطوير منظومة التصرف في طلبات النجدة. وتتوفر المنظومة الحالية على مركز عمليات في المقر الحالي للديوان و24 مركز نداء في الإدارات الجهوية ورقم طوارئ وطني واحد 198 ويعمل النظام الحالي في معظمه، وفق ما تم تبينانه في وثيقة شرح الأسباب، بطرق يدوية  لا تؤدي بالضرورة إلى تطبيق نفس الإجراءات من طرف كل العاملين بالمنظومة ولا تمكن من تطوير أي منظومة تترك أثرا لمختلف التدخلات وتسمح بتوفير إحصائيات في الغرض وبالتالي تأكدت أهمية إرساء منظومة تصرف رقمية وذلك من خلال اقتناء تجهيزات وبرمجيات تضمن نجاعة وسرعة في التدخل وتمكن من توفير كل المعطيات والمعلومات اللازمة.

أما العنصر الثالث من المشروع سالف الذكر فيتمثل في بناء مقر الوحدة المختصة للحماية المدنية وتجهيزها ويتمثل مجال تدخل هذه الوحدة التي تعتبر فريق النخبة بالنسبة إلى الديوان الوطني للحماية المدنية أساسا في عمليات الإنقاذ المعقدة والتدخل عند الكوارث الكبرى الطبيعية أو الصناعية وتقديم الدعم في بعض العمليات الخاصة لباقي أعوان الحماية المدنية. وتمكنت هذه الوحدة المختصة بفضل حصولها على شهادة اعتماد من المجموعة الاستشارية الدولية للبحث والإنقاذ من المشاركة في عمليات إنقاذ بالخارج منها عمليات تمت سنة 2023 في تركيا وسوريا وليبيا. ولتمكين هذه الوحدة من التدرب وتنفيذ المهام الموكولة إليها بكفاءة ونجاعة سيتم من خلال المشروع إنشاء قاعة رئيسية ووحدة مختصة فرعية وتوفير وسائل تدخل وتجهيزات ستساهم في تطوير قدراتها في العمليات الميدانية.

ويتمثل العنصر الرابع والأخير في بناء مدرسة التكوين القاعدي لضباط الصف بالزريبة وتجهيزها إذ أقرت دراسة جدوى المشروع أهمية هذا العنصر في تلافي النقائص الموجودة إلى حد الآن في علاقة بالمناهج المعتمدة بهذه المدرسة حيث طغى على التكوين الجانب النظري بسبب قلة الإمكانيات وسيمكن المشروع مدرسة التكوين القاعدي من طرق تكوين تعتمد على محاكاة الأوضاع الميدانية القريبة من الواقع.

قرض مع هبة

وسيتم تمويل مشروع تعصير الديوان الوطني للحماية المدنية بمختلف عناصره بواسطة قرض مباشر لفائدة الدولة بقيمة 50 مليون أورو ممنوح من قبل الوكالة الفرنسية للتنمية ويتم وضع هذا المبلغ في شكل هبة على ذمة الديوان بمقتضى اتفاق يبرم في الغرض. ولمرافقة انجاز هذا المشروع وتوفير الدعم الفني لمخلف عناصره بالتعاون مع مكتب دراسات فرنسي خصصت الوكالة الفرنسية للتنمية هبة بملغ قدره واحد فاصل خمسة مليون أورو. ويتم تحديد أو تثبيت نسبة الفائدة عند كل عملية سحب وبالنسبة إلى فترة السداد فتمتد على 20 سنة بما فيها فترة إمهال بسبع سنوات وتبلغ عمولة التعهد صفر فاصل 25 بالمائة تحتسب على المبالغ غير المسحوبة بعد انتهاء أجل ستة أشهر من تاريخ التوقيع وتبلغ نسبة عمولة دراسة الملف  صفر فاصل 25 بالمائة وحدد آخر أجل لسحب القسط الأول بيوم 24 سبتمبر 2025 وحدد آخر أجل لسحب مبلغ القرض بيوم 31 ديسمبر 2030. 

تحسن الخدمات

 وقال النائب عماد الدين سديري إن لجنة المالية والميزانية استمعت مؤخرا إلى ممثّلين عن الديوان الوطني للحماية المدنية ووزارة الاقتصاد والتخطيط حول مشروع القانون المتعلق بالموافقة على اتفاقية القرض المبرمة بتاريخ 24 سبتمبر 2024 بين الجمهورية التونسية والوكالة الفرنسية للتنمية للمساهمة في تمويل مشروع تعصير الديوان الوطني للحماية المدنية وكان هناك نقد للديوان بسبب بطئه في تأمين عمليات النجدة والإنقاذ في عدد من الجهات الداخلية. وبين أنه لا أحد يمكنه إنكار الجهود التي بذلها الديوان في السنوات الأخيرة لتحسين تدخلاته لكن مازالت هناك نقائص يجب عليه العمل على معالجتها.

 وبالعودة إلى البلاغ الصادر عن اللجنة إثر جلسة الاستماع المنعقدة يوم 29 ماي 2025، يذكر أن النواب أكدوا على الدّور الإنساني الذي تضطلع به الحماية المدنية سواء في الحالات العادية أو في حالات الكوارث الطبيعية. وتساءلوا عن تاريخ بداية إنجاز المشروع وآجال الانتهاء من الأشغال، وأكدوا على ضرورة الإسراع في الإنجاز حتى يغطي الديوان كل الجهات بالنجاعة المطلوبة وبالتجهيزات المتطوّرة. واستفسروا حول شروط القرض وخاصة نسبة الفائدة المرجعية وارتباطها بنسبة عائد السندات الفرنسية خلال  10 سنوات. واعتبر بعضهم أن المبلغ الذي وقع رصده لبناء مقر الديوان والمقدر بنحو 44 مليون دينار يُعتبر ضخما كما عددوا النقائص التي تشوب تدخّلات الديوان في بعض الجهات وبطء التدخل في عديد الحالات التي حالت أحيانا دون إنقاذ الأرواح والممتلكات، إضافة إلى عدم تأهيل وصيانة عديد المقرات الجهوية والمعدّات والتجهيزات. ولاحظوا وجود تقصير في تكوين السباحين المنقذين على الشواطئ إضافة إلى ضعف المنحة التي يتقاضونها. ودعوا إلى تعزيز مقرات الديوان في عديد المناطق الأكثر عرضة للكوارث الطبيعية، وأكّدوا على ضرورة حسن اختيار أماكن تركيز المقرات في الجهات ليكون التدخل بالسرعة والنجاعة المطلوبتين. وتساءلوا عن برنامج الديوان وتصوراته بخصوص استعمال الطائرات لإطفاء الحرائق وهل سيتضمن مشروع المخطط 2026 ــ 2030 برمجة اقتناء آلات «الدرون».

وجاء في نفس البلاغ الصادر عن اللجنة أن ممثلي وزارة الاقتصاد والتخطيط بينوا أنه تم الإعداد لهذا المشروع الاستراتيجي منذ سنوات، وإنجاز دراسة جدوى في الغرض منذ سنة 2023 تتعلّق بالجوانب التقنية والبيئية والاجتماعية والمالية.  وأضافوا أنه يهدف إلى دعم قدرات الديوان على المستوى التنظيمي والوظيفي والتكويني من خلال بناء المقر الاجتماعي له وتطوير منظومة التصرّف في طلبات النجدة وبناء وتجهيز مقر الوحدة المختصة للحماية المدنية، إلى جانب بناء وتجهيز مدرسة التكوين القاعدي لضباط الصف بالزريبة. واستعرضوا تمويل هذا المشروع وشروط قرض الوكالة الفرنسية للتنمية. وأكدوا أنه ستكون لهذا المشروع نقلة نوعية في إسداء الخدمات. أما ممثل الديوان الوطني للحماية المدنية فأشار إلى أن البحر الأبيض المتوسّط يشهد تغيّرات غير متوقعة في المناخ تستدعي ضرورة تدخّل الحماية المدنية في كل مراحل الكوارث، وهو ما يتطلّب تعزيز قدرات أجهزة الإنقاذ والإغاثة. وأضاف أنّ الحماية المدنية في حاجة إلى تطوير منظومتها حتى تتجاوز الصعوبات والنقائص في مجالات التنظيم العام والاستجابة العملياتية والتكوين والنظام المعلوماتي خاصة التنظيم المالي والإداري للهيكل. وذكّر بنقائص المقر الحالي وأكد على ضرورة إعادة التمركز والتوزيع الجغرافي. واستعرض جملة التجهيزات ومعدّات التدخل المبرمج اقتناؤها وكيفية توزيع التمويل على مختلف مكوّنات المشروع. وأوضح أنّ الأمر يتعلق ببناء مقر جديد للحماية المدنية نظرا إلى أن المقر الحالي يفتقر إلى المساحة الكافية، ممّا استوجب اللجوء إلى الكراء ونجم عن ذلك تشتت الإدارات وبالتالي ارتفاع التكاليف. كما يتعلق هذا المشروع حسب قوله ببناء مدرسة لتكوين الأعوان ورسكلتهم لتحسين سرعة وفعالية تدخّل فرق الحماية المدنية في حالات الطوارئ وتدريبهم في مختلف مجالات الحماية المدنية وتحسين جاهزية الأعوان في مواجهة المخاطر الطبيعية والصناعية بشكل أفضل، وتعزيز القدرات العملياتية للأعوان  في التصدي للكوارث والأزمات علاوة على توفير تكوين مستمر ومتخصص يواكب آخر التطوّرات التكنولوجية والتقنية في مجال إدارة المخاطر. وإضافة إلى التونسيين تتولى هذه المدرسة تكوين الأجانب بمقابل. وبخصوص تركيز منظومة التصرّف في طلبات النجدة، بيّن ممثل الديوان أنّ المشروع يتضمّن تركيز نظام معلوماتي يهدف إلى توحيد طرق العمل بين مختلف المصالح ويضمن تتبّعا دقيقا لكل العمليات المنفذة، وأضاف أن هذا النجاح يبقى رهين تعزيز القدرات المعلوماتية للديوان وتوفير تكوين ملائم للإطارات والأعوان في مجال أدوات الإعلامية والاتصال. كما تعرّض إلى أهمية بناء الوحدة المختصة للحماية المدنية، التي تُعنى بمهام الإنقاذ ورفع الأنقاض، وعمليات البحث باستخدام الكلاب المدربة وتقديم الدّعم التقني واللوجستي لوحدات الحماية المدنية في المهام الخاصة، سواء داخل تونس أو خارجها. وتعقيبا على استفسارات النواب قدم ممثلو وزارة الاقتصاد والتخطيط معطيات حول نسبة الفائدة المعتمدة واعتبروها تفاضلية وبينوا أنه يتم خلاص القرض على كاهل ميزانية الدولة باعتبار ضعف موارد الديوان وعدم تمتعه بالاستقلالية المالية، ودعوا في هذا الإطار إلى إيجاد موارد ذاتية للديوان ومراجعة تعريفاته. أما ممثل الديوان الوطني للحماية المدنية فأشار تعقيبا عن استفسارات النواب حول دراسة الجدوى إلى أن هذه الدراسة أفضت إلى ما سيتم رصده على ميزانية الدولة وما سيكون بواسطة قرض. كما أوضح أنّ مقر الديوان ليس مجرّد بناية بل هو مقر قيادة وقاعة عمليات كبرى تعمل مع قاعات عمليات الشرطة والصحة والدفاع الوطني وغيرها ويشتمل على إدارات لوجيستية وتخطيط، ويعمل على امتداد 24 ساعة كامل الأسبوع. وقدّم معطيات حول تمويل بناء المقر الاجتماعي الجديد  للديوان معتبرا أن المبلغ المخصص للغرض غير كاف.

ونظرا لتأجيل جلسة الاستماع للمدير العام للديوان الوطني للحماية المدنية التي كانت مبرمجة لهذا اليوم، فإن لجنة المالية والميزانية ستخصص الجلسة التي ستعقدها هذا الصباح  بقصر باردو للنظر في مشروع قانون يتعلّق بغلق ميزانية الدولة لسنة 2021 ومشروع قانون آخر يتعلّق بغلق ميزانية الدولة لسنة 2022 كما ستتولى ضبط برنامج عملها خلال الفترة القادمة.

سعيدة بوهلال

النائب عماد الدين سديري: الدولة مطالبة باقتناء طائرات مخصصة لإطفاء الحرائق

- يجب توفير تجهيزات عصرية لديوان الحماية المدنية

قال عماد الدين سديري النائب بلجنة المالية والميزانية عن دائرة نبر - الطويرف - ساقية سيدي يوسف – تاجروين بالكاف إن القرض المخصص لتعصير الديوان الوطني للحماية المدنية المعروض حاليا على أنظار اللجنة سيخصص في قسطه الأكبر لبناء المقرات. وبين أن الاهتمام بالمباني مسألة ضرورية، لكن بالتوازي مع ذلك لابد أيضا من توفير التمويلات اللازمة لاقتناء التجهيزات العصرية التي تسمح للأعوان بسرعة التدخل على مستوى النجدة والإنقاذ من الحرائق والفيضانات خاصة في الجهات الداخلية.

وأضاف النائب في تصريح لـ«الصباح» أنه في ظل تكرر الحرائق، فإنه يجدد الطلب الذي سبق أن توجه به إلى وزارة الداخلية والمتمثل في تخصيص موارد بميزانية الدولة لاقتناء طائرات مجهزة لإطفاء الحرائق التي تنشب في الغابات الممتدة ومزارع الحبوب الشاسعة وغيرها لأن ذلك يساعد على تطويقها بالسرعة المطلوبة، وبالتالي يمكّن من الحد من قيمة الخسائر الناجمة عنها. ولاحظ أنه يصعب على أعوان الحماية المدنية في بعض الأحيان إخماد الحرائق بسرعة وذلك عندما تنشب في مساحات كبرى مخصصة لزرع الحبوب أو في أكوام التبن أو في مناطق جبلية تتميز بتضاريس وعرة وتكون بعيدة عن مصادر المياه.

وفسر النائب عماد الدين سديري أنه في حال استغلال طائرات لإطفاء الحرائق سيكون التدخل أنجع وأسرع خاصة في مناطق الشمال الغربي المتاخمة للبحر مثل باجة وطبرقة  إذ يمكن استغلال مياه البحر للإطفاء، كما يمكن حسب قوله توظيف طائرات الحماية المدنية لاستقدام الغواصين من الولايات الساحلية في حال تسجيل حالات غرق في السدود، أو عند حصول حالات غرق ناجمة عن فيضان الأودية. ولاحظ عضو مجلس نواب الشعب أن توفير العنصر البشري لانتشال الغرقى في مناطق الشمال الغربي عادة ما يتم بصفة متأخرة وكثيرا ما تظل العائلات تنتظر قدوم غواصين من ولاية بنزرت أو غيرها من المناطق الساحلية.

 ويرى سديري أن المطلوب من الدولة دعم الديوان الوطني للحماية المدنية بالموارد البشرية من ناحية ومن ناحية أخرى تمكينه من التجهيزات المتطورة التي تساعد الأعوان على العمل بنجاعة أكبر والتدخل بالسرعة اللازمة بما يجعل المواطن يشعر بالأمان. 

وخلص عضو لجنة المالية والميزانية إلى أن مبلغ القرض المخصص لتعصير هذا الديوان غير كاف لأن هناك مقرات تابعة له بالعديد من الجهات، في حاجة للتدخل، ويرى أنه لابد من توجيه مثل هذه القروض لتوفير التجهيزات بدرجة أولى لأنه دون تجهيزات عصرية متطورة لا يمكن لأعوان الحماية المدنية ضمان سرعة التدخل في إخماد الحرائق وغيرها من التدخلات للنجدة والإنقاذ.

وبين النائب أن لجنة المالية والميزانية شرعت في دراسة مشروع القانون المتعلق بالموافقة على اتفاقية القرض المبرمة بتاريخ 24 سبتمبر 2024 بين الجمهورية التونسية والوكالة الفرنسية للتنمية بمبلغ قدره 50 مليون أورو للمساهمة في تمويل مشروع تعصير الديوان الوطني للحماية المدنية واستمعت مؤخرا إلى ممثلين عن وزارة الاقتصاد والتخطيط وعن الديوان الوطني للحماية المدنية وكان من المبرمج أن تعقد اليوم الثلاثاء 17 جوان 2025 جلسة استماع إلى المدير العام للديوان الوطني للحماية المدنية لكن تم تأجيل هذه الجلسة إلى مساء يوم الخميس القادم.

وبالإطلاع على ما ورد في وثيقة شرح أسباب هذا المشروع المقدم من قبل رئاسة الجمهورية يمكن الإشارة إلى أن تمويل تعصير الديوان الوطني للحماية المدنية يندرج في إطار الاستعداد للتوقي من الكوارث الطبيعية المرتبطة بالتغيرات المناخية ومنها التي تحصل خاصة بعد موجات الحر والفيضانات والحرائق التي بدأت تجتاح البلاد في السنوات الأخيرة، سواء على مستوى إعداد الاستراتجيات الوطنية أو من خلال توفير الوسائل والإمكانيات اللازمة للتدخل الميداني.

عناصر المشروع

ويهدف مشروع تعصير ديوان الحماية المدنية إلى دعم قدرات تدخل الديوان الوطني للحماية المدنية من خلال انجاز أربعة عناصر. ويتمثل العنصر الأول في بناء المقر الاجتماعي للديوان إذ أقرت دراسة جدوى المشروع ضرورة بناء مقر اجتماعي جديد نظرا لضيق المقر الحالي المستغل على وجه التسويغ وهو لا يسمح بتجميع كل الإدارات في مكان واحد وهو ما أثر على نجاعة التدخل وتسبب في ارتفاع كلفة التسيير. وتمت الإشارة في نفس الوثيقة المرفقة بمشروع القانون المعروض على أنظار لجنة المالية والميزانية إلى أن بناء مقر جامع لكل الإدارات سيمكن من تخصيص طابق لقاعة العمليات ومركزين لمعالجة نداءات الاستغاثة وقاعة لتنسيق عمليات التدخل وقاعة أخرى خاصة بالأزمات،كما سيتم تهيئة فضاء آخر سيقع استغلاله كمطعم خاص بالأعوان والإطارات.

ويتمثل العنصر الثاني لمشروع تعصير الديوان الوطني للحماية المدنية في تطوير منظومة التصرف في طلبات النجدة. وتتوفر المنظومة الحالية على مركز عمليات في المقر الحالي للديوان و24 مركز نداء في الإدارات الجهوية ورقم طوارئ وطني واحد 198 ويعمل النظام الحالي في معظمه، وفق ما تم تبينانه في وثيقة شرح الأسباب، بطرق يدوية  لا تؤدي بالضرورة إلى تطبيق نفس الإجراءات من طرف كل العاملين بالمنظومة ولا تمكن من تطوير أي منظومة تترك أثرا لمختلف التدخلات وتسمح بتوفير إحصائيات في الغرض وبالتالي تأكدت أهمية إرساء منظومة تصرف رقمية وذلك من خلال اقتناء تجهيزات وبرمجيات تضمن نجاعة وسرعة في التدخل وتمكن من توفير كل المعطيات والمعلومات اللازمة.

أما العنصر الثالث من المشروع سالف الذكر فيتمثل في بناء مقر الوحدة المختصة للحماية المدنية وتجهيزها ويتمثل مجال تدخل هذه الوحدة التي تعتبر فريق النخبة بالنسبة إلى الديوان الوطني للحماية المدنية أساسا في عمليات الإنقاذ المعقدة والتدخل عند الكوارث الكبرى الطبيعية أو الصناعية وتقديم الدعم في بعض العمليات الخاصة لباقي أعوان الحماية المدنية. وتمكنت هذه الوحدة المختصة بفضل حصولها على شهادة اعتماد من المجموعة الاستشارية الدولية للبحث والإنقاذ من المشاركة في عمليات إنقاذ بالخارج منها عمليات تمت سنة 2023 في تركيا وسوريا وليبيا. ولتمكين هذه الوحدة من التدرب وتنفيذ المهام الموكولة إليها بكفاءة ونجاعة سيتم من خلال المشروع إنشاء قاعة رئيسية ووحدة مختصة فرعية وتوفير وسائل تدخل وتجهيزات ستساهم في تطوير قدراتها في العمليات الميدانية.

ويتمثل العنصر الرابع والأخير في بناء مدرسة التكوين القاعدي لضباط الصف بالزريبة وتجهيزها إذ أقرت دراسة جدوى المشروع أهمية هذا العنصر في تلافي النقائص الموجودة إلى حد الآن في علاقة بالمناهج المعتمدة بهذه المدرسة حيث طغى على التكوين الجانب النظري بسبب قلة الإمكانيات وسيمكن المشروع مدرسة التكوين القاعدي من طرق تكوين تعتمد على محاكاة الأوضاع الميدانية القريبة من الواقع.

قرض مع هبة

وسيتم تمويل مشروع تعصير الديوان الوطني للحماية المدنية بمختلف عناصره بواسطة قرض مباشر لفائدة الدولة بقيمة 50 مليون أورو ممنوح من قبل الوكالة الفرنسية للتنمية ويتم وضع هذا المبلغ في شكل هبة على ذمة الديوان بمقتضى اتفاق يبرم في الغرض. ولمرافقة انجاز هذا المشروع وتوفير الدعم الفني لمخلف عناصره بالتعاون مع مكتب دراسات فرنسي خصصت الوكالة الفرنسية للتنمية هبة بملغ قدره واحد فاصل خمسة مليون أورو. ويتم تحديد أو تثبيت نسبة الفائدة عند كل عملية سحب وبالنسبة إلى فترة السداد فتمتد على 20 سنة بما فيها فترة إمهال بسبع سنوات وتبلغ عمولة التعهد صفر فاصل 25 بالمائة تحتسب على المبالغ غير المسحوبة بعد انتهاء أجل ستة أشهر من تاريخ التوقيع وتبلغ نسبة عمولة دراسة الملف  صفر فاصل 25 بالمائة وحدد آخر أجل لسحب القسط الأول بيوم 24 سبتمبر 2025 وحدد آخر أجل لسحب مبلغ القرض بيوم 31 ديسمبر 2030. 

تحسن الخدمات

 وقال النائب عماد الدين سديري إن لجنة المالية والميزانية استمعت مؤخرا إلى ممثّلين عن الديوان الوطني للحماية المدنية ووزارة الاقتصاد والتخطيط حول مشروع القانون المتعلق بالموافقة على اتفاقية القرض المبرمة بتاريخ 24 سبتمبر 2024 بين الجمهورية التونسية والوكالة الفرنسية للتنمية للمساهمة في تمويل مشروع تعصير الديوان الوطني للحماية المدنية وكان هناك نقد للديوان بسبب بطئه في تأمين عمليات النجدة والإنقاذ في عدد من الجهات الداخلية. وبين أنه لا أحد يمكنه إنكار الجهود التي بذلها الديوان في السنوات الأخيرة لتحسين تدخلاته لكن مازالت هناك نقائص يجب عليه العمل على معالجتها.

 وبالعودة إلى البلاغ الصادر عن اللجنة إثر جلسة الاستماع المنعقدة يوم 29 ماي 2025، يذكر أن النواب أكدوا على الدّور الإنساني الذي تضطلع به الحماية المدنية سواء في الحالات العادية أو في حالات الكوارث الطبيعية. وتساءلوا عن تاريخ بداية إنجاز المشروع وآجال الانتهاء من الأشغال، وأكدوا على ضرورة الإسراع في الإنجاز حتى يغطي الديوان كل الجهات بالنجاعة المطلوبة وبالتجهيزات المتطوّرة. واستفسروا حول شروط القرض وخاصة نسبة الفائدة المرجعية وارتباطها بنسبة عائد السندات الفرنسية خلال  10 سنوات. واعتبر بعضهم أن المبلغ الذي وقع رصده لبناء مقر الديوان والمقدر بنحو 44 مليون دينار يُعتبر ضخما كما عددوا النقائص التي تشوب تدخّلات الديوان في بعض الجهات وبطء التدخل في عديد الحالات التي حالت أحيانا دون إنقاذ الأرواح والممتلكات، إضافة إلى عدم تأهيل وصيانة عديد المقرات الجهوية والمعدّات والتجهيزات. ولاحظوا وجود تقصير في تكوين السباحين المنقذين على الشواطئ إضافة إلى ضعف المنحة التي يتقاضونها. ودعوا إلى تعزيز مقرات الديوان في عديد المناطق الأكثر عرضة للكوارث الطبيعية، وأكّدوا على ضرورة حسن اختيار أماكن تركيز المقرات في الجهات ليكون التدخل بالسرعة والنجاعة المطلوبتين. وتساءلوا عن برنامج الديوان وتصوراته بخصوص استعمال الطائرات لإطفاء الحرائق وهل سيتضمن مشروع المخطط 2026 ــ 2030 برمجة اقتناء آلات «الدرون».

وجاء في نفس البلاغ الصادر عن اللجنة أن ممثلي وزارة الاقتصاد والتخطيط بينوا أنه تم الإعداد لهذا المشروع الاستراتيجي منذ سنوات، وإنجاز دراسة جدوى في الغرض منذ سنة 2023 تتعلّق بالجوانب التقنية والبيئية والاجتماعية والمالية.  وأضافوا أنه يهدف إلى دعم قدرات الديوان على المستوى التنظيمي والوظيفي والتكويني من خلال بناء المقر الاجتماعي له وتطوير منظومة التصرّف في طلبات النجدة وبناء وتجهيز مقر الوحدة المختصة للحماية المدنية، إلى جانب بناء وتجهيز مدرسة التكوين القاعدي لضباط الصف بالزريبة. واستعرضوا تمويل هذا المشروع وشروط قرض الوكالة الفرنسية للتنمية. وأكدوا أنه ستكون لهذا المشروع نقلة نوعية في إسداء الخدمات. أما ممثل الديوان الوطني للحماية المدنية فأشار إلى أن البحر الأبيض المتوسّط يشهد تغيّرات غير متوقعة في المناخ تستدعي ضرورة تدخّل الحماية المدنية في كل مراحل الكوارث، وهو ما يتطلّب تعزيز قدرات أجهزة الإنقاذ والإغاثة. وأضاف أنّ الحماية المدنية في حاجة إلى تطوير منظومتها حتى تتجاوز الصعوبات والنقائص في مجالات التنظيم العام والاستجابة العملياتية والتكوين والنظام المعلوماتي خاصة التنظيم المالي والإداري للهيكل. وذكّر بنقائص المقر الحالي وأكد على ضرورة إعادة التمركز والتوزيع الجغرافي. واستعرض جملة التجهيزات ومعدّات التدخل المبرمج اقتناؤها وكيفية توزيع التمويل على مختلف مكوّنات المشروع. وأوضح أنّ الأمر يتعلق ببناء مقر جديد للحماية المدنية نظرا إلى أن المقر الحالي يفتقر إلى المساحة الكافية، ممّا استوجب اللجوء إلى الكراء ونجم عن ذلك تشتت الإدارات وبالتالي ارتفاع التكاليف. كما يتعلق هذا المشروع حسب قوله ببناء مدرسة لتكوين الأعوان ورسكلتهم لتحسين سرعة وفعالية تدخّل فرق الحماية المدنية في حالات الطوارئ وتدريبهم في مختلف مجالات الحماية المدنية وتحسين جاهزية الأعوان في مواجهة المخاطر الطبيعية والصناعية بشكل أفضل، وتعزيز القدرات العملياتية للأعوان  في التصدي للكوارث والأزمات علاوة على توفير تكوين مستمر ومتخصص يواكب آخر التطوّرات التكنولوجية والتقنية في مجال إدارة المخاطر. وإضافة إلى التونسيين تتولى هذه المدرسة تكوين الأجانب بمقابل. وبخصوص تركيز منظومة التصرّف في طلبات النجدة، بيّن ممثل الديوان أنّ المشروع يتضمّن تركيز نظام معلوماتي يهدف إلى توحيد طرق العمل بين مختلف المصالح ويضمن تتبّعا دقيقا لكل العمليات المنفذة، وأضاف أن هذا النجاح يبقى رهين تعزيز القدرات المعلوماتية للديوان وتوفير تكوين ملائم للإطارات والأعوان في مجال أدوات الإعلامية والاتصال. كما تعرّض إلى أهمية بناء الوحدة المختصة للحماية المدنية، التي تُعنى بمهام الإنقاذ ورفع الأنقاض، وعمليات البحث باستخدام الكلاب المدربة وتقديم الدّعم التقني واللوجستي لوحدات الحماية المدنية في المهام الخاصة، سواء داخل تونس أو خارجها. وتعقيبا على استفسارات النواب قدم ممثلو وزارة الاقتصاد والتخطيط معطيات حول نسبة الفائدة المعتمدة واعتبروها تفاضلية وبينوا أنه يتم خلاص القرض على كاهل ميزانية الدولة باعتبار ضعف موارد الديوان وعدم تمتعه بالاستقلالية المالية، ودعوا في هذا الإطار إلى إيجاد موارد ذاتية للديوان ومراجعة تعريفاته. أما ممثل الديوان الوطني للحماية المدنية فأشار تعقيبا عن استفسارات النواب حول دراسة الجدوى إلى أن هذه الدراسة أفضت إلى ما سيتم رصده على ميزانية الدولة وما سيكون بواسطة قرض. كما أوضح أنّ مقر الديوان ليس مجرّد بناية بل هو مقر قيادة وقاعة عمليات كبرى تعمل مع قاعات عمليات الشرطة والصحة والدفاع الوطني وغيرها ويشتمل على إدارات لوجيستية وتخطيط، ويعمل على امتداد 24 ساعة كامل الأسبوع. وقدّم معطيات حول تمويل بناء المقر الاجتماعي الجديد  للديوان معتبرا أن المبلغ المخصص للغرض غير كاف.

ونظرا لتأجيل جلسة الاستماع للمدير العام للديوان الوطني للحماية المدنية التي كانت مبرمجة لهذا اليوم، فإن لجنة المالية والميزانية ستخصص الجلسة التي ستعقدها هذا الصباح  بقصر باردو للنظر في مشروع قانون يتعلّق بغلق ميزانية الدولة لسنة 2021 ومشروع قانون آخر يتعلّق بغلق ميزانية الدولة لسنة 2022 كما ستتولى ضبط برنامج عملها خلال الفترة القادمة.

سعيدة بوهلال