إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

الملحن عبد الكريم صحابو لـ"الصباح": الأغنية التونسية تعيش وضعا سيئا... شعرًا ولحنًا وأداءً

 

  • من يقول إن المقام التونسي تنقصه مساحة تعبيرية هو أكبر عاجز عن الإبداع

  • «الراب»... كلام مسترسل دون روح، لا علاقة له بمواصفات الأغنـية

  • مازلت أبحث عن النص الشعري الذي يغريني بتلحينه

كشف الملحن عبد الكريم صحابو، في اللقاء الخاص مع «الصباح»، أنه يعيش وضعًا صحيًا يتطلب مراقبة طبية تتعلق بالمشي. وقال عبد الكريم صحابو إن حالته تتدرج نحو التحسن. ونشير إلى أن مثل هذا اللقاء مع الملحن عبد الكريم صحابو هو فرصة لاستعادة مسيرة فنية طربية تونسية نحتها في ثمانينات القرن الماضي... فترة تُعد من أرقى وأجمل الفترات التي عرفتها الأغنية التونسية، وكان عبد الكريم صحابو أحد روادها.

فهذا الملحن، كلما قدّم أغنية مع صوت من الأصوات التونسية، إلا وكانت حدثًا... ألحانه مازالت حية في الذاكرة، ومنها: «همس الموج» مع منية البجاوي، «شمس النهار» و«نادوا معايا الصبر» مع نجاة عطية، «غدّار» مع الشاذلي الحاجي، «يا ناس ما تلوموا قلبي» و»وين يا غرامي» مع عبد الوهاب الحناشي، و»الدموع» مع صلاح مصباح، و«عودتني ع الود» مع ثريا عبيد، و»دورتني في صباعك» لشكري بوزيان، و»مالو الحمام» لنوال غشام، والقائمة تطول. فهو ملحن له ما يزيد عن 170 عملًا فنيًا، بين أغنية وجينيريك وموسيقى تصويرية.

نجح عبد الكريم صحابو وذاع صيته، هو ومن غنوا له، بالنغمة وبالطبوع التونسية. وبالرغم من أن البعض ممن يلجؤون إلى المقامات الشرقية يقولون إن المقام التونسي ضيق، وهو الرأي الذي يرفضه عبد الكريم صحابو بشدة، على اعتبار أن من يقول إن المقام التونسي أو الطبوع التونسية تنقصها مساحة تعبيرية هو أكبر عاجز عن الإبداع.

لحن عبد الكريم صحابو «شمس النهار» في نغمة العرضاوي لنجاة عطية ونجحت نجاحًا كبيرًا، إلى حدّ أنها أصبحت تُردد في الملاعب. ولحن «غدّار حاجب عينك» للشاذلي الحاجي في الصالحي ونجحت أيضًا، ولحن «يا ناس ما تلومي قلبي» لعبد الوهاب الحناشي في المزموم، وهي تعيش إلى الآن.

اتجه صحابو إلى الأصوات الشابة في تلك الفترة «ثمانينات القرن الماضي» بدرجة أولى، وقدم لها الألحان الناجحة، فكانت سندس طاقة، وسوسن الحمامي، ونوال غشام، وفائزة المحرسي، كما لحن لزينة التونسية وغيرهن كثير. ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل كان المبادر ببعث مجموعة موسيقية غنائية تقدم ألحانه في المهرجانات الصيفية.

لقد كانت تجربة «المجموعة الموسيقية» في المهرجانات الصيفية فريدة واستثنائية في مسيرة الأغنية التونسية والتعريف بها والترويج لها. فقد جابت هذه المجموعة كامل المهرجانات الصيفية داخل البلاد، وقامت بجولات على امتداد سنوات مكّنت الجماهير من اللقاء المباشر مع العديد من الفنانين البارزين في تلك الفترة، والاستمتاع بإنتاجاتهم الغنائية التي لازالت وستبقى حية في الوجدان.

هذا التقليد الفني المتفرد نسج وسار على منواله العديد من الفنانين والملحنين، ولئن اختلفت النجاحات بين مجموعة وأخرى، فإن التاريخ يحفظ لعبد الكريم صحابو أنه المؤسس والمبادر لتقليد فني ينتصر للأغنية التونسية إعدادًا وترويجًا وتعريفًا.

وبادر عبد الكريم صحابو بتأسيس معهد خاص لتعليم الموسيقى، إيمانًا منه بضرورة تكوين جيل من الموسيقيين في العزف والتدريس والغناء. وقد سخّر كل جهده لكسب الرهان، على اعتبار أن تكوين التلاميذ موسيقيًا ليس بالأمر السهل. فمهمته في هذا الاتجاه إيجاد جيل مثقف ومتكون موسيقيًا. إنها رسالة وطنية كان لابدّ منها، لكنه سرعان ما اختار عن طواعية التوقف عنها بإغلاق معهده الخاص للموسيقى.

اتجه عبد الكريم صحابو، بعد قراره الابتعاد عن التلحين، إلى التفرغ للتوثيق والتأليف الموسيقي، وفي هذا المجال يقول:

«أصدرت منذ سنوات كتابًا خاصًا بـ «المقامات التونسية والشرقية»، بطلب من المعهد الوطني للموسيقى. هذا الكتاب سيتم خلال الأيام القليلة القادمة إصداره في طبعة ثانية، وهو ما يمثل مصدر فخر واعتزاز بالنسبة لي».

وجوابًا عن وضع الأغنية التونسية اليوم، قال محدثي:

«إن الأغنية في تونس تعيش اليوم أسوأ وضع لها تأليفًا وتلحينًا وأصواتًا.» و يتابع  «يهزني حنين إلى تجديد العهد مع التلحين والموسيقى، لكني لم أعثر على النص الذي يحفزني ويدفعني إلى تلحينه. وإني أتساءل عن هذا الغياب الكبير للمنوعات التلفزية التي تهتم بالإنتاج الغنائي وتقدمه للمتلقي»، مستحضرًا ما كان يقوم به الراحل نجيب الخطاب، حيث كان يتسابق الفنانون والملحنون لتقديم أعمالهم الفنية في منوعاته المباشرة والتعريف بها.

وأكد عبد الكريم صحابو أن ما يتم بثه وتقديمه اليوم سرعان ما يلفه النسيان. وبخصوص «الراب»، قال عبد الكريم صحابو إنه لا يمكن تصنيفه في خانة الأغنية، فهو كلام مسترسل دون روح، لا علاقة له بمواصفات الأغنية.

وختم عبد الكريم صحابو هذا اللقاء بالتأكيد على أنه راضٍ عمّا قدّمه بالنسبة للأغنية التونسية، وهو مازال على العهد معها كملحن، شرط توفر النص المقنع والممتع، ويتوفر على نكهة خاصة تُغري بتلحينه.

◗ محسن بن أحمد

الملحن عبد الكريم صحابو لـ"الصباح":   الأغنية التونسية تعيش وضعا سيئا... شعرًا ولحنًا وأداءً

 

  • من يقول إن المقام التونسي تنقصه مساحة تعبيرية هو أكبر عاجز عن الإبداع

  • «الراب»... كلام مسترسل دون روح، لا علاقة له بمواصفات الأغنـية

  • مازلت أبحث عن النص الشعري الذي يغريني بتلحينه

كشف الملحن عبد الكريم صحابو، في اللقاء الخاص مع «الصباح»، أنه يعيش وضعًا صحيًا يتطلب مراقبة طبية تتعلق بالمشي. وقال عبد الكريم صحابو إن حالته تتدرج نحو التحسن. ونشير إلى أن مثل هذا اللقاء مع الملحن عبد الكريم صحابو هو فرصة لاستعادة مسيرة فنية طربية تونسية نحتها في ثمانينات القرن الماضي... فترة تُعد من أرقى وأجمل الفترات التي عرفتها الأغنية التونسية، وكان عبد الكريم صحابو أحد روادها.

فهذا الملحن، كلما قدّم أغنية مع صوت من الأصوات التونسية، إلا وكانت حدثًا... ألحانه مازالت حية في الذاكرة، ومنها: «همس الموج» مع منية البجاوي، «شمس النهار» و«نادوا معايا الصبر» مع نجاة عطية، «غدّار» مع الشاذلي الحاجي، «يا ناس ما تلوموا قلبي» و»وين يا غرامي» مع عبد الوهاب الحناشي، و»الدموع» مع صلاح مصباح، و«عودتني ع الود» مع ثريا عبيد، و»دورتني في صباعك» لشكري بوزيان، و»مالو الحمام» لنوال غشام، والقائمة تطول. فهو ملحن له ما يزيد عن 170 عملًا فنيًا، بين أغنية وجينيريك وموسيقى تصويرية.

نجح عبد الكريم صحابو وذاع صيته، هو ومن غنوا له، بالنغمة وبالطبوع التونسية. وبالرغم من أن البعض ممن يلجؤون إلى المقامات الشرقية يقولون إن المقام التونسي ضيق، وهو الرأي الذي يرفضه عبد الكريم صحابو بشدة، على اعتبار أن من يقول إن المقام التونسي أو الطبوع التونسية تنقصها مساحة تعبيرية هو أكبر عاجز عن الإبداع.

لحن عبد الكريم صحابو «شمس النهار» في نغمة العرضاوي لنجاة عطية ونجحت نجاحًا كبيرًا، إلى حدّ أنها أصبحت تُردد في الملاعب. ولحن «غدّار حاجب عينك» للشاذلي الحاجي في الصالحي ونجحت أيضًا، ولحن «يا ناس ما تلومي قلبي» لعبد الوهاب الحناشي في المزموم، وهي تعيش إلى الآن.

اتجه صحابو إلى الأصوات الشابة في تلك الفترة «ثمانينات القرن الماضي» بدرجة أولى، وقدم لها الألحان الناجحة، فكانت سندس طاقة، وسوسن الحمامي، ونوال غشام، وفائزة المحرسي، كما لحن لزينة التونسية وغيرهن كثير. ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل كان المبادر ببعث مجموعة موسيقية غنائية تقدم ألحانه في المهرجانات الصيفية.

لقد كانت تجربة «المجموعة الموسيقية» في المهرجانات الصيفية فريدة واستثنائية في مسيرة الأغنية التونسية والتعريف بها والترويج لها. فقد جابت هذه المجموعة كامل المهرجانات الصيفية داخل البلاد، وقامت بجولات على امتداد سنوات مكّنت الجماهير من اللقاء المباشر مع العديد من الفنانين البارزين في تلك الفترة، والاستمتاع بإنتاجاتهم الغنائية التي لازالت وستبقى حية في الوجدان.

هذا التقليد الفني المتفرد نسج وسار على منواله العديد من الفنانين والملحنين، ولئن اختلفت النجاحات بين مجموعة وأخرى، فإن التاريخ يحفظ لعبد الكريم صحابو أنه المؤسس والمبادر لتقليد فني ينتصر للأغنية التونسية إعدادًا وترويجًا وتعريفًا.

وبادر عبد الكريم صحابو بتأسيس معهد خاص لتعليم الموسيقى، إيمانًا منه بضرورة تكوين جيل من الموسيقيين في العزف والتدريس والغناء. وقد سخّر كل جهده لكسب الرهان، على اعتبار أن تكوين التلاميذ موسيقيًا ليس بالأمر السهل. فمهمته في هذا الاتجاه إيجاد جيل مثقف ومتكون موسيقيًا. إنها رسالة وطنية كان لابدّ منها، لكنه سرعان ما اختار عن طواعية التوقف عنها بإغلاق معهده الخاص للموسيقى.

اتجه عبد الكريم صحابو، بعد قراره الابتعاد عن التلحين، إلى التفرغ للتوثيق والتأليف الموسيقي، وفي هذا المجال يقول:

«أصدرت منذ سنوات كتابًا خاصًا بـ «المقامات التونسية والشرقية»، بطلب من المعهد الوطني للموسيقى. هذا الكتاب سيتم خلال الأيام القليلة القادمة إصداره في طبعة ثانية، وهو ما يمثل مصدر فخر واعتزاز بالنسبة لي».

وجوابًا عن وضع الأغنية التونسية اليوم، قال محدثي:

«إن الأغنية في تونس تعيش اليوم أسوأ وضع لها تأليفًا وتلحينًا وأصواتًا.» و يتابع  «يهزني حنين إلى تجديد العهد مع التلحين والموسيقى، لكني لم أعثر على النص الذي يحفزني ويدفعني إلى تلحينه. وإني أتساءل عن هذا الغياب الكبير للمنوعات التلفزية التي تهتم بالإنتاج الغنائي وتقدمه للمتلقي»، مستحضرًا ما كان يقوم به الراحل نجيب الخطاب، حيث كان يتسابق الفنانون والملحنون لتقديم أعمالهم الفنية في منوعاته المباشرة والتعريف بها.

وأكد عبد الكريم صحابو أن ما يتم بثه وتقديمه اليوم سرعان ما يلفه النسيان. وبخصوص «الراب»، قال عبد الكريم صحابو إنه لا يمكن تصنيفه في خانة الأغنية، فهو كلام مسترسل دون روح، لا علاقة له بمواصفات الأغنية.

وختم عبد الكريم صحابو هذا اللقاء بالتأكيد على أنه راضٍ عمّا قدّمه بالنسبة للأغنية التونسية، وهو مازال على العهد معها كملحن، شرط توفر النص المقنع والممتع، ويتوفر على نكهة خاصة تُغري بتلحينه.

◗ محسن بن أحمد