إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

المداخيل الجبائية تتجاوز 11 مليار دينار.. خزينة الدولة تنتعش ومؤشرات لدفع التنمية والاستثمار

سجلت الإيرادات الجبائية خلال الثلاثي الأول من السنة الجارية ارتفاعا بنسبة 7,7 % مقارنة بنفس الفترة من سنة 2024 ليعكس تحسنًا ملحوظًا في أداء المالية العامة. فقد بلغت هذه الإيرادات 11,2 مليار دينار، مقسمة بين 8,7 مليار دينار من النظام الداخلي و2,5 مليار دينار من النظام الديواني. هذه الأرقام تحمل في طياتها دلالات إيجابية على عدة مستويات، سواء على صعيد تحقيق التوازن المالي أو دعم الاقتصاد الوطني.

وحسب ما كشفت عنه وزارة المالية في بياناتها الحديثة، ارتفعت الضرائب المباشرة بنسبة 10,4% لتصل إلى 4,9 مليار دينار. وتتوزع هذه الإيرادات لتشمل ضرائب على الدخل، والتي بلغت 3,2 مليار دينار، مسجلة ارتفاعًا بنسبة 6,2 %، ومن ضمنها ضرائب الأجور التي تشكل القسط الأكبر، حيث بلغت 2,2 مليار دينار بزيادة قدرها 2,3 %، كما سجلت ضرائب الشركات زيادة كبيرة بنسبة 19,5 % لتصل إلى 1,66 مليار دينار. ومن اللافت للنظر، أن الضرائب على الشركات غير البترولية ارتفعت بنسبة 54 % لتبلغ 1,5 مليار دينار، بينما شهدت الضرائب على الشركات البترولية انخفاضًا بنسبة 67 % لتصل إلى 132 مليون دينار فقط.

وبلغت الضرائب غير المباشرة 6,3 مليار دينار، محققة ارتفاعًا بنسبة 5,7 %، ويرجع هذا النمو إلى ارتفاع الحقوق الجمركية بنسبة 22 % لتصل إلى 548 مليون دينار، مما يعكس تحسنًا في حركة التجارة الخارجية، والأداء على القيمة المضافة، والذي ارتفع بنسبة 6,1 % ليبلغ 2,7 مليار دينار، وهو ما يعكس زيادة النشاط الاقتصادي والاستهلاكي.

دعم ميزانية الدولة

وتشكل الإيرادات الجبائية العمود الفقري لميزانية الدولة، حيث يُقدر قانون المالية لسنة 2025 أن تصل هذه الإيرادات إلى 45,2 مليار دينار، بزيادة قدرها 8,4 % مقارنة بسنة 2024، ومن شأن هذه الزيادة، أن تعزز من قدرة الدولة التونسية على تمويل نفقاتها المختلفة دون الحاجة إلى الاقتراض المفرط الذي يُثقل كاهل الاقتصاد الوطني، كما أن ارتفاع الإيرادات الجبائية يُسهم بشكل مباشر في تقليص عجز الميزانية والذي تسبب في تسجيل فائض ظرفي بقيمة 2 مليار دينار، ما يدعم استقرار المالية العامة، في ظل الضغوط التي تعاني منها تونس بسبب ارتفاع الديون الخارجية، ويُعتبر هذا التطور خطوة ضرورية لتحسين تصنيف البلاد الائتماني وتعزيز ثقة المستثمرين الدوليين.

تمويل المشاريع التنموية

ومن شأن هذه الزيادة في الإيرادات الجبائية أن توفر موارد إضافية لتمويل المشاريع التنموية في قطاعات حيوية كالصحة، والتعليم، والبنية التحتية، حيث أن هذه الإيرادات ستساهم في تحسين جودة الحياة للمواطنين، وخلق فرص عمل جديدة، وتعزيز النمو الاقتصادي.

ومن الضروري الإشارة إلى أن زيادة الإيرادات الجبائية يعكس تحسنًا في النشاط الاقتصادي، سواء على مستوى الشركات أو الأفراد، علما وأن ارتفاع الضرائب على الشركات غير البترولية بنسبة 54 % دليل على زيادة الأرباح والنشاط في هذا القطاع.

إصلاحات ضريبية تقودها الحكومة

ولا يستبعد خبراء الاقتصاد في إفاداتهم لـ»الصباح»، أن يكون هذا النمو نتيجة لإصلاحات ضريبية وضعتها الحكومة لتحسين عملية تحصيل الضرائب وتقليل التهرب الضريبي. كما قد تكون هناك إجراءات لتحفيز الامتثال الضريبي، مثل تبسيط الإجراءات أو توفير حوافز للمكلفين، كما أن ارتفاع الحقوق الجمركية بنسبة 22 % يشير إلى زيادة حركة التجارة الخارجية، سواء على مستوى الواردات أو الصادرات، وهذا النمو يُظهر ديناميكية الاقتصاد التونسي في التفاعل مع الأسواق العالمية.

ورغم الارتفاع العام للإيرادات الجبائية، إلا أن انخفاض الضرائب على الشركات البترولية بنسبة 67 % يعكس تحديًا يجب التعامل معه، ومن المرجح أن يكون هذا الانخفاض نتيجة لتراجع الإنتاج أو انخفاض أسعار النفط في السوق العالمية.

انعكاسات إيجابية على الاقتصاد الوطني

الجدير بالذكر، فإن ارتفاع الإيرادات الجبائية يُعزز من قدرة الدولة على الوفاء بالتزاماتها المالية، سواء كانت لدفع الرواتب أو تسديد الديون أو تمويل الخدمات العامة، حيث أن زيادة الإيرادات الجبائية، يعكس بيئة اقتصادية تشجع على الاستثمار، مما يؤدي إلى خلق المزيد من فرص العمل وتحسين معدلات النمو، والاستجابة لنفقات القطاع العام، وتوفير وسائل النقل الضرورية ودعم المؤسسات العمومية ضمن خطط إصلاحها وهيكلتها وتوفير الاعتمادات المالية المناسبة لتحسين الخدمات العامة، مثل التعليم والصحة والبنية التحتية، بما يُسهم في تحسين جودة الحياة وزيادة الإنتاجية على المدى الطويل.

ويعد ارتفاع الإيرادات الجبائية في تونس خلال الثلاثي الأول من السنة الجارية، مؤشرًا على تحسن الأداء الاقتصادي والمالي للدولة. ورغم التحديات المرتبطة بتراجع بعض أنواع الإيرادات، إلا أن هذا النمو يُعزز من قدرة الدولة على تحقيق التوازن المالي وتقليل الاعتماد على الاقتراض. ومع التزام الحكومة بتحقيق أهداف قانون المالية لسنة 2025، يبدو أن تونس تسير في الاتجاه الصحيح نحو تعزيز استقرارها المالي وتحقيق التنمية المستدامة، ومع ذلك، يبقى التحدي الأكبر هو ضمان استدامة هذا النمو في الإيرادات الجبائية من خلال مواصلة الإصلاحات الاقتصادية والضريبية، وتحفيز الاستثمار، وتعزيز الشفافية في إدارة الموارد العامة.

سفيان المهداوي

المداخيل الجبائية تتجاوز 11 مليار دينار..   خزينة الدولة تنتعش ومؤشرات لدفع التنمية والاستثمار

سجلت الإيرادات الجبائية خلال الثلاثي الأول من السنة الجارية ارتفاعا بنسبة 7,7 % مقارنة بنفس الفترة من سنة 2024 ليعكس تحسنًا ملحوظًا في أداء المالية العامة. فقد بلغت هذه الإيرادات 11,2 مليار دينار، مقسمة بين 8,7 مليار دينار من النظام الداخلي و2,5 مليار دينار من النظام الديواني. هذه الأرقام تحمل في طياتها دلالات إيجابية على عدة مستويات، سواء على صعيد تحقيق التوازن المالي أو دعم الاقتصاد الوطني.

وحسب ما كشفت عنه وزارة المالية في بياناتها الحديثة، ارتفعت الضرائب المباشرة بنسبة 10,4% لتصل إلى 4,9 مليار دينار. وتتوزع هذه الإيرادات لتشمل ضرائب على الدخل، والتي بلغت 3,2 مليار دينار، مسجلة ارتفاعًا بنسبة 6,2 %، ومن ضمنها ضرائب الأجور التي تشكل القسط الأكبر، حيث بلغت 2,2 مليار دينار بزيادة قدرها 2,3 %، كما سجلت ضرائب الشركات زيادة كبيرة بنسبة 19,5 % لتصل إلى 1,66 مليار دينار. ومن اللافت للنظر، أن الضرائب على الشركات غير البترولية ارتفعت بنسبة 54 % لتبلغ 1,5 مليار دينار، بينما شهدت الضرائب على الشركات البترولية انخفاضًا بنسبة 67 % لتصل إلى 132 مليون دينار فقط.

وبلغت الضرائب غير المباشرة 6,3 مليار دينار، محققة ارتفاعًا بنسبة 5,7 %، ويرجع هذا النمو إلى ارتفاع الحقوق الجمركية بنسبة 22 % لتصل إلى 548 مليون دينار، مما يعكس تحسنًا في حركة التجارة الخارجية، والأداء على القيمة المضافة، والذي ارتفع بنسبة 6,1 % ليبلغ 2,7 مليار دينار، وهو ما يعكس زيادة النشاط الاقتصادي والاستهلاكي.

دعم ميزانية الدولة

وتشكل الإيرادات الجبائية العمود الفقري لميزانية الدولة، حيث يُقدر قانون المالية لسنة 2025 أن تصل هذه الإيرادات إلى 45,2 مليار دينار، بزيادة قدرها 8,4 % مقارنة بسنة 2024، ومن شأن هذه الزيادة، أن تعزز من قدرة الدولة التونسية على تمويل نفقاتها المختلفة دون الحاجة إلى الاقتراض المفرط الذي يُثقل كاهل الاقتصاد الوطني، كما أن ارتفاع الإيرادات الجبائية يُسهم بشكل مباشر في تقليص عجز الميزانية والذي تسبب في تسجيل فائض ظرفي بقيمة 2 مليار دينار، ما يدعم استقرار المالية العامة، في ظل الضغوط التي تعاني منها تونس بسبب ارتفاع الديون الخارجية، ويُعتبر هذا التطور خطوة ضرورية لتحسين تصنيف البلاد الائتماني وتعزيز ثقة المستثمرين الدوليين.

تمويل المشاريع التنموية

ومن شأن هذه الزيادة في الإيرادات الجبائية أن توفر موارد إضافية لتمويل المشاريع التنموية في قطاعات حيوية كالصحة، والتعليم، والبنية التحتية، حيث أن هذه الإيرادات ستساهم في تحسين جودة الحياة للمواطنين، وخلق فرص عمل جديدة، وتعزيز النمو الاقتصادي.

ومن الضروري الإشارة إلى أن زيادة الإيرادات الجبائية يعكس تحسنًا في النشاط الاقتصادي، سواء على مستوى الشركات أو الأفراد، علما وأن ارتفاع الضرائب على الشركات غير البترولية بنسبة 54 % دليل على زيادة الأرباح والنشاط في هذا القطاع.

إصلاحات ضريبية تقودها الحكومة

ولا يستبعد خبراء الاقتصاد في إفاداتهم لـ»الصباح»، أن يكون هذا النمو نتيجة لإصلاحات ضريبية وضعتها الحكومة لتحسين عملية تحصيل الضرائب وتقليل التهرب الضريبي. كما قد تكون هناك إجراءات لتحفيز الامتثال الضريبي، مثل تبسيط الإجراءات أو توفير حوافز للمكلفين، كما أن ارتفاع الحقوق الجمركية بنسبة 22 % يشير إلى زيادة حركة التجارة الخارجية، سواء على مستوى الواردات أو الصادرات، وهذا النمو يُظهر ديناميكية الاقتصاد التونسي في التفاعل مع الأسواق العالمية.

ورغم الارتفاع العام للإيرادات الجبائية، إلا أن انخفاض الضرائب على الشركات البترولية بنسبة 67 % يعكس تحديًا يجب التعامل معه، ومن المرجح أن يكون هذا الانخفاض نتيجة لتراجع الإنتاج أو انخفاض أسعار النفط في السوق العالمية.

انعكاسات إيجابية على الاقتصاد الوطني

الجدير بالذكر، فإن ارتفاع الإيرادات الجبائية يُعزز من قدرة الدولة على الوفاء بالتزاماتها المالية، سواء كانت لدفع الرواتب أو تسديد الديون أو تمويل الخدمات العامة، حيث أن زيادة الإيرادات الجبائية، يعكس بيئة اقتصادية تشجع على الاستثمار، مما يؤدي إلى خلق المزيد من فرص العمل وتحسين معدلات النمو، والاستجابة لنفقات القطاع العام، وتوفير وسائل النقل الضرورية ودعم المؤسسات العمومية ضمن خطط إصلاحها وهيكلتها وتوفير الاعتمادات المالية المناسبة لتحسين الخدمات العامة، مثل التعليم والصحة والبنية التحتية، بما يُسهم في تحسين جودة الحياة وزيادة الإنتاجية على المدى الطويل.

ويعد ارتفاع الإيرادات الجبائية في تونس خلال الثلاثي الأول من السنة الجارية، مؤشرًا على تحسن الأداء الاقتصادي والمالي للدولة. ورغم التحديات المرتبطة بتراجع بعض أنواع الإيرادات، إلا أن هذا النمو يُعزز من قدرة الدولة على تحقيق التوازن المالي وتقليل الاعتماد على الاقتراض. ومع التزام الحكومة بتحقيق أهداف قانون المالية لسنة 2025، يبدو أن تونس تسير في الاتجاه الصحيح نحو تعزيز استقرارها المالي وتحقيق التنمية المستدامة، ومع ذلك، يبقى التحدي الأكبر هو ضمان استدامة هذا النمو في الإيرادات الجبائية من خلال مواصلة الإصلاحات الاقتصادية والضريبية، وتحفيز الاستثمار، وتعزيز الشفافية في إدارة الموارد العامة.

سفيان المهداوي