إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

خطوة‭ ‬إستراتيجية‭ ‬نحو‭ ‬إعادة‭ ‬تنشيط‭ ‬السياحة‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬تونس.. تونس‭ ‬تستقبل‭ ‬رحلة‭ ‬سياحية‭ ‬من‭ ‬بغداد‭ ‬بعد‭ ‬انقطاع‭ ‬دام‭ ‬36‭ ‬عاما

سياح‭ ‬عراقيون‭ ‬لـ«الصباح‮»‬‭: ‬ فوجئنا‭ ‬بحفاوة‭ ‬الاستقبال‭.. ‬وتونس‭ ‬وجهة‭ ‬سياحية‭ ‬عربية‭ ‬جذابة

شهد‭ ‬مطار‭ ‬تونس‭ ‬قرطاح،‭ ‬أمس،‭ ‬حدثًا‭ ‬هامًا‭ ‬تمثل‭ ‬في‭ ‬استئناف‭ ‬الخط‭ ‬الجوي‭ ‬المباشر‭ ‬والمنتظم‭ ‬بين‭ ‬تونس‭ ‬والعراق،‭ ‬وذلك‭ ‬بعد‭ ‬انقطاع‭ ‬دام‭ ‬سنوات‭ ‬طويلة‭. ‬هذه‭ ‬الخطوة‭ ‬التي‭ ‬جاءت‭ ‬تحت‭ ‬إشراف‭ ‬وزير‭ ‬السياحة‭ ‬التونسي‭ ‬سفيان‭ ‬تقية،‭ ‬تمثل‭ ‬دفعة‭ ‬جديدة‭ ‬نحو‭ ‬تعزيز‭ ‬التعاون‭ ‬السياحي‭ ‬العربي‭ ‬وتنويع‭ ‬الأسواق‭ ‬السياحية‭ ‬في‭ ‬تونس،‭ ‬وفتح‭ ‬آفاق‭ ‬جديدة‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭.‬

وتعود‭ ‬فترة‭ ‬انقطاع‭ ‬هذا‭ ‬الخط‭ ‬الجوي‭ ‬إلى‭ ‬ثمانينيات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬بسبب‭ ‬تداعيات‭ ‬حرب‭ ‬العراق‭. ‬وعلى‭ ‬مدار‭ ‬العقود‭ ‬الماضية،‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬محاولات‭ ‬لإعادة‭ ‬تشغيل‭ ‬الرحلات‭ ‬المباشرة‭ ‬بين‭ ‬البلدين،‭ ‬لكنها‭ ‬لم‭ ‬تدم‭ ‬طويلاً‭. ‬فبعد‭ ‬عودة‭ ‬قصيرة‭ ‬للرحلات‭ ‬عام‭ ‬2019،‭ ‬توقفت‭ ‬مجددًا‭ ‬بفعل‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا،‭ ‬مما‭ ‬جعل‭ ‬انقطاع‭ ‬الخط‭ ‬الجوي‭ ‬شبه‭ ‬مستمر‭ ‬لمدة‭ ‬36‭ ‬عامًا‭ ‬تقريبًا‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬استئناف‭ ‬الخط‭ ‬الجوي‭ ‬في‭ ‬جوان‭ ‬2025‭ ‬يمثل‭ ‬بداية‭ ‬جديدة‭ ‬ومبشرة‭ ‬لتعزيز‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬تونس‭ ‬والعراق‭.‬

خطوة‭ ‬رمزية‭ ‬مليئة‭ ‬بالآمال

وشهدت‭ ‬الرحلة‭ ‬الأولى‭ ‬التي‭ ‬وصلت‭ ‬من‭ ‬بغداد‭ ‬إلى‭ ‬تونس‭ ‬قرطاج‭ ‬استقبالًا‭ ‬حافلًا‭ ‬من‭ ‬الجانب‭ ‬التونسي‭. ‬وأعرب‭ ‬محمد‭ ‬المهدي‭ ‬الحلوي،‭ ‬المدير‭ ‬العام‭ ‬للديوان‭ ‬الوطني‭ ‬للسياحة،‭ ‬في‭ ‬تصريح‭ ‬لـ«الصباح‮»‬،‭ ‬عن‭ ‬أهمية‭ ‬هذه‭ ‬الخطوة‭ ‬في‭ ‬دفع‭ ‬النشاط‭ ‬السياحي‭ ‬التونسي،‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬السوق‭ ‬العراقية‭ ‬تعد‭ ‬سوقًا‭ ‬واعدة‭. ‬وأشار‭ ‬الحلوي‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الخط‭ ‬الجوي‭ ‬الجديد‭ ‬سيستمر‭ ‬بمعدل‭ ‬رحلة‭ ‬واحدة‭ ‬في‭ ‬الأسبوع‭ ‬بين‭ ‬5‭ ‬جوان‭ ‬و23‭ ‬أكتوبر،‭ ‬مع‭ ‬إمكانية‭ ‬زيادة‭ ‬الرحلات‭ ‬إلى‭ ‬رحلتين‭ ‬أسبوعيًا‭ ‬خلال‭ ‬شهري‭ ‬جويلية‭ ‬وأوت‭.‬

ويهدف‭ ‬هذا‭ ‬الاستئناف‭ ‬إلى‭ ‬جذب‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬السياح‭ ‬العراقيين‭ ‬الذين‭ ‬يتميزون‭ ‬بقدرة‭ ‬شرائية‭ ‬جيدة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يدعم‭ ‬إستراتيجية‭ ‬تونس‭ ‬لتنويع‭ ‬أسواقها‭ ‬السياحية‭ ‬وجذب‭ ‬السياح‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭.‬

إضافة‭ ‬نوعية‭ ‬للسياحة‭ ‬التونسية

بحسب‭ ‬تصريحات‭ ‬الحلوي،‭ ‬فإن‭ ‬السائح‭ ‬العراقي‭ ‬يتمتع‭ ‬بصفات‭ ‬مميزة‭ ‬تجعله‭ ‬إضافة‭ ‬نوعية‭ ‬للسياحة‭ ‬التونسية،‭ ‬وتم‭ ‬استقبال‭ ‬نحو‭ ‬220‭ ‬سائحًا‭ ‬عراقيًا‭ ‬في‭ ‬الرحلة‭ ‬الأولى،‭ ‬وتم‭ ‬إعداد‭ ‬برنامج‭ ‬سياحي‭ ‬متكامل‭ ‬لهم‭ ‬يشمل‭ ‬زيارة‭ ‬ثلاث‭ ‬وجهات‭ ‬رئيسية،‭ ‬العاصمة‭ ‬تونس،‭ ‬والحمامات،‭ ‬وسوسة‭. ‬تتضمن‭ ‬هذه‭ ‬البرامج‭ ‬جولات‭ ‬ترفيهية‭ ‬وزيارات‭ ‬لأهم‭ ‬المعالم‭ ‬السياحية،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬إقامة‭ ‬مريحة‭ ‬في‭ ‬فنادق‭ ‬تمتاز‭ ‬بالجودة‭ ‬العالية‭.‬

وأكد‭ ‬الحلوي‭ ‬أن‭ ‬السوق‭ ‬العراقية‭ ‬تُعد‭ ‬من‭ ‬الأسواق‭ ‬المهمة‭ ‬لتونس،‭ ‬مشيرًا‭ ‬إلى‭ ‬أنها‭ ‬قد‭ ‬تسهم‭ ‬في‭ ‬تنشيط‭ ‬الموسم‭ ‬السياحي‭ ‬لعام‭ ‬2025،‭ ‬مع‭ ‬إمكانية‭ ‬استمرار‭ ‬الطلب‭ ‬على‭ ‬الرحلات‭ ‬الجوية‭ ‬خلال‭ ‬فصلي‭ ‬الشتاء‭ ‬والربيع‭ ‬المقبلين‭.‬

ارتفاع‭ ‬قياسي‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬الوافدين

وحسب‭ ‬المدير‭ ‬العام‭ ‬للديوان‭ ‬الوطني‭ ‬للسياحة،‭ ‬تظهر‭ ‬الإحصائيات‭ ‬أهمية‭ ‬قطاع‭ ‬السياحة‭ ‬في‭ ‬الاقتصاد‭ ‬التونسي،‭ ‬حيث‭ ‬زار‭ ‬تونس‭ ‬نحو‭ ‬3‭.‬4‭ ‬مليون‭ ‬سائح‭ ‬حتى‭ ‬نهاية‭ ‬ماي‭ ‬2025،‭ ‬بنسبة‭ ‬تطور‭ ‬بلغت‭ ‬10‭.‬2‭%‬‭ ‬مقارنة‭ ‬بالعام‭ ‬الماضي،‭ ‬ويأمل‭ ‬المسؤولون‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬هدف‭ ‬استقبال‭ ‬11‭ ‬مليون‭ ‬سائح‭ ‬بنهاية‭ ‬العام‭. ‬كما‭ ‬بلغت‭ ‬الإيرادات‭ ‬السياحية‭ ‬نحو‭ ‬7‭.‬5‭ ‬مليار‭ ‬دينار‭ ‬في‭ ‬موفى‭ ‬2024،‭ ‬ومن‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬تتجاوز‭ ‬8‭ ‬مليارات‭ ‬دينار‭ ‬خلال‭ ‬العام‭ ‬الجاري‭.‬

وتعكس‭ ‬هذه‭ ‬الأرقام‭ ‬الجهود‭ ‬المبذولة‭ ‬لتحسين‭ ‬جودة‭ ‬الخدمات‭ ‬السياحية‭ ‬في‭ ‬تونس،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬تطوير‭ ‬منظومة‭ ‬الفنادق‭ ‬وتوسيع‭ ‬نطاق‭ ‬الأسواق‭ ‬السياحية،‭ ‬مثل‭ ‬السوق‭ ‬العراقية‭ ‬والعربية‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭.‬

إعجاب‭ ‬منقطع‭ ‬النظير‭ ‬لتونس

وكانت‭ ‬ردود‭ ‬أفعال‭ ‬السياح‭ ‬العراقيين‭ ‬إيجابية‭ ‬للغاية‭ ‬تجاه‭ ‬زيارتهم‭ ‬الأولى‭ ‬لتونس‭ ‬بعد‭ ‬استئناف‭ ‬الخط‭ ‬الجوي‭. ‬فقد‭ ‬أعرب‭ ‬حسين‭ ‬لعقيري،‭ ‬أحد‭ ‬السياح‭ ‬العراقيين،‭ ‬في‭ ‬تصريح‭ ‬لـ«الصباح‮»‬‭ ‬عن‭ ‬سعادته‭ ‬بزيارة‭ ‬تونس،‭ ‬مشيدًا‭ ‬بحفاوة‭ ‬الاستقبال‭ ‬ومستوى‭ ‬التحضر‭ ‬الذي‭ ‬وجده‭. ‬كما‭ ‬وصفت‭ ‬الدكتورة‭ ‬سلوى‭ ‬محمد،‭ ‬أستاذة‭ ‬جامعية‭ ‬عراقية،‭ ‬تجربتها‭ ‬بأنها‭ ‬ممتعة،‭ ‬وأشادت‭ ‬بالجهود‭ ‬المبذولة‭ ‬لتطوير‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭.‬

وتعد‭ ‬السياحة‭ ‬العربية،‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬السوق‭ ‬العراقية،‭ ‬ركيزة‭ ‬أساسية‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬النشاط‭ ‬السياحي‭ ‬في‭ ‬تونس‭. ‬فرغم‭ ‬المنافسة‭ ‬الشديدة‭ ‬في‭ ‬السوق‭ ‬العالمية،‭ ‬تتمتع‭ ‬تونس‭ ‬بمزايا‭ ‬تنافسية‭ ‬تجعلها‭ ‬وجهة‭ ‬مفضلة‭ ‬للسياح‭ ‬العرب،‭ ‬منها‭ ‬الطقس‭ ‬المعتدل،‭ ‬والمناظر‭ ‬الطبيعية‭ ‬الخلابة،‭ ‬والتنوع‭ ‬الثقافي،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الضيافة‭ ‬التونسية‭ ‬المعروفة‭.‬

والسياحة‭ ‬العربية‭ ‬ليست‭ ‬مجرد‭ ‬أرقام‭ ‬اقتصادية،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬جسر‭ ‬للتواصل‭ ‬الثقافي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬بين‭ ‬شعوب‭ ‬المنطقة‭. ‬فالسائح‭ ‬العربي‭- ‬وعلى‭ ‬رأسهم‭ ‬السياح‭ ‬العراقيون‭- ‬يسهم‭ ‬في‭ ‬تنشيط‭ ‬القطاعات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬المرتبطة‭ ‬بالسياحة،‭ ‬مثل‭ ‬الفنادق،‭ ‬والمطاعم،‭ ‬والنقل،‭ ‬والأسواق‭ ‬الحرفية‭.‬

آفاق‭ ‬التعاون‭ ‬بين‭ ‬تونس‭ ‬والعراق

ويمثل‭ ‬استئناف‭ ‬الخط‭ ‬الجوي‭ ‬بين‭ ‬تونس‭ ‬وبغداد‭ ‬خطوة‭ ‬أولى‭ ‬نحو‭ ‬تعزيز‭ ‬التعاون‭ ‬السياحي‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭. ‬وبالنظر‭ ‬إلى‭ ‬الإمكانيات‭ ‬الكبيرة‭ ‬للسوق‭ ‬العراقية،‭ ‬لا‭ ‬يستبعد‭ ‬الحلوي‭ ‬أن‭ ‬يتطور‭ ‬هذا‭ ‬التعاون‭ ‬ليشمل‭ ‬مجالات‭ ‬أخرى،‭ ‬مثل‭ ‬الاستثمار‭ ‬السياحي،‭ ‬وتنظيم‭ ‬الفعاليات‭ ‬الثقافية‭ ‬المشتركة،‭ ‬واستقطاب‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬السياح‭ ‬العراقيين‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬العام‭.‬

كما‭ ‬أن‭ ‬نجاح‭ ‬هذا‭ ‬المشروع‭ ‬قد‭ ‬يشجع‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬الأخرى‭ ‬على‭ ‬تعزيز‭ ‬تعاونها‭ ‬السياحي‭ ‬مع‭ ‬تونس،‭ ‬مما‭ ‬يسهم‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬أهداف‭ ‬تونس‭ ‬السياحية‭ ‬لعام‭ ‬2025‭ ‬وما‭ ‬بعدها‭.‬

ويعد‭ ‬استئناف‭ ‬الخط‭ ‬الجوي‭ ‬بين‭ ‬تونس‭ ‬وبغداد‭ ‬ليس‭ ‬مجرد‭ ‬حدث‭ ‬عابر،‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬خطوة‭ ‬إستراتيجية‭ ‬نحو‭ ‬إعادة‭ ‬تنشيط‭ ‬السياحة‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬تونس‭. ‬وبفضل‭ ‬الجهود‭ ‬المبذولة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المسؤولين‭ ‬التونسيين،‭ ‬والتعاون‭ ‬الوثيق‭ ‬مع‭ ‬الجانب‭ ‬العراقي،‭ ‬تحمل‭ ‬هذه‭ ‬الخطوة‭ ‬آفاقًا‭ ‬واعدة‭ ‬لمستقبل‭ ‬السياحة‭ ‬في‭ ‬تونس،‭ ‬والتي‭ ‬تحتل‭ ‬مكانة‭ ‬بارزة‭ ‬كوجهة‭ ‬سياحية‭ ‬مميزة‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭.‬

سفيان‭ ‬المهداوي

خطوة‭ ‬إستراتيجية‭ ‬نحو‭ ‬إعادة‭ ‬تنشيط‭ ‬السياحة‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬تونس.. تونس‭ ‬تستقبل‭ ‬رحلة‭ ‬سياحية‭ ‬من‭ ‬بغداد‭ ‬بعد‭ ‬انقطاع‭ ‬دام‭ ‬36‭ ‬عاما

سياح‭ ‬عراقيون‭ ‬لـ«الصباح‮»‬‭: ‬ فوجئنا‭ ‬بحفاوة‭ ‬الاستقبال‭.. ‬وتونس‭ ‬وجهة‭ ‬سياحية‭ ‬عربية‭ ‬جذابة

شهد‭ ‬مطار‭ ‬تونس‭ ‬قرطاح،‭ ‬أمس،‭ ‬حدثًا‭ ‬هامًا‭ ‬تمثل‭ ‬في‭ ‬استئناف‭ ‬الخط‭ ‬الجوي‭ ‬المباشر‭ ‬والمنتظم‭ ‬بين‭ ‬تونس‭ ‬والعراق،‭ ‬وذلك‭ ‬بعد‭ ‬انقطاع‭ ‬دام‭ ‬سنوات‭ ‬طويلة‭. ‬هذه‭ ‬الخطوة‭ ‬التي‭ ‬جاءت‭ ‬تحت‭ ‬إشراف‭ ‬وزير‭ ‬السياحة‭ ‬التونسي‭ ‬سفيان‭ ‬تقية،‭ ‬تمثل‭ ‬دفعة‭ ‬جديدة‭ ‬نحو‭ ‬تعزيز‭ ‬التعاون‭ ‬السياحي‭ ‬العربي‭ ‬وتنويع‭ ‬الأسواق‭ ‬السياحية‭ ‬في‭ ‬تونس،‭ ‬وفتح‭ ‬آفاق‭ ‬جديدة‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭.‬

وتعود‭ ‬فترة‭ ‬انقطاع‭ ‬هذا‭ ‬الخط‭ ‬الجوي‭ ‬إلى‭ ‬ثمانينيات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬بسبب‭ ‬تداعيات‭ ‬حرب‭ ‬العراق‭. ‬وعلى‭ ‬مدار‭ ‬العقود‭ ‬الماضية،‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬محاولات‭ ‬لإعادة‭ ‬تشغيل‭ ‬الرحلات‭ ‬المباشرة‭ ‬بين‭ ‬البلدين،‭ ‬لكنها‭ ‬لم‭ ‬تدم‭ ‬طويلاً‭. ‬فبعد‭ ‬عودة‭ ‬قصيرة‭ ‬للرحلات‭ ‬عام‭ ‬2019،‭ ‬توقفت‭ ‬مجددًا‭ ‬بفعل‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا،‭ ‬مما‭ ‬جعل‭ ‬انقطاع‭ ‬الخط‭ ‬الجوي‭ ‬شبه‭ ‬مستمر‭ ‬لمدة‭ ‬36‭ ‬عامًا‭ ‬تقريبًا‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬استئناف‭ ‬الخط‭ ‬الجوي‭ ‬في‭ ‬جوان‭ ‬2025‭ ‬يمثل‭ ‬بداية‭ ‬جديدة‭ ‬ومبشرة‭ ‬لتعزيز‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬تونس‭ ‬والعراق‭.‬

خطوة‭ ‬رمزية‭ ‬مليئة‭ ‬بالآمال

وشهدت‭ ‬الرحلة‭ ‬الأولى‭ ‬التي‭ ‬وصلت‭ ‬من‭ ‬بغداد‭ ‬إلى‭ ‬تونس‭ ‬قرطاج‭ ‬استقبالًا‭ ‬حافلًا‭ ‬من‭ ‬الجانب‭ ‬التونسي‭. ‬وأعرب‭ ‬محمد‭ ‬المهدي‭ ‬الحلوي،‭ ‬المدير‭ ‬العام‭ ‬للديوان‭ ‬الوطني‭ ‬للسياحة،‭ ‬في‭ ‬تصريح‭ ‬لـ«الصباح‮»‬،‭ ‬عن‭ ‬أهمية‭ ‬هذه‭ ‬الخطوة‭ ‬في‭ ‬دفع‭ ‬النشاط‭ ‬السياحي‭ ‬التونسي،‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬السوق‭ ‬العراقية‭ ‬تعد‭ ‬سوقًا‭ ‬واعدة‭. ‬وأشار‭ ‬الحلوي‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الخط‭ ‬الجوي‭ ‬الجديد‭ ‬سيستمر‭ ‬بمعدل‭ ‬رحلة‭ ‬واحدة‭ ‬في‭ ‬الأسبوع‭ ‬بين‭ ‬5‭ ‬جوان‭ ‬و23‭ ‬أكتوبر،‭ ‬مع‭ ‬إمكانية‭ ‬زيادة‭ ‬الرحلات‭ ‬إلى‭ ‬رحلتين‭ ‬أسبوعيًا‭ ‬خلال‭ ‬شهري‭ ‬جويلية‭ ‬وأوت‭.‬

ويهدف‭ ‬هذا‭ ‬الاستئناف‭ ‬إلى‭ ‬جذب‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬السياح‭ ‬العراقيين‭ ‬الذين‭ ‬يتميزون‭ ‬بقدرة‭ ‬شرائية‭ ‬جيدة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يدعم‭ ‬إستراتيجية‭ ‬تونس‭ ‬لتنويع‭ ‬أسواقها‭ ‬السياحية‭ ‬وجذب‭ ‬السياح‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭.‬

إضافة‭ ‬نوعية‭ ‬للسياحة‭ ‬التونسية

بحسب‭ ‬تصريحات‭ ‬الحلوي،‭ ‬فإن‭ ‬السائح‭ ‬العراقي‭ ‬يتمتع‭ ‬بصفات‭ ‬مميزة‭ ‬تجعله‭ ‬إضافة‭ ‬نوعية‭ ‬للسياحة‭ ‬التونسية،‭ ‬وتم‭ ‬استقبال‭ ‬نحو‭ ‬220‭ ‬سائحًا‭ ‬عراقيًا‭ ‬في‭ ‬الرحلة‭ ‬الأولى،‭ ‬وتم‭ ‬إعداد‭ ‬برنامج‭ ‬سياحي‭ ‬متكامل‭ ‬لهم‭ ‬يشمل‭ ‬زيارة‭ ‬ثلاث‭ ‬وجهات‭ ‬رئيسية،‭ ‬العاصمة‭ ‬تونس،‭ ‬والحمامات،‭ ‬وسوسة‭. ‬تتضمن‭ ‬هذه‭ ‬البرامج‭ ‬جولات‭ ‬ترفيهية‭ ‬وزيارات‭ ‬لأهم‭ ‬المعالم‭ ‬السياحية،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬إقامة‭ ‬مريحة‭ ‬في‭ ‬فنادق‭ ‬تمتاز‭ ‬بالجودة‭ ‬العالية‭.‬

وأكد‭ ‬الحلوي‭ ‬أن‭ ‬السوق‭ ‬العراقية‭ ‬تُعد‭ ‬من‭ ‬الأسواق‭ ‬المهمة‭ ‬لتونس،‭ ‬مشيرًا‭ ‬إلى‭ ‬أنها‭ ‬قد‭ ‬تسهم‭ ‬في‭ ‬تنشيط‭ ‬الموسم‭ ‬السياحي‭ ‬لعام‭ ‬2025،‭ ‬مع‭ ‬إمكانية‭ ‬استمرار‭ ‬الطلب‭ ‬على‭ ‬الرحلات‭ ‬الجوية‭ ‬خلال‭ ‬فصلي‭ ‬الشتاء‭ ‬والربيع‭ ‬المقبلين‭.‬

ارتفاع‭ ‬قياسي‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬الوافدين

وحسب‭ ‬المدير‭ ‬العام‭ ‬للديوان‭ ‬الوطني‭ ‬للسياحة،‭ ‬تظهر‭ ‬الإحصائيات‭ ‬أهمية‭ ‬قطاع‭ ‬السياحة‭ ‬في‭ ‬الاقتصاد‭ ‬التونسي،‭ ‬حيث‭ ‬زار‭ ‬تونس‭ ‬نحو‭ ‬3‭.‬4‭ ‬مليون‭ ‬سائح‭ ‬حتى‭ ‬نهاية‭ ‬ماي‭ ‬2025،‭ ‬بنسبة‭ ‬تطور‭ ‬بلغت‭ ‬10‭.‬2‭%‬‭ ‬مقارنة‭ ‬بالعام‭ ‬الماضي،‭ ‬ويأمل‭ ‬المسؤولون‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬هدف‭ ‬استقبال‭ ‬11‭ ‬مليون‭ ‬سائح‭ ‬بنهاية‭ ‬العام‭. ‬كما‭ ‬بلغت‭ ‬الإيرادات‭ ‬السياحية‭ ‬نحو‭ ‬7‭.‬5‭ ‬مليار‭ ‬دينار‭ ‬في‭ ‬موفى‭ ‬2024،‭ ‬ومن‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬تتجاوز‭ ‬8‭ ‬مليارات‭ ‬دينار‭ ‬خلال‭ ‬العام‭ ‬الجاري‭.‬

وتعكس‭ ‬هذه‭ ‬الأرقام‭ ‬الجهود‭ ‬المبذولة‭ ‬لتحسين‭ ‬جودة‭ ‬الخدمات‭ ‬السياحية‭ ‬في‭ ‬تونس،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬تطوير‭ ‬منظومة‭ ‬الفنادق‭ ‬وتوسيع‭ ‬نطاق‭ ‬الأسواق‭ ‬السياحية،‭ ‬مثل‭ ‬السوق‭ ‬العراقية‭ ‬والعربية‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭.‬

إعجاب‭ ‬منقطع‭ ‬النظير‭ ‬لتونس

وكانت‭ ‬ردود‭ ‬أفعال‭ ‬السياح‭ ‬العراقيين‭ ‬إيجابية‭ ‬للغاية‭ ‬تجاه‭ ‬زيارتهم‭ ‬الأولى‭ ‬لتونس‭ ‬بعد‭ ‬استئناف‭ ‬الخط‭ ‬الجوي‭. ‬فقد‭ ‬أعرب‭ ‬حسين‭ ‬لعقيري،‭ ‬أحد‭ ‬السياح‭ ‬العراقيين،‭ ‬في‭ ‬تصريح‭ ‬لـ«الصباح‮»‬‭ ‬عن‭ ‬سعادته‭ ‬بزيارة‭ ‬تونس،‭ ‬مشيدًا‭ ‬بحفاوة‭ ‬الاستقبال‭ ‬ومستوى‭ ‬التحضر‭ ‬الذي‭ ‬وجده‭. ‬كما‭ ‬وصفت‭ ‬الدكتورة‭ ‬سلوى‭ ‬محمد،‭ ‬أستاذة‭ ‬جامعية‭ ‬عراقية،‭ ‬تجربتها‭ ‬بأنها‭ ‬ممتعة،‭ ‬وأشادت‭ ‬بالجهود‭ ‬المبذولة‭ ‬لتطوير‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭.‬

وتعد‭ ‬السياحة‭ ‬العربية،‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬السوق‭ ‬العراقية،‭ ‬ركيزة‭ ‬أساسية‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬النشاط‭ ‬السياحي‭ ‬في‭ ‬تونس‭. ‬فرغم‭ ‬المنافسة‭ ‬الشديدة‭ ‬في‭ ‬السوق‭ ‬العالمية،‭ ‬تتمتع‭ ‬تونس‭ ‬بمزايا‭ ‬تنافسية‭ ‬تجعلها‭ ‬وجهة‭ ‬مفضلة‭ ‬للسياح‭ ‬العرب،‭ ‬منها‭ ‬الطقس‭ ‬المعتدل،‭ ‬والمناظر‭ ‬الطبيعية‭ ‬الخلابة،‭ ‬والتنوع‭ ‬الثقافي،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الضيافة‭ ‬التونسية‭ ‬المعروفة‭.‬

والسياحة‭ ‬العربية‭ ‬ليست‭ ‬مجرد‭ ‬أرقام‭ ‬اقتصادية،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬جسر‭ ‬للتواصل‭ ‬الثقافي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬بين‭ ‬شعوب‭ ‬المنطقة‭. ‬فالسائح‭ ‬العربي‭- ‬وعلى‭ ‬رأسهم‭ ‬السياح‭ ‬العراقيون‭- ‬يسهم‭ ‬في‭ ‬تنشيط‭ ‬القطاعات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬المرتبطة‭ ‬بالسياحة،‭ ‬مثل‭ ‬الفنادق،‭ ‬والمطاعم،‭ ‬والنقل،‭ ‬والأسواق‭ ‬الحرفية‭.‬

آفاق‭ ‬التعاون‭ ‬بين‭ ‬تونس‭ ‬والعراق

ويمثل‭ ‬استئناف‭ ‬الخط‭ ‬الجوي‭ ‬بين‭ ‬تونس‭ ‬وبغداد‭ ‬خطوة‭ ‬أولى‭ ‬نحو‭ ‬تعزيز‭ ‬التعاون‭ ‬السياحي‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭. ‬وبالنظر‭ ‬إلى‭ ‬الإمكانيات‭ ‬الكبيرة‭ ‬للسوق‭ ‬العراقية،‭ ‬لا‭ ‬يستبعد‭ ‬الحلوي‭ ‬أن‭ ‬يتطور‭ ‬هذا‭ ‬التعاون‭ ‬ليشمل‭ ‬مجالات‭ ‬أخرى،‭ ‬مثل‭ ‬الاستثمار‭ ‬السياحي،‭ ‬وتنظيم‭ ‬الفعاليات‭ ‬الثقافية‭ ‬المشتركة،‭ ‬واستقطاب‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬السياح‭ ‬العراقيين‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬العام‭.‬

كما‭ ‬أن‭ ‬نجاح‭ ‬هذا‭ ‬المشروع‭ ‬قد‭ ‬يشجع‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬الأخرى‭ ‬على‭ ‬تعزيز‭ ‬تعاونها‭ ‬السياحي‭ ‬مع‭ ‬تونس،‭ ‬مما‭ ‬يسهم‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬أهداف‭ ‬تونس‭ ‬السياحية‭ ‬لعام‭ ‬2025‭ ‬وما‭ ‬بعدها‭.‬

ويعد‭ ‬استئناف‭ ‬الخط‭ ‬الجوي‭ ‬بين‭ ‬تونس‭ ‬وبغداد‭ ‬ليس‭ ‬مجرد‭ ‬حدث‭ ‬عابر،‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬خطوة‭ ‬إستراتيجية‭ ‬نحو‭ ‬إعادة‭ ‬تنشيط‭ ‬السياحة‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬تونس‭. ‬وبفضل‭ ‬الجهود‭ ‬المبذولة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المسؤولين‭ ‬التونسيين،‭ ‬والتعاون‭ ‬الوثيق‭ ‬مع‭ ‬الجانب‭ ‬العراقي،‭ ‬تحمل‭ ‬هذه‭ ‬الخطوة‭ ‬آفاقًا‭ ‬واعدة‭ ‬لمستقبل‭ ‬السياحة‭ ‬في‭ ‬تونس،‭ ‬والتي‭ ‬تحتل‭ ‬مكانة‭ ‬بارزة‭ ‬كوجهة‭ ‬سياحية‭ ‬مميزة‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭.‬

سفيان‭ ‬المهداوي