إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

لتحسين الخدمات الإدارية.. إجراءات مرتقبة لدعم فريق المواطن الرقيب

 

إجراءات جديدة سيتم اتخاذها لتأمين الظروف اللازمة لاضطلاع فريق المواطن الرقيب بالمهام الموكولة إليه بهدف تحسين الخدمات الإدارية، ولفت نظر الجهات المعنية قصد تلافي ما يمكن أن يمثل شبهات فساد.. إذ جاء في مراسلة رسمية نشرها مجلس نواب الشعب مساء أول أمس على موقعه على شبكة الانترنيت تضمنت إجابة رئيسة الحكومة سارة الزعفراني عن سؤال كتابي حول مدى نجاعة العمل بآلية المواطن الرقيب طرحته النائبة منال بديدة، أنه سيتم العمل على مراجعة الجوانب التنظيمية واللوجستية في علاقة بهذه الآلية التي تم إحداثها بمقتضى الأمر الحكومي عدد 147 لسنة 1993 الذي تم تنقيحه لاحقا بالأمر الحكومي عدد 1072 لسنة 2016 المؤرخ في 12 أوت 2016 وذلك في اتجاه توسيع مشمولات فريق المواطن الرقيب وتفعيل دوره في تجسيد الإستراتيجية الوطنية للتحديث الإداري ومكافحة الفساد في القطاع العمومي.      

وأضافت الزعفراني أنه من بين هذه الإجراءات تكثيف الزيارات الميدانية وتغطية أشمل لمختلف القطاعات، وإيلاء الاستقبال والإرشاد الإداري بمختلف أنماطه ما يستحقه من أهمية، والتركيز على سلوكيات الموظف وكيفية تعامله مع طالب الخدمة، مع تنويع المهمات الرقابية القطاعية التي ينجزها فريق المواطن الرقيب، وتوجيه تدخلاته نحو المجالات التي تعتبر ذات أولوية والخدمات التي هي محل تشكيات من قبل المواطنين بشكل يستجيب إلى تطلعاتهم ومشاغلهم اليومية، فضلا عن متابعة تنفيذ ما تم إقراره من إصلاحات إدارية وتبسيط للإجراءات وحسن استغلال الملاحظات المسجلة في الغرض لضمان السرعة في الانجاز.

ومن الإجراءات الأخرى، تعزيز دور فريق المواطن الرقيب في مجال مساند المصالح العمومية التي انخرطت في مسار إرساء علامة مرحبا لجودة الاستقبال صيغة 2020، ومزيد التنسيق بين مختلف الأطراف المتدخلة في مجال الجودة وتحديث الإدارة وضمان الانسجام بينها لأن خطة فريق المواطن الرقيب تندرج ضمن سياق متكامل يرمي إلى تعصير الإدارة التونسية وجعلها  في خدمة المواطن، إضافة إلى دعوة المصالح العمومية إلى منح الأهمية اللازمة لملاحظات فريق المواطن الرقيب وحسن استغلالها ودفعها إلى اتخاذ الإجراءات الضرورية لتجاوز السلبيات التي وردت في تقاريره وتدعيم الايجابيات المسجلة وتعميمها على المصالح الأخرى.

مشاغل المواطن

وقبل الحديث عن التدخلات الرامية إلى دعم آلية المواطن الرقيب، أشارت رئيسة الحكومة تعقيبا عن سؤال النائبة منال بديدة إلى وجود إدارة صلب رئاسة الحكومة تسمى إدارة نوعية الخدمة العمومية وهي عبارة عن هيكل مساندة لجهود تحديث الإدارة والنهوض بجودة خدماتها وتتولى باعتماد آلية المواطن الرقيب، متابعة سير العمل بالمصالح العمومية التي لها علاقة مباشرة بالمواطن لتشخيص نقاط الضعف ونقاط القوة وإبراز مكامن التحسين صلبها، ورصد المشاغل اليومية للمواطنين وانطباعاتهم بخصوص مستوى الخدمات المسداة إليهم، والصعوبات التي يجدونها بمناسبة تعاملهم مع الإدارة وتبليغها إلى رؤساء الهياكل العمومية المعنية، وحثهم على إيجاد الحلول الملائمة لتجاوزها.

جهاز رقابي

وأفادت رئيسة الحكومة أن  خطة المواطن الرقيب تعد حلقة ضمن سلسلة متكاملة من الآليات التي تهدف إلى تعصير الإدارة وتحسين علاقاتها بالمتعاملين معها وأنها جهاز رقابي له طابع وقائي يضاف إلى أجهزة الرقابة الأخرى. وأنها أسهمت في دعم الاهتمام بجودة الخدمات الإدارية المقدمة من خلال إدخال حركية داخل المصالح العمومية تجسمت في تفاعل أغلب الوزارات مع تقاريره عبر اتخاذ الإجراءات التصحيحية الضرورية.

وتتمثل أبرز هذه الإجراءات حسب قولها في الحرص على تهيئة فضاءات لائقة وملائمة لاستقبال المواطنين، وتركيز ممرات لذوي الحاجيات الخصوصية، وتوفير موزعات قصاصات الأسبقية، وإسداء الخدمة لهم في أفضل الظروف، والعناية بالمظهر العام للمباني العمومية، وتحسين ظروف العمل المادية والبشرية بالمصالح العمومية من خلال توفير وسائل العمل الضرورية لتأمين سير العمل بها، وخلق وازع المراقبة الذاتية لدى العون العمومي، والتحسين المستمر لنوعية الخدمة وكيفية تقديمها والاستجابة لتطلعات المواطن من خلال دعم الإيجابيات وتدارك الإخلالات المسجلة.

زيارات ميدانية

ولدى حديثها عن حصيلة نشاط فريق المواطن الرقيب أكدت رئيسة الحكومة أن الأمر لا يقتصر على القيام بالزيارات الميدانية اليومية، ولاحظت أنه تم تسجيل ارتفاع في عدد هذه الزيارات خلال سنة 2024 مقارنة بسنة 2023 حيث أجرى 7085 معاينة لـ 2816 مصلحة عمومية لها علاقة مباشرة بالمواطن، وأسفرت هذه الزيارات عن إرسال 120 تقريرا شهريا إلى الوزارات المعنية. وفضلا عن ذلك تم تكليف هذا الفريق بإجراء 31 مهمة موجهة لمراقبة جودة الخدمات الإدارية المسداة على أساس تقييم موضوعي لمستواها من وجهة نظر المواطن مع تقديم مقترحات عملية لتحسين الأداء، وتم توجيه 34 مراسلة عاجلة نظرا لصبغتها المتأكدة ولتعلقها ببعض الظواهر والسلوكيات التي لها انعكاس سلبي على السير العادي للمرفق العام.

وبخصوص كيفية تقييم نجاعة تدخلات فريق المواطن الرقيب، بينت رئيسة الحكومة في إجابتها عن سؤال كتابي طرحته النائبة منال بديدة في إطار دورها الرقابي أنه على سبيل الذكر، يمكن قياس النتائج المحققة حسب الإمكانيات المادية المرصودة والموارد البشرية المتاحة عن طريق المؤشرات الواردة بالتقارير السنوية لنشاطه والتي تظل قابلة للتحسين.

 وتتمثل هذه المؤشرات في ما يلي: توزيع الزيارات حسب الوزارات والتي شملت جميع القطاعات، ونسبة التغطية الجهوية التي تجاوزت سبعين بالمائة من ولايات الجمهورية، ونسبة التجاوب مع تقارير فريق المواطن الرقيب من خلال معدل الردود عليها ومدى الامتثال إليها باحتساب نسبة الاستجابة إلى الملاحظات السلبية المسجلة.

مهام عديدة

وخلصت رئيسة الحكومة إلى الإقرار بأن مستوى الخدمات الإدارية يظل دون المأمول وبالتالي مازالت هناك حاجة حسب قولها لمزيد تفعيل دور فريق المواطن الرقيب، وإضفاء الفاعلية والنجاعة على أدائه لجعل الإدارة حقا في خدمة المواطن، ولكي تكون الإدارة المحرك الأساسي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة في البلاد.

ويذكر في هذا السياق أنه طبقا لأحكام الأمر الحكومي عدد 1072 لسنة 2016 المؤرخ في 12 أوت 2016 المتعلق بتنقيح الأمر عدد 147 لسنة 1993 المؤرخ في 18 جانفي 1993 المتعلق بإحداث فريق المواطن الرقيب، يكلف فريق المواطن الرقيب خاصة بالقيام بعمليات حقيقية كسائر المواطنين لدى المصالح العمومية قصد معاينة جودة خدماتها الإدارية وظروف إسدائها وملاحظة سلوك الأعوان العموميين وكيفية أدائهم لمهامهم، وإعداد وتنفيذ استبيانات دورية لسبر آراء المتعاملين مع الإدارة قصد قيس درجة رضاهم والكشف عن النقائص والإخلالات التي تشوب سير العمل الإداري وتقديم بعض التوصيات لتجاوزها، ومتابعة مدى تنفيذ الإصلاحات والتبسيطات الإدارية التي تم إقرارها وذلك بالتنسيق مع الهياكل المعنية، ومراقبة مدى التزام المصالح العمومية بالاشتراطات الفنية لجودة الاستقبال بالمصالح العمومية واحترام الأعوان العموميين متطلبات النزاهة والمساواة في التعامل مع العموم طبقا لمواصفات الجودة والنزاهة والشفافية، والمساهمة في رصد بعض السلوكيات التي تصنف في خانة الفساد على غرار الابتزاز والحيف والاستخدام السيئ للنفوذ والإخلال بمبادئ المساواة والنزاهة والشفافية والتي يمكن أن يتعرض إليها المواطنون أثناء تعاملهم مع الهياكل والمؤسسات العمومية وإحالتها إلى الجهات المختصة.

وأبدت رئيسة الحكومة سارة الزعفراني في إجابتها عن السؤال الكتابي للنائبة منال بديدة الرأي في عدة مقترحات تقدمت بها النائبة، أولها جعل مهمة المواطن الرقيب تطوعية ودون مقابل، وأفادت أنه بناء على ما جاء في الفصل السادس فقرة ثانية جديد من الأمر المتعلق بإحداث خطة المواطن الرقيب، تسند له منحة وهي منحة خاضعة للخصم الضريبي وليس أجرا وتصرف المنحة لتغطية تكاليف قيامه بمختلف العمليات لدى المصالح العمومية وهي لا تمثل حافزا ماليا مهما، وأضافت أن صيغة العمل التطوعي بغض النظر عن الانتساب إلى الوظيفة العمومية من عدمه ودون التفرغ التام للخطة، لا تتناسب وحجم العمل وطبيعة المهام الموكولة إلى أعضاء فريق المواطن الرقيب، وقد تشكل هذه الصيغة عائقا أمام إنجاز تلك المهام على الوجه الأكمل علما وأن طريقة العمل تحتم إتباع جملة من القواعد، أهمها التقييم الموضوعي وملازمة الحياد تجاه الأعوان، والحفاظ على السرية وهي طريقة يصعب الالتزام بها خاصة عندما يكون الشخص المتطوع طرفا معنيا بصفة شخصية بالخدمة المسداة.

حماية الفريق

وتفاعلا مع مقترح النائبة منال بديدة المتعلق بتمتيع  المواطن الرقيب بالحصانة لتيسير أداء مهامه عندما يتعلق الأمر بمتابعة ملفات الفساد، أشارت رئيسة الحكومة سارة الزعفراني في المراسلة التي توجهت بها إلى رئيس مجلس نواب الشعب إلى أنه بالنظر إلى خصوصية الخطة فإن المشرع لم يغفل عن إقرار ضمانات صلب الأمر المحدث للآلية المواطن الرقيب بهدف حماية الفريق، حيث نص الأمر في الفصل 16 جديد على « حماية المواطن الرقيب من جميع التهديدات والاعتداءات مهما كان نوعها والتي قد يتعرض إليها أثناء أو بعد أدائه لمهامه وعند اللزوم جبر الضرر الذي ينتج عن ذلك».

أما في علاقة بمقترح إلحاق فريق المواطن الرقيب بوزارة العدل من خلال إحداث فريق مصغر صلب الوزارة يتولى تجميع الملاحظات وإعداد التقارير وإحالتها إلى القضاء ومتابعتها، ترى رئيسة الحكومة أن هذا الخيار سيكون امتدادا لمصالح التفقدية العامة بوزارة العدل وتكرارا لمهام هذا الهيكل، وفسرت أن الأمر الحكومي عدد 1072 لسنة 2016 المؤرخ في 12 أوت 2016 أشار إلى إمكانية إحالة الملاحظات المتصلة بالسلوكيات التي تصنف في خانة الفساد التي يمكن أن يتعرض إليها المواطنون أثناء تعاملهم مع الإدارة إلى الجهات المختصة حسب طبيعة الملف بما في ذلك القضاء عندما ترتقي الشبهات إلى مستوى القرائن والأدلة القاطعة.

فساد وتقصير

وأشارت النائبة منال بديدة في السؤال الكتابي الموجه لرئيسة الحكومة عملا بأحكام الفصل 114 من الدستور والفصل 129 من النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب، إلى أن أغلب الإدارات التونسية غلب عليها الفساد والمحسوبية والتقصير والتقاعس عن العمل وهو ما أضر بمصالح المواطنين وساهم بشكل كبير في إهدار المال العام وعدم نجاعة الاستراتيجيات الكبرى التي تضعها الدولة للإصلاح في كل القطاعات، كما أن السلبية وعدم القيام باللازم في أداء الواجب خدمة للمواطن تعتبر حسب رأيها شكلا من أشكال الفساد. وأضافت بديدة أن تطهير الإدارة من الفاسدين ودفع الموظفين إلى أداء عملهم بالشكل المطلوب هو الخطوة الأولى للبناء والتشييد لأن الدور الأول للدولة بشكل عام والإدارة بشكل خاص هو توفير الرخاء للمواطن. وبينت أنه من بين الآليات التي وقع إحداثها لمعاينة جودة الخدمات الإدارية وتقييمها ورصد مظاهر الفساد هي فريق المواطن الرقيب المحدث بموجب الأمر عدد 147 لسنة 1993 المنقح بموجب الأمر عدد 1072 لسنة 2016، إلا أنه من خلال التقرير السنوي الثلاثون لفريق المواطن الرقيب الصادر عن رئاسة الحكومة سنة 2023 لاحظت أن هذه الآلية بعد العمل بها لمدة 30 سنة لم تحقق الأهداف المرجوة منها بل يكاد يكون لا أثر لها على أرض الواقع لأن مهامه تقتصر فقط على المعاينة، كما أن الوزارات غير متجاوبة مع أعماله. وأشارت النائبة إلى أن العمل المنجز من قبل فريق المواطن الرقيب خلال سنة 2023 بلغ 5943 معاينة وهو عدد ضئيل حسب وصفها مقارنة بعدد المصالح العمومية المعنية بالرقابة وبالتالي هناك حاجة إلى بعض التنقيحات ليحقق الأهداف التي أحدث من أجلها على أرض المواقع.

واقترحت بديدة جعل مهمة المواطن الرقيب تطوعية ودون مقابل وبينت أن الأمر المحدث له نص على منحه أجرا شهريا يتراوح بين 250 و350 دينارا ولكنها تفضل أن تكون مهمته تطوعية يقوم بها مواطن غيور على مصلحة الوطن وأضافت أنه توجد حاجة لتكثيف عدد فريق المواطن الرقيب وبما أن المالية العمومية لا تتحمل أعباء أكبر فمن الأفضل أن تكون مهامه تطوعية، ودعت إلى تمتيع فريق المواطن الرقيب بالحصانة لأنه في غيابها يبقى غير قادر على الخوض في بعض ملفات الفساد لأنه قانونيا غير محمي، واقترحت إلحاقه بوزارة العدل لإضفاء نجاعة على أعماله، وخلصت النائبة إلى أنه لا بد اليوم من القيام بحرب تحرير وطنية تتكاتف فيها الجهود لأنه لا بناء على أسس خربة هشة ومتهالكة، واستفسرت رئيسة الحكومة إن كان بإمكانها العمل على تنقيح الأمر سالف الذكر المتعلق بالمواطن الرقيب لضمان مزيد النجاعة عليه وجعله متماشيا مع الواقع وتساءلت عن برنامج الحكومة للتعريف بهذه الآلية لدى المواطنين.

سعيدة بوهلال

لتحسين الخدمات الإدارية..   إجراءات مرتقبة لدعم فريق المواطن الرقيب

 

إجراءات جديدة سيتم اتخاذها لتأمين الظروف اللازمة لاضطلاع فريق المواطن الرقيب بالمهام الموكولة إليه بهدف تحسين الخدمات الإدارية، ولفت نظر الجهات المعنية قصد تلافي ما يمكن أن يمثل شبهات فساد.. إذ جاء في مراسلة رسمية نشرها مجلس نواب الشعب مساء أول أمس على موقعه على شبكة الانترنيت تضمنت إجابة رئيسة الحكومة سارة الزعفراني عن سؤال كتابي حول مدى نجاعة العمل بآلية المواطن الرقيب طرحته النائبة منال بديدة، أنه سيتم العمل على مراجعة الجوانب التنظيمية واللوجستية في علاقة بهذه الآلية التي تم إحداثها بمقتضى الأمر الحكومي عدد 147 لسنة 1993 الذي تم تنقيحه لاحقا بالأمر الحكومي عدد 1072 لسنة 2016 المؤرخ في 12 أوت 2016 وذلك في اتجاه توسيع مشمولات فريق المواطن الرقيب وتفعيل دوره في تجسيد الإستراتيجية الوطنية للتحديث الإداري ومكافحة الفساد في القطاع العمومي.      

وأضافت الزعفراني أنه من بين هذه الإجراءات تكثيف الزيارات الميدانية وتغطية أشمل لمختلف القطاعات، وإيلاء الاستقبال والإرشاد الإداري بمختلف أنماطه ما يستحقه من أهمية، والتركيز على سلوكيات الموظف وكيفية تعامله مع طالب الخدمة، مع تنويع المهمات الرقابية القطاعية التي ينجزها فريق المواطن الرقيب، وتوجيه تدخلاته نحو المجالات التي تعتبر ذات أولوية والخدمات التي هي محل تشكيات من قبل المواطنين بشكل يستجيب إلى تطلعاتهم ومشاغلهم اليومية، فضلا عن متابعة تنفيذ ما تم إقراره من إصلاحات إدارية وتبسيط للإجراءات وحسن استغلال الملاحظات المسجلة في الغرض لضمان السرعة في الانجاز.

ومن الإجراءات الأخرى، تعزيز دور فريق المواطن الرقيب في مجال مساند المصالح العمومية التي انخرطت في مسار إرساء علامة مرحبا لجودة الاستقبال صيغة 2020، ومزيد التنسيق بين مختلف الأطراف المتدخلة في مجال الجودة وتحديث الإدارة وضمان الانسجام بينها لأن خطة فريق المواطن الرقيب تندرج ضمن سياق متكامل يرمي إلى تعصير الإدارة التونسية وجعلها  في خدمة المواطن، إضافة إلى دعوة المصالح العمومية إلى منح الأهمية اللازمة لملاحظات فريق المواطن الرقيب وحسن استغلالها ودفعها إلى اتخاذ الإجراءات الضرورية لتجاوز السلبيات التي وردت في تقاريره وتدعيم الايجابيات المسجلة وتعميمها على المصالح الأخرى.

مشاغل المواطن

وقبل الحديث عن التدخلات الرامية إلى دعم آلية المواطن الرقيب، أشارت رئيسة الحكومة تعقيبا عن سؤال النائبة منال بديدة إلى وجود إدارة صلب رئاسة الحكومة تسمى إدارة نوعية الخدمة العمومية وهي عبارة عن هيكل مساندة لجهود تحديث الإدارة والنهوض بجودة خدماتها وتتولى باعتماد آلية المواطن الرقيب، متابعة سير العمل بالمصالح العمومية التي لها علاقة مباشرة بالمواطن لتشخيص نقاط الضعف ونقاط القوة وإبراز مكامن التحسين صلبها، ورصد المشاغل اليومية للمواطنين وانطباعاتهم بخصوص مستوى الخدمات المسداة إليهم، والصعوبات التي يجدونها بمناسبة تعاملهم مع الإدارة وتبليغها إلى رؤساء الهياكل العمومية المعنية، وحثهم على إيجاد الحلول الملائمة لتجاوزها.

جهاز رقابي

وأفادت رئيسة الحكومة أن  خطة المواطن الرقيب تعد حلقة ضمن سلسلة متكاملة من الآليات التي تهدف إلى تعصير الإدارة وتحسين علاقاتها بالمتعاملين معها وأنها جهاز رقابي له طابع وقائي يضاف إلى أجهزة الرقابة الأخرى. وأنها أسهمت في دعم الاهتمام بجودة الخدمات الإدارية المقدمة من خلال إدخال حركية داخل المصالح العمومية تجسمت في تفاعل أغلب الوزارات مع تقاريره عبر اتخاذ الإجراءات التصحيحية الضرورية.

وتتمثل أبرز هذه الإجراءات حسب قولها في الحرص على تهيئة فضاءات لائقة وملائمة لاستقبال المواطنين، وتركيز ممرات لذوي الحاجيات الخصوصية، وتوفير موزعات قصاصات الأسبقية، وإسداء الخدمة لهم في أفضل الظروف، والعناية بالمظهر العام للمباني العمومية، وتحسين ظروف العمل المادية والبشرية بالمصالح العمومية من خلال توفير وسائل العمل الضرورية لتأمين سير العمل بها، وخلق وازع المراقبة الذاتية لدى العون العمومي، والتحسين المستمر لنوعية الخدمة وكيفية تقديمها والاستجابة لتطلعات المواطن من خلال دعم الإيجابيات وتدارك الإخلالات المسجلة.

زيارات ميدانية

ولدى حديثها عن حصيلة نشاط فريق المواطن الرقيب أكدت رئيسة الحكومة أن الأمر لا يقتصر على القيام بالزيارات الميدانية اليومية، ولاحظت أنه تم تسجيل ارتفاع في عدد هذه الزيارات خلال سنة 2024 مقارنة بسنة 2023 حيث أجرى 7085 معاينة لـ 2816 مصلحة عمومية لها علاقة مباشرة بالمواطن، وأسفرت هذه الزيارات عن إرسال 120 تقريرا شهريا إلى الوزارات المعنية. وفضلا عن ذلك تم تكليف هذا الفريق بإجراء 31 مهمة موجهة لمراقبة جودة الخدمات الإدارية المسداة على أساس تقييم موضوعي لمستواها من وجهة نظر المواطن مع تقديم مقترحات عملية لتحسين الأداء، وتم توجيه 34 مراسلة عاجلة نظرا لصبغتها المتأكدة ولتعلقها ببعض الظواهر والسلوكيات التي لها انعكاس سلبي على السير العادي للمرفق العام.

وبخصوص كيفية تقييم نجاعة تدخلات فريق المواطن الرقيب، بينت رئيسة الحكومة في إجابتها عن سؤال كتابي طرحته النائبة منال بديدة في إطار دورها الرقابي أنه على سبيل الذكر، يمكن قياس النتائج المحققة حسب الإمكانيات المادية المرصودة والموارد البشرية المتاحة عن طريق المؤشرات الواردة بالتقارير السنوية لنشاطه والتي تظل قابلة للتحسين.

 وتتمثل هذه المؤشرات في ما يلي: توزيع الزيارات حسب الوزارات والتي شملت جميع القطاعات، ونسبة التغطية الجهوية التي تجاوزت سبعين بالمائة من ولايات الجمهورية، ونسبة التجاوب مع تقارير فريق المواطن الرقيب من خلال معدل الردود عليها ومدى الامتثال إليها باحتساب نسبة الاستجابة إلى الملاحظات السلبية المسجلة.

مهام عديدة

وخلصت رئيسة الحكومة إلى الإقرار بأن مستوى الخدمات الإدارية يظل دون المأمول وبالتالي مازالت هناك حاجة حسب قولها لمزيد تفعيل دور فريق المواطن الرقيب، وإضفاء الفاعلية والنجاعة على أدائه لجعل الإدارة حقا في خدمة المواطن، ولكي تكون الإدارة المحرك الأساسي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة في البلاد.

ويذكر في هذا السياق أنه طبقا لأحكام الأمر الحكومي عدد 1072 لسنة 2016 المؤرخ في 12 أوت 2016 المتعلق بتنقيح الأمر عدد 147 لسنة 1993 المؤرخ في 18 جانفي 1993 المتعلق بإحداث فريق المواطن الرقيب، يكلف فريق المواطن الرقيب خاصة بالقيام بعمليات حقيقية كسائر المواطنين لدى المصالح العمومية قصد معاينة جودة خدماتها الإدارية وظروف إسدائها وملاحظة سلوك الأعوان العموميين وكيفية أدائهم لمهامهم، وإعداد وتنفيذ استبيانات دورية لسبر آراء المتعاملين مع الإدارة قصد قيس درجة رضاهم والكشف عن النقائص والإخلالات التي تشوب سير العمل الإداري وتقديم بعض التوصيات لتجاوزها، ومتابعة مدى تنفيذ الإصلاحات والتبسيطات الإدارية التي تم إقرارها وذلك بالتنسيق مع الهياكل المعنية، ومراقبة مدى التزام المصالح العمومية بالاشتراطات الفنية لجودة الاستقبال بالمصالح العمومية واحترام الأعوان العموميين متطلبات النزاهة والمساواة في التعامل مع العموم طبقا لمواصفات الجودة والنزاهة والشفافية، والمساهمة في رصد بعض السلوكيات التي تصنف في خانة الفساد على غرار الابتزاز والحيف والاستخدام السيئ للنفوذ والإخلال بمبادئ المساواة والنزاهة والشفافية والتي يمكن أن يتعرض إليها المواطنون أثناء تعاملهم مع الهياكل والمؤسسات العمومية وإحالتها إلى الجهات المختصة.

وأبدت رئيسة الحكومة سارة الزعفراني في إجابتها عن السؤال الكتابي للنائبة منال بديدة الرأي في عدة مقترحات تقدمت بها النائبة، أولها جعل مهمة المواطن الرقيب تطوعية ودون مقابل، وأفادت أنه بناء على ما جاء في الفصل السادس فقرة ثانية جديد من الأمر المتعلق بإحداث خطة المواطن الرقيب، تسند له منحة وهي منحة خاضعة للخصم الضريبي وليس أجرا وتصرف المنحة لتغطية تكاليف قيامه بمختلف العمليات لدى المصالح العمومية وهي لا تمثل حافزا ماليا مهما، وأضافت أن صيغة العمل التطوعي بغض النظر عن الانتساب إلى الوظيفة العمومية من عدمه ودون التفرغ التام للخطة، لا تتناسب وحجم العمل وطبيعة المهام الموكولة إلى أعضاء فريق المواطن الرقيب، وقد تشكل هذه الصيغة عائقا أمام إنجاز تلك المهام على الوجه الأكمل علما وأن طريقة العمل تحتم إتباع جملة من القواعد، أهمها التقييم الموضوعي وملازمة الحياد تجاه الأعوان، والحفاظ على السرية وهي طريقة يصعب الالتزام بها خاصة عندما يكون الشخص المتطوع طرفا معنيا بصفة شخصية بالخدمة المسداة.

حماية الفريق

وتفاعلا مع مقترح النائبة منال بديدة المتعلق بتمتيع  المواطن الرقيب بالحصانة لتيسير أداء مهامه عندما يتعلق الأمر بمتابعة ملفات الفساد، أشارت رئيسة الحكومة سارة الزعفراني في المراسلة التي توجهت بها إلى رئيس مجلس نواب الشعب إلى أنه بالنظر إلى خصوصية الخطة فإن المشرع لم يغفل عن إقرار ضمانات صلب الأمر المحدث للآلية المواطن الرقيب بهدف حماية الفريق، حيث نص الأمر في الفصل 16 جديد على « حماية المواطن الرقيب من جميع التهديدات والاعتداءات مهما كان نوعها والتي قد يتعرض إليها أثناء أو بعد أدائه لمهامه وعند اللزوم جبر الضرر الذي ينتج عن ذلك».

أما في علاقة بمقترح إلحاق فريق المواطن الرقيب بوزارة العدل من خلال إحداث فريق مصغر صلب الوزارة يتولى تجميع الملاحظات وإعداد التقارير وإحالتها إلى القضاء ومتابعتها، ترى رئيسة الحكومة أن هذا الخيار سيكون امتدادا لمصالح التفقدية العامة بوزارة العدل وتكرارا لمهام هذا الهيكل، وفسرت أن الأمر الحكومي عدد 1072 لسنة 2016 المؤرخ في 12 أوت 2016 أشار إلى إمكانية إحالة الملاحظات المتصلة بالسلوكيات التي تصنف في خانة الفساد التي يمكن أن يتعرض إليها المواطنون أثناء تعاملهم مع الإدارة إلى الجهات المختصة حسب طبيعة الملف بما في ذلك القضاء عندما ترتقي الشبهات إلى مستوى القرائن والأدلة القاطعة.

فساد وتقصير

وأشارت النائبة منال بديدة في السؤال الكتابي الموجه لرئيسة الحكومة عملا بأحكام الفصل 114 من الدستور والفصل 129 من النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب، إلى أن أغلب الإدارات التونسية غلب عليها الفساد والمحسوبية والتقصير والتقاعس عن العمل وهو ما أضر بمصالح المواطنين وساهم بشكل كبير في إهدار المال العام وعدم نجاعة الاستراتيجيات الكبرى التي تضعها الدولة للإصلاح في كل القطاعات، كما أن السلبية وعدم القيام باللازم في أداء الواجب خدمة للمواطن تعتبر حسب رأيها شكلا من أشكال الفساد. وأضافت بديدة أن تطهير الإدارة من الفاسدين ودفع الموظفين إلى أداء عملهم بالشكل المطلوب هو الخطوة الأولى للبناء والتشييد لأن الدور الأول للدولة بشكل عام والإدارة بشكل خاص هو توفير الرخاء للمواطن. وبينت أنه من بين الآليات التي وقع إحداثها لمعاينة جودة الخدمات الإدارية وتقييمها ورصد مظاهر الفساد هي فريق المواطن الرقيب المحدث بموجب الأمر عدد 147 لسنة 1993 المنقح بموجب الأمر عدد 1072 لسنة 2016، إلا أنه من خلال التقرير السنوي الثلاثون لفريق المواطن الرقيب الصادر عن رئاسة الحكومة سنة 2023 لاحظت أن هذه الآلية بعد العمل بها لمدة 30 سنة لم تحقق الأهداف المرجوة منها بل يكاد يكون لا أثر لها على أرض الواقع لأن مهامه تقتصر فقط على المعاينة، كما أن الوزارات غير متجاوبة مع أعماله. وأشارت النائبة إلى أن العمل المنجز من قبل فريق المواطن الرقيب خلال سنة 2023 بلغ 5943 معاينة وهو عدد ضئيل حسب وصفها مقارنة بعدد المصالح العمومية المعنية بالرقابة وبالتالي هناك حاجة إلى بعض التنقيحات ليحقق الأهداف التي أحدث من أجلها على أرض المواقع.

واقترحت بديدة جعل مهمة المواطن الرقيب تطوعية ودون مقابل وبينت أن الأمر المحدث له نص على منحه أجرا شهريا يتراوح بين 250 و350 دينارا ولكنها تفضل أن تكون مهمته تطوعية يقوم بها مواطن غيور على مصلحة الوطن وأضافت أنه توجد حاجة لتكثيف عدد فريق المواطن الرقيب وبما أن المالية العمومية لا تتحمل أعباء أكبر فمن الأفضل أن تكون مهامه تطوعية، ودعت إلى تمتيع فريق المواطن الرقيب بالحصانة لأنه في غيابها يبقى غير قادر على الخوض في بعض ملفات الفساد لأنه قانونيا غير محمي، واقترحت إلحاقه بوزارة العدل لإضفاء نجاعة على أعماله، وخلصت النائبة إلى أنه لا بد اليوم من القيام بحرب تحرير وطنية تتكاتف فيها الجهود لأنه لا بناء على أسس خربة هشة ومتهالكة، واستفسرت رئيسة الحكومة إن كان بإمكانها العمل على تنقيح الأمر سالف الذكر المتعلق بالمواطن الرقيب لضمان مزيد النجاعة عليه وجعله متماشيا مع الواقع وتساءلت عن برنامج الحكومة للتعريف بهذه الآلية لدى المواطنين.

سعيدة بوهلال