بين الاتفاقيات الدولية ومعضلة «التسليم» ..الجرائم العنصرية بفرنسا.. قتل مجاني تؤجّجه الكراهية
مقالات الصباح
أثارت الجريمة العنصرية التي استهدفت المهاجر التونسي هشام الميراوي بالقتل الكثير من الجدل لا سيما وأنه سبقتها العديد من الجرائم العنصرية وسجلت فرنسا السنة الماضية ارتفاعا بنسبة 11 % في الجرائم العنصرية أو المعادية للأجانب أو المناهضة للدين.
وقتل هشام الميراوي البالغ من العمر 35 عاما على يدي مواطنا فرنسيا في الخمسينات من عمره ونشر القاتل قبل الجريمة محتوى كراهية وعنصرية على حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي.
الجريمة هذه تأتي بعد شهر تقريبا من مقتل أبوبكر سيسيه، وهو شاب من مالي يبلغ من العمر 22 عاما، طعنا في مسجد ببلدة لا جراند كومب جنوب فرنسا وسط تصاعد العنصرية في البلاد.
وتضم فرنسا أكبر عدد من المسلمين في أوروبا، إذ يبلغ عددهم أكثر من ستة ملايين نسمة يشكلون نحو 10 % من سكان البلاد.
جريمة قتل هشام الميراوي أثارت المخاوف من جرائم العنصرية والكراهية ضد الأجانب وتفاعل وزير الداخلية خالد النوري مع جريمة قتل هشام الميراوي بدافع عنصري وطلب من نظيره الفرنسي «ضرُورة توفير الحماية اللازمة للجالية التونسيّة المُتواجدة على التراب الفرنسي وتأمينها» و» اعتماد مُقاربة استباقيّة لتفادي مثل هذه الجرائم التي تُسيء إلى الإنسانيّة، وضمان عدم تكرارها»، مُضيفا أن خطاب التحريض على الكراهيّة والتعصّب غالبا ما يُؤدّي إلى مثل هذه الجرائم البشعة.
ومن جانبه أعرب وزير الدّاخليّة الفرنسي عن إدانته الشديدة لهذه «الجريمة العُنصريّة» ووصفها بـ«الإرهابيّة»، مُؤكّدا رفض سُلطات بلاده التام لكُلّ ما من شأنه إثارة الفتنة داخل المُجتمع الفرنسي.
كما أكدت عديد المنظمات على أن تنقّل الأشخاص في العالم والهجرة والاستقرار في بلدان هي حق من حقوق الإنسان المشروعة لأن الإنسان بالفطرة وُلد مهاجرا ويتنقل من منطقة إلى أخرى ولا يمكن لأي كان أن يمنع الأشخاص من التنقل مهما كانت ديانتهم أو لونهم أو جنسهم..
كيف تتم معاقبة الجاني؟
السجن مدى الحياة أو السجن المؤبد في فرنسا هي عقوبة غير محددة المدة وقد تستمر لما تبقى من حياة المحكوم عليه. العقوبة هي أشد عقوبة ينص عليها القانون الفرنسي ويمكن أن تفرضها المحاكم على جرائم القتل المشدد والخيانة والإرهاب وتجار المخدرات والجرائم الخطيرة الأخرى التي تؤدي إلى الوفاة أو تنطوي على التعذيب.
التسليم..
يندرج هذا الموضوع ضمن إطار التعاون القضائي في المادة الجزائية بين تونس وفرنسا وهو ما يدفعنا الى التعرض للإطار القانوني المنظم للتسليم بين تونس وفرنسا.
وللإشارة فإنه توجد اتفاقية تسليم مجرمين بين تونس وفرنسا، هذه الاتفاقية هي اتفاقية ثنائية تتعلق بالتعاون القضائي في المادة الجزائية وتسليم المجرمين
بين الجمهورية التونسية والجمهورية الفرنسية.
والغرض منها تسهيل التعاون بين الدولتين في مجال تسليم المجرمين للمحاكمة أو تنفيذ العقوبة.
وتم توقيع الاتفاقية في تونس في 11 ماي 1998 وصادقت عليها بموجب قانون رقم 71 لسنة 1998.
وتخضع الاتفاقية لأحكام القانون التونسي والقانون الفرنسي.
وتساعد الاتفاقية في تسهيل عمليات تسليم المجرمين بين الدولتين كما تعزز التعاون القضائي بين تونس وفرنسا في مجال مكافحة الجريمة.
كما تساهم في تحقيق العدالة من خلال ضمان محاكمة المجرمين أو تنفيذ العقوبة عليهم.
وتختلف تفاصيل تطبيق الاتفاقية بناءً على كل حالة فردية وتتطلب إجراءات قانونية خاصة.
ويعتبر تسليم المجرمين من بين أهم المواضيع القانونية التي تندرج ضمن ميدان التعاون القضائي الدولي في مكافحة الجريمة، سواء كانت الجريمة عادية أي تلك التي تهم جرائم الحق العام وهي التي تتعلق بالفساد أو بالإرهاب أو جرائم تبييض الأموال.
ويمكن القول أن استرداد المجرمين أو تسليمهم هو عملية قانونية اتفاقية، تستوجب حصول اتفاق بين دولتين سواء استنادا الى معاهدات ثنائية او إقليمية او متعددة الأطراف.
لذلك فان طلب التسليم يجب ان يتضمن تصريحا قانونيا باسترداد شخص من قبل الدولة الطالبة يقيم على أرض الدولة المطلوب منها التسليم وذلك لمحاكمته عن جريمة من اختصاص محاكمها، ويعاقب عليها قانونها، أو لينفّذ عليه حكماً صادراً عن هذه المحاكم.
و يمكن القول ان تسليم المجرمين هو نوع من أنواع التعاون القضائي بين الدول لمكافحة الجريمة، بإلقاء القبض على المجرمين الفارين، ومحاكمتهم، وتنفيذ العقوبة عليهم.
شروط تسليم المجرمين
تتفق أغلب التشريعات العربية والأجنبية، والاتفاقيات الدولية، على أن التسليم لا يمكن أن يتم إلا إذا توفرت عدة شروط أولها أن يكون التجريم مزدوجا ومعنى هذا الشرط أن يكون الفعل موضوع التسليم مجرّما في قانون الدولتين طالبة التسليم، والمطلوب منها التسليم وذلك حتى لا يقع انتهاك حريات الأشخاص وإدانتهم من اجل أفعال قد لا تشكل جريمة.
وأن تكون الجريمة على قدر معين من الأهمية وهذا الشرط تفرضه اعتبارات عملية، تتعلق بإجراءات التسليم التي تستغرق مدة طويلة والمكلفة من الناحية المادية، لذلك فان اغلب التشاريع والمعاهدات تستثني من التسليم الجنج البسيطة.
كذلك ألا تكون الجريمة مما يحظر التسليم فيها قانونا أو عرفا وتحظر أكثر الدول تسليم الجاني من أجل بعض الجرائم، وهذه الجرائم هي الجرائم السياسية، والجرائم العسكرية.
وعلى أية حال، يحق للدولة المطلوب منها التسليم، أن توافق على التسليم، ويمكن لها ان تشترط شرطا تتعلق بعدم تنفيذ بعض العقوبات التي تراها مخالفة لنظامها القانوني والإنساني ، كعقوبة الإعدام، أو أية عقوبة أخرى تمس كرامة المحكوم عليه أو تحط من إنسانيته.
وأن يكون الاختصاص القضائي راجعا للدولة طالبة التسليم وهذا الشرط نتيجة منطقية لطبيعة مؤسسة التسليم اذ لا يحق لقضاء الدولة الطالبة تقديم طلب التسليم والحال انه غير مختص قانونا.
واذا كانت الدولة المطلوب منها التسليم مختصة أيضا بمحاكمة الشخص المعني بالتسليم، فلا يجوز انتزاع الشخص منها لمحاكمته، إلا إذا قبلت بذلك.
كما ان رفض التسليم لا يعني ترك الشخص المعني بالتسليم دون تتبع او محاكمة، بل يجب على الدولة الرافضة أن تحاكمه أمام محاكمها في حدود اختصاصها وذلك في اطار التعاون القضائي الدولي في مكافحة الجريمة.
وتتجه أغلب دول العالم إلى تبني مبدأ عدم تسليم رعاياها أو مواطنيها، وقيامها هي بمحاكمتهم وفرض العقوبة المستحقة عليهم، وتنفيذها وذلك احتراما لسيادة الدولة.
وألا تكون الدعوى العامة أو العقوبة قد سقطت بأحد أسباب السقوط كالتقادم أو العفو العام أو العفو الخاص، وهذا الشرط تفرضه المبادئ العامة للقانون الجزائي.
فسقوط الدعوى العامة بأحد أسباب السقوط، لا يترك محلا استنادا لهذه المبادئ، لإجراء عملية التسليم.
وألا يكون قد وقع اتصال القضاء بالجريمة المرتكبة من قبل المعني بالتسليم، وهذا الشرط تتمسك به الدول حتى لا يتم مقاضاة الأشخاص مرتين.
شكاية من الورثة..
والفصل 307 مكرر (أضيف بالقانون عدد 113 لسنة 1993 المؤرخ في 22 نوفمبر 1993)كل من ارتكب خارج التراب التونسي، سواء بوصفه فاعلا أصليا أو شريكا جناية أو جنحة، يمكن تتبعه ومحاكمته من قبل المحاكم التونسية إذا كان المتضرر تونسي الجنسية.
ولا يجري التتبع إلا بطلب من النيابة العمومية بناء على شكاية من المتضرر أو من ورثته.. ولا يجوز إجراء التتبع إذا أثبت المتهم أنه حكم عليه نهائيا بالخارج، وفي صورة الحكم عليه بالعقاب، أنه قضى العقاب المحكوم به عليه، أو سقط بمرور الزمن، أو شمله العفو.
وأما بالنسبة لتسليم المجرمين الأجانب فإن الفصل 310 من مجلة الإجراءات الجزائية ينص على أنه للحكومة أن تسلم لحكومات الدول الأجنبية بناء على طلبها كل شخص غير تونسي وجد بتراب الجمهورية التونسية وكان موضوع تتبع جار باسم الدولة الطالبة أو موضوع حكم صادر عن محاكمها.
لكن لا يمكن منح التسليم إلا إذا كانت الجريمة المطلوب من أجلها قد ارتكبت بتراب الدولة الطالبة من أحد رعاياها أو من أجنبي أو خارج ترابها من أحد رعاياها أو خارج ترابها من أجنبي عنها إذا كانت الجريمة من الجرائم التي يخول القانون التونسي تتبعها بالبلاد التونسية ولو اقترفها أجنبي بالخارج.
ولكن المعضلة التي تظل تواجه هذه القضية ومثلها من القضايا التي يكون ضحاياها مهاجرون قتلوا او تعرضوا الى اي نوع اخر من الجريمة التي تقف خلفها دوافع عنصرية.. هل أن الضحايا سيتم إنصافهم أمام التعقيدات الإجرائية ومحاكمة الجناة على أراضيهم؟؟
مفيدة القيزاني
أثارت الجريمة العنصرية التي استهدفت المهاجر التونسي هشام الميراوي بالقتل الكثير من الجدل لا سيما وأنه سبقتها العديد من الجرائم العنصرية وسجلت فرنسا السنة الماضية ارتفاعا بنسبة 11 % في الجرائم العنصرية أو المعادية للأجانب أو المناهضة للدين.
وقتل هشام الميراوي البالغ من العمر 35 عاما على يدي مواطنا فرنسيا في الخمسينات من عمره ونشر القاتل قبل الجريمة محتوى كراهية وعنصرية على حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي.
الجريمة هذه تأتي بعد شهر تقريبا من مقتل أبوبكر سيسيه، وهو شاب من مالي يبلغ من العمر 22 عاما، طعنا في مسجد ببلدة لا جراند كومب جنوب فرنسا وسط تصاعد العنصرية في البلاد.
وتضم فرنسا أكبر عدد من المسلمين في أوروبا، إذ يبلغ عددهم أكثر من ستة ملايين نسمة يشكلون نحو 10 % من سكان البلاد.
جريمة قتل هشام الميراوي أثارت المخاوف من جرائم العنصرية والكراهية ضد الأجانب وتفاعل وزير الداخلية خالد النوري مع جريمة قتل هشام الميراوي بدافع عنصري وطلب من نظيره الفرنسي «ضرُورة توفير الحماية اللازمة للجالية التونسيّة المُتواجدة على التراب الفرنسي وتأمينها» و» اعتماد مُقاربة استباقيّة لتفادي مثل هذه الجرائم التي تُسيء إلى الإنسانيّة، وضمان عدم تكرارها»، مُضيفا أن خطاب التحريض على الكراهيّة والتعصّب غالبا ما يُؤدّي إلى مثل هذه الجرائم البشعة.
ومن جانبه أعرب وزير الدّاخليّة الفرنسي عن إدانته الشديدة لهذه «الجريمة العُنصريّة» ووصفها بـ«الإرهابيّة»، مُؤكّدا رفض سُلطات بلاده التام لكُلّ ما من شأنه إثارة الفتنة داخل المُجتمع الفرنسي.
كما أكدت عديد المنظمات على أن تنقّل الأشخاص في العالم والهجرة والاستقرار في بلدان هي حق من حقوق الإنسان المشروعة لأن الإنسان بالفطرة وُلد مهاجرا ويتنقل من منطقة إلى أخرى ولا يمكن لأي كان أن يمنع الأشخاص من التنقل مهما كانت ديانتهم أو لونهم أو جنسهم..
كيف تتم معاقبة الجاني؟
السجن مدى الحياة أو السجن المؤبد في فرنسا هي عقوبة غير محددة المدة وقد تستمر لما تبقى من حياة المحكوم عليه. العقوبة هي أشد عقوبة ينص عليها القانون الفرنسي ويمكن أن تفرضها المحاكم على جرائم القتل المشدد والخيانة والإرهاب وتجار المخدرات والجرائم الخطيرة الأخرى التي تؤدي إلى الوفاة أو تنطوي على التعذيب.
التسليم..
يندرج هذا الموضوع ضمن إطار التعاون القضائي في المادة الجزائية بين تونس وفرنسا وهو ما يدفعنا الى التعرض للإطار القانوني المنظم للتسليم بين تونس وفرنسا.
وللإشارة فإنه توجد اتفاقية تسليم مجرمين بين تونس وفرنسا، هذه الاتفاقية هي اتفاقية ثنائية تتعلق بالتعاون القضائي في المادة الجزائية وتسليم المجرمين
بين الجمهورية التونسية والجمهورية الفرنسية.
والغرض منها تسهيل التعاون بين الدولتين في مجال تسليم المجرمين للمحاكمة أو تنفيذ العقوبة.
وتم توقيع الاتفاقية في تونس في 11 ماي 1998 وصادقت عليها بموجب قانون رقم 71 لسنة 1998.
وتخضع الاتفاقية لأحكام القانون التونسي والقانون الفرنسي.
وتساعد الاتفاقية في تسهيل عمليات تسليم المجرمين بين الدولتين كما تعزز التعاون القضائي بين تونس وفرنسا في مجال مكافحة الجريمة.
كما تساهم في تحقيق العدالة من خلال ضمان محاكمة المجرمين أو تنفيذ العقوبة عليهم.
وتختلف تفاصيل تطبيق الاتفاقية بناءً على كل حالة فردية وتتطلب إجراءات قانونية خاصة.
ويعتبر تسليم المجرمين من بين أهم المواضيع القانونية التي تندرج ضمن ميدان التعاون القضائي الدولي في مكافحة الجريمة، سواء كانت الجريمة عادية أي تلك التي تهم جرائم الحق العام وهي التي تتعلق بالفساد أو بالإرهاب أو جرائم تبييض الأموال.
ويمكن القول أن استرداد المجرمين أو تسليمهم هو عملية قانونية اتفاقية، تستوجب حصول اتفاق بين دولتين سواء استنادا الى معاهدات ثنائية او إقليمية او متعددة الأطراف.
لذلك فان طلب التسليم يجب ان يتضمن تصريحا قانونيا باسترداد شخص من قبل الدولة الطالبة يقيم على أرض الدولة المطلوب منها التسليم وذلك لمحاكمته عن جريمة من اختصاص محاكمها، ويعاقب عليها قانونها، أو لينفّذ عليه حكماً صادراً عن هذه المحاكم.
و يمكن القول ان تسليم المجرمين هو نوع من أنواع التعاون القضائي بين الدول لمكافحة الجريمة، بإلقاء القبض على المجرمين الفارين، ومحاكمتهم، وتنفيذ العقوبة عليهم.
شروط تسليم المجرمين
تتفق أغلب التشريعات العربية والأجنبية، والاتفاقيات الدولية، على أن التسليم لا يمكن أن يتم إلا إذا توفرت عدة شروط أولها أن يكون التجريم مزدوجا ومعنى هذا الشرط أن يكون الفعل موضوع التسليم مجرّما في قانون الدولتين طالبة التسليم، والمطلوب منها التسليم وذلك حتى لا يقع انتهاك حريات الأشخاص وإدانتهم من اجل أفعال قد لا تشكل جريمة.
وأن تكون الجريمة على قدر معين من الأهمية وهذا الشرط تفرضه اعتبارات عملية، تتعلق بإجراءات التسليم التي تستغرق مدة طويلة والمكلفة من الناحية المادية، لذلك فان اغلب التشاريع والمعاهدات تستثني من التسليم الجنج البسيطة.
كذلك ألا تكون الجريمة مما يحظر التسليم فيها قانونا أو عرفا وتحظر أكثر الدول تسليم الجاني من أجل بعض الجرائم، وهذه الجرائم هي الجرائم السياسية، والجرائم العسكرية.
وعلى أية حال، يحق للدولة المطلوب منها التسليم، أن توافق على التسليم، ويمكن لها ان تشترط شرطا تتعلق بعدم تنفيذ بعض العقوبات التي تراها مخالفة لنظامها القانوني والإنساني ، كعقوبة الإعدام، أو أية عقوبة أخرى تمس كرامة المحكوم عليه أو تحط من إنسانيته.
وأن يكون الاختصاص القضائي راجعا للدولة طالبة التسليم وهذا الشرط نتيجة منطقية لطبيعة مؤسسة التسليم اذ لا يحق لقضاء الدولة الطالبة تقديم طلب التسليم والحال انه غير مختص قانونا.
واذا كانت الدولة المطلوب منها التسليم مختصة أيضا بمحاكمة الشخص المعني بالتسليم، فلا يجوز انتزاع الشخص منها لمحاكمته، إلا إذا قبلت بذلك.
كما ان رفض التسليم لا يعني ترك الشخص المعني بالتسليم دون تتبع او محاكمة، بل يجب على الدولة الرافضة أن تحاكمه أمام محاكمها في حدود اختصاصها وذلك في اطار التعاون القضائي الدولي في مكافحة الجريمة.
وتتجه أغلب دول العالم إلى تبني مبدأ عدم تسليم رعاياها أو مواطنيها، وقيامها هي بمحاكمتهم وفرض العقوبة المستحقة عليهم، وتنفيذها وذلك احتراما لسيادة الدولة.
وألا تكون الدعوى العامة أو العقوبة قد سقطت بأحد أسباب السقوط كالتقادم أو العفو العام أو العفو الخاص، وهذا الشرط تفرضه المبادئ العامة للقانون الجزائي.
فسقوط الدعوى العامة بأحد أسباب السقوط، لا يترك محلا استنادا لهذه المبادئ، لإجراء عملية التسليم.
وألا يكون قد وقع اتصال القضاء بالجريمة المرتكبة من قبل المعني بالتسليم، وهذا الشرط تتمسك به الدول حتى لا يتم مقاضاة الأشخاص مرتين.
شكاية من الورثة..
والفصل 307 مكرر (أضيف بالقانون عدد 113 لسنة 1993 المؤرخ في 22 نوفمبر 1993)كل من ارتكب خارج التراب التونسي، سواء بوصفه فاعلا أصليا أو شريكا جناية أو جنحة، يمكن تتبعه ومحاكمته من قبل المحاكم التونسية إذا كان المتضرر تونسي الجنسية.
ولا يجري التتبع إلا بطلب من النيابة العمومية بناء على شكاية من المتضرر أو من ورثته.. ولا يجوز إجراء التتبع إذا أثبت المتهم أنه حكم عليه نهائيا بالخارج، وفي صورة الحكم عليه بالعقاب، أنه قضى العقاب المحكوم به عليه، أو سقط بمرور الزمن، أو شمله العفو.
وأما بالنسبة لتسليم المجرمين الأجانب فإن الفصل 310 من مجلة الإجراءات الجزائية ينص على أنه للحكومة أن تسلم لحكومات الدول الأجنبية بناء على طلبها كل شخص غير تونسي وجد بتراب الجمهورية التونسية وكان موضوع تتبع جار باسم الدولة الطالبة أو موضوع حكم صادر عن محاكمها.
لكن لا يمكن منح التسليم إلا إذا كانت الجريمة المطلوب من أجلها قد ارتكبت بتراب الدولة الطالبة من أحد رعاياها أو من أجنبي أو خارج ترابها من أحد رعاياها أو خارج ترابها من أجنبي عنها إذا كانت الجريمة من الجرائم التي يخول القانون التونسي تتبعها بالبلاد التونسية ولو اقترفها أجنبي بالخارج.
ولكن المعضلة التي تظل تواجه هذه القضية ومثلها من القضايا التي يكون ضحاياها مهاجرون قتلوا او تعرضوا الى اي نوع اخر من الجريمة التي تقف خلفها دوافع عنصرية.. هل أن الضحايا سيتم إنصافهم أمام التعقيدات الإجرائية ومحاكمة الجناة على أراضيهم؟؟
مفيدة القيزاني