عرفت صادرات تونس تطورًا ملحوظًا إلى موفى شهر ماي من العام الجاري، حيث بلغت قيمتها حوالي 26.8 مليار دينار، وذلك وفقًا لتصريحات إعلامية لمدير مركز النهوض بالصادرات مراد بن حسين.
وقد شهد شهر ماي تحديدًا تسجيل رقم قياسي جديد بلغ حوالي 6.1 مليار دينار، مما يعكس ديناميكية إيجابية في التجارة الخارجية للبلاد، على الرغم من التحديات التي واجهتها بعض القطاعات الحيوية مثل قطاع زيت الزيتون الذي شهد تراجعًا في إيراداته.
أداء قوي رغم الصعوبات
وتمكنت تونس، التي تعتمد بشكل كبير على صادراتها لدعم الاقتصاد الوطني، من تحقيق هذا الأداء اللافت رغم الظروف الاقتصادية العالمية الصعبة، مثل تباطؤ الاقتصاد العالمي وارتفاع تكاليف النقل والطاقة. ويظهر هذا التطور استمرار الجهود الحكومية لتعزيز موقع تونس كوجهة تصديرية موثوقة، وذلك بالتوازي مع محاولات تنويع الأسواق الخارجية وتعزيز تنافسية المنتجات التونسية.
واللافت أن هذا التطور يأتي في ظل تراجع صادرات زيت الزيتون، وهو أحد القطاعات التي تمثل دعامة رئيسية للصادرات التونسية، حيث تأثر القطاع بانخفاض الإنتاج خلال الموسم الأخير نتيجة عوامل مناخية صعبة، إضافة إلى تقلص الطلب في الأسواق التقليدية مثل الاتحاد الأوروبي.
ووفقًا للبيانات التي نشرها المعهد الوطني للإحصاء، فقد ارتفعت صادرات تونس خلال الأشهر الخمسة الأولى من عام 2025 بنسبة ملحوظة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. وتعود هذه الزيادة إلى الأداء القوي لعدد من القطاعات على غرار الصناعات الميكانيكية والإلكترونية، وصناعات النسيج والملابس، إضافة إلى قطاع الصناعات الغذائية باستثناء زيت الزيتون.
كما أظهرت المعطيات أن تونس تمكنت من تعزيز صادراتها مع عدد من الأسواق التقليدية مثل الاتحاد الأوروبي، الذي يُعد الشريك التجاري الأول لتونس. فقد ارتفعت الصادرات إلى دول مثل فرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، وهو ما يعكس متانة العلاقات التجارية مع هذه الدول.
إستراتيجية لتنويع الوجهات
على صعيد آخر، سجلت تونس تقدمًا في اختراق أسواق جديدة خارج دائرة الشركاء التقليديين. فقد اتجهت إلى تعزيز حضورها في الأسواق الإفريقية، حيث شهدت صادراتها نحو دول مثل كوت ديفوار، والسنغال، ونيجيريا نموًا ملحوظًا. كما بدأت تونس في بناء علاقات تجارية أكثر قوة مع الأسواق الآسيوية، خاصة الصين والهند، وهو ما يعكس تحولًا استراتيجيًا نحو تنويع الشركاء التجاريين لتقليل الاعتماد على الأسواق التقليدية.
وبالعودة إلى أداء الصادرات التونسية خلال العام الماضي (2024)، فقد بلغت قيمتها الإجمالية حوالي 62 مليار دينار بارتفاع قدر بأكثر من 7 % عن سنة 2023 ، وهو رقم يعكس الجهود المبذولة للنهوض بهذا القطاع على الرغم من التحديات الاقتصادية واللوجستية التي واجهتها البلاد. وكانت الدول الأوروبية الأكثر استقطابًا للصادرات التونسية، خاصة فرنسا التي استحوذت على الحصة الأكبر من هذه الصادرات، تليها ألمانيا وإيطاليا.
كما شهدت الأسواق الإفريقية نصيبًا متزايدًا من الصادرات التونسية في 2024، فيما حافظت الصناعات الميكانيكية والإلكترونية على أدائها المتميز، إلى جانب الصناعات الكيمياوية والنسيج.
تحديات تستدعي الحذر
رغم هذا الأداء الإيجابي، فإن هناك عددًا من التحديات التي قد تؤثر على تطور الصادرات التونسية خلال الفترة المتبقية من العام الجاري. من بين هذه التحديات التقلبات المناخية، التي تؤثر بشكل مباشر على القطاعات الزراعية وخاصة زيت الزيتون، والتوترات الجيوسياسية التي قد تؤثر على استقرار الأسواق العالمية، فضلا عن ارتفاع تكاليف الإنتاج والنقل نتيجة استمرار أزمة ارتفاع أسعار الطاقة والمواد الأولية.
ومع ذلك، فإن المؤشرات المستقبلية تبدو مشجعة في حال استمرت الجهود الحكومية لتحفيز الصادرات، خاصة من خلال تعزيز الدعم المالي واللوجستي للمصدرين، والدفع نحو تنويع المنتجات المصدرة والأسواق المستهدفة.
خطة حكومية للنهوض بالصادرات
وتعمل تونس، اليوم، على تنفيذ خطة شاملة تهدف إلى تعزيز صادراتها ودعم قدرتها التنافسية عالميًا. وتشمل هذه الخطة عدة محاور رئيسية أبرزها تنويع الإنتاج الوطني، من خلال تشجيع القطاعات ذات القيمة المضافة العالية مثل الصناعات التكنولوجية والمبتكرة، وتعزيز الشراكات الدولية، عبر توقيع اتفاقيات تجارية جديدة مع دول ومناطق اقتصادية ناشئة، ودعم المصدرين، من خلال تقديم تسهيلات مالية، وتخفيضات ضريبية، وتطوير البنية التحتية اللوجستية، والتركيز على الأسواق الإفريقية، حيث تعتبر إفريقيا سوقًا واعدة للصادرات التونسية، خاصة في ظل النمو الاقتصادي الذي تشهده العديد من دول القارة، إضافة إلى الترويج للمنتجات التونسية عالميا، عبر تنظيم معارض دولية ومشاركة المصدرين التونسيين في الفعاليات الاقتصادية الكبرى.
القطاعات الواعدة
ومن المتوقع أن تلعب بعض القطاعات دورًا محوريًا في دفع عجلة الصادرات التونسية خلال السنوات المقبلة. من أبرز هذه القطاعات، الصناعات التكنولوجية والإلكترونية التي تشهد طلبًا متزايدًا في الأسواق العالمية، والصناعات الغذائية، خاصة المنتجات العضوية والمصنعة، التي تلقى قبولًا واسعًا في الأسواق الأوروبية والأسيوية، إضافة إلى النسيج والملابس الذي يستفيد من السمعة الجيدة للمنتجات التونسية في هذا المجال، إضافة إلى قطاع الطاقات المتجددة والذي من المنتظر أن يساهم بدوره في تنامي الصادرات الطاقية النظيفة خلال السنوات القادمة.
ويعكس تطور الصادرات التونسية إلى موفى ماي الماضي، نجاح الجهود المبذولة لتعزيز موقع البلاد على خارطة التجارة الدولية. ورغم التحديات التي تواجهها بعض القطاعات، فإن العمل المستمر على تنويع الأسواق والمنتجات، إلى جانب تحسين البنية التحتية ودعم المصدرين، بما يضع تونس في موقع أفضل لتحقيق أرقام قياسية جديدة مع نهاية العام الجاري وما بعده.
وتظل التحديات قائمة، لكن الطموح التونسي نحو تحقيق نمو اقتصادي مستدام يجعل من قطاع التصدير ركيزة أساسية لدفع عجلة التنمية وتحقيق الازدهار الاقتصادي.
سفيان المهداوي
عرفت صادرات تونس تطورًا ملحوظًا إلى موفى شهر ماي من العام الجاري، حيث بلغت قيمتها حوالي 26.8 مليار دينار، وذلك وفقًا لتصريحات إعلامية لمدير مركز النهوض بالصادرات مراد بن حسين.
وقد شهد شهر ماي تحديدًا تسجيل رقم قياسي جديد بلغ حوالي 6.1 مليار دينار، مما يعكس ديناميكية إيجابية في التجارة الخارجية للبلاد، على الرغم من التحديات التي واجهتها بعض القطاعات الحيوية مثل قطاع زيت الزيتون الذي شهد تراجعًا في إيراداته.
أداء قوي رغم الصعوبات
وتمكنت تونس، التي تعتمد بشكل كبير على صادراتها لدعم الاقتصاد الوطني، من تحقيق هذا الأداء اللافت رغم الظروف الاقتصادية العالمية الصعبة، مثل تباطؤ الاقتصاد العالمي وارتفاع تكاليف النقل والطاقة. ويظهر هذا التطور استمرار الجهود الحكومية لتعزيز موقع تونس كوجهة تصديرية موثوقة، وذلك بالتوازي مع محاولات تنويع الأسواق الخارجية وتعزيز تنافسية المنتجات التونسية.
واللافت أن هذا التطور يأتي في ظل تراجع صادرات زيت الزيتون، وهو أحد القطاعات التي تمثل دعامة رئيسية للصادرات التونسية، حيث تأثر القطاع بانخفاض الإنتاج خلال الموسم الأخير نتيجة عوامل مناخية صعبة، إضافة إلى تقلص الطلب في الأسواق التقليدية مثل الاتحاد الأوروبي.
ووفقًا للبيانات التي نشرها المعهد الوطني للإحصاء، فقد ارتفعت صادرات تونس خلال الأشهر الخمسة الأولى من عام 2025 بنسبة ملحوظة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. وتعود هذه الزيادة إلى الأداء القوي لعدد من القطاعات على غرار الصناعات الميكانيكية والإلكترونية، وصناعات النسيج والملابس، إضافة إلى قطاع الصناعات الغذائية باستثناء زيت الزيتون.
كما أظهرت المعطيات أن تونس تمكنت من تعزيز صادراتها مع عدد من الأسواق التقليدية مثل الاتحاد الأوروبي، الذي يُعد الشريك التجاري الأول لتونس. فقد ارتفعت الصادرات إلى دول مثل فرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، وهو ما يعكس متانة العلاقات التجارية مع هذه الدول.
إستراتيجية لتنويع الوجهات
على صعيد آخر، سجلت تونس تقدمًا في اختراق أسواق جديدة خارج دائرة الشركاء التقليديين. فقد اتجهت إلى تعزيز حضورها في الأسواق الإفريقية، حيث شهدت صادراتها نحو دول مثل كوت ديفوار، والسنغال، ونيجيريا نموًا ملحوظًا. كما بدأت تونس في بناء علاقات تجارية أكثر قوة مع الأسواق الآسيوية، خاصة الصين والهند، وهو ما يعكس تحولًا استراتيجيًا نحو تنويع الشركاء التجاريين لتقليل الاعتماد على الأسواق التقليدية.
وبالعودة إلى أداء الصادرات التونسية خلال العام الماضي (2024)، فقد بلغت قيمتها الإجمالية حوالي 62 مليار دينار بارتفاع قدر بأكثر من 7 % عن سنة 2023 ، وهو رقم يعكس الجهود المبذولة للنهوض بهذا القطاع على الرغم من التحديات الاقتصادية واللوجستية التي واجهتها البلاد. وكانت الدول الأوروبية الأكثر استقطابًا للصادرات التونسية، خاصة فرنسا التي استحوذت على الحصة الأكبر من هذه الصادرات، تليها ألمانيا وإيطاليا.
كما شهدت الأسواق الإفريقية نصيبًا متزايدًا من الصادرات التونسية في 2024، فيما حافظت الصناعات الميكانيكية والإلكترونية على أدائها المتميز، إلى جانب الصناعات الكيمياوية والنسيج.
تحديات تستدعي الحذر
رغم هذا الأداء الإيجابي، فإن هناك عددًا من التحديات التي قد تؤثر على تطور الصادرات التونسية خلال الفترة المتبقية من العام الجاري. من بين هذه التحديات التقلبات المناخية، التي تؤثر بشكل مباشر على القطاعات الزراعية وخاصة زيت الزيتون، والتوترات الجيوسياسية التي قد تؤثر على استقرار الأسواق العالمية، فضلا عن ارتفاع تكاليف الإنتاج والنقل نتيجة استمرار أزمة ارتفاع أسعار الطاقة والمواد الأولية.
ومع ذلك، فإن المؤشرات المستقبلية تبدو مشجعة في حال استمرت الجهود الحكومية لتحفيز الصادرات، خاصة من خلال تعزيز الدعم المالي واللوجستي للمصدرين، والدفع نحو تنويع المنتجات المصدرة والأسواق المستهدفة.
خطة حكومية للنهوض بالصادرات
وتعمل تونس، اليوم، على تنفيذ خطة شاملة تهدف إلى تعزيز صادراتها ودعم قدرتها التنافسية عالميًا. وتشمل هذه الخطة عدة محاور رئيسية أبرزها تنويع الإنتاج الوطني، من خلال تشجيع القطاعات ذات القيمة المضافة العالية مثل الصناعات التكنولوجية والمبتكرة، وتعزيز الشراكات الدولية، عبر توقيع اتفاقيات تجارية جديدة مع دول ومناطق اقتصادية ناشئة، ودعم المصدرين، من خلال تقديم تسهيلات مالية، وتخفيضات ضريبية، وتطوير البنية التحتية اللوجستية، والتركيز على الأسواق الإفريقية، حيث تعتبر إفريقيا سوقًا واعدة للصادرات التونسية، خاصة في ظل النمو الاقتصادي الذي تشهده العديد من دول القارة، إضافة إلى الترويج للمنتجات التونسية عالميا، عبر تنظيم معارض دولية ومشاركة المصدرين التونسيين في الفعاليات الاقتصادية الكبرى.
القطاعات الواعدة
ومن المتوقع أن تلعب بعض القطاعات دورًا محوريًا في دفع عجلة الصادرات التونسية خلال السنوات المقبلة. من أبرز هذه القطاعات، الصناعات التكنولوجية والإلكترونية التي تشهد طلبًا متزايدًا في الأسواق العالمية، والصناعات الغذائية، خاصة المنتجات العضوية والمصنعة، التي تلقى قبولًا واسعًا في الأسواق الأوروبية والأسيوية، إضافة إلى النسيج والملابس الذي يستفيد من السمعة الجيدة للمنتجات التونسية في هذا المجال، إضافة إلى قطاع الطاقات المتجددة والذي من المنتظر أن يساهم بدوره في تنامي الصادرات الطاقية النظيفة خلال السنوات القادمة.
ويعكس تطور الصادرات التونسية إلى موفى ماي الماضي، نجاح الجهود المبذولة لتعزيز موقع البلاد على خارطة التجارة الدولية. ورغم التحديات التي تواجهها بعض القطاعات، فإن العمل المستمر على تنويع الأسواق والمنتجات، إلى جانب تحسين البنية التحتية ودعم المصدرين، بما يضع تونس في موقع أفضل لتحقيق أرقام قياسية جديدة مع نهاية العام الجاري وما بعده.
وتظل التحديات قائمة، لكن الطموح التونسي نحو تحقيق نمو اقتصادي مستدام يجعل من قطاع التصدير ركيزة أساسية لدفع عجلة التنمية وتحقيق الازدهار الاقتصادي.