إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

نائب رئيس لجنة التشريع العام لـ"الصباح": من الصعب جدا الحسم في مقترحات قوانين عدول الإشهاد والمستشارين الجبائيين والمحامين قبل العطلة البرلمانية

 

أكد نائب رئيس لجنة التشريع العام صالح مباركي في تصريح لـ«الصباح» أنه من الوارد جدا النظر قبيل العطلة البرلمانية التي ستنطلق يوم غرة أوت 2025 في المبادرة التشريعية المتعلقة بتنقيح وإتمام المرسوم عدد 54 لسنة 2022 المؤرخ في 13 سبتمبر 2022 المتعلق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال.

وكانت اللجنة قد أدرجت هذه المبادرة التي تم تقديمها من قبل مجموعة من النواب منذ 20 فيفري 2024 في قائمة أولوياتها التشريعية خلال الدورة النيابية الحالية. وتم من خلال مقترح القانون المذكور تعديل أغلب فصول المرسوم عدد 54 وإلغاء الفصل 24 الذي ينص على أن «يعاقب بالسجن مدة خمسة أعوام وبخطية قدرها خمسون ألف دينار كل من يتعمّد استعمال شبكات وأنظمة معلومات واتّصال لإنتاج أو ترويج أو نشر أو إرسال أو إعداد أخبار أو بيانات أو إشاعات كاذبة أو وثائق مصطنعة أو مزوّرة أو منسوبة كذبا للغير بهدف الاعتداء على حقوق الغير أو الإضرار بالأمن العام أو الدفاع الوطني أو بث الرعب بين السكان. ويعاقب بنفس العقوبات المقررة بالفقرة الأولى كل من يتعمد استعمال أنظمة معلومات لنشر أو إشاعة أخبار أو وثائق مصطنعة أو مزورة أو بيانات تتضمن معطيات شخصية أو نسبة أمور غير حقيقية بهدف التشهير بالغير أو تشويه سمعته أو الإضرار به ماديا أو معنويا أو التحريض على الاعتداء عليه أو الحث على خطاب الكراهية. وتضاعف العقوبات المقررة إذا كان الشخص المستهدف موظفا عموميا أو شبهه».

وتم تقديم مقترح هذا القانون الذي أحاله مكتب مجلس نواب الشعب إلى لجنة التشريع العام بتاريخ 10 أفريل 2025 من قبل النواب محمد علي وثابت العابد وشكري البحري وظافر الصغيري وعبد الرزاق عويدات ونبيه ثابت ويوسف طرشون وسنياء بن مبروك وباديس بالحاج علي ونجلاء اللحياني وبلال المشري ومسعود قريرة وبوبكر بن يحي ومهى عامر ومختار عيفاوي وإبراهيم حسين ورضا الدلاعي ورشدي الرويسي وأحمد سعيداني وعادل البوسالمي وبدر الدين القمودي وعبد القادر بن زينب وعبد السلام الحمروني والطاهر بن منصور وماهر الكتاري وهالة جاب الله والنوري الجريدي ومعز برك الله وعصام شوشان ووليد الحاجي وعمر بن عمر وزينة جيب الله ونورة الشبراك وشفيق الزعفوري ومحمد ضو وحسن بوسامة وجلال الخدمي ورؤوف الفقيري ومحمد أحمد وعبد العزيز شعباني.

خلافات جوهرية

وأشار صالح مباركي نائب رئيس لجنة التشريع العام إلى أنه من المرجح دراسة مقترح القانون المتعلق بتنقيح المرسوم عدد 54 وإتمامه قبيل العطلة البرلمانية لأنه لا توجد خلافات  بشأنه بين الأطراف المعنية، وذلك خلافا لما تمت ملاحظته خلال الفترة الأخيرة من صراعات بين عدد من القطاعات وذلك بمناسبة نقاش مقترح القانون الأساسي المتعلّق بتنظيم مهنة المستشار الجبائي ومقترح القانون الأساسي المنظم لمهنة عدول الإشهاد،

وبين أنه بعد الاستماع إلى النواب الذين تقدموا بالمبادرتين التشريعيتين المتعلقتين بعدول الإشهاد والمستشارين الجبائيين، وإلى ممثلين عن مختلف الهياكل والقطاعات المعنية بالمقترحين المذكورين، ستعقد اللجنة جلسة تمتد طيلة اليوم الخميس 12 جوان 2025، وستخصص الحصة الصباحية للاستماع إلى ممثلين عن رئاسة الحكومة ووزارة العدل ووزارة المالية حول مقترح القانون الأساسي عدد 13 لسنة 2023 المتعلق بتنظيم مهنة المستشار الجبائي، وستخصص الحصة المسائية للاستماع إلى ممثلين عن كل من رئاسة الحكومة ووزارة العدل حول مقترح القانون الأساسي عدد 41 لسنة 2023 المنظم لمهنة عدول الإشهاد.

وقال مباركي إن اللجنة تبينت من خلال جلسات الاستماع التي عقدتها لممثلي الهياكل والقطاعات المعنية بالمقترحين، من عدول إشهاد ومحامين ومستشارين جبائيين ومحاسبين وغيرهم  أن العديد من الفصول الواردة بالمبادرتين التشريعيتين كانت موضوع خلافات جوهرية وحادة بين هذه القطاعات، وبالتالي من الصعب جدا الحسم في النقاط الخلافية قبيل العطلة البرلمانية خاصة وأنه أثناء النظر فيهما، ورد على اللجنة مؤخرا مقترح قانون جديد يتعلق بتنظيم مهنة المحاماة وهناك تداخل بين المبادرات الثلاثة..

وفسر نائب رئيس لجنة التشريع العام أنه من المنطقي جدا قبل الذهاب للتصويت على المبادرتين المتعلقتين بتنظيم مهنة عدول الإشهاد وتنظيم مهنة المستشار الجبائي فصلا فصلا، أن يتم النظر في مقترح القانون المتعلق بتنظيم مهنة المحاماة، وذلك حتى تكون الرؤية واضحة أكثر أمام أعضاء اللجنة خاصة في علاقة بالأحكام التي تضبط اختصاصات كل مهنة قصد تلافي إمكانية تعميق الصراع بين القطاعات. ولاحظ مباركي أن هذا الصراع بدا ظاهرا للعيان خلال جلسات الاستماع لممثلي القطاعات المعنية فكل هيكل يدافع عن حظوظ منظوريه ويريد أن يتمتع قطاعه بصلاحيات أكبر وبالتالي بمنافع مادية أفضل فأغلب مقترحات التعديل يطغى عليها الجانب المادي خاصة بالنسبة إلى عدول الإشهاد والمحامين، ولكن المشرع، حسب قوله، مطالب  بالوقوف على نفس المسافة من الجميع، ولهذا السبب فإن اللجنة بعد الاستماع إلى ممثلين عن رئاسة الحكومة ووزارة العدل ووزارة المالية ستعمل على مزيد تعميق النظر في المقترحين المتعلقين بعدول الإشهاد والمستشارين الجبائيين ودراستهما في متسع من الوقت إذ لا يمكن المرور للتصويت عليهما في غضون الأيام القادمة وذلك بالنظر إلى كثرة النقاط الخلافية التي لا يمكن الحسم فيها بسهولة فالأمر يتطلب التروي والسعي قدر الإمكان إلى تقريب وجهات النظر بين مختلف الجهات المعنية، وذكر أنه من الأفضل قبل الذهاب للتصويت عليهما، دراسة مقترح القانون المتعلق بتنظيم مهنة المحاماة وهو ما تتجه إليه اللجنة.

وخلص إلى أنه يستبعد إمكانية استكمال دراسة مقترحات القوانين المتعلقة بعدول الإشهاد والمستشارين الجبائيين والمحامين قبل العطلة البرلمانية. وأضاف أنه خلال عطلة مجلس نواب الشعب يتواصل عمل اللجان القارة، ولكن لا يمكن للمجلس النيابي تنظيم جلسة عامة أثناء هذه العطلة إلا في حال إقرار دورة استثنائية يتم تنظيمها بطلب من رئيس الجمهورية أو من ثلث أعضائه للنظر في جدول أعمال محدد.

وأشار صالح مباركي إلى أنه مهما كانت حدّة الخلافات حول مقترحات القوانين سالفة الذكر فإن المطلوب من لجنة التشريع العام في نهاية المطاف، البت في هذه المبادرات المعروضة على أنظارها من خلال التصويت على الفصول وعلى مقترحات التعديل التي سيتم تقديمها من قبل أعضائها ثم المصادقة على مقترحات القوانين برمتها و على التقارير المتعلقة بها لتتم إحالتها إلى مكتب مجلس نواب الشعب وهو الذي يحدد موعد عرضها على الجلسة العامة التي تبقى لها الكلمة الفصل فالجلسة العامة سيدة نفسها.

مهنة عدول الإشهاد

وكانت لجنة التشريع العام  قد استمتعت خلال اجتماعها المنعقد يوم الجمعة 2 ماي 2025 إلى النواب ممثلي جهة المبادرة بمقترح القانون الأساسي المنظم لمهنة عدول الإشهاد وفي مقدمتهم النائب يوسف التومي، وجاء في بلاغ صادر عنها أن أصحاب المبادرة أشاروا إلى أن هذه المهنة وقع تنظيمها بمقتضى القانون عدد 60 لسنة 1994 وقد أصبح من الضروري تطويره لمواكبة الواقع الاقتصادي والاجتماعي ثم قدموا الأهداف التي يرمي إلى تحقيقها المقترح ومن بينها توفير الأمن القانوني للمتعاقدين وذلك باعتماد الحجة العادلة كشرط صحة في التعاقد ضمانا لشفافية المعاملات المالية ولضمان استخلاص الجباية المنجرة عن العقود المحررة. وبينوا أن توسيع مجالات تدخّل عدول الإشهاد يهدف إلى تخفيف العبء على المرفق القضائي.  وفي تفاعلهم، استحسن النواب مراجعة القانون المنظم لمهنة عدول الإشهاد على أن يكون ذلك بالتوازي مع مراجعة القوانين المنظمة للمهن المتشابهة تفاديا لتداخل المهام وتضارب الاختصاصات. وأكدوا على أهمية الدور التشريعي لمجلس نواب الشعب في مراجعة القوانين التي تنظم عديد المهن وذلك دون الانحياز لقطاع على حساب قطاع آخر. وبيّنوا أن بوصلة المجلس تتّجه نحو ضمان حقوق المواطن وتيسير الخدمات عبر سنّ نصوص قانونية متكاملة ومنسجمة تعبر عن ثورة تشريعية حقيقية.

وإثر ذلك، وبهدف تعميق النظر في هذه المبادرة، عقدت اللجنة يوم خميس 8 ماي 2025 جلسة خصصتها للاستماع إلى ممثلي الهيئة الوطنية لعدول الإشهاد وقد ثمن هؤلاء ما جاء فيها، وأوضحوا أن مهنة عدول الإشهاد هي مهنة مساعدة للقضاء، وأن مهامهم الأساسية بوصفهم مأمورين عموميين هي تحرير وتوثيق العقود، التي يتولون وجوبا تسجيلها بالقباضة المالية مما يحفظ حق الدولة في استخلاص مقابيضها ويضمن الأمن التعاقدي بين مختلف الجهات. وأشاروا إلى أن القانون عدد 60 لسنة 1994 المنظم لمهنة عدول الإشهاد أصبح لا يتوافق مع المعايير الدولية بما يتضمنه من آليات تكبل عمل عدل الإشهاد. وبينوا أن مقترح القانون المعروض على أنظار اللجنة يحمل في طياته مشروعا وطنيا هاما يهدف بالأساس إلى تعصير وتطوير وإحكام تقنين مؤسسة العقد في تونس لما يوفره من أمن قانوني يساهم في جلب وتشجيع الاستثمار الوطني والأجنبي. واستحسنوا ما تضمنه من أحكام، خاصة المتعلقة منها بحفظ ورقمنة الأرشيف، إلى جانب إحكام تنظيم آليات عمل عدل الإشهاد وشروط انتدابه وتكوينه ورقابة أعماله وتنظيم هياكله. كما أوضحوا أنه من أهم أسس مقترح القانون توفير الحماية القانونية اللازمة لعدل الإشهاد أثناء ممارسته لمهامه، فضلا عن أنه تضمن توسيــعا لمجال عمل عدل الإشهاد و تدخله عبر تدعيم اختصاصاته الحصرية. وأضافوا أن مقترح القانون يرمي الى إكساء الحجة العادلة بالقوة التنفيذية إلى جانب قوتها الثبوتية.

وفي المقابل فقد انتقدت الأطراف الأخرى التي استمتعت إليها لجنة التشريع العام بشدة مقترح القانون المتعلق بتنظيم مهنة عدول الإشهاد خاصة رئيسة الاتحاد الوطني للمرأة التونسية  التي تم الاستماع إليها خلال الجلسة المنعقدة يوم الخميس 22 ماي 2025 وذهب الممثلون عن عمادة المحاسبين بالبلاد التونسية، وعن الممثلون عن الهيئة الوطنية للمحامين إلى أبعد من ذلك وأبدوا رفضهم القاطع لهذه المبادرة أما ممثلي الهيئة الوطنية للعدول المنفذين فقد بينوا أن مقترح القانون ينطوي على فوضى تشريعية وعلى مخاطر جمة. ونفس الشيء بالنسبة إلى أعضاء اللجنة  فقد عبّر عدد منهم عن رفضهم لمضامين الفصل 26 من مقترح القانون وذلك في علاقة بتوثيق الطلاق الرضائي لدى عدل الإشهاد. معتبرين أن أي تراجع عن مكتسبات المرأة يعد تراجعا للمجتمع التونسي بأسره، وتمسكوا بأن القضاء هو الضامن الوحيد لحماية تلك المكتسبات، وقال آخرون إن مقترح القانون المعروض يفتقر إلى أبسط مقوّمات النصوص القانونية لما فيه من هنات سواء على مستوى الصياغة القانونية أو على مستوى ما تضمنه من فصول متضاربة وما أسنده من اختصاصات مطلقة لعدول الإشهاد تتعارض مع النصوص القانونية سارية المفعول. واعتبروا أن المبادرة المعروضة لا تستوجب تعديلا في بعض الفصول فحسب وإنما تتطلب مراجعة جذرية.  وبعد استماعها إلى مختلف الآراء والمقترحات أبدت جهة المبادرة التشريعية تفاعلا إيجابيا مع الملاحظات التي أبدتها مختلف الأطراف بخصوص مبادرتها وتولت إعداد مقترح لتعديلها.

مهنة المستشار الجبائي

أما في ما يخص مقترح القانون الأساسي المتعلق بتنظيم مهنة المستشار الجبائي فقد نظرت فيه لجنة التشريع العام في اجتماعها المنعقد يوم 4 أكتوبر 2023 ثم استمعت يوم الأربعاء غرة نوفمبر 2023  إلى  النواب المبادرين بتقديم هذا المقترح  وفي مقدمتهم النائب فوزي دعاس، وجاء في بلاغ صادر عنها أن ممثلي النواب المبادرين بمقترح هذا القانون أوضحوا أن القانون عدد 34 لسنة 1960 المتعلق بالمستشارين الجبائيين قد تجاوزه الزمن وتضمّن عدة ثغرات مما استوجب سنّ قانون جديد. وبينوا أن الهدف من هذه المبادرة هو تنظيم مهنة المستشار الجبائي وفق معايير دولية تماشيا مع التطورات الاقتصادية والاجتماعية والمنظومة الجبائية. وتطرقوا إلى ما تضمنه مقترح القانون من أحكام تتعلق بأهداف مهنة المستشار الجبائي وشروط وإجراءات ممارسة هذه المهنة، بالإضافة إلى الأحكام المتعلقة بمهام ووظائف المستشار الجبائي وبهيئة المستشارين الجبائيين وحقوق المستشار الجبائي وواجباته. وأكدوا أن مقترح القانون المعروض يعدّ ثورة تشريعية في المجال، وسيمكن من تحقيق آثار إيجابية خاصة في ما يتعلق بمنظومة الجباية وتحقيق العدالة الجبائية. كما بينوا أن هذا المقترح سيزيل التداخل بين مهنة المستشار الجبائي وبعض المهن الأخرى كالخبراء المحاسبين والمحامين. وفي تفاعلهم أكّد أعضاء اللجنة على أهمية المبادرة بمثل هذه المقترحات، وأشاروا إلى ضرورة إيلاء نفس الأهمية لقطاعات ومهن أخرى تستوجب مراجعة التشريعات المتصلة بها. واعتبروا أن مقترح القانون المعروض يعدّ شكلا من أشكال تنازع الاختصاص مع مهن أخرى على غرار المحامين والخبراء المحاسبين، وهو ما يتطلب التروي وتمحيص النظر جيدا في مقترح القانون. وشددوا على ضرورة أن يتوخى المشرع الحياد وأن يقف على نفس المسافة من جميع الهياكل المتداخلة لضمان حقوق جميع الأطراف ولتجنب أي شكل من أشكال القطاعية أو المصلحة الخاصة.

واستأنفت اللجنة يوم الجمعة 2 ماي 2025 النظر في مقترح القانون المتعلق بتنظيم مهنة المستشار الجبائي وللغرض عقدت جلسة خصصتها للاستماع إلى ممثلي الغرفة الوطنية للمستشارين الجبائيين، وأوضح رئيس الغرفة الوطنية للمستشارين الجبائيين أن تونس كانت سباقة في تنظيم مهنة المستشار الجبائي منذ الاستقلال، حيث تم تنظيم هذه المهنة منذ سنة 1960 بمقتضى القانون عدد 34 لسنة 1960 المؤرخ في 14 ديسمبر 1960، وأمام التطورات التي يشهدها القطاع بات من الضروري مراجعة قانون المهنة. وثمن المقترح المعروض لما جاء فيه من أحكام تكفل حماية ميدان الاستشارة الجبائية من الدخلاء، وتمكّن من تلافي النقائص التي تعاني منها اليوم خاصة من حيث شروط مزاولة المهنة إذ أنها تخضع لمجرد شرط الإعلام بمزاولة النشاط  أي إلى «الباتيندا» كما لا تمكن المستشار الجبائي من بطاقة مهنية على غرار باقي المهن المشابهة وهو ما لا يساعد على ضبط عدد المستشارين الجبائيين المباشرين بدقة.

كما تمّ التطرق إلى ممارسة الأنشطة التي يفترض أن تكون من اختصاصات المستشار الجبائي من قبل مهن أخرى. وفي نفس السياق بين ممثلو الغرفة  أن الاستشارة الجبائية هي استشارة قانونية ذات صبغة جبائية تمثل ضمانة لخزينة الدولة وللمطالب بالأداء، وهو مجال تقني يستدعي تخصصا في الميدان، وبالتالي تقنين المهنة وفقا للمعايير الدولية كوضع شروط التخصّص في المادة الجبائية وضرورة إجراء تربص مهني وغيرها من الآليات الكفيلة بحماية المهنة.

وفي تفاعلهم مع ممثلي الغرفة، أشار عدد من النواب إلى أن تحيين الإطار القانوني المنظم لمهنة المستشار الجبائي هو مطلب مشروع لما له من فائدة على مصالح المواطن والشركات المطالبة بالأداء وضمان الاستخلاص العادل للجباية، خاصة وأن هذه المبادرة لا تهدف إلى توسيع الصلاحيات والمهام وفي المقابل فهي تدعو إلى التخصص وعدم تداخل المهن. واقترحوا في ذات السياق أن يتم الاستماع إلى الجهات التي أبدت احترازها على مضامين المبادرة، وهو ما حصل، إذ عقدت اللجنة يوم الخميس 8 ماي 2025 جلسة خصصتها للاستماع إلى ممثلي الهيئة الوطنية للخبراء المحاسبين وقد أبدى هؤلاء رفضهم لمقترح القانون وعقدت جلسة أخرى يوم الخميس 15 ماي 2025 خصصتها للاستماع إلى ممثل الهيئة الوطنية للمحامين وعبر عميد المحامين عن تحفظه على المقترح  أما ممثلو مجمّع المحاسبين بالبلاد التونسية فقد عبروا خلال جلسة الاستماع إليهم المنعقدة يوم الخميس 15 ماي 2025 عن رفضهم للمبادرة.

وفي ما يتعلق بمقترح القانون المتعلق بتنظيم مهنة المحاماة فلم تشرع لجنة التشريع العام بعد في دراسته، فهو مقترح جديد تم تقديمه من قبل مجموعة من النواب وفي مقدمتهم النائب عن كتلة الخط الوطني السيادي عبد السلام الحمروني يوم الأربعاء 21 ماي 2025 وتمت إحالته إلى اللجنة من قبل مكتب مجلس نواب الشعب يوم الخميس 29 ماي 2025 ومن المنتظر أن يكون هذا المقترح بدوره موضوع جدل ساخن إذ تم بمقتضاه إلغاء عدد كبير من فصول المرسوم عدد 79 لسنة 2011 وتعويضها بأحكام جديدة مع تعديل العديد من الفصول الأخرى.

تجريم التطبيع

وتعقيبا على سؤال حول مآل المبادرة التشريعية المتعلقة بتنقيح المجلة الجزائية في اتجاه إتمام بعض أحكام هذه المجلة من خلال إضافة فقرة سادسة جديدة إلى الفصل 61  تحت عنوان زجر الاعتراف والتعامل مع الكيان الصهيوني وهي مبادرة أحالها مكتب مجلس نواب الشعب إلى لجنة التشريع العام بعد أن وقع تعليق أشغال الجلسة العامة ليوم 2 نوفمبر 2023 والتي خصصت للنظر في المبادرة المقدمة من قبل كتلة الخط الوطني السيادي والمتعلقة بتجريم التطبيع مع هذا الكيان، أشار نائب رئيس لجنة التشريع العام صالح مباركي إلى أن قرار استئناف تلك الجلسة العامة في يد مكتب المجلس.

سعيدة بوهلال

نائب رئيس لجنة التشريع العام لـ"الصباح":   من الصعب جدا الحسم في مقترحات قوانين عدول الإشهاد والمستشارين الجبائيين والمحامين قبل العطلة البرلمانية

 

أكد نائب رئيس لجنة التشريع العام صالح مباركي في تصريح لـ«الصباح» أنه من الوارد جدا النظر قبيل العطلة البرلمانية التي ستنطلق يوم غرة أوت 2025 في المبادرة التشريعية المتعلقة بتنقيح وإتمام المرسوم عدد 54 لسنة 2022 المؤرخ في 13 سبتمبر 2022 المتعلق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال.

وكانت اللجنة قد أدرجت هذه المبادرة التي تم تقديمها من قبل مجموعة من النواب منذ 20 فيفري 2024 في قائمة أولوياتها التشريعية خلال الدورة النيابية الحالية. وتم من خلال مقترح القانون المذكور تعديل أغلب فصول المرسوم عدد 54 وإلغاء الفصل 24 الذي ينص على أن «يعاقب بالسجن مدة خمسة أعوام وبخطية قدرها خمسون ألف دينار كل من يتعمّد استعمال شبكات وأنظمة معلومات واتّصال لإنتاج أو ترويج أو نشر أو إرسال أو إعداد أخبار أو بيانات أو إشاعات كاذبة أو وثائق مصطنعة أو مزوّرة أو منسوبة كذبا للغير بهدف الاعتداء على حقوق الغير أو الإضرار بالأمن العام أو الدفاع الوطني أو بث الرعب بين السكان. ويعاقب بنفس العقوبات المقررة بالفقرة الأولى كل من يتعمد استعمال أنظمة معلومات لنشر أو إشاعة أخبار أو وثائق مصطنعة أو مزورة أو بيانات تتضمن معطيات شخصية أو نسبة أمور غير حقيقية بهدف التشهير بالغير أو تشويه سمعته أو الإضرار به ماديا أو معنويا أو التحريض على الاعتداء عليه أو الحث على خطاب الكراهية. وتضاعف العقوبات المقررة إذا كان الشخص المستهدف موظفا عموميا أو شبهه».

وتم تقديم مقترح هذا القانون الذي أحاله مكتب مجلس نواب الشعب إلى لجنة التشريع العام بتاريخ 10 أفريل 2025 من قبل النواب محمد علي وثابت العابد وشكري البحري وظافر الصغيري وعبد الرزاق عويدات ونبيه ثابت ويوسف طرشون وسنياء بن مبروك وباديس بالحاج علي ونجلاء اللحياني وبلال المشري ومسعود قريرة وبوبكر بن يحي ومهى عامر ومختار عيفاوي وإبراهيم حسين ورضا الدلاعي ورشدي الرويسي وأحمد سعيداني وعادل البوسالمي وبدر الدين القمودي وعبد القادر بن زينب وعبد السلام الحمروني والطاهر بن منصور وماهر الكتاري وهالة جاب الله والنوري الجريدي ومعز برك الله وعصام شوشان ووليد الحاجي وعمر بن عمر وزينة جيب الله ونورة الشبراك وشفيق الزعفوري ومحمد ضو وحسن بوسامة وجلال الخدمي ورؤوف الفقيري ومحمد أحمد وعبد العزيز شعباني.

خلافات جوهرية

وأشار صالح مباركي نائب رئيس لجنة التشريع العام إلى أنه من المرجح دراسة مقترح القانون المتعلق بتنقيح المرسوم عدد 54 وإتمامه قبيل العطلة البرلمانية لأنه لا توجد خلافات  بشأنه بين الأطراف المعنية، وذلك خلافا لما تمت ملاحظته خلال الفترة الأخيرة من صراعات بين عدد من القطاعات وذلك بمناسبة نقاش مقترح القانون الأساسي المتعلّق بتنظيم مهنة المستشار الجبائي ومقترح القانون الأساسي المنظم لمهنة عدول الإشهاد،

وبين أنه بعد الاستماع إلى النواب الذين تقدموا بالمبادرتين التشريعيتين المتعلقتين بعدول الإشهاد والمستشارين الجبائيين، وإلى ممثلين عن مختلف الهياكل والقطاعات المعنية بالمقترحين المذكورين، ستعقد اللجنة جلسة تمتد طيلة اليوم الخميس 12 جوان 2025، وستخصص الحصة الصباحية للاستماع إلى ممثلين عن رئاسة الحكومة ووزارة العدل ووزارة المالية حول مقترح القانون الأساسي عدد 13 لسنة 2023 المتعلق بتنظيم مهنة المستشار الجبائي، وستخصص الحصة المسائية للاستماع إلى ممثلين عن كل من رئاسة الحكومة ووزارة العدل حول مقترح القانون الأساسي عدد 41 لسنة 2023 المنظم لمهنة عدول الإشهاد.

وقال مباركي إن اللجنة تبينت من خلال جلسات الاستماع التي عقدتها لممثلي الهياكل والقطاعات المعنية بالمقترحين، من عدول إشهاد ومحامين ومستشارين جبائيين ومحاسبين وغيرهم  أن العديد من الفصول الواردة بالمبادرتين التشريعيتين كانت موضوع خلافات جوهرية وحادة بين هذه القطاعات، وبالتالي من الصعب جدا الحسم في النقاط الخلافية قبيل العطلة البرلمانية خاصة وأنه أثناء النظر فيهما، ورد على اللجنة مؤخرا مقترح قانون جديد يتعلق بتنظيم مهنة المحاماة وهناك تداخل بين المبادرات الثلاثة..

وفسر نائب رئيس لجنة التشريع العام أنه من المنطقي جدا قبل الذهاب للتصويت على المبادرتين المتعلقتين بتنظيم مهنة عدول الإشهاد وتنظيم مهنة المستشار الجبائي فصلا فصلا، أن يتم النظر في مقترح القانون المتعلق بتنظيم مهنة المحاماة، وذلك حتى تكون الرؤية واضحة أكثر أمام أعضاء اللجنة خاصة في علاقة بالأحكام التي تضبط اختصاصات كل مهنة قصد تلافي إمكانية تعميق الصراع بين القطاعات. ولاحظ مباركي أن هذا الصراع بدا ظاهرا للعيان خلال جلسات الاستماع لممثلي القطاعات المعنية فكل هيكل يدافع عن حظوظ منظوريه ويريد أن يتمتع قطاعه بصلاحيات أكبر وبالتالي بمنافع مادية أفضل فأغلب مقترحات التعديل يطغى عليها الجانب المادي خاصة بالنسبة إلى عدول الإشهاد والمحامين، ولكن المشرع، حسب قوله، مطالب  بالوقوف على نفس المسافة من الجميع، ولهذا السبب فإن اللجنة بعد الاستماع إلى ممثلين عن رئاسة الحكومة ووزارة العدل ووزارة المالية ستعمل على مزيد تعميق النظر في المقترحين المتعلقين بعدول الإشهاد والمستشارين الجبائيين ودراستهما في متسع من الوقت إذ لا يمكن المرور للتصويت عليهما في غضون الأيام القادمة وذلك بالنظر إلى كثرة النقاط الخلافية التي لا يمكن الحسم فيها بسهولة فالأمر يتطلب التروي والسعي قدر الإمكان إلى تقريب وجهات النظر بين مختلف الجهات المعنية، وذكر أنه من الأفضل قبل الذهاب للتصويت عليهما، دراسة مقترح القانون المتعلق بتنظيم مهنة المحاماة وهو ما تتجه إليه اللجنة.

وخلص إلى أنه يستبعد إمكانية استكمال دراسة مقترحات القوانين المتعلقة بعدول الإشهاد والمستشارين الجبائيين والمحامين قبل العطلة البرلمانية. وأضاف أنه خلال عطلة مجلس نواب الشعب يتواصل عمل اللجان القارة، ولكن لا يمكن للمجلس النيابي تنظيم جلسة عامة أثناء هذه العطلة إلا في حال إقرار دورة استثنائية يتم تنظيمها بطلب من رئيس الجمهورية أو من ثلث أعضائه للنظر في جدول أعمال محدد.

وأشار صالح مباركي إلى أنه مهما كانت حدّة الخلافات حول مقترحات القوانين سالفة الذكر فإن المطلوب من لجنة التشريع العام في نهاية المطاف، البت في هذه المبادرات المعروضة على أنظارها من خلال التصويت على الفصول وعلى مقترحات التعديل التي سيتم تقديمها من قبل أعضائها ثم المصادقة على مقترحات القوانين برمتها و على التقارير المتعلقة بها لتتم إحالتها إلى مكتب مجلس نواب الشعب وهو الذي يحدد موعد عرضها على الجلسة العامة التي تبقى لها الكلمة الفصل فالجلسة العامة سيدة نفسها.

مهنة عدول الإشهاد

وكانت لجنة التشريع العام  قد استمتعت خلال اجتماعها المنعقد يوم الجمعة 2 ماي 2025 إلى النواب ممثلي جهة المبادرة بمقترح القانون الأساسي المنظم لمهنة عدول الإشهاد وفي مقدمتهم النائب يوسف التومي، وجاء في بلاغ صادر عنها أن أصحاب المبادرة أشاروا إلى أن هذه المهنة وقع تنظيمها بمقتضى القانون عدد 60 لسنة 1994 وقد أصبح من الضروري تطويره لمواكبة الواقع الاقتصادي والاجتماعي ثم قدموا الأهداف التي يرمي إلى تحقيقها المقترح ومن بينها توفير الأمن القانوني للمتعاقدين وذلك باعتماد الحجة العادلة كشرط صحة في التعاقد ضمانا لشفافية المعاملات المالية ولضمان استخلاص الجباية المنجرة عن العقود المحررة. وبينوا أن توسيع مجالات تدخّل عدول الإشهاد يهدف إلى تخفيف العبء على المرفق القضائي.  وفي تفاعلهم، استحسن النواب مراجعة القانون المنظم لمهنة عدول الإشهاد على أن يكون ذلك بالتوازي مع مراجعة القوانين المنظمة للمهن المتشابهة تفاديا لتداخل المهام وتضارب الاختصاصات. وأكدوا على أهمية الدور التشريعي لمجلس نواب الشعب في مراجعة القوانين التي تنظم عديد المهن وذلك دون الانحياز لقطاع على حساب قطاع آخر. وبيّنوا أن بوصلة المجلس تتّجه نحو ضمان حقوق المواطن وتيسير الخدمات عبر سنّ نصوص قانونية متكاملة ومنسجمة تعبر عن ثورة تشريعية حقيقية.

وإثر ذلك، وبهدف تعميق النظر في هذه المبادرة، عقدت اللجنة يوم خميس 8 ماي 2025 جلسة خصصتها للاستماع إلى ممثلي الهيئة الوطنية لعدول الإشهاد وقد ثمن هؤلاء ما جاء فيها، وأوضحوا أن مهنة عدول الإشهاد هي مهنة مساعدة للقضاء، وأن مهامهم الأساسية بوصفهم مأمورين عموميين هي تحرير وتوثيق العقود، التي يتولون وجوبا تسجيلها بالقباضة المالية مما يحفظ حق الدولة في استخلاص مقابيضها ويضمن الأمن التعاقدي بين مختلف الجهات. وأشاروا إلى أن القانون عدد 60 لسنة 1994 المنظم لمهنة عدول الإشهاد أصبح لا يتوافق مع المعايير الدولية بما يتضمنه من آليات تكبل عمل عدل الإشهاد. وبينوا أن مقترح القانون المعروض على أنظار اللجنة يحمل في طياته مشروعا وطنيا هاما يهدف بالأساس إلى تعصير وتطوير وإحكام تقنين مؤسسة العقد في تونس لما يوفره من أمن قانوني يساهم في جلب وتشجيع الاستثمار الوطني والأجنبي. واستحسنوا ما تضمنه من أحكام، خاصة المتعلقة منها بحفظ ورقمنة الأرشيف، إلى جانب إحكام تنظيم آليات عمل عدل الإشهاد وشروط انتدابه وتكوينه ورقابة أعماله وتنظيم هياكله. كما أوضحوا أنه من أهم أسس مقترح القانون توفير الحماية القانونية اللازمة لعدل الإشهاد أثناء ممارسته لمهامه، فضلا عن أنه تضمن توسيــعا لمجال عمل عدل الإشهاد و تدخله عبر تدعيم اختصاصاته الحصرية. وأضافوا أن مقترح القانون يرمي الى إكساء الحجة العادلة بالقوة التنفيذية إلى جانب قوتها الثبوتية.

وفي المقابل فقد انتقدت الأطراف الأخرى التي استمتعت إليها لجنة التشريع العام بشدة مقترح القانون المتعلق بتنظيم مهنة عدول الإشهاد خاصة رئيسة الاتحاد الوطني للمرأة التونسية  التي تم الاستماع إليها خلال الجلسة المنعقدة يوم الخميس 22 ماي 2025 وذهب الممثلون عن عمادة المحاسبين بالبلاد التونسية، وعن الممثلون عن الهيئة الوطنية للمحامين إلى أبعد من ذلك وأبدوا رفضهم القاطع لهذه المبادرة أما ممثلي الهيئة الوطنية للعدول المنفذين فقد بينوا أن مقترح القانون ينطوي على فوضى تشريعية وعلى مخاطر جمة. ونفس الشيء بالنسبة إلى أعضاء اللجنة  فقد عبّر عدد منهم عن رفضهم لمضامين الفصل 26 من مقترح القانون وذلك في علاقة بتوثيق الطلاق الرضائي لدى عدل الإشهاد. معتبرين أن أي تراجع عن مكتسبات المرأة يعد تراجعا للمجتمع التونسي بأسره، وتمسكوا بأن القضاء هو الضامن الوحيد لحماية تلك المكتسبات، وقال آخرون إن مقترح القانون المعروض يفتقر إلى أبسط مقوّمات النصوص القانونية لما فيه من هنات سواء على مستوى الصياغة القانونية أو على مستوى ما تضمنه من فصول متضاربة وما أسنده من اختصاصات مطلقة لعدول الإشهاد تتعارض مع النصوص القانونية سارية المفعول. واعتبروا أن المبادرة المعروضة لا تستوجب تعديلا في بعض الفصول فحسب وإنما تتطلب مراجعة جذرية.  وبعد استماعها إلى مختلف الآراء والمقترحات أبدت جهة المبادرة التشريعية تفاعلا إيجابيا مع الملاحظات التي أبدتها مختلف الأطراف بخصوص مبادرتها وتولت إعداد مقترح لتعديلها.

مهنة المستشار الجبائي

أما في ما يخص مقترح القانون الأساسي المتعلق بتنظيم مهنة المستشار الجبائي فقد نظرت فيه لجنة التشريع العام في اجتماعها المنعقد يوم 4 أكتوبر 2023 ثم استمعت يوم الأربعاء غرة نوفمبر 2023  إلى  النواب المبادرين بتقديم هذا المقترح  وفي مقدمتهم النائب فوزي دعاس، وجاء في بلاغ صادر عنها أن ممثلي النواب المبادرين بمقترح هذا القانون أوضحوا أن القانون عدد 34 لسنة 1960 المتعلق بالمستشارين الجبائيين قد تجاوزه الزمن وتضمّن عدة ثغرات مما استوجب سنّ قانون جديد. وبينوا أن الهدف من هذه المبادرة هو تنظيم مهنة المستشار الجبائي وفق معايير دولية تماشيا مع التطورات الاقتصادية والاجتماعية والمنظومة الجبائية. وتطرقوا إلى ما تضمنه مقترح القانون من أحكام تتعلق بأهداف مهنة المستشار الجبائي وشروط وإجراءات ممارسة هذه المهنة، بالإضافة إلى الأحكام المتعلقة بمهام ووظائف المستشار الجبائي وبهيئة المستشارين الجبائيين وحقوق المستشار الجبائي وواجباته. وأكدوا أن مقترح القانون المعروض يعدّ ثورة تشريعية في المجال، وسيمكن من تحقيق آثار إيجابية خاصة في ما يتعلق بمنظومة الجباية وتحقيق العدالة الجبائية. كما بينوا أن هذا المقترح سيزيل التداخل بين مهنة المستشار الجبائي وبعض المهن الأخرى كالخبراء المحاسبين والمحامين. وفي تفاعلهم أكّد أعضاء اللجنة على أهمية المبادرة بمثل هذه المقترحات، وأشاروا إلى ضرورة إيلاء نفس الأهمية لقطاعات ومهن أخرى تستوجب مراجعة التشريعات المتصلة بها. واعتبروا أن مقترح القانون المعروض يعدّ شكلا من أشكال تنازع الاختصاص مع مهن أخرى على غرار المحامين والخبراء المحاسبين، وهو ما يتطلب التروي وتمحيص النظر جيدا في مقترح القانون. وشددوا على ضرورة أن يتوخى المشرع الحياد وأن يقف على نفس المسافة من جميع الهياكل المتداخلة لضمان حقوق جميع الأطراف ولتجنب أي شكل من أشكال القطاعية أو المصلحة الخاصة.

واستأنفت اللجنة يوم الجمعة 2 ماي 2025 النظر في مقترح القانون المتعلق بتنظيم مهنة المستشار الجبائي وللغرض عقدت جلسة خصصتها للاستماع إلى ممثلي الغرفة الوطنية للمستشارين الجبائيين، وأوضح رئيس الغرفة الوطنية للمستشارين الجبائيين أن تونس كانت سباقة في تنظيم مهنة المستشار الجبائي منذ الاستقلال، حيث تم تنظيم هذه المهنة منذ سنة 1960 بمقتضى القانون عدد 34 لسنة 1960 المؤرخ في 14 ديسمبر 1960، وأمام التطورات التي يشهدها القطاع بات من الضروري مراجعة قانون المهنة. وثمن المقترح المعروض لما جاء فيه من أحكام تكفل حماية ميدان الاستشارة الجبائية من الدخلاء، وتمكّن من تلافي النقائص التي تعاني منها اليوم خاصة من حيث شروط مزاولة المهنة إذ أنها تخضع لمجرد شرط الإعلام بمزاولة النشاط  أي إلى «الباتيندا» كما لا تمكن المستشار الجبائي من بطاقة مهنية على غرار باقي المهن المشابهة وهو ما لا يساعد على ضبط عدد المستشارين الجبائيين المباشرين بدقة.

كما تمّ التطرق إلى ممارسة الأنشطة التي يفترض أن تكون من اختصاصات المستشار الجبائي من قبل مهن أخرى. وفي نفس السياق بين ممثلو الغرفة  أن الاستشارة الجبائية هي استشارة قانونية ذات صبغة جبائية تمثل ضمانة لخزينة الدولة وللمطالب بالأداء، وهو مجال تقني يستدعي تخصصا في الميدان، وبالتالي تقنين المهنة وفقا للمعايير الدولية كوضع شروط التخصّص في المادة الجبائية وضرورة إجراء تربص مهني وغيرها من الآليات الكفيلة بحماية المهنة.

وفي تفاعلهم مع ممثلي الغرفة، أشار عدد من النواب إلى أن تحيين الإطار القانوني المنظم لمهنة المستشار الجبائي هو مطلب مشروع لما له من فائدة على مصالح المواطن والشركات المطالبة بالأداء وضمان الاستخلاص العادل للجباية، خاصة وأن هذه المبادرة لا تهدف إلى توسيع الصلاحيات والمهام وفي المقابل فهي تدعو إلى التخصص وعدم تداخل المهن. واقترحوا في ذات السياق أن يتم الاستماع إلى الجهات التي أبدت احترازها على مضامين المبادرة، وهو ما حصل، إذ عقدت اللجنة يوم الخميس 8 ماي 2025 جلسة خصصتها للاستماع إلى ممثلي الهيئة الوطنية للخبراء المحاسبين وقد أبدى هؤلاء رفضهم لمقترح القانون وعقدت جلسة أخرى يوم الخميس 15 ماي 2025 خصصتها للاستماع إلى ممثل الهيئة الوطنية للمحامين وعبر عميد المحامين عن تحفظه على المقترح  أما ممثلو مجمّع المحاسبين بالبلاد التونسية فقد عبروا خلال جلسة الاستماع إليهم المنعقدة يوم الخميس 15 ماي 2025 عن رفضهم للمبادرة.

وفي ما يتعلق بمقترح القانون المتعلق بتنظيم مهنة المحاماة فلم تشرع لجنة التشريع العام بعد في دراسته، فهو مقترح جديد تم تقديمه من قبل مجموعة من النواب وفي مقدمتهم النائب عن كتلة الخط الوطني السيادي عبد السلام الحمروني يوم الأربعاء 21 ماي 2025 وتمت إحالته إلى اللجنة من قبل مكتب مجلس نواب الشعب يوم الخميس 29 ماي 2025 ومن المنتظر أن يكون هذا المقترح بدوره موضوع جدل ساخن إذ تم بمقتضاه إلغاء عدد كبير من فصول المرسوم عدد 79 لسنة 2011 وتعويضها بأحكام جديدة مع تعديل العديد من الفصول الأخرى.

تجريم التطبيع

وتعقيبا على سؤال حول مآل المبادرة التشريعية المتعلقة بتنقيح المجلة الجزائية في اتجاه إتمام بعض أحكام هذه المجلة من خلال إضافة فقرة سادسة جديدة إلى الفصل 61  تحت عنوان زجر الاعتراف والتعامل مع الكيان الصهيوني وهي مبادرة أحالها مكتب مجلس نواب الشعب إلى لجنة التشريع العام بعد أن وقع تعليق أشغال الجلسة العامة ليوم 2 نوفمبر 2023 والتي خصصت للنظر في المبادرة المقدمة من قبل كتلة الخط الوطني السيادي والمتعلقة بتجريم التطبيع مع هذا الكيان، أشار نائب رئيس لجنة التشريع العام صالح مباركي إلى أن قرار استئناف تلك الجلسة العامة في يد مكتب المجلس.

سعيدة بوهلال