إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

أساسه العدل والنجاعة.. المسؤول.. بين تكريس سياسة الدولة وإرادة التنفيذ

في‭ ‬خطوة‭ ‬تعكس‭ ‬حرص‭ ‬الدولة‭ ‬على‭ ‬دفع‭ ‬عجلة‭ ‬التنمية‭ ‬وتعزيز‭ ‬الحوكمة‭ ‬المحلية‭ ‬والجهوية،‭ ‬أشرف‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬قيس‭ ‬سعيد،‭ ‬الخميس‭ ‬الماضي‭ ‬بقصر‭ ‬قرطاج،‭ ‬على‭ ‬موكب‭ ‬أداء‭ ‬اليمين‭ ‬لوالي‭ ‬جندوبة‭ ‬الطيب‭ ‬الدريدي‭. ‬تعيين‭ ‬يأتي‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬دقيق‭ ‬يؤشر‭ ‬الى‭ ‬مراجعة‭ ‬شاملة‭ ‬لدور‭ ‬الولاة‭ ‬كحلقة‭ ‬أساسية‭ ‬في‭ ‬تنفيذ‭ ‬السياسات‭ ‬والخيارات‭ ‬الوطنية‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الجهوي،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬الداخلية،‭ ‬بما‭ ‬يؤشر‭ ‬الى‭ ‬القول‭ ‬بأن‭ ‬المسؤولية‭ ‬اليوم‭ ‬أو‭ ‬تحديدا‭ ‬‮«‬المنصب‮»‬،‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬يرتكز‭ ‬على‭ ‬الترضيات‭ ‬السياسية‭ ‬أو‭ ‬التموقع‭ ‬الإداري‭ ‬التقليدي،‭ ‬بل‭ ‬على‭ ‬معيارين‭ ‬واضحين‭: ‬الأداء‭ ‬والنتائج،‭ ‬على‭ ‬اعتبار‭ ‬أن‭ ‬المسؤول‭ ‬اليوم‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬محصّنا‭ ‬بمنصبه‭ ‬أو‭ ‬محاطًا‭ ‬بالشكليات،‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬مطالب‭ ‬بتجسيد‭ ‬رؤية‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬قيس‭ ‬سعيد،‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع‭. ‬فمقتضيات‭ ‬المرحلة‭ ‬واستنادا‭ ‬الى‭ ‬توجيهات‭ ‬رئيس‭ ‬الدولة‭ ‬ترفع‭ ‬شعار‭: ‬لا‭ ‬مكان‭ ‬لمن‭ ‬يتقاعس‭ ‬أو‭ ‬يراوح‭ ‬مكانه‭. ‬والاستحقاقات‭ ‬الوطنية‭ ‬لا‭ ‬تقبل‭ ‬التهاون‭ ‬أو‭ ‬التقصير‭.‬

تفاعلا‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬الطرح،‭ ‬يشير‭ ‬متابعون‭ ‬الى‭ ‬أن‭ ‬التعيين‭ ‬الجديد‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬ولاية‭ ‬جندوبة،‭ ‬يعكس‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬موقفا‭ ‬صارما‭ ‬من‭ ‬أعلى‭ ‬هرم‭ ‬الدولة،‭ ‬يؤكد‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬مسؤول‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬في‭ ‬حجم‭ ‬التطلعات‭ ‬والرهانات‭ ‬والتحديات‭ ‬المطروحة،‭ ‬لا‭ ‬مكان‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬مواقع‭ ‬القرار‭. ‬فالمسؤولية‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬ليست‭ ‬مجرّد‮»‬‭ ‬كرسي‭ ‬أو‭ ‬أريكة‮»‬‭ ‬بل‭ ‬التزام‭ ‬فعلي‭ ‬بتطبيق‭ ‬سياسات‭ ‬الدولة‭ ‬وتكريس‭ ‬العدالة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع،‭ ‬وهي‭ ‬من‭ ‬المطالب‭ ‬الجوهرية‭ ‬التي‭ ‬أكد‭ ‬عليها‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬قيس‭ ‬سعيد‭ ‬في‭ ‬معرض‭ ‬خطاباته‭ ‬ولقاءاته‭ ‬مع‭ ‬أعضاء‭ ‬الحكومة،‭ ‬مشددا‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬المسؤولية‭ ‬اليوم‭ ‬تتجاوز‭ ‬منطق‭ ‬التشريف،‭ ‬لتطال‭ ‬رسم‭ ‬سياسات‭ ‬الدولة‭ ‬وخياراتها‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬الإنصاف‭ ‬والعدالة‭ ‬الاجتماعية‭.‬
استحقاقات‭ ‬وطنية‭ ‬لا‭ ‬تقبل‭ ‬التهاون
وتأكيدا‭ ‬على‭ ‬إرادة‭ ‬الدولة‭ ‬في‭ ‬عدم‭ ‬التساهل‭ ‬مع‭ ‬التقصير،‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬التعيين‭ ‬الجديد‭ ‬لا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يُفهم‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬إجراء‭ ‬إداري‭ ‬روتيني،‭ ‬بل‭ ‬كرسالة‭ ‬واضحة‭ ‬إلى‭ ‬كل‭ ‬المسؤولين،‭ ‬مفادها‭ ‬أن‭ ‬الاستحقاقات‭ ‬الوطنية‭ ‬لا‭ ‬تقبل‭ ‬التهاون‭ ‬وأن‭ ‬من‭ ‬لا‭ ‬يرتقي‭ ‬بأدائه‭ ‬إلى‭ ‬مستوى‭ ‬طموحات‭ ‬الشعب‭ ‬فمكانه‭ ‬خارج‭ ‬دوائر‭ ‬المسؤولية‭ ‬والقرار‭..‬
فالمسؤولية،‭ ‬وكما‭ ‬أكّد‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬قيس‭ ‬سعيد‭ ‬في‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مناسبة،‭ ‬ليست‭ ‬موقعا‭ ‬‮«‬لجني‭ ‬الامتيازات‮»‬‭ ‬بل‭ ‬إنها‭ ‬واجب‭ ‬وطني‭ ‬في‭ ‬خدمة‭ ‬المواطن‭ ‬وركيزة‭ ‬أساسية‭ ‬لبناء‭ ‬دولة‭ ‬قوية،‭ ‬عادلة‭ ‬وفاعلة‭.‬
من‭ ‬جانب‭ ‬آخر‭ ‬وتفاعلا‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬التعيين‭ ‬الجديد‭ ‬يرى‭ ‬كثيرون‭ ‬أن‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬قيس‭ ‬سعيد،‭ ‬كان‭ ‬صارما‭ ‬منذ‭ ‬انطلاق‭ ‬مسار‭ ‬تكريس‭ ‬العدالة‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬فمن‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬في‭ ‬مستوى‭ ‬تطلعات‭ ‬المرحلة،‭ ‬ومن‭ ‬يعجز‭ ‬عن‭ ‬تنفيذ‭ ‬سياسات‭ ‬الدولة‭ ‬وتحقيق‭ ‬العدالة‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬عليه‭ ‬أن‭ ‬يُغادر‭ ‬موقعه‭.‬
وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬يؤكد‭ ‬كثيرون‭ ‬أن‭ ‬ولاية‭ ‬جندوبة‭ ‬وبما‭ ‬تملكه‭ ‬من‭ ‬إمكانات‭ ‬طبيعية‭ ‬هائلة،‭ ‬لا‭ ‬تحتاج‭ ‬فقط‭ ‬إلى‭ ‬خطط‭ ‬تنموية،‭ ‬بل‭ ‬إلى‭ ‬إرادة‭ ‬تنفيذ‭ ‬ومتابعة،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬من‭ ‬تعيين‭ ‬والٍ‭ ‬جديد‭ ‬فرصة‭ ‬لإعادة‭ ‬الاعتبار‭ ‬للجهة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مقاربة‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬العمل‭ ‬الميداني‭ ‬واعتماد‭ ‬سياسة‭ ‬القرب‭ ‬من‭ ‬المواطن،‭ ‬بما‭ ‬يؤشر‭ ‬الى‭ ‬إعادة‭ ‬الثقة‭ ‬في‭ ‬الدولة‭ ‬ومؤسساتها‭.‬
وفي‭ ‬هذا‭ ‬الجانب‭ ‬يتفق‭ ‬المتابعون‭ ‬للشأن‭ ‬العام‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تطبيق‭ ‬خيارات‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الجهوي‭ ‬ترنو‭ -‬بالتوازي‭ ‬مع‭ ‬تكريس‭ ‬مبدأ‭ ‬العدالة‭ ‬الاجتماعية‭ - ‬الى‭ ‬تغيير‭ ‬العقليات‭ ‬على‭ ‬اعتبار‭ ‬أن‭ ‬المسؤول‭ ‬اليوم‭ ‬مطالب‭ ‬بأن‭ ‬يكون‭ ‬فاعلا‭ ‬في‭ ‬الميدان‭ ‬ومنصتا‭ ‬لمشاكل‭ ‬جهته‭ ‬ومشاغلها،‭ ‬إذ‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬مقبولا‭ ‬في‭ ‬اللحظة‭ ‬الراهنة‭ ‬أن‭ ‬تُدار‭ ‬الولايات‭ ‬بمنطق‭ ‬‮«‬الوظيفة‮»‬،‭ ‬بل‭ ‬بمنطق‭ ‬‮«‬الرسالة‮»‬‭ ‬التي‭ ‬تتطلب‭ ‬متابعة‭ ‬دقيقة‭ ‬للمشاريع‭ ‬ومراقبة‭ ‬للإنجاز‭ ‬الى‭ ‬جانب‭ ‬تحمل‭ ‬كامل‭ ‬للمسؤولية‭ ‬تجاه‭ ‬المواطنين‭ ‬وأمام‭ ‬الدولة‭.‬
ومن‭ ‬أبرز‭ ‬توجهات‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد‭ ‬تأكيده‭ ‬في‭ ‬محطات‭ ‬عديدة‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬يتقلّد‭ ‬مسؤولية‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬الخطط،‭ ‬عليه‭ ‬أن‭ ‬يستوعب‭ ‬أنّه‭ ‬‮«‬موظف‭ ‬لدى‭ ‬الشعب‮»‬‭ ‬وأن‭ ‬الدولة‭ ‬ليست‭ ‬مجرد‭ ‬أجهزة‭ ‬جامدة‭ ‬مكبلة‭ ‬ببيروقراطية‭ ‬مقيتة،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬جسد‭ ‬حيّ‭ ‬وفاعل‭ ‬وديناميكي‭ ‬أساسه‭ ‬العدل‭ ‬والنجاعة‭. ‬لذلك،‭ ‬فإن‭ ‬المعيار‭ ‬الأساسي‭ ‬اليوم‭ ‬لكل‭ ‬مسؤول‭ ‬وفقا‭ ‬لكثيرين‭ ‬هو‭: ‬ماذا‭ ‬قدّم‭ ‬هذا‭ ‬المسؤول؟‭ ‬ماذا‭ ‬أنجز؟‭ ‬كيف‭ ‬تعامل‭ ‬مع‭ ‬مشاغل‭ ‬الناس؟‭ ‬وهل‭ ‬كان‭ ‬عنصرا‭ ‬فاعلا‭ ‬أم‭ ‬لا؟‭..‬
فمقتضيات‭ ‬المرحلة‭ ‬الحالية‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬المسؤولية‭ ‬الفاعلة،‭ ‬ورفض‭ ‬المحاباة‭ ‬والتقصير،‭ ‬وخاصة‭ ‬محاسبة‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬لا‭ ‬يلتزم‭ ‬بخدمة‭ ‬المواطن‭ ‬وتنفيذ‭ ‬سياسات‭ ‬الدولة‭ ‬كأولوية‭ ‬قصوى‭..‬
في‭ ‬هذا‭ ‬الخضم‭ ‬ووفقا‭ ‬لكثيرين‭ ‬يجد‭ ‬الوالي‭ ‬نفسه‭ ‬اليوم‭ ‬أمام‭ ‬جملة‭ ‬من‭ ‬الرهانات‭ ‬والتحديات‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تحتمل‭ ‬التأجيل،‭ ‬لعل‭ ‬أبرزها‭ ‬دفع‭ ‬نسق‭ ‬إنجاز‭ ‬المشاريع‭ ‬المعطلة،‭ ‬وتيسير‭ ‬ظروف‭ ‬الاستثمار،‭ ‬خاصة‭ ‬لفائدة‭ ‬شباب‭ ‬الجهة‭ ‬ومختلف‭ ‬الباعثين‭ ‬الشبان‭. ‬هذا‭ ‬بالتوازي‭ ‬مع‭ ‬أهمية‭ ‬تعزيز‭ ‬الحوكمة‭ ‬المحلية،‭ ‬والتنسيق‭ ‬الفعّال‭ ‬بين‭ ‬مختلف‭ ‬المصالح‭ ‬الجهوية‭ ‬والبلديات‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الأهم‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬مسؤولا‭ ‬يتناغم‭ ‬مع‭ ‬مقتضيات‭ ‬المرحلة‭. ‬فالدور‭ ‬الموكول‭ ‬للولاة‭ ‬اليوم‭ ‬يندرج‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬عام‭ ‬يقوم‭ ‬على‭ ‬مقاربة‭ ‬سياسية‭ ‬جديدة،‭ ‬تُؤمن‭ ‬بأن‭ ‬المسؤول‭ ‬ليس‭ ‬سلطة‭ ‬فوق‭ ‬المواطن‭ ‬وإنما‭ ‬هو‭ ‬يشغل‭ ‬موقعا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬في‭ ‬خدمته‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬دولة‭ ‬عادلة‭ ‬وفعالة‭.‬
وفي‭ ‬هذا‭ ‬الخصوص‭ ‬يرى‭ ‬عديد‭ ‬المتابعين‭ ‬أنه‭ ‬آن‭ ‬الأوان‭ ‬لتتحمّل‭ ‬الإدارات‭ ‬الجهوية‭ ‬مسؤولياتها‭ ‬كاملة،‭ ‬بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬الحسابات‭ ‬الضيقة‭ ‬والولاءات‭ ‬الشكلية،‭ ‬فالمقياس‭ ‬الوحيد‭ ‬اليوم‭ ‬هو‭ ‬العمل،‭ ‬والنتائج،‭ ‬ومدى‭ ‬الالتزام‭ ‬بتطبيق‭ ‬سياسات‭ ‬الدولة‭ ‬في‭ ‬بعدها‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والتنموي‭ ‬وفقا‭ ‬لتوجيهات‭ ‬رئيس‭ ‬الدولة‭.‬
ترجمة‭ ‬لرؤية‭ ‬سياسية
وبالعودة‭ ‬الى‭ ‬التعيين‭ ‬الجديد‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬ولاية‭ ‬جندوبة،‭ ‬جدير‭ ‬بالذكر‭ ‬أن‭ ‬الجهات‭ ‬التي‭ ‬عانت‭ ‬لسنوات‭ ‬من‭ ‬التهميش،‭ ‬رغم‭ ‬إمكانياتها‭ ‬الهائلة،‭ ‬تنتظر‭ ‬اليوم‭ ‬وفي‭ ‬إطار‭ ‬تنفيذ‭ ‬سياسات‭ ‬الدولة‭ ‬حضورا‭ ‬دائما‭ ‬للمسؤول،‭ ‬وتجاوبًا‭ ‬ملموسًا‭ ‬مع‭ ‬تطلعات‭ ‬أهالي‭ ‬الجهة‭. ‬وعلى‭ ‬هذا‭ ‬الأساس،‭ ‬فإن‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬اليوم‭ ‬من‭ ‬تعديلات‭ ‬إدارية‭ ‬في‭ ‬مواقع‭ ‬القرار‭ ‬هو‭ ‬ترجمة‭ ‬لرؤية‭ ‬سياسية‭ ‬صارمة،‭ ‬تعتبر‭ ‬أن‭ ‬الوظيفة‭ ‬العمومية‭ ‬تكليف‭ ‬لا‭ ‬تشريف،‭ ‬وأن‭ ‬خدمة‭ ‬المواطن‭ ‬ليست‭ ‬خيارا‭ ‬بل‭ ‬إنها‭ ‬واجب‭ ‬ومن‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬في‭ ‬مستوى‭ ‬هذا‭ ‬الواجب،‭ ‬عليه‭ ‬أن‭ ‬يغادر‭.‬
وعلى‭ ‬هذا‭ ‬الأساس‭ ‬إن‭ ‬تعيين‭ ‬وال‭ ‬جديد‭ ‬لجندوبة‭ ‬ليس‭ ‬مجرّد‭ ‬تغيير‭ ‬إداري،‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬فرصة‭ ‬حقيقية‭ ‬لإعادة‭ ‬توجيه‭ ‬البوصلة‭ ‬التنموية،‭ ‬في‭ ‬جهة‭ ‬عانت‭ ‬طويلًا‭ ‬من‭ ‬التهميش‭. ‬ويبقى‭ ‬الأمل‭ ‬قائما‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬الوالي‭ ‬الجديد‭ ‬في‭ ‬مستوى‭ ‬التحديات،‭ ‬وأن‭ ‬يكرّس‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬عمله‭ ‬الميداني‭ ‬إرادة‭ ‬الدولة‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬العدالة‭ ‬بين‭ ‬الجهات‭ ‬وتحويل‭ ‬جندوبة‭ ‬من‭ ‬ولاية‭ ‬للوعود‭ ‬المؤجلة‭ ‬إلى‭ ‬نموذج‭ ‬تنموي‭ ‬يُحتذى‭ ‬به‭. ‬فالتعيين‭ ‬الجديد‭ ‬يمثل‭ ‬اختبارا‭ ‬حقيقيا‭ ‬لمدى‭ ‬قدرة‭ ‬المسؤول‭ ‬الجديد‭ ‬على‭ ‬التكيّف‭ ‬مع‭ ‬خصوصية‭ ‬المرحلة،‭ ‬وسرعة‭ ‬الاستجابة‭ ‬لمقتضيات‭ ‬الواقع‭ ‬الجهوي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬خاصة‭ ‬وأن‭ ‬المرحلة‭ ‬الراهنة‭ ‬لا‭ ‬تحتمل‭ ‬التردّد‭ ‬أو‭ ‬التسيير‭ ‬البيروقراطي‭ ‬المرتبك،‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬توصيف‭ ‬البعض،‭ ‬بل‭ ‬تتطلّب‭ ‬حضورا‭ ‬ميدانيا‭ ‬دائما،‭ ‬ورؤية‭ ‬واضحة،‭ ‬وإرادة‭ ‬حاسمة‭ ‬لتنفيذ‭ ‬السياسات‭ ‬الوطنية‭ ‬بكل‭ ‬مسؤولية‭ ‬وفاعلية‭..‬
وعليه،‭ ‬وبعيدا‭ ‬عن‭ ‬التعيين‭ ‬الجديد‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬ولاية‭ ‬جندوبة‭ ‬فإن‭ ‬بقاء‭ ‬مسؤول‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬موقعه،‭ ‬سيكون‭ ‬مرتبطا‭ ‬بمدى‭ ‬التزامه‭ ‬الكامل‭ ‬بتنفيذ‭ ‬برامج‭ ‬الدولة،‭ ‬وتحقيق‭ ‬العدالة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬في‭ ‬الجهة‭. ‬فالمرحلة‭ ‬واستنادا‭ ‬الى‭ ‬توجيهات‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬تستوجب‭ ‬انشغالا‭ ‬كاملا‭ ‬بخدمة‭ ‬المواطن،‭ ‬وتفاعلا‭ ‬سريعا‭ ‬مع‭ ‬مشاغله‭ ‬ضمن‭ ‬روح‭ ‬الانضباط‭ ‬والعدالة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬التي‭ ‬تسعى‭ ‬الدولة‭ ‬إلى‭ ‬ترسيخها‭ ‬في‭ ‬الإدارة‭ ‬العمومية‭ ‬على‭ ‬المستويين‭ ‬المركزي‭ ‬والجهوي‭.‬

منال‭ ‬حرزي

أساسه العدل والنجاعة.. المسؤول.. بين تكريس سياسة الدولة وإرادة التنفيذ

في‭ ‬خطوة‭ ‬تعكس‭ ‬حرص‭ ‬الدولة‭ ‬على‭ ‬دفع‭ ‬عجلة‭ ‬التنمية‭ ‬وتعزيز‭ ‬الحوكمة‭ ‬المحلية‭ ‬والجهوية،‭ ‬أشرف‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬قيس‭ ‬سعيد،‭ ‬الخميس‭ ‬الماضي‭ ‬بقصر‭ ‬قرطاج،‭ ‬على‭ ‬موكب‭ ‬أداء‭ ‬اليمين‭ ‬لوالي‭ ‬جندوبة‭ ‬الطيب‭ ‬الدريدي‭. ‬تعيين‭ ‬يأتي‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬دقيق‭ ‬يؤشر‭ ‬الى‭ ‬مراجعة‭ ‬شاملة‭ ‬لدور‭ ‬الولاة‭ ‬كحلقة‭ ‬أساسية‭ ‬في‭ ‬تنفيذ‭ ‬السياسات‭ ‬والخيارات‭ ‬الوطنية‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الجهوي،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬الداخلية،‭ ‬بما‭ ‬يؤشر‭ ‬الى‭ ‬القول‭ ‬بأن‭ ‬المسؤولية‭ ‬اليوم‭ ‬أو‭ ‬تحديدا‭ ‬‮«‬المنصب‮»‬،‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬يرتكز‭ ‬على‭ ‬الترضيات‭ ‬السياسية‭ ‬أو‭ ‬التموقع‭ ‬الإداري‭ ‬التقليدي،‭ ‬بل‭ ‬على‭ ‬معيارين‭ ‬واضحين‭: ‬الأداء‭ ‬والنتائج،‭ ‬على‭ ‬اعتبار‭ ‬أن‭ ‬المسؤول‭ ‬اليوم‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬محصّنا‭ ‬بمنصبه‭ ‬أو‭ ‬محاطًا‭ ‬بالشكليات،‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬مطالب‭ ‬بتجسيد‭ ‬رؤية‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬قيس‭ ‬سعيد،‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع‭. ‬فمقتضيات‭ ‬المرحلة‭ ‬واستنادا‭ ‬الى‭ ‬توجيهات‭ ‬رئيس‭ ‬الدولة‭ ‬ترفع‭ ‬شعار‭: ‬لا‭ ‬مكان‭ ‬لمن‭ ‬يتقاعس‭ ‬أو‭ ‬يراوح‭ ‬مكانه‭. ‬والاستحقاقات‭ ‬الوطنية‭ ‬لا‭ ‬تقبل‭ ‬التهاون‭ ‬أو‭ ‬التقصير‭.‬

تفاعلا‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬الطرح،‭ ‬يشير‭ ‬متابعون‭ ‬الى‭ ‬أن‭ ‬التعيين‭ ‬الجديد‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬ولاية‭ ‬جندوبة،‭ ‬يعكس‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬موقفا‭ ‬صارما‭ ‬من‭ ‬أعلى‭ ‬هرم‭ ‬الدولة،‭ ‬يؤكد‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬مسؤول‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬في‭ ‬حجم‭ ‬التطلعات‭ ‬والرهانات‭ ‬والتحديات‭ ‬المطروحة،‭ ‬لا‭ ‬مكان‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬مواقع‭ ‬القرار‭. ‬فالمسؤولية‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬ليست‭ ‬مجرّد‮»‬‭ ‬كرسي‭ ‬أو‭ ‬أريكة‮»‬‭ ‬بل‭ ‬التزام‭ ‬فعلي‭ ‬بتطبيق‭ ‬سياسات‭ ‬الدولة‭ ‬وتكريس‭ ‬العدالة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع،‭ ‬وهي‭ ‬من‭ ‬المطالب‭ ‬الجوهرية‭ ‬التي‭ ‬أكد‭ ‬عليها‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬قيس‭ ‬سعيد‭ ‬في‭ ‬معرض‭ ‬خطاباته‭ ‬ولقاءاته‭ ‬مع‭ ‬أعضاء‭ ‬الحكومة،‭ ‬مشددا‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬المسؤولية‭ ‬اليوم‭ ‬تتجاوز‭ ‬منطق‭ ‬التشريف،‭ ‬لتطال‭ ‬رسم‭ ‬سياسات‭ ‬الدولة‭ ‬وخياراتها‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬الإنصاف‭ ‬والعدالة‭ ‬الاجتماعية‭.‬
استحقاقات‭ ‬وطنية‭ ‬لا‭ ‬تقبل‭ ‬التهاون
وتأكيدا‭ ‬على‭ ‬إرادة‭ ‬الدولة‭ ‬في‭ ‬عدم‭ ‬التساهل‭ ‬مع‭ ‬التقصير،‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬التعيين‭ ‬الجديد‭ ‬لا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يُفهم‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬إجراء‭ ‬إداري‭ ‬روتيني،‭ ‬بل‭ ‬كرسالة‭ ‬واضحة‭ ‬إلى‭ ‬كل‭ ‬المسؤولين،‭ ‬مفادها‭ ‬أن‭ ‬الاستحقاقات‭ ‬الوطنية‭ ‬لا‭ ‬تقبل‭ ‬التهاون‭ ‬وأن‭ ‬من‭ ‬لا‭ ‬يرتقي‭ ‬بأدائه‭ ‬إلى‭ ‬مستوى‭ ‬طموحات‭ ‬الشعب‭ ‬فمكانه‭ ‬خارج‭ ‬دوائر‭ ‬المسؤولية‭ ‬والقرار‭..‬
فالمسؤولية،‭ ‬وكما‭ ‬أكّد‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬قيس‭ ‬سعيد‭ ‬في‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مناسبة،‭ ‬ليست‭ ‬موقعا‭ ‬‮«‬لجني‭ ‬الامتيازات‮»‬‭ ‬بل‭ ‬إنها‭ ‬واجب‭ ‬وطني‭ ‬في‭ ‬خدمة‭ ‬المواطن‭ ‬وركيزة‭ ‬أساسية‭ ‬لبناء‭ ‬دولة‭ ‬قوية،‭ ‬عادلة‭ ‬وفاعلة‭.‬
من‭ ‬جانب‭ ‬آخر‭ ‬وتفاعلا‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬التعيين‭ ‬الجديد‭ ‬يرى‭ ‬كثيرون‭ ‬أن‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬قيس‭ ‬سعيد،‭ ‬كان‭ ‬صارما‭ ‬منذ‭ ‬انطلاق‭ ‬مسار‭ ‬تكريس‭ ‬العدالة‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬فمن‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬في‭ ‬مستوى‭ ‬تطلعات‭ ‬المرحلة،‭ ‬ومن‭ ‬يعجز‭ ‬عن‭ ‬تنفيذ‭ ‬سياسات‭ ‬الدولة‭ ‬وتحقيق‭ ‬العدالة‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬عليه‭ ‬أن‭ ‬يُغادر‭ ‬موقعه‭.‬
وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬يؤكد‭ ‬كثيرون‭ ‬أن‭ ‬ولاية‭ ‬جندوبة‭ ‬وبما‭ ‬تملكه‭ ‬من‭ ‬إمكانات‭ ‬طبيعية‭ ‬هائلة،‭ ‬لا‭ ‬تحتاج‭ ‬فقط‭ ‬إلى‭ ‬خطط‭ ‬تنموية،‭ ‬بل‭ ‬إلى‭ ‬إرادة‭ ‬تنفيذ‭ ‬ومتابعة،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬من‭ ‬تعيين‭ ‬والٍ‭ ‬جديد‭ ‬فرصة‭ ‬لإعادة‭ ‬الاعتبار‭ ‬للجهة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مقاربة‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬العمل‭ ‬الميداني‭ ‬واعتماد‭ ‬سياسة‭ ‬القرب‭ ‬من‭ ‬المواطن،‭ ‬بما‭ ‬يؤشر‭ ‬الى‭ ‬إعادة‭ ‬الثقة‭ ‬في‭ ‬الدولة‭ ‬ومؤسساتها‭.‬
وفي‭ ‬هذا‭ ‬الجانب‭ ‬يتفق‭ ‬المتابعون‭ ‬للشأن‭ ‬العام‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تطبيق‭ ‬خيارات‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الجهوي‭ ‬ترنو‭ -‬بالتوازي‭ ‬مع‭ ‬تكريس‭ ‬مبدأ‭ ‬العدالة‭ ‬الاجتماعية‭ - ‬الى‭ ‬تغيير‭ ‬العقليات‭ ‬على‭ ‬اعتبار‭ ‬أن‭ ‬المسؤول‭ ‬اليوم‭ ‬مطالب‭ ‬بأن‭ ‬يكون‭ ‬فاعلا‭ ‬في‭ ‬الميدان‭ ‬ومنصتا‭ ‬لمشاكل‭ ‬جهته‭ ‬ومشاغلها،‭ ‬إذ‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬مقبولا‭ ‬في‭ ‬اللحظة‭ ‬الراهنة‭ ‬أن‭ ‬تُدار‭ ‬الولايات‭ ‬بمنطق‭ ‬‮«‬الوظيفة‮»‬،‭ ‬بل‭ ‬بمنطق‭ ‬‮«‬الرسالة‮»‬‭ ‬التي‭ ‬تتطلب‭ ‬متابعة‭ ‬دقيقة‭ ‬للمشاريع‭ ‬ومراقبة‭ ‬للإنجاز‭ ‬الى‭ ‬جانب‭ ‬تحمل‭ ‬كامل‭ ‬للمسؤولية‭ ‬تجاه‭ ‬المواطنين‭ ‬وأمام‭ ‬الدولة‭.‬
ومن‭ ‬أبرز‭ ‬توجهات‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد‭ ‬تأكيده‭ ‬في‭ ‬محطات‭ ‬عديدة‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬يتقلّد‭ ‬مسؤولية‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬الخطط،‭ ‬عليه‭ ‬أن‭ ‬يستوعب‭ ‬أنّه‭ ‬‮«‬موظف‭ ‬لدى‭ ‬الشعب‮»‬‭ ‬وأن‭ ‬الدولة‭ ‬ليست‭ ‬مجرد‭ ‬أجهزة‭ ‬جامدة‭ ‬مكبلة‭ ‬ببيروقراطية‭ ‬مقيتة،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬جسد‭ ‬حيّ‭ ‬وفاعل‭ ‬وديناميكي‭ ‬أساسه‭ ‬العدل‭ ‬والنجاعة‭. ‬لذلك،‭ ‬فإن‭ ‬المعيار‭ ‬الأساسي‭ ‬اليوم‭ ‬لكل‭ ‬مسؤول‭ ‬وفقا‭ ‬لكثيرين‭ ‬هو‭: ‬ماذا‭ ‬قدّم‭ ‬هذا‭ ‬المسؤول؟‭ ‬ماذا‭ ‬أنجز؟‭ ‬كيف‭ ‬تعامل‭ ‬مع‭ ‬مشاغل‭ ‬الناس؟‭ ‬وهل‭ ‬كان‭ ‬عنصرا‭ ‬فاعلا‭ ‬أم‭ ‬لا؟‭..‬
فمقتضيات‭ ‬المرحلة‭ ‬الحالية‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬المسؤولية‭ ‬الفاعلة،‭ ‬ورفض‭ ‬المحاباة‭ ‬والتقصير،‭ ‬وخاصة‭ ‬محاسبة‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬لا‭ ‬يلتزم‭ ‬بخدمة‭ ‬المواطن‭ ‬وتنفيذ‭ ‬سياسات‭ ‬الدولة‭ ‬كأولوية‭ ‬قصوى‭..‬
في‭ ‬هذا‭ ‬الخضم‭ ‬ووفقا‭ ‬لكثيرين‭ ‬يجد‭ ‬الوالي‭ ‬نفسه‭ ‬اليوم‭ ‬أمام‭ ‬جملة‭ ‬من‭ ‬الرهانات‭ ‬والتحديات‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تحتمل‭ ‬التأجيل،‭ ‬لعل‭ ‬أبرزها‭ ‬دفع‭ ‬نسق‭ ‬إنجاز‭ ‬المشاريع‭ ‬المعطلة،‭ ‬وتيسير‭ ‬ظروف‭ ‬الاستثمار،‭ ‬خاصة‭ ‬لفائدة‭ ‬شباب‭ ‬الجهة‭ ‬ومختلف‭ ‬الباعثين‭ ‬الشبان‭. ‬هذا‭ ‬بالتوازي‭ ‬مع‭ ‬أهمية‭ ‬تعزيز‭ ‬الحوكمة‭ ‬المحلية،‭ ‬والتنسيق‭ ‬الفعّال‭ ‬بين‭ ‬مختلف‭ ‬المصالح‭ ‬الجهوية‭ ‬والبلديات‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الأهم‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬مسؤولا‭ ‬يتناغم‭ ‬مع‭ ‬مقتضيات‭ ‬المرحلة‭. ‬فالدور‭ ‬الموكول‭ ‬للولاة‭ ‬اليوم‭ ‬يندرج‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬عام‭ ‬يقوم‭ ‬على‭ ‬مقاربة‭ ‬سياسية‭ ‬جديدة،‭ ‬تُؤمن‭ ‬بأن‭ ‬المسؤول‭ ‬ليس‭ ‬سلطة‭ ‬فوق‭ ‬المواطن‭ ‬وإنما‭ ‬هو‭ ‬يشغل‭ ‬موقعا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬في‭ ‬خدمته‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬دولة‭ ‬عادلة‭ ‬وفعالة‭.‬
وفي‭ ‬هذا‭ ‬الخصوص‭ ‬يرى‭ ‬عديد‭ ‬المتابعين‭ ‬أنه‭ ‬آن‭ ‬الأوان‭ ‬لتتحمّل‭ ‬الإدارات‭ ‬الجهوية‭ ‬مسؤولياتها‭ ‬كاملة،‭ ‬بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬الحسابات‭ ‬الضيقة‭ ‬والولاءات‭ ‬الشكلية،‭ ‬فالمقياس‭ ‬الوحيد‭ ‬اليوم‭ ‬هو‭ ‬العمل،‭ ‬والنتائج،‭ ‬ومدى‭ ‬الالتزام‭ ‬بتطبيق‭ ‬سياسات‭ ‬الدولة‭ ‬في‭ ‬بعدها‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والتنموي‭ ‬وفقا‭ ‬لتوجيهات‭ ‬رئيس‭ ‬الدولة‭.‬
ترجمة‭ ‬لرؤية‭ ‬سياسية
وبالعودة‭ ‬الى‭ ‬التعيين‭ ‬الجديد‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬ولاية‭ ‬جندوبة،‭ ‬جدير‭ ‬بالذكر‭ ‬أن‭ ‬الجهات‭ ‬التي‭ ‬عانت‭ ‬لسنوات‭ ‬من‭ ‬التهميش،‭ ‬رغم‭ ‬إمكانياتها‭ ‬الهائلة،‭ ‬تنتظر‭ ‬اليوم‭ ‬وفي‭ ‬إطار‭ ‬تنفيذ‭ ‬سياسات‭ ‬الدولة‭ ‬حضورا‭ ‬دائما‭ ‬للمسؤول،‭ ‬وتجاوبًا‭ ‬ملموسًا‭ ‬مع‭ ‬تطلعات‭ ‬أهالي‭ ‬الجهة‭. ‬وعلى‭ ‬هذا‭ ‬الأساس،‭ ‬فإن‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬اليوم‭ ‬من‭ ‬تعديلات‭ ‬إدارية‭ ‬في‭ ‬مواقع‭ ‬القرار‭ ‬هو‭ ‬ترجمة‭ ‬لرؤية‭ ‬سياسية‭ ‬صارمة،‭ ‬تعتبر‭ ‬أن‭ ‬الوظيفة‭ ‬العمومية‭ ‬تكليف‭ ‬لا‭ ‬تشريف،‭ ‬وأن‭ ‬خدمة‭ ‬المواطن‭ ‬ليست‭ ‬خيارا‭ ‬بل‭ ‬إنها‭ ‬واجب‭ ‬ومن‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬في‭ ‬مستوى‭ ‬هذا‭ ‬الواجب،‭ ‬عليه‭ ‬أن‭ ‬يغادر‭.‬
وعلى‭ ‬هذا‭ ‬الأساس‭ ‬إن‭ ‬تعيين‭ ‬وال‭ ‬جديد‭ ‬لجندوبة‭ ‬ليس‭ ‬مجرّد‭ ‬تغيير‭ ‬إداري،‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬فرصة‭ ‬حقيقية‭ ‬لإعادة‭ ‬توجيه‭ ‬البوصلة‭ ‬التنموية،‭ ‬في‭ ‬جهة‭ ‬عانت‭ ‬طويلًا‭ ‬من‭ ‬التهميش‭. ‬ويبقى‭ ‬الأمل‭ ‬قائما‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬الوالي‭ ‬الجديد‭ ‬في‭ ‬مستوى‭ ‬التحديات،‭ ‬وأن‭ ‬يكرّس‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬عمله‭ ‬الميداني‭ ‬إرادة‭ ‬الدولة‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬العدالة‭ ‬بين‭ ‬الجهات‭ ‬وتحويل‭ ‬جندوبة‭ ‬من‭ ‬ولاية‭ ‬للوعود‭ ‬المؤجلة‭ ‬إلى‭ ‬نموذج‭ ‬تنموي‭ ‬يُحتذى‭ ‬به‭. ‬فالتعيين‭ ‬الجديد‭ ‬يمثل‭ ‬اختبارا‭ ‬حقيقيا‭ ‬لمدى‭ ‬قدرة‭ ‬المسؤول‭ ‬الجديد‭ ‬على‭ ‬التكيّف‭ ‬مع‭ ‬خصوصية‭ ‬المرحلة،‭ ‬وسرعة‭ ‬الاستجابة‭ ‬لمقتضيات‭ ‬الواقع‭ ‬الجهوي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬خاصة‭ ‬وأن‭ ‬المرحلة‭ ‬الراهنة‭ ‬لا‭ ‬تحتمل‭ ‬التردّد‭ ‬أو‭ ‬التسيير‭ ‬البيروقراطي‭ ‬المرتبك،‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬توصيف‭ ‬البعض،‭ ‬بل‭ ‬تتطلّب‭ ‬حضورا‭ ‬ميدانيا‭ ‬دائما،‭ ‬ورؤية‭ ‬واضحة،‭ ‬وإرادة‭ ‬حاسمة‭ ‬لتنفيذ‭ ‬السياسات‭ ‬الوطنية‭ ‬بكل‭ ‬مسؤولية‭ ‬وفاعلية‭..‬
وعليه،‭ ‬وبعيدا‭ ‬عن‭ ‬التعيين‭ ‬الجديد‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬ولاية‭ ‬جندوبة‭ ‬فإن‭ ‬بقاء‭ ‬مسؤول‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬موقعه،‭ ‬سيكون‭ ‬مرتبطا‭ ‬بمدى‭ ‬التزامه‭ ‬الكامل‭ ‬بتنفيذ‭ ‬برامج‭ ‬الدولة،‭ ‬وتحقيق‭ ‬العدالة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬في‭ ‬الجهة‭. ‬فالمرحلة‭ ‬واستنادا‭ ‬الى‭ ‬توجيهات‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬تستوجب‭ ‬انشغالا‭ ‬كاملا‭ ‬بخدمة‭ ‬المواطن،‭ ‬وتفاعلا‭ ‬سريعا‭ ‬مع‭ ‬مشاغله‭ ‬ضمن‭ ‬روح‭ ‬الانضباط‭ ‬والعدالة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬التي‭ ‬تسعى‭ ‬الدولة‭ ‬إلى‭ ‬ترسيخها‭ ‬في‭ ‬الإدارة‭ ‬العمومية‭ ‬على‭ ‬المستويين‭ ‬المركزي‭ ‬والجهوي‭.‬

منال‭ ‬حرزي