مشروع قانون المالية لسنة 2026.. بين تدعيم أسس الدولة الاجتماعية وتكريس خيار العدالة الجبائية
مقالات الصباح
بدأ العد التنازلي للإعداد لميزانية الدولة 2026 قبل منتصف العام الحالي، مما يؤشر ليكون التعاطي مع المرحلة القادمة في مستوى التخطيط ووضع البرامج الاقتصادية والاستثمارية وضبط وتوزيع الميزانية ليكون في مستوى التحديات والأهداف المرسومة، خاصة وأن ميزانية العام المقبل تتزامن مع بوادر تحسن في الاقتصاد الوطني الذي يعود لعدة أسباب، من أبرزها السياسة الناجعة والهادفة التي انتهجتها في الغرض سلطة الإشراف، رغم الإشكاليات والصعوبات الكبيرة العالقة و«المديونية» المتوارثة عن المنظومات السابقة، وتداعيات مخلّفات الأزمة الصحية العالمية «كوفيد 19» على عدة أصعدة، إضافة إلى تمكن الغرفتين التشريعيتين من الانخراط بقوة في هذه العملية. وهو ما شدد عليه رئيس الجمهورية قيس سعيد، في أكثر من مناسبة.
وكان رئيس الجمهورية قد أكد خلال اجتماعه أول أمس بقصر قرطاج، بكلّ من رئيسة الحكومة، سارة الزعفراني الزنزري، ووزيرة المالية، مشكاة سلامة الخالدي، ووزير الاقتصاد والتخطيط، سمير عبد الحفيظ، «على الخيارات الكبرى لمشروع قانون المالية للسنة القادمة. وشدد رئيس الدّولة مرة أخرى على ضرورة استنباط حلول جديدة في المجالات كلّها، وخاصة في المجال الاجتماعي والقطع النهائي مع الخيارات السّابقة، فقانون الماليّة ليس مجرّد أرقام ونسب بل تجسيد مالي لخيارات الشّعب»، وفق رئيس الدولة.
وكانت لجنة المالية والميزانية بمجلس نواب الشعب قد انطلقت منذ مدة في عقد جلسات الاستماع إلى ممثلي عديد الهياكل والمؤسسات، في إطار مهام أعضائها في مراجعة وتعديل القوانين الخاصة بتمويل الميزانية بالأساس في هذا الجانب. ليكون الاستئناس بجملة الملاحظات والمقترحات التي تم طرحها في علاقة بمناقشة ميزانية العام الجاري في مستوى نواب الغرفتين، خطوة أخرى من شأنها أن تيسر مهام الجهات المعنية في وضع وتحديد الميزانية المرتقبة للعام القادم، خاصة وأن الحكومة من خلال بعض الوزارات قد انطلقت وبنسق ماراطوني تقريبا، في تنفيذ برامج الإصلاح، لاسيما بالنسبة للوزارات المعنية بالخدمات التي تحظى بأولوية لدى سلطة الإشراف من ناحية وتعد محل انتظار المواطنين، على اعتبار أنها تعد عنوانا للدولة الاجتماعية التي وعد رئيس الجمهورية ويحرص على تكريسها على أرض الواقع، على غرار النقل والصحة والبيئة وتوسيع فرص وبرامج التنمية والتشغيل بالجهات والقضاء على آليات التشغيل الهش.
لذلك أسدى رئيس الجمهورية تعليماته خلال لقائه الأخير برئيسة الحكومة ووزيري المالية والاقتصاد والتخطيط، بالاستلهام من نتائج الجلسات التي تمّ عقدها مع أعضاء المجالس المحلية والجهويّة ومجالس الأقاليم حتّى قبل وضع مشروع التقرير التأليفي لهذه الجلسات وإعداد مشاريع مخطّطات التنمية الجهوية والإقليمية والوطنية، وأكد رئيس الجمهورية على أن «الثورة لن تكتمل بالنّصوص وحدها ولا بمن هم مؤتمنون على تنفيذها، بل يجب أن تكون في العقول وفي التفكير». كما شدّد رئيس الجمهورية على ضرورة أن تكون الثورة التشريعية متبوعة بثورة إدارية تؤسّس لفكر جديد يفتح أرحب الآفاق لمن عانوا من الضّيم والفقر، فيخرجون من دائرة الإقصاء وينتعش الاقتصاد سواء في القطاع العام أو في القطاع الخاص».
لذلك يحمل مشروع الميزانية للعام القادم تحديات وتطلعات الجهات الرسمية والمواطنين على حد السواء لدخول بلادنا مرحلة متقدمة في مسار بناء الجمهورية الجديدة بما تحمله من تطلعات لتوفير العيش الكريم والاستقرار والخدمات المتطورة والتنمية الشاملة والعادلة لكل الجهات والمواطنين بما يكرس روح الانتماء والوطنية لأبناء تونس في الداخل والخارج.
فدور الغرفتين التشريعين هام في هذا التحدي وذلك بعد أن تمكن مجلس نواب الشعب منذ مباشرة مهامه في مارس 2023 من المصادقة على جملة من التشريعات والقوانين الجديدة أو مراجعة أخرى قديمة وتعديلها وفق ما يتماشى وتوجه سياسة الدولة الاجتماعية والاقتصادية وتشريك المواطنين في مختلف الجهات والمناطق في وضع البرامج والمخططات الإصلاحية والتنموية من خلال المجالس المحلية والجهوية والمجلس الوطني للأقاليم والجهات، خاصة وأن انطلاق العمل لإعداد ميزانية العام المقبل للدولة قد انخرطت فيها المؤسسة التشريعية بغرفتيها وغيرها من الوزارات والهياكل المتداخلة عبر آليات مختلفة.
وفي سياق متصل كانت رئاسة الحكومة قد عقدت مجلسا وزاريا، بحر هذا الأسبوع، أشرفت عليه رئيسة الحكومة سارة الزعفراني الزنزري، خصص للنظر في الملامح الكبرى لقانون المالية وميزانية الدولة لسنة 2026. وكانت قد أكدت رئيسة الحكومة في نفس المجلس على أن تكتسي هذه الميزانية طابعا استراتيجيا محوريا باعتبارها أداة لتجسيد السياسات العمومية في إطار البرنامج الاقتصادي والاجتماعي للدولة الذي يهدف إلى تحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي والعدالة الاجتماعية ومتناغما مع المخطط التنموي 2026-2030 الذي سيكون نابعا من إرادة الشعب»، وفق ما ورد في البلاغ الذي أصدرته الحكومة في الغرض.
وبينت في نفس السياق «أن الاختيارات الوطنيّة هي المنطلق الوحيد الذي سيتيح تحقيق انتظارات الشعب وخاصة بمراجعة عدد من التشريعات المتعلقة بالجباية وتلك المتّصلة بالعدالة الاجتماعية وإعادة فتح باب الانتداب مجدّدا أمام المعطّلين وذلك وفقا لتوجّهات سيادة رئيس الجمهورية».
ويذكر أن رئيس الجمهورية لطالما شدد على ضرورة مراجعة التعيينات ومنح الفرص في العمل والإدارة والتسيير للكفاءات الشابة وغيرهم من حاملي الشهائد الجامعية والباحثين والدكاترة المعطلين وتوفر الكفاءة والقدرة على تحمل المسؤولية في مشروع بناء الدولة وفق التوجه والمسار الذي يقوده رئيس الجمهورية، وتشديده على أن ذلك خيار له عدة مزايا منها ما هو تشغيلي اجتماعي ومنها ما يمكّن من الحد من تغول البيروقراطية والدولة العميقة.
وأكّدت رئيسة الحكومة في المجلس الوزاري الأخير على ضرورة أن تتّم بلورة قانون المالية لسنة 2026 وفق تصوّر جديد يقطع مع الإجراءات الترقيعية الوقتية وأنصاف الحلول، ويعكس رؤية الدولة وتوجّهاتها والمتمثّلة أساسا في تدعيم أسس الدولة الاجتماعية مع ضمان العدالة الاجتماعية وتكريس خيار العدالة الجبائية، وتعزيز القدرة الشرائيّة، وتحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي والعدالة الاجتماعية والترفيع في نسبة النمو الاقتصادي من خلال حفز الاستثمار وبناء إطار اجتماعي واقتصادي ملائم لمرحلة البناء والتشييد.
ومثلت مسائل من قبيل، تنمية الموارد الذاتية للدولة والحد من التهرّب الجبائي وإدماج الاقتصاد الموازي والتشغيل وتحسين مستوى العيش وتعزيز منظومة الحماية الاجتماعية وتثمين رأس المال البشري وتحسين الدخل وتعزيز آليات الإدماج الاقتصادي والاجتماعي والإحاطة بالفئات الهشة وخلق مواطن الشغل والقطع مع مظاهر العمل الهشّ وتيسير النفاذ إلى السّكن وتعزيز التماسك الاجتماعي وتحسين كلّ خدمات المرفق العمومي وتطوير منظومة الضمان والتغطية الاجتماعية ودفع الاستثمار والتحول الرقمي، خطوطا عريضة وعناوين موجهة للميزانية والمخطط التنموي الذي انطلقت الجهات الرسمية في العمل والإعداد له مبكرا، بما يمكن جميع الهياكل والجهات المعنية من ضبط برامج وميزانية تراعي التوازنات المالية وتستجيب في تفاصيلها وأبعادها وأهدافها للتحديات المطروحة في مسار بناء الجمهورية الجديدة.
نزيهة الغضباني
بدأ العد التنازلي للإعداد لميزانية الدولة 2026 قبل منتصف العام الحالي، مما يؤشر ليكون التعاطي مع المرحلة القادمة في مستوى التخطيط ووضع البرامج الاقتصادية والاستثمارية وضبط وتوزيع الميزانية ليكون في مستوى التحديات والأهداف المرسومة، خاصة وأن ميزانية العام المقبل تتزامن مع بوادر تحسن في الاقتصاد الوطني الذي يعود لعدة أسباب، من أبرزها السياسة الناجعة والهادفة التي انتهجتها في الغرض سلطة الإشراف، رغم الإشكاليات والصعوبات الكبيرة العالقة و«المديونية» المتوارثة عن المنظومات السابقة، وتداعيات مخلّفات الأزمة الصحية العالمية «كوفيد 19» على عدة أصعدة، إضافة إلى تمكن الغرفتين التشريعيتين من الانخراط بقوة في هذه العملية. وهو ما شدد عليه رئيس الجمهورية قيس سعيد، في أكثر من مناسبة.
وكان رئيس الجمهورية قد أكد خلال اجتماعه أول أمس بقصر قرطاج، بكلّ من رئيسة الحكومة، سارة الزعفراني الزنزري، ووزيرة المالية، مشكاة سلامة الخالدي، ووزير الاقتصاد والتخطيط، سمير عبد الحفيظ، «على الخيارات الكبرى لمشروع قانون المالية للسنة القادمة. وشدد رئيس الدّولة مرة أخرى على ضرورة استنباط حلول جديدة في المجالات كلّها، وخاصة في المجال الاجتماعي والقطع النهائي مع الخيارات السّابقة، فقانون الماليّة ليس مجرّد أرقام ونسب بل تجسيد مالي لخيارات الشّعب»، وفق رئيس الدولة.
وكانت لجنة المالية والميزانية بمجلس نواب الشعب قد انطلقت منذ مدة في عقد جلسات الاستماع إلى ممثلي عديد الهياكل والمؤسسات، في إطار مهام أعضائها في مراجعة وتعديل القوانين الخاصة بتمويل الميزانية بالأساس في هذا الجانب. ليكون الاستئناس بجملة الملاحظات والمقترحات التي تم طرحها في علاقة بمناقشة ميزانية العام الجاري في مستوى نواب الغرفتين، خطوة أخرى من شأنها أن تيسر مهام الجهات المعنية في وضع وتحديد الميزانية المرتقبة للعام القادم، خاصة وأن الحكومة من خلال بعض الوزارات قد انطلقت وبنسق ماراطوني تقريبا، في تنفيذ برامج الإصلاح، لاسيما بالنسبة للوزارات المعنية بالخدمات التي تحظى بأولوية لدى سلطة الإشراف من ناحية وتعد محل انتظار المواطنين، على اعتبار أنها تعد عنوانا للدولة الاجتماعية التي وعد رئيس الجمهورية ويحرص على تكريسها على أرض الواقع، على غرار النقل والصحة والبيئة وتوسيع فرص وبرامج التنمية والتشغيل بالجهات والقضاء على آليات التشغيل الهش.
لذلك أسدى رئيس الجمهورية تعليماته خلال لقائه الأخير برئيسة الحكومة ووزيري المالية والاقتصاد والتخطيط، بالاستلهام من نتائج الجلسات التي تمّ عقدها مع أعضاء المجالس المحلية والجهويّة ومجالس الأقاليم حتّى قبل وضع مشروع التقرير التأليفي لهذه الجلسات وإعداد مشاريع مخطّطات التنمية الجهوية والإقليمية والوطنية، وأكد رئيس الجمهورية على أن «الثورة لن تكتمل بالنّصوص وحدها ولا بمن هم مؤتمنون على تنفيذها، بل يجب أن تكون في العقول وفي التفكير». كما شدّد رئيس الجمهورية على ضرورة أن تكون الثورة التشريعية متبوعة بثورة إدارية تؤسّس لفكر جديد يفتح أرحب الآفاق لمن عانوا من الضّيم والفقر، فيخرجون من دائرة الإقصاء وينتعش الاقتصاد سواء في القطاع العام أو في القطاع الخاص».
لذلك يحمل مشروع الميزانية للعام القادم تحديات وتطلعات الجهات الرسمية والمواطنين على حد السواء لدخول بلادنا مرحلة متقدمة في مسار بناء الجمهورية الجديدة بما تحمله من تطلعات لتوفير العيش الكريم والاستقرار والخدمات المتطورة والتنمية الشاملة والعادلة لكل الجهات والمواطنين بما يكرس روح الانتماء والوطنية لأبناء تونس في الداخل والخارج.
فدور الغرفتين التشريعين هام في هذا التحدي وذلك بعد أن تمكن مجلس نواب الشعب منذ مباشرة مهامه في مارس 2023 من المصادقة على جملة من التشريعات والقوانين الجديدة أو مراجعة أخرى قديمة وتعديلها وفق ما يتماشى وتوجه سياسة الدولة الاجتماعية والاقتصادية وتشريك المواطنين في مختلف الجهات والمناطق في وضع البرامج والمخططات الإصلاحية والتنموية من خلال المجالس المحلية والجهوية والمجلس الوطني للأقاليم والجهات، خاصة وأن انطلاق العمل لإعداد ميزانية العام المقبل للدولة قد انخرطت فيها المؤسسة التشريعية بغرفتيها وغيرها من الوزارات والهياكل المتداخلة عبر آليات مختلفة.
وفي سياق متصل كانت رئاسة الحكومة قد عقدت مجلسا وزاريا، بحر هذا الأسبوع، أشرفت عليه رئيسة الحكومة سارة الزعفراني الزنزري، خصص للنظر في الملامح الكبرى لقانون المالية وميزانية الدولة لسنة 2026. وكانت قد أكدت رئيسة الحكومة في نفس المجلس على أن تكتسي هذه الميزانية طابعا استراتيجيا محوريا باعتبارها أداة لتجسيد السياسات العمومية في إطار البرنامج الاقتصادي والاجتماعي للدولة الذي يهدف إلى تحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي والعدالة الاجتماعية ومتناغما مع المخطط التنموي 2026-2030 الذي سيكون نابعا من إرادة الشعب»، وفق ما ورد في البلاغ الذي أصدرته الحكومة في الغرض.
وبينت في نفس السياق «أن الاختيارات الوطنيّة هي المنطلق الوحيد الذي سيتيح تحقيق انتظارات الشعب وخاصة بمراجعة عدد من التشريعات المتعلقة بالجباية وتلك المتّصلة بالعدالة الاجتماعية وإعادة فتح باب الانتداب مجدّدا أمام المعطّلين وذلك وفقا لتوجّهات سيادة رئيس الجمهورية».
ويذكر أن رئيس الجمهورية لطالما شدد على ضرورة مراجعة التعيينات ومنح الفرص في العمل والإدارة والتسيير للكفاءات الشابة وغيرهم من حاملي الشهائد الجامعية والباحثين والدكاترة المعطلين وتوفر الكفاءة والقدرة على تحمل المسؤولية في مشروع بناء الدولة وفق التوجه والمسار الذي يقوده رئيس الجمهورية، وتشديده على أن ذلك خيار له عدة مزايا منها ما هو تشغيلي اجتماعي ومنها ما يمكّن من الحد من تغول البيروقراطية والدولة العميقة.
وأكّدت رئيسة الحكومة في المجلس الوزاري الأخير على ضرورة أن تتّم بلورة قانون المالية لسنة 2026 وفق تصوّر جديد يقطع مع الإجراءات الترقيعية الوقتية وأنصاف الحلول، ويعكس رؤية الدولة وتوجّهاتها والمتمثّلة أساسا في تدعيم أسس الدولة الاجتماعية مع ضمان العدالة الاجتماعية وتكريس خيار العدالة الجبائية، وتعزيز القدرة الشرائيّة، وتحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي والعدالة الاجتماعية والترفيع في نسبة النمو الاقتصادي من خلال حفز الاستثمار وبناء إطار اجتماعي واقتصادي ملائم لمرحلة البناء والتشييد.
ومثلت مسائل من قبيل، تنمية الموارد الذاتية للدولة والحد من التهرّب الجبائي وإدماج الاقتصاد الموازي والتشغيل وتحسين مستوى العيش وتعزيز منظومة الحماية الاجتماعية وتثمين رأس المال البشري وتحسين الدخل وتعزيز آليات الإدماج الاقتصادي والاجتماعي والإحاطة بالفئات الهشة وخلق مواطن الشغل والقطع مع مظاهر العمل الهشّ وتيسير النفاذ إلى السّكن وتعزيز التماسك الاجتماعي وتحسين كلّ خدمات المرفق العمومي وتطوير منظومة الضمان والتغطية الاجتماعية ودفع الاستثمار والتحول الرقمي، خطوطا عريضة وعناوين موجهة للميزانية والمخطط التنموي الذي انطلقت الجهات الرسمية في العمل والإعداد له مبكرا، بما يمكن جميع الهياكل والجهات المعنية من ضبط برامج وميزانية تراعي التوازنات المالية وتستجيب في تفاصيلها وأبعادها وأهدافها للتحديات المطروحة في مسار بناء الجمهورية الجديدة.
نزيهة الغضباني