إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بفضل‭ ‬الإجراءات‭ ‬الأخيرة‭..‬ صادرات‭ ‬الفسفاط‭ ‬ومشتقاته‭ ‬تسجل‭ ‬ارتفاعا‭ ‬بأكثر‭ ‬من 12%

 

◄‮ ‬مشاريع‭ ‬كبرى‭ ‬قيد‭ ‬الانجاز‭ ‬وتوقعات‭ ‬بارتفاع‭ ‬الإنتاج‭ ‬نهاية‭ ‬العام

شهد‭ ‬قطاع‭ ‬الفسفاط‭ ‬ومشتقاته‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬تطورات‭ ‬ملحوظة‭ ‬في‭ ‬الآونة‭ ‬الأخيرة،‭ ‬حيث‭ ‬سجلت‭ ‬الصادرات‭ ‬ارتفاعًا‭ ‬بنسبة‭ ‬12‭.‬9‭ % ‬مع‭ ‬نهاية‭ ‬شهر‭ ‬ماي‭ ‬2025،‭ ‬وفقًا‭ ‬لمعهد‭ ‬الإحصاء‭ ‬الوطني‭. ‬هذا‭ ‬الارتفاع‭ ‬يعكس‭ ‬ديناميكية‭ ‬جديدة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬القطاع‭ ‬الحيوي‭ ‬الذي‭ ‬يُعدّ‭ ‬من‭ ‬أبرز‭ ‬ركائز‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الوطني،‭ ‬إذ‭ ‬يمثل‭ ‬مصدرًا‭ ‬هامًا‭ ‬للعملة‭ ‬الصعبة‭ ‬ومحركًا‭ ‬رئيسيًا‭ ‬للنشاط‭ ‬الاقتصادي‭. ‬

ومع‭ ‬الإجراءات‭ ‬الحكومية‭ ‬الأخيرة‭ ‬التي‭ ‬بدأت‭ ‬تؤتي‭ ‬ثمارها،‭ ‬يتقدم‭ ‬القطاع‭ ‬بخطى‭ ‬ثابتة‭ ‬نحو‭ ‬تحقيق‭ ‬أهداف‭ ‬طموحة‭ ‬تعزز‭ ‬موقع‭ ‬تونس‭ ‬كمورد‭ ‬رئيسي‭ ‬للفسفاط‭ ‬ومشتقاته‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬العالمي‭.‬

طفرة‭ ‬في‭ ‬الاستثمارات‭ ‬والمعدات

وضمن‭ ‬الجهود‭ ‬المبذولة‭ ‬لدعم‭ ‬الإنتاجية،‭ ‬أطلقت‭ ‬شركة‭ ‬فسفاط‭ ‬قفصة‭ ‬برنامجًا‭ ‬طموحًا‭ ‬للاستثمار‭ ‬بقيمة‭ ‬233‭ ‬مليون‭ ‬دينار‭ ‬خلال‭ ‬عام‭ ‬2025،‭ ‬وذلك‭ ‬وفق‭ ‬ما‭ ‬كشف‭ ‬عنه‭ ‬مصدر‭ ‬مسؤول‭ ‬من‭ ‬شركة‭ ‬فسفاط‭ ‬قفصة‭ ‬لـ«الصباح‮»‬‭. ‬ويهدف‭ ‬هذا‭ ‬البرنامج‭ ‬وفق‭ ‬ذات‭ ‬المصدر‭ ‬إلى‭ ‬تأهيل‭ ‬المعدات،‭ ‬بما‭ ‬يشمل‭ ‬اقتناء‭ ‬19‭ ‬شاحنة،‭ ‬5‭ ‬محملات،‭ ‬2‭ ‬حفارات،‭ ‬و7‭ ‬كاسحات‭. ‬هذه‭ ‬الاستثمارات‭ ‬ليست‭ ‬مجرد‭ ‬تحسين‭ ‬في‭ ‬البنية‭ ‬التحتية،‭ ‬بل‭ ‬خطوة‭ ‬إستراتيجية‭ ‬نحو‭ ‬رفع‭ ‬الطاقة‭ ‬الإنتاجية‭ ‬إلى‭ ‬5‭ ‬ملايين‭ ‬طن‭ ‬سنويًا‭ ‬مع‭ ‬نهاية‭ ‬2025‭ ‬و2026‭.‬

وهذا‭ ‬التحديث‭ ‬في‭ ‬المعدات‭ ‬والآليات‭ ‬يعكس‭ ‬رؤية‭ ‬واضحة‭ ‬لاستعادة‭ ‬الزخم‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يتمتع‭ ‬به‭ ‬القطاع‭ ‬سابقا،‭ ‬خاصة‭ ‬بعد‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬التراجع‭ ‬بسبب‭ ‬تحديات‭ ‬اجتماعية‭ ‬واقتصادية‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الخطوة‭ ‬تمثل‭ ‬حجر‭ ‬الزاوية‭ ‬لتحقيق‭ ‬أهداف‭ ‬الإنتاج‭ ‬المستقبلية،‭ ‬حيث‭ ‬تعد‭ ‬المعدات‭ ‬الحديثة‭ ‬ضرورية‭ ‬لضمان‭ ‬استمرارية‭ ‬الإنتاج‭ ‬بكفاءة‭ ‬وجودة‭ ‬عالية‭.‬

خطة‭ ‬طموحة‭ ‬لتطوير‭ ‬القطاع

وفي‭ ‬إطار‭ ‬رؤية‭ ‬إستراتيجية‭ ‬شاملة،‭ ‬أبرمت‭ ‬الحكومة‭ ‬خطة‭ ‬تطوير‭ ‬للفترة‭ ‬2025‭-‬2030‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬تحقيق‭ ‬إنتاجية‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬14‭ ‬مليون‭ ‬طن‭ ‬سنويًا‭ ‬بحلول‭ ‬عام‭ ‬2030‭. ‬تشمل‭ ‬هذه‭ ‬الخطة‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬المشاريع‭ ‬الكبرى‭ ‬التي‭ ‬تستهدف‭ ‬تحسين‭ ‬الطاقة‭ ‬الإنتاجية‭ ‬والنقل‭ ‬والتصنيع‭. ‬ومن‭ ‬أبرز‭ ‬هذه‭ ‬المشاريع،‭ ‬تطوير‭ ‬شبكة‭ ‬السكك‭ ‬الحديدية،‭ ‬حيث‭ ‬تعتبر‭ ‬عملية‭ ‬نقل‭ ‬الفسفاط‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬أكبر‭ ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬القطاع‭. ‬لذلك،‭ ‬تم‭ ‬تخصيص‭ ‬استثمارات‭ ‬كبيرة‭ ‬لتحديث،‭ ‬وتوسيع‭ ‬شبكة‭ ‬السكك‭ ‬الحديدية،‭ ‬مما‭ ‬يسهم‭ ‬في‭ ‬تقليص‭ ‬تكاليف‭ ‬النقل‭ ‬ورفع‭ ‬كفاءته،‭ ‬وإنشاء‭ ‬وحدات‭ ‬إنتاج‭ ‬جديدة،‭ ‬كما‭ ‬تُخطط‭ ‬الحكومة‭ ‬لإنشاء‭ ‬وحدات‭ ‬إنتاج‭ ‬الأحماض‭ ‬الفسفورية‭ ‬ومشتقاتها،‭ ‬مما‭ ‬يعزز‭ ‬القيمة‭ ‬المضافة‭ ‬للفسفاط‭ ‬الخام‭ ‬ويزيد‭ ‬من‭ ‬تنافسيته‭ ‬في‭ ‬الأسواق‭ ‬العالمية‭.‬

هذه‭ ‬الخطة‭ ‬الطموحة‭ ‬لا‭ ‬تقتصر‭ ‬على‭ ‬رفع‭ ‬الإنتاج‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬تهدف‭ ‬أيضًا‭ ‬إلى‭ ‬زيادة‭ ‬نشاط‭ ‬‮«‬المجمع‭ ‬الكيميائي‭ ‬التونسي‮»‬‭ ‬ليصل‭ ‬إلى‭ ‬80‭ % ‬من‭ ‬طاقته‭ ‬التصميمية‭ ‬بحلول‭ ‬عام‭ ‬2028،‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬تحسنًا‭ ‬ملحوظًا‭ ‬في‭ ‬عمليات‭ ‬التصنيع‭ ‬واستغلال‭ ‬الموارد‭.‬

انعكاسات‭ ‬إيجابية‭ ‬على‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الوطني

الارتفاع‭ ‬في‭ ‬صادرات‭ ‬الفسفاط‭ ‬ومشتقاته‭ ‬له‭ ‬تأثيرات‭ ‬مباشرة‭ ‬وغير‭ ‬مباشرة‭ ‬على‭ ‬الاقتصاد‭ ‬التونسي‭. ‬فمن‭ ‬جهة،‭ ‬يُسهم‭ ‬هذا‭ ‬النمو‭ ‬في‭ ‬تحسين‭ ‬الإيرادات‭ ‬الوطنية‭ ‬من‭ ‬العملة‭ ‬الصعبة،‭ ‬مما‭ ‬يساعد‭ ‬على‭ ‬تقليص‭ ‬العجز‭ ‬التجاري‭ ‬وتعزيز‭ ‬احتياطيات‭ ‬البلاد‭ ‬من‭ ‬النقد‭ ‬الأجنبي‭. ‬ومن‭ ‬جهة‭ ‬أخرى،‭ ‬يُعد‭ ‬قطاع‭ ‬الفسفاط‭ ‬محركًا‭ ‬للنشاط‭ ‬في‭ ‬القطاعات‭ ‬المرتبطة‭ ‬به‭ ‬مثل‭ ‬النقل،‭ ‬والطاقة،‭ ‬والصناعة‭ ‬الكيميائية‭.‬

علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬تطوير‭ ‬القطاع‭ ‬يدعم‭ ‬استقرار‭ ‬المناطق‭ ‬التي‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬نشاط‭ ‬الحوض‭ ‬المنجمي،‭ ‬مثل‭ ‬قفصة‭. ‬إذ‭ ‬توفر‭ ‬الاستثمارات‭ ‬الجديدة‭ ‬فرص‭ ‬عمل‭ ‬مباشرة‭ ‬وغير‭ ‬مباشرة،‭ ‬مما‭ ‬يساهم‭ ‬في‭ ‬تهدئة‭ ‬التوترات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬وتحقيق‭ ‬التوازن‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬المناطق‭.‬

ورغم‭ ‬الإنجازات‭ ‬المحققة،‭ ‬يواجه‭ ‬قطاع‭ ‬الفسفاط‭ ‬تحديات‭ ‬كبيرة،‭ ‬أبرزها‭ ‬الجانب‭ ‬البيئي،‭ ‬حيث‭ ‬يمثل‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬النفايات‭ ‬الناتجة‭ ‬عن‭ ‬استخراج‭ ‬وتصنيع‭ ‬الفسفاط،‭ ‬وخاصة‭ ‬‮«‬الفوسفوجيبس‮»‬،‭ ‬تحديًا‭ ‬رئيسيًا‭. ‬ورغم‭ ‬الجهود‭ ‬المبذولة‭ ‬لإعادة‭ ‬تدوير‭ ‬هذه‭ ‬النفايات،‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬هناك‭ ‬تحفظات‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬الجهات‭ ‬البيئية‭ ‬بشأن‭ ‬آثارها‭ ‬على‭ ‬المحيط‭.‬

من‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى،‭ ‬يتطلب‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬استقرار‭ ‬القطاع‭ ‬معالجة‭ ‬القضايا‭ ‬الاجتماعية‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬الإنتاج،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬الحوض‭ ‬المنجمي‭. ‬لذلك،‭ ‬تعمل‭ ‬الحكومة‭ ‬على‭ ‬تعزيز‭ ‬الحوار‭ ‬مع‭ ‬المجتمعات‭ ‬المحلية‭ ‬وتوفير‭ ‬فرص‭ ‬عمل‭ ‬جديدة،‭ ‬مما‭ ‬يعزز‭ ‬مناخ‭ ‬الاستقرار‭ ‬ويساعد‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬أهداف‭ ‬الإنتاج‭.‬

آفاق‭ ‬دولية‭ ‬جديدة

من‭ ‬أبرز‭ ‬المؤشرات‭ ‬الإيجابية‭ ‬أيضا‭ ‬توجّه‭ ‬تونس‭ ‬إلى‭ ‬تنويع‭ ‬أسواقها‭ ‬التصديرية‭. ‬فإلى‭ ‬جانب‭ ‬الشركاء‭ ‬التقليديين‭ ‬مثل‭ ‬الهند‭ ‬وتركيا‭ ‬والبرازيل،‭ ‬بدأت‭ ‬تونس‭ ‬تطرق‭ ‬أبواب‭ ‬أسواق‭ ‬جديدة‭ ‬في‭ ‬إفريقيا‭ ‬جنوب‭ ‬الصحراء،‭ ‬وجنوب‭ ‬شرق‭ ‬آسيا‭. ‬ووفق‭ ‬مصادر‭ ‬مطلعة،‭ ‬فإن‭ ‬اتصالات‭ ‬متقدمة‭ ‬تجري‭ ‬حاليًا‭ ‬مع‭ ‬شركاء‭ ‬في‭ ‬نيجيريا‭ ‬وبنغلادش‭ ‬والفلبين،‭ ‬لتوريد‭ ‬مشتقات‭ ‬الفسفاط‭ ‬التونسي‭. ‬هذا‭ ‬الانفتاح‭ ‬يعزز‭ ‬القدرة‭ ‬التنافسية‭ ‬للصناعة‭ ‬الوطنية،‭ ‬ويفتح‭ ‬آفاقا‭ ‬إستراتيجية‭ ‬لتوسيع‭ ‬الحضور‭ ‬التونسي‭ ‬في‭ ‬السوق‭ ‬العالمية،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬ارتفاع‭ ‬الطلب‭ ‬العالمي‭ ‬على‭ ‬الأسمدة‭ ‬الفسفاطية‭ ‬نتيجة‭ ‬التغيرات‭ ‬المناخية،‭ ‬وازدياد‭ ‬الحاجة‭ ‬للأمن‭ ‬الغذائي‭ ‬في‭ ‬عدة‭ ‬مناطق‭ ‬من‭ ‬العالم‭.‬

نجاعة‭ ‬الإجراءات‭ ‬الحكومية

الإجراءات‭ ‬الحكومية‭ ‬الأخيرة‭ ‬أثبتت‭ ‬نجاعتها‭ ‬في‭ ‬دفع‭ ‬القطاع‭ ‬نحو‭ ‬التعافي،‭ ‬فمن‭ ‬خلال‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬تحديث‭ ‬المعدات،‭ ‬وتطوير‭ ‬البنية‭ ‬التحتية،‭ ‬وتحفيز‭ ‬الإنتاجية،‭ ‬نجح‭ ‬القطاع‭ ‬في‭ ‬تسجيل‭ ‬نتائج‭ ‬إيجابية‭ ‬بعد‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬التراجع‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬التزام‭ ‬الحكومة‭ ‬بتطبيق‭ ‬خطة‭ ‬تطوير‭ ‬شاملة‭ ‬يعكس‭ ‬إرادة‭ ‬قوية‭ ‬لاستعادة‭ ‬مكانة‭ ‬تونس‭ ‬كواحدة‭ ‬من‭ ‬أبرز‭ ‬مصدري‭ ‬الفسفاط‭ ‬عالميًا‭.‬

وبحسب‭ ‬إحصائيات‭ ‬وزارة‭ ‬الاقتصاد،‭ ‬فقد‭ ‬ساهم‭ ‬قطاع‭ ‬الفسفاط‭ ‬خلال‭ ‬الأشهر‭ ‬الخمسة‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬السنة‭ ‬في‭ ‬تغطية‭ ‬حوالي‭ ‬5‭.‬7‭ % ‬من‭ ‬العجز‭ ‬التجاري،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يعد‭ ‬تطورا‭ ‬ملحوظاً‭ ‬مقارنة‭ ‬بالأعوام‭ ‬الثلاثة‭ ‬الماضية‭. ‬كما‭ ‬يتوقع‭ ‬أن‭ ‬يساهم‭ ‬القطاع‭ ‬بنسبة‭ ‬لا‭ ‬تقل‭ ‬عن‭ ‬8‭ % ‬من‭ ‬إجمالي‭ ‬الصادرات‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬2025،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يُبرز‭ ‬مكانته‭ ‬كرافعة‭ ‬حقيقية‭ ‬للاقتصاد‭.‬

ومع‭ ‬تحقيق‭ ‬نمو‭ ‬بنسبة‭ ‬12‭.‬9‭ % ‬في‭ ‬صادرات‭ ‬الفسفاط‭ ‬ومشتقاته‭ ‬حتى‭ ‬ماي‭ ‬2025،‭ ‬يفتح‭ ‬هذا‭ ‬القطاع‭ ‬آفاقًا‭ ‬جديدة‭ ‬للنمو‭ ‬الاقتصادي‭ ‬في‭ ‬تونس‭. ‬وتظل‭ ‬التحديات‭ ‬قائمة،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬التزام‭ ‬الحكومة‭ ‬والشركات‭ ‬المعنية‭ ‬بتطوير‭ ‬القطاع‭ ‬يعزز‭ ‬الثقة‭ ‬في‭ ‬قدرته‭ ‬على‭ ‬تجاوز‭ ‬العقبات‭ ‬وتحقيق‭ ‬أهدافه‭ ‬الطموحة‭.‬

إن‭ ‬التحول‭ ‬الذي‭ ‬يشهده‭ ‬قطاع‭ ‬الفسفاط‭ ‬ليس‭ ‬مجرد‭ ‬أرقام‭ ‬وإحصائيات،‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬قصة‭ ‬نجاح‭ ‬تعكس‭ ‬قدرة‭ ‬تونس‭ ‬على‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬مواردها‭ ‬الطبيعية‭ ‬لتأمين‭ ‬مستقبل‭ ‬اقتصادي‭ ‬مستدام‭. ‬ومع‭ ‬استمرارية‭ ‬هذه‭ ‬الجهود،‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬قطاع‭ ‬الفسفاط‭ ‬في‭ ‬طريقه‭ ‬ليصبح‭ ‬مجددا‭ ‬ركيزة‭ ‬أساسية‭ ‬في‭ ‬دفع‭ ‬عجلة‭ ‬التنمية‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬وتحقيق‭ ‬رفاهية‭ ‬المجتمع‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬القليلة‭ ‬القادمة،‭ ‬بما‭ ‬يعزز‭ ‬موارد‭ ‬الدولة‭ ‬الذاتية،‭ ‬ويفتح‭ ‬آفاقا‭ ‬اقتصادية‭ ‬واعدة‭ ‬لتونس‭.‬

سفيان‭ ‬المهداوي

 

بفضل‭ ‬الإجراءات‭ ‬الأخيرة‭..‬   صادرات‭ ‬الفسفاط‭ ‬ومشتقاته‭ ‬تسجل‭ ‬ارتفاعا‭ ‬بأكثر‭ ‬من 12%

 

◄‮ ‬مشاريع‭ ‬كبرى‭ ‬قيد‭ ‬الانجاز‭ ‬وتوقعات‭ ‬بارتفاع‭ ‬الإنتاج‭ ‬نهاية‭ ‬العام

شهد‭ ‬قطاع‭ ‬الفسفاط‭ ‬ومشتقاته‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬تطورات‭ ‬ملحوظة‭ ‬في‭ ‬الآونة‭ ‬الأخيرة،‭ ‬حيث‭ ‬سجلت‭ ‬الصادرات‭ ‬ارتفاعًا‭ ‬بنسبة‭ ‬12‭.‬9‭ % ‬مع‭ ‬نهاية‭ ‬شهر‭ ‬ماي‭ ‬2025،‭ ‬وفقًا‭ ‬لمعهد‭ ‬الإحصاء‭ ‬الوطني‭. ‬هذا‭ ‬الارتفاع‭ ‬يعكس‭ ‬ديناميكية‭ ‬جديدة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬القطاع‭ ‬الحيوي‭ ‬الذي‭ ‬يُعدّ‭ ‬من‭ ‬أبرز‭ ‬ركائز‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الوطني،‭ ‬إذ‭ ‬يمثل‭ ‬مصدرًا‭ ‬هامًا‭ ‬للعملة‭ ‬الصعبة‭ ‬ومحركًا‭ ‬رئيسيًا‭ ‬للنشاط‭ ‬الاقتصادي‭. ‬

ومع‭ ‬الإجراءات‭ ‬الحكومية‭ ‬الأخيرة‭ ‬التي‭ ‬بدأت‭ ‬تؤتي‭ ‬ثمارها،‭ ‬يتقدم‭ ‬القطاع‭ ‬بخطى‭ ‬ثابتة‭ ‬نحو‭ ‬تحقيق‭ ‬أهداف‭ ‬طموحة‭ ‬تعزز‭ ‬موقع‭ ‬تونس‭ ‬كمورد‭ ‬رئيسي‭ ‬للفسفاط‭ ‬ومشتقاته‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬العالمي‭.‬

طفرة‭ ‬في‭ ‬الاستثمارات‭ ‬والمعدات

وضمن‭ ‬الجهود‭ ‬المبذولة‭ ‬لدعم‭ ‬الإنتاجية،‭ ‬أطلقت‭ ‬شركة‭ ‬فسفاط‭ ‬قفصة‭ ‬برنامجًا‭ ‬طموحًا‭ ‬للاستثمار‭ ‬بقيمة‭ ‬233‭ ‬مليون‭ ‬دينار‭ ‬خلال‭ ‬عام‭ ‬2025،‭ ‬وذلك‭ ‬وفق‭ ‬ما‭ ‬كشف‭ ‬عنه‭ ‬مصدر‭ ‬مسؤول‭ ‬من‭ ‬شركة‭ ‬فسفاط‭ ‬قفصة‭ ‬لـ«الصباح‮»‬‭. ‬ويهدف‭ ‬هذا‭ ‬البرنامج‭ ‬وفق‭ ‬ذات‭ ‬المصدر‭ ‬إلى‭ ‬تأهيل‭ ‬المعدات،‭ ‬بما‭ ‬يشمل‭ ‬اقتناء‭ ‬19‭ ‬شاحنة،‭ ‬5‭ ‬محملات،‭ ‬2‭ ‬حفارات،‭ ‬و7‭ ‬كاسحات‭. ‬هذه‭ ‬الاستثمارات‭ ‬ليست‭ ‬مجرد‭ ‬تحسين‭ ‬في‭ ‬البنية‭ ‬التحتية،‭ ‬بل‭ ‬خطوة‭ ‬إستراتيجية‭ ‬نحو‭ ‬رفع‭ ‬الطاقة‭ ‬الإنتاجية‭ ‬إلى‭ ‬5‭ ‬ملايين‭ ‬طن‭ ‬سنويًا‭ ‬مع‭ ‬نهاية‭ ‬2025‭ ‬و2026‭.‬

وهذا‭ ‬التحديث‭ ‬في‭ ‬المعدات‭ ‬والآليات‭ ‬يعكس‭ ‬رؤية‭ ‬واضحة‭ ‬لاستعادة‭ ‬الزخم‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يتمتع‭ ‬به‭ ‬القطاع‭ ‬سابقا،‭ ‬خاصة‭ ‬بعد‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬التراجع‭ ‬بسبب‭ ‬تحديات‭ ‬اجتماعية‭ ‬واقتصادية‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الخطوة‭ ‬تمثل‭ ‬حجر‭ ‬الزاوية‭ ‬لتحقيق‭ ‬أهداف‭ ‬الإنتاج‭ ‬المستقبلية،‭ ‬حيث‭ ‬تعد‭ ‬المعدات‭ ‬الحديثة‭ ‬ضرورية‭ ‬لضمان‭ ‬استمرارية‭ ‬الإنتاج‭ ‬بكفاءة‭ ‬وجودة‭ ‬عالية‭.‬

خطة‭ ‬طموحة‭ ‬لتطوير‭ ‬القطاع

وفي‭ ‬إطار‭ ‬رؤية‭ ‬إستراتيجية‭ ‬شاملة،‭ ‬أبرمت‭ ‬الحكومة‭ ‬خطة‭ ‬تطوير‭ ‬للفترة‭ ‬2025‭-‬2030‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬تحقيق‭ ‬إنتاجية‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬14‭ ‬مليون‭ ‬طن‭ ‬سنويًا‭ ‬بحلول‭ ‬عام‭ ‬2030‭. ‬تشمل‭ ‬هذه‭ ‬الخطة‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬المشاريع‭ ‬الكبرى‭ ‬التي‭ ‬تستهدف‭ ‬تحسين‭ ‬الطاقة‭ ‬الإنتاجية‭ ‬والنقل‭ ‬والتصنيع‭. ‬ومن‭ ‬أبرز‭ ‬هذه‭ ‬المشاريع،‭ ‬تطوير‭ ‬شبكة‭ ‬السكك‭ ‬الحديدية،‭ ‬حيث‭ ‬تعتبر‭ ‬عملية‭ ‬نقل‭ ‬الفسفاط‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬أكبر‭ ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬القطاع‭. ‬لذلك،‭ ‬تم‭ ‬تخصيص‭ ‬استثمارات‭ ‬كبيرة‭ ‬لتحديث،‭ ‬وتوسيع‭ ‬شبكة‭ ‬السكك‭ ‬الحديدية،‭ ‬مما‭ ‬يسهم‭ ‬في‭ ‬تقليص‭ ‬تكاليف‭ ‬النقل‭ ‬ورفع‭ ‬كفاءته،‭ ‬وإنشاء‭ ‬وحدات‭ ‬إنتاج‭ ‬جديدة،‭ ‬كما‭ ‬تُخطط‭ ‬الحكومة‭ ‬لإنشاء‭ ‬وحدات‭ ‬إنتاج‭ ‬الأحماض‭ ‬الفسفورية‭ ‬ومشتقاتها،‭ ‬مما‭ ‬يعزز‭ ‬القيمة‭ ‬المضافة‭ ‬للفسفاط‭ ‬الخام‭ ‬ويزيد‭ ‬من‭ ‬تنافسيته‭ ‬في‭ ‬الأسواق‭ ‬العالمية‭.‬

هذه‭ ‬الخطة‭ ‬الطموحة‭ ‬لا‭ ‬تقتصر‭ ‬على‭ ‬رفع‭ ‬الإنتاج‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬تهدف‭ ‬أيضًا‭ ‬إلى‭ ‬زيادة‭ ‬نشاط‭ ‬‮«‬المجمع‭ ‬الكيميائي‭ ‬التونسي‮»‬‭ ‬ليصل‭ ‬إلى‭ ‬80‭ % ‬من‭ ‬طاقته‭ ‬التصميمية‭ ‬بحلول‭ ‬عام‭ ‬2028،‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬تحسنًا‭ ‬ملحوظًا‭ ‬في‭ ‬عمليات‭ ‬التصنيع‭ ‬واستغلال‭ ‬الموارد‭.‬

انعكاسات‭ ‬إيجابية‭ ‬على‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الوطني

الارتفاع‭ ‬في‭ ‬صادرات‭ ‬الفسفاط‭ ‬ومشتقاته‭ ‬له‭ ‬تأثيرات‭ ‬مباشرة‭ ‬وغير‭ ‬مباشرة‭ ‬على‭ ‬الاقتصاد‭ ‬التونسي‭. ‬فمن‭ ‬جهة،‭ ‬يُسهم‭ ‬هذا‭ ‬النمو‭ ‬في‭ ‬تحسين‭ ‬الإيرادات‭ ‬الوطنية‭ ‬من‭ ‬العملة‭ ‬الصعبة،‭ ‬مما‭ ‬يساعد‭ ‬على‭ ‬تقليص‭ ‬العجز‭ ‬التجاري‭ ‬وتعزيز‭ ‬احتياطيات‭ ‬البلاد‭ ‬من‭ ‬النقد‭ ‬الأجنبي‭. ‬ومن‭ ‬جهة‭ ‬أخرى،‭ ‬يُعد‭ ‬قطاع‭ ‬الفسفاط‭ ‬محركًا‭ ‬للنشاط‭ ‬في‭ ‬القطاعات‭ ‬المرتبطة‭ ‬به‭ ‬مثل‭ ‬النقل،‭ ‬والطاقة،‭ ‬والصناعة‭ ‬الكيميائية‭.‬

علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬تطوير‭ ‬القطاع‭ ‬يدعم‭ ‬استقرار‭ ‬المناطق‭ ‬التي‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬نشاط‭ ‬الحوض‭ ‬المنجمي،‭ ‬مثل‭ ‬قفصة‭. ‬إذ‭ ‬توفر‭ ‬الاستثمارات‭ ‬الجديدة‭ ‬فرص‭ ‬عمل‭ ‬مباشرة‭ ‬وغير‭ ‬مباشرة،‭ ‬مما‭ ‬يساهم‭ ‬في‭ ‬تهدئة‭ ‬التوترات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬وتحقيق‭ ‬التوازن‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬المناطق‭.‬

ورغم‭ ‬الإنجازات‭ ‬المحققة،‭ ‬يواجه‭ ‬قطاع‭ ‬الفسفاط‭ ‬تحديات‭ ‬كبيرة،‭ ‬أبرزها‭ ‬الجانب‭ ‬البيئي،‭ ‬حيث‭ ‬يمثل‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬النفايات‭ ‬الناتجة‭ ‬عن‭ ‬استخراج‭ ‬وتصنيع‭ ‬الفسفاط،‭ ‬وخاصة‭ ‬‮«‬الفوسفوجيبس‮»‬،‭ ‬تحديًا‭ ‬رئيسيًا‭. ‬ورغم‭ ‬الجهود‭ ‬المبذولة‭ ‬لإعادة‭ ‬تدوير‭ ‬هذه‭ ‬النفايات،‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬هناك‭ ‬تحفظات‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬الجهات‭ ‬البيئية‭ ‬بشأن‭ ‬آثارها‭ ‬على‭ ‬المحيط‭.‬

من‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى،‭ ‬يتطلب‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬استقرار‭ ‬القطاع‭ ‬معالجة‭ ‬القضايا‭ ‬الاجتماعية‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬الإنتاج،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬الحوض‭ ‬المنجمي‭. ‬لذلك،‭ ‬تعمل‭ ‬الحكومة‭ ‬على‭ ‬تعزيز‭ ‬الحوار‭ ‬مع‭ ‬المجتمعات‭ ‬المحلية‭ ‬وتوفير‭ ‬فرص‭ ‬عمل‭ ‬جديدة،‭ ‬مما‭ ‬يعزز‭ ‬مناخ‭ ‬الاستقرار‭ ‬ويساعد‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬أهداف‭ ‬الإنتاج‭.‬

آفاق‭ ‬دولية‭ ‬جديدة

من‭ ‬أبرز‭ ‬المؤشرات‭ ‬الإيجابية‭ ‬أيضا‭ ‬توجّه‭ ‬تونس‭ ‬إلى‭ ‬تنويع‭ ‬أسواقها‭ ‬التصديرية‭. ‬فإلى‭ ‬جانب‭ ‬الشركاء‭ ‬التقليديين‭ ‬مثل‭ ‬الهند‭ ‬وتركيا‭ ‬والبرازيل،‭ ‬بدأت‭ ‬تونس‭ ‬تطرق‭ ‬أبواب‭ ‬أسواق‭ ‬جديدة‭ ‬في‭ ‬إفريقيا‭ ‬جنوب‭ ‬الصحراء،‭ ‬وجنوب‭ ‬شرق‭ ‬آسيا‭. ‬ووفق‭ ‬مصادر‭ ‬مطلعة،‭ ‬فإن‭ ‬اتصالات‭ ‬متقدمة‭ ‬تجري‭ ‬حاليًا‭ ‬مع‭ ‬شركاء‭ ‬في‭ ‬نيجيريا‭ ‬وبنغلادش‭ ‬والفلبين،‭ ‬لتوريد‭ ‬مشتقات‭ ‬الفسفاط‭ ‬التونسي‭. ‬هذا‭ ‬الانفتاح‭ ‬يعزز‭ ‬القدرة‭ ‬التنافسية‭ ‬للصناعة‭ ‬الوطنية،‭ ‬ويفتح‭ ‬آفاقا‭ ‬إستراتيجية‭ ‬لتوسيع‭ ‬الحضور‭ ‬التونسي‭ ‬في‭ ‬السوق‭ ‬العالمية،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬ارتفاع‭ ‬الطلب‭ ‬العالمي‭ ‬على‭ ‬الأسمدة‭ ‬الفسفاطية‭ ‬نتيجة‭ ‬التغيرات‭ ‬المناخية،‭ ‬وازدياد‭ ‬الحاجة‭ ‬للأمن‭ ‬الغذائي‭ ‬في‭ ‬عدة‭ ‬مناطق‭ ‬من‭ ‬العالم‭.‬

نجاعة‭ ‬الإجراءات‭ ‬الحكومية

الإجراءات‭ ‬الحكومية‭ ‬الأخيرة‭ ‬أثبتت‭ ‬نجاعتها‭ ‬في‭ ‬دفع‭ ‬القطاع‭ ‬نحو‭ ‬التعافي،‭ ‬فمن‭ ‬خلال‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬تحديث‭ ‬المعدات،‭ ‬وتطوير‭ ‬البنية‭ ‬التحتية،‭ ‬وتحفيز‭ ‬الإنتاجية،‭ ‬نجح‭ ‬القطاع‭ ‬في‭ ‬تسجيل‭ ‬نتائج‭ ‬إيجابية‭ ‬بعد‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬التراجع‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬التزام‭ ‬الحكومة‭ ‬بتطبيق‭ ‬خطة‭ ‬تطوير‭ ‬شاملة‭ ‬يعكس‭ ‬إرادة‭ ‬قوية‭ ‬لاستعادة‭ ‬مكانة‭ ‬تونس‭ ‬كواحدة‭ ‬من‭ ‬أبرز‭ ‬مصدري‭ ‬الفسفاط‭ ‬عالميًا‭.‬

وبحسب‭ ‬إحصائيات‭ ‬وزارة‭ ‬الاقتصاد،‭ ‬فقد‭ ‬ساهم‭ ‬قطاع‭ ‬الفسفاط‭ ‬خلال‭ ‬الأشهر‭ ‬الخمسة‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬السنة‭ ‬في‭ ‬تغطية‭ ‬حوالي‭ ‬5‭.‬7‭ % ‬من‭ ‬العجز‭ ‬التجاري،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يعد‭ ‬تطورا‭ ‬ملحوظاً‭ ‬مقارنة‭ ‬بالأعوام‭ ‬الثلاثة‭ ‬الماضية‭. ‬كما‭ ‬يتوقع‭ ‬أن‭ ‬يساهم‭ ‬القطاع‭ ‬بنسبة‭ ‬لا‭ ‬تقل‭ ‬عن‭ ‬8‭ % ‬من‭ ‬إجمالي‭ ‬الصادرات‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬2025،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يُبرز‭ ‬مكانته‭ ‬كرافعة‭ ‬حقيقية‭ ‬للاقتصاد‭.‬

ومع‭ ‬تحقيق‭ ‬نمو‭ ‬بنسبة‭ ‬12‭.‬9‭ % ‬في‭ ‬صادرات‭ ‬الفسفاط‭ ‬ومشتقاته‭ ‬حتى‭ ‬ماي‭ ‬2025،‭ ‬يفتح‭ ‬هذا‭ ‬القطاع‭ ‬آفاقًا‭ ‬جديدة‭ ‬للنمو‭ ‬الاقتصادي‭ ‬في‭ ‬تونس‭. ‬وتظل‭ ‬التحديات‭ ‬قائمة،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬التزام‭ ‬الحكومة‭ ‬والشركات‭ ‬المعنية‭ ‬بتطوير‭ ‬القطاع‭ ‬يعزز‭ ‬الثقة‭ ‬في‭ ‬قدرته‭ ‬على‭ ‬تجاوز‭ ‬العقبات‭ ‬وتحقيق‭ ‬أهدافه‭ ‬الطموحة‭.‬

إن‭ ‬التحول‭ ‬الذي‭ ‬يشهده‭ ‬قطاع‭ ‬الفسفاط‭ ‬ليس‭ ‬مجرد‭ ‬أرقام‭ ‬وإحصائيات،‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬قصة‭ ‬نجاح‭ ‬تعكس‭ ‬قدرة‭ ‬تونس‭ ‬على‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬مواردها‭ ‬الطبيعية‭ ‬لتأمين‭ ‬مستقبل‭ ‬اقتصادي‭ ‬مستدام‭. ‬ومع‭ ‬استمرارية‭ ‬هذه‭ ‬الجهود،‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬قطاع‭ ‬الفسفاط‭ ‬في‭ ‬طريقه‭ ‬ليصبح‭ ‬مجددا‭ ‬ركيزة‭ ‬أساسية‭ ‬في‭ ‬دفع‭ ‬عجلة‭ ‬التنمية‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬وتحقيق‭ ‬رفاهية‭ ‬المجتمع‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬القليلة‭ ‬القادمة،‭ ‬بما‭ ‬يعزز‭ ‬موارد‭ ‬الدولة‭ ‬الذاتية،‭ ‬ويفتح‭ ‬آفاقا‭ ‬اقتصادية‭ ‬واعدة‭ ‬لتونس‭.‬

سفيان‭ ‬المهداوي