إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

في‭ ‬اجتماعات‭ ‬بروكسال‭ ‬بين‭ ‬وزراء‭ ‬خارجية‭ ‬إفريقيا‭ ‬وأوروبا‭..‬ تونس‭ ‬تشجّع‭ ‬على‭ ‬علاقات‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬الندّية‭..‬

انعقدت‭ ‬بالعاصمة‭ ‬البلجيكية‭ ‬بروكسال‭ ‬يوم‭ ‬الأربعاء‭ ‬الماضي‭ ‬أشغال‭ ‬الدورة‭ ‬العادية‭ ‬لاجتماع‭ ‬وزراء‭ ‬خارجية‭ ‬الاتحاد‭ ‬الإفريقي‭ ‬والاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬والاجتماع‭ ‬الأول‭ ‬للجنة‭ ‬متابعة‭ ‬التعاون‭ ‬الإفريقي‭- ‬الأوروبي،‭ ‬وقد‭ ‬مثّل‭ ‬تونس‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الاجتماعات‭ ‬وزير‭ ‬الشؤون‭ ‬الخارجية‭ ‬والهجرة‭ ‬والتونسيين‭ ‬بالخارج‭ ‬محمد‭ ‬علي‭ ‬النفطي‭ ‬بتكليف‭ ‬من‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬قيس‭ ‬سعيد‭..‬

وقد‭ ‬خصّصت‭ ‬أشغال‭ ‬الدورة‭ ‬للنظر‭ ‬في‭ ‬مستجدات‭ ‬التعاون‭ ‬بين‭ ‬القارتين‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬المجالات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والتجارية‭ ‬والثقافية‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬علاقة‭ ‬بالملفات‭ ‬الحارقة‭ ‬كالهجرة‭ ‬غير‭ ‬النظامية‭ ‬والسلم‭ ‬والأمن‭ ‬وذلك‭ ‬تحضيرا‭ ‬للقمة‭ ‬الإفريقية‭- ‬الأوروبية‭ ‬القادمة‭.. ‬

فإفريقيا‭ ‬الواعدة‭ ‬بثرواتها‭ ‬الطبيعية‭ ‬والبشرية،‭ ‬وأوروبا‭ ‬بتطوّرها‭ ‬في‭ ‬شتّى‭ ‬المجالات،‭ ‬طالما‭ ‬كانت‭ ‬العلاقات‭ ‬بينهما‭ ‬محلّ‭ ‬جدل‭ ‬ونظريات‭ ‬سياسية‭ ‬واقتصادية‭ ‬مختلفة‭ ‬تتداخل‭ ‬فيها‭ ‬عوامل‭ ‬الجغرافيا‭ ‬والتاريخ‭ ‬والإرث‭ ‬المشترك،‭ ‬وقد‭ ‬برزت‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭ ‬مواقف‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬جنوب‭ ‬المتوسّط‭ ‬ومن‭ ‬العمق‭ ‬الإفريقي‭ ‬تطالب‭ ‬بالندّية‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬والقطع‭ ‬مع‭ ‬فكرة‭ ‬‮«‬المستعمرات‭ ‬القديمة‮»‬‭ ‬وهذا‭ ‬الخطاب‭ ‬أصبح‭ ‬يجد‭ ‬صدى‭ ‬وقبولا‭ ‬داخل‭ ‬مؤسسات‭ ‬صناعة‭ ‬القرار‭ ‬الأوروبي‭.‬

إفريقيا‭ ‬وأوروبا‭.. ‬علاقات‭ ‬أكثر‭ ‬إنصافا‭!‬

خُصّصت‭ ‬الجلسات‭ ‬الوزاريّة‭ ‬في‭ ‬الاجتماع‭ ‬الوزاري‭ ‬الثالث‭ ‬والدورة‭ ‬الأولى‭ ‬للجنة‭ ‬المتابعة‭ ‬الوزارية‭ ‬للاتحاد‭ ‬الإفريقي‭ ‬والاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬لتقييم‭ ‬مدى‭ ‬التقدّم‭ ‬في‭ ‬تنفيذ‭ ‬مُخرجات‭ ‬القمّة‭ ‬السادسة‭ ‬بين‭ ‬الاتحاد‭ ‬الإفريقي‭ ‬والاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬التي‭ ‬انعقدت‭ ‬في‭ ‬2022‭ ‬وشهدت‭ ‬مشاركة‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬قيس‭ ‬سعيد،‭ ‬كما‭ ‬تطرّقت‭ ‬نفس‭ ‬الاجتماعات‭ ‬الوزارية‭ ‬إلى‭ ‬أبرز‭ ‬التحديات‭ ‬والرهانات‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬العلاقات‭ ‬الثنائية‭ ‬من‭ ‬أمن‭ ‬وسلم‭ ‬وهجرة‭.‬

‭ ‬وقد‭ ‬أكّد‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬خلال‭ ‬تلك‭ ‬الاجتماعات‭ ‬على‭ ‬تمسّك‭ ‬تونس‭ ‬بالعمل‭ ‬متعدّد‭ ‬الأطراف‭ ‬لتعزيز‭ ‬الشراكات‭ ‬الدولية‭ ‬ومبادئ‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬مؤكدا‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تونس‭ ‬تشجع‭ ‬على‭ ‬علاقة‭ ‬متينة‭ ‬ومفيدة‭ ‬للطرفين‭ ‬وتقوم‭ ‬على‭ ‬الندية‭ ‬والتنمية‭ ‬المتكافئة‭..‬

وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬أكد‭ ‬أيضا‭ ‬أن‭ ‬البلدان‭ ‬الإفريقية‭ ‬تطالب‭ ‬باستمرار‭ ‬بإيلائها‭ ‬المكانة‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬جديرة‭ ‬بها‭ ‬صلب‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬مؤكّدا‭ ‬أنه‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬ممّا‭ ‬تحقق‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬80‭ ‬عاماً‭ ‬منذ‭ ‬تأسيس‭ ‬المنظمة‭ ‬لفائدة‭ ‬البشريّة‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬شعوب‭ ‬القارة‭ ‬الإفريقية‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬العالم‭ ‬يواجه‭ ‬تفاوتا‭ ‬وفوارق‭ ‬ومآسي،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬ما‭ ‬يتعرّض‭ ‬له‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬من‭ ‬إبادة‭ ‬جماعية‭ ‬تُرتكب‭ ‬في‭ ‬غزّة‭.‬

وقد‭ ‬أعرب‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬عن‭ ‬أمله‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬تنجح‭ ‬الدورة‭ ‬الرابعة‭ ‬للمؤتمر‭ ‬الدولي‭ ‬لتمويل‭ ‬التنمية‭ ‬التي‭ ‬ستُعقد‭ ‬في‭ ‬إسبانيا‭ ‬قريبا،‭ ‬وتواصل‭ ‬الزخم‭ ‬الذي‭ ‬تولّد‭ ‬عن‭ ‬خطة‭ ‬عمل‭ ‬أديس‭ ‬أبابا،‭ ‬وتسليط‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬التوصيات‭ ‬الصادرة‭ ‬عن‭ ‬الاجتماع‭ ‬الوزاري‭ ‬الأفرو‭-‬أوروبي‭.‬

وفي‭ ‬إطار‭ ‬مشاركته‭ ‬في‭ ‬أشغال‭ ‬الاجتماع‭ ‬الوزاري‭ ‬الثالث‭ ‬والدورة‭ ‬الأولى‭ ‬للجنة‭ ‬المتابعة‭ ‬الوزاريّة‭ ‬للاتحاد‭ ‬الإفريقي‭ ‬والاتحاد‭ ‬الأوروبي،‭ ‬أجرى‭ ‬وزير‭ ‬الشؤون‭ ‬الخارجية‭ ‬والهجرة‭ ‬والتونسيين‭ ‬بالخارج‭ ‬محمد‭ ‬علي‭ ‬النفطي‭ ‬عديد‭ ‬اللقاءات‭ ‬الثنائيّة‭ ‬مع‭ ‬رؤساء‭ ‬الوفود‭ ‬المشاركة‭ ‬من‭ ‬القارتين‭ ‬الإفريقية‭ ‬والأوروبيّة‭ ‬شملت‭ ‬خاصّة‭ ‬وزراء‭ ‬خارجيّة‭ ‬الجزائر‭ ‬وليبيا‭ ‬ومصر‭ ‬وبلجيكا‭ ‬ومالطا‭ ‬ورومانيا‭ ‬والنمسا‭ ‬وأوكرانيا‭ ‬وإسبانيا‭ ‬وأثيوبيا‭ ‬والطوغو‭ ‬ونيجيريا‭ ‬ومدغشقر‭ ‬وجنوب‭ ‬إفريقيا‭ ‬وجمهورية‭ ‬إفريقيا‭ ‬الوسطى‭ ‬وغينيا‭ ‬الاستوائية‭ ‬وتشاد‭ ‬وبورندي‭ ‬ونائبة‭ ‬وزير‭ ‬الخارجيّة‭ ‬رئيسة‭ ‬الوفد‭ ‬اليوناني‭ ‬والمفوّضة‭ ‬الأوروبيّة‭ ‬للمتوسّط،‭ ‬وقد‭ ‬تناولت‭ ‬اللقاءات‭ ‬أهم‭ ‬المسائل‭ ‬المدرجة‭ ‬على‭ ‬جدول‭ ‬أعمال‭ ‬الاجتماع‭ ‬الوزاري،‭ ‬لاسيما‭ ‬منها‭ ‬تلك‭ ‬المتّصلة‭ ‬بدعم‭ ‬الاستقرار‭ ‬والتنمية‭ ‬وتعزيز‭ ‬منظومة‭ ‬العمل‭ ‬متعدّد‭ ‬الأطراف‭ ‬والهجرة‭.‬

دعم‭ ‬للقضية‭ ‬الفلسطينية

كما‭ ‬دعا‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬في‭ ‬لقاءاته‭ ‬مع‭ ‬رؤساء‭ ‬الوفود‭ ‬إلى‭ ‬حشد‭ ‬الجهود‭ ‬الدوليّة‭ ‬والتعاطي‭ ‬الحازم‭ ‬مع‭ ‬الكيان‭ ‬المحتلّ‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الوقف‭ ‬الفوري‭ ‬لحرب‭ ‬الإبادة‭ ‬التي‭ ‬يتعرّض‭ ‬لها‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬ودعم‭ ‬استرداده‭ ‬لحقوقه‭ ‬المشروعة‭ ‬في‭ ‬الحرية‭ ‬وتقرير‭ ‬المصير‭ ‬والاستقلال‭.‬

وأبرز‭ ‬الوزراء‭ ‬الأفارقة‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬إعادة‭ ‬توازن‭ ‬العلاقات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬مع‭ ‬أوروبا،‭ ‬مع‭ ‬تأكيد‭ ‬ضرورة‭ ‬تطوير‭ ‬الصناعة‭ ‬المحلية‭ ‬وتحويل‭ ‬المواد‭ ‬الخام‭ ‬داخل‭ ‬القارة،‭ ‬ما‭ ‬يساهم‭ ‬في‭ ‬خلق‭ ‬فرص‭ ‬عمل‭ ‬وزيادة‭ ‬القيمة‭ ‬المضافة‭ ‬والابتكار‭.‬

ورغم‭ ‬أن‭ ‬اجتماع‭ ‬بروكسال‭ ‬شهد‭ ‬مشاركة‭ ‬واسعة‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الإفريقية‭ ‬حيث‭ ‬حضر‭ ‬35‭ ‬وزيرا‭ ‬يمثلون‭ ‬أغلب‭ ‬الدول‭ ‬الإفريقية‭ ‬مع‭ ‬غياب‭ ‬لافت‭ ‬لدول‭ ‬الساحل‭ ‬الإفريقي،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬لا‭ ‬ينفي‭ ‬أنه‭ ‬يأتي‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬تقلبات‭ ‬جيوسياسية‭ ‬متسارعة‭ ‬وصراعات‭ ‬محلية‭ ‬ودولية‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬إعادة‭ ‬تشكيل‭ ‬موازين‭ ‬القوى‭ ‬بما‭ ‬يجعل‭ ‬الشراكة‭ ‬الأوروبية‭-‬الإفريقية‭ ‬أكثر‭ ‬أهمية‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬وقت‭ ‬مضى‭ ‬في‭ ‬السعي‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬الاستقرار‭ ‬والتنمية‭ ‬المشتركة‭.‬

وقد‭ ‬أكدت‭ ‬رئيسة‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬الأوروبية،‭ ‬كايا‭ ‬كالاس،‭ ‬أن‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬عازم‭ ‬على‭ ‬توسيع‭ ‬التعاون‭ ‬مع‭ ‬الاتحاد‭ ‬الإفريقي‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬إستراتيجية‭ ‬مثل‭ ‬المواد‭ ‬الخام‭ ‬الحيوية‭ ‬والذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬والبنية‭ ‬التحتية‭ ‬للنقل،‭ ‬بما‭ ‬يعزز‭ ‬الشراكة‭ ‬بين‭ ‬القارتين‭.‬

ويجمع‭ ‬اليوم‭ ‬أغلب‭ ‬المتتبعين‭ ‬للشأن‭ ‬الدولي‭ ‬أن‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬تقوم‭ ‬بجهود‭ ‬لتأسيس‭ ‬لعلاقات‭ ‬جديدة‭ ‬مع‭ ‬إفريقيا‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬الندّية‭ ‬وعلى‭ ‬التكافؤ‭ ‬والعدالة‭ ‬والتأسيس‭ ‬لأسس‭ ‬تراعي‭ ‬مصلحة‭ ‬الطرفين،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬تلك‭ ‬الجهود‭ ‬ما‭ ‬تزال‭ ‬مبتورة‭ ‬ولم‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬الجوهر‭ ‬وأن‭ ‬هناك‭ ‬فجوة‭ ‬بين‭ ‬الخطاب‭ ‬والفعل،‭ ‬وأن‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬تسعى‭ ‬دائما‭ ‬لتغليب‭ ‬مصلحتها‭ ‬الذاتية‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الأسس‭ ‬الجديدة‭ ‬التي‭ ‬يتمسّك‭ ‬بها‭ ‬قادة‭ ‬إفريقيا‭ ‬والتي‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬الندية‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬خاصة‭ ‬بوجود‭ ‬اليوم‭ ‬تكتّلات‭ ‬وتغيّرات‭ ‬جيوسياسية‭ ‬جديدة‭ ‬تجعل‭ ‬من‭ ‬أوروبا‭ ‬وإفريقيا‭ ‬أمام‭ ‬حتمية‭ ‬الشراكة‭ ‬المفيدة‭ ‬للطرفين‭ ‬وليس‭ ‬الشراكة‭ ‬التي‭ ‬تخدم‭ ‬مصالح‭ ‬طرف‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬طرف‭ ‬ثان‭.‬

منية‭ ‬العرفاوي

 

في‭ ‬اجتماعات‭ ‬بروكسال‭ ‬بين‭ ‬وزراء‭ ‬خارجية‭ ‬إفريقيا‭ ‬وأوروبا‭..‬ تونس‭ ‬تشجّع‭ ‬على‭ ‬علاقات‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬الندّية‭..‬

انعقدت‭ ‬بالعاصمة‭ ‬البلجيكية‭ ‬بروكسال‭ ‬يوم‭ ‬الأربعاء‭ ‬الماضي‭ ‬أشغال‭ ‬الدورة‭ ‬العادية‭ ‬لاجتماع‭ ‬وزراء‭ ‬خارجية‭ ‬الاتحاد‭ ‬الإفريقي‭ ‬والاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬والاجتماع‭ ‬الأول‭ ‬للجنة‭ ‬متابعة‭ ‬التعاون‭ ‬الإفريقي‭- ‬الأوروبي،‭ ‬وقد‭ ‬مثّل‭ ‬تونس‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الاجتماعات‭ ‬وزير‭ ‬الشؤون‭ ‬الخارجية‭ ‬والهجرة‭ ‬والتونسيين‭ ‬بالخارج‭ ‬محمد‭ ‬علي‭ ‬النفطي‭ ‬بتكليف‭ ‬من‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬قيس‭ ‬سعيد‭..‬

وقد‭ ‬خصّصت‭ ‬أشغال‭ ‬الدورة‭ ‬للنظر‭ ‬في‭ ‬مستجدات‭ ‬التعاون‭ ‬بين‭ ‬القارتين‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬المجالات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والتجارية‭ ‬والثقافية‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬علاقة‭ ‬بالملفات‭ ‬الحارقة‭ ‬كالهجرة‭ ‬غير‭ ‬النظامية‭ ‬والسلم‭ ‬والأمن‭ ‬وذلك‭ ‬تحضيرا‭ ‬للقمة‭ ‬الإفريقية‭- ‬الأوروبية‭ ‬القادمة‭.. ‬

فإفريقيا‭ ‬الواعدة‭ ‬بثرواتها‭ ‬الطبيعية‭ ‬والبشرية،‭ ‬وأوروبا‭ ‬بتطوّرها‭ ‬في‭ ‬شتّى‭ ‬المجالات،‭ ‬طالما‭ ‬كانت‭ ‬العلاقات‭ ‬بينهما‭ ‬محلّ‭ ‬جدل‭ ‬ونظريات‭ ‬سياسية‭ ‬واقتصادية‭ ‬مختلفة‭ ‬تتداخل‭ ‬فيها‭ ‬عوامل‭ ‬الجغرافيا‭ ‬والتاريخ‭ ‬والإرث‭ ‬المشترك،‭ ‬وقد‭ ‬برزت‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭ ‬مواقف‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬جنوب‭ ‬المتوسّط‭ ‬ومن‭ ‬العمق‭ ‬الإفريقي‭ ‬تطالب‭ ‬بالندّية‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬والقطع‭ ‬مع‭ ‬فكرة‭ ‬‮«‬المستعمرات‭ ‬القديمة‮»‬‭ ‬وهذا‭ ‬الخطاب‭ ‬أصبح‭ ‬يجد‭ ‬صدى‭ ‬وقبولا‭ ‬داخل‭ ‬مؤسسات‭ ‬صناعة‭ ‬القرار‭ ‬الأوروبي‭.‬

إفريقيا‭ ‬وأوروبا‭.. ‬علاقات‭ ‬أكثر‭ ‬إنصافا‭!‬

خُصّصت‭ ‬الجلسات‭ ‬الوزاريّة‭ ‬في‭ ‬الاجتماع‭ ‬الوزاري‭ ‬الثالث‭ ‬والدورة‭ ‬الأولى‭ ‬للجنة‭ ‬المتابعة‭ ‬الوزارية‭ ‬للاتحاد‭ ‬الإفريقي‭ ‬والاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬لتقييم‭ ‬مدى‭ ‬التقدّم‭ ‬في‭ ‬تنفيذ‭ ‬مُخرجات‭ ‬القمّة‭ ‬السادسة‭ ‬بين‭ ‬الاتحاد‭ ‬الإفريقي‭ ‬والاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬التي‭ ‬انعقدت‭ ‬في‭ ‬2022‭ ‬وشهدت‭ ‬مشاركة‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬قيس‭ ‬سعيد،‭ ‬كما‭ ‬تطرّقت‭ ‬نفس‭ ‬الاجتماعات‭ ‬الوزارية‭ ‬إلى‭ ‬أبرز‭ ‬التحديات‭ ‬والرهانات‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬العلاقات‭ ‬الثنائية‭ ‬من‭ ‬أمن‭ ‬وسلم‭ ‬وهجرة‭.‬

‭ ‬وقد‭ ‬أكّد‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬خلال‭ ‬تلك‭ ‬الاجتماعات‭ ‬على‭ ‬تمسّك‭ ‬تونس‭ ‬بالعمل‭ ‬متعدّد‭ ‬الأطراف‭ ‬لتعزيز‭ ‬الشراكات‭ ‬الدولية‭ ‬ومبادئ‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬مؤكدا‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تونس‭ ‬تشجع‭ ‬على‭ ‬علاقة‭ ‬متينة‭ ‬ومفيدة‭ ‬للطرفين‭ ‬وتقوم‭ ‬على‭ ‬الندية‭ ‬والتنمية‭ ‬المتكافئة‭..‬

وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬أكد‭ ‬أيضا‭ ‬أن‭ ‬البلدان‭ ‬الإفريقية‭ ‬تطالب‭ ‬باستمرار‭ ‬بإيلائها‭ ‬المكانة‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬جديرة‭ ‬بها‭ ‬صلب‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬مؤكّدا‭ ‬أنه‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬ممّا‭ ‬تحقق‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬80‭ ‬عاماً‭ ‬منذ‭ ‬تأسيس‭ ‬المنظمة‭ ‬لفائدة‭ ‬البشريّة‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬شعوب‭ ‬القارة‭ ‬الإفريقية‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬العالم‭ ‬يواجه‭ ‬تفاوتا‭ ‬وفوارق‭ ‬ومآسي،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬ما‭ ‬يتعرّض‭ ‬له‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬من‭ ‬إبادة‭ ‬جماعية‭ ‬تُرتكب‭ ‬في‭ ‬غزّة‭.‬

وقد‭ ‬أعرب‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬عن‭ ‬أمله‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬تنجح‭ ‬الدورة‭ ‬الرابعة‭ ‬للمؤتمر‭ ‬الدولي‭ ‬لتمويل‭ ‬التنمية‭ ‬التي‭ ‬ستُعقد‭ ‬في‭ ‬إسبانيا‭ ‬قريبا،‭ ‬وتواصل‭ ‬الزخم‭ ‬الذي‭ ‬تولّد‭ ‬عن‭ ‬خطة‭ ‬عمل‭ ‬أديس‭ ‬أبابا،‭ ‬وتسليط‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬التوصيات‭ ‬الصادرة‭ ‬عن‭ ‬الاجتماع‭ ‬الوزاري‭ ‬الأفرو‭-‬أوروبي‭.‬

وفي‭ ‬إطار‭ ‬مشاركته‭ ‬في‭ ‬أشغال‭ ‬الاجتماع‭ ‬الوزاري‭ ‬الثالث‭ ‬والدورة‭ ‬الأولى‭ ‬للجنة‭ ‬المتابعة‭ ‬الوزاريّة‭ ‬للاتحاد‭ ‬الإفريقي‭ ‬والاتحاد‭ ‬الأوروبي،‭ ‬أجرى‭ ‬وزير‭ ‬الشؤون‭ ‬الخارجية‭ ‬والهجرة‭ ‬والتونسيين‭ ‬بالخارج‭ ‬محمد‭ ‬علي‭ ‬النفطي‭ ‬عديد‭ ‬اللقاءات‭ ‬الثنائيّة‭ ‬مع‭ ‬رؤساء‭ ‬الوفود‭ ‬المشاركة‭ ‬من‭ ‬القارتين‭ ‬الإفريقية‭ ‬والأوروبيّة‭ ‬شملت‭ ‬خاصّة‭ ‬وزراء‭ ‬خارجيّة‭ ‬الجزائر‭ ‬وليبيا‭ ‬ومصر‭ ‬وبلجيكا‭ ‬ومالطا‭ ‬ورومانيا‭ ‬والنمسا‭ ‬وأوكرانيا‭ ‬وإسبانيا‭ ‬وأثيوبيا‭ ‬والطوغو‭ ‬ونيجيريا‭ ‬ومدغشقر‭ ‬وجنوب‭ ‬إفريقيا‭ ‬وجمهورية‭ ‬إفريقيا‭ ‬الوسطى‭ ‬وغينيا‭ ‬الاستوائية‭ ‬وتشاد‭ ‬وبورندي‭ ‬ونائبة‭ ‬وزير‭ ‬الخارجيّة‭ ‬رئيسة‭ ‬الوفد‭ ‬اليوناني‭ ‬والمفوّضة‭ ‬الأوروبيّة‭ ‬للمتوسّط،‭ ‬وقد‭ ‬تناولت‭ ‬اللقاءات‭ ‬أهم‭ ‬المسائل‭ ‬المدرجة‭ ‬على‭ ‬جدول‭ ‬أعمال‭ ‬الاجتماع‭ ‬الوزاري،‭ ‬لاسيما‭ ‬منها‭ ‬تلك‭ ‬المتّصلة‭ ‬بدعم‭ ‬الاستقرار‭ ‬والتنمية‭ ‬وتعزيز‭ ‬منظومة‭ ‬العمل‭ ‬متعدّد‭ ‬الأطراف‭ ‬والهجرة‭.‬

دعم‭ ‬للقضية‭ ‬الفلسطينية

كما‭ ‬دعا‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬في‭ ‬لقاءاته‭ ‬مع‭ ‬رؤساء‭ ‬الوفود‭ ‬إلى‭ ‬حشد‭ ‬الجهود‭ ‬الدوليّة‭ ‬والتعاطي‭ ‬الحازم‭ ‬مع‭ ‬الكيان‭ ‬المحتلّ‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الوقف‭ ‬الفوري‭ ‬لحرب‭ ‬الإبادة‭ ‬التي‭ ‬يتعرّض‭ ‬لها‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬ودعم‭ ‬استرداده‭ ‬لحقوقه‭ ‬المشروعة‭ ‬في‭ ‬الحرية‭ ‬وتقرير‭ ‬المصير‭ ‬والاستقلال‭.‬

وأبرز‭ ‬الوزراء‭ ‬الأفارقة‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬إعادة‭ ‬توازن‭ ‬العلاقات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬مع‭ ‬أوروبا،‭ ‬مع‭ ‬تأكيد‭ ‬ضرورة‭ ‬تطوير‭ ‬الصناعة‭ ‬المحلية‭ ‬وتحويل‭ ‬المواد‭ ‬الخام‭ ‬داخل‭ ‬القارة،‭ ‬ما‭ ‬يساهم‭ ‬في‭ ‬خلق‭ ‬فرص‭ ‬عمل‭ ‬وزيادة‭ ‬القيمة‭ ‬المضافة‭ ‬والابتكار‭.‬

ورغم‭ ‬أن‭ ‬اجتماع‭ ‬بروكسال‭ ‬شهد‭ ‬مشاركة‭ ‬واسعة‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الإفريقية‭ ‬حيث‭ ‬حضر‭ ‬35‭ ‬وزيرا‭ ‬يمثلون‭ ‬أغلب‭ ‬الدول‭ ‬الإفريقية‭ ‬مع‭ ‬غياب‭ ‬لافت‭ ‬لدول‭ ‬الساحل‭ ‬الإفريقي،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬لا‭ ‬ينفي‭ ‬أنه‭ ‬يأتي‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬تقلبات‭ ‬جيوسياسية‭ ‬متسارعة‭ ‬وصراعات‭ ‬محلية‭ ‬ودولية‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬إعادة‭ ‬تشكيل‭ ‬موازين‭ ‬القوى‭ ‬بما‭ ‬يجعل‭ ‬الشراكة‭ ‬الأوروبية‭-‬الإفريقية‭ ‬أكثر‭ ‬أهمية‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬وقت‭ ‬مضى‭ ‬في‭ ‬السعي‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬الاستقرار‭ ‬والتنمية‭ ‬المشتركة‭.‬

وقد‭ ‬أكدت‭ ‬رئيسة‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬الأوروبية،‭ ‬كايا‭ ‬كالاس،‭ ‬أن‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬عازم‭ ‬على‭ ‬توسيع‭ ‬التعاون‭ ‬مع‭ ‬الاتحاد‭ ‬الإفريقي‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬إستراتيجية‭ ‬مثل‭ ‬المواد‭ ‬الخام‭ ‬الحيوية‭ ‬والذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬والبنية‭ ‬التحتية‭ ‬للنقل،‭ ‬بما‭ ‬يعزز‭ ‬الشراكة‭ ‬بين‭ ‬القارتين‭.‬

ويجمع‭ ‬اليوم‭ ‬أغلب‭ ‬المتتبعين‭ ‬للشأن‭ ‬الدولي‭ ‬أن‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬تقوم‭ ‬بجهود‭ ‬لتأسيس‭ ‬لعلاقات‭ ‬جديدة‭ ‬مع‭ ‬إفريقيا‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬الندّية‭ ‬وعلى‭ ‬التكافؤ‭ ‬والعدالة‭ ‬والتأسيس‭ ‬لأسس‭ ‬تراعي‭ ‬مصلحة‭ ‬الطرفين،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬تلك‭ ‬الجهود‭ ‬ما‭ ‬تزال‭ ‬مبتورة‭ ‬ولم‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬الجوهر‭ ‬وأن‭ ‬هناك‭ ‬فجوة‭ ‬بين‭ ‬الخطاب‭ ‬والفعل،‭ ‬وأن‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬تسعى‭ ‬دائما‭ ‬لتغليب‭ ‬مصلحتها‭ ‬الذاتية‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الأسس‭ ‬الجديدة‭ ‬التي‭ ‬يتمسّك‭ ‬بها‭ ‬قادة‭ ‬إفريقيا‭ ‬والتي‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬الندية‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬خاصة‭ ‬بوجود‭ ‬اليوم‭ ‬تكتّلات‭ ‬وتغيّرات‭ ‬جيوسياسية‭ ‬جديدة‭ ‬تجعل‭ ‬من‭ ‬أوروبا‭ ‬وإفريقيا‭ ‬أمام‭ ‬حتمية‭ ‬الشراكة‭ ‬المفيدة‭ ‬للطرفين‭ ‬وليس‭ ‬الشراكة‭ ‬التي‭ ‬تخدم‭ ‬مصالح‭ ‬طرف‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬طرف‭ ‬ثان‭.‬

منية‭ ‬العرفاوي