إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

في جلسة عامة برلمانية.. النظر في مشروع قانون تنظيم عقود الشغل ومنع المناولة

 

- اقتراح تشكيل لجنة برلمانية لمراقبة تنفيذ أحكام القانون الجديد في القطاعين العام والخاص

نقاش مستفيض حظي به مشروع القانون المتعلق بتنظيم عقود الشغل ومنع المناولة خلال الجلسة العامة لمجلس نواب الشعب المنعقدة طيلة يوم أمس 20 ماي 2025 بقصر باردو بحضور وزير الشؤون الاجتماعية عصام الأحمر. فقبل المرور للتصويت على هذا المشروع، تداول على المصدح عدد كبير من النواب للحديث عن مضامينه،  وعبر أغلبهم عن ارتياحهم لتمرير هذا المشروع التاريخي واصفين إياه بأنه الخطوة الأولى في اتجاه تجسيم الثورة التشريعية التي ينتظرها التونسيون منذ 25 جويلية،  لأنه جاء من أجل إنصاف الفئات التي عانت عقودا طويلة من الظلم والتهميش وشتى أشكال التشغيل الهش..

ودعا بعضهم إلى ضرورة الحرص على تحقيق التوازن المنشود بين ضمان حقوق العمال من ناحية وبين المحافظة على ديمومة المؤسسات ومواطن الشغل من ناحية أخرى، في حين هناك من طلب إرجاع المشروع المذكور إلى لجنة الصحة والمرأة والأسرة والشؤون الاجتماعية وذوي الإعاقة بهدف مزيد التعمق في دراسة مقترحات التعديل التي أدخلها أعضاء اللجنة على نص المشروع الأصلي المقدم من قبل رئيس الجمهورية، لكن هذا الطلب جوبه بانتقادات لاذعة، وهناك من تساءل عن سبب تغييب الأطراف الاجتماعية الممثلة للشغالين في دراسة مشروع قانون يهم بدرجة أولى العمال. ومن المطالب الأخرى التي تم تقديمها خلال الجلسة الاعتراف بخصوصيات بعض المهن مثل الحراسة والتنظيف واعتبارها مهنا شاقة تقتضي وضع نظام تقاعد خاص بها. وشدد العديد من النواب على ضرورة تسوية الوضعيات المهنية لجميع الأعوان العاملين في الوزارات والدواوين والمصالح التابعة للحكومة وفتح ملف الاعتمادات المفوضة في وزارة الداخلية وهناك من تساءل عن مصير عمال بعض الهيئات الوطنية.

النصوص الترتيبية

النائبة عن كتلة الأمانة والعمل أسماء الدرويش ترى أن مشروع القانون المتعلق بتنظيم عقود الشغل ومنع المناولة بعد المصادقة عليه من قبل مجلس نواب الشعب  لن يكتمل أثره القانوني والعملي إلا بإصدار أوامره الترتيبية التي تترجم أحكامه إلى إجراءات واضحة وملزمة للإدارة. وطالبت وزير الشؤون الاجتماعية بالالتزام الصريح والواضح أمام المجلس النيابي بتضمين هذه الأوامر في تراتيب دقيقة تعالج وضعية أصحاب الشهائد العليا الذين يشتغلون حاليا بصفة فعلية في المؤسسات المعنية دون تمتيعهم بحقوقهم المهنية كاملة وعلى رأسها الترسيم في الخطط التي يشغلونها فعليا. وبينت النائبة أن التسوية العادلة لم تعد مسألة تفاوضية بل هي ضرورة قانونية وأخلاقية واجتماعية خاصة وأن هذا القانون الجديد يكرس مبدأ المساواة والعدالة في التشغيل داخل المؤسسات. ويجب أن يشمل إصدار الأوامر الترتيبية حسب قولها آليات واضحة لتسوية هذه الوضعيات في آجال محددة لا تتجاوز بضعة أشهر من دخول القانون حيز النفاذ. ولفتت الدرويش نظر الوزير للاتفاقيات السابقة سواء المبرمة مع الشركاء الاجتماعيين أو في إطار التراتيب الداخلية والتي قد تتعارض مع القانون الجديد. وذكّرته بواجب احترام مبدأ التسلسل الهرمي للقواعد القانونية فالقانون أعلى مرتبة من الاتفاقيات وهو ما يقتضي تضمين الأوامر الترتيبية أحكاما انتقالية تحدد بوضوح مصير تلك الاتفاقيات إما بإلغائها في حالة تعارضها مع القانون الجديد أو بتكييفها مع مقتضيات هذا النص، وبينت النائبة أن المطلوب ليس إصدار أوامر ترتيبية شكلية بل لابد من أوامر فيها إجراءات ناجعة تحقق آمال أصحاب الشهادات العليا الذين خدموا مؤسسات الدولة دون أن يتمتعوا بحقوقهم. وترى أنه من غير المقبول بعد صدور القانون  أن تتواصل الوضعيات الهشة وأن يبقى تطبيقه رهين التأويل أو التباطؤ الإداري. وطالبت بالتزام واضح يضمن تحقيق أهداف القانون في الآجال المعقولة ويعيد الثقة في مؤسسات الدولة.

ثورة تشريعية

وقال النائب غير المنتمي إلى كتل هشام حسني إنه بتمرير مشروع القانون المتعلق بتنظيم عقود الشغل ومنع المناولة بدأت الثورة التشريعية فهو حسب وصفه قانون ثوري لحماية العمال. وذكر أنه بحكم انتمائه الإيديولوجي والنقابي لا يسعه إلا أن يثمن هذا القانون ويصطف إلى جانب العمال بالفكر والساعد، كما يثمن حماس بعض النواب في تجويد مشروع هذا القانون من خلال تقديم عدة مقترحات تعديل وهي مقترحات تضمن جزءا كبيرا من حق العمال لكن حسب رأيه يجب عدم التسرع. وفسر حسني أنه كان لابد في نص المشروع الأصلي من التمييز بين المناولة وإسداء الخدمة وكان من المفروض القيام بعملية اتصالية لتوضيح المفهومين للشعب التونسي. وأضاف أن مقترحات التعديل التي تم تقديمها من قبل عدد من النواب هي مقترحات ايجابية لكن لابد من فهم تداعياتها. ويرى النائب أن مقترحات التعديل يجب أن تكون مبنية على معطيات وأرقام. وتساءل حسني عن تداعيات تلك المقترحات على المستوى المالي والاجتماعي والاقتصادي. وذكر أن مقترحات التعديل لابد من دراستها بتأن وفي إطار توفر معطيات دقيقة، لأن الحكومة عندما قدمت المشروع في صيغته الأصلية للمجلس النيابي كان ذلك بناء على دراسات وأرقام وإحصائيات وفرتها الإدارة ومن غير المنطقي أن يتم لاحقا تقديم مقترح تعديل دون دراسته. ولاحظ أن هناك الكثير من التسرع في تمرير المشروع واستدرك قائلا: هناك فعلا وضعية عمل هشة يجب القطع معها نهائيا ويجب تنزيل أحكام الدستور المتعلقة بالعمل اللائق والأجر العادل بل الأجر المجزي ولكن لا يمكن التعاطي مع مقترحات التعديل بالعاطفة، ونبه النائب إلى أنه في الواقع من غير الممكن تطبيق الشعار ودعا بقية أعضاء المجلس النيابي إلى مراعاة الواقع والتدرج في تغييره. وتساءل الوزير إن كانت مقترحات التعديل المقدمة من قبل النواب تتضارب مع نصوص أخرى وذكر أن هذه النقطة مهمة جدا حتى لا تقع مواجهة مشكل في تطبيق القانون الجديد لاحقا. ولاحظ أن هناك أناسا مستعدون لبيع البلاد وإغراقها وغلق المؤسسات وتساءل إن كان قد تم إعداد مشروع نص قانون لحماية العمال من البطالة القسرية وأضاف أنه يجب سن قانون جديد في هذا الشأن، قانون يساير تطبيق قانون تنظيم عقود الشغل ومنع المناولة. واقترح النائب هشام حسني على وزير الشؤون الاجتماعية وعلى النواب إعادة المشروع بصفة وقتية إلى لجنة الشؤون الاجتماعية من أجل مزيد التعمق في دراسة مقترحات التعديل حفاظا على حقوق العمال وكذلك تنقيح النصوص التشريعية ذات الصلة. ودعا الحكومة إلى تقديم أرقام دقيقة لنواب الشعب لتمكينهم من فهم تداعيات هذا القانون لأن من عانوا من التشغيل الهش وصبروا سنوات لن يقلقهم الانتظار شهرا آخر لأن المهم في النهاية هو ضمان حقوقهم بصفة فعلية.

الدولة الاجتماعية

وبين النائب عن كتلة صوت الجمهورية عادل ضياف أن الدستور كرس الحق في العمل اللائق والأجر العادل. وأضاف أنه بعد الاحتفال في تونس مؤخرا بذكرى الجلاء الزراعي، سيتم الاحتفال بذكرى الجاثمين على صدور الكادحين والمفقرين، وذكر أنه لا يمكن البناء والتشييد دون الدفاع عن العمال ودون خلق مناخ عمل ملائم للعامل. وأضاف إن من لم يصوت على مشروع القانون المتعلق بتنظيم عقود الشغل ومنع المناولة لن يرحمه التاريخ لأن كل العمال ينتظرون المصادقة عليه. وأضاف النائب أن رئيس الجمهورية أكد على ضرورة القطع مع كل منوال تشغيل هش وكل استعباد للإنسان فهي بالتالي مسألة إنسانية بامتياز ولابد من أن يكون النواب في مستوى اللحظة التاريخية وأن يعملوا على القطع مع جميع أشكال التشغيل الهش. وبين أن القانون الجديد هو قانون ثوري يساعد على بناء دولة اجتماعية دولة فيها عدالة اجتماعية متوازية مع العدالة الاقتصادية. وخلص ضياف إلى مطالبة أعضاء مجلس نواب الشعب بالتصويت لفائدة المفقرين والمهمشين. وذكر أنه يشاهد كل يوم هؤلاء العمال في محطات النقل على الساعة الرابعة صباحا وهم في انتظار الاتجاه إلى مقرات العمل. ووصف الجلسة العامة المنعقدة أمس للنظر في مشروع قانون من شأنه أن ينصف العمال بالجلسة التاريخية.

الوفاء للعمال

النائبة سوسن مبروك عن كتلة الأحرار وجهت تحية شكر لرئيس الجمهورية الذي رفع شعار الثورة التشريعية وجسده في مشروع القانون المتعلق بتنظيم عقود الشغل ومنع المناولة. ووصفت هذا المشروع بالثوري الذي ينسجم مع تطلعات الشعب التي عبر عنها في دستور 25 جويلية 2022 والذي يؤسس لتكريس مبادئ العدل والإنصاف وفق الاتفاقيات الدولية والمبادئ الكونية ولتحقيق العدالة الاجتماعية والكرامة الوطنية والقضاء على كل مظاهر الحيف والغبن. كما شكرت النائبة أعضاء لجنة الشؤون الاجتماعية لتفانيهم في دراسة هذا المشروع من أجل تحقيق ما نادى به الشعب التونسي، وترحمت على الدكتور نبيه ثابت رئيس هذه اللجنة الذي كان داعما لهذا المشروع ومساندا له ومدافعا عنه. وأضافت قائلة:«نرفع اليوم صوتنا كما ترفع الأرض سنابلها إلى السماء تحية للإنسان العامل ذلك الذي تلونت كفاه بلون التراب، وعرقه ماء للبقاء، وصمته لغة الكرامة، فالعامل هو جوهر الإنسان وفاعل التاريخ وهو الذي يعيد بعث الوطن كل صباح ويزرع في الحجر حياة ونحن ننتصر للإنسان العامل وللفلاح الذي يحرس المواسم وللمعلم الذي ينقش الحروف في ذاكرة الناشئة وللأم التي تبني جيلا في صمتها المثقل».  وعبرت عن رغبتها في أن يقع من خلال القانون الجديد نقل العمال من موقع الاحتجاج إلى موقع القرار ومن خانة الرفض إلى موقع البناء فهم قلب الوطن النابض وشمسها المشرقة وذراعها البانية، وأكدت وفاءها للعمال والتزامها بالدفاع عن حقوقهم لإيمانها بأن حرية الوطن تبنى على أكتافهم وبأن النصر يبدأ عندما ترفع يد العامل.

 وأضافت النائبة سوسن مبروك أن هذا المشروع أعاد الأمور لنصابها وجعل الأصل في الأشياء هو عقد الشغل غير محدد المدة ومنع مختلف أشكال مناولة اليد العاملة وجرمها مما يجعله دون شك أهم إصلاح يقع إدخاله على مجلة الشغل منذ اعتمادها سنة 1966. وثمنت النائبة سوسن مبروك جميع مقترحات التعديل المقدمة من طرف النواب والتي من شأنها أن تحول دون الانحراف بتأويل فصول القانون وتفرغه من مضمونة في ما يتعلق بفترة التجربة المنصوص عليها بالمشروع وكذلك اعتبار أعوان الحراسة والتنظيف عمال مناولة استنادا لديمومة ممارسهم لنشاطهم صلب المؤسسات، ودعت إلى التفكير الجدي في الترفيع في الأجر الأدنى للعامل نظرا لارتفاع تكلفة العيش. وأكدت على ضرورة أن يشمل مشروع هذا القانون الثوري العمال في القطاع الخاص وكذلك في المنشآت والمؤسسات العمومية، مع العمل على دعم المؤسسات الاقتصادية لضمان ديمومتها وترى أنه لابد من خلق الثروة والرفع من مستوى النمو الاقتصادي من أجل ضمان حق العمال، ويكون ذلك على حد قولها من خلال تقديم مجلة الاستثمار ومجلة الصرف برؤية واقعية محفزة وداعمة لتحقيق الثورة التشريعية. وتطرقت مبروك إلى ملف يهم جهتها وأشارت في هذا السياق إلى أن عمال الآلية 16 بمدنين يطالبون بتسوية وضعياتهم وإنصافهم على غرار ما حصل مع زملائهم في بعض الولايات الأخرى، كما دعت إلى تسوية وضعية الأستاذة العرضيين بالمعاهد العليا للدراسات التكنولوجية وخلصت إلى أنه من حق العامل التونسي أن يعيش فوق أرض تونس وتحت شمسها بكرامة وعزة فكرامة التونسي حسب تعبيرها استحقاق إنساني ودستوري لا حياد عنه وحفظها واجب وطني مقدس. 

التعويل على الذات

 النائب عن كتلة لينتصر الشعب علي زغدود قال إنه باسم كتلته يهدي القانون المتعلق بتنظيم عقود الشغل ومنع المناولة لأبطال الحركة العمالية بتونس وشهدائها الذين سطروا أروع الملاحم دفاعا عن حقوق العمال والكادحين ودفاعا عن حرية الوطن والمواطن وعلى رأسهم البطل الخالد محمد علي الحامي والشهيد فرحات حشاد والمناضل بلقاسم القناوي وغيرهم من الرجال والنساء الذين ضحوا بأرواحهم من أجل العدل والحرية والكرامة الوطنية. وأضاف أنه في هذا اليوم الخالد يقول عاشت نضالات الشعب وقواه العاملة، ووصف القانون الجديد بالخطوة العملاقة في طريق تحرير قطاعات واسعة من العمال والكادحين من الاستغلال، ومن العمل الهش ومن عبودية رأس المال وجشعه. وبين أن كتلة لينتصر الشعب تنتصر للعمال والكادحين والمهمشين وتدعم أي خطوة في اتجاه إنصافهم وتمكينهم من حقوقهم. وقال النائب إن هذا القانون يجب ألا يكون حلقة معزولة بل يجب أن يرافقه تغيير في السياسات العامة للدولة بما يمكن من إرساء اقتصاد منتج للثروة لأنه دون نسب نمو عالية تخلق مواطن الشغل سيكون هذا القانون مجرد ملف في مكاتب الحكومة، ولن يكون له أثر على حياة العمال والكادحين والمهمشين والمعطلين. ودعا إلى ضرورة الاستعداد لتلافي جميع تداعيات هذا القانون المحتملة لتلافي إعادة سيناريو قانون الشيكات الذي كان مطلبا شرعيا لكن في غياب شمولية الرؤية وغياب دوائر القرار الاستراتيجي في الدولة التي تدرس الفرص والمخاطر ونقاط الضعف والقوة وتحاول تلافي المخاطر أدى تمرير هذا القانون إلى بروز إشكاليات خاصة أمام تمرد الجهاز البنكي بتونس.

ويرى زغدود أن سياسة التعويل على الذات هي جوهر مشروع التنمية المستقلة التي تعني اعتماد المجتمع على نفسه وعلى قدراته الخاصة، وبالتالي فإن القدرات حسب تعبيره هي قدرات أفراده وبذلك يكون الإنسان في قلب ساحة الفكر والحركة فهو صانع التنمية وهدفها في آن واحد. وفسر أن التنمية تتسارع إذا توفر العمل المنتج لكل مواطن، وبارتفاع إنتاجية العمل يصبح توفير الصحة والشغل والنقل والسكن أمر ممكن. وبين أن التنمية المستقلة هي عمل ثوري بالمعنى العلمي لأن طريق التنمية المستقلة يبدأ بتمكين القوى الشعبية وعموم المحرومين من السلطة، وتوظيف التنمية لخدمة مصالح الأغلبية الشعبية وهو ما يجب العمل عليه اليوم من قبل الجميع. وخلص النائب علي زغدود إلى أنه لا يمكن الاستهانة بالقانون المتعلق بتنظيم عقود الشغل ومنع المناولة  فهو انجاز يتم تحقيقه في تونس  في ظل وضع دولي وتوحش الرأسمالية التي تعمل على فرض أنظمة جديدة أكثر توحشا غربا وشرقا بتطوير أدوات السيطرة الاجتماعية والقمع حيث تجري اليوم مأسسة الإجرام وما الحركة الصهيونية وأداتها المسماة بإسرائيل إلا جهاز من أجهزة التوحش الرأسمالي العالمي. وقدم النائب تحية للشعب الفلسطيني وعماله وكادحيه لأن هذا الشعب يقود ثورته العظيمة وذكر أنه من خلالهم يحيي كل عمال العالم معتبرا أن هذا القانون الجديد هو لبنة في نضال الشعوب المضطهدة ونضال الكادحين من أجل عالم أكثر عدلا وإنصافا.

إنصاف الكادحين

وفي نفس السياق بين الفاضل بن تركية النائب عن الكتلة الوطنية المستقلة أن القانون المتعلق بتنظيم عقود الشغل ومنع المناولة يفرض المساواة والعدالة. وأضاف أن الثورة التشريعية تبدأ من خلال المصادقة عليه فهو أحد أهم القوانين التي ينتظرها أبناء الشعب الكريم وبناته، وهو قدمه رئيس الجمهورية وتبناه مجلس نواب الشعب بأغلب أعضائه، وعبر عن أمله في أن يكون هذا القانون الجديد بداية إنصاف كل الكادحين والعاملين والمهمشين والذين ظلموا طيلة سنوات جراء عقود الشغل الهشة والأوضاع المهنية غير اللائقة.

 ودعا بن تركية وزير الشؤون الاجتماعية للاهتمام بمشاغل المتقاعدين لأن هذا الموضوع لا يقل أهمية عن ملفات التشغيل الهش. ولاحظ أن المتقاعد الذي بذل 30 سنة و35 سنة في العمل من أجل هذا الوطن يجد نفسه مهمشا. وذكر أنه كان في السابق رئيسا للجمعية العامة للمتقاعدين لذلك هو يدرك وضعية المتقاعدين عن كثب، فالمتقاعد في تونس ومقارنة بالدول الأخرى يجد نفسه بعد إنهاء فترة العمل في المنزل إذ لا يوجد أي اهتمام به من قبل الدولة. وطالب النائب بتوفير أبسط الخدمات للمقاعد حتى لا يجد نفسه محاصرا في منزله بحكم أن الجراية التي يتحصل عليها لا تكفي حتى للاستجابة إلى حاجياته المنزلية فما بالك بالحاجيات الصحية. وثمن النائب مشروع القانون المعروض على الجلسة العامة وطالب في المقابل بالالتفات لفئة المتقاعدين الذين يفوق عددهم 1250000 متقاعد.

استرجاع الحقوق

النائب يوسف طرشون عن كتلة الخط الوطني السيادي تحدث بكثير من الحماس عن مشروع القانون المتعلق بتنظيم عقود الشغل ومنع المناولة المعروض على أنظار الجلسة العامة، واستدل في مداخلته بأبيات شعر لأبي القاسم الشابي «فمن نام لم تنتظره الحياة»..،  وذكر أن الشعب التونسي استيقظ ذات 25 جويلية وتفطن لجميع أشكال الظلم والقهر،  وأضاف قائلا: «يا عمال تونس تحرروا وإنكم ستتحررون فهذه رسالة كتلة الخط الوطني السيادي  إليكم وهي الكتلة التي تناضل من أجل الجمهورية الديمقراطية الاجتماعية فنحن نؤمن بمبادئ الجمهورية نظام، حرية، عدالة.. والعدالة الاجتماعية في علاقة بالشغل هي أهم معطى».  وذكر  طرشون أن كتلته تعلن عن انحيازها للشغالين والعمال ولحقوقهم المضطهدة لمدة عقود وأضاف أن هذه الحقوق ستفتكّ بقوة القانون وستمزق كل التشريعات والقوانين البالية التي كرّست عبوديتهم وستسد الثغرات التي تركتها قوانينهم التي تعمدت وضع تلك الفراغات لكي يدخل من خلالها «المتحيلون والمستكرشون ومصاصو دماء الشعب التونسي». وأشار إلى أنه استمع إلى عدة حجج قدمها من هو ضد هذا القانون ومن أبرزها عدم وجود دراسة لآثاره الاقتصادية والحال أن هذا القانون يهدف إلى تسوية وضعية الشغالين وليس للانتداب. وفسر أنه من خلال القانون الجديد سيتم إصلاح وضعيات شغلية لأناس يعملون في القطاعين العمومي أو الخاص وبالتالي هو لن يكلف الدولة موارد مالية إضافية ودعا إلى عدم مغالطة الشعب، وأضاف أنه  لا يريد بقاء السماسرة الذين يبتزون عرق العملة فالدولة تمنح العامل 2000 دينار لكن هذا الأخير  يحصل على 500 دينار فقط بحجة إخضاعه للتدريب وتمكينه من لباس العمل وغيرها من الحجج.

كما أوضح النائب يوسف طرشون أن المشروع المعروض على أنظار الجلسة العامة ليست فيه كلفة إضافية على الميزانية وكل ما في الأمر أنه سيمكن العمال من استرجاع حقوقهم وبين أنه يقول لمن يريدون تقنين المناولة ما هو ثمن كرامتكم  وهل أنهم مستعدون للتنازل عن كرامتكم مقابل مائة أو مائتي دينار؟. وخلص إلى أن البرلمان لا يشرع لهذه اللحظة وهو لا يسن القوانين تحت وطأة الواقع بل يشرع للتاريخ لأن القانون الجديد يمكن أن يستمر تطبيقه خمسين سنة. وخلص النائب عن كتلة الخط الوطني السيادي بعد دفاع مستميت عن مشروع القانون أنه يقول  لكل من يدعي أنه في صورة ترسيم العامل سيصبح هذا العامل متواكلا أن هذا الكلام غير أخلاقي، وبين أن من يطالب بتأجيل النظر في المشروع عليه أن يدرك بكل وضوح أن اللجنة نظمت أكثر من جلسة للنظر في مقترحات التعديل وأن آخر جلسة استمرت إلى الساعة الواحدة ليلا وتم نقاش جميع الفصول ومقترحات التعديل، وبالتالي فمن يريد التأجيل يقول له نوما هنيئا فهناك أناس ينتظرون من البرلمان تمرير هذا القانون من أجل استرجاع كرامتهم. وذكر أن الظلم والقهر الذي تعرض له هؤلاء العمال موثق في تقارير وطالب بتتبع من ظلموا العمال وجبر ضرر هؤلاء العمال الذين تعرضوا للطرد والتعسف والإهانة، كما أوصى بتفعيل النصوص الترتيبية للقانون بشكل سريع وطالب رئيس المجلس النيابي بتشكيل لجنة برلمانية لمتابعة تطبيق هذا القانون حتى لا يبقى حبرا على ورق. وبين أنه سيتابع وضعيات المعنيين بالقانون الذين تعرضوا منذ نشر المشروع إلى الطرد وتعهد طرشون بأنه سيواصل مساندتهم حتى وإن كلفه الأمر الاعتصام معهم في الشوارع. وقال يجب تطبيق القانون الجديد بالكيفية المطلوبة في القطاع العام والمنشآت العمومية قبل القطاع الخاص لأنه من واجب الدولة تحرير البشر. وأضاف أن هذا القانون هو قانون تاريخي ستعلم تونس العالم من خلاله أن حق العامل لا يباع ولا يشترى مثلما علمته سابقا عندما منعت العبودية أن الإنسان لا يباع ولا يشترى.

دعم الرقابة

أما النائب غير المنتمي إلى كتل فوزي دعاس فقد بين أن نقاش مشروع القانون المتعلق بتنظيم عقود الشغل ومنع المناولة، لا يأتي في سياق تقني بحت بل هو يعبر عن تحول نوعي في مسار التشريع في تونس وجاء استجابة لصوت طالما ارتفع من ميادين العمل ومن ساحات الاحتجاج للمطالبة بالعدالة والكرامة. وذكر أن المجلس النيابي ليس بصدد نقاش قانون عادي بل هو أمام خطة تشريعية تحمل أبعادا أخلاقية واجتماعية واقتصادية وتضع النواب أمام مسؤولياتهم التاريخية لتصحيح مسار استخدمت فيه المناولة على مدى سنوات لتفكيك الحقوق الأساسية للعمال. ولاحظ أن بعض التقارير ومن بينها تقارير صادرة عن المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية كشفت أن قرابة 30 بالمائة من العمال في تونس يشتغلون في ظروف هشة دون تغطية اجتماعية وعقود قانونية وأغلبهم يخضعون لصيغ التشغيل عبر شركات مناولة. وبين أن المناولة في تونس تحولت من وسيلة مؤقتة لسد حاجيات ظرفية إلى آلية ممنهجة لضرب استقرار الشغل ووسيلة لتحرير أرباب العمل من مسؤولياتهم القانونية والاجتماعية وقد سبق لمنظمة العمل الدولية أن أكدت أن أشكال التشغيل الهش ومنها المناولة تقوض الأمن الوظيفي وتخلق تفاوتا اجتماعيا حادا وتضعف قدرات الاقتصاد على تحقيق التنمية المستدامة. ويرى دعاس أن منع المناولة يعد خطوة جريئة وثورية ومطلبا طالما نادت به النقابات والهيئات الحقوقية وهو لبنة أساسية لبناء منظومة قانونية عادلة تعلي من شأن الكرامة الإنسانية غير أن نجاح هذا القانون لن يتحقق بمجرد المصادقة عليه بل بمدى جدية تفعيله على أرض الواقع. ويتطلب ذلك على حد قوله آليات رقابة صارمة ومكثفة خاصة في القطاع الخاص لضمان احترام مقتضياته وعدم التحيل عليها تحت مسميات أخرى.

وبين النائب فوزي دعاس أن تفعيل القانون الجديد يتطلب تعزيز أجهزة التفقد ومراقبة الشغل خاصة في القطاع الخاص، وتبسيط آليات التقاضي وتسوية النزاعات الشغلية، وضبط خطة اتصالية وتوعوية موجهة للمؤسسات وللمواطنين يتم من خلالها شرح مضامين القانون. وأكد أن دور الدولة في ضمان العدالة الاجتماعية لا يقتصر على سن القوانين بل يمتد إلى صياغة رؤية وطنية إستراتيجية قائمة على الإنصاف تتضمن حلولا آنية وأهدافا متوسطة وطويلة المدى، واليوم هناك فرصة تاريخية لإعادة رسم العلاقة بين العمل والكرامة وبين الاقتصاد والعدالة.

وزير الشؤون الاجتماعية: عهد المناولة ولّى وانتهى

قال عصام الأحمر وزير الشؤون الاجتماعية إن زمن المناولة انتهى وولى،  وأضاف مساء أمس خلال الجلسة العامة المنعقدة بمجلس نواب الشعب  بباردو للنظر في مشروع القانون المتعلق بتنظيم عقود الشغل ومنع المناولة، أنه على مستوى الوظيفة العمومية لا يوجد عدد كبير من العقود محددة المدة نظرا لأن هناك مراقبة،  وبين أنه ستتم تسوية وضعية العاملين في الوظيفة العمومية لأن الدولة لا تقبل على نفسها الإبقاء على وضعيات استضعاف اجتماعي.

وفسر أن القطاع العام له إطار قانوني ينظم عقود الشغل محددة المدة والعمل الوقتي ومجال تسوية الوضعية يتم بنص ترتيبي وبالتالي لا يمكن تعديل الأمر الترتيبي بقانون لذلك تم إعداد مشروع أمر سيشمل جميع الأعوان بالمؤسسات العمومية والقطاع العام والوظيفة العمومية فالحقوق على حد وصفه لا تخضع للتفصيل ولا للمفاوضات ومن يثبت حقه يتم ترسيمه .

وذكر أن رئيسة الحكومة وجهت تعليمات لكافة المؤسسات والمنشآت العمومية للإبقاء على وضعية الأعوان على ما هي عليه إلى غاية صدور أمر من شأنه إصلاح هذه الوضعية مع منع العقود الجديدة.

وتعقيبا على استفسارات النواب أوضح الوزير أن مشروع القانون المتعلق بتنظيم عقود الشغل ومنع المناولة حظي بأهمية قصوى على جميع المستويات وأصبح محل متابعة من قبل كل الشعب وهو مبادرة من رئيس الجمهورية لإحداث ثورة تشريعية حقيقية تستجيب لتطلعات الشعب. ولاحظ أن الثورة التشريعية لا يمكن أن تكون بحلول تلفيقية وتوفيقية لأن هذه الحلول منقوصة فهي في ظاهرها حلول لكنها في حقيقة الأمر مسكنات واليوم انتهى وقت المسكنات وحان وقت العلاج وآن الأوان لوضع حد للاستغلال بكل مظاهره.

وأضاف وزير الشؤون الاجتماعية أن المشروع يندرج في إطار تحقيق العدالة الاجتماعية الشاملة، وفسر أن العدالة الاجتماعية هي مفهوم اقتصادي اجتماعي يحث على خلق الثروة ويضع لها قواعد عادلة في التوزيع. وذكر أنه خلال اللقاء الأخير الذي جمعه برئيس الجمهورية أكد الرئيس على مسألة النمو، وأوضح ردا على النواب الذين طالبوا بضمان المحافظة على ديمومة المؤسسات أنه في علاقة بسياسة الدولة لا يتم السعي للحفاظ على ديمومة المؤسسة وإنما على تحقيق الثروة، وخلق الثروة يستوجب التوزيع العادل.

لا للتواكل

وتفاعلا مع النواب الذين شددوا على ضرورة نبذ التواكل أشار عصام الأحمر وزير الشؤون الاجتماعية إلى أنه لا مجال للتواكل وأضاف أنه يمكن تقديم مساعدات ظرفية لكن لا يمكن البقاء في مكان مريح والعيش على المساعدات وهذا خيار أساسي للدولة وذلك مع منع تأبيد الفقر، وتتمثل المقاربة المعتمدة في إخراج الناس من الفقر وهذه المقاربة تجد صدى لها على مستوى دولي، وتحديدا لدى منظمة العمل الدولية وبين أن هذه المنظمة ستعقد عما قريب قمة سيتم خلالها النظر في محورين يتعلق المحور الأول بعقد اجتماعي جديد أما المحور الثاني فيتعلق بالحق في العمل. ويرى الوزير أنه لا حق في العمل دون خلق الثروة ودون مؤسسات، ولا مؤسسات دون رأس مال بشري.

وأشار الأحمر إلى أهمية التوازن الذي يؤدي إلى الحد من تفقير الطبقة العمالية، وذكر أن هناك من النواب من طالبوا بالترفيع في الأجر الأدنى وهذا مطلب مشروع لكن  كيف يمكن الترفيع في الأجور وهل يتم ذلك بالقروض؟ وأجاب عن هذا السؤال بالإشارة إلى أن القروض السابقة صرفت في الزيادات الوهمية في الأجور. وأكد أن المقاربة التي تعتمدها الحكومة تقوم على دفع نمو المؤسسة فنمو المؤسسة هو أحد مكونات العدالة الاجتماعية، كما أن هذه المقاربة تشجع على العمل وأكد أنه لا توجد محكمة لتصفية الحسابات بل تم تشجيع المؤسسات حيث وقع منح عفو اجتماعي لكافة المؤسسات وطرح خطايا وإقرار عفو جبائي وإحداث صندوق تأمين على فقدان مواطن الشغل وجميع هذه الإجراءات تدخل في مجال المؤسسة التي تعتبر مصدر رزق الأجير.

ولاحظ الوزير أن المعادلة الجديدة تمثل في  استقرار العمال الذي يؤدي إلى تحقيق العدل الاجتماعي، والعدل الاجتماعي يؤدي إلى تحقيق نمو حقيقي فالاستقرار الاجتماعي حسب قوله لا يتحقق بعمل محدد المدة في مواطن عمل قارة. وذكر أنه لا يمكن المواصلة في سياسة دعم الأجور والمواصلة في التضحية بالكفاءات فمسؤولية وزارة الشؤون الاجتماعية هي اعتماد مقاربة شاملة بما في ذلك الأمل في الحياة لأن قتل الأمل في المتخرجين من الجامعات ومراكز التكوين  يجعل الحل الوحيد الذي يبقى أمامهم هو مغادرة الوطن، واليوم تم بلوغ مرحلة الخطر في علاقة بهجرة الكفاءات إذ أن تونس تنتج الأدمغة وتصدرها ورغم أن الهجرة الانتقائية ممنوعة دوليا فإنها تطبق على حساب الدول المفقرة، وذكر انه اذا كان هناك استهداف لتونس فهو استهداف للقرار السيادي.

وبين وزير الشؤون الاجتماعية ردا على أسئلة النواب حول مدى الاستئناس بتجارب دولية أن تونس قادرة على وضع قوانين خاصة لمواطنيها دون اعتبار لجهات أجنبية، وذكر أن التعويل على الذات ليس شعارا بل هو دعوة الكافة للعمل والإصلاح. وأوضح أن علاقات العمل تقوم على التوازن وهو توازن غير احتسابي، بمعنى أنه لا يمكن احتسابه، وأشار إلى أن تطور قانون الشغل انطلق من قانون حمائي إلى قانون نظامي فقانون تفاوضي جماعي واليوم تطور إلى قانون توازن بين مصالح متعارضة، وهذا التوازن متغير في الزمن ومتغير حسب الأوضاع الاقتصادية فكلما احتاجت المؤسسة إلى مساعدة تقع مساعدتها وكلما احتاج العامل إلى مساعدة تتم مساعدته، وبين أن العامل غير المترسم يواجه صعوبات عديدة إذ لا يمكنه الحصول على قرض، وليس هذا فقط إذ يتم رفض طلبه عندما يتقدم إلى خطبة فتاة.

ولاحظ الوزير أن الشعب التونسي ينتظر هذا القانون لذلك لا يمكنه أن يطلب تأجيل النظر فيه، فالمسألة على حد وصفه لا تحتمل التأخير. ودعا المجلس النيابي إلى مواصلة النظر في كامل المشروع، وبين أنه عندما اطلع على مقترحات التعديل البالغ عددها 36 مقترحا لم يجد فيها رفضا للمشروع، وذكر أن عدد المقترحات يؤكد الأهمية التي يوليها النواب لهذا المشروع لكن لا بد من الانتباه من الإنزلاقات.

وقدم الأحمر لنواب الشعب تفاصيل حول مضامين مشروع القانون ودافع عن وجهة نظر جهة المبادرة، واعتبر أن أحكام المشروع فيها توازن فهي تحمي المؤسسة وتحمي العون أما بالنسبة إلى مسألة المناولة فالأحكام المتعلقة بها حسب وصفه واضحة وذكر أن عقود المناولة هي إخفاء لصفة المؤجر من قبل المؤسسة المستفيدة فمؤسسة المناولة هي أداة حجب لصفة المؤجر والشركة المستفيدة تستعمل أعوانا دون أن يكون لها صفة المؤجر فهي تتفصى من التزام صفة المؤجر والحال أن روح عقد الشغل هي التبعية القانونية وفي هذا الظرف تم حسب قوله بلوغ مرحلة فيها علاقة شغلية سطحية أو وهمية، وهو ما يحول دون ترسيم العامل فضلا عن التصريح بأجور دنيا وكل ذلك أدى إلى تحول المناولة إلى أداة لدفع أجور بخسة تتراوح بين 500 و600 دينار وهو ما دفع الشباب إلى الهجرة. وبين أنه عندما تتحول المناولة إلى اتجار باليد العاملة فيجب تجريمها وتترتب عن الجريمة عقوبات وحسب نص المشروع يجب أن تكون الجريمة قصدية وفي حالة العود تصبح العقوبة سجنية.

مجلس الحوار الاجتماعي

 وبين وزير الشؤون الاجتماعية أن مشروع القانون تم التداول بشأنه وأول جهة وجهت لها الحكومة نسخة من المشروع هي مجلس النواب  إذ بمجرد استكمال الأعمال القانونية للمشروع تمت إحالته في أقل من 24 ساعة  إلى مجلس النواب، وأضاف أن المجلس اختار الأطراف التي استمع إليها وهذا يرجع للسلطة السيادية للمجلس كما يرجع للقرار السيادي لمجلس النواب النظر في مشروع القانون لأنه لا يوجد نص آخر يرتب التزامات أو إجراءات لم يقع إقرارها بالدستور، وبالتالي فإن القول بالعرض الوجوبي على مجلس الحوار الاجتماعي لا يقيد مجلس النواب باعتباره وظيفة تشريعية مستقلة بذاتها تقرر ما تشاء في المجال التشريعي، كما أن مجلس الحوار الاجتماعي حسب قوله مغلق فعليا منذ أكثر من ثلاث سنوات، إذ وفرت الوزارة المقرات والإطار الإداري وقامت بالتعيينات وانطلقت الجلسة الأولى والثانية ثم تمت إحالة الرئاسة للطرف الاجتماعي ولكن الطرف الاجتماعي لم يعقد أي جلسة ولم يطلب تجديد الأعضاء ولم يقدم مترشحين إلى حد هذا التاريخ. وفسر أن تركيبة مجلس الحوار الاجتماعي سقطت، ولم تتلق الوزارة أي طلب لتجديدها. وذكر أن الحوار الاجتماعي موجود إذ هناك يوميا جلسات مع الطرف الاجتماعي لفض النزاعات أو للمفاوضات حول الأجور. وتم في ماي الانطلاق في المفاوضات وسيتم عقد جلسات متواترة لتحديد الاتفاقية الإطار وأكد أنه لا يوجد أي إشكال في علاقة بمسالة الحوار الاجتماعي بل بالعكس هناك تعاون فني مع منظمة العمل الدولية لتنمية الحوار الاجتماعي وتطويره، وفي إطاره تعمل ثلاثة أطراف اجتماعية وهي الدولة ومنظمة الأعراف ومنظمة العمال.

وبخصوص الأحكام الانتقالية الواردة في مشروع القانون أوضح أنه لا يوجد فيها أثر رجعي. وخلص وزير الشؤون الاجتماعية إلى أنه منفتح على نقاش جميع مقترحات التعديل.

وإجابة عن أسئلة أخرى بين أن عمليات تعويض الأعوان الذين أحيلوا على التقاعد انطلقت، وأكد أنه سيتم القيام بانتدابات في العديد من القطاعات والمجالات وذلك تشجيعا للشباب. كما يجري العمل على تجديد الإدارة بفتح المجال للترقيات وللتداول على تحمل المسؤوليات، وفتح الباب للطاقات الشبابية بهدف ضخ دماء جديدة في المؤسسات العمومية.

 أما بخصوص ملف الحضائر ذكر الوزير أنه تمت مناقشته خلال مجلس الوزراء برئاسة رئيس الجمهورية وهناك بعض الإسقاطات المالية التي يجري القيام بها حاليا والمقصود بالإسقاطات المالية كيفية توزيع الأموال للتصرف في هذا الملف والأمر جاهز. وذكر أن من سنهم أقل من 45 سنة دفعة ثالثة تم الانطلاق في تسوية وضعياتهم ومن تفوق أعمارهم 60 سنة تم الإذن منذ نوفمبر بصرف مستحقاتهم.

وإجابة عن سؤال حول منح العائلات المعوزة  وذكر أن قيمة منحة العائلات المعوزة تبلغ 260 دينارا بعد أن كانت في حدود 180 دينارا وتتمتع بهذه المنحة التي تصرف مباشرة من ميزانية الدولة 480 ألف عائلة.

ويذكر أنه بعد الاستماع إلى ردود وزير الشؤون الاجتماعية تم رفع الجلسة العامة لمجلس نواب الشعب ثم وقع استئنافها لاحقا لتتواصل إلى وقت متأخر من الليل للتصويت على العديد من مقترحات التعديل المقدمة من قبل النواب، و على أحكام مشروع القانون المتعلق بتنظيم عقود الشغل ومنع المناولة.

سعيدة بوهلال

في جلسة عامة برلمانية..   النظر في مشروع قانون تنظيم عقود الشغل ومنع المناولة

 

- اقتراح تشكيل لجنة برلمانية لمراقبة تنفيذ أحكام القانون الجديد في القطاعين العام والخاص

نقاش مستفيض حظي به مشروع القانون المتعلق بتنظيم عقود الشغل ومنع المناولة خلال الجلسة العامة لمجلس نواب الشعب المنعقدة طيلة يوم أمس 20 ماي 2025 بقصر باردو بحضور وزير الشؤون الاجتماعية عصام الأحمر. فقبل المرور للتصويت على هذا المشروع، تداول على المصدح عدد كبير من النواب للحديث عن مضامينه،  وعبر أغلبهم عن ارتياحهم لتمرير هذا المشروع التاريخي واصفين إياه بأنه الخطوة الأولى في اتجاه تجسيم الثورة التشريعية التي ينتظرها التونسيون منذ 25 جويلية،  لأنه جاء من أجل إنصاف الفئات التي عانت عقودا طويلة من الظلم والتهميش وشتى أشكال التشغيل الهش..

ودعا بعضهم إلى ضرورة الحرص على تحقيق التوازن المنشود بين ضمان حقوق العمال من ناحية وبين المحافظة على ديمومة المؤسسات ومواطن الشغل من ناحية أخرى، في حين هناك من طلب إرجاع المشروع المذكور إلى لجنة الصحة والمرأة والأسرة والشؤون الاجتماعية وذوي الإعاقة بهدف مزيد التعمق في دراسة مقترحات التعديل التي أدخلها أعضاء اللجنة على نص المشروع الأصلي المقدم من قبل رئيس الجمهورية، لكن هذا الطلب جوبه بانتقادات لاذعة، وهناك من تساءل عن سبب تغييب الأطراف الاجتماعية الممثلة للشغالين في دراسة مشروع قانون يهم بدرجة أولى العمال. ومن المطالب الأخرى التي تم تقديمها خلال الجلسة الاعتراف بخصوصيات بعض المهن مثل الحراسة والتنظيف واعتبارها مهنا شاقة تقتضي وضع نظام تقاعد خاص بها. وشدد العديد من النواب على ضرورة تسوية الوضعيات المهنية لجميع الأعوان العاملين في الوزارات والدواوين والمصالح التابعة للحكومة وفتح ملف الاعتمادات المفوضة في وزارة الداخلية وهناك من تساءل عن مصير عمال بعض الهيئات الوطنية.

النصوص الترتيبية

النائبة عن كتلة الأمانة والعمل أسماء الدرويش ترى أن مشروع القانون المتعلق بتنظيم عقود الشغل ومنع المناولة بعد المصادقة عليه من قبل مجلس نواب الشعب  لن يكتمل أثره القانوني والعملي إلا بإصدار أوامره الترتيبية التي تترجم أحكامه إلى إجراءات واضحة وملزمة للإدارة. وطالبت وزير الشؤون الاجتماعية بالالتزام الصريح والواضح أمام المجلس النيابي بتضمين هذه الأوامر في تراتيب دقيقة تعالج وضعية أصحاب الشهائد العليا الذين يشتغلون حاليا بصفة فعلية في المؤسسات المعنية دون تمتيعهم بحقوقهم المهنية كاملة وعلى رأسها الترسيم في الخطط التي يشغلونها فعليا. وبينت النائبة أن التسوية العادلة لم تعد مسألة تفاوضية بل هي ضرورة قانونية وأخلاقية واجتماعية خاصة وأن هذا القانون الجديد يكرس مبدأ المساواة والعدالة في التشغيل داخل المؤسسات. ويجب أن يشمل إصدار الأوامر الترتيبية حسب قولها آليات واضحة لتسوية هذه الوضعيات في آجال محددة لا تتجاوز بضعة أشهر من دخول القانون حيز النفاذ. ولفتت الدرويش نظر الوزير للاتفاقيات السابقة سواء المبرمة مع الشركاء الاجتماعيين أو في إطار التراتيب الداخلية والتي قد تتعارض مع القانون الجديد. وذكّرته بواجب احترام مبدأ التسلسل الهرمي للقواعد القانونية فالقانون أعلى مرتبة من الاتفاقيات وهو ما يقتضي تضمين الأوامر الترتيبية أحكاما انتقالية تحدد بوضوح مصير تلك الاتفاقيات إما بإلغائها في حالة تعارضها مع القانون الجديد أو بتكييفها مع مقتضيات هذا النص، وبينت النائبة أن المطلوب ليس إصدار أوامر ترتيبية شكلية بل لابد من أوامر فيها إجراءات ناجعة تحقق آمال أصحاب الشهادات العليا الذين خدموا مؤسسات الدولة دون أن يتمتعوا بحقوقهم. وترى أنه من غير المقبول بعد صدور القانون  أن تتواصل الوضعيات الهشة وأن يبقى تطبيقه رهين التأويل أو التباطؤ الإداري. وطالبت بالتزام واضح يضمن تحقيق أهداف القانون في الآجال المعقولة ويعيد الثقة في مؤسسات الدولة.

ثورة تشريعية

وقال النائب غير المنتمي إلى كتل هشام حسني إنه بتمرير مشروع القانون المتعلق بتنظيم عقود الشغل ومنع المناولة بدأت الثورة التشريعية فهو حسب وصفه قانون ثوري لحماية العمال. وذكر أنه بحكم انتمائه الإيديولوجي والنقابي لا يسعه إلا أن يثمن هذا القانون ويصطف إلى جانب العمال بالفكر والساعد، كما يثمن حماس بعض النواب في تجويد مشروع هذا القانون من خلال تقديم عدة مقترحات تعديل وهي مقترحات تضمن جزءا كبيرا من حق العمال لكن حسب رأيه يجب عدم التسرع. وفسر حسني أنه كان لابد في نص المشروع الأصلي من التمييز بين المناولة وإسداء الخدمة وكان من المفروض القيام بعملية اتصالية لتوضيح المفهومين للشعب التونسي. وأضاف أن مقترحات التعديل التي تم تقديمها من قبل عدد من النواب هي مقترحات ايجابية لكن لابد من فهم تداعياتها. ويرى النائب أن مقترحات التعديل يجب أن تكون مبنية على معطيات وأرقام. وتساءل حسني عن تداعيات تلك المقترحات على المستوى المالي والاجتماعي والاقتصادي. وذكر أن مقترحات التعديل لابد من دراستها بتأن وفي إطار توفر معطيات دقيقة، لأن الحكومة عندما قدمت المشروع في صيغته الأصلية للمجلس النيابي كان ذلك بناء على دراسات وأرقام وإحصائيات وفرتها الإدارة ومن غير المنطقي أن يتم لاحقا تقديم مقترح تعديل دون دراسته. ولاحظ أن هناك الكثير من التسرع في تمرير المشروع واستدرك قائلا: هناك فعلا وضعية عمل هشة يجب القطع معها نهائيا ويجب تنزيل أحكام الدستور المتعلقة بالعمل اللائق والأجر العادل بل الأجر المجزي ولكن لا يمكن التعاطي مع مقترحات التعديل بالعاطفة، ونبه النائب إلى أنه في الواقع من غير الممكن تطبيق الشعار ودعا بقية أعضاء المجلس النيابي إلى مراعاة الواقع والتدرج في تغييره. وتساءل الوزير إن كانت مقترحات التعديل المقدمة من قبل النواب تتضارب مع نصوص أخرى وذكر أن هذه النقطة مهمة جدا حتى لا تقع مواجهة مشكل في تطبيق القانون الجديد لاحقا. ولاحظ أن هناك أناسا مستعدون لبيع البلاد وإغراقها وغلق المؤسسات وتساءل إن كان قد تم إعداد مشروع نص قانون لحماية العمال من البطالة القسرية وأضاف أنه يجب سن قانون جديد في هذا الشأن، قانون يساير تطبيق قانون تنظيم عقود الشغل ومنع المناولة. واقترح النائب هشام حسني على وزير الشؤون الاجتماعية وعلى النواب إعادة المشروع بصفة وقتية إلى لجنة الشؤون الاجتماعية من أجل مزيد التعمق في دراسة مقترحات التعديل حفاظا على حقوق العمال وكذلك تنقيح النصوص التشريعية ذات الصلة. ودعا الحكومة إلى تقديم أرقام دقيقة لنواب الشعب لتمكينهم من فهم تداعيات هذا القانون لأن من عانوا من التشغيل الهش وصبروا سنوات لن يقلقهم الانتظار شهرا آخر لأن المهم في النهاية هو ضمان حقوقهم بصفة فعلية.

الدولة الاجتماعية

وبين النائب عن كتلة صوت الجمهورية عادل ضياف أن الدستور كرس الحق في العمل اللائق والأجر العادل. وأضاف أنه بعد الاحتفال في تونس مؤخرا بذكرى الجلاء الزراعي، سيتم الاحتفال بذكرى الجاثمين على صدور الكادحين والمفقرين، وذكر أنه لا يمكن البناء والتشييد دون الدفاع عن العمال ودون خلق مناخ عمل ملائم للعامل. وأضاف إن من لم يصوت على مشروع القانون المتعلق بتنظيم عقود الشغل ومنع المناولة لن يرحمه التاريخ لأن كل العمال ينتظرون المصادقة عليه. وأضاف النائب أن رئيس الجمهورية أكد على ضرورة القطع مع كل منوال تشغيل هش وكل استعباد للإنسان فهي بالتالي مسألة إنسانية بامتياز ولابد من أن يكون النواب في مستوى اللحظة التاريخية وأن يعملوا على القطع مع جميع أشكال التشغيل الهش. وبين أن القانون الجديد هو قانون ثوري يساعد على بناء دولة اجتماعية دولة فيها عدالة اجتماعية متوازية مع العدالة الاقتصادية. وخلص ضياف إلى مطالبة أعضاء مجلس نواب الشعب بالتصويت لفائدة المفقرين والمهمشين. وذكر أنه يشاهد كل يوم هؤلاء العمال في محطات النقل على الساعة الرابعة صباحا وهم في انتظار الاتجاه إلى مقرات العمل. ووصف الجلسة العامة المنعقدة أمس للنظر في مشروع قانون من شأنه أن ينصف العمال بالجلسة التاريخية.

الوفاء للعمال

النائبة سوسن مبروك عن كتلة الأحرار وجهت تحية شكر لرئيس الجمهورية الذي رفع شعار الثورة التشريعية وجسده في مشروع القانون المتعلق بتنظيم عقود الشغل ومنع المناولة. ووصفت هذا المشروع بالثوري الذي ينسجم مع تطلعات الشعب التي عبر عنها في دستور 25 جويلية 2022 والذي يؤسس لتكريس مبادئ العدل والإنصاف وفق الاتفاقيات الدولية والمبادئ الكونية ولتحقيق العدالة الاجتماعية والكرامة الوطنية والقضاء على كل مظاهر الحيف والغبن. كما شكرت النائبة أعضاء لجنة الشؤون الاجتماعية لتفانيهم في دراسة هذا المشروع من أجل تحقيق ما نادى به الشعب التونسي، وترحمت على الدكتور نبيه ثابت رئيس هذه اللجنة الذي كان داعما لهذا المشروع ومساندا له ومدافعا عنه. وأضافت قائلة:«نرفع اليوم صوتنا كما ترفع الأرض سنابلها إلى السماء تحية للإنسان العامل ذلك الذي تلونت كفاه بلون التراب، وعرقه ماء للبقاء، وصمته لغة الكرامة، فالعامل هو جوهر الإنسان وفاعل التاريخ وهو الذي يعيد بعث الوطن كل صباح ويزرع في الحجر حياة ونحن ننتصر للإنسان العامل وللفلاح الذي يحرس المواسم وللمعلم الذي ينقش الحروف في ذاكرة الناشئة وللأم التي تبني جيلا في صمتها المثقل».  وعبرت عن رغبتها في أن يقع من خلال القانون الجديد نقل العمال من موقع الاحتجاج إلى موقع القرار ومن خانة الرفض إلى موقع البناء فهم قلب الوطن النابض وشمسها المشرقة وذراعها البانية، وأكدت وفاءها للعمال والتزامها بالدفاع عن حقوقهم لإيمانها بأن حرية الوطن تبنى على أكتافهم وبأن النصر يبدأ عندما ترفع يد العامل.

 وأضافت النائبة سوسن مبروك أن هذا المشروع أعاد الأمور لنصابها وجعل الأصل في الأشياء هو عقد الشغل غير محدد المدة ومنع مختلف أشكال مناولة اليد العاملة وجرمها مما يجعله دون شك أهم إصلاح يقع إدخاله على مجلة الشغل منذ اعتمادها سنة 1966. وثمنت النائبة سوسن مبروك جميع مقترحات التعديل المقدمة من طرف النواب والتي من شأنها أن تحول دون الانحراف بتأويل فصول القانون وتفرغه من مضمونة في ما يتعلق بفترة التجربة المنصوص عليها بالمشروع وكذلك اعتبار أعوان الحراسة والتنظيف عمال مناولة استنادا لديمومة ممارسهم لنشاطهم صلب المؤسسات، ودعت إلى التفكير الجدي في الترفيع في الأجر الأدنى للعامل نظرا لارتفاع تكلفة العيش. وأكدت على ضرورة أن يشمل مشروع هذا القانون الثوري العمال في القطاع الخاص وكذلك في المنشآت والمؤسسات العمومية، مع العمل على دعم المؤسسات الاقتصادية لضمان ديمومتها وترى أنه لابد من خلق الثروة والرفع من مستوى النمو الاقتصادي من أجل ضمان حق العمال، ويكون ذلك على حد قولها من خلال تقديم مجلة الاستثمار ومجلة الصرف برؤية واقعية محفزة وداعمة لتحقيق الثورة التشريعية. وتطرقت مبروك إلى ملف يهم جهتها وأشارت في هذا السياق إلى أن عمال الآلية 16 بمدنين يطالبون بتسوية وضعياتهم وإنصافهم على غرار ما حصل مع زملائهم في بعض الولايات الأخرى، كما دعت إلى تسوية وضعية الأستاذة العرضيين بالمعاهد العليا للدراسات التكنولوجية وخلصت إلى أنه من حق العامل التونسي أن يعيش فوق أرض تونس وتحت شمسها بكرامة وعزة فكرامة التونسي حسب تعبيرها استحقاق إنساني ودستوري لا حياد عنه وحفظها واجب وطني مقدس. 

التعويل على الذات

 النائب عن كتلة لينتصر الشعب علي زغدود قال إنه باسم كتلته يهدي القانون المتعلق بتنظيم عقود الشغل ومنع المناولة لأبطال الحركة العمالية بتونس وشهدائها الذين سطروا أروع الملاحم دفاعا عن حقوق العمال والكادحين ودفاعا عن حرية الوطن والمواطن وعلى رأسهم البطل الخالد محمد علي الحامي والشهيد فرحات حشاد والمناضل بلقاسم القناوي وغيرهم من الرجال والنساء الذين ضحوا بأرواحهم من أجل العدل والحرية والكرامة الوطنية. وأضاف أنه في هذا اليوم الخالد يقول عاشت نضالات الشعب وقواه العاملة، ووصف القانون الجديد بالخطوة العملاقة في طريق تحرير قطاعات واسعة من العمال والكادحين من الاستغلال، ومن العمل الهش ومن عبودية رأس المال وجشعه. وبين أن كتلة لينتصر الشعب تنتصر للعمال والكادحين والمهمشين وتدعم أي خطوة في اتجاه إنصافهم وتمكينهم من حقوقهم. وقال النائب إن هذا القانون يجب ألا يكون حلقة معزولة بل يجب أن يرافقه تغيير في السياسات العامة للدولة بما يمكن من إرساء اقتصاد منتج للثروة لأنه دون نسب نمو عالية تخلق مواطن الشغل سيكون هذا القانون مجرد ملف في مكاتب الحكومة، ولن يكون له أثر على حياة العمال والكادحين والمهمشين والمعطلين. ودعا إلى ضرورة الاستعداد لتلافي جميع تداعيات هذا القانون المحتملة لتلافي إعادة سيناريو قانون الشيكات الذي كان مطلبا شرعيا لكن في غياب شمولية الرؤية وغياب دوائر القرار الاستراتيجي في الدولة التي تدرس الفرص والمخاطر ونقاط الضعف والقوة وتحاول تلافي المخاطر أدى تمرير هذا القانون إلى بروز إشكاليات خاصة أمام تمرد الجهاز البنكي بتونس.

ويرى زغدود أن سياسة التعويل على الذات هي جوهر مشروع التنمية المستقلة التي تعني اعتماد المجتمع على نفسه وعلى قدراته الخاصة، وبالتالي فإن القدرات حسب تعبيره هي قدرات أفراده وبذلك يكون الإنسان في قلب ساحة الفكر والحركة فهو صانع التنمية وهدفها في آن واحد. وفسر أن التنمية تتسارع إذا توفر العمل المنتج لكل مواطن، وبارتفاع إنتاجية العمل يصبح توفير الصحة والشغل والنقل والسكن أمر ممكن. وبين أن التنمية المستقلة هي عمل ثوري بالمعنى العلمي لأن طريق التنمية المستقلة يبدأ بتمكين القوى الشعبية وعموم المحرومين من السلطة، وتوظيف التنمية لخدمة مصالح الأغلبية الشعبية وهو ما يجب العمل عليه اليوم من قبل الجميع. وخلص النائب علي زغدود إلى أنه لا يمكن الاستهانة بالقانون المتعلق بتنظيم عقود الشغل ومنع المناولة  فهو انجاز يتم تحقيقه في تونس  في ظل وضع دولي وتوحش الرأسمالية التي تعمل على فرض أنظمة جديدة أكثر توحشا غربا وشرقا بتطوير أدوات السيطرة الاجتماعية والقمع حيث تجري اليوم مأسسة الإجرام وما الحركة الصهيونية وأداتها المسماة بإسرائيل إلا جهاز من أجهزة التوحش الرأسمالي العالمي. وقدم النائب تحية للشعب الفلسطيني وعماله وكادحيه لأن هذا الشعب يقود ثورته العظيمة وذكر أنه من خلالهم يحيي كل عمال العالم معتبرا أن هذا القانون الجديد هو لبنة في نضال الشعوب المضطهدة ونضال الكادحين من أجل عالم أكثر عدلا وإنصافا.

إنصاف الكادحين

وفي نفس السياق بين الفاضل بن تركية النائب عن الكتلة الوطنية المستقلة أن القانون المتعلق بتنظيم عقود الشغل ومنع المناولة يفرض المساواة والعدالة. وأضاف أن الثورة التشريعية تبدأ من خلال المصادقة عليه فهو أحد أهم القوانين التي ينتظرها أبناء الشعب الكريم وبناته، وهو قدمه رئيس الجمهورية وتبناه مجلس نواب الشعب بأغلب أعضائه، وعبر عن أمله في أن يكون هذا القانون الجديد بداية إنصاف كل الكادحين والعاملين والمهمشين والذين ظلموا طيلة سنوات جراء عقود الشغل الهشة والأوضاع المهنية غير اللائقة.

 ودعا بن تركية وزير الشؤون الاجتماعية للاهتمام بمشاغل المتقاعدين لأن هذا الموضوع لا يقل أهمية عن ملفات التشغيل الهش. ولاحظ أن المتقاعد الذي بذل 30 سنة و35 سنة في العمل من أجل هذا الوطن يجد نفسه مهمشا. وذكر أنه كان في السابق رئيسا للجمعية العامة للمتقاعدين لذلك هو يدرك وضعية المتقاعدين عن كثب، فالمتقاعد في تونس ومقارنة بالدول الأخرى يجد نفسه بعد إنهاء فترة العمل في المنزل إذ لا يوجد أي اهتمام به من قبل الدولة. وطالب النائب بتوفير أبسط الخدمات للمقاعد حتى لا يجد نفسه محاصرا في منزله بحكم أن الجراية التي يتحصل عليها لا تكفي حتى للاستجابة إلى حاجياته المنزلية فما بالك بالحاجيات الصحية. وثمن النائب مشروع القانون المعروض على الجلسة العامة وطالب في المقابل بالالتفات لفئة المتقاعدين الذين يفوق عددهم 1250000 متقاعد.

استرجاع الحقوق

النائب يوسف طرشون عن كتلة الخط الوطني السيادي تحدث بكثير من الحماس عن مشروع القانون المتعلق بتنظيم عقود الشغل ومنع المناولة المعروض على أنظار الجلسة العامة، واستدل في مداخلته بأبيات شعر لأبي القاسم الشابي «فمن نام لم تنتظره الحياة»..،  وذكر أن الشعب التونسي استيقظ ذات 25 جويلية وتفطن لجميع أشكال الظلم والقهر،  وأضاف قائلا: «يا عمال تونس تحرروا وإنكم ستتحررون فهذه رسالة كتلة الخط الوطني السيادي  إليكم وهي الكتلة التي تناضل من أجل الجمهورية الديمقراطية الاجتماعية فنحن نؤمن بمبادئ الجمهورية نظام، حرية، عدالة.. والعدالة الاجتماعية في علاقة بالشغل هي أهم معطى».  وذكر  طرشون أن كتلته تعلن عن انحيازها للشغالين والعمال ولحقوقهم المضطهدة لمدة عقود وأضاف أن هذه الحقوق ستفتكّ بقوة القانون وستمزق كل التشريعات والقوانين البالية التي كرّست عبوديتهم وستسد الثغرات التي تركتها قوانينهم التي تعمدت وضع تلك الفراغات لكي يدخل من خلالها «المتحيلون والمستكرشون ومصاصو دماء الشعب التونسي». وأشار إلى أنه استمع إلى عدة حجج قدمها من هو ضد هذا القانون ومن أبرزها عدم وجود دراسة لآثاره الاقتصادية والحال أن هذا القانون يهدف إلى تسوية وضعية الشغالين وليس للانتداب. وفسر أنه من خلال القانون الجديد سيتم إصلاح وضعيات شغلية لأناس يعملون في القطاعين العمومي أو الخاص وبالتالي هو لن يكلف الدولة موارد مالية إضافية ودعا إلى عدم مغالطة الشعب، وأضاف أنه  لا يريد بقاء السماسرة الذين يبتزون عرق العملة فالدولة تمنح العامل 2000 دينار لكن هذا الأخير  يحصل على 500 دينار فقط بحجة إخضاعه للتدريب وتمكينه من لباس العمل وغيرها من الحجج.

كما أوضح النائب يوسف طرشون أن المشروع المعروض على أنظار الجلسة العامة ليست فيه كلفة إضافية على الميزانية وكل ما في الأمر أنه سيمكن العمال من استرجاع حقوقهم وبين أنه يقول لمن يريدون تقنين المناولة ما هو ثمن كرامتكم  وهل أنهم مستعدون للتنازل عن كرامتكم مقابل مائة أو مائتي دينار؟. وخلص إلى أن البرلمان لا يشرع لهذه اللحظة وهو لا يسن القوانين تحت وطأة الواقع بل يشرع للتاريخ لأن القانون الجديد يمكن أن يستمر تطبيقه خمسين سنة. وخلص النائب عن كتلة الخط الوطني السيادي بعد دفاع مستميت عن مشروع القانون أنه يقول  لكل من يدعي أنه في صورة ترسيم العامل سيصبح هذا العامل متواكلا أن هذا الكلام غير أخلاقي، وبين أن من يطالب بتأجيل النظر في المشروع عليه أن يدرك بكل وضوح أن اللجنة نظمت أكثر من جلسة للنظر في مقترحات التعديل وأن آخر جلسة استمرت إلى الساعة الواحدة ليلا وتم نقاش جميع الفصول ومقترحات التعديل، وبالتالي فمن يريد التأجيل يقول له نوما هنيئا فهناك أناس ينتظرون من البرلمان تمرير هذا القانون من أجل استرجاع كرامتهم. وذكر أن الظلم والقهر الذي تعرض له هؤلاء العمال موثق في تقارير وطالب بتتبع من ظلموا العمال وجبر ضرر هؤلاء العمال الذين تعرضوا للطرد والتعسف والإهانة، كما أوصى بتفعيل النصوص الترتيبية للقانون بشكل سريع وطالب رئيس المجلس النيابي بتشكيل لجنة برلمانية لمتابعة تطبيق هذا القانون حتى لا يبقى حبرا على ورق. وبين أنه سيتابع وضعيات المعنيين بالقانون الذين تعرضوا منذ نشر المشروع إلى الطرد وتعهد طرشون بأنه سيواصل مساندتهم حتى وإن كلفه الأمر الاعتصام معهم في الشوارع. وقال يجب تطبيق القانون الجديد بالكيفية المطلوبة في القطاع العام والمنشآت العمومية قبل القطاع الخاص لأنه من واجب الدولة تحرير البشر. وأضاف أن هذا القانون هو قانون تاريخي ستعلم تونس العالم من خلاله أن حق العامل لا يباع ولا يشترى مثلما علمته سابقا عندما منعت العبودية أن الإنسان لا يباع ولا يشترى.

دعم الرقابة

أما النائب غير المنتمي إلى كتل فوزي دعاس فقد بين أن نقاش مشروع القانون المتعلق بتنظيم عقود الشغل ومنع المناولة، لا يأتي في سياق تقني بحت بل هو يعبر عن تحول نوعي في مسار التشريع في تونس وجاء استجابة لصوت طالما ارتفع من ميادين العمل ومن ساحات الاحتجاج للمطالبة بالعدالة والكرامة. وذكر أن المجلس النيابي ليس بصدد نقاش قانون عادي بل هو أمام خطة تشريعية تحمل أبعادا أخلاقية واجتماعية واقتصادية وتضع النواب أمام مسؤولياتهم التاريخية لتصحيح مسار استخدمت فيه المناولة على مدى سنوات لتفكيك الحقوق الأساسية للعمال. ولاحظ أن بعض التقارير ومن بينها تقارير صادرة عن المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية كشفت أن قرابة 30 بالمائة من العمال في تونس يشتغلون في ظروف هشة دون تغطية اجتماعية وعقود قانونية وأغلبهم يخضعون لصيغ التشغيل عبر شركات مناولة. وبين أن المناولة في تونس تحولت من وسيلة مؤقتة لسد حاجيات ظرفية إلى آلية ممنهجة لضرب استقرار الشغل ووسيلة لتحرير أرباب العمل من مسؤولياتهم القانونية والاجتماعية وقد سبق لمنظمة العمل الدولية أن أكدت أن أشكال التشغيل الهش ومنها المناولة تقوض الأمن الوظيفي وتخلق تفاوتا اجتماعيا حادا وتضعف قدرات الاقتصاد على تحقيق التنمية المستدامة. ويرى دعاس أن منع المناولة يعد خطوة جريئة وثورية ومطلبا طالما نادت به النقابات والهيئات الحقوقية وهو لبنة أساسية لبناء منظومة قانونية عادلة تعلي من شأن الكرامة الإنسانية غير أن نجاح هذا القانون لن يتحقق بمجرد المصادقة عليه بل بمدى جدية تفعيله على أرض الواقع. ويتطلب ذلك على حد قوله آليات رقابة صارمة ومكثفة خاصة في القطاع الخاص لضمان احترام مقتضياته وعدم التحيل عليها تحت مسميات أخرى.

وبين النائب فوزي دعاس أن تفعيل القانون الجديد يتطلب تعزيز أجهزة التفقد ومراقبة الشغل خاصة في القطاع الخاص، وتبسيط آليات التقاضي وتسوية النزاعات الشغلية، وضبط خطة اتصالية وتوعوية موجهة للمؤسسات وللمواطنين يتم من خلالها شرح مضامين القانون. وأكد أن دور الدولة في ضمان العدالة الاجتماعية لا يقتصر على سن القوانين بل يمتد إلى صياغة رؤية وطنية إستراتيجية قائمة على الإنصاف تتضمن حلولا آنية وأهدافا متوسطة وطويلة المدى، واليوم هناك فرصة تاريخية لإعادة رسم العلاقة بين العمل والكرامة وبين الاقتصاد والعدالة.

وزير الشؤون الاجتماعية: عهد المناولة ولّى وانتهى

قال عصام الأحمر وزير الشؤون الاجتماعية إن زمن المناولة انتهى وولى،  وأضاف مساء أمس خلال الجلسة العامة المنعقدة بمجلس نواب الشعب  بباردو للنظر في مشروع القانون المتعلق بتنظيم عقود الشغل ومنع المناولة، أنه على مستوى الوظيفة العمومية لا يوجد عدد كبير من العقود محددة المدة نظرا لأن هناك مراقبة،  وبين أنه ستتم تسوية وضعية العاملين في الوظيفة العمومية لأن الدولة لا تقبل على نفسها الإبقاء على وضعيات استضعاف اجتماعي.

وفسر أن القطاع العام له إطار قانوني ينظم عقود الشغل محددة المدة والعمل الوقتي ومجال تسوية الوضعية يتم بنص ترتيبي وبالتالي لا يمكن تعديل الأمر الترتيبي بقانون لذلك تم إعداد مشروع أمر سيشمل جميع الأعوان بالمؤسسات العمومية والقطاع العام والوظيفة العمومية فالحقوق على حد وصفه لا تخضع للتفصيل ولا للمفاوضات ومن يثبت حقه يتم ترسيمه .

وذكر أن رئيسة الحكومة وجهت تعليمات لكافة المؤسسات والمنشآت العمومية للإبقاء على وضعية الأعوان على ما هي عليه إلى غاية صدور أمر من شأنه إصلاح هذه الوضعية مع منع العقود الجديدة.

وتعقيبا على استفسارات النواب أوضح الوزير أن مشروع القانون المتعلق بتنظيم عقود الشغل ومنع المناولة حظي بأهمية قصوى على جميع المستويات وأصبح محل متابعة من قبل كل الشعب وهو مبادرة من رئيس الجمهورية لإحداث ثورة تشريعية حقيقية تستجيب لتطلعات الشعب. ولاحظ أن الثورة التشريعية لا يمكن أن تكون بحلول تلفيقية وتوفيقية لأن هذه الحلول منقوصة فهي في ظاهرها حلول لكنها في حقيقة الأمر مسكنات واليوم انتهى وقت المسكنات وحان وقت العلاج وآن الأوان لوضع حد للاستغلال بكل مظاهره.

وأضاف وزير الشؤون الاجتماعية أن المشروع يندرج في إطار تحقيق العدالة الاجتماعية الشاملة، وفسر أن العدالة الاجتماعية هي مفهوم اقتصادي اجتماعي يحث على خلق الثروة ويضع لها قواعد عادلة في التوزيع. وذكر أنه خلال اللقاء الأخير الذي جمعه برئيس الجمهورية أكد الرئيس على مسألة النمو، وأوضح ردا على النواب الذين طالبوا بضمان المحافظة على ديمومة المؤسسات أنه في علاقة بسياسة الدولة لا يتم السعي للحفاظ على ديمومة المؤسسة وإنما على تحقيق الثروة، وخلق الثروة يستوجب التوزيع العادل.

لا للتواكل

وتفاعلا مع النواب الذين شددوا على ضرورة نبذ التواكل أشار عصام الأحمر وزير الشؤون الاجتماعية إلى أنه لا مجال للتواكل وأضاف أنه يمكن تقديم مساعدات ظرفية لكن لا يمكن البقاء في مكان مريح والعيش على المساعدات وهذا خيار أساسي للدولة وذلك مع منع تأبيد الفقر، وتتمثل المقاربة المعتمدة في إخراج الناس من الفقر وهذه المقاربة تجد صدى لها على مستوى دولي، وتحديدا لدى منظمة العمل الدولية وبين أن هذه المنظمة ستعقد عما قريب قمة سيتم خلالها النظر في محورين يتعلق المحور الأول بعقد اجتماعي جديد أما المحور الثاني فيتعلق بالحق في العمل. ويرى الوزير أنه لا حق في العمل دون خلق الثروة ودون مؤسسات، ولا مؤسسات دون رأس مال بشري.

وأشار الأحمر إلى أهمية التوازن الذي يؤدي إلى الحد من تفقير الطبقة العمالية، وذكر أن هناك من النواب من طالبوا بالترفيع في الأجر الأدنى وهذا مطلب مشروع لكن  كيف يمكن الترفيع في الأجور وهل يتم ذلك بالقروض؟ وأجاب عن هذا السؤال بالإشارة إلى أن القروض السابقة صرفت في الزيادات الوهمية في الأجور. وأكد أن المقاربة التي تعتمدها الحكومة تقوم على دفع نمو المؤسسة فنمو المؤسسة هو أحد مكونات العدالة الاجتماعية، كما أن هذه المقاربة تشجع على العمل وأكد أنه لا توجد محكمة لتصفية الحسابات بل تم تشجيع المؤسسات حيث وقع منح عفو اجتماعي لكافة المؤسسات وطرح خطايا وإقرار عفو جبائي وإحداث صندوق تأمين على فقدان مواطن الشغل وجميع هذه الإجراءات تدخل في مجال المؤسسة التي تعتبر مصدر رزق الأجير.

ولاحظ الوزير أن المعادلة الجديدة تمثل في  استقرار العمال الذي يؤدي إلى تحقيق العدل الاجتماعي، والعدل الاجتماعي يؤدي إلى تحقيق نمو حقيقي فالاستقرار الاجتماعي حسب قوله لا يتحقق بعمل محدد المدة في مواطن عمل قارة. وذكر أنه لا يمكن المواصلة في سياسة دعم الأجور والمواصلة في التضحية بالكفاءات فمسؤولية وزارة الشؤون الاجتماعية هي اعتماد مقاربة شاملة بما في ذلك الأمل في الحياة لأن قتل الأمل في المتخرجين من الجامعات ومراكز التكوين  يجعل الحل الوحيد الذي يبقى أمامهم هو مغادرة الوطن، واليوم تم بلوغ مرحلة الخطر في علاقة بهجرة الكفاءات إذ أن تونس تنتج الأدمغة وتصدرها ورغم أن الهجرة الانتقائية ممنوعة دوليا فإنها تطبق على حساب الدول المفقرة، وذكر انه اذا كان هناك استهداف لتونس فهو استهداف للقرار السيادي.

وبين وزير الشؤون الاجتماعية ردا على أسئلة النواب حول مدى الاستئناس بتجارب دولية أن تونس قادرة على وضع قوانين خاصة لمواطنيها دون اعتبار لجهات أجنبية، وذكر أن التعويل على الذات ليس شعارا بل هو دعوة الكافة للعمل والإصلاح. وأوضح أن علاقات العمل تقوم على التوازن وهو توازن غير احتسابي، بمعنى أنه لا يمكن احتسابه، وأشار إلى أن تطور قانون الشغل انطلق من قانون حمائي إلى قانون نظامي فقانون تفاوضي جماعي واليوم تطور إلى قانون توازن بين مصالح متعارضة، وهذا التوازن متغير في الزمن ومتغير حسب الأوضاع الاقتصادية فكلما احتاجت المؤسسة إلى مساعدة تقع مساعدتها وكلما احتاج العامل إلى مساعدة تتم مساعدته، وبين أن العامل غير المترسم يواجه صعوبات عديدة إذ لا يمكنه الحصول على قرض، وليس هذا فقط إذ يتم رفض طلبه عندما يتقدم إلى خطبة فتاة.

ولاحظ الوزير أن الشعب التونسي ينتظر هذا القانون لذلك لا يمكنه أن يطلب تأجيل النظر فيه، فالمسألة على حد وصفه لا تحتمل التأخير. ودعا المجلس النيابي إلى مواصلة النظر في كامل المشروع، وبين أنه عندما اطلع على مقترحات التعديل البالغ عددها 36 مقترحا لم يجد فيها رفضا للمشروع، وذكر أن عدد المقترحات يؤكد الأهمية التي يوليها النواب لهذا المشروع لكن لا بد من الانتباه من الإنزلاقات.

وقدم الأحمر لنواب الشعب تفاصيل حول مضامين مشروع القانون ودافع عن وجهة نظر جهة المبادرة، واعتبر أن أحكام المشروع فيها توازن فهي تحمي المؤسسة وتحمي العون أما بالنسبة إلى مسألة المناولة فالأحكام المتعلقة بها حسب وصفه واضحة وذكر أن عقود المناولة هي إخفاء لصفة المؤجر من قبل المؤسسة المستفيدة فمؤسسة المناولة هي أداة حجب لصفة المؤجر والشركة المستفيدة تستعمل أعوانا دون أن يكون لها صفة المؤجر فهي تتفصى من التزام صفة المؤجر والحال أن روح عقد الشغل هي التبعية القانونية وفي هذا الظرف تم حسب قوله بلوغ مرحلة فيها علاقة شغلية سطحية أو وهمية، وهو ما يحول دون ترسيم العامل فضلا عن التصريح بأجور دنيا وكل ذلك أدى إلى تحول المناولة إلى أداة لدفع أجور بخسة تتراوح بين 500 و600 دينار وهو ما دفع الشباب إلى الهجرة. وبين أنه عندما تتحول المناولة إلى اتجار باليد العاملة فيجب تجريمها وتترتب عن الجريمة عقوبات وحسب نص المشروع يجب أن تكون الجريمة قصدية وفي حالة العود تصبح العقوبة سجنية.

مجلس الحوار الاجتماعي

 وبين وزير الشؤون الاجتماعية أن مشروع القانون تم التداول بشأنه وأول جهة وجهت لها الحكومة نسخة من المشروع هي مجلس النواب  إذ بمجرد استكمال الأعمال القانونية للمشروع تمت إحالته في أقل من 24 ساعة  إلى مجلس النواب، وأضاف أن المجلس اختار الأطراف التي استمع إليها وهذا يرجع للسلطة السيادية للمجلس كما يرجع للقرار السيادي لمجلس النواب النظر في مشروع القانون لأنه لا يوجد نص آخر يرتب التزامات أو إجراءات لم يقع إقرارها بالدستور، وبالتالي فإن القول بالعرض الوجوبي على مجلس الحوار الاجتماعي لا يقيد مجلس النواب باعتباره وظيفة تشريعية مستقلة بذاتها تقرر ما تشاء في المجال التشريعي، كما أن مجلس الحوار الاجتماعي حسب قوله مغلق فعليا منذ أكثر من ثلاث سنوات، إذ وفرت الوزارة المقرات والإطار الإداري وقامت بالتعيينات وانطلقت الجلسة الأولى والثانية ثم تمت إحالة الرئاسة للطرف الاجتماعي ولكن الطرف الاجتماعي لم يعقد أي جلسة ولم يطلب تجديد الأعضاء ولم يقدم مترشحين إلى حد هذا التاريخ. وفسر أن تركيبة مجلس الحوار الاجتماعي سقطت، ولم تتلق الوزارة أي طلب لتجديدها. وذكر أن الحوار الاجتماعي موجود إذ هناك يوميا جلسات مع الطرف الاجتماعي لفض النزاعات أو للمفاوضات حول الأجور. وتم في ماي الانطلاق في المفاوضات وسيتم عقد جلسات متواترة لتحديد الاتفاقية الإطار وأكد أنه لا يوجد أي إشكال في علاقة بمسالة الحوار الاجتماعي بل بالعكس هناك تعاون فني مع منظمة العمل الدولية لتنمية الحوار الاجتماعي وتطويره، وفي إطاره تعمل ثلاثة أطراف اجتماعية وهي الدولة ومنظمة الأعراف ومنظمة العمال.

وبخصوص الأحكام الانتقالية الواردة في مشروع القانون أوضح أنه لا يوجد فيها أثر رجعي. وخلص وزير الشؤون الاجتماعية إلى أنه منفتح على نقاش جميع مقترحات التعديل.

وإجابة عن أسئلة أخرى بين أن عمليات تعويض الأعوان الذين أحيلوا على التقاعد انطلقت، وأكد أنه سيتم القيام بانتدابات في العديد من القطاعات والمجالات وذلك تشجيعا للشباب. كما يجري العمل على تجديد الإدارة بفتح المجال للترقيات وللتداول على تحمل المسؤوليات، وفتح الباب للطاقات الشبابية بهدف ضخ دماء جديدة في المؤسسات العمومية.

 أما بخصوص ملف الحضائر ذكر الوزير أنه تمت مناقشته خلال مجلس الوزراء برئاسة رئيس الجمهورية وهناك بعض الإسقاطات المالية التي يجري القيام بها حاليا والمقصود بالإسقاطات المالية كيفية توزيع الأموال للتصرف في هذا الملف والأمر جاهز. وذكر أن من سنهم أقل من 45 سنة دفعة ثالثة تم الانطلاق في تسوية وضعياتهم ومن تفوق أعمارهم 60 سنة تم الإذن منذ نوفمبر بصرف مستحقاتهم.

وإجابة عن سؤال حول منح العائلات المعوزة  وذكر أن قيمة منحة العائلات المعوزة تبلغ 260 دينارا بعد أن كانت في حدود 180 دينارا وتتمتع بهذه المنحة التي تصرف مباشرة من ميزانية الدولة 480 ألف عائلة.

ويذكر أنه بعد الاستماع إلى ردود وزير الشؤون الاجتماعية تم رفع الجلسة العامة لمجلس نواب الشعب ثم وقع استئنافها لاحقا لتتواصل إلى وقت متأخر من الليل للتصويت على العديد من مقترحات التعديل المقدمة من قبل النواب، و على أحكام مشروع القانون المتعلق بتنظيم عقود الشغل ومنع المناولة.

سعيدة بوهلال