عقود عمل «وهمية»..تحيل.. واستغلال.. شركات واجهة لشبكات مشبوهة.. ووزارة التشغيل تحذر
مقالات الصباح
عقود عمل بالخارج تبدو في ظاهرها مغرية..رواتب مرتفعة..سكن مرفه..وفرص لا تعوض..شركات يديرها صائدو أحلام الشباب يغرونهم بالمال والسفر والتحليق عاليا الى أرض الأحلام ليصطدم الحالمون بعد الوصول أنهم مجرد ضحايا وأرقام لضخ المال في حسابات المتحيلين.
حالمون بالنعيم وجدوا أنفسهم وجها لوجه مع الجحيم..جحيم الاتجار بالبشر..جحيم التحيل.. جحيم الاستغلال ليتحول بعضهم من مهاجر مدجج بالأحلام الوردية الى سجين أقصى أحلامه معانقة الحرية والعودة من حيث أتى.
شركات بيع الوهم والعقود «المضروبة» مازالت تنشط في تحد صارخ للقانون وآخر الضحايا 35 تونسيا سافروا الى اليونان بعقود عمل في مراكز نداء ليجدوا أنفسهم سجناء.
الحكاية بدأت عندما نفذت وحدة مكافحة الجرائم الإلكترونية عملية أمنية كبرى كشفت عن شبكة احتيال كانت تنفذ عمليات تحيل عبر الهاتف تحت غطاء استثمارات مزعومة في الخليج.. تمت العملية بمداهمات متزامنة، بحضور ممثلين قضائيين، في شركتين تقعان في وسط أثينا ومنطقة أيوس ديميتريوس.
وخلال العملية التي جاءت إثر بلاغ من موظف سابق يحمل الجنسية المصرية وبدعم من وحدتين من القوات الخاصة اليونانية وفرق تابعة لقسم التحريات والتصوير وفحص الأدلة الرقمية، تم القبض على 104 أشخاص (87 من إحدى الشركتين و17 من الأخرى) من بين الموقوفين 35 تونسيا.
وكان الموقوفون يعملون كموظفين في شركات استثمارية مزعومة، وهدفهم كان الاحتيال على رعايا أجانب، وخصوصا من دول الخليج.
جميع الموقوفين هم من جنسيات عربية بما فيهم زعيم الشبكة، الذي كان معروفا سابقا للسلطات بقضايا تتعلق بالمخدرات والدعارة، ويقال إنه ينشط أيضا في مجال الشحن وشراء السفن.
المقر الرئيسي للشبكة يقع في منطقة «سينتاغما» في حين كانت مكاتب «أيوس ديميتريوس» تعمل كفرع تابع ويقودها شخص يتحدث اليونانية والعربية.
وقد تم القبض على الشخص الذي يعتقد أنه يقود فرع «أيوس ديميتريوس»، ويُعد من بين القلائل من حاملي الجنسية اليونانية الذين تم إيقافهم ولم يسجّل وجود أية ضحية من أصول يونانية ضمن ضحايا هذه العصابة الإجرامية.
ووفقا للمعلومات فإن الشبكة تمكنت من الاستيلاء على أكثر من 800 ألف يورو من ضحاياها، بينما جاء البلاغ من عضو مصري في الشبكة كان قادة العصابة قد امتنعوا عن دفع أجره.
كان «الموظفون» يتواصلون هاتفيا مع الضحايا المحتملين، ويعدونهم بعوائد مالية كبيرة من «استثمارات» وهمية، ويحثونهم على تحويل أموال إلى حسابات الشركات.
وخلال التحقيقات تمت مصادرة عدد كبير من الأدلة الرقمية، والمستندات وقد فُتح ملف جنائي ضد الموقوفين بتهم تتعلق بإدارة وتشكيل والانضمام إلى منظمة إجرامية تمارس الاحتيال بشكل مهني ومتكرر وهي تهم تصنف كجنايات.
وعلى الرغم من إطلاق سراح التونسيين الـ35 الا أن ذلك ينفي أنهم تعرضوا لعملية تحيل.
عقود وهمية تقف خلفها شبكات دعارة..
بعض الشركات التي تنشط في توفير عقود عمل خارج ارض الوطن تستظهر الى الراغبين في الهجرة بعقود في ظاهرها عمل في السياحة او عمال نظافة او في المبيعات ولكن يتم التغرير بالضحايا وإرسالهم الى مصير مجهول.
تبدأ رحلة تلاشي الأحلام مع الصعود إلى الطائرة فقد تعتقد الكثيرات أن الحصول على عقد عمل بإحدى الدول سيغير حياتهن لكنهن بمجرد معاينة الواقع الذي ينتظرهن يكتشفن أنهن مجرد ضحايا لشبكات دعارة ويبدأن بتذوق طعم المعاناة بمشاهد أبشع من الواقع الذي كن يعشنه بكثير.. ويكتشفن ان عقود العمل في مؤسسات ليست سوى واجهة تغطي أعمالا أخرى مشبوهة ويجدن أنفسهن ضمن شبكات دعارة ومجبرات على تنفيذ الأوامر دون اعتراض.
بعض الضحايا يسعفهن الحظ للهرب من جحيم الواقع الجديد وأخريات لا يجدن مهربا من مصير سطرته لهن قلة الخبرة والتسرع في اتخاذ قرار الهجرة عن طريق شركات بيع الأوهام.
تحذير..
تعد شركات التوظيف واحدة من المعضلات التي تواجه الراغبين في الهجرة والحصول على عقد عمل خارج أرض الوطن معبد بالنوايا السيئة ويخفي نشاطات مشبوهة تضع المهاجر او المهاجرة أمام ورطة.
وقد كان وزير تكوين مهني وتشغيل سابق صرح أن عدد المؤسسات الناشطة في تونس في مجال التشغيل غير القانوني بالخارج عبر عقود وهمية يقدر بـ35 مؤسسة تتولى منح عقود توظيف غير قانونية في إطار النشاط غير المنظم لفائدة الراغبين في الحصول على عقود عمل بالبلدان الأجنية وخصوصا الخليجية منها.
وتشير الأرقام الرسمية، إلى أن عدد من تعرضوا إلى التحيل عبر شبكات العقود الوهمية من التونسيين الذين تقطعت بهم السبل في قطر لوحدها، يقدر بحوالي 5 آلاف شخص من 2014 الى غاية مطلع العام 2018.
وحذرت وزارة التشغيل والتكوين المهني الباحثين عن شغل في الخارج من الانسياق وراء عروض وهميّة، وذلك تبعا لتواتر الإشعارات المتعلّقة بعمليّات تحيل وابتزاز يتعرض لها عدد من الباحثين عن شغل من الراغبين في التوظيف بالخارج، من قبل مكاتب توظيف غير قانونيّة يتم عبرها إيهامهم بتقديم عقود عمل بالخارج وخدمات إقامة وإعاشة وغيرها، مقابل دفع مبالغ مالية هامّة.
وأكدت الوزارة في السياق إلى أن الوكالة الوطنية للتشغيل والعمل المستقل والوكالة التونسية للتعاون الفني والمكاتب الخاصة للتوظيف بالخارج القانونية والبالغ عددها حاليا 60 مؤسسة هي الأطراف القانونية المتدخلة في مجال الوساطة في التوظيف بالخارج، وهي مؤسسات مدعوة إلى إسداء خدماتها بصفة مجانية وخلاف ذلك يعتبر مخالفا للقانون، كما تعمل الوزارة على تفعيل اتفاقيات التعاون الدولي في مجال التوظيف بالخارج وتوفير 2000 عقد شغل إضافي بإيطاليا في مجال البناء والأشغال العامّة على امتداد 3 سنوات.
ماذا يقول المشرع؟
تندرج جرائم العقود الوهمية التي تقدمها شركات مشبوهة ضمن جريمة التحيل وينص الفصل 291 من المجلة الجزائية أنه « يعاقب بالسجن مدة خمسة أعوام وبخطية قدرها ألفان وأربعمائة دينار كل من استعمل أسما مدلسا أو صفات غير صحيحة أو التجأ للحيل والخزعبلات التي من شأنها إقناع الغير بوجود مشاريع لا أصل لها في الحقيقة أو نفوذ أو اعتماد وهمي أو التي من شأنها بعث الأمل في نجاح غرض من الأغراض أو الخوف من الإخفاق فيه أو وقوع إصابة أو غيرها من الحوادث الخيالية ويكون قد تسلم أو حاول أن يتسلم أموالا أو منقولات أو رقاعا أو ممتلكات أو أوراقا مالية أو وعودا أو وصولات أو إبراءات واختلس بإحدى هذه الوسائل أو حاول أن يختلس الكل أو البعض من مال الغير».
كما يمكن أن يتطور الأمر الى جريمة اتجار بالبشر عندما يتعرض المهاجر الى الاستغلال بأي شكل من الأشكال
وينصّ قانون العقوبات في هذه الحالات على السجن لمدة 10 سنوات لكل شخص عملَ على احتجاز أو احتجاز أي شخص آخر لأغراض العمل القسري كما تصل العقوبة لخمس سنوات سجنا بتهمة البغاء القسري معَ النساء والأطفال.
ويجرّمُ قانون العقوبات أيضا استغلال الأطفال في البغاء كما ينص قانون العقوبات التونسي على السجن مدة عامين لكل من أجبر طفلا على التسول.
مفيدة القيزاني
عقود عمل بالخارج تبدو في ظاهرها مغرية..رواتب مرتفعة..سكن مرفه..وفرص لا تعوض..شركات يديرها صائدو أحلام الشباب يغرونهم بالمال والسفر والتحليق عاليا الى أرض الأحلام ليصطدم الحالمون بعد الوصول أنهم مجرد ضحايا وأرقام لضخ المال في حسابات المتحيلين.
حالمون بالنعيم وجدوا أنفسهم وجها لوجه مع الجحيم..جحيم الاتجار بالبشر..جحيم التحيل.. جحيم الاستغلال ليتحول بعضهم من مهاجر مدجج بالأحلام الوردية الى سجين أقصى أحلامه معانقة الحرية والعودة من حيث أتى.
شركات بيع الوهم والعقود «المضروبة» مازالت تنشط في تحد صارخ للقانون وآخر الضحايا 35 تونسيا سافروا الى اليونان بعقود عمل في مراكز نداء ليجدوا أنفسهم سجناء.
الحكاية بدأت عندما نفذت وحدة مكافحة الجرائم الإلكترونية عملية أمنية كبرى كشفت عن شبكة احتيال كانت تنفذ عمليات تحيل عبر الهاتف تحت غطاء استثمارات مزعومة في الخليج.. تمت العملية بمداهمات متزامنة، بحضور ممثلين قضائيين، في شركتين تقعان في وسط أثينا ومنطقة أيوس ديميتريوس.
وخلال العملية التي جاءت إثر بلاغ من موظف سابق يحمل الجنسية المصرية وبدعم من وحدتين من القوات الخاصة اليونانية وفرق تابعة لقسم التحريات والتصوير وفحص الأدلة الرقمية، تم القبض على 104 أشخاص (87 من إحدى الشركتين و17 من الأخرى) من بين الموقوفين 35 تونسيا.
وكان الموقوفون يعملون كموظفين في شركات استثمارية مزعومة، وهدفهم كان الاحتيال على رعايا أجانب، وخصوصا من دول الخليج.
جميع الموقوفين هم من جنسيات عربية بما فيهم زعيم الشبكة، الذي كان معروفا سابقا للسلطات بقضايا تتعلق بالمخدرات والدعارة، ويقال إنه ينشط أيضا في مجال الشحن وشراء السفن.
المقر الرئيسي للشبكة يقع في منطقة «سينتاغما» في حين كانت مكاتب «أيوس ديميتريوس» تعمل كفرع تابع ويقودها شخص يتحدث اليونانية والعربية.
وقد تم القبض على الشخص الذي يعتقد أنه يقود فرع «أيوس ديميتريوس»، ويُعد من بين القلائل من حاملي الجنسية اليونانية الذين تم إيقافهم ولم يسجّل وجود أية ضحية من أصول يونانية ضمن ضحايا هذه العصابة الإجرامية.
ووفقا للمعلومات فإن الشبكة تمكنت من الاستيلاء على أكثر من 800 ألف يورو من ضحاياها، بينما جاء البلاغ من عضو مصري في الشبكة كان قادة العصابة قد امتنعوا عن دفع أجره.
كان «الموظفون» يتواصلون هاتفيا مع الضحايا المحتملين، ويعدونهم بعوائد مالية كبيرة من «استثمارات» وهمية، ويحثونهم على تحويل أموال إلى حسابات الشركات.
وخلال التحقيقات تمت مصادرة عدد كبير من الأدلة الرقمية، والمستندات وقد فُتح ملف جنائي ضد الموقوفين بتهم تتعلق بإدارة وتشكيل والانضمام إلى منظمة إجرامية تمارس الاحتيال بشكل مهني ومتكرر وهي تهم تصنف كجنايات.
وعلى الرغم من إطلاق سراح التونسيين الـ35 الا أن ذلك ينفي أنهم تعرضوا لعملية تحيل.
عقود وهمية تقف خلفها شبكات دعارة..
بعض الشركات التي تنشط في توفير عقود عمل خارج ارض الوطن تستظهر الى الراغبين في الهجرة بعقود في ظاهرها عمل في السياحة او عمال نظافة او في المبيعات ولكن يتم التغرير بالضحايا وإرسالهم الى مصير مجهول.
تبدأ رحلة تلاشي الأحلام مع الصعود إلى الطائرة فقد تعتقد الكثيرات أن الحصول على عقد عمل بإحدى الدول سيغير حياتهن لكنهن بمجرد معاينة الواقع الذي ينتظرهن يكتشفن أنهن مجرد ضحايا لشبكات دعارة ويبدأن بتذوق طعم المعاناة بمشاهد أبشع من الواقع الذي كن يعشنه بكثير.. ويكتشفن ان عقود العمل في مؤسسات ليست سوى واجهة تغطي أعمالا أخرى مشبوهة ويجدن أنفسهن ضمن شبكات دعارة ومجبرات على تنفيذ الأوامر دون اعتراض.
بعض الضحايا يسعفهن الحظ للهرب من جحيم الواقع الجديد وأخريات لا يجدن مهربا من مصير سطرته لهن قلة الخبرة والتسرع في اتخاذ قرار الهجرة عن طريق شركات بيع الأوهام.
تحذير..
تعد شركات التوظيف واحدة من المعضلات التي تواجه الراغبين في الهجرة والحصول على عقد عمل خارج أرض الوطن معبد بالنوايا السيئة ويخفي نشاطات مشبوهة تضع المهاجر او المهاجرة أمام ورطة.
وقد كان وزير تكوين مهني وتشغيل سابق صرح أن عدد المؤسسات الناشطة في تونس في مجال التشغيل غير القانوني بالخارج عبر عقود وهمية يقدر بـ35 مؤسسة تتولى منح عقود توظيف غير قانونية في إطار النشاط غير المنظم لفائدة الراغبين في الحصول على عقود عمل بالبلدان الأجنية وخصوصا الخليجية منها.
وتشير الأرقام الرسمية، إلى أن عدد من تعرضوا إلى التحيل عبر شبكات العقود الوهمية من التونسيين الذين تقطعت بهم السبل في قطر لوحدها، يقدر بحوالي 5 آلاف شخص من 2014 الى غاية مطلع العام 2018.
وحذرت وزارة التشغيل والتكوين المهني الباحثين عن شغل في الخارج من الانسياق وراء عروض وهميّة، وذلك تبعا لتواتر الإشعارات المتعلّقة بعمليّات تحيل وابتزاز يتعرض لها عدد من الباحثين عن شغل من الراغبين في التوظيف بالخارج، من قبل مكاتب توظيف غير قانونيّة يتم عبرها إيهامهم بتقديم عقود عمل بالخارج وخدمات إقامة وإعاشة وغيرها، مقابل دفع مبالغ مالية هامّة.
وأكدت الوزارة في السياق إلى أن الوكالة الوطنية للتشغيل والعمل المستقل والوكالة التونسية للتعاون الفني والمكاتب الخاصة للتوظيف بالخارج القانونية والبالغ عددها حاليا 60 مؤسسة هي الأطراف القانونية المتدخلة في مجال الوساطة في التوظيف بالخارج، وهي مؤسسات مدعوة إلى إسداء خدماتها بصفة مجانية وخلاف ذلك يعتبر مخالفا للقانون، كما تعمل الوزارة على تفعيل اتفاقيات التعاون الدولي في مجال التوظيف بالخارج وتوفير 2000 عقد شغل إضافي بإيطاليا في مجال البناء والأشغال العامّة على امتداد 3 سنوات.
ماذا يقول المشرع؟
تندرج جرائم العقود الوهمية التي تقدمها شركات مشبوهة ضمن جريمة التحيل وينص الفصل 291 من المجلة الجزائية أنه « يعاقب بالسجن مدة خمسة أعوام وبخطية قدرها ألفان وأربعمائة دينار كل من استعمل أسما مدلسا أو صفات غير صحيحة أو التجأ للحيل والخزعبلات التي من شأنها إقناع الغير بوجود مشاريع لا أصل لها في الحقيقة أو نفوذ أو اعتماد وهمي أو التي من شأنها بعث الأمل في نجاح غرض من الأغراض أو الخوف من الإخفاق فيه أو وقوع إصابة أو غيرها من الحوادث الخيالية ويكون قد تسلم أو حاول أن يتسلم أموالا أو منقولات أو رقاعا أو ممتلكات أو أوراقا مالية أو وعودا أو وصولات أو إبراءات واختلس بإحدى هذه الوسائل أو حاول أن يختلس الكل أو البعض من مال الغير».
كما يمكن أن يتطور الأمر الى جريمة اتجار بالبشر عندما يتعرض المهاجر الى الاستغلال بأي شكل من الأشكال
وينصّ قانون العقوبات في هذه الحالات على السجن لمدة 10 سنوات لكل شخص عملَ على احتجاز أو احتجاز أي شخص آخر لأغراض العمل القسري كما تصل العقوبة لخمس سنوات سجنا بتهمة البغاء القسري معَ النساء والأطفال.
ويجرّمُ قانون العقوبات أيضا استغلال الأطفال في البغاء كما ينص قانون العقوبات التونسي على السجن مدة عامين لكل من أجبر طفلا على التسول.
مفيدة القيزاني