إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

لمواجهة‭ ‬شبح‭ ‬تراجع‭ ‬نسب‭ ‬الخصوبة‭ ‬والتهرّم‭ ‬السكاني التشجيع‭ ‬على‭ ‬الولادات‭ ‬ضرورة‭.. ‬لكن‭ ‬بأيّة‭ ‬كلفة؟

قال‭ ‬وزير‭ ‬الصحة‭ ‬مصطفى‭ ‬الفرجاني‭ ‬إنّه‭ ‬يجب‭ ‬وضع‭ ‬سياسة‭ ‬جديدة‭ ‬للتشجيع‭ ‬على‭ ‬الولادات،‭ ‬مشدّدًا‭ ‬في‭ ‬الجلسة‭ ‬التي‭ ‬انعقدت‭ ‬بالبرلمان‭ ‬أول‭ ‬أمس،‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬وضع‭ ‬رؤية‭ ‬مشتركة‭ ‬لإصلاح‭ ‬النمو‭ ‬الديمغرافي‭ ‬وتحسين‭ ‬الولادات‭.‬

ومنذ‭ ‬فترة،‭ ‬بدأت‭ ‬التحذيرات‭ ‬من‭ ‬عمق‭ ‬التحولات‭ ‬الديمغرافية‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬التونسي‭ ‬ونوعية‭ ‬التحديات‭ ‬القادمة‭ ‬المرتبطة‭ ‬به‭. ‬وجاءت‭ ‬نتائج‭ ‬التعداد‭ ‬السكاني‭ ‬الأخير‭ ‬لتؤكّد‭ ‬تلك‭ ‬المؤشرات،‭ ‬وتضع‭ ‬الإشكاليات‭ ‬المطروحة‭ ‬على‭ ‬طاولة‭ ‬الحكومة‭ ‬بدرجة‭ ‬أولى،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬بقية‭ ‬الأطراف‭ ‬المعنية،‭ ‬للتفكير‭ ‬بجدّية‭ ‬في‭ ‬إجراءات‭ ‬عملية‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬المعطيات‭ ‬والتحديات‭ ‬القادمة‭.‬

وأشار‭ ‬وزير‭ ‬الصحة‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الجلسة‭ ‬إلى‭ ‬ضرورة‭ ‬‮«‬وضع‭ ‬إستراتيجية‭ ‬صحية‭ ‬مشتركة‭ ‬مبنية‭ ‬على‭ ‬الأولويات،‭ ‬خاصة‭ ‬مع‭ ‬نقص‭ ‬الولادات‭..‬‮»‬‭.‬

غياب‭ ‬تجديد‭ ‬الأجيال

يفيد‭ ‬المختصّون‭ ‬أن‭ ‬السبب‭ ‬الأول‭ ‬لتراجع‭ ‬نسبة‭ ‬النمو‭ ‬هو‭ ‬تراجع‭ ‬عدد‭ ‬عقود‭ ‬الزواج‭ (‬من‭ ‬92‭ ‬ألف‭ ‬عقد‭ ‬سنتي‭ ‬2016‭ ‬و2017‭ ‬إلى‭ ‬65‭ ‬ألف‭ ‬عقد‭ ‬سنة‭ ‬2020‭ ‬و78‭ ‬ألف‭ ‬عقد‭ ‬سنة‭ ‬2022‭). ‬كما‭ ‬أن‭ ‬تراجع‭ ‬عدد‭ ‬الزيجات‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬أدّى‭ ‬إلى‭ ‬تراجع‭ ‬عدد‭ ‬الولادات‭ (‬من‭ ‬222‭ ‬ألفًا‭ ‬سنة‭ ‬2013‭ ‬إلى‭ ‬160‭ ‬ألفًا‭ ‬سنة‭ ‬2021‭).‬

ويعتبر‭ ‬الأستاذ‭ ‬الجامعي‭ ‬في‭ ‬الديموغرافيا‭ ‬الاجتماعية‭ ‬محمد‭ ‬علي‭ ‬بن‭ ‬زينة‭ ‬أنّ‭ ‬مؤشّر‭ ‬الخصوبة‭ ‬الحالي‭ ‬يدلّ‭ ‬على‭ ‬غياب‭ ‬تجديد‭ ‬الأجيال،‭ ‬مضيفًا‭ ‬في‭ ‬تصريح‭ ‬إعلامي‭ ‬مؤخرًا‭ ‬أنّ‭ ‬‮«‬الدراسات‭ ‬تؤكّد‭ ‬غياب‭ ‬نية‭ ‬واضحة‭ ‬لتغيير‭ ‬السلوك‭ ‬الإنجابي‭ ‬في‭ ‬تونس،‭ ‬في‭ ‬ظلّ‭ ‬تراجع‭ ‬نسب‭ ‬الزواج‭ ‬والولادات،‭ ‬وتصاعد‭ ‬كلفة‭ ‬المعيشة،‭ ‬وتواتر‭ ‬الأزمات‭ ‬الصحية،‭ ‬ما‭ ‬يدفع‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬التونسيين‭ ‬إلى‭ ‬تأجيل‭ ‬مشروع‭ ‬الزواج‭ ‬والإنجاب‮»‬‭.‬

ووفق‭ ‬البحوث‭ ‬والدراسات،‭ ‬يُتوقّع‭ ‬أن‭ ‬يواصل‭ ‬معدل‭ ‬الخصوبة‭ ‬تراجعه‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬المقبلة،‭ ‬وقد‭ ‬يشهد‭ ‬المجتمع‭ ‬التونسي‭ ‬بين‭ ‬سنة‭ ‬2035‭ ‬وسنة‭ ‬2040‭ ‬تهرّمًا‭ ‬سكانيًا،‭ ‬على‭ ‬شاكلة‭ ‬كل‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬اعتمدت‭ ‬سياسات‭ ‬تحديد‭ ‬النسل‭.‬

ويبلغ‭ ‬متوسّط‭ ‬العمر‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬35‭ ‬سنة،‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬أنّ‭ ‬شكل‭ ‬الهرم‭ ‬السكاني‭ ‬يتّخذ‭ ‬منحى‭ ‬التهرّم‭. ‬وبلغ‭ ‬مؤشّر‭ ‬الشيخوخة‭ ‬73‭.‬9‭ % ‬في‭ ‬التعداد‭ ‬العام‭ ‬لسنة‭ ‬2024،‭ ‬مقارنة‭ ‬
بـ23‭.‬9‭ % ‬فقط‭ ‬في‭ ‬تعداد‭ ‬1994‭. ‬كما‭ ‬تراجع‭ ‬معدل‭ ‬الخصوبة،‭ ‬الذي‭ ‬بلغ‭ ‬1‭.‬7‭ ‬طفل‭ ‬لكلّ‭ ‬امرأة،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أنّ‭ ‬المعدّل‭ ‬المطلوب‭ ‬لضمان‭ ‬التوازن‭ ‬الديمغرافي‭ ‬هو‭ ‬2‭.‬1‭ ‬طفل‭ ‬لكل‭ ‬امرأة‭ ‬متزوجة‭.‬

وأصبح‭ ‬الوضع‭ ‬يستدعي‭ ‬توجّهًا‭ ‬حكوميًا‭ ‬نحو‭ ‬إدماج‭ ‬المعطى‭ ‬الديمغرافي‭ ‬في‭ ‬التخطيط‭ ‬الاستراتيجي،‭ ‬مع‭ ‬تغيير‭ ‬أولويات‭ ‬التنمية،‭ ‬لمواجهة‭ ‬التحديات‭ ‬القادمة‭ ‬في‭ ‬علاقة‭ ‬بالشيخوخة‭ ‬وضعف‭ ‬نسبة‭ ‬الولادات‭.‬

مراجعة‭ ‬السياسات‭ ‬الاجتماعية

في‭ ‬سياق‭ ‬آخر،‭ ‬حذّر‭ ‬مؤخرًا‭ ‬وزير‭ ‬الاقتصاد‭ ‬والتخطيط،‭ ‬سمير‭ ‬عبد‭ ‬الحفيظ،‭ ‬من‭ ‬التوجه‭ ‬المتسارع‭ ‬نحو‭ ‬‮«‬التهرّم‭ ‬السكاني‮»‬،‭ ‬معتبرًا‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬بات‭ ‬من‭ ‬الضروري‭ ‬التأقلم‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬الوضعية‭ ‬الجديدة‭ ‬عبر‭ ‬مراجعة‭ ‬السياسات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬لتتلاءم‭ ‬مع‭ ‬حاجيات‭ ‬الفئات‭ ‬العمرية‭ ‬الأكبر،‭ ‬في‭ ‬ظلّ‭ ‬تراجع‭ ‬نسبة‭ ‬الأطفال‭ ‬والشباب‭ ‬ضمن‭ ‬الهرم‭ ‬السكاني‮»‬‭.‬

كما‭ ‬صرّح‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد‭ ‬المدير‭ ‬الفني‭ ‬للتعداد‭ ‬العام‭ ‬للسكان‭ ‬والسكنى،‭ ‬عبد‭ ‬القادر‭ ‬الطلحاوي،‭ ‬قائلًا‭: ‬‮«‬ربّما‭ ‬حان‭ ‬الوقت‭ ‬لمُراجعة‭ ‬السياسات‭ ‬الديمغرافية‭ ‬نحو‭ ‬التشجيع‭ ‬على‭ ‬الإنجاب‮»‬‭.‬

وتجدر‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬لجوء‭ ‬عديد‭ ‬البلدان‭ ‬إلى‭ ‬اعتماد‭ ‬سياسات‭ ‬جديدة‭ ‬لمواجهة‭ ‬تقلّص‭ ‬الولادات‭ ‬والتهرّم‭ ‬السكاني،‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬لجوء‭ ‬السلطات‭ ‬في‭ ‬تايلاند‭ ‬إلى‭ ‬المنح‭ ‬النقدية‭ ‬والحوافز‭ ‬الضريبية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التحفيز‭ ‬على‭ ‬الإنجاب‭.‬

كما‭ ‬أعلنت‭ ‬سابقًا‭ ‬الحكومة‭ ‬المجرية‭ ‬عن‭ ‬برنامج‭ ‬إعفاءات‭ ‬ضريبية،‭ ‬وحوافز‭ ‬مالية،‭ ‬وقروض‭ ‬تشجيعية‭ ‬قد‭ ‬تبلغ‭ ‬30‭ ‬ألف‭ ‬يورو‭ ‬للآباء‭ ‬الراغبين‭ ‬في‭ ‬الإنجاب،‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬مساعي‭ ‬الدولة‭ ‬لتشجيع‭ ‬مواطنيها‭ ‬على‭ ‬زيادة‭ ‬معدل‭ ‬الإنجاب‭.‬

ويعتبر‭ ‬بعض‭ ‬المختصين‭ ‬أن‭ ‬تشجيع‭ ‬الولادات‭ ‬يتطلّب‭ ‬إجراءات‭ ‬مثل‭ ‬التشجيع‭ ‬على‭ ‬الزواج،‭ ‬بتقديم‭ ‬منح‭ ‬لمن‭ ‬يتزوجون‭ ‬في‭ ‬سنّ‭ ‬مبكرة‭ ‬ومنحهم‭ ‬الأولوية‭ ‬في‭ ‬العمل،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬التفكير‭ ‬في‭ ‬إعفاءات‭ ‬ضريبية‭ ‬لتخفيف‭ ‬الضغوط‭ ‬المالية،‭ ‬وإجراءات‭ ‬مساندة‭ ‬ومرافقة‭ ‬اجتماعية‭ ‬في‭ ‬حضانة‭ ‬الأطفال،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬للأم‭ ‬العاملة‭.‬

لكن‭ ‬يظل‭ ‬الإشكال‭ ‬المطروح‭: ‬هل‭ ‬تقدر‭ ‬تونس،‭ ‬في‭ ‬ظلّ‭ ‬الصعوبات‭ ‬والتحديات‭ ‬المالية‭ ‬والاقتصادية،‭ ‬على‭ ‬التسريع‭ ‬في‭ ‬اتخاذ‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬القرارات‭ ‬التي‭ ‬تكون‭ ‬لها‭ ‬كلفة‭ ‬على‭ ‬المجموعة‭ ‬الوطنية؟

◗‭ ‬م‭. ‬ي

لمواجهة‭ ‬شبح‭ ‬تراجع‭ ‬نسب‭ ‬الخصوبة‭ ‬والتهرّم‭ ‬السكاني التشجيع‭ ‬على‭ ‬الولادات‭ ‬ضرورة‭.. ‬لكن‭ ‬بأيّة‭ ‬كلفة؟

قال‭ ‬وزير‭ ‬الصحة‭ ‬مصطفى‭ ‬الفرجاني‭ ‬إنّه‭ ‬يجب‭ ‬وضع‭ ‬سياسة‭ ‬جديدة‭ ‬للتشجيع‭ ‬على‭ ‬الولادات،‭ ‬مشدّدًا‭ ‬في‭ ‬الجلسة‭ ‬التي‭ ‬انعقدت‭ ‬بالبرلمان‭ ‬أول‭ ‬أمس،‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬وضع‭ ‬رؤية‭ ‬مشتركة‭ ‬لإصلاح‭ ‬النمو‭ ‬الديمغرافي‭ ‬وتحسين‭ ‬الولادات‭.‬

ومنذ‭ ‬فترة،‭ ‬بدأت‭ ‬التحذيرات‭ ‬من‭ ‬عمق‭ ‬التحولات‭ ‬الديمغرافية‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬التونسي‭ ‬ونوعية‭ ‬التحديات‭ ‬القادمة‭ ‬المرتبطة‭ ‬به‭. ‬وجاءت‭ ‬نتائج‭ ‬التعداد‭ ‬السكاني‭ ‬الأخير‭ ‬لتؤكّد‭ ‬تلك‭ ‬المؤشرات،‭ ‬وتضع‭ ‬الإشكاليات‭ ‬المطروحة‭ ‬على‭ ‬طاولة‭ ‬الحكومة‭ ‬بدرجة‭ ‬أولى،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬بقية‭ ‬الأطراف‭ ‬المعنية،‭ ‬للتفكير‭ ‬بجدّية‭ ‬في‭ ‬إجراءات‭ ‬عملية‭ ‬للتعامل‭ ‬مع‭ ‬المعطيات‭ ‬والتحديات‭ ‬القادمة‭.‬

وأشار‭ ‬وزير‭ ‬الصحة‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الجلسة‭ ‬إلى‭ ‬ضرورة‭ ‬‮«‬وضع‭ ‬إستراتيجية‭ ‬صحية‭ ‬مشتركة‭ ‬مبنية‭ ‬على‭ ‬الأولويات،‭ ‬خاصة‭ ‬مع‭ ‬نقص‭ ‬الولادات‭..‬‮»‬‭.‬

غياب‭ ‬تجديد‭ ‬الأجيال

يفيد‭ ‬المختصّون‭ ‬أن‭ ‬السبب‭ ‬الأول‭ ‬لتراجع‭ ‬نسبة‭ ‬النمو‭ ‬هو‭ ‬تراجع‭ ‬عدد‭ ‬عقود‭ ‬الزواج‭ (‬من‭ ‬92‭ ‬ألف‭ ‬عقد‭ ‬سنتي‭ ‬2016‭ ‬و2017‭ ‬إلى‭ ‬65‭ ‬ألف‭ ‬عقد‭ ‬سنة‭ ‬2020‭ ‬و78‭ ‬ألف‭ ‬عقد‭ ‬سنة‭ ‬2022‭). ‬كما‭ ‬أن‭ ‬تراجع‭ ‬عدد‭ ‬الزيجات‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬أدّى‭ ‬إلى‭ ‬تراجع‭ ‬عدد‭ ‬الولادات‭ (‬من‭ ‬222‭ ‬ألفًا‭ ‬سنة‭ ‬2013‭ ‬إلى‭ ‬160‭ ‬ألفًا‭ ‬سنة‭ ‬2021‭).‬

ويعتبر‭ ‬الأستاذ‭ ‬الجامعي‭ ‬في‭ ‬الديموغرافيا‭ ‬الاجتماعية‭ ‬محمد‭ ‬علي‭ ‬بن‭ ‬زينة‭ ‬أنّ‭ ‬مؤشّر‭ ‬الخصوبة‭ ‬الحالي‭ ‬يدلّ‭ ‬على‭ ‬غياب‭ ‬تجديد‭ ‬الأجيال،‭ ‬مضيفًا‭ ‬في‭ ‬تصريح‭ ‬إعلامي‭ ‬مؤخرًا‭ ‬أنّ‭ ‬‮«‬الدراسات‭ ‬تؤكّد‭ ‬غياب‭ ‬نية‭ ‬واضحة‭ ‬لتغيير‭ ‬السلوك‭ ‬الإنجابي‭ ‬في‭ ‬تونس،‭ ‬في‭ ‬ظلّ‭ ‬تراجع‭ ‬نسب‭ ‬الزواج‭ ‬والولادات،‭ ‬وتصاعد‭ ‬كلفة‭ ‬المعيشة،‭ ‬وتواتر‭ ‬الأزمات‭ ‬الصحية،‭ ‬ما‭ ‬يدفع‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬التونسيين‭ ‬إلى‭ ‬تأجيل‭ ‬مشروع‭ ‬الزواج‭ ‬والإنجاب‮»‬‭.‬

ووفق‭ ‬البحوث‭ ‬والدراسات،‭ ‬يُتوقّع‭ ‬أن‭ ‬يواصل‭ ‬معدل‭ ‬الخصوبة‭ ‬تراجعه‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬المقبلة،‭ ‬وقد‭ ‬يشهد‭ ‬المجتمع‭ ‬التونسي‭ ‬بين‭ ‬سنة‭ ‬2035‭ ‬وسنة‭ ‬2040‭ ‬تهرّمًا‭ ‬سكانيًا،‭ ‬على‭ ‬شاكلة‭ ‬كل‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬اعتمدت‭ ‬سياسات‭ ‬تحديد‭ ‬النسل‭.‬

ويبلغ‭ ‬متوسّط‭ ‬العمر‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬35‭ ‬سنة،‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬أنّ‭ ‬شكل‭ ‬الهرم‭ ‬السكاني‭ ‬يتّخذ‭ ‬منحى‭ ‬التهرّم‭. ‬وبلغ‭ ‬مؤشّر‭ ‬الشيخوخة‭ ‬73‭.‬9‭ % ‬في‭ ‬التعداد‭ ‬العام‭ ‬لسنة‭ ‬2024،‭ ‬مقارنة‭ ‬
بـ23‭.‬9‭ % ‬فقط‭ ‬في‭ ‬تعداد‭ ‬1994‭. ‬كما‭ ‬تراجع‭ ‬معدل‭ ‬الخصوبة،‭ ‬الذي‭ ‬بلغ‭ ‬1‭.‬7‭ ‬طفل‭ ‬لكلّ‭ ‬امرأة،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أنّ‭ ‬المعدّل‭ ‬المطلوب‭ ‬لضمان‭ ‬التوازن‭ ‬الديمغرافي‭ ‬هو‭ ‬2‭.‬1‭ ‬طفل‭ ‬لكل‭ ‬امرأة‭ ‬متزوجة‭.‬

وأصبح‭ ‬الوضع‭ ‬يستدعي‭ ‬توجّهًا‭ ‬حكوميًا‭ ‬نحو‭ ‬إدماج‭ ‬المعطى‭ ‬الديمغرافي‭ ‬في‭ ‬التخطيط‭ ‬الاستراتيجي،‭ ‬مع‭ ‬تغيير‭ ‬أولويات‭ ‬التنمية،‭ ‬لمواجهة‭ ‬التحديات‭ ‬القادمة‭ ‬في‭ ‬علاقة‭ ‬بالشيخوخة‭ ‬وضعف‭ ‬نسبة‭ ‬الولادات‭.‬

مراجعة‭ ‬السياسات‭ ‬الاجتماعية

في‭ ‬سياق‭ ‬آخر،‭ ‬حذّر‭ ‬مؤخرًا‭ ‬وزير‭ ‬الاقتصاد‭ ‬والتخطيط،‭ ‬سمير‭ ‬عبد‭ ‬الحفيظ،‭ ‬من‭ ‬التوجه‭ ‬المتسارع‭ ‬نحو‭ ‬‮«‬التهرّم‭ ‬السكاني‮»‬،‭ ‬معتبرًا‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬بات‭ ‬من‭ ‬الضروري‭ ‬التأقلم‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬الوضعية‭ ‬الجديدة‭ ‬عبر‭ ‬مراجعة‭ ‬السياسات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬لتتلاءم‭ ‬مع‭ ‬حاجيات‭ ‬الفئات‭ ‬العمرية‭ ‬الأكبر،‭ ‬في‭ ‬ظلّ‭ ‬تراجع‭ ‬نسبة‭ ‬الأطفال‭ ‬والشباب‭ ‬ضمن‭ ‬الهرم‭ ‬السكاني‮»‬‭.‬

كما‭ ‬صرّح‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد‭ ‬المدير‭ ‬الفني‭ ‬للتعداد‭ ‬العام‭ ‬للسكان‭ ‬والسكنى،‭ ‬عبد‭ ‬القادر‭ ‬الطلحاوي،‭ ‬قائلًا‭: ‬‮«‬ربّما‭ ‬حان‭ ‬الوقت‭ ‬لمُراجعة‭ ‬السياسات‭ ‬الديمغرافية‭ ‬نحو‭ ‬التشجيع‭ ‬على‭ ‬الإنجاب‮»‬‭.‬

وتجدر‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬لجوء‭ ‬عديد‭ ‬البلدان‭ ‬إلى‭ ‬اعتماد‭ ‬سياسات‭ ‬جديدة‭ ‬لمواجهة‭ ‬تقلّص‭ ‬الولادات‭ ‬والتهرّم‭ ‬السكاني،‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬لجوء‭ ‬السلطات‭ ‬في‭ ‬تايلاند‭ ‬إلى‭ ‬المنح‭ ‬النقدية‭ ‬والحوافز‭ ‬الضريبية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التحفيز‭ ‬على‭ ‬الإنجاب‭.‬

كما‭ ‬أعلنت‭ ‬سابقًا‭ ‬الحكومة‭ ‬المجرية‭ ‬عن‭ ‬برنامج‭ ‬إعفاءات‭ ‬ضريبية،‭ ‬وحوافز‭ ‬مالية،‭ ‬وقروض‭ ‬تشجيعية‭ ‬قد‭ ‬تبلغ‭ ‬30‭ ‬ألف‭ ‬يورو‭ ‬للآباء‭ ‬الراغبين‭ ‬في‭ ‬الإنجاب،‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬مساعي‭ ‬الدولة‭ ‬لتشجيع‭ ‬مواطنيها‭ ‬على‭ ‬زيادة‭ ‬معدل‭ ‬الإنجاب‭.‬

ويعتبر‭ ‬بعض‭ ‬المختصين‭ ‬أن‭ ‬تشجيع‭ ‬الولادات‭ ‬يتطلّب‭ ‬إجراءات‭ ‬مثل‭ ‬التشجيع‭ ‬على‭ ‬الزواج،‭ ‬بتقديم‭ ‬منح‭ ‬لمن‭ ‬يتزوجون‭ ‬في‭ ‬سنّ‭ ‬مبكرة‭ ‬ومنحهم‭ ‬الأولوية‭ ‬في‭ ‬العمل،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬التفكير‭ ‬في‭ ‬إعفاءات‭ ‬ضريبية‭ ‬لتخفيف‭ ‬الضغوط‭ ‬المالية،‭ ‬وإجراءات‭ ‬مساندة‭ ‬ومرافقة‭ ‬اجتماعية‭ ‬في‭ ‬حضانة‭ ‬الأطفال،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬للأم‭ ‬العاملة‭.‬

لكن‭ ‬يظل‭ ‬الإشكال‭ ‬المطروح‭: ‬هل‭ ‬تقدر‭ ‬تونس،‭ ‬في‭ ‬ظلّ‭ ‬الصعوبات‭ ‬والتحديات‭ ‬المالية‭ ‬والاقتصادية،‭ ‬على‭ ‬التسريع‭ ‬في‭ ‬اتخاذ‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬القرارات‭ ‬التي‭ ‬تكون‭ ‬لها‭ ‬كلفة‭ ‬على‭ ‬المجموعة‭ ‬الوطنية؟

◗‭ ‬م‭. ‬ي