تعد الاستثمارات الوطنية والدولية أحد المحركات الأساسية للنمو الاقتصادي والتنمية المستدامة في تونس، خاصة في ظل التغيرات الاقتصادية العالمية التي تتطلب مواكبة ديناميكية وتخطيطًا استراتيجيًا. وفي هذا السياق، كشفت رئيسة الهيئة التونسية للاستثمار، نامية العيادي، مؤخرا، عن تحقيق تونس تطورًا ملحوظًا في الاستثمارات الوطنية المصرح بها، حيث ارتفعت قيمتها من 5240 مليون دينار سنة 2023 إلى 5614 مليون دينار سنة 2024، أي بزيادة ملحوظة تقدر بنحو 7 بالمائة.
وشهدت الاستثمارات الوطنية تطورًا متفاوتًا بين القطاعات، حيث تصدّر قطاع الطاقات المتجددة قائمة القطاعات الأكثر نموًا، بزيادة بلغت 50 بالمائة مقارنة بالسنة السابقة. ويأتي هذا النمو تزامنًا مع التحولات العالمية نحو التنمية المستدامة والانتقال الطاقي، حيث تسعى تونس إلى تعزيز مكانتها كمركز إقليمي للطاقة النظيفة.
إلى جانب الطاقات المتجددة، سجل قطاع الخدمات زيادة بنسبة 43 بالمائة، بينما شهد القطاع الصناعي نموًا طفيفًا بنسبة 3 بالمائة. في المقابل، عرفت الاستثمارات في المجال الفلاحي تراجعًا إلى أقل من 13 بالمائة، مما يستدعي مراجعة شاملة للنشاط الزراعي وتطوير استراتيجيات جديدة لتعزيز هذا القطاع الذي طالما كان أحد أعمدة الاقتصاد التونسي.
مشاريع كبرى ذات قيمة مضافة عالية
من أبرز ما يميز المشهد الاستثماري الحالي، استقطاب تونس لخمسة مشاريع كبرى خلال العام الحالي، والتي من المتوقع أن تكون لها تأثيرات إيجابية كبيرة على الاقتصاد الوطني. هذه المشاريع تتسم بقدرتها على تشغيل أكثر من 1000 مهندس تونسي، ما يعكس طبيعة الاستثمارات الموجهة نحو القطاعات ذات القيمة المضافة العالية. ومن بين هذه المشاريع، يبرز مركز بحث وتطوير أمريكي، إضافة إلى علامة أوروبية كبيرة في مجال صناعة السيارات الكهربائية، والتي تُشغل أكثر من 200 مهندس تونسي. كما تم تدشين مركز بحث وتطوير لشركة هندية في ولاية صفاقس منذ أسبوعين، ما يعزز من مكانة تونس كمحور استراتيجي للأبحاث والتطوير في منطقة شمال إفريقيا.
التوجه نحو القطاعات المستقبلية
أشارت نامية العيادي في تصريحاتها الإعلامية إلى أن الهيئة التونسية للاستثمار تُركز على جذب استثمارات في قطاعات إستراتيجية، مثل مكونات السيارات، ومكونات الطائرات، والصناعات الصيدلية، وتكنولوجيات الاتصال والمعلومات، والطاقات المتجددة، والصناعات الغذائية. هذه القطاعات ليست فقط قادرة على مواكبة التطورات التكنولوجية العالمية، بل تساهم أيضًا في تعزيز تشغيل الكفاءات التونسية وتطوير المهارات المحلية.
ورغم أن أوروبا تبقى الشريك الاستراتيجي الأول لتونس، إلا أن البلاد بدأت في توسيع دائرة شراكاتها الاقتصادية لتشمل دولًا أخرى مثل الصين، والهند، وكوريا الجنوبية. هذا التوجه يعكس إستراتيجية تونسية جديدة لتحقيق التنوع الاقتصادي واستغلال المتغيرات الجيو-اقتصادية من أجل ولوج أسواق غير تقليدية.
السوق الصينية والهندية، على سبيل المثال، أظهرتا اهتمامًا متزايدًا بتونس، خاصة في ظل توفر اليد العاملة التونسية ذات الكفاءة العالية والتي تشكل عنصر جذب قوي للمستثمرين الأجانب. ومن المتوقع أن تساهم هذه الشراكات في تعزيز التبادل التجاري وتنويع مصادر الدخل الوطني.
استثمارات تحفز النمو الاقتصادي
وتعتبر الزيادة الملحوظة في الاستثمارات الوطنية والدولية الموجهة نحو المشاريع الكبرى، مؤشرًا إيجابيًا على انتعاش الاقتصاد التونسي، خاصة في ظل التحديات التي تواجهها البلاد على المستويين الداخلي والخارجي. هذه الاستثمارات تحمل أهمية كبيرة لتحقيق نمو اقتصادي مستدام، حيث تساهم الاستثمارات الكبرى في تنشيط الاقتصاد الوطني من خلال خلق فرص عمل جديدة، وتحسين البنية التحتية، وزيادة الإنتاجية في القطاعات الحيوية، إضافة إلى تعزيز مكانة تونس كقطب صناعي من خلال استقطاب مشاريع ذات قيمة مضافة عالية، بما يحولها إلى مركز إقليمي للصناعات المتقدمة، مثل مكونات السيارات والطائرات والطاقات المتجددة.
وتسهم هذه المشاريع في توفير فرص عمل للكفاءات التونسية، خاصة في مجالات البحث والتطوير والتكنولوجيا الحديثة، ما يعزز من قدرات الموارد البشرية الوطنية. ويُعد تنويع الاقتصاد خطوة ضرورية لمواجهة الأزمات الاقتصادية العالمية والحد من الاعتماد على قطاعات تقليدية، مثل السياحة والزراعة، التي قد تتأثر بالتغيرات المناخية أو الأزمات الجيوسياسية. ومع توسع الاستثمارات في قطاعات موجهة نحو التصدير، مثل صناعة السيارات والطائرات، من المتوقع أن تشهد الصادرات التونسية نموًا كبيرًا، ما يؤدي إلى تحسين الميزان التجاري وزيادة تدفق العملة الصعبة.
ورغم هذه الإنجازات، لا تزال تونس تواجه تحديات كبيرة تتعلق بضرورة تطوير بيئة الأعمال، وتحسين البنية التحتية، وتبسيط الإجراءات الإدارية للمستثمرين. كما أن تراجع الاستثمار في القطاع الفلاحي يشكل تحديًا إضافيًا يستدعي وضع استراتيجيات مبتكرة للحفاظ على هذا القطاع وتطويره.
لكن في المقابل، توفر المشاريع الكبرى والاستثمارات في القطاعات المستقبلية فرصًا كبيرة لتونس لتحقيق طفرة اقتصادية حقيقية. فمع وجود إستراتيجية واضحة لجذب الاستثمارات واستغلال الكفاءات الوطنية، لا يستبعد أن تحقق تونس قفزة نوعية في مسار التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
وفي ظل التغيرات الاقتصادية العالمية، تبدو تونس في طريقها لتحقيق تحول اقتصادي كبير، مدعومًا بالاستثمارات الوطنية والدولية التي تتوجه نحو القطاعات ذات القيمة المضافة العالية. ومع استمرار الجهود لتعزيز الشراكات الدولية وتنويع الاقتصاد، تتهيأ تونس لتصبح قطبًا صناعيًا إقليميًا قادرًا على جذب المشاريع الكبرى وتحقيق التنمية المستدامة التي تلبي تطلعات الشعب التونسي وتواكب التغيرات الاقتصادية العالمية.
سفيان المهداوي
تعد الاستثمارات الوطنية والدولية أحد المحركات الأساسية للنمو الاقتصادي والتنمية المستدامة في تونس، خاصة في ظل التغيرات الاقتصادية العالمية التي تتطلب مواكبة ديناميكية وتخطيطًا استراتيجيًا. وفي هذا السياق، كشفت رئيسة الهيئة التونسية للاستثمار، نامية العيادي، مؤخرا، عن تحقيق تونس تطورًا ملحوظًا في الاستثمارات الوطنية المصرح بها، حيث ارتفعت قيمتها من 5240 مليون دينار سنة 2023 إلى 5614 مليون دينار سنة 2024، أي بزيادة ملحوظة تقدر بنحو 7 بالمائة.
وشهدت الاستثمارات الوطنية تطورًا متفاوتًا بين القطاعات، حيث تصدّر قطاع الطاقات المتجددة قائمة القطاعات الأكثر نموًا، بزيادة بلغت 50 بالمائة مقارنة بالسنة السابقة. ويأتي هذا النمو تزامنًا مع التحولات العالمية نحو التنمية المستدامة والانتقال الطاقي، حيث تسعى تونس إلى تعزيز مكانتها كمركز إقليمي للطاقة النظيفة.
إلى جانب الطاقات المتجددة، سجل قطاع الخدمات زيادة بنسبة 43 بالمائة، بينما شهد القطاع الصناعي نموًا طفيفًا بنسبة 3 بالمائة. في المقابل، عرفت الاستثمارات في المجال الفلاحي تراجعًا إلى أقل من 13 بالمائة، مما يستدعي مراجعة شاملة للنشاط الزراعي وتطوير استراتيجيات جديدة لتعزيز هذا القطاع الذي طالما كان أحد أعمدة الاقتصاد التونسي.
مشاريع كبرى ذات قيمة مضافة عالية
من أبرز ما يميز المشهد الاستثماري الحالي، استقطاب تونس لخمسة مشاريع كبرى خلال العام الحالي، والتي من المتوقع أن تكون لها تأثيرات إيجابية كبيرة على الاقتصاد الوطني. هذه المشاريع تتسم بقدرتها على تشغيل أكثر من 1000 مهندس تونسي، ما يعكس طبيعة الاستثمارات الموجهة نحو القطاعات ذات القيمة المضافة العالية. ومن بين هذه المشاريع، يبرز مركز بحث وتطوير أمريكي، إضافة إلى علامة أوروبية كبيرة في مجال صناعة السيارات الكهربائية، والتي تُشغل أكثر من 200 مهندس تونسي. كما تم تدشين مركز بحث وتطوير لشركة هندية في ولاية صفاقس منذ أسبوعين، ما يعزز من مكانة تونس كمحور استراتيجي للأبحاث والتطوير في منطقة شمال إفريقيا.
التوجه نحو القطاعات المستقبلية
أشارت نامية العيادي في تصريحاتها الإعلامية إلى أن الهيئة التونسية للاستثمار تُركز على جذب استثمارات في قطاعات إستراتيجية، مثل مكونات السيارات، ومكونات الطائرات، والصناعات الصيدلية، وتكنولوجيات الاتصال والمعلومات، والطاقات المتجددة، والصناعات الغذائية. هذه القطاعات ليست فقط قادرة على مواكبة التطورات التكنولوجية العالمية، بل تساهم أيضًا في تعزيز تشغيل الكفاءات التونسية وتطوير المهارات المحلية.
ورغم أن أوروبا تبقى الشريك الاستراتيجي الأول لتونس، إلا أن البلاد بدأت في توسيع دائرة شراكاتها الاقتصادية لتشمل دولًا أخرى مثل الصين، والهند، وكوريا الجنوبية. هذا التوجه يعكس إستراتيجية تونسية جديدة لتحقيق التنوع الاقتصادي واستغلال المتغيرات الجيو-اقتصادية من أجل ولوج أسواق غير تقليدية.
السوق الصينية والهندية، على سبيل المثال، أظهرتا اهتمامًا متزايدًا بتونس، خاصة في ظل توفر اليد العاملة التونسية ذات الكفاءة العالية والتي تشكل عنصر جذب قوي للمستثمرين الأجانب. ومن المتوقع أن تساهم هذه الشراكات في تعزيز التبادل التجاري وتنويع مصادر الدخل الوطني.
استثمارات تحفز النمو الاقتصادي
وتعتبر الزيادة الملحوظة في الاستثمارات الوطنية والدولية الموجهة نحو المشاريع الكبرى، مؤشرًا إيجابيًا على انتعاش الاقتصاد التونسي، خاصة في ظل التحديات التي تواجهها البلاد على المستويين الداخلي والخارجي. هذه الاستثمارات تحمل أهمية كبيرة لتحقيق نمو اقتصادي مستدام، حيث تساهم الاستثمارات الكبرى في تنشيط الاقتصاد الوطني من خلال خلق فرص عمل جديدة، وتحسين البنية التحتية، وزيادة الإنتاجية في القطاعات الحيوية، إضافة إلى تعزيز مكانة تونس كقطب صناعي من خلال استقطاب مشاريع ذات قيمة مضافة عالية، بما يحولها إلى مركز إقليمي للصناعات المتقدمة، مثل مكونات السيارات والطائرات والطاقات المتجددة.
وتسهم هذه المشاريع في توفير فرص عمل للكفاءات التونسية، خاصة في مجالات البحث والتطوير والتكنولوجيا الحديثة، ما يعزز من قدرات الموارد البشرية الوطنية. ويُعد تنويع الاقتصاد خطوة ضرورية لمواجهة الأزمات الاقتصادية العالمية والحد من الاعتماد على قطاعات تقليدية، مثل السياحة والزراعة، التي قد تتأثر بالتغيرات المناخية أو الأزمات الجيوسياسية. ومع توسع الاستثمارات في قطاعات موجهة نحو التصدير، مثل صناعة السيارات والطائرات، من المتوقع أن تشهد الصادرات التونسية نموًا كبيرًا، ما يؤدي إلى تحسين الميزان التجاري وزيادة تدفق العملة الصعبة.
ورغم هذه الإنجازات، لا تزال تونس تواجه تحديات كبيرة تتعلق بضرورة تطوير بيئة الأعمال، وتحسين البنية التحتية، وتبسيط الإجراءات الإدارية للمستثمرين. كما أن تراجع الاستثمار في القطاع الفلاحي يشكل تحديًا إضافيًا يستدعي وضع استراتيجيات مبتكرة للحفاظ على هذا القطاع وتطويره.
لكن في المقابل، توفر المشاريع الكبرى والاستثمارات في القطاعات المستقبلية فرصًا كبيرة لتونس لتحقيق طفرة اقتصادية حقيقية. فمع وجود إستراتيجية واضحة لجذب الاستثمارات واستغلال الكفاءات الوطنية، لا يستبعد أن تحقق تونس قفزة نوعية في مسار التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
وفي ظل التغيرات الاقتصادية العالمية، تبدو تونس في طريقها لتحقيق تحول اقتصادي كبير، مدعومًا بالاستثمارات الوطنية والدولية التي تتوجه نحو القطاعات ذات القيمة المضافة العالية. ومع استمرار الجهود لتعزيز الشراكات الدولية وتنويع الاقتصاد، تتهيأ تونس لتصبح قطبًا صناعيًا إقليميًا قادرًا على جذب المشاريع الكبرى وتحقيق التنمية المستدامة التي تلبي تطلعات الشعب التونسي وتواكب التغيرات الاقتصادية العالمية.