إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

لم تعد قادرة على الاستجابة لمقتضيات المرحلة.. إصلاح الصناديق الاجتماعية أولوية وفق إستراتيجية مستقبلية

 

- مقرر لجنة تنظيم الإدارة وتطويرها والرقمنة والحوكمة ومكافحة الفساد لـ«الصباح»:  المطلوب إما ميزانية تكميلية بوزارة الشؤون الاجتماعية أو إعادة النظر في أنظمة الضمان الاجتماعي

دعا رئيس الجمهورية قيس سعيد إلى ضرورة الإسراع بإصلاح الصناديق الاجتماعية بما من شأنه تفعيل الدور الاجتماعي للدولة في مختلف المجالات، وهو ما يمر في جانب كبير منه عبر الخدمات المتنوعة والمتفرعة للصناديق الاجتماعية.

أسدى رئيس الجمهورية لدى استقباله أول أمس بقصر قرطاج، وزير الشؤون الاجتماعية عصام الأحمر تعليماته بإيجاد صيغ جديدة تتعلق بتنويع مصادر تمويل الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والصندوق الوطني للتأمين على المرض، مؤكدا أن «الدّولة الاجتماعية والدّولة التي تحفظ كرامة مواطنيها هي الدولة التي ينشُدها الشعب التونسي وما ينشُده الشعب ويريد سيجد طريقه إلى التحقيق والتجسيد».

وأكّد رئيس الدّولة مُجدّدا على أنّ العدل والإنصاف هما المنشودان وعلى أنّ الاستثمار في ظلّ نظام عادل يحفظ حقوق العُمّال ويُنصفهم ويبعث فيهم الشعور بالأمان، كما أنّ الاستقرار سينمو بصفة حقيقية، فدون عدل اجتماعي ودون عدل على وجه العموم لن يستتبّ وضع ولن يستقرّ أمر.

وقد سبق لرئيس الجمهورية أن أكد خلال لقائه برئيسة الحكومة سارة الزعفراني الزنزري أو برؤساء الحكومة نجلاء بدون وأحمد الحشاني وكمال المدوري وفي مختلف لقاءاته مع وزير الشؤون الاجتماعية على ضرورة تكريس الدور الاجتماعي للدولة.

ويمثل تفعيل الدولة الاجتماعية أولوية في الخيار الذي اختاره رئيس الجمهورية من أجل تحقيق التطلعات وتحسين الخدمات المقدمة للمواطن التونسي. ولا يمكن بلوغ هذا الهدف المنشود وكسب التحدي دون إصلاح الصناديق الاجتماعية التي تظل أولوية لأهميتها في نجاح مختلف الاستراتيجيات المستقبلية لاسيما أن الحكومات المتعاقبة بعد الثورة فشلت في إصلاح هذه الصناديق الاجتماعية. 

وتمر الصناديق الاجتماعية على مدى سنوات ما بعد الثورة بأزمة مالية كانت لها العديد من الانعكاسات السلبية حيث يعاني كل من الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية من ديون متراكمة وخاصة تجاه الصندوق الوطني للتأمين على المرض.

كما أن الصندوق الوطني للتأمين على المرض «الكنام» يمر أيضا بأزمات مالية دفعته للإخلال بتعهداته والتزاماته تجاه منظوريه والمضمونين الاجتماعيين وتجاه عدد من المرافق مثل الصيدلية المركزية وغيرها.

وقد سبق وأن صرح وزير الشؤون الاجتماعية، عصام الأحمر، «إنه لا بد من إرساء منظومة جديدة تواكب تطلعات الدولة الاجتماعية الراعية لحقوق المواطن».

وأضاف، خلال ندوة اختتام مشروع التوأمة المؤسساتية حول «تعزيز نظام التقاعد وحوكمته» أن «منظومة الضمان الاجتماعي لم تعد قادرة، اليوم، على الاستجابة لمقتضيات المرحلة»، مشيرًا إلى أن مشروع التوأمة من شأنه تمكين الجانب التونسي من الإطلاع والانفتاح على تجارب جديدة».

وأفادت المكلفة بتسيير خلية الحوكمة بالصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية، درصاف العيادي، أن الصندوق في حاجة إلى موارد جديدة من أجل تمويله وإخراجه من حالة العجز التي يعيشها. وأضافت، «أنه من بين أهم التوصيات التي خلُص إليها مشروع التوأمة، ضرورة مراجعة النصوص القانونية في مجال التقاعد وتحسين نظام التقاعد للخروج من العجز المالي للصندوق».

كما اشتغل هذا المشروع على تعزيز الموارد البشرية وحماية المعطيات الشخصية ومكافحة الفساد وتجديد وتسهيل الإجراءات الإدارية وتقريبها من المواطن وتحسين العلاقة مع المنخرطين من خلال سياسة تواصلية جديدة.

وفي ظل الدعوات المتتالية إلى إصلاح الصناديق الاجتماعية باعتبارها من ضروريات المرحلة ومتطلباتها يقول مقرر لجنة تنظيم الإدارة وتطويرها والرقمنة والحوكمة ومكافحة الفساد بمجلس نواب الشعب بوبكر بن يحيى في تصريح لـ«الصباح» أن الصناديق تمر بعجز مالي كبير ولابد من إنقاذها لأن عدم الإسراع بإيجاد الحلول الجذرية قد يعمق من أزمتها.

كما أضاف محدثنا أنه تم سنة 2024 تسجيل عجز في الجرايات بالنسبة للصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية بلغ 990 مليون دينار، وبالنسبة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي فقط تم تسجيل عجز بـ1430 مليون دينار وذلك دون أن ننسى منحة رأس المال بعد الوفاة التي تعاني أيضا من عجز كبير.

وأضاف محدثنا أن الصندوق الوطني للتأمين على المرض يعاني بدوره من العجز الناتج عن تراجع عدد النشيطين وزيادة عدد المتقاعدين، مشيرا إلى أن المطلوب اليوم لتجاوز هذا العجز المالي إما عبر ميزانية تكميلية بوزارة الشؤون الاجتماعية أو إعادة النظر في أنظمة الضمان الاجتماعي من حيث نسبة المساهمة والتصريح الفعلي للأجور الحقيقية وسن الإحالة على التقاعد من أجل خلق توازن حسب كل نظام على حدة.

أما بالنسبة للصندوق الوطني للتأمين على المرض فيرى محدثنا أن العجز الذي يمر به هو عجز في السيولة فتغطية حاجيات المنخرطين أصبحت تتطلب وقتا طويلا ويقترح محدثنا لتجاوز هذه الوضعية إيجاد تطبيقة إعلامية في إطار الرقمنة تعمل بشكل حيني لتحويل المساهمات الخاصة بالمنخرطين من الصناديق الأم إلى الصندوق الوطني للتأمين على المرض.

وتبقى هذه بعض الحلول التي يمكن أن تطبق على المدى القريب مع إمكانية إضافة بعض الحلول الأخرى المستقبلية مثل إعادة النظر في الجانب الهيكلي بحيث يمكن أن يكون لهذه المؤسسات بعض الاستثمارات الخاصة بها أو الدخول للسوق المالية.

جدير بالذكر أنه حسب دراسة سابقة أنجزها المعهد التونسي للدراسات الإستراتيجية تبلغ نسبة المتقاعدين عام 2018 نحو
 13 % من مجموع السكان ويتوقع أن ترتفع إلى 18 % بحلول 2030.

أميرة الدريدي

 

لم تعد قادرة على الاستجابة لمقتضيات المرحلة..   إصلاح الصناديق الاجتماعية أولوية وفق إستراتيجية مستقبلية

 

- مقرر لجنة تنظيم الإدارة وتطويرها والرقمنة والحوكمة ومكافحة الفساد لـ«الصباح»:  المطلوب إما ميزانية تكميلية بوزارة الشؤون الاجتماعية أو إعادة النظر في أنظمة الضمان الاجتماعي

دعا رئيس الجمهورية قيس سعيد إلى ضرورة الإسراع بإصلاح الصناديق الاجتماعية بما من شأنه تفعيل الدور الاجتماعي للدولة في مختلف المجالات، وهو ما يمر في جانب كبير منه عبر الخدمات المتنوعة والمتفرعة للصناديق الاجتماعية.

أسدى رئيس الجمهورية لدى استقباله أول أمس بقصر قرطاج، وزير الشؤون الاجتماعية عصام الأحمر تعليماته بإيجاد صيغ جديدة تتعلق بتنويع مصادر تمويل الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والصندوق الوطني للتأمين على المرض، مؤكدا أن «الدّولة الاجتماعية والدّولة التي تحفظ كرامة مواطنيها هي الدولة التي ينشُدها الشعب التونسي وما ينشُده الشعب ويريد سيجد طريقه إلى التحقيق والتجسيد».

وأكّد رئيس الدّولة مُجدّدا على أنّ العدل والإنصاف هما المنشودان وعلى أنّ الاستثمار في ظلّ نظام عادل يحفظ حقوق العُمّال ويُنصفهم ويبعث فيهم الشعور بالأمان، كما أنّ الاستقرار سينمو بصفة حقيقية، فدون عدل اجتماعي ودون عدل على وجه العموم لن يستتبّ وضع ولن يستقرّ أمر.

وقد سبق لرئيس الجمهورية أن أكد خلال لقائه برئيسة الحكومة سارة الزعفراني الزنزري أو برؤساء الحكومة نجلاء بدون وأحمد الحشاني وكمال المدوري وفي مختلف لقاءاته مع وزير الشؤون الاجتماعية على ضرورة تكريس الدور الاجتماعي للدولة.

ويمثل تفعيل الدولة الاجتماعية أولوية في الخيار الذي اختاره رئيس الجمهورية من أجل تحقيق التطلعات وتحسين الخدمات المقدمة للمواطن التونسي. ولا يمكن بلوغ هذا الهدف المنشود وكسب التحدي دون إصلاح الصناديق الاجتماعية التي تظل أولوية لأهميتها في نجاح مختلف الاستراتيجيات المستقبلية لاسيما أن الحكومات المتعاقبة بعد الثورة فشلت في إصلاح هذه الصناديق الاجتماعية. 

وتمر الصناديق الاجتماعية على مدى سنوات ما بعد الثورة بأزمة مالية كانت لها العديد من الانعكاسات السلبية حيث يعاني كل من الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية من ديون متراكمة وخاصة تجاه الصندوق الوطني للتأمين على المرض.

كما أن الصندوق الوطني للتأمين على المرض «الكنام» يمر أيضا بأزمات مالية دفعته للإخلال بتعهداته والتزاماته تجاه منظوريه والمضمونين الاجتماعيين وتجاه عدد من المرافق مثل الصيدلية المركزية وغيرها.

وقد سبق وأن صرح وزير الشؤون الاجتماعية، عصام الأحمر، «إنه لا بد من إرساء منظومة جديدة تواكب تطلعات الدولة الاجتماعية الراعية لحقوق المواطن».

وأضاف، خلال ندوة اختتام مشروع التوأمة المؤسساتية حول «تعزيز نظام التقاعد وحوكمته» أن «منظومة الضمان الاجتماعي لم تعد قادرة، اليوم، على الاستجابة لمقتضيات المرحلة»، مشيرًا إلى أن مشروع التوأمة من شأنه تمكين الجانب التونسي من الإطلاع والانفتاح على تجارب جديدة».

وأفادت المكلفة بتسيير خلية الحوكمة بالصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية، درصاف العيادي، أن الصندوق في حاجة إلى موارد جديدة من أجل تمويله وإخراجه من حالة العجز التي يعيشها. وأضافت، «أنه من بين أهم التوصيات التي خلُص إليها مشروع التوأمة، ضرورة مراجعة النصوص القانونية في مجال التقاعد وتحسين نظام التقاعد للخروج من العجز المالي للصندوق».

كما اشتغل هذا المشروع على تعزيز الموارد البشرية وحماية المعطيات الشخصية ومكافحة الفساد وتجديد وتسهيل الإجراءات الإدارية وتقريبها من المواطن وتحسين العلاقة مع المنخرطين من خلال سياسة تواصلية جديدة.

وفي ظل الدعوات المتتالية إلى إصلاح الصناديق الاجتماعية باعتبارها من ضروريات المرحلة ومتطلباتها يقول مقرر لجنة تنظيم الإدارة وتطويرها والرقمنة والحوكمة ومكافحة الفساد بمجلس نواب الشعب بوبكر بن يحيى في تصريح لـ«الصباح» أن الصناديق تمر بعجز مالي كبير ولابد من إنقاذها لأن عدم الإسراع بإيجاد الحلول الجذرية قد يعمق من أزمتها.

كما أضاف محدثنا أنه تم سنة 2024 تسجيل عجز في الجرايات بالنسبة للصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية بلغ 990 مليون دينار، وبالنسبة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي فقط تم تسجيل عجز بـ1430 مليون دينار وذلك دون أن ننسى منحة رأس المال بعد الوفاة التي تعاني أيضا من عجز كبير.

وأضاف محدثنا أن الصندوق الوطني للتأمين على المرض يعاني بدوره من العجز الناتج عن تراجع عدد النشيطين وزيادة عدد المتقاعدين، مشيرا إلى أن المطلوب اليوم لتجاوز هذا العجز المالي إما عبر ميزانية تكميلية بوزارة الشؤون الاجتماعية أو إعادة النظر في أنظمة الضمان الاجتماعي من حيث نسبة المساهمة والتصريح الفعلي للأجور الحقيقية وسن الإحالة على التقاعد من أجل خلق توازن حسب كل نظام على حدة.

أما بالنسبة للصندوق الوطني للتأمين على المرض فيرى محدثنا أن العجز الذي يمر به هو عجز في السيولة فتغطية حاجيات المنخرطين أصبحت تتطلب وقتا طويلا ويقترح محدثنا لتجاوز هذه الوضعية إيجاد تطبيقة إعلامية في إطار الرقمنة تعمل بشكل حيني لتحويل المساهمات الخاصة بالمنخرطين من الصناديق الأم إلى الصندوق الوطني للتأمين على المرض.

وتبقى هذه بعض الحلول التي يمكن أن تطبق على المدى القريب مع إمكانية إضافة بعض الحلول الأخرى المستقبلية مثل إعادة النظر في الجانب الهيكلي بحيث يمكن أن يكون لهذه المؤسسات بعض الاستثمارات الخاصة بها أو الدخول للسوق المالية.

جدير بالذكر أنه حسب دراسة سابقة أنجزها المعهد التونسي للدراسات الإستراتيجية تبلغ نسبة المتقاعدين عام 2018 نحو
 13 % من مجموع السكان ويتوقع أن ترتفع إلى 18 % بحلول 2030.

أميرة الدريدي